انتصر فلسطينيو الأراضي المحتلة عام 1948 أمس، لمنطقة النقب المهددة بنكبة ثانية، بيوم غضب شهدت فيه المدن والقرى إضراباً عاماً ومظاهرات ومواجهات مع شرطة الاحتلال.
واعتقلت شرطة الاحتلال 14 شخصاً خلال المظاهرة الاحتجاجية على مشروع تهويد النقب وتهجير عشرات الآلاف من سكانه الأصليين (مخطط برافر) التي نظموها في مدينة بئر السبع المحتلة عام 48 . ورفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وشعارات تندد بمخطط “إسرائيلي” استعماري يهدف لتطهير عرقي في صحراء النقب، وأطلقوا هتافات تؤكد رفض المخطط وتمسكهم بالدفاع عن الأرض . واعتدت شرطة الاحتلال على عضو “الكنيست” جمال زحالقة رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي والمتظاهرين بالهراوات خلال المواجهات مع الشرطة أمام مكتب ما يسمى ب”سلطة توطين البدو”، في مدينة بئر السبع.
وكان المتظاهرون في بئر السبع أغلقوا الشارع الرئيس أمام مكتب تهجير عرب النقب، ما يسمى ب”سلطة توطين البدو”، رافضين الانصياع لأوامر الشرطة بإخلاء المكان.
وشهد البلدات داخل الأرض المحتلة عام 48 إضراباً شاملاً في جميع مرافق الحياة، بما في ذلك المؤسسات العامة، والسلطات المحلية، رفضاً لمخطط “برافر” الاقتلاعي القاضي بمصادرة نحو مليون دونم وتهجير نحو 80 ألف فلسطيني بحجة تجميع البدو وتطوير النقب، وأثنى زحالقة على التزام وتجاوب الفلسطينيين مع دعوات الإضراب والتظاهر، مشيراً إلى أن هذا التجاوب يؤكد نضوجهم ووعيهم للتحديات وغضبهم على مشروع التشريد عن أرضهم في نكبة أخرى لم ولن يقبلوا بها، ورداً على سؤال “الخليج” قال زحالقة إنه في حال فرضت المواجهة على فلسطينيي الداخل فسيخوضون مواجهة وينتصرون لأنهم أصحاب حق وأرض ولن يتنازلوا.
من جهته، اعتبر القيادي عبد الكريم عتايقة من النقب إن هذه الخطوة هي أول الغيث، وأن عمل أهل النقب من أجل الدفاع عن أنفسهم أمام سياسة غاشمة ومتغطرسة، يجب أن يتصاعد بصورة منظمة ومنهجية ومتواصلة أكثر، مؤكدا أنه “عند اتخاذ القرار بخوض المعركة إنما لننتصر لقضايانا ونؤكد الرسالة القوية للمؤسسة، أننا ماضون حتى الانتصار” .
واختتمت المظاهرة الجماهيرية أمام مبنى “سلطة توطين البدو” وأشار عطية الأعسم رئيس المجلس الإقليمي للقرى مسلوبة الاعتراف بكلمته إلى خطورة المخطط مطالبا بالتصدي له، ومؤكدا أنه لن ترفع الراية البيضاء إلا بعد إلغاء هذا المخطط مهما كلف الثمن وحتى الشهادة”.
وقالت الناطقة باسم شرطة الاحتلال لوبا السمري “شارك نحو 800 متظاهر في مدينة بئر السبع في النقب، أوقفت الشرطة 15 مشتبهاً فيه، قبل أن تنتهي المظاهرة”، بذريعة “خرق شروط الموافقة على المظاهرة”، وأقرت باستخدام القوة لتفريق المتظاهرين.
وأكد زحالقة “هذا قانون عنصري وأهلنا في النقب موحدون لإسقاطه ولن يتعاطوا معه ونحن العرب في الكنيست مزقنا نسخ هذا القانون”، أما عضو “الكنيست” السابق طلب الصانع فقال “هذا المشروع يهدف إلى تهجير السكان ومصادرة أراضي النقب، حتى إن هذه اللجنة لم تتشاور مع العرب ولم تتشاور مع أحد، وكأننا كعرب قصر وهم أوصياء علينا، حتى إنهم لم يعترفوا بقرية واحدة من القرى غير المعترف بها” .
وقال عضو الكنيست محمد بركة عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة لوكالة “فرانس برس” “هذه بداية المعركة ضد هذا القانون الذي سنعمل على إسقاطه”، وأضاف بركة الذي شارك في مظاهرة شفاعمرو في الجليل إن “المئات من المتظاهرين” شاركوا .
وأغلق المتظاهرون في شفاعمرو مفترق الناعمة قرب المدينة ضمن فعاليات إضراب الغضب، حيث تظاهر حشد كبير في المكان رافعين الشعارات التي تطالب بإسقاط مخطط “برافر” .
وأفادت شرطة الاحتلال “أن نحو 120 متظاهراً من أم الفحم نزلوا إلى الشارع الرئيس للبلدة فأغلقوه”، لكن الشرطة حملتهم على الوقوف على الأرصفة وفتح الطريق.
وأعلن أسرى سجن جلبوع عن مشاركتهم في الإضراب العام من خلال رفض مجموعة من الفعاليات وإغلاق السجن والمرافق الخاصة بهم دفاعاً عن الهوية والانتماء والأرض.
في رام الله وسط الضفة الفلسطينية، شارك مئات المتظاهرين في مسيرة وسط المدينة تضامنا، ورفعوا الأعلام الفلسطينية ورددوا الشعارات الوطنية منها “من رام الله إلى النقب “برافر” لن يمر” . وشن المشاركون في المسيرة هجوماً لاذعاً على ياسر عبد ربه أمين السر للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احتجاجاً على تنظيمه لقاء “تطبيعياً” في رام الله.
من جهتها، أكدت حركة “حماس” أنّ ما يسمى قانون “برافر” مخطط تهجيري خطر واستهداف للوجود الفلسطيني، وقال المتحدث باسم حركة “حماس” فوزي برهوم في بيان له “يجب الوقوف في وجه هذا المخطط ومواجهته والتصدي له بكل قوة”، وحمّل “حكومة الاحتلال العنصرية المتطرفة كل تبعات هذا المشروع الخطير”، محذراً من استغلال الانشغال المصري والعربي للتغول على شعبنا وأرضه ومقدساته، ومشدداً على “ضرورة اتخاذ السلطة الفلسطينية قرارا فوريا بمقاطعة كل أشكال التفاوض مع الاحتلال، وإطلاق يد المقاومة”.
وقال صلاح البردويل القيادي في “حماس” إن هذا المشروع مرفوض ويستدعي وقف أي أشكال للتعاون مع “إسرائيل”، واعتبر أن خطة “برافر” تأتي “في سياق تمادي “إسرائيل” في عملية التطهير العرقي والقضاء على أي سبيل لقيام دولة فلسطينية”.
وقال مركز “الميزان” لحقوق الإنسان إن قانون “برافر-بيغن” هو محاولة مفضوحة لاستكمال الاستيلاء على ما تبقى من الأراضي المحتلة عام ،1948 وأضاف أن القانون ستكون آثاره كارثية في السكان العرب البدو وسيشكل في حال نجاحة مدخلاً لتكريس نظام عنصري.
المصدر: الخليج