بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة اليهود ج3. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة اليهود ج3. إظهار كافة الرسائل

2014-09-26

الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة اليهود ج3


الرسول صلى الله عليه وسلم في مواجهة اليهود ج3

وليد ملحم
بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه:

نتابع: من الأساليب اليهودية في حرب الرسول صلى الله عليه ودعوته :

13- تمني ضلال المسلمين وعودتهم إلى الكفر :

لما شاهد اليهود تغير حال المسلمين وحسن سمتهم وأخلاقهم عند دخولهم الإسلام . حسدوا المسلمين وتمنوا عودتهم إلى الكفر والضلال كما هو حال اليهود دائما, وحتى لا يتميز المسلمون بخير يفتقده اليهود كما قال تعالى : {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء...الآية }النساء89.

وفي هذا السياق قال تعالى : {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }البقرة109

وقال جل ذكره : { وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ إِلا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } .

بعد الحرب القولية والعملية حارب اليهود المسلمين حتى في الأماني !!.

قال الإمام ابن كثير : يخبر تعالى عن حَسَدَ اليهود للمؤمنين وبَغْيهم إياهم الإضلال، وأخبر أنَّ وَبَالَ ذلك إنما يعود على أنفسهم، وهم لا يشعرون أنهم ممكور بهم.(تفسير ابن كثيرج2ص59)

ويقول الإمام السعدي : ومن المعلوم أن من ود شيئا سعى بجهده على تحصيل مراده، فهذه الطائفة تسعى وتبذل جهدها في رد المؤمنين وإدخال الشبه عليهم بكل طريق يقدرون عليه، ولكن من لطف الله أنه لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله فلهذا قال تعالى { وما يضلون إلا أنفسهم } فسعيهم في إضلال المؤمنين زيادة في ضلال أنفسهم وزيادة عذاب لهم( تفسير السعدي ص134).

14- كتم وإخفاء ما عندهم من صفات النبي محمد صلى الله عليه وسلم الدالة على صدقه :

والدليل على ذلك قوله تعالى : { يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون }

قال الإمام لشوكاني رحمه الله : { وَتَكْتُمُونَ الحق } يقول : تكتمون شأن محمد ، وأنتم تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة ، والإنجيل .(فتح القدير ج1ص 481).

قال الإمام الشنقيطي في معرض تفسيره لهذه الآية : فقد كانوا جبهة تضليل للناس ، وتحريف للكتاب . وتلبيس للحق بالباطل . كل ذلك عن قصد وعلم ، بدافع الحسد ومناصبة العداء وخصم هذا حاله فلا دواء له ، لأن المدلس لا يؤمن جانبه ، والمضلل لا يصدق ، والحاسد لا يشفيه إلا زوال النعمة عن المحسود ، ومن جانب آخر فقد قطع الله الطمع عن إيمانهم هـ .(أضواء البيان ج8 ص 184).

15- عدم تمني نزول الخير على المسلمين من العلم والحكمة :

لقد بخل اليهود حتى في الأمنيات على المسلمين كما سبق بعد أن ترجموا العداء إلى واقع عملي وصدق الله حيث قال : {مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَاللّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }البقرة105 .

قال الإمام ابن كثير: يبين بذلك تعالى شدة عداوة الكافرين من أهل الكتاب والمشركين، الذين حذر تعالى من مشابهتهم للمؤمنين؛ ليقطع المودة بينهم وبينهم. وينبِّه تعالى على ما أنعم به على المؤمنين من الشرع التام الكامل، الذي شرعه لنبيهم محمد صلى الله عليه وسلم (تفسير ابن كثير ج1ص 375)

قال ابن عباس : هم يهود المدينة ، ونصارى نجران ، فالمشركون مشركو أهل مكة . { أن ينزل عليكم } أي : على رسولكم . { من خير من ربكم } أراد : النبوة والإسلام . وقال أبو سليمان الدمشقي : أراد بالخير : العلم والفقه والحكمة .(زاد المسير ج1 ص107) .

16- سؤال العناد والاقتراح وليس سؤال التعلم والإرشاد :

قال تعالى : {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء153

عن السدي ، قوله : ( أن تنزل ، عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك) قالت له اليهود : إن كنت صادقا أنك رسول الله فأتنا بكتاب مكتوب من السماء كما جاء به موسى.( تفسير ابن أبي حاتم ج21ص383 ).

قال ابن جُرَيج: سألوه أن ينزل عليهم صحفا من الله مكتوبة إلى فلان وفلان وفلان، بتصديقه فيما جاءهم به. وهذا إنما قالوه على سبيل التعنت والعناد والكفر والإلحاد،(ابن كثير ج2ص446)

قال الإمام السعدي : وكذلك جعلهم الفارق بين الحق والباطل مجرد إنزال الكتاب جملة أو مفرقا، مجرد دعوى لا دليل عليها ولا مناسبة، بل ولا شبهة، فمن أين يوجد في نبوة أحد من الأنبياء أن الرسول الذي يأتيكم بكتاب نزل مفرقا فلا تؤمنوا به ولا تصدقوه؟(محاسن التاويل ص 213).

من هذه الرواية يتبين ان اليهود لم يفارقوا طبعهم في كثرة الأسئلة المملة والطلبات الغير معقولة .

17- استخدام أساليب المنافقين في إظهار الإسلام وإخفاء الكفر والضلال:

قال تعالى : {وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَىَ بَعْضٍ قَالُواْ أَتُحَدِّثُونَهُم بِمَا فَتَحَ اللّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَآجُّوكُم بِهِ عِندَ رَبِّكُمْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }البقرة76 أخرج عبد بن حميد ، عن قتادة في قوله : { وَإِذَا لَقُواْ الذين ءامَنُواْ قَالُوا ءامَنَّا } قال : هم اليهود ، وكانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ، فصانعوهم بذلك ليرضوا عنهم : { وَإِذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إلى بَعْضٍ } نهى بعضهم بعضاً أن يحدثوا بما فتح الله عليهم ، وبين لهم في كتابه من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، ونعته ، ونبوّته ، وقالوا : إنكم إذا ، فعلتم ذلك احتجوا بذلك عليكم عند ربكم { أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }(فتح القدير ج1ص127)

18- مساعدة الكفار على اختبار الرسول صلى الله عليه وسلم :

لقد اشترك اليهود ودخلوا على الخط مع كفار قريش في مجادلة الرسول صلى الله عليه وسلم واختباره حيث ألقى اليهود على كفار قريش بعض الأسئلة ليعرضوها على الرسول صلى الله عليه وسلم .

فعن ابن عباس: أن مشركي قريش بعثوا النضر بن الحارث ، وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة وقالوا لهم : سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء ، فخرجا حتى قدما المدينة فسألوا أحبار اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره ببعض قوله ، فقالت لهم أحبار يهود : سلوه عن ثلاث نأمركم بهن ، فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل ، وإن لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم ؛ سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإنه كان لهم حديث عجيب ، وسلوه عن رجل طواف قد بلغ مشارق الأرض ومغاربها ، وما كان نبؤه ؟ وسلوه عن الروح ما هو ؟ فأقبل النضر وعقبة حتى قدما مكة على قريش ، فقالا : يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد ، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور ، فأخبروهم بها (دلائل النبوة للبيهقي ج2ص154).

19- التنقص والطعن بمن اسلم من اليهود :

عَنْ أَنَسٍ قَال َسَمِعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ بِقُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْوَ فِي أَرْضٍ يَخْتَرِفُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ ثَلَاثٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا نَبِيٌّ فَمَا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ وَمَا أَوَّلُ طَعَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمَا يَنْزِعُ الْوَلَدُ إِلَى أَبِيهِ أَوْ إِلَى أُمِّهِ قَالَ أَخْبَرَنِي بِهِنَّ جِبْرِيلُ آنِفًا قَالَ جِبْرِيلُ قَالَ نَعَمْ قَالَ ذَاكَ عَدُوُّ الْيَهُودِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ { مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ }.

أَمَّا أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ فَنَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ وَأَمَّا أَوَّلُ طَعَامٍ يَأْكُلُهُ أَهْلُ الْجَنَّةِ فَزِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الرَّجُلِ مَاءَ الْمَرْأَةِ نَزَعَ الْوَلَدَ وَإِذَا سَبَقَ مَاءُ الْمَرْأَةِ نَزَعَتْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ وَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا بِإِسْلَامِي قَبْلَ أَنْ تَسْأَلَهُمْ يَبْهَتُونِي فَجَاءَتْ الْيَهُودُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ رَجُلٍ عَبْدُ اللَّهِ فِيكُمْ قَالُوا خَيْرُنَا وَابْنُ خَيْرِنَا وَسَيِّدُنَا وَابْنُ سَيِّدِنَا قَالَ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَسْلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالُوا أَعَاذَهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فَقَالُوا شَرُّنَا وَابْنُ شَرِّنَا وَانْتَقَصُوهُ قَالَ فَهَذَا الَّذِي كُنْتُ أَخَافُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (رواه البخاري باب من كان عدوا لجبريل ).

وعن ابن عباس قال : لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد ، ومن أسلم من يهود معهم ، فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام ، ونتجوا فيه ، قالت أحبار يهود ، أهل الكفر منهم : ما آمن بمحمد ولا اتبعه إلا شرارنا ، ولو كانوا من أخيارنا ما تركوا دين آبائهم ، وذهبوا إلى غيره . فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم : ( ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون ) - إلى قوله – ( وأولئك من الصالحين) (دلائل النبوة للبيهقي ج2ص404).

20- الاعتداء على أعراض المسلمين :

من أساليب اليهود الوضيعة هو التعدي على الضعفاء من المسلمين وخاصة إذا سنحت لهم الفرصة لم يتوانوا عن استغلالها في الاعتداء على نفس المسلم أو عرضه.

قالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَذَكَرَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، عَنْ أَبِي عَوْنٍ قَالَ كَانَ مِنْ أَمْرِ بَنِي قَيْنُقَاع َ أَنّ امْرَأَةً مِنْ الْعَرَبِ قَدِمَتْ بِجَلَبٍ لَهَا ، فَبَاعَتْهُ بِسُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ ، وَجَلَسَتْ إلَى صَائِغٍ بِهَا ، فَجَعَلُوا يُرِيدُونَهَا عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا ، فَأَبَتْ فَعَمِدَ الصّائِغُ إلَى طَرَفِ ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إلَى ظَهْرِهَا ، فَلَمّا قَامَتْ انْكَشَفَتْ سَوْأَتُهَا ، فَضَحِكُوا بِهَا ، فَصَاحَتْ . فَوَثَبَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الصّائِغِ فَقَتَلَهُ وَكَانَ يَهُودِيّا ، وَشَدّتْ الْيَهُودُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَتَلُوهُ فَاسْتَصْرَخَ أَهْلُ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْيَهُودِ ، فَغَضِبَ الْمُسْلِمُونَ فَوَقَعَ الشّرّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي قَيْنُقَاعَ .(سيرة ابن هشام ج2ص47)

قال الشيخ الألباني: قلت : إسناده مرسل معلق فإن ابن هشام قال ( 3 / 51 ) : ( وذكر عبد الله بن جعفر بن المسور بن مخرمة عن أبي عون قال . . . ) فذكره . وأبو عون اسمه محمد بن عبد الله الثقفي الكوفي الأعور مات سنة ( 116 ) فهو تابعي صغير فلم يدرك الحادثة وعبد الله بن جعفر المخرمي من شيوخ الإمام أحمد مات سنة ( 170 ) فبينه وبين ابن هشام مفاوز فهو إسناد ضعيف ظاهر الضعف (دفاع عن الحديث النبوي والسيرة ص 26).

ورغم أن القصة ضعيفة كما ضعفها الشيخ الألباني إلا أن أهل السير ذكروها في كتبهم وجعلوها احد أسباب الحرب بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين يهود بني قينقاع .

21- التفاخر على المسلمين أنهم شعب الله المختار وان الله لن يعذبهم في الآخرة:

من عادة صاحب كل عقيدة باطلة هي التفاخر والشعور بالعلو والرفعة على صاحب الحق من المخالفين لعقيدته وهذا شيء ملموس ومشاهد ونجد هذا واضحا وجليا عند اليهود حيث ان عقيدة شعب الله المختار تعتبر أساس منه ينطلقون في تحديد طريقة حياتهم وتنظيم عيشهم . وقد حاججهم الله ورد عليهم دعواهم تلك ولكنهم لم يستطيعوا الجواب ولا الجدال !!.

قال تعالى:{قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ }الجمعة6. 7

وقال تعالى : { قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } . البقرة96

قال الإمام السعدي : أي: { قُلْ } لهم على وجه تصحيح دعواهم: { إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآخِرَةُ } يعني الجنة { خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ } كما زعمتم، أنه لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى، وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة، فإن كنتم صادقين بهذه الدعوى { فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ } وهذا نوع مباهلة بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.(محاسن التاويل ص59).

22- الطعن في رب المسلمين ونسبة الفقر إليه تعالى الله عما يقولون :

ليس بغريب على اليهود الطعن في رب العالمين فكم طعنوا به جل وعلا في توراتهم المحرفة ونسبوا إليه النقائص ومن يطلع على تلك التوراة يتبين له ذلك بوضوح . واستعملوا نفس الأسلوب عند بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم , وفي هذا دليل على انه ليس في قلوبهم أدنى توقير لله , وهذا ناتج من تعشعش الكفر والضلال والشياطين في قلوبهم ,قال تعالى : {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ }آل عمران181

قال سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما نزل قوله: { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً } [البقرة:245] قالت اليهود: يا محمد، افتَقَرَ ربّك. يَسأل عباده القرض؟ فأنزل الله: { لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ } الآية. رواه ابن مردويه وابن أبي حاتم.(تفسير ابن كثير ).

وفي رواية ذكرها الطحاوي في المشكل : قال فنحاص (اليهودي) : يا أبا بكر ، والله ما بنا إلى الله عز وجل من فقر ، وإنه إلينا ليفتقر ، وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا ، وإنا عنه لأغنياء ، ولو كان عنا غنيا لما استقرضنا أموالنا كما يزعم صاحبكم ، ينهاكم عن الربا ويعطيناه ، ولو كان عنا غنيا ما أعطانا الربا ، فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ...الحديث (مشكل الآثار ج4ص 379) .

23- دعوى بعض اليهود ان الرسول صلى الله عليه وسلم ليس نبيا وانه لم ينزل وحي بعد موسى عليه السلام :

روى البيهقي في الدلائل عن ابن إسحاق بسنده إلى ابن عباس :

وكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤساء من أحبار يهود ، منهم : عبد الله بن صورى الأعور وكعب بن أسد فقال لهم : يا معشر يهود ، اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم لتعلمون أن الذي جئتكم به الحق ، قالوا : ما نعرف ذلك يا محمد ، وجحدوا ما عرفوا ، وأصروا على الكفر ، فأنزل الله عز وجل فيهم (يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فنردها على أدبارها ) . الآية . قال سكين وعدي بن يزيد : يا محمد ما نعلم الله أنزل على بشر من شيء من بعد موسى ، فأنزل الله في ذلك من قولهم ( إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده ) إلى آخر الآية (دلائل النبوة للبيهقي ج2ص404).

قال لهم معاذ بن جبل وسعد بن عبادة ، وعقبة بن وهب : يا معشر يهود اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، ولقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه وتصفونه لنا بصفته ، فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهوذا : ما قلنا هذا لكم ، ولا أنزل الله من كتاب بعد موسى ، ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا من بعده ، فأنزل الله عز وجل في قولهما} يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل { (دلائل النبوة للبيهقي ج2ص404).

24- إخفاء نصوص من التوراة توافق ما جاء في كتاب الله من الأحكام :

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ (رواه البخاري : باب قول الله تعالى يعرفونه كما يعرفون ).

ويبدو أن اليهود كانوا يريدون أن يطعنوا في خلق الرسول وعدله ونزاهته بتعريضه لقضايا يساومونه فيها على الميل لجانبهم أو جانب بعضهم حتى يثبتوا للمسلمين أو يثبتوا للمعجبين به من قومهم أن الرجل ليس نبيا وان الدنيا تستهويه كما تستهوي غيره من الناس (يهود يثرب وخيبرص68).

25- إنكار إنزال شيء من الكتب على أي بشر وهو من باب رد ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم :

قال تعالى: }وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آَبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ {

قال الإمام السعدي : هذا تشنيع على من نفى الرسالة، [من اليهود والمشركين] وزعم أن الله ما أنزل على بشر من شيء، فمن قال هذا، فما قدر الله حق قدره، ولا عظمه حق عظمته، إذ هذا قدح في حكمته، وزعم أنه يترك عباده هملا لا يأمرهم ولا ينهاهم، ونفي لأعظم منة، امتن الله بها على عباده، وهي الرسالة، التي لا طريق للعباد إلى نيل السعادة، والكرامة، والفلاح، إلا بها، فأي قدح في الله أعظم من هذا؟"

{ قُلْ } لهم -ملزما بفساد قولهم، وقرِّرْهم، بما به يقرون-: { مَنْ أَنزلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى }هـ. (محاسن التاويل ص 465).

26- الاستخفاف بالرسول صلى الله عليه وسلم واستصغار شأن المسلمين في مقابل تعظيم شأن اليهود :

من أخلاق اليهود الكبر والغرور والنظرة الفوقية للآخرين وهذا نابع من عقيدتهم أنهم شعب الله المختار .

عن ابن عباس ، أنه قال : لما أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا يوم بدر فقدم المدينة جمع يهود في سوق قينقاع فقال : يا معشر يهود ، أسلموا قبل أن يصيبكم بمثل ما أصاب قريشا . فقالوا : يا محمد ، لا يغرنك من نفسك أنك قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا لا يعرفون القتال ، إنك لو قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس ، وأنك لن تلق مثلنا ، فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهم : ( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله .(دلائل النبوة للبيهقي ج3ص194) .

27- الفرح عند إصابة المسلمين بنوع من البلاء :

قال تعالى:{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ }آل عمران120

قال الإمام السعدي : قال الله مهيجا للمؤمنين على الحذر من هؤلاء المنافقين من أهل الكتاب، ومبينا شدة عداوتهم { هاأنتم أولاء تحبونهم ولا يحبونكم وتؤمنون بالكتاب كله }.

{ إن تمسسكم حسنة } كالنصر على الأعداء وحصول الفتح والغنائم { تسؤهم } أي: تغمهم وتحزنهم { وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط } فإذا أتيتم بالأسباب التي وعد الله عليها النصر - وهي الصبر والتقوى- لم يضركم مكرهم، بل يجعل الله مكرهم في نحورهم لأنه محيط بهم علمه وقدرته فلا منفذ لهم عن ذلك ولا يخفى عليهم منهم شيء.(محاسن التاويل ص65).

خاتمة :

خلال هذه الجولة في عدد من الممارسات اليهودية ضد رسولنا الكريم وصحابته الميامين يمكن استنتاج بعض الصفات في الشخصية اليهودية وهي أنها شخصية وضيعة وذليلة وغاية في الخسة والغدر, وبعيدة كل البعد عن الشجاعة في المواجهة الحقيقية وتغتنم الفرص الخفية البعيدة عن الأعين لاقتناص عدوها وهذه من صفات الجبناء .

أو استعمال ألفاظ تحتمل عدة معاني ويقصدون المعنى السيئ وليس ذلك إلا للتنفيس عن حقدهم وشفاء غليلهم .

رغم امتلاك اليهود كل أسباب القوة من المال الوفير والرجال والسلاح إلا أنهم لم يستخدموا أو يستغلوا تلك الطاقات الكبيرة في مواجه شريفه مع عدوهم كما فعل الروم والفرس مع المسلمين , بل لجئوا إلى أساليب الضعفاء في استعمال طرق الهمز واللمز والتحريض وبث الفرقة بين المسلمين والاعتداء على النساء والأطفال ونقض العهود والتعامل مع المنافقين وكفار قريش وكانوا هم دائما من خلف الستار حريصين على تحريك المشهد عن بعد !!. من يدرس هذه الطائفة يجدها غريبة الأطوار غريبة التصرفات لا تكاد ترضى بحل ولا تلتقي مع أي احد عند منتصف الطريق, ولا تكفي مجلدات لتحليل الشخصية اليهودية , فهذا النبي الكريم الذي يجدونه مكتوبا عندهم ويعرفونه كما يعرفون أبنائهم ويقول احدهم للآخر اهو هو فيجيب الآخر نعم هو فيكون الجواب لأعاديه ما حييت أبدا !! أليس هو الرسول الذي تبشرون به وتنتظرونه فلماذا العداء اذا ؟ , .

أن قوما هذا مستوى أخلاقهم, لا يعرفوا إلا لغة القوة ولا حل معهم إلا استعمال العصا الغليظة الموجه إلى أم رؤوسهم.

فعلى مدى التاريخ وخلال تجارب الشعوب معهم توصلت تلك الشعوب إلى هذه النتيجة المرة لذا كثرت مذابح اليهود وكرههم وعلى مدار التاريخ . حتى أصبحوا رمزا لكل أمر مشين . فعلى سبيل المثال هذا شكسبير الكاتب القصصي الشهير عندما ألف روايته تاجر البندقية كان احد رموز القصة التاجر اليهودي شيلوك والذي وصفه شكسبير بأنه تاجر واسع الثراء من المال الحرام مرابي وعزم على قطع رطل من لحم جسم احد المقترضين منه لعدم سداد الدين الربوي في الموعد المحدد هذه صفة اليهودي في أدبيات الشعب الأوربي.

أما نحن المسلمين فقد اختصر ديننا الطريق لنا في كيفية التعامل مع هؤلاء القوم رغم وجود التجربه المريرة معهم والمسطرة في كتب السير لمن أراد الاستزادة والوقوف على طريقة القوم وأخلاقهم ومن هذا المنطلق كانت هذه الدراسة لتكون لبنة في المواجه مع اليهود أعداء الأنبياء والرسل .