بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيكولوجية الشائعات، شائعة التطبيع مع الكيان الصهيوني نموذجا.. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات سيكولوجية الشائعات، شائعة التطبيع مع الكيان الصهيوني نموذجا.. إظهار كافة الرسائل

2014-05-17

سيكولوجية الشائعات، شائعة التطبيع مع الكيان الصهيوني نموذجا.,- 1 -

سيكولوجية الشائعات، شائعة التطبيع مع الكيان الصهيوني نموذجا. - 1 -
بعض العرب يقيمون علاقات من نوع ما مع الكيان الصهيوني وبعضهم مدعو لإقامة مثل هذه العلاقات، أما البقية من العرب فهي مدعوة لتسوية مشروطة لإقامة مثل هذه العلاقات.



على المستوى الأكاديمي لا توجد خانات خاصة بتسجيل المواقف السياسية الشخصية. فهذا التسجيل ينتمي إلى المستوى السياسي. لذلك فإن التناول الأكاديمي لهذه العلاقات يقتصر على مجالات تحليلها ومحاولة استقرائها على ضوء التجارب التاريخية وأيضاً التبصر بدينامية هذه العلاقات ومحاولة استبصار مستقبلها.

انطلاقاً من هذا الالتزام نجد أن بداية التحليل يجب أن تستند إلىنظرية الاستقراء التاريخي لعلاقة اليهود بالآخر وتبين السمات السلوكية والشخصية الجمعية – اليهودية. التي قادت هذه العلاقة وتحكمت فيها عبر التاريخ وعبر الامكنة. حيث نجد أن الذل والخنوع هما الطابع الأساسي المميز للشخصية اليهودية عبر قرون، ثم جاءت المذابح النازية لتعلن أن الأرض لا تتسع لليهود حتى ولو قبلوا عيشة الخنوع والذل. وذلك بسبب ميلهم الفطري للتآمر والخيانة والاحتيال. حتى أنك لتتساءل كيف أتيح لهذا (الشعب) الذليل أن يتحول من وضعية الضحية إلى وضعية الجلاد. وممارسته لوظيفة الجلاد دون أدنى رحمة؟

البعض يعتبر ذلك نوعاً من قيام الضحية بتقليد جلادها، والبعض يعتقد أنها محاولة انتقام تعويضية تجعل الضحية عاجزة عن امتلاك مشاعر الأمان ما لم تمارس العدوان. ومهما يكن فإننا وباختصار شديد يمكننا تحديد النمط السلوكي اليهودي ومتغيراته عبر مراحل محـددة نشرحهـا في الفقـرة التاليـة:

1 ـ النمط السلوكي اليهودي

إن المتابعة التاريخية لعلاقة اليهود مع الأمم الأخرى تقودنا إلى تقسيم هذه العلاقات إلى مراحل زمنية لها طابع التكرار القهري (compulsive) وهذه المراحل هي:

أ ـ المرحلة الأولى: وخلالها يحسن اليهود عرض خدماتهم وإبراز المكاسب التي يمكنهم مساعدة الآخر على تحقيقها، مع التلميح لاحتكارهم للفرص ولملكيتهم لأفضلها. وفي هذا التصرف سلوك غواية وإغراء ملحوظ بوضوح حتى في إطار العلاقات الشخصية لليهودي، وبطبيعة الحال فإن الآخر إذا قبل الإغراء فإنه سيقبل معه تسديد بدل هذا الإغراء والخدمات المرافقة له. وأسلوب الصد والرفض غالباً ما يفشل لأن اليهودي لا ييأس من تكرار المحاولة ولا يعتمد سلوك الحرد(الاحتجاجي) لأنه يدرك أن هذه هي وسيلته الوحيدة لإقامة علاقة مع الآخر. فإقامة علاقة طبيعية،وغير إغوائية وتآمرية مع الآخر يعني الاعتراف به أي بالاغيار (الغوييم)، وهذا يخالف النواميس اليهودية. كما أن التجربة اليهودية تشير إلى ان إقامة علاقة طبيعية مع الآخر تفقد اليهودي مناعته العنصرية وتدفعه للذوبان بالآخر. وبناء عليه فإن العلاقة الطبيعية مع الآخر مرفوضة بصورة مبدئية ومستبدلة حكماً بعلاقة تواطؤ ـ تآمر.(4) والموضوعية التاريخية هنا تفرض علينا تبيان واقعية ذوبان معظم اليهود في علاقات طبيعية مما يعني خروج معظم اليهود من اليهودية إلى أديان ومعتقدات أخرى. ولهذا السبب فإن الأعداد الباقية من يهود العالم هي أعداد ضئيلة بالمقارنة مع الأعداد المفترضة لولا الذوبان اليهودي. (راجع موسوعة عبدالوهاب المسيري بهذا الشأن).

ب ـ المرحلة الثانية: وهي مرحلة الالتفاف حيث يدخل اليهود في مساومة مستمرة مع الآخرين بهدف زيادة حصتهم وتحسين مكاسبهم. وتتحول هذه المساومة بصورة تدريجية إلى الابتزاز. ويكشف اليهود قناعهم ليبدأو بممارسة لعبة السيد والعبد ( انطلاقاً من قناعتهم بكونهم شعب الله المختار) وتتكشف

للآخر الحقيقة غير الطبيعية للعلاقة. في حين يمنعه التورط من وضع الحدود لها. لكن ذلك لا يمنع انتظاره للحظة المناسبة للخلاص من هذه العلاقة - الورطة.

ج ـ المرحلة الثالثة: وهي مرحلة انتهاء العلاقة، ونهايات علاقات اليهود مع الآخر، على اختلاف سيناريوهاتها، هي نهايات غير طبيعية تثبت عدم طبيعية العلاقة بمختلف مراحلها.

وهذا النمط السلوكي لا ينطبق فقط على الجماعات اليهودية بل هو ينطبق على الأفراد ( بما يدعم هذا التشخيص ويجعله غير قابل للنقاش) وحسبنا التذكير في هذا المجال بصورة المرابي وهي صورة شديدة الواقعية للشخصية اليهودية عبر تاريخها.

وعليه يمكننا أن نقترح هذا النمط السلوكي كهيكلية للعصاب اليهودي الجماعي وهو عصاب يقدم التفسير المنطقي (يعقل) للمذابح اليهودية المتتالية عبر التاريخ اليهودي.

2 ـ شائعة اسمها " التطبيع "

تعتمد نظرية الاستقراء التاريخي، لدى تطبيقها في مجال المستقبليات. على مبدأ الراهنية، الذي يقتضي أخذ متغيرات الراهن في الحسبان للوصول إلى توقع أكثر دقة حول الطريقة أو النمط الذي سيتكرر الحدث عبره. ولعل أبرز المتغيرات الراهنة هي أن اليهود لم يعودوا أقليات تحتجز نفسها في حارة اليهود (الغيتو) بحيث تتوزع مصالحها بحسب أجواء وظروف المجتمعات التي تقع فيها الحارة. فقد تجمعت هذه الأقليات في دولة دعيت " إسرائيل". وبالتالي فإن الراهن مختلف عن الماضي في نواح عديدة، أهمها أن يهود الكيان الصهيوني باتوا يملكون قوة عملية لمواجهة عقدة المذبحة. فتطور هذه العقدة وأمراضيتها الخطرة جعلتا اليهود لا يكتفون بملكية القوة، والمبالغة في أدواتها، بل تخطوا ذلك إلى سلوك عدواني قهري يجعلهم عاجزين عن الشعور بالأمان ما لم يؤكدوا قدرتهم على الاعتداء على الآخر.

من هنا كانت القيادة الإسرائيلية مجبرة على ارتكاب أخطاء استراتيجية عديدة تحت ضغط الجمهور المذعور الذي لا تمكن

طمأنته الا عبر إثبات القدرة الإسرائيلية على العدوان. حتى بات بالإمكان الحديث عن تطور عقدة المذابح إلى جنون الاضطهاد. ونتوقف هنا للاستشهاد بأقوال مؤسس التحليل النفسي (وهو فرويد اليهودي) الداعمة لتشخيص جنون الاضطهاد والمؤكدة بأن هذا الجنون، مع ما يصاحبه من هذاء العظمة المرضي، موجود في صلب الشخصية اليهودية. بما يجعل من المذابح اليهودية والاعتداءات الإسرائيلية نتيجة لهذا الجنون وليس سبباً له. إذ يقول فرويد في كتابه "موسى والتوحيـد" والنص الحرفـي ما يلي:

… أنه لما يبعث على دهشة اكبر أيضاً أن نرى الإله اليهودي (يختار) لنفسه على حين بغتة شعباً من الشعوب ليجعله "شعبه المختار" ويعلن أنه إلهه، وهذه واقعة غريبة في تاريخ الأديان الإنسانية… (ص 61).

… لقد كانت الشروط السياسية تتنافى مع تحول الإله القومي (اليهودي) إلى إله كوني (لكل البشر)، فمن أين تأتي لهذا الشعب

الصغير البائس والعاجز صلف الإدعاء بأنه الابن الحبيب للرب؟… ص (92).

… لقد كان لنسبة دين يهوه الجديد إلى الآباء الأوائل هدف انتحال هؤلاء الآباء الذين عاشوا في كنعان وارتبطت ذكراهم ببعض الأمكنة في البلاد. ولعلهم كانوا أبطالاً كنعانيين أو آلهة محليين انتحلهم اليهود المهاجرون ليدمجوهم بتاريخهم القديم، بما يعادل أشهار ارتباط اليهود بالأرض (زوراً) واتقاء للكراهية التي تلاحق المستعمرين. وبفضل هذه المناورة البارعة (أي الاحتيال التاريخي) ساد الادعاء القائل بأن كل ما فعله يهوه هو أنه أعاد إلى اليهود ما كان ذات يوم ملكاً لأسلافهم!… ص(63).

وهكذا فإننا إذ نقبل ربط جنون الاضطهاد (البارانويا) اليهودي بالمذابح اليهودية فإننا نقدم تنازلاً لا يقبل به فرويد اليهودي، ومع ذلك نقبل هذا الربط حتى نتجنب ثقل الراهن الذي يجعل تهمة "معاداة اليهود" جاهزة لكل من يحاول رد الحوار مع اليهود إلى العقلانية (5). وبطبيعة الحال فإننا لا نخشى هذه التهمة إلا أننا نريد تجنب الجدل الجاهز الذي يحيد بأية مناقشـة

من هذا النوع عن العقلانية. مهما يكن فإن تكرار دورة التاريخ اليهودي راهناُ لا بد لها من أن تأخذ في حسبانها أن اليهودي لم يعد يقيم علاقته مع الآخر انطلاقاً من الغيتو ومن موقع الانتماء لأقلية. (وهو يفرض عليه التنازلات ويجعله أقل تهوراً وأكثر تحسباً للمستقبل. وهي أمور تجعله أقل عدوانية ظاهرية وبالتـالي فإنها تجعله أكثر ميلاً لاعتماد السلوك الاحتيالي). فاليهودي المعاصر يتعامل مع الآخر انطلاقاً من انتمائه لدولة تحظى باعتراف المجتمع الدولي. وهذه الدولة جاهزة لاحتضانه متى يشاء لمجرد كونه يهودياً. بل أن هذه الدولة جاهزة لحمايته، حتى ولو لم يكن حاملاُ لجنسيتها، في حال تعرض للملاحقة القانونية في أي بلد من بلدان العالم. حتى لو كان هذا البلد هو الولايات المتحدة نفسها. وهكذا فإن تحول اليهودي إلى اسرائيلي (سواء حمل الهوية الإسرائيلية أم لا) جعله يطلق العنان لعدوانيته المكبوتة وأصبح أقل ميلاً لاعتماد السلوك الاحتيالي واستعاض عنه بالسلوك العدواني سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي. وهذه الجرعة الإضافية من العدوانية تجعل اليهودي عازفاً ومتمنعاً عن التنازل أمام الأغيار (الغوييم) لدرجة معاملتهم بصورة طبيعية (أي كأنداد). وهذا يعني أن ما اصطلح على تسميته بالتطبيع هو مجرد شائعة كاذبة لا سند لها سوى أحابيل الاحتيال الإسرائيلي. لكن ماذا عن النمط السلوكي الإسرائيلي؟.

3 ـ النمط السلوكي الإسرائيلي

وفي عودة إلى "التطبيع" نجد أنه يمثل النمط السلوكي الإسرائيلي (بديل النمط اليهودي). وبمطابقته مع الراهن السياسي (تحول اليهود من مجموعة أقليات إلى دولة) نجد تبدلاً في بعض تفاصيل مراحله، بحيث تصبح هذه المراحل كالتالي:

أ ـ المرحلة الأولى: تركز دولة الكيان الصهيوني محاولاتها لإغواء العرب بالدعوة إلى الجمع بين التكنولوجيا والعصرنة الإسرائيلية وبين رؤوس أموال العرب الأغنياء وبين الأيدي العاملة الرخيصة للعرب الفقراء. وفق هذه الصيغة تطرح إسرائيل اتحاداً شرق أوسطياً (تختلف التسميات باختلاف السيناريوهات) بينها وبين العرب. وتؤكد بالإيحاء وبالطرق المباشرة على المكاسب التي سيجنيها العرب من مثل هذا الاتحاد. الذي يؤمن استثمارات مربحة للعرب الأغنياء وحياة أكثر رفاهية للعرب الفقراء. أما حصة إسرائيل فإنها ستكون (بحسب هذا الطرح الإغوائي) أقل بما لايقاس مع ما يدفعه العرب حالياً كثمن لاستيراد الخبرات التكنولوجية والتكنولوجيا من مصادر أخرى! . بعض العرب وقع في هذا الإغراء لدرجة اقتنع معها بأن دولة الكيان الصهيوني تقدم للعرب فرصة النهوض وهي فرصة غير قابلة للتعويض! بل ربما كانت الصيغة الاتحادية الإسرائيلية هي الصيغة المنطقية الوحيدة لتحقيق تعاون عربي فعلي يتخطى التناقضات العربية الراهنة! ولاداعي للتذكير بأن امبراطورية الإعلام الأميركي (واليهودي منه خاصة) تدعم هذه الإيحاءات وتغذيها.

ولكننا نقف لنسأل: هل تعني هذه الصيغة اعترافاً بالعرب كآخر؟ وبمعنى أدق هل دولة الكيان الصهيوني ويهودها مستعدون للتعامل مع العرب كبشر متساوين معهم في الحقوق والواجبات؟ فهذا الاستعداد شرط لايمكن تجاوزه لاعتبار العلاقة طبيعية. ودولة الكيان الصهيوني عاجزة عن تحقيق هذا الشرط لأنه يتناقض مع مبادئ الديانة اليهودية، فتطبيقه يعني التخلي عن أسطورة " شعب الله المختار". ومن حقنا التأكيد على عجز أي زعيم أو حزب أو جماعة إسرائيلية عن تنفيذ هذا الشرط. وذلك بشهادة التاريخ اليهودي وبدليل اغتيال رابين وهو على بعد عقود زمنية من الخضوع لمثل هذا الشرط.

وبهذا يتأكد لنا أن مصطلح "التطبيع" هو مجرد شائعة إسرائيلية الصنع وأميركية التسويق. والواقع أن لهذا المصطلح مفهوماً ما خلف لغوي (Meta Linguististique) وهو إقامة شراكة مصالح بين الإسرائيليين والعرب، وهي شراكة لا يمكنها أن تختلف عن مبادئ الشراكة في النمط السلوكي اليهودي المشروح أعلاه. ولكن ماذا عن المرحلة التالية؟ أو بمعنى آخر ما هي التصورات الإسرائيلية للمرحلة التالية لما تسميه بالتطبيع؟

ب ـ المرحلة الثانية: وتمثل دينامية التطور المستقبلية للشراكة العربية الإسرائيلية. وفيها أن تفوق العرب من حيث الثروة والعدد يجعل إسرائيل في وضعية الشريك الاضعف الذي يطالب بضمان حقوقه، حيث بدأت ملامح هذه المرحلة بإعلان إسرائيل الرسمي (عممته وسائل الإعلام العالمية) عن خوفها من التحول إلى مجرد سوبرماركت عربي!. وعلى هذا الاساس فإنها تتطالب بجملة ضمانات إضافية أهمها الإصرار الحفاظ على التفوق العسكري الإسرائيلي والاستمرار في رفضها التوقيع على معاهدة الاسلحة النووية ونكرانها ملكية أسلحة الدمار الشامل. كما أن ادعاء الخوف هذا يتيح لدولة الكيان الصهيوني أن تظهر مرونة (كاذبة) أثناء المفاوضات ثم تتراجع عنها تحت ضغط الرأي العام الإسرائيلي المذعور! وهكذا يتمكن الكيان الصهيوني من تحويل أية مفاوضات تخوضها إلى مجرد عملية احتيال قوامها إطلاق وعود خلبية لا تلتزم بتنفيذها ولكنها تلتزم بالاستفادة من التنازلات العربية التي تقدم مقابل تلك الوعود!
يتبـــــع