بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات ما ذكره الرحالة عن بيت المقدس في القرنين السادس والسابع الهجريين.. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ما ذكره الرحالة عن بيت المقدس في القرنين السادس والسابع الهجريين.. إظهار كافة الرسائل

2014-04-11

ما ذكره الرحالة عن بيت المقدس في القرنين السادس والسابع الهجريين.



جاء دانيال الروسي إلى فلسطين عام 1106 أو 1107م (501ﻫ) وهو راهب من أتباع الكنيسة الأرثوذكسية.ومما جاء عن ملاحظاته عن مدينة القدس وأطرافها: قحولة جبالها واعتمادها على المطر،وأنه تعرض للأخطار بين القدس وبيت لحم .

ووصف الرحالة العربي الإدريسي المتوفى عام 560ﻫ:1165م بيت المقدس بقوله: {مدينة جليلة،قديمة البناء،وكانت تسمى إيلياء. وهي على جبل يصعد إليها من كل جانب، وهي بذاتها طويلة. وطولها من المغرب إلى المشرق. وفي طرفها الغربي باب المحراب. وهذا الباب على قبة داوود. وفي طرفها الشرقي باب يسمى (باب الرحمة). وهو مغلق لا يفتح إلا من عيد الزيتون لمثله.ولها من جهة الجنوب باب صهيون.ومن جهة الشمال باب (عامود الغراب)}.

وفي سنة 1172م:567ﻫ، أي قبل معركة حطين بمدة قصيرة زار فلسطين الحاج تيودور يتش الألماني. وهو كما يقول صاحب رواد الشرق العربي في العصور الوسطى. أول كاتب أوروبي في القرون الوسطى يعنى بوصف فلسطين وصفاً عاماً. قال الحاج {إن بلاد القدس جبلية،وتبلغ أقصى ارتفاعها حول المدينة المقدسة. وهذه الجبال صخرية، لكن صخورها جميلة، فيها الأبيض والأحمر والرخام المتعدد الألوان وكلها صالحة لأخذ حجارة البناء. أما حيث يتجمع بعض التراب بين الصخور فتنمو جميع أنواع الفواكه،وتكون الجبال مكسوة بالكروم والزيتون والتين. وأما الأودية فتملأها الحبوب والبساتين. وفي أحد فصول كتابه:ذكر جبال القدس وأوديتها ويوضح، علاقتها بعضها ببعض.ويذكر عين سلوان ويعرض لأسطورة تقول إن ماء هذا العين يأتي من شيلوه ثم ينقدها ذاكراً استحالة هذا الأمر من ناحية طبوغرافية}.

وفي موقع آخر قال تيودور يتش عن القدس ما يأتي:{يغلب على شوارعها أنها مبلطة بألواح كبيرة من الحجارة وأنها مسقوفة بعقود حجرية. فيها نوافذ يدخل منها النور وبيوتها مبنية من الحجر الجميل النقش، وأسطحتها مستوية، ليست كأسطحة بيوتنا المنتهية بمخروط ويجمع السكان ماء المطر في آبار لأنه لا يوجد أي ماء آخر في بلدهم.والخشب غالي الثمن في بلاده لبعد مورده}.

وهاك حديثاً آخر عن القدس في القرن الثاني عشر الميلادي:

(بالقرب من كنيسة يوحنا المعمدان يقوم مستشفى يقيم فيه عدد كبير من الرجال والنساء المرضى،وينالون العناية التي تكلفت نفقات باهظة.وقد بلغني لما كنت هناك،أن عدد المرضى أؤلئك بلغ الألفين،وقد بلغ عدد الموتى منهم الخمسين في اليوم الواحد.وقد يعالج في العيادة الخارجية مثل عدد المرضى المقيمين في المستشفى هذا فضلاً عن أعمال الإحسان التي لا تقدر إذ يتصدق يومياً على السائلين وأبناء السبيل بالخبز...).

وزار فلسطين سائحان يهوديان هما بنيامين التودلي الأسباني سنة 1160م-1173م (555-658ﻫ)، وبتاحيا بين 1170م-1187م (565-583ﻫ). ذكر الأول زلزالاً هز سوريا وقُتل من أهل فلسطين عشرون ألفاً. وروى قصة مؤداها أن عاملين كانا في جبل صهيون عثرا على قبر الملك داوود ورأيا قاعة كبيرة مزينة بالذهب والفضة. ولكنهما لم يكادا يدخلان حتى عصفت ريح شديدة قذفت بهما خارج القاعدة،فاقدي الوعي،ولم يجرؤا بعد ذلك على العودة إلى المكان نفسه وقد سد المكان المنفتح بجدار).
وأما بتاحيا بين فهو يهودي ألماني. وقد ذكر أنه كان في القدس أيام زارها،يهودي واحد فقط هو الحاخام إبراهيم الصباغ وسمي كذلك لأنه كان يعمل في هذه الصناعة.
ونقلنا ما كتبه الهروي المتوفى عام 611ﻫ:1215م، في كتابه (الإشارات إلى معرفة الزيارات) عن الحرم المقدسي الشريف في الملحق.
وهاك ما كتبه عن المقدسات المسيحية. (وبالقدس كنيسة اليعاقبة، بها بئر يقال أن المسيح اغتسل منها وآمنت السامرية على يده عندها. ويزورونها ويعتقدون بها.وبالقدس برج داوود عليه السلام ومحرابه المذكور في القرآن العزيز.. وبظاهر القدس كنيسة السليق يقال إن المسيح عليه السلام منها رفع إلى السماء.وكنيسة صهيون يقال إن المائدة نزلت على عيسى بن مريم والحواريين بها.

وأما زيارات الملة المسيحية فأعظمها كنيسة قمامة (القيامة) وعماراتها من العجائب المذكورة...ولهم فيها المقبرة التي يسمونها القيامة وذلك أنهم يعتقدون أن المسيح قامت قيامته في ذلك الموضع.والصحيح أن الموضع كان اسمه قمامة لأنه كان مزبلة البلد.
وكان ظاهر البلد تُقطَع به أيدي المفسدين وتصلَب به اللصوص. هذا ذُكر في الإنجيل والله أعلم. ولهم فيها الصخرة التي يزعمون أنها انشقَّت وقام آدم من تحتها لأنها كانت تحت الصلبوت بزعمهم. ولهم فيها بستان الصديق عليه السلام يزورونه. وأما نزول النور فأنني أقمت بالقدس زماناً على عهد الفرنج إلى أن عرفت كيفية عمله.
ومما ذكره صاحب معجم البلدان المتوفى 626ﻫ:1229م قوله: المَقْدس في اللغة المنزه.قال المفسّرون في قوله تعالى: ونحن نسبح بحمد ونقدس لك، قال الزّجاج: معنى نقدس لك أي نطهر أنفسنا لك وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه أي نطهره،قال: ومن هذا قيل للسطل القَدَس لأنه يُتَقَدَّس منه أي يتطهر،قال: ومن هذا بيت المقدس كذا ضبطه بفتح أوله،وسكون ثانيه وتخفيف الدال وكسرها، أي البيت المقدَّس المطهرّ الذي يتطهر به من الذنوب قال مروان:

قل للفرزْدَقِ، والسفاهة كاسمْها:
إن كنت تاركَ ما أمرتك فأجلس
ودع المدينة إنها محذورة
والحق بمكة أو ببيت المقدس

وقال قتادة: المراد بأرض المقدس أي المبارك.

وبعد أن ذكر المؤلف شيئاً عن فضائل بيت المقدس قال: (والذي شاهدته أنا منها أن أرضها وضياعها وقراها كأنها جبال شامخة وليس حولها ولا بالقرب منها أرض وطيئة البتة. وزروعها على الجبال وأطرافها بالفؤوس لأن الدواب لا صنع لها هناك،وأما نفس المدينة فهي على فضاء في وسط تلك الجبال وأرضها كلها حجر من الجبال التي عليها وفيها أسواق كثيرة وعمارات حسنة.
ثم تحدث المؤلف عن الحرم الشريف مما نقلناه في الملحق.وعاد بعد ذلك إلى وصف المدينة {وفيها مغاور كثيرة ومواضع يطول عددها مما يزار ويتبرك به، ويشرب أهل المدينة من ماء المطر، وليس فيها دار إلا وفيها صهريج لكنها مياه رديئة أكثرها يجتمع من الدروب،وإن كانت دروبهم حجارة ليس فيها ذلك الدنس الكثير،وفيها ثلاث برك عظام:بركة بني إسرائيل وبركة سليمان عليه السلام وبركة عياض عليها حماماتهم}.
وبعد أن نقل وصف البشاري للقدس نقلاً عن كتابه (أحسن التقاسيم) تحدث عن تاريخ القدس منذ دخول عمر بن الخطاب إليها حتى أيامه.ومما ذكره: (ولم تزل -أي بيت المقدس- على ذلك بيد المسلمين، والنصارى من الروم والإفرنج والأرمن وغيرهم من سائر أصنافهم يقصدونها للزيارة إلى بيعتهم المعروفة بالقمامة (القيامة) وليس لهم في الأرض أجلُّ منها حتى انتهت إلى أن ملكها سُكمان بن أرْتُق وأخوه ايلغازي جد هؤلاء الذين بديار بكر صاحب ماردين وآمد، والخطبة فيها تقام لبني العباس،فاستضعفهم المصريون وأرسلوا إليهم جيشاً لا طاقة لهم به، وبلغ سُكمان وأخاه خبر ذلك فتركوها من غير قتال.وانصرفوا نحو العراق.وقيل: بل حاصروها ونصبوا عليها المجانيق ثم سلموها بالأمان ورجع هؤلاء إلى نحو المشرق وذلك في سنة 491ﻫ.
ثم ذكر ياقوت خروج الفرنج من بالدهم واستيلائهم على القدس إلى أن يقول: (ولم يزل في أيديهم حتى استنفذه منهم الناصر صلاح الدين بن أيوب في سنة 583ﻫ بعد إحدى وتسعين سنة أقامها في يد الإفرنج. وهي الآن في يد بني أيوب، والمستولي عليهم الآن منهم الملك عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب. وأنهى حديثه بقوله: (من أعظم محاسنه -أي الحرم الشريف- أنه إذا جلس إنسان فيه في أي موضع منه يرى أن ذلك الموضع هو أحسن المواضع وأشرحها. ولذا قيل أن الله نظر إليه بعين الجمال ونظروا إلى المسجد الحرام بعين الجلال:

أهيمُ بقاع القدس ما هَبَّت الصَّبا
فتلك رباعُ الأنس في زمن الصبَّا
وما زلت في شوقي إليها مواصلاً
سلامي على تلك المعاهد والرُّبَى

والحمد لله الذي وفقني لزيارته).
وذكر ياقوت الساهرة بقوله: (موضع ببيت المقدس.وقال أبو عباس: الساهرة أرض القيامة أرض بيضاء لم يسفك فيها دم).
وتحدث القزويني المتوفى عام 1283م في كتابه (آثار البلاد وأخبار العباد) عن القدس ومما جاء قوله: (بيت المقدس هي المدينة المشهورة التي كانت محل الأنبياء وقبلة الشرائط ومهبط الوحي. بناه داوود وفرغ منها سليمان... والتي عليها الآن أرضها وضياعها جبال شاهقة، وليس بقربها أرض وطيئة وزروعها على أطراف الجبال بالفؤوس لأن الدواب لا عمل لها هناك. وأما نفس المدينة ففي فضاء في وسط ذلك وأرضها كلها حجر، وفيها عمارات حسنة، وشرب أهلها من ماء المطر. وليس فيها دار إلا وفيها صهريج مياهه تجتمع من الدروب، ودروبها حجرية ليست كثيرة الدنس لكن مياهها رديئة.وفيها ثلاث برك:بركة بني إسرائيل وبركة سليمان وبركة عياض).
المصدر: بلادنا فلسطين، مصطفى مراد الدباغ