بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات عرض وتحليل لكتاب ’’ كيف لم أعد يهوديـاً؟ ’’ لشلومو ساند. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات عرض وتحليل لكتاب ’’ كيف لم أعد يهوديـاً؟ ’’ لشلومو ساند. إظهار كافة الرسائل

2014-07-18

عرض وتحليل لكتاب ’’ كيف لم أعد يهوديـاً؟ ’’ لشلومو ساند


عرض وتحليل لكتاب ’’ كيف لم أعد يهوديـاً؟ ’’ لشلومو ساند

*الكتاب الأخير من ثلاثية يفتح المؤلف من خلالها النار على مجموعة كبيرة من المسلمات الصهيونية الصنميّة الكاذبة *

(*) رام الله - صدر حديثًا عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية - مدار وفي الوقت نفسه عن منشورات المكتبة الأهلية في عمان، كتاب "كيف لم أعد يهودياً؟- وجهة نظر إسرائيلية"، من تأليف البروفسور شلومو ساند، أستاذ التاريخ في جامعة تل أبيب، وذلك في ترجمة عربية أنجزها وقدّم لها أنطـوان شلحـت.

ويشكل هذا الكتاب جزءاً أخيراً من ثلاثية يعرض من خلالها المؤلف إعادة نظر جذرية في عدّة مسلمات صهيونية صنميّة كاذبة بواسطة إخضاعها إلى محاكمة تاريخية صارمة.

وكان الجزءان الأول والثاني منها، وهما كتاب "اختراع الشعب اليهودي" وكتاب "اختراع أرض إسرائيل"، قد صدرا أيضاً بترجمة عربية عن المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية- "مدار".

في الجزء الأول كان جهد ساند منصبّاً على تفكيك أراجيف متعلقة بإعادة كتابة وقائع الماضي اليهودي من طرف "كتّاب أكفاء" عكفوا على تجميع شظايا ذاكرة يهودية- مسيانية واستعانوا بخيالهم المجنّح كي يختلقوا، بواسطة هذه الشظايا، شجرة أنساب متسلسلة لـ "الشعب اليهودي".

وفي الجزء الثاني
انصرف جهده نحو تفكيك أراجيف متعلقة بتوكيد صلة هذا "الشعب اليهودي" المختلـق بفلسطين التي تم اختراع اسم لها هو "أرض إسرائيل" في سبيل إثبات تلك الصلة، وجرى استخدامه كأداة توجيه ورافعة للتَخيُّل الجغرافي بشأن الاستيطان الصهيوني منذ أن بدأ قبل أكثر من مئة عام. وفي سياق ذلك قام الكاتب بتقويض أسطورة كون "أرض إسرائيل" الوطن التاريخي للشعب اليهودي، وأثبت أن الحركة الصهيونية هي التي سرقت هذا المصطلح ("أرض إسرائيل") وهو ديني في جوهره وحولته إلى مصطلح جيو- سياسي، وبموجبه جعلت تلك "الأرض" وطن اليهود، وذلك منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.

وفي هذا الجزء الثالث
يسلسل ساند العوامل والأسباب التي تجعله يقرّر أن يكفّ عن كونه يهودياً مشيراً على وجه الخصوص إلى أن التزوير وعدم الاستقامة والتبجّح صفات محفورة عميقاً في جميع أشكال تعريف اليهودية في دولة إسرائيل، وإلى أن تعريف الدولة بـأنها "يهودية"، عوضاً عن تعريفها بأنها "إسرائيلية"، ليس تعريفا غير ديمقراطي فحسب، وإنما أيضاً يشكل خطراً على مجرد وجودها وبقائها.

في هذا الإطار يركّز الكاتب على أن ثمة علاقة وثيقة بين تعريف اليهود كـ "إثنوس" أو شعب ـ عرق أبدي وبين سياسة دولة إسرائيل، سواء حيال مواطنيها الذين لا يعتبرون يهوداً، أو حيال مهاجري العمل الذين قدموا إليها يائسين من شواطئ بعيدة، أو - بالتأكيد - حيال جيرانها مسلوبي الحقوق الواقعين تحت وطأة احتلالها المستمر منذ نحو خمسين عاماً.

ويلفت إلى أن من الصعب التنكر لحقيقة جارحة ومؤلمة فحواها أن تنمية هوية يهودية جوهرانية لا دينية، تشجع على التمسك بمواقف استعراقية (متمحورة حول العرق)، عنصرية أو شبه عنصرية، لدى أوساط عديدة واسعة، في إسرائيل وفي خارجها على حد سواء. بالإضافة إلى هذا ثمة علاقة وطيدة بين فهم اليهودية كهوية أبدية ولاتاريخانية وبين الدعم الجارف الذي يبديه جزء كبير ممن يعتبرون أنفسهم يهوداً لسياسة الإقصاء البنيوية، التي ينطوي عليها مجرد تعريف دولة إسرائيل لذاتها، ولسلطة الاحتلال المتواصل في مناطقها الكولونيالية.

وأشار شلحت في سياق تقديمه إلى أن ساند يرمي أساساً من خلال هذا الكتاب إلى دحض مفهوم اليهودية العلمانية الذي كرّسته الصهيونية، إلى جانب تفنيد مفهوم الانتماء الإثني الواحد لليهود. وفي هذا الإطار يشدّد على أنه لا وجود قطّ لـ "ثقافة يهودية علمانية"، نظراً إلى غياب أي لغة مشتركة أو نمط حياة مشترك بين اليهود العلمانيين، وانعدام أي أعمال فنية أو أدبية يهودية علمانية، على الرغم من أنه بالإمكان التعرّف على ملامح ثقافة علمانية يهودية في فكر كارل ماركس وألبرت أينشتاين وسيغموند فرويد مثلاً، غير أنّ هؤلاء عبّروا عنها انطلاقاً من ثقافاتهم الخاصّة، ولم يُرسوا أي أسس لـ "فكر يهودي علماني". ويرى أنّ التوفيق ما بين العلمانية والانتماء إلى اليهودية أمرٌ مستحيل، وقد ينطبق هذا الأمر على سائر الأديان أيضاً.

وأضاف أنه بعد ذلك يستعرض ساند أصول الديانة اليهودية والجذور التاريخية لـ "رُهاب اليهود" في أوروبا، ثم يتوقف عند الممارسات العنصرية في إسرائيل ضدّ العرب الفلسطينيين على وجه الخصوص، وعند موجات التهويد التي لا تنبع من إيمان ديني راسخ، بل تهدف إلى الوقوف في وجه الفلسطينيين لأنّ "المرء كي يكون يهوديّاً في إسرائيل، عليه قبل أي شيء ألّا يكون عربيّاً". ويتساءل: في ظل هكذا ظروف، كيف يستطيع شخصٌ ليس مؤمناً متديّناً، بل إنسانوي ديمقراطي أو ليبرالي يتمتّع بحدٍّ أدنى من النزاهة، أن يستمرّ بالتعريف عن نفسه على أنّه يهودي؟.