قراءة في كتاب: فلسطين وأكذوبة بيع الأرض.
د. محمد بن سعد الشويعر
كتاب صدر عن مركز بيت المقدس للدراسات التّوثيقيّة، تأليف عيسى القدّومي، يُعْرف مضمونه من عنوانه (فلسطين وأكذوبة بيع الأرض)، ومقرّ المركز قبرص نيقوسيا، وطبعته الأولى 1425هـ - 2004م. وهو الإصدار العاشر، من مركز بيت المقدس للدّراسات التّوثيقية، ويقع في 146 صفحة من القطع المتوسّط.
احتوى الكتاب على 25 عنواناً، كلّها مهمّة، مدعّمة بالحقائق العلميّة، والوقائع العقليّة والنّقليّة، وكل عنوان يحتاج إلى وقفة وتمعّن، ولن نستطيع الوفاء بذلك كلّه. ولكن تكفي الإشارة: وربّ إشارة أبلغ من عبارة.
بدأ الكتابة بكلمة للمركز، في صفحة واحدة، جاء في أولها: هل حقاً باع الفلسطينيون أرضهم؟ فرية ظالمة، أكذوبة سمجة، كذّبها الواقع. وشواهد التّاريخ، انطلَتْ وللأسف الشّديد، على الرئيس والمرؤوس، الكبير والصّغير، ويبدو أنّها أصبحت حقيقة مسلمّة، دفع بها اليهود لتكون خنجراً مسموماً في صدر المسلمين في فلسطين، ليتخلىّ عنهم مسلمو العالم.
وفي ص 13 جاء في مقدّمة المؤلّف قوله: وفي حجم تلك الأكذوبة تصف (روزماري) - الباحثة البريطانية - انتشارها بالقول: (لقد آذى التّشهير بالفلسطينيين أكثر مما آذاهم الفقر، وأكثر الاتهامات إيلاماً، كان الاتهام بأنهم باعوا أرضهم؛ أو أنهم هربوا بجبن، وقد أدّى الافتقار، إلى تأريخ عربي صحيح، لعمليّة الاقتلاع - التي لم تروَ إلا مجزأة، حتى الآن - بالجمهور العربيّ، إلى البقاء على جهله، بما حدث فعلاً.
ولما كانت المقدّمة، تنبئ عما يريده الكاتب، والدافع لكتابته، فإنّ المؤلف، أوضح عن المهمة الشّاقة، في دحض أكذوبة بيع الأرض، لأنها تحتاج إلى أدلة وحقائق دامغة، ودون احتمال أيّ لبس.. وفي آخر المقدمة، قال: وها هي الحقائق أجلِّيها للقارئ الكريم، لتصحّح صفحة من صفحات التاريخ (ص15).
ودخل في تمهيد لموضوعه (17 - 19)، استعرض فيه تاريخ اليهود مع رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام، وكذبهم في هذا.
وجاء تحت عنوان: الأكذوبة: البداية والرعاية (21 - 24). تساؤلات تحتاج إلى إجابة: منها: هل من باع أرضه، يرضى بالفقر والمخيّمات، وهل يحق لمن باع أرضه برضاه، يأتي بالسلاح ليقاتل من اشتراها؟. وأورد عن مصدر هذه الأكذوبة، وما نتج عنها آراء ثلاثة من مصادر كتبهم: محمد الحسني، وروزماري البريطانية، وعبد الوهاب المسيري في موسوعته.
ووعد في آخر هذا العنوان أن يعرض المراحل الأساسية التي مرَّت للاستيلاء على أراضي فلسطين ونهبها، وقد بدأ ذلك بفلسطين في ظل الحكم العثماني (25 - 33) بأنه تمكّن اليهود بواسطة دعم ضخم، عن طريق التّحايل على القوانين العثمانية، وبأساليب ملتوية اقتناص 650.000 دونم، بحجّة إنعاش الزراعة، وإنشاء مدارس زراعية.
وبعد استعراضه للخطوات التي سارت في تمكين اليهود والتعاطف معهم، ختم هذا العنوان بقوله: الحقيقة تمكّن اليهود عن طريق التّحايل، والدعم الأوروبيّ. والالتفاف على القوانين والأنظمة العثمانية، التي كانت تمنع حيازة اليهود للأراضي في فلسطين، وزرع الموظّفين العملاء، والسماسرة الخونة من اقتناص 650.000 دونم بحجة إنعاش الزراعة، وبناء المستشفيات، والجامعات خلال الفترة المعتمدة من عام 1850م إلى عام 1920م.
واستعرض دور الإقطاعيين في بيع الأراضي، إذ إن الدولة العثمانية، نتيجة وضعها المالي السيئ، تلك السنوات. قد فرضت على الفلسطينيين ضرائب باهظة، فلم يستطيعوا الوفاء، فباعت القرى والأراضي على تجّار في فلسطين ولبنان وسوريا، منهم ثري لبناني اشترى وحده، ستين قرية في سهل مرج بني عامر عام 1869م، بحقّ الحيازة فقط، دون حقّ الرّقبة، أي حقّ الانتفاع، دون تغيير طبيعة الأرض الزراعية.
وهؤلاء الإقطاعيون العرب: هم الذين باعوا لليهود مساحات من الأراضي، لظروف اقتصادية بالغة القوة مقدارها 261.000 دونم، من مساحة فلسطين 27.000.000، أي بنسبة 1%.
ويورد في هذا ما ذكره الخبير الإنجليزي (فرانس) في تقريره، ويؤيده في ذلك (شمبسون) بقولها: إن بعض الأهالي اضطرّوا إلى بيع أراضيهم، إمّا لتسديد ديونهم، أو لدفع ضرائب الحكومة، أو للحصول على نقد لسدّ رمق عائلاتهم.
وأورد في ص 41 مدافعة من الشيخ: محمد أمين الحسيني، مفتي فلسطين، ورئيس الهيئة العليا العربية، ضمن ردّه على شائعة بيع أهل فلسطين للأراضي بأن أهل فلسطين كغيرهم من الشعوب، فيهم الصالحون ومنهم دون ذلك، ولا يبعد أن يكون بينهم أفراد قصّروا أو فرطوا أو اقترفوا الخيانة، لكن وجود أفراد قلائل، من أمثال هؤلاء، بين شعب كريم مجاهد، كالشعب الفلسطينيّ، لا يدمغ هذا الشعب، ولا ينتقص من كرامته.
وهذه الأعمال كما يقول (جون دوريّ): بأن الشعور العربيّ، ضد استمرار صفقات الشّراء، أدّى إلى تنظيم (صندوق الأمّة) بغية شراء الأراضي للأمة العربيّة، وفي يافا جرى اغتيال أحد السماسرة العرب، بتهمة البيع لليهود، لكن المستويات المغرية للأسعار، التي ضخّمتها ظروف الحرب، والقوانين الصادرة عام 1940م، استمرت في استجلاب الممتلكات إلى سوق البيع والشراء، وما بين عام 1940 - 1947م بلغ ما اشتراه اليهود من الأراضي 144.867 دونماً (ص42).
أمّا أوسع العناوين عنده، فهو ما بين ص 45 - 65، عن أراضي فلسطين في ظل الاحتلال البريطاني، فقد بدأه بقوله: حصل اليهود في عام 1917م على وعد من الحكومة البريطانية، للعمل على جعل فلسطين وطناً قومياً لليهود، وهو ما عرف (بوعد بلفور)، ولتحقيق هذا الوعد، وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني الذي قدّم كامل التّسهيلات للنفوذ، والهجرة اليهودية، وكان العرب حينذاك 95% من السكان.
وفي عام 1918م أتمّتْ القوّات البريطانية، بقيادة الجنرال اللنبي احتلال أراضي فلسطين كلّها، وتولى اليهوديّ (هربرت صموئيل) في عام 1920م، منصب المندوب السامي البريطاني في فلسطين، وأصبح الاحتلال البريطاني لفلسطين ساري المفعول رسمياً في عام 1923م. وبدأت من هذا التاريخ الممارسة البالغة الأهمية، في نقل ملكية مساحات واسعة من الأراضي إلى اليهود.
وقد استعرض المنظّمات اليهوديّة المختصّة بشراء الأراضي، وما جاء في معاهدة فرساي (ص 46 - 47).
وعندما زار تشرشل وزير المستعمرات البريطانية، فلسطين عام 1921م بسطت له منظمة عربية المظالم التي يتعرض لها العرب، وخشيتهم من الهدف الذي تعمل من أجله الصهيونيّة، وهو الاستيلاء على فلسطين، فأجابهم: إنكم تطلبون مني أن أتخلّى عن وعد بلفور، وأن أوقف الهجرة اليهودية، وهذا ليس في طاقتي، كما أنني لا أوافق عليه، بل إننا نعتقد أن ذلك خير للعالم واليهود، وللإمبراطورية البريطانية وللعرب أنفسهم (ص48).
ولمّا كان اليهود عند بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين، لا يملكون أكثر من 1% من مساحة فلسطين، فإن باب الهجرة الذي فتحته بريطانيا لليهود عام 1918م، ضاعف عددهم من 55 ألفاً عام 1918م إلى 646 عام 1948م (ص50).
ثم أتبع ذلك بالجدول رقم (1)، الذي يوضح حيازة اليهود للأراضي في فلسطين منذ العهد العثماني وحتى 1948م.
خلاصته أن ما استولى عليه اليهود من مجموع أراضي فلسطين حتى انتهاء الانتداب في 15 مايو عام 1948م نحو مليوني دونم أي 7%.
ويؤكّد (روجيه جارودي): أن الصهاينة أيام وعد بلفور عام 1917م كانوا لا يملكون إلاّ 2.5% من الأراضي، وعندما تم تقسيم فلسطين بين العرب واليهود كانوا يملكون 6.5% منها، أما في عام 1982م فأصبحوا يملكون 93% (ص51-52).
وفي ص 55 أورد الجدول رقم (2) الذي يوضّح المساحة التي حازها اليهود من أرض فلسطين حتى عام 1947م، وتمثل 6.6% أمّا الموسوعة الفلسطينيّة، فتؤكد أنهم لم يملكوا حتى عام 1948م سوى 5.6%، ويؤكد هنري فورد - المليونير الأمريكي: أن إدارة الانتداب البريطاني كانت يهودية، والحكومة اليهودية، والأساليب المستعملة يهودية (اليهودي العالمي ص152).
ونرى المؤلف من ص 59 - 63 يستعرض الأراضي الفلسطينية بعد إعلان قيام الكيان اليهودي في 15- 5-1948م تحت اسم: (دولة إسرائيل) بما منحتهم إياه بريطانيا بعد انتهاء الانتداب خمسة ملايين إيكر (فدان إنجليزي يعادل 4 دونمات). ثم استولت على أراضي 750.000 لاجئ منعوا من العودة، ولخصّ الجدول رقم (3) مساحة فلسطين بعد حرب 1948م، بما يلي: 77% استولى عليها اليهود، 21.7% مساحة الضفة الغربية التي ضمّت للأردن 1.3% قطاع غزّة.
وفي طريقة تنفيذ المشروع ضد الشعب الفلسطيني المجازر والتدمير للقرى، والجرائم يورد نصاً مما جاء في كتاب إيلان هاليفي، إسرائيل من الإرهاب إلى المجزرة، نقلاً عن صحيفة أحرنوت، فقد كتب الجنرال اليهودي (مائير بايل) الذي كان في دير ياسين، لحظة وقوع المذبحة، وكان يشغل ضابط الاتصال مع الهاغانا: إن الهجوم على دير ياسين، وصمة عار سوداء في تاريخ الشعب اليهودي والمجتمع الإنساني، بل قال مناحم بيغين في كتاب الثورة: إن مذبحة دير ياسين أسهمت في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي ولولا دير ياسين لما قامت إسرائيل (ص 65 - 66).
وفي عنوان عنده باسم: أراضي فلسطين في نظر حاخامات اليهود ص 85 - 88، أورد كثيراً من كلام الحاخامات الكبار الذين وصفوا حربهم في الاستيلاء على الأراضي المقدسة، وأن القتال في فلسطين واجب مقدس، ونموذج ذلك رسالة لمؤتمر شبابي يهودي، عقد في (بروكيلين) قال الحاخام (ابراهام شابير) الذي كان الحاخام الأكبر للكيان): نريد شباباً يهودياً قوياً أو شديداً، نريد شباباً يهودياً يدرك أن رسالته الوحيدة هي تطهير الأرض من المسلمين الذين يريدون منازعتنا في أرض الميعاد، يجب أن تثبتوا لهم أنكم قادرون على اجتثاثهم من الأرض، يجب أن نتخلّص منهم كما يتم التخلص من الميكروبات والجراثيم (ص 87).
وبعد أن استعرض الهجرة إلى فلسطين، والقوانين التي أصدرت، حيث بلغ عدد اليهود في عام 2002م حوالي خمسة ملايين و200 ألف، وقد قابل هذا التوطين طرد الشعب الفلسطيني من وطنه، وسلب أرضه، فاستعرض ثمانية من القوانين التي تبيح لليهود الاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي وطرد أهلها (ص 95 - 97).
وعن أكاذيب يهودية لتبرير الاحتلال لأرض فلسطين (ص 99 - 104) أورد ثماني كذبات هي أكذوبة أرض الميعاد، والحق الديني لليهود في فلسطين، وأكذوبة الحق التاريخي والطبيعي لليهود في تلك الأرض، وأكذوبة فلسطين صحراء خالية. وأكذوبة فلسطين أرض بلا شعب، وأكذوبة الفلسطينيون خرجوا منها طوعاً، وأكذوبة اليهود حوّلوا فلسطين الصحراء إلى جنان. وغيرها من الأكاذيب الكثيرة التي لخّصها (عاموس أيلون) بقوله: الإسرائيليون أصبحوا غير قادرين على ترديد الحجج البسيطة، المصقولة وأنصاف الحقائق المتناسقة التي كان يسوقها الجيل السابق (ص 99).
كما أورد نماذج من آراء يهود يدحضون أكاذيب قادتهم، مؤرخين وشعراء وصحافيين بل وسياسيين، نموذج ذلك ما قاله (بني موريس) أحد أبرز المؤرخين اليهود، وهو باحث ومراسل ميداني وصحافي: نحن الإسرائيليين كنّا طيبين، لكننا قمنا بأفعال مشينة، وبشعة كبيرة، كنّا أبرياء لكننا نشرنا الكثير من الأكاذيب، وأنصاف الحقائق التي أقنعنا أنفسنا وأقنعنا العالم بها، نحن الذين ولدنا لاحقاً بعد إنشاء الدولة، عرفنا كل الحقائق الآن، بعد أن عرض علينا زعماؤنا الجوانب الإيجابية فقط من تاريخ إسرائيل لكن للأسف كان ثمة فصول سوداء لم نسمع شيئاً عنها، لقد كذبوا علينا، عندما أخبرونا أن عرب اللدّ والرّملة، طلبوا مغادرة بيوتهم بمحضهم، وكذبوا علينا عندما أبلغونا بأن الدولة العربية أرادت تدميرنا، وأننا الوحيدون الذين نريد السلام طوال الوقت، وكذبوا علينا عندما قالوا: أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض، وكذبة الأكاذيب التي سمّوها الاستقلال، لقد حان وقت معرفة الحقيقة كل الحقيقة وهذه مهمة ملقاة على عاتقنا نحن المؤرخين (ص 100).
وفي ص 105 تحت عنوان صور من أساليب التزوير لسلب الأراضي الفلسطينية، وضّح أنه خلال سني الاحتلال استطاع الكيان اليهوديّ، أن يفرض واقعاً على الأراضي الفلسطينية، مكنه من الاستيلاء على الأراضي والسيطرة عليها، وإقامة المستعمرات مستخدماً أساليب عدة لانتزاع الأرض من أصحابها، جاعلاً مدخله، بما كتبه: (عميرة هاس) في جريدة (هآرتس) تقريراً بعنوان: نهب الأراضي في القدس الشرقية بتاريخ 16-1-2003هـ جاء فيه: تشير التجربة إلى أن تزييف أوراق المكيّة سهل جداً، ومن المعروف أن هناك ستّاً إلى سبع عصابات متخصصة في السيطرة على الأراضي ولا سيما في بيت حنينا وشعفاط، ومن المشكوك فيه أن يكون هناك موضوع آخر يعكس الفراغ السّلطوي في شرقي القدس، مثل فوضى التزييف المنفلتة من عقالها، ثم يوضح المؤلف نماذج من طرق التزوير العديدة، مثل استغلال حالات الوفاة للتوقيع على مجموعة أوراق ووثائق ظناً من أهل المتوفى بأنها شهادة وفاة وإذا منها صك لقطع الأراضي التي يملكها قد بيعت وتوقيع بصمات المتوفى أو المتوفاة خلسة قبل دفنهم، فيكتشف الورثة أنّ جميع الأراضي أصبحت لليهود وليست لهم.. وغير ذلك من أساليب التحايل والتزوير (ص 105 - 111).
ثم تحدّث عن الجدار الفاصل وسلب أراضي فلسطين من مصادرة الأراضي والاستيلاء بالقوة (ص 113 - 117) وقد نشأ عما اكتشف، وخوفاً من الخيانة والطمع والتحايل، أن وقف علماء المسلمين، وصدرت فتاوى بتجريم بيع الأراضي لليهود، فكانت الفتوى الأولى عام 1935م، ثم تلتها من علماء المسلمين غيرها تشدد في الأمر (121 - 122) ولكن يبرهن على الحق الفلسطيني، نراه تحت عنوان شهادات وأقوال ص 129 - 131)، يورد أكثر من عشرة أقوال لغربيين ويهود، يشهدون على الظّلم الواقع على الفلسطينيين وسلب أراضيهم وممتلكاتهم، وتشريدهم بعد أن طردوهم من ديارهم، تقول المحامية اليهودية: (اليفرا باشيكو): الوثائق المزورة وعمليات الغش، أمر عادي في صفقات بيع الأراضي إلى المستوطنين اليهود (ص 130).
وكان آخر موضوعات الكتاب، ما جاء تحت عنوان: وأخيراً لماذا؟! إذا كان الفلسطينيون قد باعوا أرضهم لليهود، وكلّه تساؤلات الإجابة عنها، تنفي أكذوبة بيع الأرض وهي عنوان الكتاب، ومنها: لماذا يرزح سكان المخيمات تحت عبء التشرد، وضيق العيش إلى يومنا هذا، مخيمات تزرع البؤس، فهل هذه حال من باع أرضه، وتنعّم بثمنها.
ولماذا ما زالوا يطالبون بحقّ العودة إلى أرض فلسطين، ولا يتنازلون عن هذا الحق، مهما كانت المغريات والتعويضات، وهل قرار التقسيم الذي قسم فلسطين إلى منطقتين عربية ويهودية كان بناء على شراء اليهود لأراضي فلسطين.
ولماذا يقاومون الاحتلال، ويسطرون أروع الأمثلة للتضحية والفداء، دفاعاً عن الأرض والمقدسات (ص 133). وجعل للكتاب ملحقاً به خريطة فلسطين، توضّح التقسيم في خطة الأمم المتحدة والأرض التي احتلتها إسرائيل عام 1967م، ورسومات تبين مساحة الأرض، وما باعه الفلسطينيون الإقطاعيون والخونة ونسبتها 0.96%، أما الباقي منها، وسلبه اليهود فهو بنسبة 99.4%.
وتلا ذلك الفهارس والمصادر (ص 135 - 146). والكتاب جيّد في عرضه، ويناقش القضية بحقائق وإثباتات، ولكي يكون أدعى للإقناع، فإنه يستند كثيراً على آراء المنصفين من اليهود والغربيين، وهذا من باب مخاطبة الناس بما يعرفون لأن اليهود كشفوا كذب جماعتهم.
د. محمد بن سعد الشويعر
كتاب صدر عن مركز بيت المقدس للدراسات التّوثيقيّة، تأليف عيسى القدّومي، يُعْرف مضمونه من عنوانه (فلسطين وأكذوبة بيع الأرض)، ومقرّ المركز قبرص نيقوسيا، وطبعته الأولى 1425هـ - 2004م. وهو الإصدار العاشر، من مركز بيت المقدس للدّراسات التّوثيقية، ويقع في 146 صفحة من القطع المتوسّط.
احتوى الكتاب على 25 عنواناً، كلّها مهمّة، مدعّمة بالحقائق العلميّة، والوقائع العقليّة والنّقليّة، وكل عنوان يحتاج إلى وقفة وتمعّن، ولن نستطيع الوفاء بذلك كلّه. ولكن تكفي الإشارة: وربّ إشارة أبلغ من عبارة.
بدأ الكتابة بكلمة للمركز، في صفحة واحدة، جاء في أولها: هل حقاً باع الفلسطينيون أرضهم؟ فرية ظالمة، أكذوبة سمجة، كذّبها الواقع. وشواهد التّاريخ، انطلَتْ وللأسف الشّديد، على الرئيس والمرؤوس، الكبير والصّغير، ويبدو أنّها أصبحت حقيقة مسلمّة، دفع بها اليهود لتكون خنجراً مسموماً في صدر المسلمين في فلسطين، ليتخلىّ عنهم مسلمو العالم.
وفي ص 13 جاء في مقدّمة المؤلّف قوله: وفي حجم تلك الأكذوبة تصف (روزماري) - الباحثة البريطانية - انتشارها بالقول: (لقد آذى التّشهير بالفلسطينيين أكثر مما آذاهم الفقر، وأكثر الاتهامات إيلاماً، كان الاتهام بأنهم باعوا أرضهم؛ أو أنهم هربوا بجبن، وقد أدّى الافتقار، إلى تأريخ عربي صحيح، لعمليّة الاقتلاع - التي لم تروَ إلا مجزأة، حتى الآن - بالجمهور العربيّ، إلى البقاء على جهله، بما حدث فعلاً.
ولما كانت المقدّمة، تنبئ عما يريده الكاتب، والدافع لكتابته، فإنّ المؤلف، أوضح عن المهمة الشّاقة، في دحض أكذوبة بيع الأرض، لأنها تحتاج إلى أدلة وحقائق دامغة، ودون احتمال أيّ لبس.. وفي آخر المقدمة، قال: وها هي الحقائق أجلِّيها للقارئ الكريم، لتصحّح صفحة من صفحات التاريخ (ص15).
ودخل في تمهيد لموضوعه (17 - 19)، استعرض فيه تاريخ اليهود مع رسول الله محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام، وكذبهم في هذا.
وجاء تحت عنوان: الأكذوبة: البداية والرعاية (21 - 24). تساؤلات تحتاج إلى إجابة: منها: هل من باع أرضه، يرضى بالفقر والمخيّمات، وهل يحق لمن باع أرضه برضاه، يأتي بالسلاح ليقاتل من اشتراها؟. وأورد عن مصدر هذه الأكذوبة، وما نتج عنها آراء ثلاثة من مصادر كتبهم: محمد الحسني، وروزماري البريطانية، وعبد الوهاب المسيري في موسوعته.
ووعد في آخر هذا العنوان أن يعرض المراحل الأساسية التي مرَّت للاستيلاء على أراضي فلسطين ونهبها، وقد بدأ ذلك بفلسطين في ظل الحكم العثماني (25 - 33) بأنه تمكّن اليهود بواسطة دعم ضخم، عن طريق التّحايل على القوانين العثمانية، وبأساليب ملتوية اقتناص 650.000 دونم، بحجّة إنعاش الزراعة، وإنشاء مدارس زراعية.
وبعد استعراضه للخطوات التي سارت في تمكين اليهود والتعاطف معهم، ختم هذا العنوان بقوله: الحقيقة تمكّن اليهود عن طريق التّحايل، والدعم الأوروبيّ. والالتفاف على القوانين والأنظمة العثمانية، التي كانت تمنع حيازة اليهود للأراضي في فلسطين، وزرع الموظّفين العملاء، والسماسرة الخونة من اقتناص 650.000 دونم بحجة إنعاش الزراعة، وبناء المستشفيات، والجامعات خلال الفترة المعتمدة من عام 1850م إلى عام 1920م.
واستعرض دور الإقطاعيين في بيع الأراضي، إذ إن الدولة العثمانية، نتيجة وضعها المالي السيئ، تلك السنوات. قد فرضت على الفلسطينيين ضرائب باهظة، فلم يستطيعوا الوفاء، فباعت القرى والأراضي على تجّار في فلسطين ولبنان وسوريا، منهم ثري لبناني اشترى وحده، ستين قرية في سهل مرج بني عامر عام 1869م، بحقّ الحيازة فقط، دون حقّ الرّقبة، أي حقّ الانتفاع، دون تغيير طبيعة الأرض الزراعية.
وهؤلاء الإقطاعيون العرب: هم الذين باعوا لليهود مساحات من الأراضي، لظروف اقتصادية بالغة القوة مقدارها 261.000 دونم، من مساحة فلسطين 27.000.000، أي بنسبة 1%.
ويورد في هذا ما ذكره الخبير الإنجليزي (فرانس) في تقريره، ويؤيده في ذلك (شمبسون) بقولها: إن بعض الأهالي اضطرّوا إلى بيع أراضيهم، إمّا لتسديد ديونهم، أو لدفع ضرائب الحكومة، أو للحصول على نقد لسدّ رمق عائلاتهم.
وأورد في ص 41 مدافعة من الشيخ: محمد أمين الحسيني، مفتي فلسطين، ورئيس الهيئة العليا العربية، ضمن ردّه على شائعة بيع أهل فلسطين للأراضي بأن أهل فلسطين كغيرهم من الشعوب، فيهم الصالحون ومنهم دون ذلك، ولا يبعد أن يكون بينهم أفراد قصّروا أو فرطوا أو اقترفوا الخيانة، لكن وجود أفراد قلائل، من أمثال هؤلاء، بين شعب كريم مجاهد، كالشعب الفلسطينيّ، لا يدمغ هذا الشعب، ولا ينتقص من كرامته.
وهذه الأعمال كما يقول (جون دوريّ): بأن الشعور العربيّ، ضد استمرار صفقات الشّراء، أدّى إلى تنظيم (صندوق الأمّة) بغية شراء الأراضي للأمة العربيّة، وفي يافا جرى اغتيال أحد السماسرة العرب، بتهمة البيع لليهود، لكن المستويات المغرية للأسعار، التي ضخّمتها ظروف الحرب، والقوانين الصادرة عام 1940م، استمرت في استجلاب الممتلكات إلى سوق البيع والشراء، وما بين عام 1940 - 1947م بلغ ما اشتراه اليهود من الأراضي 144.867 دونماً (ص42).
أمّا أوسع العناوين عنده، فهو ما بين ص 45 - 65، عن أراضي فلسطين في ظل الاحتلال البريطاني، فقد بدأه بقوله: حصل اليهود في عام 1917م على وعد من الحكومة البريطانية، للعمل على جعل فلسطين وطناً قومياً لليهود، وهو ما عرف (بوعد بلفور)، ولتحقيق هذا الوعد، وضعت فلسطين تحت الانتداب البريطاني الذي قدّم كامل التّسهيلات للنفوذ، والهجرة اليهودية، وكان العرب حينذاك 95% من السكان.
وفي عام 1918م أتمّتْ القوّات البريطانية، بقيادة الجنرال اللنبي احتلال أراضي فلسطين كلّها، وتولى اليهوديّ (هربرت صموئيل) في عام 1920م، منصب المندوب السامي البريطاني في فلسطين، وأصبح الاحتلال البريطاني لفلسطين ساري المفعول رسمياً في عام 1923م. وبدأت من هذا التاريخ الممارسة البالغة الأهمية، في نقل ملكية مساحات واسعة من الأراضي إلى اليهود.
وقد استعرض المنظّمات اليهوديّة المختصّة بشراء الأراضي، وما جاء في معاهدة فرساي (ص 46 - 47).
وعندما زار تشرشل وزير المستعمرات البريطانية، فلسطين عام 1921م بسطت له منظمة عربية المظالم التي يتعرض لها العرب، وخشيتهم من الهدف الذي تعمل من أجله الصهيونيّة، وهو الاستيلاء على فلسطين، فأجابهم: إنكم تطلبون مني أن أتخلّى عن وعد بلفور، وأن أوقف الهجرة اليهودية، وهذا ليس في طاقتي، كما أنني لا أوافق عليه، بل إننا نعتقد أن ذلك خير للعالم واليهود، وللإمبراطورية البريطانية وللعرب أنفسهم (ص48).
ولمّا كان اليهود عند بداية الاحتلال البريطاني لفلسطين، لا يملكون أكثر من 1% من مساحة فلسطين، فإن باب الهجرة الذي فتحته بريطانيا لليهود عام 1918م، ضاعف عددهم من 55 ألفاً عام 1918م إلى 646 عام 1948م (ص50).
ثم أتبع ذلك بالجدول رقم (1)، الذي يوضح حيازة اليهود للأراضي في فلسطين منذ العهد العثماني وحتى 1948م.
خلاصته أن ما استولى عليه اليهود من مجموع أراضي فلسطين حتى انتهاء الانتداب في 15 مايو عام 1948م نحو مليوني دونم أي 7%.
ويؤكّد (روجيه جارودي): أن الصهاينة أيام وعد بلفور عام 1917م كانوا لا يملكون إلاّ 2.5% من الأراضي، وعندما تم تقسيم فلسطين بين العرب واليهود كانوا يملكون 6.5% منها، أما في عام 1982م فأصبحوا يملكون 93% (ص51-52).
وفي ص 55 أورد الجدول رقم (2) الذي يوضّح المساحة التي حازها اليهود من أرض فلسطين حتى عام 1947م، وتمثل 6.6% أمّا الموسوعة الفلسطينيّة، فتؤكد أنهم لم يملكوا حتى عام 1948م سوى 5.6%، ويؤكد هنري فورد - المليونير الأمريكي: أن إدارة الانتداب البريطاني كانت يهودية، والحكومة اليهودية، والأساليب المستعملة يهودية (اليهودي العالمي ص152).
ونرى المؤلف من ص 59 - 63 يستعرض الأراضي الفلسطينية بعد إعلان قيام الكيان اليهودي في 15- 5-1948م تحت اسم: (دولة إسرائيل) بما منحتهم إياه بريطانيا بعد انتهاء الانتداب خمسة ملايين إيكر (فدان إنجليزي يعادل 4 دونمات). ثم استولت على أراضي 750.000 لاجئ منعوا من العودة، ولخصّ الجدول رقم (3) مساحة فلسطين بعد حرب 1948م، بما يلي: 77% استولى عليها اليهود، 21.7% مساحة الضفة الغربية التي ضمّت للأردن 1.3% قطاع غزّة.
وفي طريقة تنفيذ المشروع ضد الشعب الفلسطيني المجازر والتدمير للقرى، والجرائم يورد نصاً مما جاء في كتاب إيلان هاليفي، إسرائيل من الإرهاب إلى المجزرة، نقلاً عن صحيفة أحرنوت، فقد كتب الجنرال اليهودي (مائير بايل) الذي كان في دير ياسين، لحظة وقوع المذبحة، وكان يشغل ضابط الاتصال مع الهاغانا: إن الهجوم على دير ياسين، وصمة عار سوداء في تاريخ الشعب اليهودي والمجتمع الإنساني، بل قال مناحم بيغين في كتاب الثورة: إن مذبحة دير ياسين أسهمت في تفريغ البلاد من 650 ألف عربي ولولا دير ياسين لما قامت إسرائيل (ص 65 - 66).
وفي عنوان عنده باسم: أراضي فلسطين في نظر حاخامات اليهود ص 85 - 88، أورد كثيراً من كلام الحاخامات الكبار الذين وصفوا حربهم في الاستيلاء على الأراضي المقدسة، وأن القتال في فلسطين واجب مقدس، ونموذج ذلك رسالة لمؤتمر شبابي يهودي، عقد في (بروكيلين) قال الحاخام (ابراهام شابير) الذي كان الحاخام الأكبر للكيان): نريد شباباً يهودياً قوياً أو شديداً، نريد شباباً يهودياً يدرك أن رسالته الوحيدة هي تطهير الأرض من المسلمين الذين يريدون منازعتنا في أرض الميعاد، يجب أن تثبتوا لهم أنكم قادرون على اجتثاثهم من الأرض، يجب أن نتخلّص منهم كما يتم التخلص من الميكروبات والجراثيم (ص 87).
وبعد أن استعرض الهجرة إلى فلسطين، والقوانين التي أصدرت، حيث بلغ عدد اليهود في عام 2002م حوالي خمسة ملايين و200 ألف، وقد قابل هذا التوطين طرد الشعب الفلسطيني من وطنه، وسلب أرضه، فاستعرض ثمانية من القوانين التي تبيح لليهود الاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي وطرد أهلها (ص 95 - 97).
وعن أكاذيب يهودية لتبرير الاحتلال لأرض فلسطين (ص 99 - 104) أورد ثماني كذبات هي أكذوبة أرض الميعاد، والحق الديني لليهود في فلسطين، وأكذوبة الحق التاريخي والطبيعي لليهود في تلك الأرض، وأكذوبة فلسطين صحراء خالية. وأكذوبة فلسطين أرض بلا شعب، وأكذوبة الفلسطينيون خرجوا منها طوعاً، وأكذوبة اليهود حوّلوا فلسطين الصحراء إلى جنان. وغيرها من الأكاذيب الكثيرة التي لخّصها (عاموس أيلون) بقوله: الإسرائيليون أصبحوا غير قادرين على ترديد الحجج البسيطة، المصقولة وأنصاف الحقائق المتناسقة التي كان يسوقها الجيل السابق (ص 99).
كما أورد نماذج من آراء يهود يدحضون أكاذيب قادتهم، مؤرخين وشعراء وصحافيين بل وسياسيين، نموذج ذلك ما قاله (بني موريس) أحد أبرز المؤرخين اليهود، وهو باحث ومراسل ميداني وصحافي: نحن الإسرائيليين كنّا طيبين، لكننا قمنا بأفعال مشينة، وبشعة كبيرة، كنّا أبرياء لكننا نشرنا الكثير من الأكاذيب، وأنصاف الحقائق التي أقنعنا أنفسنا وأقنعنا العالم بها، نحن الذين ولدنا لاحقاً بعد إنشاء الدولة، عرفنا كل الحقائق الآن، بعد أن عرض علينا زعماؤنا الجوانب الإيجابية فقط من تاريخ إسرائيل لكن للأسف كان ثمة فصول سوداء لم نسمع شيئاً عنها، لقد كذبوا علينا، عندما أخبرونا أن عرب اللدّ والرّملة، طلبوا مغادرة بيوتهم بمحضهم، وكذبوا علينا عندما أبلغونا بأن الدولة العربية أرادت تدميرنا، وأننا الوحيدون الذين نريد السلام طوال الوقت، وكذبوا علينا عندما قالوا: أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض، وكذبة الأكاذيب التي سمّوها الاستقلال، لقد حان وقت معرفة الحقيقة كل الحقيقة وهذه مهمة ملقاة على عاتقنا نحن المؤرخين (ص 100).
وفي ص 105 تحت عنوان صور من أساليب التزوير لسلب الأراضي الفلسطينية، وضّح أنه خلال سني الاحتلال استطاع الكيان اليهوديّ، أن يفرض واقعاً على الأراضي الفلسطينية، مكنه من الاستيلاء على الأراضي والسيطرة عليها، وإقامة المستعمرات مستخدماً أساليب عدة لانتزاع الأرض من أصحابها، جاعلاً مدخله، بما كتبه: (عميرة هاس) في جريدة (هآرتس) تقريراً بعنوان: نهب الأراضي في القدس الشرقية بتاريخ 16-1-2003هـ جاء فيه: تشير التجربة إلى أن تزييف أوراق المكيّة سهل جداً، ومن المعروف أن هناك ستّاً إلى سبع عصابات متخصصة في السيطرة على الأراضي ولا سيما في بيت حنينا وشعفاط، ومن المشكوك فيه أن يكون هناك موضوع آخر يعكس الفراغ السّلطوي في شرقي القدس، مثل فوضى التزييف المنفلتة من عقالها، ثم يوضح المؤلف نماذج من طرق التزوير العديدة، مثل استغلال حالات الوفاة للتوقيع على مجموعة أوراق ووثائق ظناً من أهل المتوفى بأنها شهادة وفاة وإذا منها صك لقطع الأراضي التي يملكها قد بيعت وتوقيع بصمات المتوفى أو المتوفاة خلسة قبل دفنهم، فيكتشف الورثة أنّ جميع الأراضي أصبحت لليهود وليست لهم.. وغير ذلك من أساليب التحايل والتزوير (ص 105 - 111).
ثم تحدّث عن الجدار الفاصل وسلب أراضي فلسطين من مصادرة الأراضي والاستيلاء بالقوة (ص 113 - 117) وقد نشأ عما اكتشف، وخوفاً من الخيانة والطمع والتحايل، أن وقف علماء المسلمين، وصدرت فتاوى بتجريم بيع الأراضي لليهود، فكانت الفتوى الأولى عام 1935م، ثم تلتها من علماء المسلمين غيرها تشدد في الأمر (121 - 122) ولكن يبرهن على الحق الفلسطيني، نراه تحت عنوان شهادات وأقوال ص 129 - 131)، يورد أكثر من عشرة أقوال لغربيين ويهود، يشهدون على الظّلم الواقع على الفلسطينيين وسلب أراضيهم وممتلكاتهم، وتشريدهم بعد أن طردوهم من ديارهم، تقول المحامية اليهودية: (اليفرا باشيكو): الوثائق المزورة وعمليات الغش، أمر عادي في صفقات بيع الأراضي إلى المستوطنين اليهود (ص 130).
وكان آخر موضوعات الكتاب، ما جاء تحت عنوان: وأخيراً لماذا؟! إذا كان الفلسطينيون قد باعوا أرضهم لليهود، وكلّه تساؤلات الإجابة عنها، تنفي أكذوبة بيع الأرض وهي عنوان الكتاب، ومنها: لماذا يرزح سكان المخيمات تحت عبء التشرد، وضيق العيش إلى يومنا هذا، مخيمات تزرع البؤس، فهل هذه حال من باع أرضه، وتنعّم بثمنها.
ولماذا ما زالوا يطالبون بحقّ العودة إلى أرض فلسطين، ولا يتنازلون عن هذا الحق، مهما كانت المغريات والتعويضات، وهل قرار التقسيم الذي قسم فلسطين إلى منطقتين عربية ويهودية كان بناء على شراء اليهود لأراضي فلسطين.
ولماذا يقاومون الاحتلال، ويسطرون أروع الأمثلة للتضحية والفداء، دفاعاً عن الأرض والمقدسات (ص 133). وجعل للكتاب ملحقاً به خريطة فلسطين، توضّح التقسيم في خطة الأمم المتحدة والأرض التي احتلتها إسرائيل عام 1967م، ورسومات تبين مساحة الأرض، وما باعه الفلسطينيون الإقطاعيون والخونة ونسبتها 0.96%، أما الباقي منها، وسلبه اليهود فهو بنسبة 99.4%.
وتلا ذلك الفهارس والمصادر (ص 135 - 146). والكتاب جيّد في عرضه، ويناقش القضية بحقائق وإثباتات، ولكي يكون أدعى للإقناع، فإنه يستند كثيراً على آراء المنصفين من اليهود والغربيين، وهذا من باب مخاطبة الناس بما يعرفون لأن اليهود كشفوا كذب جماعتهم.