تعليق حول كتاب فلسطين المتخيلة للدكتور فاضل الربيعي
أيها السادة اسمحوا لي قبل كل شيء أن أعبر عن إعجابي العميق بالجهد
الكبير الذي بذله المفكر العربي الكبير الأستاذ فاضل الربيعي في توضيح
المغالطات التاريخية التي غيرت التاريخ وأثبتت حقيقة تواجد اليهود اليهودية
وأسباط اليهود، استنادا إلى الأصول الأصلية وغير المحرفة لأسفار التوراة،
مرفقة بالبراهين بدلالاتها ومعانيها معتمدا بذلك على فهمه الصحيح للغة
العبرية التي كتبت بها الأسفار ومذكراً أحيانا بسوء الفهم لبعض النصوص التي
ترجمت إلى لغات أخرى...
وقبل أن أبدأ بالتعليق على روعة مؤلفه الكبير (فلسطين المتخيلة) لا بد لي أيضاً من أن أكرر إعجابي بمؤلفاته التي قدر لي أن اطلع عليها والتي أكد ما ذكرته الآن ويتوافق أيضاً مع حبي للمزيد من المعرفة في هذا الخصوص وأذكركم أنني سعدت قبل مرة في المشاركة بمحاورة الربيعي قبل أكثر من عام عندما ألقى محاضرته "أبطال بلا تاريخ" هنا في هذا المركز وعودة إلى فلسطين المتخيلة ، يبدو لي أن هذا المؤلف هو كنز بحد ذاته حيث يبرهن بما لا يدعو إلى الشك أن الأحداث التي ذكرتها الأسفار عن مكان تواجد أسباط اليهود لا تتوافق إطلاقاً على أرض فلسطين ويستشهد ذلك بنصوص التوراة التي ذكرت في ، ويعطي البرهان بالدليل القاطع إن معاني هذه النصوص لا تطابق في أوصافها أي موقع في فلسطين بل ،إن مكان تواجدها كان في جنوب الجزيرة العربية ويبرهن على ذلك بتوافق أسماء هذه المواقع التي ذكرت الأسفار أنها كانت مكان إقامة للأسباط مع ما جاء في معلومات الهمذاني وأيضاً ما ذكره شعراء الجاهلة في قصائدهم ويبن بالتالي أن هؤلاء الشعراء ذكروا نفس أسماء المواقع الواردة ي نصوص التوراة على أنها أماكن تواجد أسباط اليهود ، شارحاً بذلك أيضا مكان وجودها.
ولكي يأخذ البحث أهميته المطلوبة يتوقف الأستاذ الربيعي أحيانا عند بعض النقاط الغامضة التي يتوقع أن القارئ قد يجد فيها التباسا مثلاً من ذكر بعض مواقع أقام بها السبط من أسباط اليهود أو حدثت فيه موقعة ما، قد تتشابه بعض الأسماء لأي أسماء هذه المواقع مع مواقع أخرى في فلسطين.
غير أن الأستاذ الربيعي يوضح أن بعض هذه المواقع الملتبسة لا تنطبق عليها أيضاً سير العمليات التي كانت تحدث بحيث يتابع سير هذه العمليات ويستعرض الأسماء التي تمت في أسفار التوراة ويخرج بنتيجة حتمية أن هذا العرض لا ينطبق مطلقاً على المواقع المشبه بها في أرض فلسطين ، وأورد مثلاً بسيطاً حول كلمة (لبنان) مثلاً التي ورد ذكرها في نص من نصوص التوراة ضمن واقعة ما يستغرب القارئ كيف حشرت في هذا النص ضمن مواقع بعيدة عنها كل البعد ولا وجود لها قرب لبنان أو حولها، ويخلص الأستاذ الربيعي أن لبنان هذه عبارة عن اسم لجبلين متجاورين كل واحد منهما يدعى لبن فهذان الجبلان في إحدى نصوص الأسفار ذكرا معاً .
وفي هذا الموضوع كنت قد تحدثت في محاضرتي منذ 6 أشهر تقريباً بعنوان "الصهيونية وأسطورة أرض الميعاد" ألمحت إلى هذا الأمر غير أنني لم استطع البرهان عليه كما فعل الأستاذ الربيعي ، أنا قلت في محاضرتي أن الترجمة الصهيونية للتوراة قد حرفت أسماء المواقع في ما يتوافق مع المواقع في جنوب سوريا بهدف الإيحاء أن هذه الأحداث حصلت فيها.
و يؤسفني أيها السادة أنني لا استطيع أن انقل لكم كل الحقائق التي ذكرها الأستاذ الربيعي بما لا يقبل الشك بأن وقائع أحداث الأسفار في التوراة حصلت في جنوب الجزيرة العربية .
وأرجوا ممن يهمه أن يستمع في معرفة الحقائق أن يقرأ هذين المجلدين الرائعين للأستاذ الربيعي ليتبين أن حقائق التاريخ التي نشرتها الصهيونية كلها كاذبة وأهدافها مكشوفة تماماً.
هذا ولا أريد أن أختم هذا التعليق قبل أن أذكر أن الأستاذ الربيعي لم ينسى ان يؤكد مرة أخرى أن بعض الحقائق التي يقال أنها تاريخية لا تتعدى كونها أساطير ويورد أمثلة عديدة على هذه الأساطير.
وبمقدار ما فهمت من أسطورة موسى ووجوده وهو طفل في صندوق خشبي يطفو على سطح الماء ثم رؤية جواري إمرة فرعون له وجلبه إليها لـتأخذه وتربيه في قصر فرعون، ثم السيرة المختلقة التي تلت ذلك تتشابه كثيراً مع أساطير لمشاهير أغريق وبابليين يذكرها الأستاذ الربيعي حيث يقول أن أسطورة رمي موسى في النهر داخل سلة هي أسطورة أقدم من النص التوراتي وأقدم من اليهودية نفسها، وإلى ذلك فهي أسطورة طبق الأصل عن حكاية رمي سرجون الأكدي الأول في النهر والتي دونتها الألواح السومرية قبل أكثر من أربعة آلاف عام، وهي بحد ذاتها أسطورة طبق الأصل عن أسطورة إغريقية تعرف عند الإغريق بأسطورة (أيون) أيضا تحكي نفس الحكاية.
هذه الأساطير أو الحكايات التي تريد الصهيونية أن ترسخها في عقول العالم من خلال مسلسلات إعلامية خرافة لا تمت إلى الحقيقة والواقع بصلة مثل مسلسل (هيركولوليس) الخيالي الذي يحكي وقائع خيالية لا يمكن أن يقبلها عقل أو منطق إلا من خلال السرد القصصي الذي يتماشى مع خيال الأسطورة.
وعودة إلى كتاب فلسطين المتخيلة الجدير بالذكر والممتع في هذين المجلدين، أن الأستاذ الربيعي يورد النص التوراتي الذي يتحدث عن سبط ما من أسباط بني إسرائيل باللغة العبرية ( وطبعاً نحن لا نفهم منه شيئاً بل لا نعرف حتى قراءته) وبعد ذلك يقوم بترجمة هذا النص إلى العربية تماماً كما ورد ثم يقوم بشرحه والتعليق عليه وبعد ذلك يذكر أحياناً كيف جرى التحريف على هذا النص في ترجمات أخرى ويضع الحقائق بيم يدي القارئ عندما يقول أن التشكيك في الترجمات الأخرى هو وارد أحياناً نظراً لجهل هؤلاء التراجمة من لهجة أصل الجنوب في الجزيرة العربية أولاً ثم تسليمهم أن الترجمات الأخرى بغير اللغة العربية لم تفهم المعنى الحقيقي لهذه اللهجات التي يؤكد الأستاذ الربيعي أنها ما زالت تستعمل حتى الآن في اليمن.
شيء آخر نستنتجه من كتابي فلسطين المتخيلة أن هناك العديد من المواقع التي لها نفس الأسماء في جنوب الجزيرة العربية مثل موقع يبوس وأورشليم التي تتشابه بكلمة أورسالم في الجزيرة العربية والنتيجة التي يخلص أليها الكتاب أن أإسفار التوراة التي تحدثت عن مواقع إقامة الأسباط التي اعتنقت اليهودية كلها كانت في جنوب الجزيرة العربية وليست في فلسطين.
الحقيقة أن الأستاذ الربيعي أضاف إلى معلوماتنا عند عدم أحقية اليهود المزعومة في أرض فلسطين، أضاء النور لي في معرفة حقيقة السبي البابلي الذي كنت أعتقد انه جرى في فلسطين، وكتاب الأستاذ الربيعي يؤكد أن السبي البابلي تم أيضاً في جنوب الجزيرة العربية ويرسم خط سير القوات البابلية التي انتهت إلى جنوب الجزيرة العربية حيث تم السبي وسوق اليهود إلى بابل.
بقي شيء آخر أرجو من الباحث الأستاذ الربيعي من الإجابة عليه حيث أن البعض يستوضح كيف جاءت اليهودية إلى فلسطين وكيف أثرت في المسيحية وتآمرت عليها وتسببت أيضاً في مقتل السيد المسيح طالما أن نشأتها كانت في الجزيرة العربية وبقيت حتى ظهور الإسلام فيها حتى أن يثرب أو المدينة المنورة كانت تحوي العديد منهم أثناء الدعوة الإسلامية ويسعدني أن اختم أن ما ذكره الأستاذ الربيعي يتوافق مع ما جاء في مقالة العالم الأركيولوجي زائيف هيرتفروغ الأستاذ في جامعة تل أبيب والتي نشرتها صحيفة هارتز بتاريخ28/11/1999 حيث قال أن الحفريات المختلقة في أرض إسرائيل خلال القرن العشرين قد أوصلتنا إلى نتائج محبطة، فكل شيء مختلق ونحن لم نعثر على شيء يتفق مع الرواية التوراتية وأن قصص الآباء من سفر التكوين هي مجرد أساطير ونحن لم نهبط إلى مصر ولم نخرج منها ولم نته في صحراء سينا ولم ندخل إلى فلسطين في حملة عسكرية صاعقة احتلت الأرض ووزعتها على الأسباط وأصعب الأمور أن الملكة الموحد لداوود وسليمان التي توصف بالتوراة بأنها دولة عظيمة كانت في أفضل الأحوال دولة قليلة.
ويضيف هيرتفروغ قائلاً إنني أدرك باعتباري واحدا من أبناء الشعب اليهودي وتلميذا للمدرسة التوراتية بدل الإحباط الناجم عن الهوة بين آمالنا في إثبات تاريخ التوراة وبين الحقائق التي تكتشف على أرض الواقع ، وخلاصة القول أن كتاب فلسطين المتخيلة يؤكد أن الأحداث التي ذكرتها أسفار التوراة والتي تتحدث عن أماكن تموضع الأسباط اليهودية كلها جرت في جنوب الجزيرة العربية وأكد الكتاب أن التركيز دون وجه حق على موجود علاقة بين قصص التوراة وفلسطين يندرج بكل يقين في سياق قراءة استشراقية تعسفية لا أساس لها.
لأن التوراة لا تذكر اسم فلسطين قط فضلاً عن أنها لا تعرف الفلسطينيين، ولا ترسم اسمه في هذه الصورة بل في صورة فلستيم أي الفكسيون وهؤلاء جماعة يمنية من العرب البائدة عرفت تاريخياً بعبادة الإله فكس إلى قبيلة طيء العربية البدوية الشهيرة .
ويعتقد الكاتب أن التوراة نقلت بعضاً من أساطيرها وقصص مروياتها عن أساطير وقصص يونانية ...
شيء آخر استنتجته من كتاب فلسطين المتخيلة أن مملكة سليمان التي وصفت أنها مملكة كبيرة وعظيمة لم تكن كذلك، ولم تقم في فلسطين بل أن مركزها كان في أورسالم في الجزيرة العربية، هذا عدا عن السلوكية غير اللائقة التي رافقت تشكيل هذه المملكة والأحداث التي لا تتوافق مع ما قد سبق الدعوة إلى ديانته وصفت بأنها سماوية والتي لا يمكن لأي دين أن يقبل بها كما حدثتنا الأسفار عنها في سلوكية ايشالوم ابن داوود واغتصابه لأخته ثم تآمره على أخيه ثم أبيه داوود كي يستولي على الحكم فتصوروا أيها السادة بمن تفاخر اليهودية في نشر دعوتها.
وفي الختام دعوني أشكر الأستاذ الربيعي على إضاءته هذه حول عدم مصداقية كل المساعي التي قامت بها الصهيونية بدءاً من كتابة الأسفار ومروراً بتحريفها من خلال الترجمات ثم تفسيرها بعض في النص التلمودي الذي يعتبر مثلاً قائلاً للعدوانية وانتهاءً بالصهيونية التي انتزعت وعد بلفور المشئوم الذي أدى إلى اغتصاب فلسطين وطرد أهلها منها.
د.فؤاد حمزة
ندوة في المركز الثقافي
السويداء / سورية
وقبل أن أبدأ بالتعليق على روعة مؤلفه الكبير (فلسطين المتخيلة) لا بد لي أيضاً من أن أكرر إعجابي بمؤلفاته التي قدر لي أن اطلع عليها والتي أكد ما ذكرته الآن ويتوافق أيضاً مع حبي للمزيد من المعرفة في هذا الخصوص وأذكركم أنني سعدت قبل مرة في المشاركة بمحاورة الربيعي قبل أكثر من عام عندما ألقى محاضرته "أبطال بلا تاريخ" هنا في هذا المركز وعودة إلى فلسطين المتخيلة ، يبدو لي أن هذا المؤلف هو كنز بحد ذاته حيث يبرهن بما لا يدعو إلى الشك أن الأحداث التي ذكرتها الأسفار عن مكان تواجد أسباط اليهود لا تتوافق إطلاقاً على أرض فلسطين ويستشهد ذلك بنصوص التوراة التي ذكرت في ، ويعطي البرهان بالدليل القاطع إن معاني هذه النصوص لا تطابق في أوصافها أي موقع في فلسطين بل ،إن مكان تواجدها كان في جنوب الجزيرة العربية ويبرهن على ذلك بتوافق أسماء هذه المواقع التي ذكرت الأسفار أنها كانت مكان إقامة للأسباط مع ما جاء في معلومات الهمذاني وأيضاً ما ذكره شعراء الجاهلة في قصائدهم ويبن بالتالي أن هؤلاء الشعراء ذكروا نفس أسماء المواقع الواردة ي نصوص التوراة على أنها أماكن تواجد أسباط اليهود ، شارحاً بذلك أيضا مكان وجودها.
ولكي يأخذ البحث أهميته المطلوبة يتوقف الأستاذ الربيعي أحيانا عند بعض النقاط الغامضة التي يتوقع أن القارئ قد يجد فيها التباسا مثلاً من ذكر بعض مواقع أقام بها السبط من أسباط اليهود أو حدثت فيه موقعة ما، قد تتشابه بعض الأسماء لأي أسماء هذه المواقع مع مواقع أخرى في فلسطين.
غير أن الأستاذ الربيعي يوضح أن بعض هذه المواقع الملتبسة لا تنطبق عليها أيضاً سير العمليات التي كانت تحدث بحيث يتابع سير هذه العمليات ويستعرض الأسماء التي تمت في أسفار التوراة ويخرج بنتيجة حتمية أن هذا العرض لا ينطبق مطلقاً على المواقع المشبه بها في أرض فلسطين ، وأورد مثلاً بسيطاً حول كلمة (لبنان) مثلاً التي ورد ذكرها في نص من نصوص التوراة ضمن واقعة ما يستغرب القارئ كيف حشرت في هذا النص ضمن مواقع بعيدة عنها كل البعد ولا وجود لها قرب لبنان أو حولها، ويخلص الأستاذ الربيعي أن لبنان هذه عبارة عن اسم لجبلين متجاورين كل واحد منهما يدعى لبن فهذان الجبلان في إحدى نصوص الأسفار ذكرا معاً .
وفي هذا الموضوع كنت قد تحدثت في محاضرتي منذ 6 أشهر تقريباً بعنوان "الصهيونية وأسطورة أرض الميعاد" ألمحت إلى هذا الأمر غير أنني لم استطع البرهان عليه كما فعل الأستاذ الربيعي ، أنا قلت في محاضرتي أن الترجمة الصهيونية للتوراة قد حرفت أسماء المواقع في ما يتوافق مع المواقع في جنوب سوريا بهدف الإيحاء أن هذه الأحداث حصلت فيها.
و يؤسفني أيها السادة أنني لا استطيع أن انقل لكم كل الحقائق التي ذكرها الأستاذ الربيعي بما لا يقبل الشك بأن وقائع أحداث الأسفار في التوراة حصلت في جنوب الجزيرة العربية .
وأرجوا ممن يهمه أن يستمع في معرفة الحقائق أن يقرأ هذين المجلدين الرائعين للأستاذ الربيعي ليتبين أن حقائق التاريخ التي نشرتها الصهيونية كلها كاذبة وأهدافها مكشوفة تماماً.
هذا ولا أريد أن أختم هذا التعليق قبل أن أذكر أن الأستاذ الربيعي لم ينسى ان يؤكد مرة أخرى أن بعض الحقائق التي يقال أنها تاريخية لا تتعدى كونها أساطير ويورد أمثلة عديدة على هذه الأساطير.
وبمقدار ما فهمت من أسطورة موسى ووجوده وهو طفل في صندوق خشبي يطفو على سطح الماء ثم رؤية جواري إمرة فرعون له وجلبه إليها لـتأخذه وتربيه في قصر فرعون، ثم السيرة المختلقة التي تلت ذلك تتشابه كثيراً مع أساطير لمشاهير أغريق وبابليين يذكرها الأستاذ الربيعي حيث يقول أن أسطورة رمي موسى في النهر داخل سلة هي أسطورة أقدم من النص التوراتي وأقدم من اليهودية نفسها، وإلى ذلك فهي أسطورة طبق الأصل عن حكاية رمي سرجون الأكدي الأول في النهر والتي دونتها الألواح السومرية قبل أكثر من أربعة آلاف عام، وهي بحد ذاتها أسطورة طبق الأصل عن أسطورة إغريقية تعرف عند الإغريق بأسطورة (أيون) أيضا تحكي نفس الحكاية.
هذه الأساطير أو الحكايات التي تريد الصهيونية أن ترسخها في عقول العالم من خلال مسلسلات إعلامية خرافة لا تمت إلى الحقيقة والواقع بصلة مثل مسلسل (هيركولوليس) الخيالي الذي يحكي وقائع خيالية لا يمكن أن يقبلها عقل أو منطق إلا من خلال السرد القصصي الذي يتماشى مع خيال الأسطورة.
وعودة إلى كتاب فلسطين المتخيلة الجدير بالذكر والممتع في هذين المجلدين، أن الأستاذ الربيعي يورد النص التوراتي الذي يتحدث عن سبط ما من أسباط بني إسرائيل باللغة العبرية ( وطبعاً نحن لا نفهم منه شيئاً بل لا نعرف حتى قراءته) وبعد ذلك يقوم بترجمة هذا النص إلى العربية تماماً كما ورد ثم يقوم بشرحه والتعليق عليه وبعد ذلك يذكر أحياناً كيف جرى التحريف على هذا النص في ترجمات أخرى ويضع الحقائق بيم يدي القارئ عندما يقول أن التشكيك في الترجمات الأخرى هو وارد أحياناً نظراً لجهل هؤلاء التراجمة من لهجة أصل الجنوب في الجزيرة العربية أولاً ثم تسليمهم أن الترجمات الأخرى بغير اللغة العربية لم تفهم المعنى الحقيقي لهذه اللهجات التي يؤكد الأستاذ الربيعي أنها ما زالت تستعمل حتى الآن في اليمن.
شيء آخر نستنتجه من كتابي فلسطين المتخيلة أن هناك العديد من المواقع التي لها نفس الأسماء في جنوب الجزيرة العربية مثل موقع يبوس وأورشليم التي تتشابه بكلمة أورسالم في الجزيرة العربية والنتيجة التي يخلص أليها الكتاب أن أإسفار التوراة التي تحدثت عن مواقع إقامة الأسباط التي اعتنقت اليهودية كلها كانت في جنوب الجزيرة العربية وليست في فلسطين.
الحقيقة أن الأستاذ الربيعي أضاف إلى معلوماتنا عند عدم أحقية اليهود المزعومة في أرض فلسطين، أضاء النور لي في معرفة حقيقة السبي البابلي الذي كنت أعتقد انه جرى في فلسطين، وكتاب الأستاذ الربيعي يؤكد أن السبي البابلي تم أيضاً في جنوب الجزيرة العربية ويرسم خط سير القوات البابلية التي انتهت إلى جنوب الجزيرة العربية حيث تم السبي وسوق اليهود إلى بابل.
بقي شيء آخر أرجو من الباحث الأستاذ الربيعي من الإجابة عليه حيث أن البعض يستوضح كيف جاءت اليهودية إلى فلسطين وكيف أثرت في المسيحية وتآمرت عليها وتسببت أيضاً في مقتل السيد المسيح طالما أن نشأتها كانت في الجزيرة العربية وبقيت حتى ظهور الإسلام فيها حتى أن يثرب أو المدينة المنورة كانت تحوي العديد منهم أثناء الدعوة الإسلامية ويسعدني أن اختم أن ما ذكره الأستاذ الربيعي يتوافق مع ما جاء في مقالة العالم الأركيولوجي زائيف هيرتفروغ الأستاذ في جامعة تل أبيب والتي نشرتها صحيفة هارتز بتاريخ28/11/1999 حيث قال أن الحفريات المختلقة في أرض إسرائيل خلال القرن العشرين قد أوصلتنا إلى نتائج محبطة، فكل شيء مختلق ونحن لم نعثر على شيء يتفق مع الرواية التوراتية وأن قصص الآباء من سفر التكوين هي مجرد أساطير ونحن لم نهبط إلى مصر ولم نخرج منها ولم نته في صحراء سينا ولم ندخل إلى فلسطين في حملة عسكرية صاعقة احتلت الأرض ووزعتها على الأسباط وأصعب الأمور أن الملكة الموحد لداوود وسليمان التي توصف بالتوراة بأنها دولة عظيمة كانت في أفضل الأحوال دولة قليلة.
ويضيف هيرتفروغ قائلاً إنني أدرك باعتباري واحدا من أبناء الشعب اليهودي وتلميذا للمدرسة التوراتية بدل الإحباط الناجم عن الهوة بين آمالنا في إثبات تاريخ التوراة وبين الحقائق التي تكتشف على أرض الواقع ، وخلاصة القول أن كتاب فلسطين المتخيلة يؤكد أن الأحداث التي ذكرتها أسفار التوراة والتي تتحدث عن أماكن تموضع الأسباط اليهودية كلها جرت في جنوب الجزيرة العربية وأكد الكتاب أن التركيز دون وجه حق على موجود علاقة بين قصص التوراة وفلسطين يندرج بكل يقين في سياق قراءة استشراقية تعسفية لا أساس لها.
لأن التوراة لا تذكر اسم فلسطين قط فضلاً عن أنها لا تعرف الفلسطينيين، ولا ترسم اسمه في هذه الصورة بل في صورة فلستيم أي الفكسيون وهؤلاء جماعة يمنية من العرب البائدة عرفت تاريخياً بعبادة الإله فكس إلى قبيلة طيء العربية البدوية الشهيرة .
ويعتقد الكاتب أن التوراة نقلت بعضاً من أساطيرها وقصص مروياتها عن أساطير وقصص يونانية ...
شيء آخر استنتجته من كتاب فلسطين المتخيلة أن مملكة سليمان التي وصفت أنها مملكة كبيرة وعظيمة لم تكن كذلك، ولم تقم في فلسطين بل أن مركزها كان في أورسالم في الجزيرة العربية، هذا عدا عن السلوكية غير اللائقة التي رافقت تشكيل هذه المملكة والأحداث التي لا تتوافق مع ما قد سبق الدعوة إلى ديانته وصفت بأنها سماوية والتي لا يمكن لأي دين أن يقبل بها كما حدثتنا الأسفار عنها في سلوكية ايشالوم ابن داوود واغتصابه لأخته ثم تآمره على أخيه ثم أبيه داوود كي يستولي على الحكم فتصوروا أيها السادة بمن تفاخر اليهودية في نشر دعوتها.
وفي الختام دعوني أشكر الأستاذ الربيعي على إضاءته هذه حول عدم مصداقية كل المساعي التي قامت بها الصهيونية بدءاً من كتابة الأسفار ومروراً بتحريفها من خلال الترجمات ثم تفسيرها بعض في النص التلمودي الذي يعتبر مثلاً قائلاً للعدوانية وانتهاءً بالصهيونية التي انتزعت وعد بلفور المشئوم الذي أدى إلى اغتصاب فلسطين وطرد أهلها منها.
د.فؤاد حمزة
ندوة في المركز الثقافي
السويداء / سورية