د. مصطفى يوسف اللداوي
إنها سياسةٌ إسرائيليةٌ استعماريةٌ استيطانيةٌ عنصرية فاشية قديمة لم تتغير أو تتبدل، اعتمدها المسؤولون الإسرائيليون جميعاً، وأشرف على تنفيذها سياسيون وعسكريون وقضائيون، وأجازتها حكوماتٌ ومحاكمٌ، وسكت عنها قادةٌ ورؤساء، واكتوى بنارها شعبٌ بأكمله، وعانى بسببها رجالٌ ونساءٌ وشيوخٌ وأطفال، شردوا وطردوا وسكنوا في العراء، وحرموا من حقهم في المسكن الآمن، والبيت الجامع الذي يقيهم من البرد ويحميهم من حرارة الشمس اللاهبة، وهو من أبسط الحقوق وأوضحها التي نصت عليها العهود والمواثيق الدولية، التي دعت إلى تمكين الإنسان من مسكنه، وعدم الاعتداء عليه أو طرده منه، ومنعت هدمه أو انتقاصه أياً كان السبب والحجة، بغير موافقته وقبوله رضائياً دون ضغطٍ أو إكراه، وفي حال القبول يعوض المالك سكناً يساويه في القدر والقيمة والمثل.
ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي اعتادت اختراق العهود والمواثيق الدولية وعدم احترامها، فإنها لا تبالي بهذه الحقوق ولا تراعي الاتفاقيات الدولية، وتضرب بها عرض الحائط إن هي تعارضت مع وجهات نظرها، أو تصادمت مع سياساتها ومصالحها، وإن ترتب عليها ظلمٌ واضح، أو ضررٌ فادح، فلجأت إلى سياساتٍ صارمة وقاسية بحق السكان الفلسطينيين، فقوضت عمرانهم، وهدمت بيوتهم، وخربت مساكنهم، ولم تبقِ على شئٍ يتعلق بهم، في مسعىً منها لشطب الهوية العربية والإسلامية للشعب الفلسطيني، إذ أن الحجر يدل على وجودهم، وبقايا العمران تشير إلى حقوقهم وممتلكاتهم، فعمدوا إلى الشطب والتدمير والهدم.
لا ترى سلطات الاحتلال الإسرائيلي أنها ملزمة بتوضيح سياستها تجاه الفلسطينيين لتبرير إجراءاتها، وبيان أسباب قيامها بأعمال الهدم والتجريف، فهي تقوم بأعمال الهدم غير المبررة بدواعي وأشكالٍ كثيرة، عديدة وغريبة، تتناقض مع العقل والمنطق، اللهم إلا منطق الاحتلال الاستيطاني الإحلالي العنصري، فهي تلجأ إلى هدم البيوت الفلسطينية وتجريف مزارعهم وخلع أشجارهم بحجة التوسع الاستيطاني الطبيعي، والحاجة الملحة لسكان المستوطنات للتوسع العمراني استجابةً للتزايد الطبيعي وللاحتياجات المتزايدة للمستوطنين، ويرون أن الاستجابة لطلبات السكان أمرٌ إنساني يجب احترامه وتقديره، وهو ما يتناقض مع إجراءاتهم الأخرى القائمة على طرد السكان العرب من بيوتهم، وهدمها تمهيداً لضمها إلى المستوطنات، إذ لا تجتمع المشاعر الإنسانية النبيلة أبداً في ساعٍ للخدمة وآمرٍ بالحرمان.
ولعل أكثر حالات هدم البيوت الفلسطينية كانت بسبب الأعمال الاستيطانية، حيث عمدت الحكومات الإسرائيلية إلى بناء مئات المستوطنات فوق أراضي وبيوت ومزارع تعود ملكيتها إلى الفلسطينيين، ولم تجدِ كلُ محاولات الالتماس العسكرية والقضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، لثني السلطات العسكرية عن تنفيذ إجراءات الهدم والمصادرة، حيث نجحت الحكومة في كثيرٍ من الأحيان في تغليف قراراتها بأغلفة قضائية، وتعتمد على الغطاء القانوني الذي تمنحه إياها المحكمة الإسرائيلية، التي قد لا تعترض على إجراءات الحكومة، فترفض الالتماسات المقدمة لها، أو تؤيدها في إجراءاتها وتشجعها على المزيد منها، وترى أنها إجراءات ضرورية لأمن وسلامة شعب إسرائيل.
أما ضرورات معسكرات الجيش الإسرائيلي والأحزمة الأمنية المحيطة بها فهي كثيرة، ولا يستطيع المواطن الفلسطيني أن يعترض عليها، أو يرفض الانصياع لها، وهي معسكراتٌ كبيرة وواسعة، وتقام على أراضٍ كبيرة، وتعتدي على ملكياتٍ خاصة كثيرة، حيث تصدر قراراتٌ عسكرية باسم قائد المنطقة التي يتبع إليها المعسكر، في الشمال أو الجنوب أو المنطقة الوسطى، ويقوم الجيش بتنفيذ القرارات على وجه السرعة، هدماً وطرداً ومنعاً من الدخول، وحرماناً من جمع الثمار أو جني الحصاد، ولم يسبق أن قام الجيش الإسرائيلي بإعادةِ أراضٍ مصادرة، أو بالسماح للفلسطينيين بإعادة بناء ما هدم ودمر.
أما قرارات الهدم والإزالة لأسباب المخالفة وعدم الحصول على تراخيص البناء فهي أكثر من أن تحصى، وأعقد من أن تدرس وتفهم، ولعل أغلب الفلسطينيين قد عانوا منها، ليس في مدينة القدس وحدها وإن كانت هي الأكثر معاناةً وظلماً واضطهاداً، بل في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تعمد السلطات البلدية بحجة التنظيم والإدارة، أو بسبب عدم الحصول على تصريحٍ بالبناء أو إذنٍ بالتوسع والصيانة، أو بحجة الاعتداء على الأملاك العامة، أو التعدي على الشوارع والطرقات، فتسرع بتنفيذ عمليات الطرد والهدم والإزالة، دون مراعاةٍ للظروف، أو فهمٍ للأسباب، حيث لا تمنح السلطات البلدية للفلسطينيين تصاريحاً للبناء، أو أذوناتٍ للتوسع والصيانة، رغم أن شروط التقدم بطلبات الحصول على التصاريح مستوفاة تماماً، رسوماً والتزاماً بالمواقيت والمواعيد، ولكن الموافقات لا تمنح للفلسطينيين في الوقت الذي تمنح فيه للإسرائيليين بسهولةٍ ويسرٍ وسرعة، وفي حال مخالفتهم فإنهم يمنحون الوقت الكافي إنذاراً للتسوية والمصالحة بدل اللجوء إلى الهدم، فضلاً عن الحق في الاستئناف ومنع التنفيذ، بينما لا يمنح الفلسطينيون فرصاً لتسوية مشاكلهم، أو إجراء مصالحة على مخالفاتهم في حال وجودها، أو تجميد التنفيذ انتظاراً لحكم الاستئناف.
أما عمليات الهدم والإزالة فهي وحشية قسرية همجية، يقصد بها الإساءة والإيذاء وإلحاق أكبر قدرٍ ممكن من الخسارة والضرر في الجانب الفلسطيني، حيث تنفذ عمليات الهدم أحياناً بالمتفجرات، فتقوم فرق هندسية من الجيش الإسرائيلي بتفجير المبنى وتقويضه، وهو ما ينعكس ضرراً فادحاً على الأبينة المجاورة فضلاً عن الملاصقة، التي تتزعزع أساساتها، وتتشقق جدرانها، ويتكسر زجاجها، وتتساقط أجزاء من بنائها.
كما لا تمنح سلطات الاحتلال الإسرائيلي السكان الفلسطينيين فرصةً من الوقت للخروج من بيوتهم، ولإخراج أثاثهم ومقتنياتهم، بل تأمرهم بالخروج من البيوت خلال دقائق معدودةٍ، فلا تمنحهم الفرصة لغير الخروج بأنفسهم، كما تمنع الجيران وسكان المنطقة من مساعدتهم، وتمكينهم من إخراج أكبر كمٍ ممكن من متاعهم وأغراضهم الخاصة، ولعل هه الظاهرة الهمجية تظهر بوضوحٍ وجلاء، خلال عمليات هدم وتدمير بيوت النشطاء الفلسطينيين، حيث تكون أعمال الهدم انتقامية وعقابية، وفيها الكثير من الحقد والثأر والانتقام.
أما الفلسطينيون فإنهم يبكون بيوتهم دماً ودمعاً، ويقفون على ركام منازلهم وكلهم حزن وحسرة، ولكنهم يقفون شامخين وإن كانوا باكين، ويرفعون رؤوسهم صامدين وإن كانت أجسادهم ترتعد من البرد، ويعلو صوتهم وعداً بالرباط والثبات وإن كانوا لا يملكون ما يعيدون البناء به، يمسك الرجل بيد ولده الصغير، يوصيه بأن هذا البيت بناه جده، وحافظ عليه أبوه، وأن عليه أن يستعيده ممن اغتصبه، يقفون على تلال البيوت المهدمة ينبشون في بقاياه ويخرجون ما أمكن منه، ويستعيدون منه ذكرياتهم وخصوصياتهم، ولا يسمحون لآلات الهدم الإسرائيلية بتدمير ذاكرتهم وومخزون أحلامهم، بل ينزرعون في الأرض وتداً وتحت سمائها خيمة، حتى يعود إليهم البيوت سقفاً مرفوعة وغرفاً مفتوحة، في سرمديةٍ لا تنتهي بين شيطانٍ مريدٍ يهدم ويدمر، ومؤمن بالحق صاحبٍ للأرض يبني ويعمر.
بيروت في 27/12/2012
إنها سياسةٌ إسرائيليةٌ استعماريةٌ استيطانيةٌ عنصرية فاشية قديمة لم تتغير أو تتبدل، اعتمدها المسؤولون الإسرائيليون جميعاً، وأشرف على تنفيذها سياسيون وعسكريون وقضائيون، وأجازتها حكوماتٌ ومحاكمٌ، وسكت عنها قادةٌ ورؤساء، واكتوى بنارها شعبٌ بأكمله، وعانى بسببها رجالٌ ونساءٌ وشيوخٌ وأطفال، شردوا وطردوا وسكنوا في العراء، وحرموا من حقهم في المسكن الآمن، والبيت الجامع الذي يقيهم من البرد ويحميهم من حرارة الشمس اللاهبة، وهو من أبسط الحقوق وأوضحها التي نصت عليها العهود والمواثيق الدولية، التي دعت إلى تمكين الإنسان من مسكنه، وعدم الاعتداء عليه أو طرده منه، ومنعت هدمه أو انتقاصه أياً كان السبب والحجة، بغير موافقته وقبوله رضائياً دون ضغطٍ أو إكراه، وفي حال القبول يعوض المالك سكناً يساويه في القدر والقيمة والمثل.
ولكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي التي اعتادت اختراق العهود والمواثيق الدولية وعدم احترامها، فإنها لا تبالي بهذه الحقوق ولا تراعي الاتفاقيات الدولية، وتضرب بها عرض الحائط إن هي تعارضت مع وجهات نظرها، أو تصادمت مع سياساتها ومصالحها، وإن ترتب عليها ظلمٌ واضح، أو ضررٌ فادح، فلجأت إلى سياساتٍ صارمة وقاسية بحق السكان الفلسطينيين، فقوضت عمرانهم، وهدمت بيوتهم، وخربت مساكنهم، ولم تبقِ على شئٍ يتعلق بهم، في مسعىً منها لشطب الهوية العربية والإسلامية للشعب الفلسطيني، إذ أن الحجر يدل على وجودهم، وبقايا العمران تشير إلى حقوقهم وممتلكاتهم، فعمدوا إلى الشطب والتدمير والهدم.
لا ترى سلطات الاحتلال الإسرائيلي أنها ملزمة بتوضيح سياستها تجاه الفلسطينيين لتبرير إجراءاتها، وبيان أسباب قيامها بأعمال الهدم والتجريف، فهي تقوم بأعمال الهدم غير المبررة بدواعي وأشكالٍ كثيرة، عديدة وغريبة، تتناقض مع العقل والمنطق، اللهم إلا منطق الاحتلال الاستيطاني الإحلالي العنصري، فهي تلجأ إلى هدم البيوت الفلسطينية وتجريف مزارعهم وخلع أشجارهم بحجة التوسع الاستيطاني الطبيعي، والحاجة الملحة لسكان المستوطنات للتوسع العمراني استجابةً للتزايد الطبيعي وللاحتياجات المتزايدة للمستوطنين، ويرون أن الاستجابة لطلبات السكان أمرٌ إنساني يجب احترامه وتقديره، وهو ما يتناقض مع إجراءاتهم الأخرى القائمة على طرد السكان العرب من بيوتهم، وهدمها تمهيداً لضمها إلى المستوطنات، إذ لا تجتمع المشاعر الإنسانية النبيلة أبداً في ساعٍ للخدمة وآمرٍ بالحرمان.
ولعل أكثر حالات هدم البيوت الفلسطينية كانت بسبب الأعمال الاستيطانية، حيث عمدت الحكومات الإسرائيلية إلى بناء مئات المستوطنات فوق أراضي وبيوت ومزارع تعود ملكيتها إلى الفلسطينيين، ولم تجدِ كلُ محاولات الالتماس العسكرية والقضائية أمام المحكمة العليا الإسرائيلية، لثني السلطات العسكرية عن تنفيذ إجراءات الهدم والمصادرة، حيث نجحت الحكومة في كثيرٍ من الأحيان في تغليف قراراتها بأغلفة قضائية، وتعتمد على الغطاء القانوني الذي تمنحه إياها المحكمة الإسرائيلية، التي قد لا تعترض على إجراءات الحكومة، فترفض الالتماسات المقدمة لها، أو تؤيدها في إجراءاتها وتشجعها على المزيد منها، وترى أنها إجراءات ضرورية لأمن وسلامة شعب إسرائيل.
أما ضرورات معسكرات الجيش الإسرائيلي والأحزمة الأمنية المحيطة بها فهي كثيرة، ولا يستطيع المواطن الفلسطيني أن يعترض عليها، أو يرفض الانصياع لها، وهي معسكراتٌ كبيرة وواسعة، وتقام على أراضٍ كبيرة، وتعتدي على ملكياتٍ خاصة كثيرة، حيث تصدر قراراتٌ عسكرية باسم قائد المنطقة التي يتبع إليها المعسكر، في الشمال أو الجنوب أو المنطقة الوسطى، ويقوم الجيش بتنفيذ القرارات على وجه السرعة، هدماً وطرداً ومنعاً من الدخول، وحرماناً من جمع الثمار أو جني الحصاد، ولم يسبق أن قام الجيش الإسرائيلي بإعادةِ أراضٍ مصادرة، أو بالسماح للفلسطينيين بإعادة بناء ما هدم ودمر.
أما قرارات الهدم والإزالة لأسباب المخالفة وعدم الحصول على تراخيص البناء فهي أكثر من أن تحصى، وأعقد من أن تدرس وتفهم، ولعل أغلب الفلسطينيين قد عانوا منها، ليس في مدينة القدس وحدها وإن كانت هي الأكثر معاناةً وظلماً واضطهاداً، بل في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تعمد السلطات البلدية بحجة التنظيم والإدارة، أو بسبب عدم الحصول على تصريحٍ بالبناء أو إذنٍ بالتوسع والصيانة، أو بحجة الاعتداء على الأملاك العامة، أو التعدي على الشوارع والطرقات، فتسرع بتنفيذ عمليات الطرد والهدم والإزالة، دون مراعاةٍ للظروف، أو فهمٍ للأسباب، حيث لا تمنح السلطات البلدية للفلسطينيين تصاريحاً للبناء، أو أذوناتٍ للتوسع والصيانة، رغم أن شروط التقدم بطلبات الحصول على التصاريح مستوفاة تماماً، رسوماً والتزاماً بالمواقيت والمواعيد، ولكن الموافقات لا تمنح للفلسطينيين في الوقت الذي تمنح فيه للإسرائيليين بسهولةٍ ويسرٍ وسرعة، وفي حال مخالفتهم فإنهم يمنحون الوقت الكافي إنذاراً للتسوية والمصالحة بدل اللجوء إلى الهدم، فضلاً عن الحق في الاستئناف ومنع التنفيذ، بينما لا يمنح الفلسطينيون فرصاً لتسوية مشاكلهم، أو إجراء مصالحة على مخالفاتهم في حال وجودها، أو تجميد التنفيذ انتظاراً لحكم الاستئناف.
أما عمليات الهدم والإزالة فهي وحشية قسرية همجية، يقصد بها الإساءة والإيذاء وإلحاق أكبر قدرٍ ممكن من الخسارة والضرر في الجانب الفلسطيني، حيث تنفذ عمليات الهدم أحياناً بالمتفجرات، فتقوم فرق هندسية من الجيش الإسرائيلي بتفجير المبنى وتقويضه، وهو ما ينعكس ضرراً فادحاً على الأبينة المجاورة فضلاً عن الملاصقة، التي تتزعزع أساساتها، وتتشقق جدرانها، ويتكسر زجاجها، وتتساقط أجزاء من بنائها.
كما لا تمنح سلطات الاحتلال الإسرائيلي السكان الفلسطينيين فرصةً من الوقت للخروج من بيوتهم، ولإخراج أثاثهم ومقتنياتهم، بل تأمرهم بالخروج من البيوت خلال دقائق معدودةٍ، فلا تمنحهم الفرصة لغير الخروج بأنفسهم، كما تمنع الجيران وسكان المنطقة من مساعدتهم، وتمكينهم من إخراج أكبر كمٍ ممكن من متاعهم وأغراضهم الخاصة، ولعل هه الظاهرة الهمجية تظهر بوضوحٍ وجلاء، خلال عمليات هدم وتدمير بيوت النشطاء الفلسطينيين، حيث تكون أعمال الهدم انتقامية وعقابية، وفيها الكثير من الحقد والثأر والانتقام.
أما الفلسطينيون فإنهم يبكون بيوتهم دماً ودمعاً، ويقفون على ركام منازلهم وكلهم حزن وحسرة، ولكنهم يقفون شامخين وإن كانوا باكين، ويرفعون رؤوسهم صامدين وإن كانت أجسادهم ترتعد من البرد، ويعلو صوتهم وعداً بالرباط والثبات وإن كانوا لا يملكون ما يعيدون البناء به، يمسك الرجل بيد ولده الصغير، يوصيه بأن هذا البيت بناه جده، وحافظ عليه أبوه، وأن عليه أن يستعيده ممن اغتصبه، يقفون على تلال البيوت المهدمة ينبشون في بقاياه ويخرجون ما أمكن منه، ويستعيدون منه ذكرياتهم وخصوصياتهم، ولا يسمحون لآلات الهدم الإسرائيلية بتدمير ذاكرتهم وومخزون أحلامهم، بل ينزرعون في الأرض وتداً وتحت سمائها خيمة، حتى يعود إليهم البيوت سقفاً مرفوعة وغرفاً مفتوحة، في سرمديةٍ لا تنتهي بين شيطانٍ مريدٍ يهدم ويدمر، ومؤمن بالحق صاحبٍ للأرض يبني ويعمر.
بيروت في 27/12/2012