بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008-07-20

الجذور التاريخيه لكارثة اللجوء الفلسطيني
الإطـار التاريخي لقضيــة اللاجئين الفلسطينيين

أولاً: بدايـة قضيـة اللاجئيـن
ثانياً- أسباب اللجوء الفلسطيني
ثالثاً- بداية جهود الإغاثة الدولية


تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين بحق من أفجع المآسي في تاريخ البشرية وأوضحها انتهاكاً لحقوق الإنسان وأعمقها جرحاً في الضمير الانسانى، فلم يشهد التاريخ الحديث عملية استبدال كاملة للسكان الأصليين وأصحاب الأرض الشرعيين بأجناس دخلاء من مختلف أقطار العالم، كما جرى في فلسطين منذ بداية القرن العشرين، بفعل الاستعمار البريطاني والصهيوني، حيث إنقلبت المعادلة الديمجرافية رأساً على عقب بشكل أحال الأقلية اليهودية إلى أكثرية ساحقة، وأفرز في الآن ذاته ظاهرة فريدة من نوعها من حيث التصنيفات السكانية، ألا وهى ظاهرة اللاجئين الفلسطينيين.

أولاً: بدايـة قضيـة اللاجئيـن
إن الحديث عن نكبة فلسطين والتهجير الُمخطط له والمنظم لأكثر من 80% من فلسطيني أرض
فلسطين عام 1948م، إنما تُشكل أكبر مأساه وكارثة حدثت لأي شعب من شعوب الكون، فالاحتلال والتهجير كانا ثمرة نشاط عدائي لآيديولوجيا العنصرية الصهيونية والتي خططت ودبرت لفكرة استيطان فلسطين.

كما أن هذه الفكرة لم تبدأ بعملية التهجير الواسعة النطاق والتي اندلعت في أعقاب حرب عام 1948م، بل سبقت تلك الفترة بكثير، حيث إن استيطان فلسطين ما بين فترة عام 1878-1948 كان يمثل العامل الأساسي لميلاد دولة إسرائيل، وكان ذلك العمل نتيجة المبادأة الجماعية لثلاثة أجيال من الرواد، بدأوا بتأسيس مستعمرة " بتاح تكفا " أي"فاتحة الأمل " أول مستعمرة يهودية في فلسطين. ويقول دافيد بن جوريون "ما كنا نستطيع أن نحقق أهدافنا ونقيم دولتنا الحاضرة لولا الاعتقاد الراسخ بضرورة العودة إلى أرض الآباء، ولولا المعونة والتأييد المادي والسياسي والأدبي لليهودية العالمية فمبدأ إقامة دولة يهو دية في فلسطين كان معناه تهجير شعب فلسطين بأكمله أو على الأقل غالبيته، ففي عام1905م تآمر الصهاينة مع بعض الاقطاعين من لبنان لشراء أراضى من قرية المطلة في الجليل الأعلى، وتهجير سكانها من أرضهم، كما أن هناك حوالي 70 ألف فلاح فلسطيني تم طردهم وهدم قراهم قبل اندلاع حرب عام 1948م.

فمنذ إعلان زعماء اليهود قيام الحركة الصهيونية عام 1882م، أعلنوا في ذلك الحين بأن أرض فلسطين هي حق للشعب اليهودي، وأن بالإمكان نقل أهل فلسطين العرب إلى الأقطار العربية المجاورة، لهذا سعت الصهيونية على الحصول على إذن رسمي بتنفيذ الأطماع في فلسطين، التي كانت جزء من أملاك الدولة العثمانية آنذاك، وبعد المباحثات التي جرت بين زعماء الصهيونية والحكومة البريطانية، أصدر وزير خارجية بريطانيا بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917م تصريحه الشهير الذي عرف باسمه، الذي أعطى بموجبه وعدا لليهود بإنشاء وطن قومي لهم
في فلسطين وأصبح وعد بلفور أمر واقع مع دخول القوات البريطانية عام1917 م، عندئذٍ ُفتحت أبواب الهجرة اليهودية وإنشاء المستوطنات.

حدث كل ذلك قبل أن يتقرر الإنتداب البريطاني على البلاد رسميًا وفق قرار مؤتمر سان ريمو عام 1920م ومع تزايد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، شعرت بريطانيا في عام 1947م بأن اليهود أصبحوا أقوياء، وأن بوسعهم الاعتماد على أنفسهم، فقامت برفع قضية انتدابها على فلسطين إلى منظمة الأمم المتحدة، والتي أنشئت عام 1945، وبعد المشاورات العديدة في نيويورك وفلسطين اعتمدت الجمعية العامة قرار رقم "181" (د 2 )، في 29 – نوفمبر 1947م المتضمن حكماً مستقبليًا لفلسطين وهو مخطط تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب وفي اليوم التالي لصدور القرار، أعلنت اللجنة العربية العليا التي عارضت القرار بشدة عن إضراب عام لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من 1 / 12 / 1947م، وبذلك أعطت إشارة البدء بالعصيان المدني في مختلف قرى ومدن فلسطين.

مع تلك الظروف غير المستقرة التي اشتد فيها الصراع بين العرب واليهود، قررت بريطانيا سحب قواتها من فلسطين في 15 – مايو /أيار 1948م، وإنهاء حالة الإنتداب، لكنها تخلت عن التزاماتها الأدبية والقانونية وبدأت انسحابها قبل هذا التاريخ بخمسة أشهر، تاركةً أسلحتها ومواقعها العسكرية لتسيطر عليها العصابات الصهيونية، فوجد عرب فلسطين أنفسهم ولأول مرة في تاريخهم أمام واقع مرير وحقيقة مرة وهي الدولة اليهودية.... في وقت حصل فيه اليهود على ما لم يكونوا قد حصلوا عليه عبر تاريخهم، فقد حصلوا على قرار يمنحهم دولة ذات سيادة.

وفى اليوم التالي لجلاء القوات البريطانية دخلت الجيوش العربية فلسطين من كافة الجهات بناء على قرار الجامعة العربية، بقوات بلغ تعدادها قرابة 20 ألف جندي، بالإضافة إلى جيش الإنقاذ المكون من المجاهدين والمتطوعين العرب بقيادة "فوزي القاوقجى" الذي كان منتشرًا في شمال فلسطين، وتولى الملك عبد الله ملك الأردن القيادة العامة للجيوش، وكانت خطة الجيوش العربية تقضى بأن تلتقي الجيوش ( السورية -اللبنانية -العراقية -الأردنية ) في منطقة العفولة وسط فلسطين ونجحت الجيوش العربية في تحقيق بعض الانتصارات وحصار اليهود، كما استطاع الجيش المصري التقدم في ميدانه والسيطرة على المستعمرات المهمة، واستمر زحفه حتى وصل جنوب القدس، وعلى أثر شدة الحصار، تقدمت بريطانيا إلى مجلس الأمن بطلب وقف القتال لمدة أربع أسابيع ووافق مجلس الأمن في 29مايو على مطلب بريطانيا كانت هذه الهدنة والتي أعقبتها تُمثل نقطة تحول في معركة فلسطين إذ استغلها اليهود في الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة التي من خلالها استطاعوا السيطرة على معظم أراضى فلسطين، و قررت اللجنة السياسية لمجلس الجامعة العربية قبول طلب مجلس الأمن في2/حزيران 1948م لاعتبار وقف القتال وسيلة لإيجاد حل سلمى. " في وقت استمرت إسرائيل في توسيع حدودها، حيث تجاوزت المساحة المخصصة لها حسب خطة التقسيم والمقررة ب55% من أرض فلسطين مقابل 45% للدولة العربية ( في وقت كان عدد السكان اليهود 660000 ألف مقابل 1250000 عربي ) ومع توقيع اتفاقيات الهدنة لعام 1949م، كانت إسرائيل قد احتلت ما يقرب من 80% من فلسطين، علمُا بأنة عشية الحرب كان اليهود لا يملكون سوى 5% من مجمل الأرض في فلسطين .

ويمكن القول إن قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة – والذي انتزع من الفلسطيينين حق تقرير تسوية مصيرهم- كان يشكل انحداراً في السياسة الدولية الخاصة بالأمم المتحدة والتي تضمن ميثاقها ( حق الشعوب في تقرير مصيرها )، فكيف يمكن تقسيم فلسطين دون مشاركة سكانها. كما أن واضعي مخطط التقسيم عللوا اقتراحهم بضرورة إعطاء اليهود أرضاً نتيجة اضطهادات ألمانيا الهتلرية التي كانوا ضحيتها... إن هذا الأمر يبرر اعتبار الفلسطينيين مسئولين عن هذه الاضطهادات ولا يمكن قبول أن يصبحوا ضحية جديدة بسبب قرارات الأمم المتحدة.

ثانياً- أسباب اللجوء الفلسطيني

يمكن القول من خلال ما سبق أن قضية اللاجئين قد بدأت بالظهور على أرض الواقع مع بداية ولادة الدولة اليهودية، لتبدأ هجرة الفلسطينيين من ديارهم هجرة قسرية بهدف النجاة بالنفس والهروب من إرهاب العصابات الصهيونية والتي رغبت في تثبيت أقدامها في فلسطين على أنقاض سكانها من بعد طردهم، ويمكن ذكر بعض الأساليب التي قام بها الصهاينة والتي أدت إلى اللجوء الفلسطيني وترك كل ما يملكون من خيرات وثروات، ليصبحوا فيما بعد مجردين من كل ما ُيملك.

لقد اعتمد الصهاينة أعمال الإرهاب باعتبارها سلاحاً قمعياً لمعارضي إنشاء الدولة اليهودية، وبهدف حمل العرب على الفرار من فلسطين، فقد أخذوا يواجهون المدنيين بوسائل الإرهاب التي طوروها وأتقنوها، فعمدوا إلى نسف المنازل وإلقاء القنابل على جموع المدنيين في الأماكن العامة، واغتيال الأفراد وتدمير القرى بكاملها، علاوةً على أعمال السلب والنهب للممتلكات العامة والخاصة كما نجحوا في إخلاء القرى والمدن الفلسطينية من خلال ارتكاب المجازر والمذابح وفي مقدمتها:

- مجزرة بلدة الشيخ في 30/12 / 1947م حيث قامت عصابات الهاغاناه بعملية دموية في بلدة الشيخ أدت إلى قتل ما يقرب من 100 مواطن، خلال نصف ساعة.

- مجزرة قرية سعسع في 15 / 2 / 1948م، اقترفتها سرية للبلماخ إحدى العصابات الصهيونية بقيادة "موشيه كالمان" عندما اقتحمتها وشرعت بإطلاق النار من دون تمييز، في جميع الاتجاهات، فقتل العشرات، ودمرت العديد من المنازل نتيجة تفجيرها بواسطة العبوات الناسفة .

- مجزرة دير ياسين، 9 /4 /1948م، كانت قرية دير ياسين الواقعة غرب مدينة القدس، هي الموقع الذي نفذت فيه المذبحة الأكثر بشاعة ضد المدنيين الفلسطينيين – وهى المذبحة التي أصبحت العامل الأكثر إسهامًا في الهجرة الجماعية، والتي ارتكبت على يد عصابتي "الارغون "وشتيرن " والتي ذبح فيها أكثر من 250 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال والقرويين العزل، كذلك ُمثل بأجسادهم، (وُقطعت أوصالهم، وُبقرت بطون النساء الحوامل....)

- مجزرة قرية أبو شوشة:14 / 5 /1948 م التي شنتها وحدة من عصابات "جفعاتى " على قرية شوشة الواقعة شرق مدينة الرملة، بهدف طرد أهلها، حيث ارتكبوا مذبحة رهيبة راح ضحيتها ستين شخصاً من النساء والشيوخ والأطفال - مجزرة قرية الخصاص في مساء 18 /12 /1948م، حيث شنت "الهاغانا" هجوما عليها، بواسطة سيارتان محملتان بالصهاينة دخلت القرية، وهى تطلق النيران، وتقذف بالقنابل اليدوية على المدنيين، نتج عن ذلك مقتل عشرة مدنيين، وفى اليوم التالي قتل خمسة أطفال نتيجة نسفهم لمنزل مختار القرية.

- مجزرة قبية: 15 /10 /1953م حيث قامت الفرقة 101 التابعة للجيش الاسرائيلى بقيادة "ارائيل شارون " وقوامها 600 جندي بتطويق القرية الواقعة شمال القدس وارتكاب المذبحة، وقصفها بصورة مركزة ودون تمييز، ثم دخلوا القرية واطلقو النار بكثافة على سكانها علاوة على عملية نسف المنازل، وأسفرت المذبحة عن 69 قتيلا بينهم نساء وأطفال وشيوخ، ونسف 41 منزل ومسجدًا وخزان مياه القرية .

ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى تشريد الفلسطينيين من ديارهم سياسة الطرد المباشرة من خلال دفعهم إلى اللجوء للدول المجاورة، كما كانت القيادة الصهيونية قد شرعت في تنفيذ الخطة " د " أو " دالت " بالعبرية، والتي وضعت تفاصيلها قيادة "الهاغاناة "، وأقرتها هيئة الأركان العليا في 10 آذار / مارس 1948م. وكانت هذه الخطة الأكثر تعبيراً عن استراتيجية تفريغ المدن من سكانها عن طريق محاصرة البلدة أو المدينة على هيئة حرف " د " أو حدوة حصان مما يعنى وجود منطقة خالية من القوات الصهيونية، ليستطيع من خلالها الفلسطينيين الإفلات من إرهاب الصهاينة، وقد وصل مجموع عمليات الطرد قبيل خروج القوات البريطانية إلي ثمانية عشر عملية تمت خلال الفترة بين كانون الأول / ديسمبر 1947م وحتى 8 أيلول / مايو 1948م .

ومن الأمثلة على سياسة " الطرد المباشر " الحالات الموثقة لعملية الطرد الكبير لبلدتي اللد والرملة في 12- 13 تموز 1948 م – وهما عمليتا طرد ضخمتان تشكل 10% تقريبا من كامل الهجرة الجماعية حيث ُطرد قرابة 60000 فلسطيني و نُفذ أمر الطرد بأمر من (بن غوريون وثلاثة من الضباط الكبار، هم:يغئال ألون – اسحق رابين – موشية ديان )، كما طرد سكان قرية صفصف، وسعسع، وكفر برعم، وعرب الشمالينا، وقيسارية، وغيرها من القرى المجاورة وممن صدر فيهم قرار الطرد، سكان بلدتي المجدل والفالوجة، وقد كان عدد سكان المجدل العربية الواقعة على شاطئ البحر، بين يافا وغزة عشرة ألاف نسمة تقريبا في بداية 1948م وبقى فيها نحو 2700 فلسطيني عند احتلالها، وقد تم طردهم نهائيا في صيف عام 1950م، بأمر من قائد المنطقة الجنوبية، "يغئال ألون " .

على أن عمليات الطرد هذه لم تتوقف حتى بعد توقيع اتفاقيات الهدنة، بل استمرت إلى فترة لاحقة، حيث ذكر الجنرال "وليام رايلى ": رئيس منظمة الهدنة الدولية في تقريره للأمم المتحدة عام 1951م:أنه "بالإضافة إلى طرد البدو، طرد الإسرائيليون منذ شهر مارس 1950 م أكثر من ألف عربي عبر الخطوط الفاصلة إلى قطاع غزة....
ولقد شكلت الحرب النفسية أحد أهم الأسباب الرئيسية الأخرى لتهجير عرب فلسطين، وذلك من خلال تسريب أخبار المجازر على نطاق محلى كي تصل أخبار القتل الجماعي والاغتصاب والهدم إلى آذان السكان الفلسطينيين، وخاصة الريف المحافظ، وذلك كي تزرع في نفوس السكان حالة من الهلع والذعر ليقوموا بإخلاء قراهم حفاظًا على أرواحهم، وقد ساهمت الأخبار الصادرة من قبل المنظمات الصهيونية بشأن مسالك الطرق الآمنة التي يمكن للسكان أن يسلكوها، في زيادة نسبة الهاربين من المجازر. ففي القدس جالت مجموعة من " الأرغون " بالسيارات المصفحة، مخترقة شوارع الطالبية،وهى تذيع إنذارا للعرب بضرورة الرحيل ،وجاء في النداءات : " إذا لم تتركوا بيوتكم ، فان مصيركم سيكون مثل مصير دير ياسين .. انج بنفسك، فان الطريق إلى أريحا مفتوح...، "وفى طبريا قام اليهود بتوزيع كميات كبيرة من المنشورات بالعربية، تحذر الناس وتخيفهم من الحرب وعواقبها وتدعوهم للرحيل، كي يكونوا بأمان .

وأثناء القتال المندلع بين السكان الفلسطينيين وعصابات اليهود، كانت هناك محطة إذاعية تابعة للهاغانا، أخذت تذيع الشائعات الكاذبة لإضعاف معنويات عرب فلسطين، زاعمة أن وباء التيفوس والهواء الأصفر سينتشران في المدن والقرى خلال شهري ابريل ومايو،وان المعركة الجدية ستبدأ فور انسحاب الإنجليز ،وان الطرق الرئيسية سوف تغلق بعد أيام معدودة .

ولا يمكن تجاهل الدور البريطاني المميز والمسبب لهجرة الفلسطينيين من ديارهم فمنذ إصدار بريطانيا لوعد بلفور في 2 /نوفمبر 1917م، وهى تعمل جاهدة بكافة الوسائل على تمكين اليهود من استملاك الأراضي في فلسطين، وَأثر ذلك على عملية تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أرضهم، ولقد بات أمر الأراضي في فلسطين إبان الانتداب في يد بريطانيا إذ مكنت اليهود من الاستيلاء على مجموعة من الأراضي في فلسطين ُقدرت بحوالى 1.588.360 دونم
حتى عام 1945م.

كما يعود الفضل في عمليات التهجير لسلطات الانتداب البريطاني في تقوية الوجود اليهودي من الناحية العسكرية وإمكانيات التسلح، وكان الصهاينة قد شرعوا بتأسيس جيش منذ عام 1942م بلغ قوامه خمسة عشر ألف جندي مع أوائل عام 1948م، ثم قفز العدد إلى ستين ألف ويزيد في شهري أيار / مايو من العام نفسه، فيما كانت القوات البريطانية تقوم بنزع سلاح الفلسطينيين بغية عدم تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم أمام هجمات العصابات الصهيونية .

ولا يمكن إخفاء دور السياسة البريطانية في مناهضة الاحتلال اليهودي وتسهيل أمر استيلائهم على المدن العربية الكبرى وتسهيل نقل وترحيل الفلسطينيين من مدنهم كما جرى في طبريا و حيفا، وكذلك عدم قيامهم بواجب حماية الفلسطينيين المدنيين، في الوقت الذي كانت قواتهم تحمى اليهود من هجمات العرب، ولولا مؤامراتهم المكشوفة المعروفة في حادث تسليم اللد والرملة ومنطقتها ثم المناطق الأخرى بموجب اتفاقية رودس لليهود، لما حل بالفلسطينيين ذلك التشريد الشنيع .

إن المفعول التراكمي للاحتلال البريطاني لفلسطين َتمثل في كون المجتمع الأهلى عشية حرب 1948 م أضعف بكثير مما كان عليه سنة1936م، وبرغم التفوق العددي للفلسطينيين، فان ميزان القوة كان لصالح اليهود عشية حرب 1948م. كما كان تمزيق الفلسطينيين النتيجة المنطقية لثلاثة عقود من سياسة اللامساواة (عسكريا وسياسيا واجتماعيًا ) كل ذلك كان يمثل عاملا حاسما في بناء الدولة الصهيونية وتدمير الفلسطينيين وتشريدهم .

وقد وجد اللاجئون الفلسطينيون الذين أُجبروا قسرا على الخروج من ديارهم عام 1948م ملاذًا لهم، إما فيما تبقى من الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة ) أو أراضى الجوار العربية، خاصة الأردن – سورية – لبنان – مصر، وقد تم وضعهم في نقاط تجمع أطلق عليها فيما بعد باسم المخيمات الفلسطينية والتي بلغ تعدادها 67 مخيما منها 61 مخيماً منظمًا أي تحت إشراف وكالة الغوث، وستة مخيمات غير منظمة، وتم تقدير الفلسطينيين وتوزيعهم في المناطق التي أقاموا فيها بعد انتهاء حرب 1948م، على الشكل الذي يوضحه الجدول التالي .
الجدول رقم ( 1 )
تقدير توزيع الفلسطينيين في المناطق التي أقاموا فيها عام 1949م بالآلاف والنسبة المئوية
منطقة اللجوء لاجئون أصليون المجموع العام النسبة المئوية
داخل فلسطين 470 730 1200 81.8
الضفة الغربية 280 494 774 52.5
قطاع غزة 190 80 270 18.4
الاراضى المحتلة - 156 156 10.6
خارج فلسطين 266 - 266 18.2
لبنان 100 - 100 6.8
سورية 85 - 85 5.8
الأردن 70 - 70 4.8
مصر 7 - 7 0.5
العراق 4 - 4 0.1
المجموع العام 736 730 1466 100%
من الجدول السابق يمكن الاستنتاج بان الهجرة الفلسطينية الواسعة، بهذا الحجم، كانت نتيجة سياسة التهجير القسرية،التي تكونت معه تجمعات فلسطينية في الدول العربية المضيفة، كما أن العودة المتوقعة التي خيمت على أذهان اللاجئين هي التي تبرر هجرة الغالبية العظمى من اللاجئين داخل فلسطين نفسها، لتسهيل عودتهم إلى المناطق التي شردوا منها .

ويمكن تقسيم البلدان المضيفة للاجئين إلى قسمين وهما: بلدان يوجد فيها مخيمات وهى سوريا، والأردن، ولبنان، والضفة والقطاع، وبلدان لا يوجد فيها مخيمات، وهي مصر والعراق. والمخيم: "هو ذلك التجمع الفلسطيني المعروف منذ خمسينات القرن العشرين، باسم مخيم اللاجئين الفلسطينيين، وقد أصبح له على مر السنين حدود مادية
اجتماعية، ونشأ في كل مخيم اقتصاد محلى لتأمين الحاجات الأساسية لسكانه. .

أما بخصوص الحصيلة النهائية لنكبة فلسطين فتتمثل فى أن إسرائيل احتلت 530 مدينة وقرية فلسطينية مساحتها 18643 كيلومتر مربع وهى تعادل 92% من مساحة أراضى اللاجئين الفلسطينيين ، الذين بلغ تعدادهم 960 ألف لاجئاً مع نهاية عام 1949م، حسب تقديرات الأمم المتحدة. كما تشير المصادر الإحصائية التي اهتمت بدراسة أوضاع اللاجئين إلى تقديرات مختلفة لاجمالى أعداد المهجرين منهم، وفيما يلي عرض لخمسة تقديرات لأعداد اللاجئين لعام 1949م.

جدول رقم ( 2 )

تقديرات مختلفة لأعداد اللاجئين الفلسطينيين لعام 1949م
الجهة المقدرة عدد اللاجئين / بالآلاف
وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين 960
جامعة الدول العربية 840 – 940
بعثة الأمم المتحدة 726
المعهد الملكي للشؤون الدولية - لندن 713

يتضح من خلال تلك التقديرات أنها متباينة، ورغم أن تقديرات الأمم المتحدة متقاربة مع تقديرات جامعة الدول العربية إلا أنها غير دقيقة، ويعود السبب في ذلك إلى أن المعلومات التي تعتمد عليها وكالة الغوث هي التي يتقدم بها اللاجئون طواعية ليستفيدوا من خدماتها

أما الذين بقوا داخل فلسطين فكانوا قلة قليلة بلغ عددهم 156000 نسمة تقريبًا من سكان الأراضي التي تعرف بإسرائيل، والجدير بالذكر أيضا أن 13000 فلسطيني تقريبا معظمهم من المدنيين قتلوا على يد القوات الصهيونية /الإسرائيلية في أثناء حرب عام 1948م .

ثالثاً- بداية جهود الإغاثة الدولية

من جهة أخرى، قدمت الدول المضيفة التي لجأ إليها الفلسطينيون المأوى والإغاثة المؤقتة، وخاصة لمن كانوا بدون مأوى وبحاجة ماسة للمساعدة، مع العلم أن جهود الإغاثة كانت فوق طاقة الإمكانيات الاقتصادية والتنظيمية المتوفرة في الدول التي استقر فيها اللاجئون .

وفي استمرار للجهود الأولية الرامية لإغاثة اللاجئين نتيجة لوضعهم الصعب والذي لم يكن يحتمل الانتظار تم عقد اتفاقية في جنيف في 19 ديسمبر 1948م بين مدير وكالة الإغاثة وبين ثلاثة مؤسسات دولية وهي "الكويكرز الأمريكية"، وهيئة فرع الصيب الأحمر، ولجنة الصليب الأحمر الدولية على تقديم مساعدات عاجلة للاجئين يتوقف تقديمها في أغسطس 1949، ولكن وبسبب عدم عودة اللاجئين تم تجديد عمل المؤسسات الثلاثة السابقة .

وعلى هذا تولى الصليب الأحمر رعاية اللاجئين في فلسطين والأجزاء الخاضعة لسيادة شرق الأردن، وأشرفت رابطة جمعيات الصليب الأحمر على اللاجئين في سوريا ولبنان بينما أشرفت لجنة خدمات الأصدقاء الأمريكية (الكويكرز) على لاجئي قطاع غزة الذي كان تحت السيادة المصرية ، والذي اكتظ بمن لجأوا إليه حيث أقاموا في المدارس والزوايا وبقايا أكشاك المعسكرات البريطانية التي كانت قد أنشئت في هذه المنطقة أو تلك، وآوى بعضهم إلى الخرائب والحواكير في أطراف المدينة ينصبون فيها خياماً من الخيش أو ما شابه، إلى أن أقامت بعض الهيئات الدولية الخيام ومد يد العون كالصليب الأحمر والكويكرز، كما ساهمت في ذلك مصر قدر طاقتها .

وقد استمر الوضع على هذا الحال إلى أن تم تشكيل وكالة الغوث الدولية "أنروا "، UNRWA))، بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (302) (د -4 ) الصادر في 8 /ك1 /1949م بهدف توفير المساعدات في مجال الإغاثة والتشغيل بالتعاون مع الحكومات المضيفة. وقد باشرت الوكالة عملها في 1/ أيار 1950م، وقد ساد الاعتقاد بان مهمتها سوف تكون قصيرة ظنًا بأن بعض اللاجئين سيُسمح لهم بالعودة إلى ديارهم، وأن آخرين سوف يتم دمجهم في الأقطار العربية المحيطة. غير أن ذلك لم يحدث ، الأمر الذي دعا الجمعية العامة لتجديد مدة ولاية الانروا كل ثلاث سنوات، وبشكل تلقائي .

ولقد عملت الأونروا على إدخال بعض التحسينات على حياة اللاجئين من خلال منحهم قطع أرض وقروضاً، في إطار سياسة تهدف إلى توطينهم في أماكن إقامتهم، في وقت نظر فيه اللاجئون إلى تلك المشاريع التي طرحتها الأونروا على مدار السنين، بعين الريبة والشك مما عمق نظرة الخيفة والارتياب عند اللاجئ الفلسطيني في سياسة
برامج الوكالة المتعددة .

كما تأثر الدور الذي قامت به تلك الوكالة بظروفها المالية، تأثراً كبيرًا من حيث مستوى الخدمات التي تقدمها للاجئين، ذلك أن تمويلها كان يعتمد على المساعدات الدولية التطوعية، فلم تخصص لها الأمم المتحدة موازنة مالية رغم أنها تابعة لها، وبالطبع فان حجم التبرعات المالية الدولية كان يتأثر بظروف المجتمع الدولي الاقتصادية والسياسية، في
الوقت الذي تزداد فيه أعداد اللاجئين، لذا فقد اقتصر دور الوكالة على عمليات الإغاثة في حدود إمكانياتها وفى رقعة صغيرة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الموجودين في دول العالم .

كما سعت إسرائيل دوماً من جانبها إلى محاولة تصفية القضية الفلسطينية، بكل ما تنطوي عليه من مطالب وأهداف وحقوق مشروعة للشعب الفلسطيني وسعت بجهود خاصة ومركزة، بهدف اقتلاع تلك المخيمات والتي هي رمز للقضية الفلسطينية سواء القائمة في الأراضي المحتلة، أو تلك القائمة في الدول العربية المحيطة، وذلك تحت ذرائع مضللة مثل " تحسين شروط حياة اللاجئين " أو إعادة إسكانهم ، والتي باءت في النهاية بفشل تلك المحاولات لتبقي
المخيمات رمز للقضية الفلسطينية وتمثيلاً للمطالبة بحق العودة .
الباحث في الدراسات الخاصة بشئون أوضاع اللاجئين الفلسطينيين
علاء محمد أبو دية زقوت

اللاجئون على أرض وطنهم

اللاجئون على أرض وطنهم
حركة اللاجئين دفاعاً عن حق العودة، تلك الحركة الجماهيرية التي شهدت تصاعداً ملموساً خلال العقد الماضي، لم تنطلق من مخيمات الشتات، بل كانت نقطة انطلاقها الأولى من على أرض الوطن حيث إنعقد 8/12/1995 مؤتمر مخيم الفارعة الشعبي بمبادرة من إتحاد مراكز الشباب الاجتماعية في مخيمات الضفة الفلسطينية.
هذه الحقيقة تنطوي على مغزى سياسي لافت. فهي تبرز، لا بالقول فقط بل أيضاً بالفعل النضالي، المفهوم الأصيل لحق العودة باعتباره، كما يعرفه القرار الدولي رقم 194، حق اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا منذ 1948 في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم.
مسار عملية أوسلو كان سبباً لإثارة القلق والمخاوف، لدى أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني، مما تنطوي عليه هذه العملية من تهديد لحق العودة، سواء بشطبه أو بإفراغه من مضمونه. ولذلك أعلن مؤتمر الفارعة أن قضية اللاجئين قضية سياسية مركزية، شأنها شأن القدس والحدود والسيادة، وإن قرارات الشرعية الدولية – وبخاصة القرار 194 – هي الأساس لحل هذه القضية. وفي هذا الإطار أكد أن التمسك بحق العودة لا يتعارض مع حق اللاجئين في تحسين شروط الحياة في المخيمات مؤكداً على رفض الدعوات التي ترددت بعد اتفاق أوسلو لتصفية وكالة الغوث أو إنهاء خدماتها، ومطالباً على العكس بتحسين هذه الخدمات وتوسيع نطاقها.
من المهم ملاحظة أن "رفض التوطين" هو هنا قرار يتخذه مؤتمر شعبي لممثلي اللاجئين المقيمين في الضفة الفلسطينية، على أرض وطنهم. وهو تأكيد إضافي على التمسك بمضمون حق العودة باعتباره حقاً في العودة إلى الديار والممتلكات كما ينص القرار 194.
بعد مؤتمر الفارعة توالت التحركات والمؤتمرات المماثلة في مناطق الضفة وقطاع غزة. ولكن ما أضفى عليها أهمية سياسية مضاعفة كونها ترافقت مع نهوض وبدء تأطير حركة جماهيرية للاجئين داخل حدود 48، أولئك المقتلعون من أرضهم الذين يبلغ عددهم أكثر من ربع مليون فلسطيني يقيمون داخل إسرائيل ولكن السلطات الإسرائيلية شردتهم من منازلهم وسلبتهم ممتلكاتهم وحرمتهم من استعادتها، فاصطلح على تسميتهم " بالغائبين الحاضرين".
في ربيع عام 2000، وفي مدينة الناصرة، عقد ممثلو اللاجئين الفلسطينيين في إسرائيل مؤتمراً تحت شعار " لا سلام دون تنفيذ حقنا في العودة إلى منازلنا وممتلكاتنا". وكان ملفتاً أن من بين مقررات المؤتمر التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بكافة تجمعاته، والتأكيد أيضاً على انطباق القرار 194 على اللاجئين الفلسطينيين داخل إسرائيل بما يعني حقهم في العودة إلى منازلهم واستعادة ممتلكاتهم.
ثمة عوامل عدة تعزز المكانة المحورية التي تحتلها حركة اللاجئين على أرض الوطن في إطار الحركة الجماهيرية الشاملة للاجئين دفاعاً عن حق العودة. فاللاجئون في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة يشكلون كتلة شعبية ضخمة تمثل حوالي 70% من سكان القطاع و 36% من سكان الضفة. وهم راكموا على مدى سنوات الاحتلال خبرة كفاحية متنامية وبنوا حركة جماهيرية منظمة اتخذت ركائزها طابعاً مؤسسياً تمثل باللجان الشعبية في المخيمات، وإتحاد مراكز الشباب الاجتماعية، وإتحاد جمعيات القرى والبلدات المهجرة، وغيرها من الأطر الجماهيرية التي ائتلفت مؤخراً في إطار اللجنة الوطنية للدفاع عن حق العودة.
ان قربهم من قراهم وبلداتهم التي هجروا منها يعزز روح الانتماء إليها ويعمق الوعي بحالة اللجوء والتطلع إلى العودة. وتشكل اقامتهم على أرض الضفة والقطاع من جهة عاملاً في شحذ وعيهم وتلمسهم للمخاطر التي تتهدد حق العودة بفعل المسارات الراهنة للعملية السياسية، كما تشكل من جهة أخرى عاملاً مهماً في ترجيح دورهم في التأثير على القرار السياسي الفلسطيني، فهم على تماس مباشر مع مراكز صنع القرار الوطني، مما يضاعف قدرتهم الضاغطة عليها، كما هم في حالة تماس مباشر مع الاحتلال حيث تشكل حركتهم إحدى الروافع الهامة للمواجهة الجماهيرية مع المحتلين وما تتركه من تأثيرات على مسار العملية السياسية.
حركة اللاجئين حركة شعبية مستقلة تنزع دوماً نحو الانتظام في أطر ذات طابع ديمقراطي. استقلالها عن تحكم مراكز القرار البيروقراطية لا ينفي كونها ركيزة شعبية فاعلة من ركائز منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والإطار الكياني لوحدته داخل الوطن وخارجه. ذلك ما تؤكده مؤتمراتها وبرامجها المعلنة التي تحدد مهامها على محورين:
أولاً: استمرار العمل على تصليب الموقف التفاوضي الفلسطيني على قاعدة التمسك بحق العودة وفقاً للقرار 194، وإغلاق باب المقايضة على قضية اللاجئين في أية تسوية قادمة آخذين بعين الاعتبار أن ترابط الأهداف الوطنية الفلسطينية لا يعني بالضرورة تحقيقها دفعة واحدة.
ثانياً: مواصلة العمل من أجل تحسين الظروف الحياتية لجماهير اللاجئين والضغط على وكالة الغوث لوضع حد لسياسة تقليص الخدمات وقطع الطريق على أي محاولة لتغيير وظيفة الوكالة لوجهة انخراطها في مشاريع التأهيل والدمج بالمجتمعات المحيطة، والعمل على تحسين شروط الحياة في المخيمات في مختلف المجالات التربوية والصحية والخدمية.
المصدر: أرشيف المجموعة 194

اللاجئون الفلسطينيون في الفكر الصهيوني

اللاجئون الفلسطينيون في الفكر الصهيوني
المقدمة:

تتجذر فكرة طرد الشعب العربي الفلسطيني من وطنه في صلب الفكر الصهيوني. وقد رافقت هذه الفكرة مختلف مراحل المشروع الصهيوني في فلسطين. بدءا من الثلث الأخير الأخير للقرن التاسع عشر. وحتى يومنا هذا.. بحيث لم تكن الأهداف الصهيونية الأساسية لتتحقق دون طرد الفلسطينيين جميعهم. أو معظمهم من فلسطين. من منطلق أن وجود الشعب الفلسطيني على أرضه يتناقض تناقضا حادا, مع الصهيونية وأهدافها ومشروعها الاستيطاني في فلسطين...

تعنى هذه الدراسة بتحري الارتباط الوثيق بين الصهيونية, فكرا وممارسة, بين تهجير العرب من فلسطين. الذي أدى إلى نشوء مشكلة اللاجئين. وتركز الدراسة عبر محاورها الثمانية على ترسيخ حقيقة مسؤولية المشروع الصهيوني عن هذه المشكلة التي يحاول زعماؤه التنصل منها.

أولا: التصورات الصهيونية الأولى إزاء فلسطين وسكانها العرب:

يزعم الصهيونيين (بمختلف تياراتهم الدينية والعلمانية والإصلاحية) بأن الظهور الأول للصهيونية تزامن مع البدايات الأولى لما يسمى <<الشتات اليهودي ـ الدياسبورا>> وذلك عبر حنين <<العودة إلى صهيون>> بينما تشير دراسة التفاعلات الاجتماعية التي جرت في الغرب إبان العصور الوسطى والعصر الحديث, أن الصهيونية ـ بمضامينها السياسية والكيانية الجغرافية ـ تعود إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وفي الميادين الفكرية والاجتماعية, راحت تتشكل الإيديولوجية الصهيونية بين اليهود, بفعل المؤثرات التالية:

ـ اتساع ما يسمى <<حركة الإحياء العبري>> والربط بين اليهود وفلسطين وانسياب تيار الصهيونية غير اليهودية.

ـ انتشار النزعات والفلسفات العنصرية في الغرب (النيتشوية والدارونية والاشتراكية الخالية وعبء الرجل الأبيض... الخ), وشيوع التقديرات الخاصة بتمايز اليهود كجماعة عرقية الجماعات المسيحية وارتباك الغرب في حل المشكلة الناجمة عن هذا التمايز. سواء بالتخلص من اليهود أم بدمجهم في المجتمعات الغربية.

ـ اعتبار فكرة الدولة الخاصة باليهود بمثابة إطار مناسب للتعبير عن تمايزهم, وتوظيف هذه الدولة لدى إقامتها في الحفاظ على الشخصية اليهودية وتنمية قدراتها المادية والثقافية والاجتماعية.

في إطار الإنشاءات الإيديولوجية التي صيغت بتأثير المفاعيل السابقة, ركزت الفلسفة الصهيونية على أن اليهود يشكلون أمة عالمية واحدة, ذات شخصية خاصة(جماعية ـ نقية ـ مستقلة ـ استثنائية... الخ) تمنحها تفوقا على سائر الأمم استنادا إلى مقولة <<شعب الله المختار>> ... وكان واضحا أن هناك مساع لإضفاء القداسة على <<الأمة اليهودية>> وعلى ما يسمى <<الحق التاريخي والعودة إلى صهيون والربط بين اليهود وأرض إسرائيل>> وظل الصهيونيون يرددون على الدوام بأن<<الرباط بين أمة إسرائيل وأرضها ليس كالرباط الذي يشد سائر الأمم إلى بلادها وأوطانها, فهو لدى الأمم رباط سياسي وعلماني وخارجي عرضي مؤقت, بينما الرباط القائم بين الشعب اليهودي وبلاده (؟!) هو كناية عن سر خفي من القداسة, فالشعب والأرض قد أنعم عليهما بتاج القداسة حتى في زمن خرابهما... أنه رباط متعال وسماوي وأبدي, ورباط أزلي>> وبرع الصهيونيون في اجتزاء النصوص التناخية والتلمودية عن <<أرض الميعاد>> وعلاقة اليهود بها, وتوظيفها أيديولوجيا وسياسيا لتبرير مشروع تهويد فلسطين.

لم يكن اليهود يفكرون بالاستيطان ضمن كيان سياسي خاص بهم في فلسطين, قبل ظهور الفكرة الصهيونية في الأوساط الاستعمارية الغربية, وإنما كانوا يزورون فلسطين أو يقيمون فيها لأغراض دينية, ولم تكن زيارتهم أو إقامتهم فيها آنذاك تثير مشكلات تذكر في البلاد. وبعد تفاقم <<المسألة اليهودية>> في الغرب طرأ تغير جذري على هذا الواقع, ولجأت الصهيونية إلى إيجاد نسق من الدعاوى الخاصة بتوصيف التاريخ اليهودي وحل<<المسألة اليهودية>> . وفي مقدمة هذه الدعاوى مايلي:

- هناك شعب يهودي كان في الماضي البعيد يعيش في وطنه (أرض إسرائيل) موحدا, ثم تشتت بفعل الاحتلال الأجنبي لهذا الوطن (...).

- وخلال سنوات الشتات (الدياسبورا). ظل الشعب اليهودي يحلم بالعودة إلى وطنه. وعكست تعبيراته الدينية وموروثاته الثقافية والاجتماعية هذا الحلم(..).

- ونظرا لأن الوطن القديم\ الجديد مأهول بالأغيار فثمة ضرورة للقيام بعدة اقتحامات في وقت واحد. أبرزها: اقتحام الأرضـ اقتحام العمل والإنتاج – اقتحام الحراسة..الخ (...).

- إن الروابط الدينية والتاريخية بين اليهود <<وأرض إسرائيل>> هي روابط أزلية\ أبدية. الأمر الذي يجعل العرب في البلاد وكأنهم غير موجودين. او يظهرون كمحتلين في حال ثبات وجودهم (...).

- بعد الإدراك الغربي لإحجام اليهود عن الانخراط الجماعي الطوعي ضمن المشروعات الاستعمارية في الشرق. ولدت فكرة توطين يهود أوروبا في فلسطين, وعملت الدوائر الغربية على تغذية <<اللاسامية>> ووجدت فيها عاملا مساعدا لاقتلاع اليهود من أوطانهم وتوجيههم نحو فلسطين. تحت ستار المقولات الغيبية المتداولة في موضوع ارتباط يهود العالم بالأرض المقدسة. ولم يكن الاختيار الاستعماري لليهود كمادة استعمارية معزولا عن واقع الدول الأوروبية وعن طبيعة القوى القائمة على تنفيذ عمليات الاستعمار, ولم يكن كذلك معزولا عن المسائل الخاصة بموقع اليهود بالنسبة لعملية الإنتاج وخصوصية وضعهم الاجتماعي. وتم تخصيص عائدية معينة لليهود.تلبي تطلعات زعمائهم وتستخدم في الوقت ذاته كمحرض على التزام الجماعات اليهودية, تلبي تطلعات زعمائهم, وتستخدم في الوقت ذاته كمحرض على التزام الجماعات اليهودية بالمشروع. وهي عائدية تستخدم بدورها في المحصلة النهائية لمصلحة التوجه الاستعماري الشامل إزاء المنطقة العربية, وتمثل الغطاء الذي يخفي تحته اتساقا يكاد يكون كاملا بين العام والخاص.

أيقن القائمون على المشروع الصهيوني منذ بداياته الأولى, أنه يتعين توفير الشروط المناسبة له. فإلى جانب الاستناد إلى القوى التحالفية الغربية وإلى دعم اليهود في أوطانهم لعملية تهويد فلسطين, ألحت على أذهان الصهيونيين فكرة ـ ستغدو بعد ذلك الفكرة الأخطر في تاريخ المشروع الصهيوني.

- قوامها وحدانية هوية الدولة أو حصريتها باقتصارها على اليهود.

ثانيا: فكرة طرد العرب أو ترحيلهم في الطروحات الصهيونية

دأب الصهيونيون على نفي الطبيعة العدوانية لعملية تحويل <<فلسطين إلى دولة يهودية>>, فقدموا لهذه الغاية العديد مما يسمى <<الاعتذاريات>> التي انطوت بطبيعة الحال على الأكاذيب والدعاوى والتشويهات المتعمدة للحقائق. وحفل الخطاب الصهيوني بكم هائل من الأضاليل والصور النمطية السلبية عن عرب فلسطين ولعل من أبرز المزاعم الصهيونية في هذا المنحى. سواء في فترة ما قبل تأسيس الكيان الصهيوني أم بعد ذلك ما يلي:

الغائبون:

رسم الصهيونيون الأوائل مشهدا مغرضا لفلسطين, يظهرها (أرضا خاوية, مهملة صحراء) تنتظر المعمرين اليهود. وكان واضحا في أذهان زعماء الصهيونية أن ترويج الدعوة إلى تعمير الصحراء. يتطلب تجاهل المواطنين العرب في فلسطين, بحيث يبدو الآخرين أن المسألة لا تنطوي على إلحاق ظلم بأحد. طالما أنه غير موجود. وفي ثنايا ذلك أوجدت الصهيونية الأوائل في فلسطين يتمركزون حول ذاتهم. ويتملكهم الجهل (التجاهل) الزائد بالإنسان العربي, لدرجة أنهم لم يكونوا يرون ما حولهم, وأخذوا ينسون الوجود العربي. وحين تمكنوا من نسيانه فعليا لم يعد أمامهم إلا أن يطردوا العرب أو يقتلوهم.

كان تجاهل العرب في البلاد وحذفهم ذهنيا بمثابة خطوة تمهيدية في سياق السعي لحذفهم عمليا. ففي خطابات هرتزل مثلا أمام المؤتمرات الصهيونية الستة التي حضرها, وفي كتابه<<دولة اليهود ـ يودنشنات>> لم يرد أي ذكر للعرب, ولم ترد عبارة السكان الأصليين إلا مرة واحدة وبشكل عابر, وذلك في معرض حديثه عن <<الخطة>> التي ستواجه قلقا ومعارضة من قبل هؤلاء السكان. ومن المؤكد أن ذلك لم يأت مصادفة, لماذا؟! لأنه دون تجاهل العربي, تتعرض المقولات الصهيونية للاهتزاز بعنف ثم للسقوط مبكرا. وهكذا تبنت الصهيونية مقولة أحد زعماؤها الأوائل(إسرائيل زنجويل) التي تقوم على أن <<فلسطين أرض بلا شعب ينبغي أن تعطى لشعب بلا أرض>> والمثير للاهتمام بوجه خاص, أن عملية حذف الوجود العربي فلسطين, من الذهن أولا ومن المكان ثانيا, لم تكن تولد تبكيتا للضمير لدى الصهيونيين ولم يكن إدراكهم لهذا الحذف يخلق لديهم أية مشاعر إنسانية رادعة. فقد شاع مثلا أن ماكس نورداو حين سمع للمرة الأولى كلاما حول جود سكان عرب في فلسطين, جرى باحثا عن هرتزل وصاح<<لم أكن أعلم هذا.. إننا إذن لمقدمون على ارتكاب ظلم.. ومع ذلك لم يرتد نوردا و عن الفكرة الصهيونية>>.

لقد فسر بعض المفكرين الصهاينة ظاهرة العرب الغائب على أنها محاولة للتهرب من حقيقة صلبة تتحطم عندها كل الآمال الصهيونية. وكان اعتذاريات الاستعمار الصهيوني المؤسسة على فكرة اليهودي الخالص, تتضمن أيضا فكرة العربي الغائب أو الذي يجب أن يغيب. وهنا يصبح حتى التجريد العنصري أمر غير ذي موضوع. فأرض فلسطين هي الغنيمة المطلوبة. إن هذه التصورات الصهيونية محكومة إلى حد كبيرة بالنسق الإيديولوجي الصهيوني والرؤى التي تضرب بحذورها في التلمود و<<الجيتو>> غير أن الأنساق الأيديولوجية والأنماط الادراكية لا توجد في فراغ. فهي في نهاية الأمر نماذج فكرية للتعامل مع الواقع. وخلال هذا التعامل, توجهت الدفعة الأولى من الصهيونيين إلى فلسطين بالروح نفسها التي كان الأوروبيون يتوجهون بها إلى الأقطار والمناطق التي اعتبروها خالية. وهكذا كان مفهوم أرض فلسطين الخالية من السكان ـ في نظر الصهاينة ـ مطابقا بالضبط لنظرية << ديستلك>> في المناطق الخالية من السكان.

المتخلفون:

أمام سقوط المقولة الصهيونية حول الفراغ الديمغرافي لفلسطين كذريعة لتهويدها. نشأت فورا آلية (ميكانيزم) أخرى تنطوي على الاعتراف بأن الفراغ الديمغرافي لا يعني عدم وجود سكان إطلاقا, ولن يعني أن هؤلاء السكان ليسوا بشرا, وإنما هم يشكلون جماعات غير متحضرة أو متوحشة في البلاد المقدسة التي تنتظر أبناءها!!.. ويشار إلى أن نظرية <<الفراغ الحضاري>> كانت وليدة الفلسفة السائدة في أوروبا إبان ظهور الحركة الصهيونية, أي النظرة التي كانت تعتبر كل رقعة من الأرض خارج نطاق أوروبا خالية, ليس من أهلها طبعا, بل من حيث كونها تجسد نوعا من الفراغ الحضاري, وبذلك تصبح مؤهلة للنشاط التمديني والاستعماري. ويمكن التقدير بأن الصهاينة الأوائل تبنوا نظرية <<الفراغ الحضاري>> هذه بجميع مضامينها العنصرية, فاعتبروا شعب فلسطين جماعات في مستوى متدن من سلم الحضارة والرقي. لا علاقة له بالبلاد. فقد اعتبر هرتزل في كتابه <<دولة اليهود>> أن <<أرض إسرائيل هي وطننا التاريخي>> وتحدث عن إنشاء جدار في آسيا لحماية أوروبة يكون بمثابة حصن منيع للحضارة أمام الهمجية.

الغوييم:

من مكامن الموقف الصهيوني تجاه عرب فلسطين القائم على تغييبهم واتهامهم بالتخلف, نسج الصهيونيون ـ وخاصة التيار الديني ـ علاقة ذهنية بين اليهود وغير اليهود (= الغوييم) من الخيوط التناخية والتلمودية.وكان الفلسطينيون هم الطرف الرئيس للأغيار. فقيل عن هؤلاء مثلا أنهم: أنواع مختلفة من الحيوانات ـ يندم الواحد القدوس على خلقهم ـ مماثلون للحميرـ لايختلفون بشيء عن الخنزيز البري – بلاء مذكورة في التوارة(9).

الأعداء الأزليون:

تأثر الصهيونيون. بمقادر متباينة. بالأوصاف والمواقف التي تضمنها العهد القديم بشأن العرب والفلسطينيين (الكنعانيين ـ اليبوسيين ـ الفريسيين...الخ) واستمر هذا التأثير إلى ما بعد إنشاء الدولة, حيث ينظر الإسرائيليون إلى الواقع من زاوية الحقوق المطلقة والمقدسة الواردة في التناخ والتلمود. يرون العرب على أنهم تهويد فلسطين في المشروع الصهيوني يكافئ الحالة التي تحدث عنها تلك الرواية.

الغزاة:

ضمن محاولات نزع الشرعية عن الوجود العربي في فلسطين درج الصهيونيون على اعتبار العرب في البلاد غزاة ومحتلين لأرض الميعاد. ففي شهادة قدمها يشعياهو بن فورات, قال<<لقد علمونا احتقار العرب. وأن أرض إسرائيل هي لنا... لم يعلمونا احترام الجار العربي.. وكانت الفكرة الكامنة والصريحة تقول إنهم سيرحلون بينما سنبقى نحن>>.

الهامشيون:

انطوى الحشد الصهيوني للصياغات الخاصة بفلسطين وشعبها على صورة قزمت الوجود العربي في البلاد. وقريبا من مساعي التغييب والتضليل متعددة الأشكال, لم يكن الصهيونيون يقيمون وزنا للعرب. بل اعتبروهم <<جماعات هامشية لا كيان لها>>(11). وقد كان تصريح بلفور نموذجا صهيونيا في نصه على إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين وعدم إيراد المواطنين العرب باسمهم بل نص على أنهم <<طوائف عير يهودية>> أي كأنهم أقلية هامشية لا هوية لها وكيان إلا من خلال تعريفها بغير اليهود.

ثمة محاولة واضحة إذن لحرمان عرب فلسطين من الوجود والهوية, باعتبار أن هدف الصهيونية بإقامة دولة لليهود في فلسطين, كان يتعلق بإحلال عنصر بشري في الرقعة المعينة وتهجير السكان الأصليين, أو غالبيتهم العظمى, ومن ثم فإن تحويل البلاد إلى وطن يهودي بمكوناته وهويته, يعد العمود الفقري للمشروع الصهيوني. ومن اليسير جمع عدد هائل من الأقوال والمواقف الصهيونية التي أفصحت عن هذا الهدف بوضوح تام. ولكن يكفي هنا إيرادات عبارة لحاييم وايزمن شدد عليها في مؤتمر الصلح بباريس (1919) بقوله <<إن هدف الصهيونية يتخلص بتحويل فلسطين إلى دولة يهودية تماما بقدر ما هي إنجلترا إنجليزية. وأن اليهود الذين هاجروا إلى فلسطين ذهبوا إليها لتكوين أمة يهودية لا أن يصبحوا كالآخرين >> ولم يتردد وايزمن في الإعلان عن أن اليهود سوف يستولون على فلسطين(12).

و اتضح للجنة كينغـ كراين أن الهدف الصهيوني الأول هو تحقيق هذا الاستيلاء. وذكرت اللجنة في تقريرها عن شهادات الممثلين اليهود أن الصهيونيين يتطلعون إلى تجريد السكان غير اليهود تجريدا تاما من ممتلكاتهم(13). ولعل ما يفسر الرفض الصهيوني الدائم للتوصل إلى تسويات سلمية مع العرب هو الخشية من عدم إنجاز ذلك الهدف. وشدد الصهيونيون منذ البداية على أنه لا يمكن تحقيق الدولة اليهودية إلا بالحرب. وبعد ذلك لن يسمح لأي عربي بالبقاء فيها إذا لم يسلم بوجودها. وفي التطبيق العملي. جاءت نتائج الممارسات الصهيونية لتؤكد أن تهويد فلسطين يعني,دون أي غموض. طرد العرب منها وتشريدهم وتغيير المحتوى السكاني/الاجتماعي للبلاد. بإحضار المهاجرين من شتى بقاع الأرض, تبطيقا للمخطط الصهيوني الذي كرست له الصهيونية قواها الذاتية والتحالفية.

وتعج الوثائق التي تؤرخ الصهيونية بالخطط والتصورات المبكرة الخاصة بتهجير العرب من فلسطين. ومن النماذج التي ظهرت الخاصة بتهجير العرب من فلسطين. ومن النماذج التي ظهرت قبل قيام إسرائيل(1948) مايلي: (14)

- الحاخام الكالعي والحاخام كاليشر, وهرتزل(مؤسس الصهيونية السياسية): دعوات إقامة الدولة اليهودية الخالصة.

- روتشليد (الممول الكبير): ترحيل السكان الفلسطينيين إلى العراق.

- نورداو (كاتب وطبيب): عدم الاكتراث بوجود العرب والإصرار على ارتكاب الظلم.

- زنجويل (زعيم تيار الصهيونية العملية): طرد العرب بحد السيف.

- بوكميل (خبير قانوني): نقل العرب من فلسطين إلى سورية والعراق.

- موتسكين (عضو الإدارة الصهيونية): طرد العرب وتوطينهم في الدول المجاورة.

- سيركين (من زعماء التيار الاشتراكي الصهيوني): إخلاء العرب وترك البلاد لليهود.

- روبين (رئيس شركة تطوير فلسطين): ترحيل الفلاحين إلى شمالي سورية.

- أهرونسون (مهندس زراعي ورئيس شبكة تجسس لاحقا): المزج بين الإكراه والإقناع في ترحيل العرب من البلاد.

- أوسيشكين (زعيم أحباء صهيون في روسيا): الهدف الصهيوني (أنبل) من وجود العرب في البلاد, وطرد العرب قسرا وتهجير اليهود إلى فلسطين.

- وايزمن (الزعيم الصهيوني المشهور): الترحيل إلى شرقي الأردن والعراق.

- جابوتنسكي ( زعيم الجناح الصهيوني التعديلي): جدار حديدي لفرض الأكثرية اليهودية في البلاد.

- بن غويرون ( الذي صار أول رئيس حكومة لإسرائيل): طرد العرب وأخذ مكانهم.

- سوسكين (خبير زراعي هاجر من روسيا): الترحيل القسري للعرب ضرورة لقيام الدولة اليهودية.

- أتينجر (مهندس زراعي هاجر من روسيا): شراء الأراضي في شمالي سورية والعراق ونقل العرب إليها.

- يوسف فايتس (رئيس دائرة في الصندوق القومي اليهودي): تهجير العرب جميعهم إلى العراق وشمالي سورية.

- إدوار نورمان (مليونير يهودي أمريكي): العراق هي المكان الأفضل للمهجرين من فلسطين.

- مؤتمر عمال صهيون: (زوريخ 1937): طرح فكرة الترحيل كموضوع رئيسي للمؤتمر مع التوصية العشرون ( زوريخ 1937): الإصرار على تحويل فلسطين بكاملها إلى دولة يهودية خالصة.

- اللجنة التنفيذية للوكالة اليهودية(1937): بحث سبل تنفيذ الترحيل, وتشكيل <<لجنة ترحيل السكان>> برئاسة مؤشي شرتوك(رئيس الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية) لغايات تخطيط تنفيذ عملية الترحيل.

- مؤتمر الصهيونيين الأمريكيين (بلتيمور 1942): رفض فكرة الدولة ثنائية القومية والعمل على تحويل البلاد إلى دولة يهودية.

- تكفي هذه العينات المختصرة لدلالة على الارتباط الوثيق بين التوجه العام للحركة الصهيونية والتطبيق العملي لمخطط تهجير العرب من البلاد. الذي نفذت المرحلة الأولى منه بقيام دولة إسرائيل(عام1948) وطرد نحو 800 ألف عربي من وطنهم, ورفض عودتهم, خلافا لكل القوانين والقرارات الدولية. ويبين استعراض الموقف الإسرائيلي الرافض لحق عودة اللاجئين إلى ديارهمـ منذ تهجيرهم حتى يومنا هذاـ أن أي تسوية بين إسرائيل والفلسطينيين سينسحب عليها هذا الرفض, خاصة في ظل اختلال ميزان القوى بالمضامين المادية والعملية لصالح الطرف الإسرائيلي.

ثالثا: الأساليب المتبعة تمهيدا لطرد العرب من فلسطين قبل قيام إسرائيل:

تضمنت العمليات التمهيدية لتهويد فلسطين وطرد العرب منها القيام بأربعة اقتحامات(= غزوات) صهيونية هي:

- اقتحام الأرض: حيث فتح الباب أمام تسرب الأراضي إلى الصهيونيين, سواء بصورة مباشرة أم عن طريق القناصل والمواطنين الأوروبيين في البلاد, وذلك بعد القانون الصادر عن الآستانة عام 1869 المسمى (نظام استملاك التبعة الأجنبية للأملاك) وقد تفاقمت حالة تسرب الأراضي منذ البدايات الأولى للانتداب البريطاني, خاصة بعد صدور قانون نزع ملكية الأراضي (1926). وكانت سلطات الانتداب تسهل عملية انتقال الأراضي إلى الصهيونيين. وثمة ما يستدعي التركيز على أن الفلاحين الفلسطينيين لم يفرطوا بأراضيهم, وكانوا ضحية تسرب الأراضي التي يعتاشون من العمل فيها إلى المؤسسات والجهات الصهيونية. وكان تسرب الأراضي إلى الصهيونيين متيسرا لأسباب متعددة. منها: (15)

- رشوة الولاة العثمانيين و المسؤولين البريطانيين بعدهم, لتسهيل انتقال الأراضي لليهود.

- دفع مبالغ باهظة مغرية لقاء الأراضي المشتراة.

- طرح أراضي الفلاحين العاجزين عن دفع الضرائب بالمزاد العلني.

- التفاهم والعلاقات السرية بين اليهود ورموز العائلات التي تورطت في بيع الأراضي.

- إتباع أساليب التحايل والخداع والطرق الملتوية في الحصول على الأراضي.

اقتحام العمل: بتطبيق شعار <<العمل العبري>> الذي برع في ترويجه أهرون دافيد غوردن وجوزيف برينر وتسفي بن شوشان وجوزيف فيتكين وغيرهم. وقد رأى هؤلاء أن هذا الشعار من شأنه أن يوثق صلة اليهود بالأرض والطبيعة ويخلصهم من التشوه الذي لحق بهم في المنفى. وذهبوا إلى أن الشيء الآمن الوحيد لليهود هو العمل في البلاد, وأن اقتحام العمل يرتبط كليا باقتحام الأرض وبناء المرتكزات المادية للكيان الصهيوني(16).

ـ اقتحام الإنتاج: بتحويل المستوطنين اليهود إلى متجهين, وفرض ما يشبه الحصار على المستعمرات كي تستهلك ما تنتجه وتصدير الفائض إلى السوق العربية. وترافق ذلك مع العودة إلى مقاطعة الأيدي العاملة والمنتجات العربية. والسعي لتحويل العرب إلى مستهلكين, تمهيدا لإمكانية التخلص منهم بذريعة عدم قدرتهم على الإنتاج. وقد ساهمت هذه العملية في زيادة الإنتاج اليهودي. خاصة في ظل توظيف الأموال التي كانت تتدفق على المستعمرات والتوسع في استخدام الأراضي العربية التي حصل عليها الصهيونيون.

اقتحام الحراسة: عبر توفير قوى الحماية اليهودية للمستعمرات والأراضي باسم هاشومير(=الحراس) التي سرعان ما تحولت إلى جماعات إرهابية ذات طابع مزدوج زراعيـ عسكري. حتى تترجم الرواية الصهيونية نفسها إلى واقع, فكانت هذه الجماعات هي النوى الأولى لوحدات الهاغاناه التي شكلت الأداة العسكرية الرئيسية لإنشاء الدولة الصهيونية وتهويد فلسطين(17).

جرت هذه الاقتحامات الأربعة في ظروف عامة كانت تمر البلاد أسهمت بدورها في إنجاز خطوات مديدة على طريق التهويد. فبعد الحكم التركي جاءت حكومة انتدابية مهمتها تنفيذ وعد بلفور, فرعت الوليد الصهيوني وفتحت أبواب الهجرة أمام اليهود, وفصلت فلسطين عن عمقها الجغرافي السوري ورفضت إعطاء الحكم الذاتي لعرب فلسطين. ومع انتهاء الانتداب كشف الواقع عن نفسه بوجه كارثي, حيث وصل عدد المستوطنين اليهود في البلاد إلى نحو 700 ألف يهودي, مقابل نحو 1,4 مليون عربي. وبإقامة إسرائيل, بلغت عملية تهويد فلسطين إحدى ذراها. باستخدام القوة العسكرية وبممارسة لا محدودة لمختلف أساليب العنف والإرهاب في مواجهة غير متكافئة مع عرب فلسطين.

رابعا: استراتيجية الإرهاب والترانسفير الصهيونية وعملية تهجير العرب من فلسطين:

قبل نحو ستة أشهر من إعلان قيام إسرائيل, دعا بن غوريون إلى تطبيق استراتيجية عدوانية في المعركة الدائرة والمتصاعدة في فلسطين, قائلا: << كل هجوم يجب أن يكون ضربة قاضية تؤدي إلى تدمير البيوت وطرد سكانها>> (18).

- الخطة <<دالت>> (د):

انتهت الهاغاناه في صيف 1947 من بلورة <<الخطة دالت>> التي تعود خطوطها الأولى إلى العام 1942, ووضعت الخطة موضع التطبيق في آذار 1948. كان هذه الخطة تقضي بالاستيلاء على النقاط الرئيسية في البلاد وعلى الطرق قبل رحيل البريطانيين. أما الأسس السياسية\ الاستراتيجية لها فكانت تقضي بتوسيع الدولة اليهودية إلى أبعد من حدود التقسيم 1947 وبنسف وحرق وتدمير القرى العربية وطرد السكان العرب المحليين إلى خارج الحدود (19). وفي شهر نيسان 1948. بدأت الهاغاناه تنتهج بموجب <<الخطة دالت>> استراتيجية هجومية اشتملت على احتلال قرى عربية والتمركز فيها, وتدمير قرى أخرى وزرع ألغام بين أنقاضها بهدف منع عودة العرب إليها. وصدرت توجيهات لوحدات الهاغاناه بأن يطال التدمير جميع القرى أو المناطق العربية. سواء كانت تقوم بأعمال عدائية ضد اليهود أم من المحتمل (!!) أن تشارك في أعمال كهذه مستقبلا وبهذا الأسلوب تم خلال الفترة الواقعة بين آذار وأيار 1948 تدمير تجمعات عربية عديدة في مناطق مختلفة بين البلاد, كل حسب ظروفها ووضعها على الصعيد العسكري ومستوى المقاومة العربية فيها وطبوغرافيتها.

الإرهاب الصهيوني كوسيلة لطرد العرب

لجأت العصابات الصهيونية إلى ارتكاب المجازر ومختلف الأعمال الإرهابية لتفريغ فلسطين من مواطنيها العرب, وكانت مذابح نظمتها هذه العصابات, بلغ عدد ضحاياها 254 فلسطينيا من شيوخ ونساء وأطفال.وهناك مجزرتان أخريان لا تقلان وحشية عنها. هما: مجزرتا الدوايمة قضاء الخليل, ومذبحة اللد. ووصل عدد المجازر الأخرى التي نفذتها العصابات الصهيونية نحو 25 مجزرة. منها: مذبحة سلمة (في 1/3) مذبحة بيار عدس(في 6/3), مذبحة القسطل(في 4/4). مذبحة سعسع (في 16/4). مذبحة طبرية ومذبحة سريس(في 17/4), مذبحة حيفا( في 20/4). والقدس (في 25/4). ويافا (في 26/4), ومجزرة عكا(في 27/4) ومذبحة صفد (في 7/5) وبيسان ( في 9/5) (20).

خامسا: قيام إسرائيل ومنع اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى أرضهم:

استغل الصهيونيون ظروف الحرب. وقاموا بأعمال همجية قل نظيرها, استهدفت تصفية التجمعات والمباني السكنية العربية. وقد جاء تدمير القرى أو غالبيتها العظمى نتيجة لعملية منظمة من قبل الهاغاناه. باستخدام المواد المتفجرة و الجرافات. سواء على أيدي الوحدات العسكرية اليهودية الخاصة أم من قبل سكان المستعمرات اليهودية. ومنذ كانون الأول/ ديسمبر 1947 صارت سياسة نسف البيوت العربية أو تدمير أجزاء كاملة من قرى عربية تشكل عنصرا رئيسيا في العمليات التي تنفذها الهاغاناه. وفي شهر أيار 1948. بدأت تتبلور لدى الزعامة الصهيونية سياسة تهدف إلى عدم تمكين العرب المهجرين من العودة إلى ديارهم. وسرعان ما أدركت هذه الزعامة بأن تدمير القرى العربية هو أنجح وسيلة لتحقيق هذا الهدف. وجرى إحراق المزروعات العائدة للمهجرين لعزلهم عن أرضيهم حسيا ونفسيا, ومنع هؤلاء من جني الحقول القريبة من خطوط الجبهة كوسيلة لمنع عودتهم وكانت القوات الصهيونية تطلق النار على العرب الذين يحاولون جني محاصيلهم, واستمرت بحرق الحقول العربية التي لم يكن بالإمكان جنيها من قبل اليهود. وفي النصف الثاني من العام 1948, واصلت هذه القوات سياسة تدمير القرى العربية تحت رعاية بن غوريون.إما لدوافع عسكرية فورية أو لدوافع سياسة بعيدة المدى. كانت أقلية في الكيبوتسات والإدارة تحتج على هذه السياسة. بينما أيدت الغالبية العظمى سياسة التدمير قرى عربية قريبة منهم اسحق جفيرتس(عضو كبيوتس سفايم وضابط استخبارات في الهاغاناه ومسؤول عن إدارة أملاك الغائبين في وازرة المالية لاحقا) الذي أعد مذكرة جاء فيها:<<لماذا نقوم بهذا التدمير الشامل وبدون تمييز, ألم يكن من الأفضل لو أنهم قبل التدمير يفككون الأبواب والأقفال وغير ذلك من الأشياء المفيدة>> وبعد أن طرح موضوع تدمير القرى في جلسات الحكومة خمس مرات في النصف الثاني من حزيران 1948. أدى الضغط المتزايد ضد هذه السياسة إلى إصدار أمر من قبل الأركان العامة للجيش الإسرائيلي في 6/7/1948 يقضي بمنع تدمير أو حرق أو تخريب قرى عربية بدون سلطة خاصة أو أمر صريح من قبل وزير الدفاع. وذلك بعد أن تمكن الصهيونيون من تدمير عشرات القرى العربية في مختلف أنحاء البلاد. وأثمرت جهود المعارضين لسياسة هدم القرى العربية عن تعيين وصي على هذه الإجراءات لم تستطع إيقاف عملية التدمير والسلب والنهب التي يقوم بها المدنيون اليهود أو وحدات الجيش على حد سواء(1 2).

مع قدوم المزيد من المهاجرين اليهود, برز تناقض بين سياسة تدمير القرى العربية وبين الحاجة إلى إسكان هؤلاء المهاجرين, لذا تم استخدام ما تبقى من البيوت العربية بدلا من تدميرها. وذلك في إطار سياسة رسمها بن غوريون تتضمن توطين القرى العربية المهجورة باليهود, والاستيطان في المناطق التي يقل فيها عدد اليهود (مثل الجليل الأعلى وممر القدس). تجول ليفي أشكول (رئيس قسم الاستيطان في الوكالة اليهودية) في القرى العربية المهجرة أو المحتلة. واتصل بالحركات الاستيطانية وبسلاح الهندسة في الجيش وبدأت إجراءات تحويل ما يزيد عن 45 قرية متروكة إلى مستعمرات لليهود. واستغلت أراضيها من قبل هذه المستعمرات (22).

كانت مساحة الأراضي الزراعية التي اغتصبها الصهيونيون نحو 3,25 مليون دونم, منها 80 ألف دونم بيارات حمضيات و200 ألف دونم بساتين فواكه وبلغ عدد المباني التي استولوا عليها في المدن العربية 25416 بناية, شملت 55497 شقة و 10727 مشغلا ومؤسسة (23). أضف إلى ذلك القيام بالنهب الجماعي للممتلكات العربية حيث دخل الجنود والمستوطنون القرى والمدن التي احتلوها, وسرقوا كل ما تطاله أيديهم من أدوات الجيش الإسرائيلي من اللد وحدها قرابة 1800 شاحنة محملة بالممتلكات (24). وكانت عمليات النهب هذه تدل على المستوى اللأخلاقي الوضيع الذي نشأ عليه الصهيونيون.

باختصار وكما تقول فريدا أتلي في كتابها <<العالم العربي>> فقد نهبت إسرائيل كل شيء لعرب فلسطين وانتزعت ملكيته. صادرت أملاك الذين نزحوا واغتصبت أملاك الذين بقوا في البلاد (25). ومنذ ذلك الحين. راحت إسرائيل تؤكد ـ كما ورد في مذكرة رفعتها إلى اللجنة الفنية المنبثقة عن مؤتمر لوزان ـ أن عقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء, بمعنى آخر أن عودة اللاجئين إلى أماكنهم السكنية أمر مستحيل. وأوضحت إسرائيل أن المنازل والمزارع وأماكن العمل العربية قد اختفت عمليا (26). وبذلك جعلت الإحلال اليهودي القسري محل العرب أمرا واقعا مفروضا بالقوة الغاشمة تطبيقا للتوجهات والمخططات التي كان يضعها الصهيونيون بشأن تهجير العرب من البلاد. وتحويلها إلى دولة لليهود.

سادسا: محصلة عملية تهجير العرب من فلسطين:

أسفرت نكبة فلسطين عن احتلال نحو 80% من البلاد وعن تدمير مئات التجمعات السكنية العربية وطرد مئات الآلاف من المواطنين العرب. وتتباين المعلومات عن عدد القرى العربية التي دمرت في حرب 1948 وبعدها, ومن بين عشرات المصادر المعتبرة أورد سجل <<التدمير الجماعي للقرى الفلسطينية>> قائمة تضمنت 472 قرية, بلغ عدد سكانها (حسب إحصاء 1945) نحو 338424 نسمة, وبلغ عدد سكانها ( حسب إحصاء 1945) نحو 338424 نسمة وبلغ عدد بيوتها نحو 70288 بيتا(27).

وتضمن (سجل النكبة 1948) قائمتين وردتا في كتاب <<طرد الفلسطينيين>> لبني موريس و <<كي لا ننسى>> لوليد الخالدي, وأضاف إليهما القبائل البدوية في قضاء بئر السبع ( التي توازي في عدد سكانها 125 قرية) بالإضافة إلى قرى أخرى. وبلغ مجموع ما ورد في <<السجل>> 531 محلة مكونة من 13 مدينة و 419 قرية و99 قبيلة, وهذا أكبر عدد للتجمعات المدمرة تم تسجيله للنكبة. وبلغ مجموع عدد المهجرين الفلسطينيين حسب <<السجل>> 804766 فلسطينيا. ويتوزع مجموع عدد التجمعات المهجرة( وعدد سكان كل منهما)حسب الأقضية, كما يلي:عكا30 (47038) ـ الرملة 64 (97405) – بيسان (19602) ـ بئر السبع 88 (90507) ـ غزة 46 (79947) ـ حيفا 95 (121196) ـ الخليل 16 (22991) ـ يافا 25 (123227) ـ القدس39 (97950) ـ جنين 6 (4005) ـ الناصرة 5 (8746) ـ صفد 87 (52248) ـ طبرية 26 (28872) ـ طولكرم 18 (11032). وهذا يعني أن 85% من أهالي الأراضي التي أقيمت عليها إسرائيل أصبحوا لاجئين(28).

في حزيران 1948. أصدرت الحكومة الصهيونية لائحة خاصة بالمناطق المهجورة. وعرفتها بأنها <<المناطق التي تم فتحها على يد القوات المسلحة اليهودية أو التي سلمت إليها. والتي هجرها سكانها جزئيا أو كليا>>. واعتبرت اللائحة أن الممتلكات العائدة لهؤلاء هي ممتلكات متروكة. وأعطت الحكومة نفسها الحق بإعلان أي منطقة بأنها مهجورة. وعهدت لوزير المالية تنفيذ أحكام الاستيلاء عليها (29). واستكمالا للاستيلاء على الأراضي العربية. صدرت في أوقات متفرقة عشرات القوانين والقرارات واللوائح والتعليمات التي كان هدفها تشديد القبضة الصهيونية على الأراضي والأملاك العربية في البلاد.

سابعا: الرواية الإسرائيلية لأسباب مشكلة اللاجئين الفلسطينيين:

ادعت إسرائيل بأن العرب قد خلقوا مشكلة اللاجئين عندما بدؤوا الحرب. وأن إسرائيل غير مسؤولة عن ذلك بأي شكل. ومن الملاحظ أن الرواية الرسمية الإسرائيلية لحرب 1948, تحدثت عن تدمير القرى حسب <<الخطة دالت>> من زاوية اعتبارها قواعد للقوى العربية المسلحة التي كان تبدي مقاومة. فيتم إبادتها وطرد السكان إلى خارج حدود الدولة(30).

أما إيغال يادين (رئيس العمليات في الأركان عام 1948 ورئيس الأركان عام 1948 ورئيس الأركان الإسرائيلي الثاني) فقد أبرز أساليب <<خطة دالت>> التي رسمت لتنفيذ أوامر بن غوريون بتدمير القرى العربية المجاورة للمستعمرات اليهودية وطرد سكانها منها. وكذلك السيطرة على الشرايين الرئيسية للمواصلات التي تعتبر حيوية لليهود وتدمير القرى الفلسطينية الواقعة قربها (31). انجلى غبار حرب اغتصاب فلسطين عن معطيات نكبة لا نظير لها في التاريخ العربي الحديث. وتعددت الأرقام التي نشرت عن حجم التهجير الذي تعرض له عرب فلسطين. فكانت تتراوح بين 700 إلى 800 ألف نسمة. ووصل العدد في بعض المصادر إلى مليون نسمة. وكثرت الأوصاف والتبريرات التي أعطيت لهذا الأمر. من قبل الجانب الإسرائيلي. وقد جرى تداول كلمات مثل: خروج ـ هروب ـ مغادرة ـ رحيلـ نزوح ـ .. الخ بينما سعى الصهيونيون إلى خنق أي تعبير آخر مثل: طرد ـ تهجير ـ اقتلاع ـ تشريد ـ إجلاء ـ ... الخ. وكان التفسير الصهيوني لعملية التهجير يكرر القول إن ملوك الدول العربية ورؤساءها وحكامها وقادة الشعب الفلسطيني هم الذين أوعزوا للسكان العرب أو طلبوا منهم أو حتى أمروهم بترك قراهم ومدنهم, ووصل الادعاء إلى درجة الزعم بأن هذه الأوامر أذيعت على الهواء من محطات الإذاعة في الدول العربية تناشد السكان العرب بترك قراهم والنزوح إلى أماكن آمنة في فلسطين أو الدول العربية(32).

وعلى امتداد السنوات اللاحقة ظلت إسرائيل تنكر تسببها بذلك التهجير, وتفرض سرية تامة على مداولات الحكومة حول طرد الفلسطينيين خلال حرب 1948. وعلى الفظاعات التي ارتكبها الصهيونيون لتهجير العرب من قراهم. ففي العام 1995 مثلا نشرت محاضر اجتماعات الحكومة الصهيونية المؤقتة(10/5/ 1948 ـ نيسان 1949) وكان 95% من النصوص التي حظر نشرها تتعلق بجرائم ارتكبها الجنود الصهاينة ضد السكان العرب وإجراءات طرد فعلية(33). وغني عن البيان أن الحكومة الصيونية كانت توظف أعمال الإرهاب والطرد لإنجاز هدف استراتيجي عام هو تفريغ البلاد من سكانها العرب كضرورة لتهويدها.

لم تستطع هذه الأضاليل طمس الحقائق. وقد بنت دراسات مبكرة لباحثين كبار الكذب المتعمد في الرواية الصهيونية. ومن النماذج التي يمكن التوقف عندها في تحديد هذه الأسباب دراسة للكاتب والصحفي البريطاني تيرانس برتي, الذي عمل في صحيفة الغاريان, يبين فيها أسبابا متعددة لما أسماه <<فرار العرب>> من فلسطين هي: (34)

- إجبار عدد قليل من اللاجئين خلال فترة الصراع على مغادرة منازلهم.

- غادر عدد قليل أيضا لسماعهم بما يقوم به اليهود من أعمال عنف( ومنها بشك رئيس مذبحة دير ياسين).

- غادر كثيرون لإيمانهم بالحملة الدعائية العربية الواعدة بحمام من الدم وتصورهم أن اليهود إذا ما انتصروا فسوف يعاملونهم بالطريقة ذاتها.

- غادر كثيرون لأن القادة خرجوا أولا ولم يفعلوا شيئا لوقف الهجرة الضخمة.

- غادر بعضهم في المراحل المبكرة لاعتقادهم أن عليهم الحفاظ على الصراع. وأن ذلك سيمكنهم من العودة بعد فترة طويلة لدى انتهاء الحرب بالانتصار العربي المظفر.

ثامنا: تقديرات المؤرخين الجدد في إسرائيل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين:

ينشط في إسرائيل تيار يقوم بدراسة ما جرى عام 1948 وسياقه. هو تيار <<المؤرخين الجدد>> الذين يعيون النظر في الرواية الرسمية الإسرائيلية, التي وردت في كتب الهاغاناه والبالماخ وقسم التاريخ في الأركان العامة للجيش الإسرائيلي. ومن أشهر المنتمين إلى ذلك التيار شبتاي طيفت ( مؤلف بن غوريون وعرب أرض إسرائيل) وآفي شلايم (مؤلف مؤامرة على الأردن, الجدار الحديدي) وإيلان بابه(مؤلف بريطانيا والنزاع الإسرائيلي – العربي) ويوسي أميتان (مؤلف إخاء الشعوب تحت الاختبار حزب مبام ومواقفه) وبني موريس (مؤلف نشوء مشكلة اللاجئين الفلسطينيين) وأوري ميلشتاين (مؤلف: تاريخ حرب الاستقلال) وأمنون راز وإيال نافيه... وغيرهم. لقد قام هؤلاء بنقد الرواية الرسمية الصهيونية, وتنفيذ ادعاءاتها وبيان لأسباب التي أدت هجرة الفلسطينيين. إلا أنها قدمت مؤشرات على التخرصات الصهيونية بشأن أسباب الخروج الفلسطيني.

من أبرز العينات التي نشرها المؤرخون الجدد حول مشكلة اللاجئين, دراسة للمؤرخ الإسرائيلي بني موريس مطلع العام 1986. اعتمد فيها على وثيقة أعدها فرع الاستخبارات في وزارة الدفاع بتكليف من بن غوريون (رئيس الحكومة وزير الدفاع) أو إيجال يادين(رئيس الأركان). عن الفترة من 1\2\1947 إلى 1/6/1948 كانت العوامل التي أوردتها الوثيقة لرحيل العرب, هي: (35)

- العمليات العسكرية للهاغاناه على القرى والمدن العربية (مباشرة أو على مواقع مجاورة) أسهمت بنحو 55% من النزوح.

- العمليات العسكرية للقوات اليهودية المنشقة (أرغون وليحي) والتي يقدر تأثيرها بنحو 15%.

- اعتبار محلية وخوف من المستقبل :(20%)

- الأوامر من المؤسسات العربية وغير الرسمية : 2%

- حملات الهمس اليهودية (الحرب النفسية):2%

- أوامر مباشرة بالرحيل من قبل القوات الإسرائيلية: 2%

- الخوف من انتقام اليهود بعد هجوم العرب على مواقع يهودية: 1%

- ظهور قوات عربية غير نظامية من خارج القرى العربية: 1%

- الخوف من هجوم الجيوش العربية النظامية: 1%

- القرى العربية المعزولة وسط منطقة يهودية: 1%

يوحي التطويل الصهيوني لقائمة أسباب الخروج الفلسطيني بوجود رغبة مضمرة للتقليل من أثر الأعمال الإرهابية الصهيونية التي كانت تتم بموجب خطط وتصورات مسبقة وبأوامر رسمية من المسؤولين للصهاينة في النطاقين الحكومي والعسكري. وهي رغبة مرتبطة بالتنصل من المسؤولية الصهيونية عن تهجير العرب من فلسطين, واعتبار الأمر مجرد نتيجة لحرب بين طرفين لا علاقة مباشرة لإسرائيل لها. ونشير هنا إلى أن إسرائيل تحاول توظيف تيار <<المؤرخين الجدد>> في خدمة تسويق صورة جديدة لها في المنطقة, خاصة في هذه الظروف التي يجري فيها البحث عن السلام والتطبيع مع الدول العربية, عبر إظهارها بصورة الدولة التي تعترف بأخطاء الماضي لكن الواقع الجديد لا يسمح لها بتصحيح هذه الأخطاء بشكل مترافق مع دعوة إلى نسيان الماضي, وفتح صفحة جديدة. إنهم يحلمون باستجابات عربية, ويسعون إلى اجتثاث الحقائق الراسخة في الذاكرة العربية.

الخاتمة:

اتسمت عملية تهويد فلسطين من ظهورها كفكرة, بالانسجام الذاتي, وبالقدرة على تغيير الظروف. ويتجلى هذان الأمران في الترابط القائم بين التوجهات الاستعمارية إزاء المنطقة العربية والإنشاءات الصهيونية( اليهودية وغير اليهودية) واعتبارات وقوع الاختيار على اليهود ليكونوا مادة للمشروع الصهيوني, وفي الترابط بين كل ما تقدم والمقتضيات التمهيدية لهذا المشروع. مرورا بحشر العرب في زاوية الاعتذاريات الصهيونية. وصولا إلى الحصرية اليهودية للدولة وفرض هذه الحصرية بالقوة. وفي ترابط كهذا, تمت المزاوجة بين النوايا والأفعال الإرادية. على النحو الذي كرس في فلسطين وصار أمرا واقعا.

يجدر التأكيد هنا على أن تخصيص فلسطين كوطن <<قومي>> لليهود هو جزء من خطة سايكس ـ بيكو البريطانية الفرنسية المصممة ضد الوطن العربي, وذلك ضمن قيام الرأسماليات الغريبة في حقبة الإمبريالية العالم من جديد طبقا لقوة كل واحدة منها. ولذلك, لم يكن الهدف هو احتلال فلسطين بمعزل عن الوطن العربي. بل كان احتلال فلسطين يقود إلى خلق قاعدة للهجوم على حركة التحرر الوطني العربية.

تتمثل الأسباب الرئيسية لحدوث مشكلة اللاجئين بممارسة الصهيونية عملية الاقتلاع الجماعي بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان. ففي أثناء حرب 1948. اقتلع الفلسطينيين بالآلاف على أيدي الميليشيات الصهيونية. وبعد تأسيس الدولة اليهودية اقتلع الآلاف على أيدي القوات الإسرائيلية وذلك من خلال مجموعة من السياسات التي تنتهك أبسط مبادئ القانون الدولي. وهذه السياسات تشمل هجمات عسكرية مباشرة على المدنيين ( الأماكن المأهولة بالمدنيين), ارتكاب المجازر, النهب والسلب, تدمير الممتلكات (تدمير قرى بأكملها) والتهجير القسري للسكان. وواصلت سياستها في التهجير والاقتلاع حتى بعد توقيع اتفاقية الهدنة في عام 1949.

وفي إطار المحاولات الصهيونية المستميتة لطمس الحقائق ولتسويق الأضاليل حول مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وأسبابها, ادعى الصهيونيون دائما أن ما حدث سنة 1948 هو أن الزعماء العرب طلبوا من الفلسطينيين مغادرة قراهم ومدنهم مؤقتا. ريثما تقوم الجيوش العربية بالقضاء على الدولة اليهودية الوليدة. فاستجاب عدد كبير من الفلسطينيين لهذا الطلب. وخرجوا بمحض إرادتهم, ظانين أنهم سيعودون إلى بيوتهم بعد فترة وجيزة, وبعد أن أخفقت الجيوش العربية في مهمتها, طالت فترة الانتظار حتى أصبح الفلسطينيين لاجئين.. لكن المزاعم الصهيونية سقطت بفعل الحقائق الدامغة. وضمنا الوثائق وبعض معلومات المؤرخين الإسرائيليين الجدد التي تستند إلى المحفوظات الصهيونية. التي نشرت لاحقا وأكدت بطلان هذه المزاعم.



المصادر والمراجع:



ـــــــــــــــ


1) إبراهيم عبد الكريم تهويد الأرض وأسماء المعالم الفلسطينية... دراسة ودليل إتحاد الكتاب العربي. دمشق 2001 ص14.

2) المصدر ذاته ص 15

3)المصدر ذاته ص 17

4) ـ Paris: jam Jacques pervert editor, liberties) Pierre Demeron ,contre Israel

Nouvelles)1968, ,pp 85 86.

5) فيريلوفسكي. من الفكر الصهيوني المعاصر. مركز الأبحاث الفلسطيني. بيروت 1986, ص28.

6) عبد الوهاب المسيري <<الإيديولوجية الصهيونية>> القسم الأول, عالم المعرفة, العدد 60 الكويت, المجلس الوطني للثقافة والفنون الآداب, كانون الأول 1982. ص 3.2.

7) إداورد سعيد. الصهيونية حركة عنصرية, المؤسسة العربية للدراسات والنشر, بيروت, 1979,ص 134.

8) تيودور هرتسل, مديناه هيهوديم دولة اليهود (باللغة العبرية). قسم الشباب في الهستدروت الصهيوني, تل أبيب,1956,ص20.

9) بولس حنا مسعد. همجية التعاليم الصهيونية. دار الكتاب العربي, بيروت,1967, ص 139.

10) إسرائيل شاحاك, من الأرشيف الصهيوني. مركز الأبحاث الفلسطيني بيروت.1975 ص 54.

11) نور الدين مصالحة. أرض أكثر وعرب أقل. مؤسسة الدراسات الفلسطينية.بيروت 1997.ص 79.

12) (London: Hamish Hamilton Chaim Weizmann,Trial and Error, )1949,p.224 .

13) J.C . Hurewiz,Dipiomann,tria and Error, ( New york : D van noster (and comp

1956,vol.2,p.v.

14) إبراهيم عبد الكريم <<تهجير العرب من فلسطين في التفكير الصهيوني في 1948>> مجلة الأرض.

السنة 10. العدد 6. دمشق القسم الأول. حزيران 1992.ص 33ـ3. العدد 7ـ القسم الثاني.تموز 1992.ص 3ـ25.

15) محمد سلامة النحال. سياسة الانتداب البريطاني حول أراضي فلسطين العربية الطبعة الثانية. منشورات فلسطين المحتلة. بيروت. 1981.ص53 وما بعدها.

16) صبري جريس. تاريخ الصهيونية. الجزء الأول. مركز الأبحاث الفلسطيني بيروت,1977. ص 433.

17) حسين طنطاوي الصهيونية والعنف... الفلسفة والاستراتيجية.دار المسيرة. بيروت1977.ص 433.

18)ميخائيل بالومبو. كيف طرد الفلسطينيون من ديارهم عام 1948. دار الحمراء بيروت 1990.ص 48.

19) نور الدين مصالحة. طرد الفلسطينيين... مفهوم الترانسفير في الفكر والتخطيط الصهيونيين.

1882ـ1948 مؤسسة الدراسات الفلسطينية. بيروت . 1992.ص166.

20) ملف النكبة: أسباب اللجوء. السلطة الوطنية الفلسطينية. الهيئة العامة للاستعلامات. مركز المعلومات الوطني الفلسطيني 2005. http://www.pnic.gov.ps

21) بني موريس.طرد الفلسطينيين وولادة مشكلة اللاجئين.دار الجليل للدراسات والأبحاث الفلسطينية.عمان,1993,ص 152ـ163.

22) المصدر ذاته ص 175ـ170.

23) بني موريس, يوم الأرض في فلسطين المحتلة, مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية دمشق,1976, ص17.

24) توسم سيغف. الإسرائيليون الأوائل. ترجمة خالد عايد وآخرون. مؤسسة الدراسات الفلسطينية. بيروت, 1986,ص 84-92.

25) فلاح خالد علي. الحرب العربية الإسرائيلية 1949, 1948 وتأسيس إسرائيل المؤسس العربية للدراسات والنشر, بيروت,1982,ص362.

26) ميخائيل بالومبو. كيف طرد الفلسطينيون من ديارهم عام 1948. مرجع سابق ص 171.

27) عبد الجواد صالح ووليد مصطفى. التدمير الجماعي للقرى الفلسطينية والاستعمار الاستيطاني الصهيوني خلال مائة عام (1882ـ1982). مركز القدس للدراسات الإنمائية. لندن 1987. ص 31.

28) سلمان أبو ستة. سجل النكبة 1948, مركز العودة الفلسطيني,لندن 1999, ص9. وما بعدها.

29) Laws of the state of Israel, published by the government printe vol.1(1948,.. 5708),p 25 ـ

30) حرب فلسطين 1947ـ1948: الرواية الرسمية الإسرائيلية, ترجمة أحمد خليفة مؤسسة الدراسات الفلسطينية. بيروت, 1948,ص 347.

31) ميخائيل بالومبو. كيف طرد الفلسطينيون من ديارهم عام 1948. مرجع سابق. ص 48

32) عباس نمر, عرض كتاب شريف كناعنة <<الشتات الفلسطيني>> هجرة أم تهجير. صحيفة القدس المقدسية 27\2\1997 .ص 15 .

33) السفير اللبناني (بيروت). 9\2\1995, ص3 .

34) بحث تيرانس في:

Michel Curtis and Oth.(Ed.), the Palestinians,people ,History,Politics(new Jersey, New Brunswick : Transaction books) 1975, p.54

35) عباس نمر, عرض كتاب شريف كناغنة <<الشتات الفلسطيني... هجرة أم تهجير>> صحيفة القدس المقدسية 4/3/1997,ص 15 عن:

Biny mowis,middle Eastern Studies, January,1986

المصدر: أرشيف المجموعة 194 (30/4/2007)