نتابع: الأزمة البنيوية في الفكر الصهيوني العنصري -6-
دور الجيش في المشروع الصهيوني
كان القادة المؤسّسون للكيان الصهيوني يراهنون على الجيش، كمؤسسةٍ صاهرةٍ للمكوّنات المتنافرة التي جلبتها الحركة الصهيونية من أرباع أصقاع الأرض. وقد استمدّ الجيش "مكانته" من دوره الدموي في تأسيس الكيان وقدرته على حمايته.. وأصبحت مقولة "إسرائيل ليست دولة لها جيشٌ يحميها، بل هناكٌ جيش له دولة " مقولة شائعة تتردّد على كلّ لسان. وقد كان هذا الدور للجيش واضحاً فيما كتبه مؤسس "الدولة" دافيد بن غوريون عند إعلان قيام الكيان: "من الآن فصاعداً، على اليهودي أن لا ينتظر التدخّل الإلهي لتحديد مصيره. بل عليه أن يلجأ إلى الوسائل الطبيعية العادية مثل الفانتوم والنابالم"..."الجيش الإسرائيلي هو خير من يفسّر التوراة".
وقد تمكّن هذا الجيش من الحفاظ على دوره المركزي في الكيان الصهيوني من خلال الصورة/الأسطورة التي رسمها لنفسه خلال الصراع فوق أرض فلسطين، ومحورها أنه "جيشٌ لا يُقهر". وهي تكرّست بعد انتصاره السريع والساحق على ثلاثة جيوشٍ عربيةٍ في حزيران عام 1967. وهكذا أصبحنا أمام أسطورةٍ جديدةٍ أضيفت إلى الأساطير المؤسسة للكيان؛ "أسطورة الجيش الذي لا يُقهر".
إلاّ أن تلك الصورة/الأسطورة للجيش الصهيوني بدأت بالاهتزاز منذ حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، الأمر الذي بدأ ينعكس سلباً على الكيان، فانخفضت الهجرة إليه وازدادت الهجرة المعاكسة؛ كما قطعت العديد من الدول علاقاتها به. إلاّ أن الكيان تمكّن من استعادة جزءٍ من توازنه بعد عقد اتفاقية كامب ديفيد، وإخراج مصر من معادلة الصراع معه، في العام 1978.
لكنّ انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (قده)، والتطوّر السريع لحالة الإسلام الثوري، و ما حقّقه حزب الله في لبنان والمقاومة في فلسطين من انتصاراتٍ متراكمةٍ؛ أعاد طرح السؤال الكبير مجدّداً حول قدرات وإمكانيات الجيش الصهيوني؛ وهل ما زال الجيش الذي لا يُقهر!
قبيل عدوان تموز 2006 على لبنان، كتب رئيس هيئة أركان الجيش الصهيوني الأسبق، موشيه يعالون، مقالاً نُشِر في مجلّة "تخيلت" تحت عنوان "الجيش والرّوح الإسرائيلية"، حدّد فيه بوضوحٍ لا لُبس فيه أن "مناعة إسرائيل الاجتماعية منوطة، أكثر من أيّ شيء، ببقاء الجيش الإسرائيلي "جيش الشعب"؛ وأضاف:
((إن الخدمة في الجيش تشكّل فرصة ثمينة لتحقيق التقارب والألفة بين الأفراد من المجموعات السكّانية المختلفة. وهو ما يشكّل جانباً كبيراً من دور الجيش الإسرائيلي كـ "جيش الشعب". لكن، ومع الأسف الشديد، فإن هذا الدور أيضاً أضحى محور خلاف)). وقد وضِعت الخطط آنذاك، وكان التسلّح والتدريب المكثّفين بهدف تمكين الجيش الصهيوني من استعادة هيبته. إلاّ أن انتصار المقاومة في تموز 2006، وفشل العدوان الصهيوني على غزة، أسقطا نهائياً أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر".
وقد انكشف الكيان الصهيوني على حقيقته ككيانٍ عنصريٍ مجرم؛ الأمر الذي دفع بالقاضي الأممي غولدستون لإصدار تقريره الإتهامي بحقّ هذا الكيان الإرهابي، رغم أن غولدستون كان وإلى حينٍ قريبٍ يجاهر مفاخراً بصهيونيته.
يتبع
دور الجيش في المشروع الصهيوني
كان القادة المؤسّسون للكيان الصهيوني يراهنون على الجيش، كمؤسسةٍ صاهرةٍ للمكوّنات المتنافرة التي جلبتها الحركة الصهيونية من أرباع أصقاع الأرض. وقد استمدّ الجيش "مكانته" من دوره الدموي في تأسيس الكيان وقدرته على حمايته.. وأصبحت مقولة "إسرائيل ليست دولة لها جيشٌ يحميها، بل هناكٌ جيش له دولة " مقولة شائعة تتردّد على كلّ لسان. وقد كان هذا الدور للجيش واضحاً فيما كتبه مؤسس "الدولة" دافيد بن غوريون عند إعلان قيام الكيان: "من الآن فصاعداً، على اليهودي أن لا ينتظر التدخّل الإلهي لتحديد مصيره. بل عليه أن يلجأ إلى الوسائل الطبيعية العادية مثل الفانتوم والنابالم"..."الجيش الإسرائيلي هو خير من يفسّر التوراة".
وقد تمكّن هذا الجيش من الحفاظ على دوره المركزي في الكيان الصهيوني من خلال الصورة/الأسطورة التي رسمها لنفسه خلال الصراع فوق أرض فلسطين، ومحورها أنه "جيشٌ لا يُقهر". وهي تكرّست بعد انتصاره السريع والساحق على ثلاثة جيوشٍ عربيةٍ في حزيران عام 1967. وهكذا أصبحنا أمام أسطورةٍ جديدةٍ أضيفت إلى الأساطير المؤسسة للكيان؛ "أسطورة الجيش الذي لا يُقهر".
إلاّ أن تلك الصورة/الأسطورة للجيش الصهيوني بدأت بالاهتزاز منذ حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، الأمر الذي بدأ ينعكس سلباً على الكيان، فانخفضت الهجرة إليه وازدادت الهجرة المعاكسة؛ كما قطعت العديد من الدول علاقاتها به. إلاّ أن الكيان تمكّن من استعادة جزءٍ من توازنه بعد عقد اتفاقية كامب ديفيد، وإخراج مصر من معادلة الصراع معه، في العام 1978.
لكنّ انتصار الثورة الإسلامية في إيران بقيادة الإمام الخميني (قده)، والتطوّر السريع لحالة الإسلام الثوري، و ما حقّقه حزب الله في لبنان والمقاومة في فلسطين من انتصاراتٍ متراكمةٍ؛ أعاد طرح السؤال الكبير مجدّداً حول قدرات وإمكانيات الجيش الصهيوني؛ وهل ما زال الجيش الذي لا يُقهر!
قبيل عدوان تموز 2006 على لبنان، كتب رئيس هيئة أركان الجيش الصهيوني الأسبق، موشيه يعالون، مقالاً نُشِر في مجلّة "تخيلت" تحت عنوان "الجيش والرّوح الإسرائيلية"، حدّد فيه بوضوحٍ لا لُبس فيه أن "مناعة إسرائيل الاجتماعية منوطة، أكثر من أيّ شيء، ببقاء الجيش الإسرائيلي "جيش الشعب"؛ وأضاف:
((إن الخدمة في الجيش تشكّل فرصة ثمينة لتحقيق التقارب والألفة بين الأفراد من المجموعات السكّانية المختلفة. وهو ما يشكّل جانباً كبيراً من دور الجيش الإسرائيلي كـ "جيش الشعب". لكن، ومع الأسف الشديد، فإن هذا الدور أيضاً أضحى محور خلاف)). وقد وضِعت الخطط آنذاك، وكان التسلّح والتدريب المكثّفين بهدف تمكين الجيش الصهيوني من استعادة هيبته. إلاّ أن انتصار المقاومة في تموز 2006، وفشل العدوان الصهيوني على غزة، أسقطا نهائياً أسطورة "الجيش الذي لا يُقهر".
وقد انكشف الكيان الصهيوني على حقيقته ككيانٍ عنصريٍ مجرم؛ الأمر الذي دفع بالقاضي الأممي غولدستون لإصدار تقريره الإتهامي بحقّ هذا الكيان الإرهابي، رغم أن غولدستون كان وإلى حينٍ قريبٍ يجاهر مفاخراً بصهيونيته.
يتبع