بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيكولوجية التعذيب في السجون الإسرائيلية.. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيكولوجية التعذيب في السجون الإسرائيلية.. إظهار كافة الرسائل

2014-07-01

سيكولوجية التعذيب في السجون الإسرائيلية.

سيكولوجية التعذيب في السجون الإسرائيلية.

دولة الإحتلال الصهيوني تستلهم التجارب الانجلوساكسونية لتدمير الدماغ العربي.
العلوم النفسية لم تخترع التعذيب ولكنها ساهمت في تحويله إلى تقنية. فهذه العلوم قدمت معلومات وأفكاراً ووصفات لكل المؤسسات البوليسية في العالم، التي تستخدم هذه المعطيات لإجبار الأفراد على البوح بالمعلومات أو لإكراههم على تغيير قناعاتهم. والواقع أن افتقاد التعريف الدقيق للشخصية السوية (الطبيعية) يجعل الفصل دقيقاً بين الشفاء النفسي وبين عودة الشخص إلى طبيعته (التي لا نملك لها تعريفاً). الأمر الذي يغري المعالج الاختصاصي - البوليسي باجتياز هذا الفاصل. وهو اجتياز يساوي بداية إساءة استخدام العلوم النفسية. وهي إساءة تحدث بدرجات مختلفة باختلاف الدافع لهذا الاجتياز. ولعل أبسط درجاته الدعاية التي تستغل نقاط ضعف المستهلكين وتدعوهم لإكمالها (الوصول إلى السواء). من هنا يبدأ التأثير في الوعي باستغلال نواقص لدى المستهلك، هي نواقصه، وليس إلى مواجهته بها (وإلاّ كان الوضع مطابقاً لما يسمى بالعلاج الوحشي).

أ‌- في إصلاحية (Wallo Wallo ) في ولاية واشنطن استخدم المدير وسائل إصلاحية فريدة من نوعها. فقد كان يجبر المساجين على العودة إلى طفولتهم (نكوص إجباري) عن طريق إجبارهم على ارتداء القماط (اللفافة) وعلى تناول الحليب بالرضاعة وعلى الزحف أرضاً. وقد خضع لهذا العلاج حوالي الألف سجين وعلى امتداد اثني عشر عاماً. وقد أطرى بعض السلوكيين من المتخصصين على هذه النظرية العلاجية‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍11

ب‌- في أيرلندا الشمالية سادت ولفترة الطريقة الآتية: يلبس المسجون قناعاً له فتحة فقط مكان العينين ويتضمن عازلاً سمعياً. ثم يحرم الشخص من النوم نهائيا خلال الأيام الأولى من احتجازه ويجبر أيضاً على البقاء في وضعية الوقوف (ولا يسمح له بالاستلقاء) وكذلك فهو يحرم من الطعام خلال هذه الأيام.

ج‌- يعترف الجنرال الفرنسي (Massu) في مقابلة إجراها معه فرانسوا شاليه(Francois chalai) (على القناة الثانية الفرنسية) باستخدام الفرنسيين لتقنية "الاستجواب العميق" في الجزائر خلال فترة أواخر الخمسينيات، وتتضمن هذه التقنية الحرمان الحسي للشخص لبضعة أيام (أي منعه من الأكل والنوم والسمع والنظر والإستلقاء… إلخ).

د‌- في البرازيل جرى الحديث عن تقنية "الضجة البيضاء" فبدلاً من الصمت المطبق (الهادف للحرمان الحسي- السمعي) كان السجين يتعرض إلى ضجة طاغية كفيلة بأن تطغى على ما عداها من الأصوات (بما فيها صوت السجين نفسه). وبهذه التقنية يصبح الشخص عاجزاً عن التمييز بين ما هو واقع وبين هواماته وهلوساته الشخصية. مما يضعه في حالة اصطناعية من تفكك الشخصية.

ه‌ـ - لقد طورت بلدان ما وراء الأطلسي وابتداءً من العام 1956 تقنيات متطورة لتفكيك الشخصية. وكلها متمحورة حول عزل السجناء بهدف تعطيل دماغهم وإلغاء أية مقاومة دفاعية عندهم. إضافة إلى التسبب بالقلق والإذلال المعنوي وصولاً إلى إحداث تناذر دماغي يحول الشخص إلى ودود، مطواع على استعداد لتقبل الإيحاءات وصولاً إلى العجز عن سيطرته على نشاطه الذهني.

و‌- رأي الطب: أجرى البروفسور زيبيك (Zubec) دراسات على أشخاص تعرضوا لتجربة الحرمان الحسي. وخلص من دراسته إلى أن الأشخاص الذين يتعرضون طويلاً لهذا الحرمان تلاحظ لديهم تغييرات على صعيد تخطيط الدماغ بحيث تصبح موجات هذا التخطيط بطيئة. كذلك جرت بحوث تحت إشراف وزارة الدفاع الكندية. وقد انبتت تهيؤات هذيانية لدى المسجون. وتتحول إلى الهلوسة مع ازدياد مدة الإقامة. وكان الباحثان سميث ولويتي (Smith and Leuty) ) قد أثبتا منذ العام 1959 بأن الاحتجاز في غرفة صامتة من شأنه أن يؤدي إلى اضطرابات نفسية تتفاوت حدتها وخطورتها بحسب الشخصية الأساسية للأفراد.

ي‌- التعذيب الصهيوني: لقد استلهمت دولة الإحتلال الصهيوني كافة التجارب الانجلوساكسونية للتأثير في --- الوعي ولغسيل الدماغ وهي قد خرجت منها بباقة منتقاة من وسائل التفكيك للشخصيـة

أضافت إليها تجارب ألمانية وخصوصاً تجارب غروس وماير، وصولاً إلى تقنية الرجرجة، وفي ما يلي نموذج لهذا التعذيب.

‌أ- الغرفة الصامتة: تخيل الرتابة البيضاء لزنزانة مزوّدة بنور مصباح من النيون، بياضه يبهر وهو مضاء ليل نهار، وهذا العزل البصري يتلاءم إضافة إلى ذلك مع عزل سمعي: تخيل هذا السكون المصطنع حيث أبسط الأصوات، كحفيف الثياب مثلاً، تصمم الآذان. وإيقاع الأصوات اليومية التي يحتاجها كل إنسان للارتكاز على ذاته، هذا الإيقاع يلغى، والمعذب لا شكل معروفاً له ولا وجه له. تلغى كل المثيرات الخارجية الحواسية (ضجيج تعاكس الأضواء والألوان)، وهذه المثيرات لا يستغني عنها في عملية حفظ وصيانة الوظائف الأكثر أهمية عند الكائن الإنساني.

‌ب- تدمير الدماغ: إن هذا الشكل من أشكال التعذيب يجعل المرء في حالة من الخضوع لم يعرف حتى في العهد النازي. ومن هنا ندرك أن غسيل الدماغ ما هو إلاّ مرحلة من مراحل التدمير الكامل للشخصية. وهو السبب الحقيقي لابتكار الغرفة الصامتة. وهذا أمر يسهل برهانه (إثباته) إذ أن العزل السمعي والبصري (الكامل) أي عزل محيطي كامل، لا يمكن إلا‍ّ أن يؤدي إلى تشويه الشخصية إذ أن العلاقة التواصلية مع البيئة الاجتماعية المحيطة تشكل أحد العناصر الأساسية التركيبية للشخصية. وفي هذا الصدد يقول الطبيب النفسي الهولندي "ستيف تونز" بأن السمع يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحس الجاذبية وهذا الأخير هو حس في غاية الأهمية بالنسبة إلى حس التوجيه، وبأن حس التوجيه في ما يتعلق بمركز الجاذبية تشكل حد العوارض الأساسية للوصول إلى أحداث الصرع وتأثير الصدمات الكهربائية، والبنية الإنسانية تعجز عن مقاومة الحرمان الحواسي المصطنع الذي يحدثه البشر.

متعددة هي أذن تأثيرات التعذيب، وكل وصف لها لا يمكن إلاّ أن يكون تقريبياً. ومع ذلك ها نحن نظهر بعضاً من تأثيراتها الأساسية: فقدان خاصية التركيز والتفكير بشكل متماسك والعجز عن التوجيه زمانياً ومكانياً وهلوسات و (هذيانات) إحساس بالازدواجية وبفقدان الأعضاء واضطرابات قلبية ونفسية وفقدان التوازنات الحركية وارتجاف وتقلّصات كما يحدث أثناء الصدمة الكهربائية.

‌ج- شهادة سجينة: تصف سجينة تعرضت لهذا التعذيب في سجن ألماني إحساسها على النحـو الآتي :

"يشعر المرء بأن رأسه ينفجر، وبأن قفص جمجمته سوف ينكسر ويتفجر وبأن النخاع الشوكي يدخل منه إلى الدماغ. وينتابنا إحساس بأن الدماغ يتقلص باستمرار تحت وطأة توتر يجهل مصدره وكأنه مسيّر إليكترونياً. ثم أن الإنسان يحس بأنه يدير وتتقارب الأفكار في رأسه ولا يستطيع التخلص من هذا الإحساس إلاّ إذا تحرك. والمرء لا يدري لماذا يرتجف ولماذا تتجلد أطرافه برداً ولكي يتكلم بصوت طبيعي عليه أن يبذل جهوداً مضنية وعليه تقريباً أن يصرخ ويشعر المرء كما لو أنه أصبح أخرس ولا يمكنه أن يحدد معنى الكلمات000".

‌د- تقنية الرجرجة: وهي من أحدث إساءات استخدام المعارف المتوافرة عن دراسات النوم وعلاقتها بالتوازن النفسي للإنسان. فأساليب غسيل الدماغ المعتمدة على الحرمان الحسي باتت معروفة ومدانة. وهي عملياً صالحة للاستخدام خلال الفترة الأولى من الاعتقال. أما تقنية الرجرجة فهي تمتاز بعدم وجود دراسات كافية لتأثيراتها إضافة إلى انخفاض نسبة وفيات المتعرضين لها. وهي مميزات جلبت الصهاينة إليها لأنها تجنبهم الانتقادات الموجهة إلى وسائل التعذيب التقليدية. وتعطيهم ذات التأثير المطلوب على أسراهم. وتتلخص تقنية الرجرجة بوضع جهاز يحدث رجرجة بسيطة تحت الرأس بحيث لا يمنع الشخص من الإغفاء. لكن هذه الرجرجة تؤثر في مراحل النوم بحيث يصبح تعاقبها معوقاً. الأمر الذي يؤدي إلى زيادة فترات النوم السطحي وانخفاض في فترات النوم التي تحدث فيها الأحلام. فتكون النتيجة اضطرابات ذكروية. خصوصاً لجهة انتقال الذكريات من حيز الراهنية إلى حيز التخزين، كما تؤثر هذه ا لرجرجة إلى الأنماط اليومية (Rhytmes Circadiennes ) للشخص بحث تضطرب ساعته البيولوجية في ما يتعلق بوقت النوم وبعدد ساعاته ومرات التبول وسائر العمليات المرتبطة بالجهاز العصبي اللاإرادي. الأمر الذي يؤثر في القوى الإدراكية للشخص فيصيبها بأعطال مزمنة. كما تؤدي هذه التقنية، ولو في حالات نادرة، إلى تشجيع تطور العديد من الأعطال الدماغية لدرجة التسبب بوفاة بعض المعتقلين.

ومع كل السرية والتكتم المحيطين بأساليب معاملة دولة الإحتلال الصهيوني للأسرى العرب فإن تقارير الصليب الأحمر الدولي تشير إلى أن التقنيات التعذيبية المستخدمة ضد السجناء العرب في
دولة الإحتلال الصهيوني تفوق قدرات الاحتمال البشري. ولعله من المفيد للموضوعية أن نذكر هنا بأن هذا التعذيب يرتكز على منطلقات تمييزية تتعلق بإنسانية الأسير نفسه. فهو يتعرض للمعاناة بسبب انتمائه العربي والشك بأفعال تنسجم مع هذا الانتماء وليس بسبب مخالفات قانونية أو سياسية محددة. لذلك فإن كل عربي مرشح لأن يكون إرهابياً أو ذا صلة بالإرهابيين تجعل تعرضه للرجرجة مبرراً، دون الالتفات إلى تعريف قانوني وإنساني مقبول وشامل للإرهاب. إذ يخضع للرجرجة كل من تنطبق عليه صفات الإرهابي بحسب قاموس نتن ياهو في كتابه "سكان تحت الشمس" لا يجده إلاّ بإرهاب الآخرين وبقمع ردود فعلهم على إرهابه.