من الذاكرة الفلسطينية: الحاجة فاطمة أرشيد من عرب المواسي: العصابات الصهيونية قتلت أبي، واثنين من أشقائي، وزوج أختي، وابن عمي
تم اقتيادهم من المنازل وأعدموهم دون أي رادع، وادعوا بأن المواطنين في عرب المواسي يخبئون الأسلحة لدعم جهات معادية؛ أهالي القرية أعلنوا استسلامهم ورفعوا الإعلام البيضاء؛ إلا أن الجيش الصهيوني رد بالسلاح والرصاص والقتل والدماء.
في المقبرة الإسلامية، وقبالة اللوح الرخامي المنصوب على القبر الجماعي لشهداء المواسي الـ 15، وقفت سيدة في السبعينات من عمرها، وحيدة بين الرجال، والدموع تتجندل من أعلى خديها؛ وكلما ذكر الشيخ أسماء الشهداء، أشارت إلى صدرها قالت: هذا أبي، ومن ثم تنهدت ومرة أخرى قالت: هذا أخي، ومرة ثالثة وشهقت نفسها وصفعت صدرها وقالت: هذا أخي، ومرة رابعة وتنهدت وقالت: هذا ابن عمي. وأنصت الجميع من حول النصب التذكاري؛ لنسمع ما تقول، ولنعرف ما معنى "أبي وأخي مرتين، وابن عمي" فكان جوابها، وهي تكفكف دمعها:" أنها فاطمة عطية أرشيد، كيف لا يمكن لي أن أبكي، وقد شاهدنا شباب عائلتنا وهم جثث على بعضها، وقد قتلوا بدم بارد! فيومها كنت أبلغ من العمر 11 عاماً، وقد جمعوا الشباب الذين تواجدوا في البيوت واقتادوهم إلى مكان لم نعرفه، فما كان منا نحن الأطفال إلا الصراخ والبكاء؛ وكنا نسمع عن القتل والمجازر التي يتناقلها الناس من بلد إلى بلد.
في ليلة 3 تشرين ثاني؛ لم يعد أي من الشباب الذين غادروا المضارب، حتى علمنا فجر اليوم التالي أن الصهاينة قد أعدموهم بدم بارد، واتهموهم أنهم يساعدون المتمردين الفلسطينيين، ورفضوا التعاون مع اليهود؛ وقامت أمي بجمعهم وطلبت المساعدة من النساء، ودفنوا الشهداء قرب "مغارة عين ناطف" (في سهل البطوف)، وليتبين فيما بعد أن أحدا تواجد بين المجموعة؛ إلا أنه موه الجنود بأنه قتل، واسمه "سعد المواسي"؛ وبعد أن غادر الجنود؛ خرج وهو ينزف، وأكد أن الابن "معجل العطية" قد طلب من الجيش بإطلاق سراح والده (عطية حمود أرشيد) فرفضوا وقتلوهم جميعاً.
وقبل 15 عاماً قمنا بنقل رفات وعظام الشهداء بكيس، وأحضرناهم ودفناهم في قبر واحد، وأقمنا النصب التذكاري عليهم، وأوصت والدتي أن تدفن هي الأخرى بجانب والدي وشقيقَيّ (معجل، ومقبل)، وابن عمي (صالح عبد الله أرشيد)، ونايف أسعد عيسات (زوج أختي)، وهذا ما كان؛ فقد دفنا والدتي بجانب زوجها وابنيها ونسيبها".
وتقول فاطمة عطية حمود ارشيد: "الشباب لم يقتلوا أحداً، ولم يفعلوا شيئاً، سوى أنهم عرب وفلسطينيون، تم اقتيادهم من المنازل، وأعدموهم دون أي رادع، وادعوا بأن المواطنين في عرب المواسي يخبئون الأسلحة لدعم جهات معادية؛ وكانت البلد قد رفعت الإعلام البيضاء؛ دليل الاستسلام.
وعندما دخلها الجنود؛ ظن الجميع انهم سيحترمون ذلك؛ إلا أنهم سرعان ما جعلوا عليها طوقاً وبدأوا بتلاوة أسماء عدد من البلدة، كان بينهم أفراد عائلتي: والدي، واثنين من أشقائي، وابن عمي، وزوج أختي، واحد عشرة آخرين من العشيرة؛ واقتادوهم لجهة لم يعرفها أحد؛ ولم يعد منهم إلا "سعد المواسي"، الذي اخبر الجميع عما حدث معه، وكيف أنه ألقى بنفسه أرضا وكتم نفسه؛ بالرغم من إصابته، وبقي كذلك حتى جن الليل، وغادر الجنود المكان، ليحدث بأن الجنود أوقفوا الشباب صفاً واحداً وأطلقوا النار عليهم من الرشاشات.
وفي ليلة الخاتم من شهر تشرين أول؛ تم تجميع أهالي بلدة "عيلبون" في ساحة الكنيسة بالبلدة القديمة، بعد أن طلب منهم الجنود التجمع. وهناك تم طرد أهل البلدة جميعاً نحو الشمال؛ وبالمقابل كانت صرخات الأطفال تتعالى خوفاً، والنساء في حالة من الذعر من الموقف، وأبقوا على عدد من الشبان.
وبعد مضي فترة من الوقت؛ بدأوا باستدعاء الشبان، كل ثلاثة منهم على حدة، وإطلاق النيران عليهم من قبل قائد الكتيبة ليردي 14 شاباً. وحينها؛ كان الشبان الآخرين يسمعون الطلقات النارية، ولا يعرفون ما الذي يجري، ولم يعرف المهجرون شيئاً عن أبنائهم إلا بعد مضي وقت طويل ووصولهم إلى لبنان، فلم تتجاوز فترة التهجير تلك إلا عدة أسابيع بعد أن تدخلت جهات دولية، وتمت إعادة أهل البلدة إلى موطنهم.
الحاج مسعود مواسي
ويقول مسعود عطية المواسي: إن السبب الذي تذرع به اليهود باقتحام عيلبون وعرب المواسي، هو أن هناك من قام بقتل جنديين من العصابات اليهودية.
وبعد هذه المعركة سقطت عيلبون؛ فقامت سرية من المشاة بجمع سكان عيلبون؛ بتهمة قتل الجنديين من العصابات الصهيونية. وكانت بين القوة التي احتلت عيلبون، جندية قتل شقيقها في المعركة؛ فطلبت أن تنتقم لمقتل الجنديين، واحدهما أخاها؛ فقتلت أكبر عدد من العرب، تمكنت منهم (وعددهم 14 شاباً من عيلبون، كان من بينهم محمد الأسعد من حطين المجاورة)، ولم يكتفوا بقتل الـ 14 شاباً؛ بل ألقوا القبض على شباب من المواسي، واتهموهم بالتعاون مع "جيش الإنقاذ" ومساعدتهم بقتل الجنديين اليهوديين؛ فاعتقلوا 16 شاباً واقتادوهم لجهة مجهولة وأجهزوا عليهم، ما عدا واحد فقط (الذي استطاع الهرب).
ويؤكد عطية المواسي أن الجنود ادعوا أنهم فتشوا بيوت العشيرة، ووجدوا عند عطية الحمود ذخيرة الجنديين اليهوديين اللذين قتلا في اشتباك مع جيش الإنقاذ (وهذا السبب في قتلهم إياه، وابنيه (معجل، ومقبل)، وهي قصة كاذبة تم ابتداعها؛ بهدف الانتقام من عرب المواسي، لدعمهم جيش الإنقاذ.
تم اقتيادهم من المنازل وأعدموهم دون أي رادع، وادعوا بأن المواطنين في عرب المواسي يخبئون الأسلحة لدعم جهات معادية؛ أهالي القرية أعلنوا استسلامهم ورفعوا الإعلام البيضاء؛ إلا أن الجيش الصهيوني رد بالسلاح والرصاص والقتل والدماء.
في المقبرة الإسلامية، وقبالة اللوح الرخامي المنصوب على القبر الجماعي لشهداء المواسي الـ 15، وقفت سيدة في السبعينات من عمرها، وحيدة بين الرجال، والدموع تتجندل من أعلى خديها؛ وكلما ذكر الشيخ أسماء الشهداء، أشارت إلى صدرها قالت: هذا أبي، ومن ثم تنهدت ومرة أخرى قالت: هذا أخي، ومرة ثالثة وشهقت نفسها وصفعت صدرها وقالت: هذا أخي، ومرة رابعة وتنهدت وقالت: هذا ابن عمي. وأنصت الجميع من حول النصب التذكاري؛ لنسمع ما تقول، ولنعرف ما معنى "أبي وأخي مرتين، وابن عمي" فكان جوابها، وهي تكفكف دمعها:" أنها فاطمة عطية أرشيد، كيف لا يمكن لي أن أبكي، وقد شاهدنا شباب عائلتنا وهم جثث على بعضها، وقد قتلوا بدم بارد! فيومها كنت أبلغ من العمر 11 عاماً، وقد جمعوا الشباب الذين تواجدوا في البيوت واقتادوهم إلى مكان لم نعرفه، فما كان منا نحن الأطفال إلا الصراخ والبكاء؛ وكنا نسمع عن القتل والمجازر التي يتناقلها الناس من بلد إلى بلد.
في ليلة 3 تشرين ثاني؛ لم يعد أي من الشباب الذين غادروا المضارب، حتى علمنا فجر اليوم التالي أن الصهاينة قد أعدموهم بدم بارد، واتهموهم أنهم يساعدون المتمردين الفلسطينيين، ورفضوا التعاون مع اليهود؛ وقامت أمي بجمعهم وطلبت المساعدة من النساء، ودفنوا الشهداء قرب "مغارة عين ناطف" (في سهل البطوف)، وليتبين فيما بعد أن أحدا تواجد بين المجموعة؛ إلا أنه موه الجنود بأنه قتل، واسمه "سعد المواسي"؛ وبعد أن غادر الجنود؛ خرج وهو ينزف، وأكد أن الابن "معجل العطية" قد طلب من الجيش بإطلاق سراح والده (عطية حمود أرشيد) فرفضوا وقتلوهم جميعاً.
وقبل 15 عاماً قمنا بنقل رفات وعظام الشهداء بكيس، وأحضرناهم ودفناهم في قبر واحد، وأقمنا النصب التذكاري عليهم، وأوصت والدتي أن تدفن هي الأخرى بجانب والدي وشقيقَيّ (معجل، ومقبل)، وابن عمي (صالح عبد الله أرشيد)، ونايف أسعد عيسات (زوج أختي)، وهذا ما كان؛ فقد دفنا والدتي بجانب زوجها وابنيها ونسيبها".
وتقول فاطمة عطية حمود ارشيد: "الشباب لم يقتلوا أحداً، ولم يفعلوا شيئاً، سوى أنهم عرب وفلسطينيون، تم اقتيادهم من المنازل، وأعدموهم دون أي رادع، وادعوا بأن المواطنين في عرب المواسي يخبئون الأسلحة لدعم جهات معادية؛ وكانت البلد قد رفعت الإعلام البيضاء؛ دليل الاستسلام.
وعندما دخلها الجنود؛ ظن الجميع انهم سيحترمون ذلك؛ إلا أنهم سرعان ما جعلوا عليها طوقاً وبدأوا بتلاوة أسماء عدد من البلدة، كان بينهم أفراد عائلتي: والدي، واثنين من أشقائي، وابن عمي، وزوج أختي، واحد عشرة آخرين من العشيرة؛ واقتادوهم لجهة لم يعرفها أحد؛ ولم يعد منهم إلا "سعد المواسي"، الذي اخبر الجميع عما حدث معه، وكيف أنه ألقى بنفسه أرضا وكتم نفسه؛ بالرغم من إصابته، وبقي كذلك حتى جن الليل، وغادر الجنود المكان، ليحدث بأن الجنود أوقفوا الشباب صفاً واحداً وأطلقوا النار عليهم من الرشاشات.
وفي ليلة الخاتم من شهر تشرين أول؛ تم تجميع أهالي بلدة "عيلبون" في ساحة الكنيسة بالبلدة القديمة، بعد أن طلب منهم الجنود التجمع. وهناك تم طرد أهل البلدة جميعاً نحو الشمال؛ وبالمقابل كانت صرخات الأطفال تتعالى خوفاً، والنساء في حالة من الذعر من الموقف، وأبقوا على عدد من الشبان.
وبعد مضي فترة من الوقت؛ بدأوا باستدعاء الشبان، كل ثلاثة منهم على حدة، وإطلاق النيران عليهم من قبل قائد الكتيبة ليردي 14 شاباً. وحينها؛ كان الشبان الآخرين يسمعون الطلقات النارية، ولا يعرفون ما الذي يجري، ولم يعرف المهجرون شيئاً عن أبنائهم إلا بعد مضي وقت طويل ووصولهم إلى لبنان، فلم تتجاوز فترة التهجير تلك إلا عدة أسابيع بعد أن تدخلت جهات دولية، وتمت إعادة أهل البلدة إلى موطنهم.
الحاج مسعود مواسي
ويقول مسعود عطية المواسي: إن السبب الذي تذرع به اليهود باقتحام عيلبون وعرب المواسي، هو أن هناك من قام بقتل جنديين من العصابات اليهودية.
وبعد هذه المعركة سقطت عيلبون؛ فقامت سرية من المشاة بجمع سكان عيلبون؛ بتهمة قتل الجنديين من العصابات الصهيونية. وكانت بين القوة التي احتلت عيلبون، جندية قتل شقيقها في المعركة؛ فطلبت أن تنتقم لمقتل الجنديين، واحدهما أخاها؛ فقتلت أكبر عدد من العرب، تمكنت منهم (وعددهم 14 شاباً من عيلبون، كان من بينهم محمد الأسعد من حطين المجاورة)، ولم يكتفوا بقتل الـ 14 شاباً؛ بل ألقوا القبض على شباب من المواسي، واتهموهم بالتعاون مع "جيش الإنقاذ" ومساعدتهم بقتل الجنديين اليهوديين؛ فاعتقلوا 16 شاباً واقتادوهم لجهة مجهولة وأجهزوا عليهم، ما عدا واحد فقط (الذي استطاع الهرب).
ويؤكد عطية المواسي أن الجنود ادعوا أنهم فتشوا بيوت العشيرة، ووجدوا عند عطية الحمود ذخيرة الجنديين اليهوديين اللذين قتلا في اشتباك مع جيش الإنقاذ (وهذا السبب في قتلهم إياه، وابنيه (معجل، ومقبل)، وهي قصة كاذبة تم ابتداعها؛ بهدف الانتقام من عرب المواسي، لدعمهم جيش الإنقاذ.