بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات في نقض الرواية الصهيونية للنكبة الفلسطينية -5- والاخير. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات في نقض الرواية الصهيونية للنكبة الفلسطينية -5- والاخير. إظهار كافة الرسائل

2014-05-29

في نقض الرواية الصهيونية للنكبة الفلسطينية -5- والاخير


نتابع: في نقض الرواية الصهيونية للنكبة الفلسطينية -5- والاخير

خامسًا، هل كان للتاريخ أن يكون مختلفًا:
لقد كلفتنا خسارة حرب عام 1948م الكثير الكثير، وما زلنا إلى اليوم ندفع ثمنها دمًا ومعاناة وإذلالًا يوميًا، والله أعلم متى يمكن استرداد ما خسرناه في تلك الحرب، ومراجعة الحرب وأسباب الهزيمة لن يعيد من استشهدوا إلى الحياة ولن يعيد اللاجئين إلى أرضهم، لكن قد يضعنا على طريق فهم ما ينقصنا حتى نستطيع استرداد أرضنا السليبة وحتى لا نكرر أخطاء الماضي.
وكان تقرير لجهاز المخابرات الأمريكية "السي آي أيه" قد قدر أن يعيش الكيان الصهيوني لمدة عامين على الأكثر قبل أن ينهار تحت ضربات حرب العصابات العربية، وربما تحتاج هذه الوثيقة لدراسة معمقة لنعرف الأسس التي وصلوا بموجبها إلى هذا الاستنتاج، وإن كنت أتخيل أن كاتبي الوثيقة راهنوا على التفوق العددي للشعوب العربية، وإلى حقيقة أن الكيان الصهيوني لم يكن قد تشكل بعد وليس أكثر من عصابات مسلحة، وهذه العصابات المسلحة لا تستطيع القتال إلى الأبد.

إلا أن الذي حصل أنه وبعد الخسائر الفادحة التي تلقاها الجيش المصري جنوب فلسطين، وبدء القوات الصهيونية بتطويقه ودخول شبه جزيرة سيناء لقطع الطريق المؤدي إلى غزة، عقدت مصر هدنة مع الصهاينة، ولحقتها باقي الدول العربية خلال عام 1949م، وبعدها ساد صمت مطبق على الحدود، رغم أن الكثير من المناطق المحتلة لم يكن فيها وجود صهيوني.

وبدلًا من مشاغلة الصهاينة واستنزافهم سعت الدول العربية إلى تثبيت الهدنة بل منعت اللاجئين الفلسطينيين من التسلل إلى قراهم من أجل حصاد محصولاتهم الزراعية، وكانت تعاقب بشدة من يقوم بذلك، وهذا أعطى الصهاينة الفرصة ليشتد عودهم وليبنوا الكيان الصهيوني كما نعرفه اليوم.

لم يكن لدى الدول العربية أي تصور عن حجم القوة الصهيونية قبل بدء الحرب، ودخلوا فلسطين وهم يظنون أنهم في نزهة للقضاء على العصابات الصهيونية، وبعد الهزيمة لم يكن لديهم تصور حول الخطوة التالية.

ونقف اليوم بين مدرستين: الأولى تقول أنه لا قبل لنا بمحاربة الكيان الصهيوني المدعوم أمريكيًا وغربيًا (وهذه المدرسة قديمة من روادها الملك عبد الله الأول والأسرة الهاشمية)، والثانية تقول أن محاربة الكيان الصهيوني أمر بسيط ويمكن القضاء على الكيان في أيام لولا الخونة والعملاء.

كلتا المدرستين على صواب وكلتيهما على خطأ: فالكيان الصهيوني هو آلة عسكرية ضخمة ومرعبة وامتداد للآلة العسكرية الغربية، ومحاربته ليست بالأمر اليسير، لكنه ليس بالمستحيل، وهنالك حاجة للتخطيط من أجل محاربته ومحاصرته، ونحن بحاجة لخوض حرب طويلة الأمد، ندفع فيها أثمانًا غالية جدًا، حتى نحرر فلسطين، وهو هدف ممكن الوصول إليه لكن بثمن والأهم من الاستعداد للثمن أن نمتلك العقول اللازمة لإدارة المعركة.
انتهى بعونه تعالى