بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات رؤية ’’أميركية’’ إلى مصير ’’دولة إسرائيل’’!! 2/3. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات رؤية ’’أميركية’’ إلى مصير ’’دولة إسرائيل’’!! 2/3. إظهار كافة الرسائل

2014-04-11

رؤية ’’أميركية’’ إلى مصير ’’دولة إسرائيل’’!! 2/3

رؤية ’’أميركية’’ إلى مصير ’’دولة إسرائيل’’!!  2/3

رؤية أخرى إلى مصير "دولة إسرائيل"!!
(2 ـ 3)

يتدهور المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة. الأسباب كثيرة، أولها، وأهمها المقاومة العربية الفلسطينية والمقاومة العربية الشاملة التي تواجهه. تأتي بعدها، طبيعة المشروع نفسه التي تنافي منطق التقدم، بحسبان أن بعض جذور المشروع الصهيوني تعود إلى المرحلة الكولونيالية، فيما بقية جذوره امتدت ونمت خلال المرحلة الإمبريالية من تطور النظام الرأسمالي الدولي. تدهور الصهيونية، بقدر ما يعني عجز "إسرائيل" عن البقاء، فإنه يطرح مصيرها على بساط البحث التاريخي. وبالتالي، بحث مصير اليهود في فلسطين المحتلة. الكاتب الأميركي نويل إيغناتييف NOEL IGNATIEV(1) يناقش في هذا المقال (2) أفكارا جديدة بشأن "الدولة الواحدة" غير الصهيونية في فلسطين.

التهود الصهيوني و"الدولة الدينية"

الإجحاف يولد العجرفة : في كانون الثاني/يناير 2004, دمر السفير الإسرائيلي في السويد مجسماً فنياً في متحف ستوكهولم لأنه اعتبره عدوانياً. العمل يحيي ذكرى امرأة فلسطينية شابة قتلت نفسها وتسعة عشر آخرين في هجوم في مدينة حيفا. (لا يليق بالأميركي, الذي يتعلم منذ نعومة أظفاره أن يحفظ عن ظهر قلب الكلمات الأخيرة من ناثان هيل، "أسفي الوحيد هو أني لا املك إلا حياة واحدة امنحها لبلادي،" أن يطلق على الوطنيين الفلسطينيين وصف "انتحاريين".) أشار مدير المتحف إلى أن السفير كان بإمكانه المغادرة إذا لم يعجبه المعرض. (وكالة الصحافة الفرنسية، 17 كانون الثاني / يناير 2004).

لدى الصهاينة حاجة ماسّة لزيادة عدد السكان الموالين للدولة لدرجة أنهم كانوا على استعداد لقبول مئات الآلاف من الأشخاص، معظمهم من الاتحاد السوفياتي السابق، الذين لا ينطبق عليهم التعريف الرسمي لليهودي لأنه ليس لديهم سوى جد ذكر أو أنهم مجرد متزوجين من يهود. وبما انه لا يوجد شيء اسمه الجنسية الإسرائيلية في إسرائيل (لا يوجد حاليا سوى الجنسية اليهودية و"غير محدد")، فان هؤلاء الناس غير المؤهلين كيهود سُجلوا على أنهم "قيد النظر".

أولئك الذين تريد الآلهة تدميرهم، تصيبهم أولاً بالجنون. كتبت الصحافة الإسرائيلية مؤخرا تقريرًا عن مجموعة من هنود البيرو الذين اعتنقوا اليهودية وانتقلوا إلى إسرائيل، حيث تم توطينهم على ما كان أرضا فلسطينية. نخشون بن حاييم (سابقا بيدرو مندوسا) قال انه لا يوجد لدية أي مشكلة في ذلك. "لا يمكنك أن تقهر ما كان ينتمي إليك بحال من الأحوال منذ عهد الأب، ابراهام". بن حاييم قال انه يتطلع إلى الانضمام إلى الجيش الإسرائيلي للدفاع عن البلاد. بن حاييم وجماعته المتهوّدون انتقلوا إلى إسرائيل بالاتفاق مع يهود البيرو، حيث لم يرغب هؤلاء الأخيرون في ضمّهم نظرًا لتدنّي مكانتهم الاقتصادية كهنود. "(هآرتس، 18 يوليو 2002.)

تشير هذه الحالة من بيرو إلى المعيار الثاني لتعريف اليهودي : التهوّد يتمّ عن طريق معتمد ديني رسمي هو الحاخامات الأرثوذكس فقط. في إسرائيل اليوم، الحاخامات المحافظون والإصلاحيون يحظر عليهم قيادة جماعاتهم، ليس هناك زواج مدني لليهود، وأيضًا ـ وهو إجراء من بقايا إسبانيا العصور الوسطى ـ جميع السكان تابعون للكنيسة الرسمية، وفي هذه الحالة الحاخامية [اليهودية] الأرثوذكسية.

التمسك الخانق بدين منظم في دولة أغلبية سكانها اليهود علمانيون، وحتى ملحدون، هو الثمن الذي يدفع من أجل المحافظة على التبرير التوراتي للاحتلال الصهيوني. تقول المزحة [الصهيونية الدارجة] : "الله غير موجود، وهو الذي منحنا هذه الأرض".

إسرائيل هي دولة عنصرية، تمنح فيها الحقوق على أساس النسب أو إثبات العنصر المتفوق. في هذا الصدد فإنها تشبه الجنوب الأميركي قبل تمرير الحقوق المدنية وحقوق التصويت، وايرلندا تحت سطوة البروتستانتية، و.. نعم.. ألمانيا الهتلرية. ولكن في الهياكل الأساسية فإنها اقرب إلى جنوب إفريقيا السابقة. ومن ثم ليس من المستغرب أن إسرائيل قد أقامت تحالفا وثيقا مع جنوب إفريقيا عندما كان هذا البلد لا يزال تحت وطأة نظام الفصل العنصري.

بعد المحادثات الأولى التي عقدت في عام 1970 بين شمعون بيريز وزير الدفاع في جنوب إفريقيا، بوتا، تطور التعاون الثقافي والتجاري والعسكري بين النظاميين العنصريين، واحتفل علنا بهذه العلاقات خلال الزيارة التي قام بها رئيس وزراء جنوب افريقيا فورستر إلى إسرائيل في عام 1976، [الجدير بالذكر أن] فورستر نفسه، كان يحمل رتبة جنرال في منظمة ossewabrandwag المؤيدة للنازية، أثناء الحرب العالمية الثانية.

اللوبي اليهودي الأميركي و"إسرائيل" : تجربة شخصية

بالطبع أعظم دعم لإسرائيل يأتي من الولايات المتحدة : 3 ـ 5 مليارات دولار سنويا. تدعم الولايات المتحدة إسرائيل أكثر من أي بلد آخر. وهذا الدعم يتجاوز إجمالي المنح الأميركية إلى بلدان إفريقيا ـ جنوب الصحراء الكبرى. كل قذيفة أطلقت على قرية فلسطينية، كل دبابة استخدمت في جرف منزل، كل طائرة هليكوبتر يدفع ثمنها من الدولارات الأميركية.

هل من المسموح لأحد أن يقول بصوت فوق مستوى الهمس أن السياسة التي تنتهجها الولايات المتحدة تجاه إسرائيل لها علاقة بالنفوذ اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية؟ ولعل الفائز بجائزة نوبل للسلام الأسقف ديسموند توتو من جنوب إفريقيا بإمكانه قول ذلك بدون تحمّل العواقب: "إن حكومة إسرائيل مثبّتة على ركيزة [في الولايات المتحدة]. الناس في هذا البلد يخشون أن يقولوا عن الخطأ إنه خطأ لأن اللوبي اليهودي قوي، بل قوي جدًا" (الغارديان 29 نيسان / ابريل 2002).

لا يقتصر الأمر على تشكيل الصهيونية للسياسة الأميركية، بل إنها تخنق مناقشة البدائل. ومن أجل ذلك أورد مثالاً شخصيًا : قبل عامين (2002) قابلتني مراسلة محطة "بي بي اس"، ونحن على أعتاب مؤتمر حول العنصرية برعاية الأمم المتحدة، كان من المقرر أن يعقد في جنوب إفريقيا. قدمت بعض الملاحظات حول إسرائيل، وبعد ذلك سألتُ المراسلة إن كانت ستنشر ما قلته. "طبعا لا" أجابت. "أنا اتفق معك، وكذلك يفعل جميع الصحفيين وأنا اعلم، لكن لا يمكننا توجيه أي نقد لإسرائيل دون إتباعه بما لا يقل عن عشرة تفنيدات".
البروفيسور دانيال بايبس من هارفرد، ومارتن كريمر من منتدى الشرق الأوسط، دشنا موقعًا على شبكة إنترنت، عنوانه : كامبُس واتش، [ومهمته مكرسة] "لشجب الأكاديميين الذين يُعتبر أنهم يظهرون كراهية إسرائيل"؛ وعلى الطلبة الإبلاغ عن الأساتذة.

استخدام "معاداة السامية"؟ !

أعظم الأسلحة الإيديولوجية في الترسانة الصهيونية هي تهمة "معاداة السامية". الطلاب وأعضاء هيئة التدريس في جامعة هارفرد يطلقون حملة لإجبار الجامعة على بيع أسهم لها في الشركات التي تبيع أسلحة لإسرائيل (على غرار الحملات السابقة لسحب الاستثمار من جنوب إفريقيا)، ورئيس جامعة هارفرد يشجب منظمي الحملة بوصفهم "معادين للسامية بالممارسة، وان لم يقصدوا ذلك".

إحدى اللجان في كلية الفنون في جامعة ماساتشوستس دعت الشاعر البارز أميري بركة لإلقاء محاضرة، فعمّم أعضاء كلية الدراسات النقدية عريضة، تطالب رئيس الكلية التنديد ببركة باعتباره معادياً للسامية، مقتبسين دليلهم الرئيسي من قول للشاعر في قصيدة عن القهر التاريخي للشعب [الأميركي ـ الإفريقي] أشار فيه إلى إجراءات قيل إن حكومة إسرائيلية اتخذتها قبيل الهجوم على مركز التجارة العالمي [يوم 11/9/2001].

وكما عبر المعلق الإسرائيلي هاكوهين على ذلك بقوله : عندما يهاجم الفلسطينيون جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي في قريتهم فان ذلك معاداة للسامية. عندما تصوت الجمعية العامة للأمم المتحدة بـ 133 صوتا مقابل 4 لإدانة قرار إسرائيل اغتيال الزعيم الفلسطيني المنتخب، فان ذلك يعني أن كل بلد على وجه الأرض باستثناء الولايات المتحدة، وميكرونيزيا وجزر مارشال هو معاد للسامية.

ويضيف هذا المعلق : إنها لمفارقة، بالنظر إلى الواقع الحالي، فباستثناء واضح ومكشوف (يقصد التمييز القائم في "إسرائيل" ضد اليهود المتدينين غير الأرثوذكس) يتمتع اليهود بالحرية الدينية الكاملة أينما كانوا. ولهم حق المواطنة الكاملة أينما كانوا، مع كامل الحقوق السياسية والمدنية وحقوق الإنسان شأنهم شأن كل مواطن آخر.

وفي الوقت الحاضر، يمكن ليهودي أرثوذكسي الترشح لأقوى المناصب على وجه الأرض، رئيس الولايات المتحدة، [مثلا]. أو يمكن ليهودي أن يكون عمدة امستردام في هولندا الـ"معاديه للسامية"، وزيرًا في بريطانيا الـ"معاديه للسامية"، مثقفا رائدًا في فرنسا الـ"معاديه للسامية"، رئيسًا لسويسرا الـ"معاديه للسامية"، رئيس تحرير صحيفة يومية رئيسية في الدانمرك الـ"معاديه للسامية"، تاجرًا أو صناعيًا في روسيا الـ"المعادية للسامية".

ألمانيا "المعادية للسامية" منحت إسرائيل ثلاث غواصات حربية [تعمل بالطاقة النووية]، وفرنسا "المعادية للسامية" أفشت لإسرائيل التكنولوجيا النووية لأسلحة الدمار الشامل، وإسرائيل هي الدولة غير الأوروبية الوحيدة التي ترحّب بها أوروبا "المعادية للسامية" في كل شيء، من بطولات كرة القدم وكرة السلة إلى مسابقات "يوروفيجن" الغنائية، كما منحت أوروبا الجامعات الإسرائيلية مكانة خاصة فيما يتعلق بالتمويل العلمي.

"استخدام معاداة السامية المزعومة هو مهين أخلاقيًا" يقول هاكوهين. [ويضيف] الناس الذين يستغلون هذا التابو من أجل دعم إسرائيل وسياسة الإبادة العرقية تجاه الفلسطينيين، لا يقومون بأي شيء اقل من تدنيس ذكرى أولئك الضحايا اليهود الذين كان معنى موتهم نذيرًا أبديًا للبشرية ضد جميع أنواع التمييز والعنصرية والإبادة العرقية" ("استغلال معاداة السامية"، 29 أيلول/سبتمبر، 2003؛ ويمكن الاطلاع على بعض كتابات هاكوهين على www.antiwar.com).

وإذا كنت لن أحقق من وراء هذا الكلام سوى أمر واحد، فإن أملي هو أن أخلق فضاءً لبعض الذين يرفضون الإجراءات الإسرائيلية ولكنهم يحجمون عن إدانة الصهيونية بسبب رغبتهم في أن لا يكونوا "معادين للسامية".

الموقع الإجتماعي لليهود و"العداء للسامية"

هل ما قلته للتو يعني أني استبعد إمكانيه إحياء "معاداة السامية"؟ لا، لا اعني ذلك. ويُظهر التاريخ أن معاداة السامية في مدّ وجزر، وانه يمكن أن تعود. لا يسمح لي الوقت باستكشاف ذلك التاريخ بعمق؛ ولكن دعوني أوصي بكتابين بهذا الخصوص : "المسألة اليهودية" لمؤلفه أبراهام ليون، و"أصول الحكم الشمولي" لمؤلفته حنة آرندت (ولا سيما في الجزء الأول "معاداة السامية").

والآن، سأكتفي بالقول إن معاداة السامية (أو على نحو أدق المشاعر المعادية لليهود) لا تكمن جذورها في الطبيعة البشرية أو في اللاهوت المسيحي، بل هي نتاج للعلاقات الاجتماعية، بما في ذلك التركيز التاريخي على اليهود بوصفهم ممثلين للتجارة في مجتمعات غير تجارية.

التوزيع المهني الغريب لليهود في أوروبا أدى بأبناء الطبقات المحرومة بين السكان من غير اليهود إلى توجيه عدائهم لليهود، بوصفهم وكلاء القهر الظاهرين للعيان. "معاداة السامية"، بكلمات الاشتراكي الألماني أوغست ببل في القرن التاسع عشر كانت بمثابة "اشتراكية الحمقى". إنها ليست فوق التفسير التاريخي (كما هو متضمَّن في مصطلح مثل "المحرقة" الذي ينزع معاداة السامية من التاريخ ويعيد موضعتها في مجال الظواهر الطبيعية).

ولكن، طبعًا، لا يمكن لليهود كيهود، أن يحدّدوا السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، أكثر من قدرة الكوبيين في فلوريدا على تحديد السياسات الأميركية في منطقة البحر الكاريبي. لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون جميع الدعم المنظم لإسرائيل داخل الولايات المتحدة مصدره اليهود.

وإذا تركنا المصالح الإمبريالية جانبًا ـ وليس من الواضح في هذا الصدد ما إذا كانت إسرائيل هي مكسب أم خسارة ـ فقد حازت إسرائيل دعمًا مفاجئا للوهلة الأولى (عن الغارديان، فبراير 28 2002). المشهد مألوف جدًا، فهو يحدث دائمًا في واشنطن العاصمة وغيرها من المدن الرئيسية الأميركية. على المنصة، طالب إسرائيلي يحدّث آلاف المؤيدين عن أهوال السنة التي ما كانت إلاّ لتشدّ عزيمة شعبه، "رغمًا عن الهجمات الإرهابية، فهذه أبدًا لن تدفعنا بعيدًا عن الأرض التي وهبها الله لنا".

ويصاحب ذلك بالطبع هتاف وصراخ وتلويح بأعلام إسرائيل ونفير البوق، (الطقس اليهودي الذي يتم فيه النفخ ببوق من قرن الكبش). ثم يأتي [رئيس وزراء "إسرائيل الحالي] ايهود اولمرت [وكان لا يزال رئيس بلدية القدس]، فيُستقبل بانتشاء أكبر. "الله معنا. أنتم معنا". وعندها تتعالى الترحيبات والصرخات ويشتد التلويح بالعلم ويعلو نفير البوق.

ولكن شيئا غريبا جدا يحدث هنا. آلاف الأشخاص يهتفون لإسرائيل في مركز ضخم بواشنطن. ولكن لا أحد منهم يبدو يهوديًا، على الأقل ليس بالمعنى المتعارف عليه. إنه في الواقع اللقاء السنوي لمنظمة غير يهودية جداً : "التحالف المسيحي الأميركي".
---------------------

(1) نويل اغناتيف: مؤلف كتاب How the Irish Became White (كيف أصبح الايرلندي أبيضًا)؛ مؤسس ومحرر مشارك في "عرق خائن: مجلة الالغائية الجديدة"؛ ومدرس في كلية ماساشوستس للفنون.
(2) يستند هذا المقال إلى الحديث الذي أدلى به الكاتب نويل اغناتيف في آذار/مارس 2004 في كلية الفنون في ماساتشوستس، الولايات المتحدة، ونشر في 17 حزيران/يونيو, 2004. وقد وزع النص العربي ونشره موقع أجراس العودة : ترجمة أماني أبو رحمة، مراجعة وتدقيق رجاء زعبي عمري في 27/2/2008.

المصدر :
counterpunc.
Toward a Single State Solution - Zionism, Anti-Semitism and the People of Palestine
By NOEL IGNATIEV - June 17, 2004