حدود الدم.. على ظهر ’’الشرق الأوسط الجديد’’
(حدود الدم) بهكذا عنوان نشرت مجلة القوة العسكرية الأمريكية في عام 2006 على موقعها بشبكة الإنترنت مقالا سياسيا (للجنرال رالف بيترس)، مدعما بخارطة جديدة تُظهر التقسيمات الجديدة لما أطلق عليه كاتب المقال (الشرق الأوسط الجديد). وجاء في صلب المقال طرح لفكرة التقسيم الجديد على الخارطة المصاحبة له. والتي تأخذ بعين الاعتبار أولا الطائفية العرقية والمذهبية الدينية. باعتبار أن تلك الرؤية الجديدة ستكون هي الحل الناجع لصنع استقرار عالمي سيؤمن الكثير من متطلبات التعايش السلمي في المناطق الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط بشكله الحالي. وتحقق فكرة الخارطة شرط الأمن على أرض الواقع وبامتداد زمني بعيد (حسب المقال). ولكل الفئات البشرية التي يكتظ بها بساط هذا الشرق الأوسط الكبير ببيئته المتنوعة بشريا وعقائديا وفكريا. وقد جاء استباقا، القول بأن تلك الخارطة لم تكن قد أُعدت مُسبقا على أساس المصالح التي تقتضيها المصلحة العليا للولايات المتحدة الأميركية. وإنما كهدف نهائي يأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة العليا لشعوب المنطقة بأسرها أولا. واعتمدت تقسيمات الخارطة في صلبها على ثلاثة أُسس ديموغرافية هي (العقائدية الدينية والقومية والمذهبية الفكرية). وأشار المقال صراحة وبشكل كارثي. إلى الثمن المطلوب لتحقيق ذلك على أرض الواقع. فأورد ولكي يتحقق التقسيم الجديد الحلم، فإنه لا بد من دفع الثمن الذي يتوازى مع حجم الطموح للمستقبل (حسب المقال). وقطع بأن الثمن لن يكون إلا (إراقة وسفك الدماء)! في الواقع تبدو الفكرة مدغدغة قليلا حينما تُفكر في الشروحات التحليلية التي أعقبت صدور المقال، وما جاء بين سطور المقال وعباراته. والتي تُبين الآمال والنتائج المرجوة من هذا التقسيم (الفكرة). وما وُصف بنُبل المقصد الإنساني والأخلاقي الذي يكمن خلف تلك الرؤية الجديدة للمستقبل البشري في منطقة الشرق الأوسط. وحجم الخيرات والمكتسبات المتوارية خلف قسوة المشهد الحالي الشاحب للمنطقة بوضعها الراهن. وأنه لن يتبدل الوضع إلى الأفضل طالما بقيت المنطقة بشكلها الحالي. وأن التوازن لن يتحقق إلا بتحقيق الشكل التقسيمي الجديد المقترح. غير أنك ما تلبث أن تهز رأسك بعنف لتتخلص من فكرة قتل الأبرياء وغير الأبرياء من البشر. لتسارع بالقول: إنها فكرة بربرية بثمن بربري في زمن يكذب على ثقافاته وتطوره وحضارته. وأُطروحة نازية لا تتوافق مع طبيعة الأهداف السامية المُعلنة التي تحدث عنها محللو المقال بإسهاب أحيانا. في الواقع لا يختلف اثنان على أن التاريخ لم يُخف على امتداده أشكال التغير الدائم على الخطوط الأرضية الفاصلة بين التجمعات البشرية التي تُسمى سياسيا بـ(الحدود). والتي تأخذ تسميتها وشرعيتها السياسية بعد ذلك وفق معاهدات وتحالفات القوى المتمكنة على الأرض. التي في الغالب تجمع بعض الصفات المشتركة لمجموعات بشرية بعينها. وبالعودة إلى المقال المشار إليه ومقارنة ما جاء فيه مع الأحداث والمتغيرات الحالية في المنطقة العربية تحديدا. فإننا سنلاحظ انطلاق مرحلة التنفيذ الذي سبق وأن حضرت له مرحلة التهيئة النفسية من خلال إطلاق الفكرة على الملأ في الأعوام السابقة والحديث عنها صراحة. ما يحدث في العراق لم يكن في الواقع إلا مقدمة لآلية التنفيذ على ما يبدو. فالعراق مؤهل للتقسيم في المستقبل القريب (سنة، شيعة، أكراد) على غرار ما حدث في الهند. غير أنه سيأخذ في الحسبان أكثر من الحالة الهندية التي تمخض عنها (الهند الهندوسية والباكستان المسلمة) وصراع العنف الذي لم ينم إلى وقتنا الحالي بين الجانبين ما يُثبت فشل أية تقسيمات تقوم في أسسها على فكرة مقال (حدود الدم). والشارعان المصري واليمني لا يبدوان في مأمن من جهنمية (فكرة المقال)، والمتأمل لهما سينال نصيبه من الذهول. أما ليبيا فقد دخلت المرحلة الثانية تقريبا بإعلان برقة الناري الأخير، الذي يطالب بالفيدرالية. والمشهد الدموي البشع والمؤلم في سورية الذي يندى له الجبين العربي والعالمي. قطعا يؤمن على شرط الثمن الدموي الذي تحدث عنه مقال (حدود الدم) الأميركي. فعن أي مستقبل يُبنى على القتل وسفك الدماء والبربرية يتحدث هذا المقال المهرطق. وأي سوداوية مقيتة تقف على بوابتها فكرة هذا المقال. لن أذهب بعيدا في قراءاتي للواقع العربي الراهن، ولن أجازف بطرح تأملاتي للأحداث، ولن أتمادى في طرح آرائي المستقبلية حول الأمر. لكنني سأكتفي بالقول: تُرى ماذا تُخبئ لنا بعد أيها الربيع العربي؟
صالح الديواني 2012-03-15 12:34 AM
(حدود الدم) بهكذا عنوان نشرت مجلة القوة العسكرية الأمريكية في عام 2006 على موقعها بشبكة الإنترنت مقالا سياسيا (للجنرال رالف بيترس)، مدعما بخارطة جديدة تُظهر التقسيمات الجديدة لما أطلق عليه كاتب المقال (الشرق الأوسط الجديد). وجاء في صلب المقال طرح لفكرة التقسيم الجديد على الخارطة المصاحبة له. والتي تأخذ بعين الاعتبار أولا الطائفية العرقية والمذهبية الدينية. باعتبار أن تلك الرؤية الجديدة ستكون هي الحل الناجع لصنع استقرار عالمي سيؤمن الكثير من متطلبات التعايش السلمي في المناطق الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط بشكله الحالي. وتحقق فكرة الخارطة شرط الأمن على أرض الواقع وبامتداد زمني بعيد (حسب المقال). ولكل الفئات البشرية التي يكتظ بها بساط هذا الشرق الأوسط الكبير ببيئته المتنوعة بشريا وعقائديا وفكريا. وقد جاء استباقا، القول بأن تلك الخارطة لم تكن قد أُعدت مُسبقا على أساس المصالح التي تقتضيها المصلحة العليا للولايات المتحدة الأميركية. وإنما كهدف نهائي يأخذ بعين الاعتبار المصالح المشتركة العليا لشعوب المنطقة بأسرها أولا. واعتمدت تقسيمات الخارطة في صلبها على ثلاثة أُسس ديموغرافية هي (العقائدية الدينية والقومية والمذهبية الفكرية). وأشار المقال صراحة وبشكل كارثي. إلى الثمن المطلوب لتحقيق ذلك على أرض الواقع. فأورد ولكي يتحقق التقسيم الجديد الحلم، فإنه لا بد من دفع الثمن الذي يتوازى مع حجم الطموح للمستقبل (حسب المقال). وقطع بأن الثمن لن يكون إلا (إراقة وسفك الدماء)! في الواقع تبدو الفكرة مدغدغة قليلا حينما تُفكر في الشروحات التحليلية التي أعقبت صدور المقال، وما جاء بين سطور المقال وعباراته. والتي تُبين الآمال والنتائج المرجوة من هذا التقسيم (الفكرة). وما وُصف بنُبل المقصد الإنساني والأخلاقي الذي يكمن خلف تلك الرؤية الجديدة للمستقبل البشري في منطقة الشرق الأوسط. وحجم الخيرات والمكتسبات المتوارية خلف قسوة المشهد الحالي الشاحب للمنطقة بوضعها الراهن. وأنه لن يتبدل الوضع إلى الأفضل طالما بقيت المنطقة بشكلها الحالي. وأن التوازن لن يتحقق إلا بتحقيق الشكل التقسيمي الجديد المقترح. غير أنك ما تلبث أن تهز رأسك بعنف لتتخلص من فكرة قتل الأبرياء وغير الأبرياء من البشر. لتسارع بالقول: إنها فكرة بربرية بثمن بربري في زمن يكذب على ثقافاته وتطوره وحضارته. وأُطروحة نازية لا تتوافق مع طبيعة الأهداف السامية المُعلنة التي تحدث عنها محللو المقال بإسهاب أحيانا. في الواقع لا يختلف اثنان على أن التاريخ لم يُخف على امتداده أشكال التغير الدائم على الخطوط الأرضية الفاصلة بين التجمعات البشرية التي تُسمى سياسيا بـ(الحدود). والتي تأخذ تسميتها وشرعيتها السياسية بعد ذلك وفق معاهدات وتحالفات القوى المتمكنة على الأرض. التي في الغالب تجمع بعض الصفات المشتركة لمجموعات بشرية بعينها. وبالعودة إلى المقال المشار إليه ومقارنة ما جاء فيه مع الأحداث والمتغيرات الحالية في المنطقة العربية تحديدا. فإننا سنلاحظ انطلاق مرحلة التنفيذ الذي سبق وأن حضرت له مرحلة التهيئة النفسية من خلال إطلاق الفكرة على الملأ في الأعوام السابقة والحديث عنها صراحة. ما يحدث في العراق لم يكن في الواقع إلا مقدمة لآلية التنفيذ على ما يبدو. فالعراق مؤهل للتقسيم في المستقبل القريب (سنة، شيعة، أكراد) على غرار ما حدث في الهند. غير أنه سيأخذ في الحسبان أكثر من الحالة الهندية التي تمخض عنها (الهند الهندوسية والباكستان المسلمة) وصراع العنف الذي لم ينم إلى وقتنا الحالي بين الجانبين ما يُثبت فشل أية تقسيمات تقوم في أسسها على فكرة مقال (حدود الدم). والشارعان المصري واليمني لا يبدوان في مأمن من جهنمية (فكرة المقال)، والمتأمل لهما سينال نصيبه من الذهول. أما ليبيا فقد دخلت المرحلة الثانية تقريبا بإعلان برقة الناري الأخير، الذي يطالب بالفيدرالية. والمشهد الدموي البشع والمؤلم في سورية الذي يندى له الجبين العربي والعالمي. قطعا يؤمن على شرط الثمن الدموي الذي تحدث عنه مقال (حدود الدم) الأميركي. فعن أي مستقبل يُبنى على القتل وسفك الدماء والبربرية يتحدث هذا المقال المهرطق. وأي سوداوية مقيتة تقف على بوابتها فكرة هذا المقال. لن أذهب بعيدا في قراءاتي للواقع العربي الراهن، ولن أجازف بطرح تأملاتي للأحداث، ولن أتمادى في طرح آرائي المستقبلية حول الأمر. لكنني سأكتفي بالقول: تُرى ماذا تُخبئ لنا بعد أيها الربيع العربي؟
صالح الديواني 2012-03-15 12:34 AM
للإطلاع على الوثيقة المُرفقة بالخرائط:
اضغط هنا لتحميل وثيقة حدود الدم
التي نُشرت في مجلة القوة العسكرية الأمريكية في عام 2006
للجنرال رالف بيترس _ مترجمة للعربية _
اضغط هنا لتحميل وثيقة حدود الدم
التي نُشرت في مجلة القوة العسكرية الأمريكية في عام 2006
للجنرال رالف بيترس _ مترجمة للعربية _