مدينة يافا في مواجهة التهويد.
يافا تلك المدينة الكنعانية الإسلامية العربية الخالدة، التي آمنت منذ فجر التاريخ بشعار "سر السعادة بالحرية وسر الحرية بالصمود وانتزاع الحق من مغتصبيه عنوة "وآمن شعبها الأبي بشعار ملؤه الكبرياء الفلسطيني" يمكنك أن تنزع الإنسان من وطنه لكن من الصعب أن تنزع الوطن من قلبه ".
يافا عروس فلسطين وحاضرتها ودليل شامخ علي تطور الحضارة الفلسطينية عبر العصور، فقد عرفت المدارس بمراحلها وظهرت فها أول الصحف العربية مثل (فلسطين والدفاع ) وعرفت فنون المسرح والشعر والأدب في الوقت التي غرق فيها الصهاينة بمستنقع التخلف، ولأن يافا تشكل رمزية عالية في عقل وقلب كل الأحرار- ولأن يافا لازالت شامخة بعروبتها وإسلامها العظيم حتى الآن، إذا لابد من طمس هويتها وحضارتها ولا نستعرب عندما يطلق عليها الآن أرباب الصهاينة تل أبيب المظلمة.
يعتبر عام 1986 نقطة تحول في سياسة الطمس الموجهة لمدينة يافا، في الوقت الذي اجتمع فيه رئيس بلدية تل أبيب (شلومو لاهط )بمهندسين ليعلمهم أن الوقت قد حان للسيطرة علي يافا! وعلي ضوء ذلك شكل (لاهط ) ما يسمى طاقم يافا، حيث عمل هذا الطاقم علي تركيز المشاريع الصهيونية التطويرية ليافا، وبلورة خطة شاملة ومدروسة لتغيير طابع يافا العربي، وإبراز شعار التهويد، ويتلخص الطابع التهويدى بالمحاور التالية -
1- منطقة المنشية : هدم معالمها العربية وبناء ناطحات سحاب وشركات سياحية.
2- منطقة الساحل: وضع مخطط لتحويلها إلي مركز سياحي ترفيهي وإقامة حي سكنى للأغنياء.
3- ميناء يافا: تحويله من ميناء صيادين إلي ميناء (مارينا) ومكان للهو والفجور.
4- منطقة النزهة: تحويل أجزاء منها إلى مراكز تجارية والتخطيط إلى تحويل الحي إلى اسفنجة لامتصاص العرب الباقين في يافا بعد طردهم من حي الجبلية والعجمي القريبين من الساحل.
5- حي العجمي والجبلية: مخطط لتحويلهما إلي أحياء للطبقة البرجوازية الصهيونية العليا.
والجدير بالذكر أن هذه المحاور التطويرية الصهيونية تهدف إلي غزو يافا العربية من الشمال وتحاصرها من الداخل. ولكن يبقى صمود الحيان العربيان( حي الجبلية والعجمي) اللذان يشكلان العمود الفقري للأحياء العربية ،التى تسكنهما عائلات عربية يقفا حائلا أمام المخططات الصهيونية حتى وقتنا الحالي، رغم قلة الإمكانات
وتجدر الإشارة هنا أن المشروع الاقتصادي الصهيوني ينطلق من الأحياء الجنوبية لتل أبيب (نفيي تسيدك- ونفيي شالوم ) بالإضافة إلى وضع مخطط تطوير (حي المنشية ) ولاسيما في المنطقة التي تعتبر الحد الفاصل بين تل أبيب ويافا، وذلك بهدف التواصل المدني بين المدينتين ! ويشمل المخطط الصهيوني إقامة حدائق سياحية علي طول الساحل، الأمر الذي يدمر ويستثنى كلياً التواجد السكاني للعرب الفلسطينيين في منطقة الساحل، وتدمير أرزاق الصيادين العرب في يافا.
وامتد مخطط الصهاينة إلي شمال يافا، وضم ميدان (الساعة اليافاوي )المشهور وسعت بلدية تل أبيب إلى تدمير ما تبقى من (سوق الصلاحية) المعروف الآن بسوق (العتق ).
وتكمن الخطورة التدميرية ليافا بما قام به الصهاينة من هدم وتقويض الملامح التاريخية للمنطقة الساحلية اليافاوية، وتفريغها من السكان العرب ورسم الصهاينة لساحل يافا المخطط التالي --
- شاطئ المنشية: وهو شريط الشاطئ الذي يربط بين يافا وتل أبيب، يهدف المخطط إلى تحويله للاستجمام والتنزه .
- شاطئ العجمي: ويقع علي بعد 300 متر جنوبي الميناء يهدف المخطط إلى تدمير ملامحه العربية، وطمس مدرسة (حسن عرفة) و(مسجد العجمي ومسجد الجبلية) وتطويقه بفنادق ضخمة وحائق مائية وأحياء يهودية جديدة.
- الميناء: مخطط لتحويله إلي مركز اقتصادي، وتخصيص جزء كبير من مساحته للمطاعم والمار ينا.
- شاطئ الجبلية:: تم إتخامه بالمطاعم والمقاهي بسبب منظره اليافاوى الساحلي الخلاب.
- كل هذا بهدف تفريغ يافا من محتواها العربي الأصيل! ومنذ أكثر من أربع عقود من الزمن وآلاف البيوت العربية اليافاوية تهدم ! وعرب يافا يعانون من أوضاع سكنية وصحية وتعليمية متردية، كل هذا ليجعل اليهود العيش للعرب في يافا أمر لايطاق؟ وتسعى شركتي ( عميدار وحلميش ) اللتان تشرفان علي بيوت يافا لإخلاء العرب من بيوتهم، وأصدرت أوامر لأهالي يافا بعدم ترميم بيتوهم، حتى تسقط ويسيطروا عليها ويرحلوا أهلها إلى مساكن تشابه علب الكبريت، ومع ذلك يبقى أهل يافا صامدون بعروبتهم وأصولهم كشوكة في حلق مغتصبين حضارتها العربية الإسلامية الفلسطينية.
بعد احتلال يافا 1948 ونزوح أهلها، عاش من تبقى منهم وكانت ظروفهم مأساوية قاهرة واعتبروا للأسف أقلية رغم أن ما تبقى منهم حوالي (3 آلاف)، رغم أنهم خسروا كل شيء إلا أنهم بقوا منزرعين في يافا ليبقوا شوكة في جنوب مغتصبيها، وبعد استيلاء اليهود علي آلاف البيوت العربية التي تركها أهلها، قام اليهود بتجميع من تبقي من العرب الباقين في( العجمي والجبالية) أما باقي أحياء يافا اكتظت باليهود الجدد، ولم يبقى في يافا معلما ًعربياً إلا بقايا بيوت أصيلة ومقدسات وقفت لتشهد علي أصالة التاريخ والمكان العربي، وبعد عامين من الحكم العسكري علي عرب يافا، ضمت يافا إلي بلدية تل أبيب 1951، وصهرت بالجسم اليهودي، وشرعت سياسة الإهمال والتهميش ولم تستجب بلديتهم إلى حاجات العرب الفلسطينيين، وخنق أهلها وعانوا من نقص حاد في الوحدات السكنية ولم يحصل العرب رغم شدة حاجاتهم للسكن إلا علي 750 وحدة سكنية وكان ذلك بعد 34 سنة من الاحتلال (في عام 1982 ) وكانت تلك الوحدات المشابهة بوحدات العزل العنصري في جنوب إفريقيا هدفها تدمير الطابع العربي للمدينة وعديمة الصلة بالمكان ولا تتفق من حيث النوعية والتخطيط مع سبل الحياة وتقاليد البناء العصرية، وتدل تلك الوحدات التي أقيمت علي حدود ما تسمى( بيت يام) علي سوء التخطيط الذي كان يهدف إلي تكديس العرب في تلك المباني المتلاصقة لتجعل العرب يعيشون في علب من السردين لفترة ما - ثم يصبحوا بعد ذلك غير صالحين للاستعمال ! وذلك للوصول إلى هدف اجتماعي خبيث يرمى إلى تفتيت المجتمع العربي وازدياد نسبة الانحراف الاجتماعي هناك ؟!
باشر اليهود في تطبيق منحدر يافا رقم 2236 والذي شرع بتقسيم المنطقة ألي 10مواقع سكنية و3 مواقع لمنطقة الشاطئ بسياسة واضحة لتصور مشهد الفصل العنصري ومحو وجود السكان الأصليين.
(مخطط الميناء)
تعرض صيادو الأسماك في ميناء يافا منذ صيف 1992الي مضايقات ومحاولات اجتثاث وإخلاء لمحو الوجود العربي فيه، ويعتبر نخطط الميناء المرحلة الأخيرة من مسيرة تغير طابع ميناء يافا التاريخي وتحويله إلي مركز سياحي استهلاكي.
كان ميناء يافا حتى أواخر عهد الانتداب البريطاني يشكل حلقة الوصل بين فلسطين والعالم الخارجي، وشهدت تلك العصور ذروة تطور الميناء، وبالتالي التطور السكاني والحضاري ليافا عروس البحر، غير أن ميناء يافا بدأ بالتراجع إبان ثورة 1936 وما أعقبها من إضراب هز تجارة بريطانيا وعملائهم من الصهاينة آنذاك، لذا قام اليهود والبريطانيين بإنشاء ميناء ما يسمى ميناء (تل أبيب) وتوقف ميناء يافا عن نشاطه التجاري رسمياً عام 1965 عند المباشرة باستخدام ميناء أسدود. عملت مشاريع التطوير التي كانت من نصيب ميناء يافا ألي هدم معالمه التاريخية، وتحويله إلى مكان لهو واستجمام وخمارات وفجور وفسق صهيوني ، الأمر الذي ترك آثاراً سلبية بالغة علي صيادي الأسماك المحليين وحرمهم من مصدر رزقهم ، وكانت هذه المشاريع الصهيونية التي تحمل (رقم 2378 )تهدف بشكل ممنهج إلى محو وجود الصيادين العرب في الميناء، ورغم لجوء صيادو يافا إلي ما تسمى بمحكمة العدل الصهيونية وعرض قضيتهم علي وسائل الإعلام إلا أن قرار التهويد كان قد اتخذ ولا رجعة فيه، بل زادت المعاناة للصيادين أكثر مكن ذي قبل، وحشروا في القسم الجنوبي، وخصصوا لهم مكان ضيق وأرصفة خشبية قصيرة تفتقر للكهرباء والماء وأحاطوهم ب(يخوت) من كل جانب وأغلقوا بوابة الرصيف الذي يستخدمونه وأصبح أصحاب المطاعم يمنعونهم من وضع شباكهم علي الأرصفة، بدعوى أنها تزعج السياح والزوار، في الوقت التي تضاعفت فيه أرصفة اليخوت الصهيونية، وشرعت البلدية برفع رسوم رخصة الصيد للعرب! وحرموهم من دعم وزارة الزراعة، واخترع مدير الميناء مخطط إطالة كاسح الأمواج ومن الأمور الخطيرة هو شروع البلدية ببناء 250 وحدة سكنية وفندق في منطقة الميناء، وتجفيف جزء من البحر ،والخلاصة يعتبر اليهود أن استمرار الصيادين العرب في ميناء يافا مرتكزاً لارتباط العرب بيافا، الأمر الذي يشكل عقبة في طريق ضم يافا إلي ما تسمى تل أبيب، ورغم ذلك فالعرب باقون - باقون - فيك يا يافا ليلتحم بهم جسور العودة ولاتزال أثواب الصيادين المهاجرين في يافا معلقة في دواليب أحفادهم، وسنرجع يوما إلي يافا ،لأن فينا الأمل، ومن ولد فيه الأمل لا يعرف للمستحيل طريقا.
المصدر: صحيفة الحوار
يافا تلك المدينة الكنعانية الإسلامية العربية الخالدة، التي آمنت منذ فجر التاريخ بشعار "سر السعادة بالحرية وسر الحرية بالصمود وانتزاع الحق من مغتصبيه عنوة "وآمن شعبها الأبي بشعار ملؤه الكبرياء الفلسطيني" يمكنك أن تنزع الإنسان من وطنه لكن من الصعب أن تنزع الوطن من قلبه ".
يافا عروس فلسطين وحاضرتها ودليل شامخ علي تطور الحضارة الفلسطينية عبر العصور، فقد عرفت المدارس بمراحلها وظهرت فها أول الصحف العربية مثل (فلسطين والدفاع ) وعرفت فنون المسرح والشعر والأدب في الوقت التي غرق فيها الصهاينة بمستنقع التخلف، ولأن يافا تشكل رمزية عالية في عقل وقلب كل الأحرار- ولأن يافا لازالت شامخة بعروبتها وإسلامها العظيم حتى الآن، إذا لابد من طمس هويتها وحضارتها ولا نستعرب عندما يطلق عليها الآن أرباب الصهاينة تل أبيب المظلمة.
يعتبر عام 1986 نقطة تحول في سياسة الطمس الموجهة لمدينة يافا، في الوقت الذي اجتمع فيه رئيس بلدية تل أبيب (شلومو لاهط )بمهندسين ليعلمهم أن الوقت قد حان للسيطرة علي يافا! وعلي ضوء ذلك شكل (لاهط ) ما يسمى طاقم يافا، حيث عمل هذا الطاقم علي تركيز المشاريع الصهيونية التطويرية ليافا، وبلورة خطة شاملة ومدروسة لتغيير طابع يافا العربي، وإبراز شعار التهويد، ويتلخص الطابع التهويدى بالمحاور التالية -
1- منطقة المنشية : هدم معالمها العربية وبناء ناطحات سحاب وشركات سياحية.
2- منطقة الساحل: وضع مخطط لتحويلها إلي مركز سياحي ترفيهي وإقامة حي سكنى للأغنياء.
3- ميناء يافا: تحويله من ميناء صيادين إلي ميناء (مارينا) ومكان للهو والفجور.
4- منطقة النزهة: تحويل أجزاء منها إلى مراكز تجارية والتخطيط إلى تحويل الحي إلى اسفنجة لامتصاص العرب الباقين في يافا بعد طردهم من حي الجبلية والعجمي القريبين من الساحل.
5- حي العجمي والجبلية: مخطط لتحويلهما إلي أحياء للطبقة البرجوازية الصهيونية العليا.
والجدير بالذكر أن هذه المحاور التطويرية الصهيونية تهدف إلي غزو يافا العربية من الشمال وتحاصرها من الداخل. ولكن يبقى صمود الحيان العربيان( حي الجبلية والعجمي) اللذان يشكلان العمود الفقري للأحياء العربية ،التى تسكنهما عائلات عربية يقفا حائلا أمام المخططات الصهيونية حتى وقتنا الحالي، رغم قلة الإمكانات
وتجدر الإشارة هنا أن المشروع الاقتصادي الصهيوني ينطلق من الأحياء الجنوبية لتل أبيب (نفيي تسيدك- ونفيي شالوم ) بالإضافة إلى وضع مخطط تطوير (حي المنشية ) ولاسيما في المنطقة التي تعتبر الحد الفاصل بين تل أبيب ويافا، وذلك بهدف التواصل المدني بين المدينتين ! ويشمل المخطط الصهيوني إقامة حدائق سياحية علي طول الساحل، الأمر الذي يدمر ويستثنى كلياً التواجد السكاني للعرب الفلسطينيين في منطقة الساحل، وتدمير أرزاق الصيادين العرب في يافا.
وامتد مخطط الصهاينة إلي شمال يافا، وضم ميدان (الساعة اليافاوي )المشهور وسعت بلدية تل أبيب إلى تدمير ما تبقى من (سوق الصلاحية) المعروف الآن بسوق (العتق ).
وتكمن الخطورة التدميرية ليافا بما قام به الصهاينة من هدم وتقويض الملامح التاريخية للمنطقة الساحلية اليافاوية، وتفريغها من السكان العرب ورسم الصهاينة لساحل يافا المخطط التالي --
- شاطئ المنشية: وهو شريط الشاطئ الذي يربط بين يافا وتل أبيب، يهدف المخطط إلى تحويله للاستجمام والتنزه .
- شاطئ العجمي: ويقع علي بعد 300 متر جنوبي الميناء يهدف المخطط إلى تدمير ملامحه العربية، وطمس مدرسة (حسن عرفة) و(مسجد العجمي ومسجد الجبلية) وتطويقه بفنادق ضخمة وحائق مائية وأحياء يهودية جديدة.
- الميناء: مخطط لتحويله إلي مركز اقتصادي، وتخصيص جزء كبير من مساحته للمطاعم والمار ينا.
- شاطئ الجبلية:: تم إتخامه بالمطاعم والمقاهي بسبب منظره اليافاوى الساحلي الخلاب.
- كل هذا بهدف تفريغ يافا من محتواها العربي الأصيل! ومنذ أكثر من أربع عقود من الزمن وآلاف البيوت العربية اليافاوية تهدم ! وعرب يافا يعانون من أوضاع سكنية وصحية وتعليمية متردية، كل هذا ليجعل اليهود العيش للعرب في يافا أمر لايطاق؟ وتسعى شركتي ( عميدار وحلميش ) اللتان تشرفان علي بيوت يافا لإخلاء العرب من بيوتهم، وأصدرت أوامر لأهالي يافا بعدم ترميم بيتوهم، حتى تسقط ويسيطروا عليها ويرحلوا أهلها إلى مساكن تشابه علب الكبريت، ومع ذلك يبقى أهل يافا صامدون بعروبتهم وأصولهم كشوكة في حلق مغتصبين حضارتها العربية الإسلامية الفلسطينية.
بعد احتلال يافا 1948 ونزوح أهلها، عاش من تبقى منهم وكانت ظروفهم مأساوية قاهرة واعتبروا للأسف أقلية رغم أن ما تبقى منهم حوالي (3 آلاف)، رغم أنهم خسروا كل شيء إلا أنهم بقوا منزرعين في يافا ليبقوا شوكة في جنوب مغتصبيها، وبعد استيلاء اليهود علي آلاف البيوت العربية التي تركها أهلها، قام اليهود بتجميع من تبقي من العرب الباقين في( العجمي والجبالية) أما باقي أحياء يافا اكتظت باليهود الجدد، ولم يبقى في يافا معلما ًعربياً إلا بقايا بيوت أصيلة ومقدسات وقفت لتشهد علي أصالة التاريخ والمكان العربي، وبعد عامين من الحكم العسكري علي عرب يافا، ضمت يافا إلي بلدية تل أبيب 1951، وصهرت بالجسم اليهودي، وشرعت سياسة الإهمال والتهميش ولم تستجب بلديتهم إلى حاجات العرب الفلسطينيين، وخنق أهلها وعانوا من نقص حاد في الوحدات السكنية ولم يحصل العرب رغم شدة حاجاتهم للسكن إلا علي 750 وحدة سكنية وكان ذلك بعد 34 سنة من الاحتلال (في عام 1982 ) وكانت تلك الوحدات المشابهة بوحدات العزل العنصري في جنوب إفريقيا هدفها تدمير الطابع العربي للمدينة وعديمة الصلة بالمكان ولا تتفق من حيث النوعية والتخطيط مع سبل الحياة وتقاليد البناء العصرية، وتدل تلك الوحدات التي أقيمت علي حدود ما تسمى( بيت يام) علي سوء التخطيط الذي كان يهدف إلي تكديس العرب في تلك المباني المتلاصقة لتجعل العرب يعيشون في علب من السردين لفترة ما - ثم يصبحوا بعد ذلك غير صالحين للاستعمال ! وذلك للوصول إلى هدف اجتماعي خبيث يرمى إلى تفتيت المجتمع العربي وازدياد نسبة الانحراف الاجتماعي هناك ؟!
باشر اليهود في تطبيق منحدر يافا رقم 2236 والذي شرع بتقسيم المنطقة ألي 10مواقع سكنية و3 مواقع لمنطقة الشاطئ بسياسة واضحة لتصور مشهد الفصل العنصري ومحو وجود السكان الأصليين.
(مخطط الميناء)
تعرض صيادو الأسماك في ميناء يافا منذ صيف 1992الي مضايقات ومحاولات اجتثاث وإخلاء لمحو الوجود العربي فيه، ويعتبر نخطط الميناء المرحلة الأخيرة من مسيرة تغير طابع ميناء يافا التاريخي وتحويله إلي مركز سياحي استهلاكي.
كان ميناء يافا حتى أواخر عهد الانتداب البريطاني يشكل حلقة الوصل بين فلسطين والعالم الخارجي، وشهدت تلك العصور ذروة تطور الميناء، وبالتالي التطور السكاني والحضاري ليافا عروس البحر، غير أن ميناء يافا بدأ بالتراجع إبان ثورة 1936 وما أعقبها من إضراب هز تجارة بريطانيا وعملائهم من الصهاينة آنذاك، لذا قام اليهود والبريطانيين بإنشاء ميناء ما يسمى ميناء (تل أبيب) وتوقف ميناء يافا عن نشاطه التجاري رسمياً عام 1965 عند المباشرة باستخدام ميناء أسدود. عملت مشاريع التطوير التي كانت من نصيب ميناء يافا ألي هدم معالمه التاريخية، وتحويله إلى مكان لهو واستجمام وخمارات وفجور وفسق صهيوني ، الأمر الذي ترك آثاراً سلبية بالغة علي صيادي الأسماك المحليين وحرمهم من مصدر رزقهم ، وكانت هذه المشاريع الصهيونية التي تحمل (رقم 2378 )تهدف بشكل ممنهج إلى محو وجود الصيادين العرب في الميناء، ورغم لجوء صيادو يافا إلي ما تسمى بمحكمة العدل الصهيونية وعرض قضيتهم علي وسائل الإعلام إلا أن قرار التهويد كان قد اتخذ ولا رجعة فيه، بل زادت المعاناة للصيادين أكثر مكن ذي قبل، وحشروا في القسم الجنوبي، وخصصوا لهم مكان ضيق وأرصفة خشبية قصيرة تفتقر للكهرباء والماء وأحاطوهم ب(يخوت) من كل جانب وأغلقوا بوابة الرصيف الذي يستخدمونه وأصبح أصحاب المطاعم يمنعونهم من وضع شباكهم علي الأرصفة، بدعوى أنها تزعج السياح والزوار، في الوقت التي تضاعفت فيه أرصفة اليخوت الصهيونية، وشرعت البلدية برفع رسوم رخصة الصيد للعرب! وحرموهم من دعم وزارة الزراعة، واخترع مدير الميناء مخطط إطالة كاسح الأمواج ومن الأمور الخطيرة هو شروع البلدية ببناء 250 وحدة سكنية وفندق في منطقة الميناء، وتجفيف جزء من البحر ،والخلاصة يعتبر اليهود أن استمرار الصيادين العرب في ميناء يافا مرتكزاً لارتباط العرب بيافا، الأمر الذي يشكل عقبة في طريق ضم يافا إلي ما تسمى تل أبيب، ورغم ذلك فالعرب باقون - باقون - فيك يا يافا ليلتحم بهم جسور العودة ولاتزال أثواب الصيادين المهاجرين في يافا معلقة في دواليب أحفادهم، وسنرجع يوما إلي يافا ،لأن فينا الأمل، ومن ولد فيه الأمل لا يعرف للمستحيل طريقا.
المصدر: صحيفة الحوار