نتابع: العنصرية الصهيونية وفلسفة التربية اليهودية -3-
اللغة العبرية:
تعتبر اللغة العبرية من أهم الأسس التي تقوم عليها فلسفة التربية والتعليم لدى اليهود، وذلك لارتباطها بهذه اللغة كمبدأ من مبادئ القومية، ولارتباطها بالدين حيث أنها لغة التوراة والأدب العبري والتراث العبري القديم، وقد بقيت اللغة العبرية حبيسة (الجيتو) مئات السنين ولم تستعمل إلا كلغة دين وشعائر فقط، وقد اعترف قادة اليهود أنفسهم بذلك بحيث يقول بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي: "إن اللغة العبرية لغة فقدت حياتها، إذ لم يُتحدث بها طوال ألفي سنة"(36).
وقد تزعم أليعزر بن يهوذا الملقب بأبي العبرية الحديثة، في العصر الحديث بعث هذه اللغة، وناضل في سبيل اعتمادها لغة محكية، ثم تبنت دولة (إسرائيل) هذه المحاولة فيما بعد. "وقد تجاوزت اللغة العبرية النطاق الذي عاشت فيه قروناً كلغة تقليدية، لتلعب دور اللغة القومية، فلم تعد لغة دين وشعائر وطقوس فحسب، بل أصبحت أداة لخلق الوحدة داخل المجتمع الإسرائيلي، وأداة لتعميق الانتماء والولاء للأرض"(37).
"ومن هنا تبدو أهمية اللغة العبرية في المجتمع الإسرائيلي نظراً لأن كثيرين من اليهود، الذين جاؤوا إلى فلسطين لم يكونوا يتكلمون العبرية بل مشتقات عنها كالإيديش، لا يقرؤونها ولا يكتبونها وبهذا تحتل اللغة العبرية مكانا بارزاً في مناهج المدارس الإسرائيلية وهي لغة التدريس في جميع المواضيع"(38).
وقد تم إدخال اللغة العبرية كلغة للتدريس تدريجياً، حيث كان هناك صراع بين أنصار العبرية وبين أنصار التدريس باللغات الأجنبية، وحجة هؤلاء عدم توفر الكتب والمؤلفات باللغة العبرية، لكن مؤتمر المعلمين اليهود قرر استعمال اللغة العبرية في كل الموضوعات، على أساس أن الحاجة هي التي تخلق الكتب والكلمات المطلوبة، وبدأ التدريس باللغة العبرية للصفوف الإبتدائية الأربعة الأولى، وسمح بتدريس بعض الموضوعات باللغات الأوروبية إلى أن أصبح هناك جيل من المعلمين قادر على تدريس كافة المواد باللغة العبرية، ثم جاء عدد من الأساتذة اليهود الذين يدرسون في الجامعات من أوروبا وأمريكا وقاموا بترجمة الكتب الأجنبية إلى العبرية، وهكذا بعد قيام دولة (إسرائيل)، أصبحت اللغة العبرية هي اللغة الرسمية حتى أن الآباء الذين هاجروا إلى فلسطين، تعلموا اللغة العبرية عن طريق أبنائهم. وقد حدد المنهاج الإسرائيلي أهداف تعليم اللغة العبرية بما يلي:
1ـ "اكتساب التلميذ مُثُل الأمة العليا وآرائها ومشاعرها أثناء مراحل تطور الأمة اليهودية في فترات مختلفة، وتقوية الرباط التاريخي الذي لم ينفصل بين الشعب وبلاده وثقافته، ويجب الكشف بشكل خاص عن إنجازات هذا الجيل والأجيال القريبة منه من أجل النهضة القومية والبعث الحضاري والثقافي والاجتماعي.
2ـ إعداد الطالب لاتصال حي مع القضايا والتيارات الفكرية المعاصرة ومع حوافز ومذاهب الشعب اليهودي ومسالكه في مسيرته التاريخية"(39).
من هنا نلاحظ أنه تحقق إلى حد لا يستهان به حلم الصهيونيين في إحياء اللغة العبرية وجعلها لغة حية تتردد على ألسنة الجيل الجديد، يستعملها في الكتابة والمحادثة، وفي الخطابة والتمثيل والتأليف، وعبرية اليوم تحتوي ألفاظاً كثيرة أتتها على مر العصور من اللغات الأجنبية التي احتكت بها.
وباعتراف اليهود أنفسهم أنه كان للثقافة أثر فعال في العصور الوسطى في تنمية اللغة العبرية والمحافظة عليها من الانقراض، وقد دأب علماء اليهود الذين عاشوا في الأقطار الاسلامية على تأليف الكتب اللغوية على غرار المؤلفات العربية في قواعد اللغة من صرف وبلاغة وعروض. ويقول أليعيزر بن يهوذا الذي دعا إلى جعل العبرية لغة الحديث في أفواه الناشئة في البيت والشارع، ولغة التعليم في المدرسة: "إن اللغة هي الأمة والأمة هي اللغة ولا حياة للأمة بدون لغة"(40).
العبرنة الشاملة
يجمع الإسرائيليون على ضرورة العبرنة الشاملة، ويرفضون العبرنة الجزئية معتبرين أن أساس الأيديولوجية الصهيونية، هو إحياء اللغة العبرية وتراثها وتطويرها، وإن أي توطين للتكنولوجيا المعاصرة لا يمكن إنجازه بدون العبرنة الشاملة، فأساس التوطين أن تدرَّس سائر المواد العلمية والتقنية في كل الجامعات والمعاهد باللغة العبرية، وأن تستعمل اللغة في مراكز البحث العلمي أيضاً، وهنا يقول إيرماي ما يلي: "إن انبعاث إسرائيل وسرعة تطوير العلوم والتكنولوجيا لا يمكن تحقيقها بدون لغة مشتركة تستعمل كأداة في تبادل الأفكار الحديثة"(41).
وقد تولدت عن هذا الوعي اللغوي الشامل للميدان ا لعلمي فلسفة المصطلح العلمي الجديد، ويضيف إيرماي رئيس المجمع اللغوي: "إن تكوين كلمات جديدة اكتسب أبعاداً ومظاهر تربوية هامة، لأنه يتطلب الشمولية والصدق والبحث عن الهوية الفيزيائية لكل مدرك وما يقابله من كلمات وتساعد هذه العملية المركبة على نقل أفكار جديدة للطلبة وبأسهل الطرق وأقربها للإدراك والفهم.. إن فن المصطلح العلمي بمساعدة البحث العلمي والتعاون يصير أداة لتقدم المجتمع"(42).
وهكذا نجمت عن العبرنة الشاملة (فلسفة العبرنة) جعلت العلماء اليهود في إسرائيل ينظرون بافتخار كبير لنجاحهم في تلك التجربة حيث أنهم يرون أن المصطلح العبري أكثر دقة ووضوحاً من المصطلح الإنجليزي أو الفرنسي، بحيث أن المصطلحات العبرية تستطيع تفادي الثغرات الموجودة في اللغات الأوروبية الحديثة.
من خلال ما تقدم نستطيع أن نلاحظ ملامح الإستراتيجية التربوية، النفسية الاجتماعية التي صاغتها العنصرية الصهيونية المعتمدة على تأويلات أسطورية مستمدة من الأفكار التلمودية لتحديد اتجاهات عملية التنشئة الاجتماعية والتربية اليهودية، ويمكن القول إن الطابع العنصري السائد في المجتمع الإسرائيلي قد أثر تأثيراً واضحاً على اتجاهات النشء الإسرائيلي إزاء العرب والتي لا يمكن وصفها إلا بالاتجاهات العدوانية على الرغم من محاولة المحيط العربي، ومن بينهم الفلسطينيون، إقامة سلام مع الدولة العبرية منذ كامب ديفيد الأولى عام 1979 إلى كامب ديفيد الأخيرة عام 2000 والتي لم تكتمل فصولها بسبب اللاءات الإسرائيلية حول الأرض والقدس والاستيطان وعودة اللاجئين.
ومن المؤكد أن هذه العنصرية وتلك العدوانية كانتا نتاجاً لتلك التربية التي تبلورت لدى الشباب الإسرائيلي من خلال إستراتيجية عنصرية للتنشئة الاجتماعية، تستخدم فيها الأفكار السلبية عن العرب في جميع وسائل التربية، وفي مقدمتها المدرسة والكيبوتس والجيش ووسائل الإعلام المختلفة.
المراجع والمصادر
1- منير بشور وآخرون، التعليم في (إسرائيل)– مركز الأبحاث الفلسطيني /بيروت /1969 ص 23.
2- د. فايز صايغ، الصهيونية والعنصرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1977 ص 13.
3- د. فايز صايغ، المصدر السابق ص 14.
4- علي رؤوف سيد مرسي، أثر المؤسسات الاجتماعية والدينية في تربية الفرد في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل عدد يوليو 1968 ص 106.
5-عبد الوهاب المسيري: موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة1975 ص107.
6-سمير هوانه: نظام التعليم العام في الكيان الصهيوني/ عن مؤتمر الأبعاد التربوية للصراع العربي الإسرائيلي جامعة الكويت مارس 1985
7- هارون هاشم رشيد: حول الفكر التربوي الصهيوني في فلسطين عن مجلة شؤون عربية عدد 33/34 نوفمبر- ديسمبر 83.
8- محمد عثمان شبير، صراعنا مع اليهود في ضوء السياسة الشرعية، مكتبة الفلاح / الكويت /1987 ص(86)
9-عادل العطاري / التربية اليهودية، عمان الأردن ص(70)
10-ظفر الإسلام خان، التلمود تاريخه وتعاليمه، دار النفائس / بيروت 1985 ص(86)
11- ظفر الاسلام خان: المرجع السابق، ص (87)
12-عادل العطاري ، مصدر سابق، ص(56 ).
13-منير بشور وآخرون، مرجع سابق، ص (40 ).
14- صالح عبد الله سرية ، تعليم العرب في (إسرائيل)، مركز الأبحاث الفلسطيني / بيروت 1974، ص (40).
15-صالح عبد الله سرية: المرجع السابق ص (42).
16- منير بشور وآخرون،التعليم في (إسرائيل)/ مرجع سابق ص (41).
17-عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسية، الهيئة المصرية العامة للكتاب/القاهرة/1977 ص(263)
18- صالح عبد الله سرية: تعليم العرب في (إسرائيل)، مرجع سابق ص (29)
19-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع ص(30).
20- صالح عبد الله سرية: نفس المرجع ص(30 ).
21-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع ص ( 31)
22-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع ص (32).
23-عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسة: مرجع سابق، ص ( 302 ).
24- عبد السميع الهراوي: نفس المرجع، ص ( 325 )
25- صالح عبد الله سرية: تعليم العرب في (إسرائيل)، مرجع سابق ص( 33)
26-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع: ص ( 34).
27-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع: ص (35 ).
28-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع: ص (35).
29-عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسة، مرجع سابق ص (197).
30-عبد السميع الهراوي: نفس المرجع ص (198)
31-صالح عبد الله سرية: تعليم العرب في (إسرائيل)، مرجع سابق ص (36)
32-عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسة مرجع سابق ص (76).
33-محمد فايز القصري، الصراع السياسي بين الصهيونية والعرب، دار المعرفة / القاهرة /1981 ص (34)
34-صالح عبد الله سرية: تعليم العرب في (إسرائيل)، مرجع سابق، ص (37)
35-صالح عبد الله سرية، نفس المرجع ص (39)
36- عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسة، مرجع سابق ص(319).
37-عادل عطاري: التربية اليهودية، مرجع سابق ص ( 74)
38- منير بشور وآخرون: التعليم في (إسرائيل)، مرجع سابق ص (45).
39-عادل عطاري: مرجع سابق ص (75).
40-ربحي كمال: دروس في اللغة العبرية، مطبعة جامعة دمشق /1966، ص (53).
41-عثمان السعدي: العبرنة الشاملة والتحكم في التكنولوجيا في الكيان الإسرائيلي، مؤتمر الأبعاد التربوية للصراع العربي الإسرائيلي جامعة الكويت مايو 1985.
42-عادل عطاري: التربية اليهودية، مرجع سابق. ص (11).
---------------------------------------
عبد القادر فارس، مجلة رؤية،
اللغة العبرية:
تعتبر اللغة العبرية من أهم الأسس التي تقوم عليها فلسفة التربية والتعليم لدى اليهود، وذلك لارتباطها بهذه اللغة كمبدأ من مبادئ القومية، ولارتباطها بالدين حيث أنها لغة التوراة والأدب العبري والتراث العبري القديم، وقد بقيت اللغة العبرية حبيسة (الجيتو) مئات السنين ولم تستعمل إلا كلغة دين وشعائر فقط، وقد اعترف قادة اليهود أنفسهم بذلك بحيث يقول بن جوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي: "إن اللغة العبرية لغة فقدت حياتها، إذ لم يُتحدث بها طوال ألفي سنة"(36).
وقد تزعم أليعزر بن يهوذا الملقب بأبي العبرية الحديثة، في العصر الحديث بعث هذه اللغة، وناضل في سبيل اعتمادها لغة محكية، ثم تبنت دولة (إسرائيل) هذه المحاولة فيما بعد. "وقد تجاوزت اللغة العبرية النطاق الذي عاشت فيه قروناً كلغة تقليدية، لتلعب دور اللغة القومية، فلم تعد لغة دين وشعائر وطقوس فحسب، بل أصبحت أداة لخلق الوحدة داخل المجتمع الإسرائيلي، وأداة لتعميق الانتماء والولاء للأرض"(37).
"ومن هنا تبدو أهمية اللغة العبرية في المجتمع الإسرائيلي نظراً لأن كثيرين من اليهود، الذين جاؤوا إلى فلسطين لم يكونوا يتكلمون العبرية بل مشتقات عنها كالإيديش، لا يقرؤونها ولا يكتبونها وبهذا تحتل اللغة العبرية مكانا بارزاً في مناهج المدارس الإسرائيلية وهي لغة التدريس في جميع المواضيع"(38).
وقد تم إدخال اللغة العبرية كلغة للتدريس تدريجياً، حيث كان هناك صراع بين أنصار العبرية وبين أنصار التدريس باللغات الأجنبية، وحجة هؤلاء عدم توفر الكتب والمؤلفات باللغة العبرية، لكن مؤتمر المعلمين اليهود قرر استعمال اللغة العبرية في كل الموضوعات، على أساس أن الحاجة هي التي تخلق الكتب والكلمات المطلوبة، وبدأ التدريس باللغة العبرية للصفوف الإبتدائية الأربعة الأولى، وسمح بتدريس بعض الموضوعات باللغات الأوروبية إلى أن أصبح هناك جيل من المعلمين قادر على تدريس كافة المواد باللغة العبرية، ثم جاء عدد من الأساتذة اليهود الذين يدرسون في الجامعات من أوروبا وأمريكا وقاموا بترجمة الكتب الأجنبية إلى العبرية، وهكذا بعد قيام دولة (إسرائيل)، أصبحت اللغة العبرية هي اللغة الرسمية حتى أن الآباء الذين هاجروا إلى فلسطين، تعلموا اللغة العبرية عن طريق أبنائهم. وقد حدد المنهاج الإسرائيلي أهداف تعليم اللغة العبرية بما يلي:
1ـ "اكتساب التلميذ مُثُل الأمة العليا وآرائها ومشاعرها أثناء مراحل تطور الأمة اليهودية في فترات مختلفة، وتقوية الرباط التاريخي الذي لم ينفصل بين الشعب وبلاده وثقافته، ويجب الكشف بشكل خاص عن إنجازات هذا الجيل والأجيال القريبة منه من أجل النهضة القومية والبعث الحضاري والثقافي والاجتماعي.
2ـ إعداد الطالب لاتصال حي مع القضايا والتيارات الفكرية المعاصرة ومع حوافز ومذاهب الشعب اليهودي ومسالكه في مسيرته التاريخية"(39).
من هنا نلاحظ أنه تحقق إلى حد لا يستهان به حلم الصهيونيين في إحياء اللغة العبرية وجعلها لغة حية تتردد على ألسنة الجيل الجديد، يستعملها في الكتابة والمحادثة، وفي الخطابة والتمثيل والتأليف، وعبرية اليوم تحتوي ألفاظاً كثيرة أتتها على مر العصور من اللغات الأجنبية التي احتكت بها.
وباعتراف اليهود أنفسهم أنه كان للثقافة أثر فعال في العصور الوسطى في تنمية اللغة العبرية والمحافظة عليها من الانقراض، وقد دأب علماء اليهود الذين عاشوا في الأقطار الاسلامية على تأليف الكتب اللغوية على غرار المؤلفات العربية في قواعد اللغة من صرف وبلاغة وعروض. ويقول أليعيزر بن يهوذا الذي دعا إلى جعل العبرية لغة الحديث في أفواه الناشئة في البيت والشارع، ولغة التعليم في المدرسة: "إن اللغة هي الأمة والأمة هي اللغة ولا حياة للأمة بدون لغة"(40).
العبرنة الشاملة
يجمع الإسرائيليون على ضرورة العبرنة الشاملة، ويرفضون العبرنة الجزئية معتبرين أن أساس الأيديولوجية الصهيونية، هو إحياء اللغة العبرية وتراثها وتطويرها، وإن أي توطين للتكنولوجيا المعاصرة لا يمكن إنجازه بدون العبرنة الشاملة، فأساس التوطين أن تدرَّس سائر المواد العلمية والتقنية في كل الجامعات والمعاهد باللغة العبرية، وأن تستعمل اللغة في مراكز البحث العلمي أيضاً، وهنا يقول إيرماي ما يلي: "إن انبعاث إسرائيل وسرعة تطوير العلوم والتكنولوجيا لا يمكن تحقيقها بدون لغة مشتركة تستعمل كأداة في تبادل الأفكار الحديثة"(41).
وقد تولدت عن هذا الوعي اللغوي الشامل للميدان ا لعلمي فلسفة المصطلح العلمي الجديد، ويضيف إيرماي رئيس المجمع اللغوي: "إن تكوين كلمات جديدة اكتسب أبعاداً ومظاهر تربوية هامة، لأنه يتطلب الشمولية والصدق والبحث عن الهوية الفيزيائية لكل مدرك وما يقابله من كلمات وتساعد هذه العملية المركبة على نقل أفكار جديدة للطلبة وبأسهل الطرق وأقربها للإدراك والفهم.. إن فن المصطلح العلمي بمساعدة البحث العلمي والتعاون يصير أداة لتقدم المجتمع"(42).
وهكذا نجمت عن العبرنة الشاملة (فلسفة العبرنة) جعلت العلماء اليهود في إسرائيل ينظرون بافتخار كبير لنجاحهم في تلك التجربة حيث أنهم يرون أن المصطلح العبري أكثر دقة ووضوحاً من المصطلح الإنجليزي أو الفرنسي، بحيث أن المصطلحات العبرية تستطيع تفادي الثغرات الموجودة في اللغات الأوروبية الحديثة.
من خلال ما تقدم نستطيع أن نلاحظ ملامح الإستراتيجية التربوية، النفسية الاجتماعية التي صاغتها العنصرية الصهيونية المعتمدة على تأويلات أسطورية مستمدة من الأفكار التلمودية لتحديد اتجاهات عملية التنشئة الاجتماعية والتربية اليهودية، ويمكن القول إن الطابع العنصري السائد في المجتمع الإسرائيلي قد أثر تأثيراً واضحاً على اتجاهات النشء الإسرائيلي إزاء العرب والتي لا يمكن وصفها إلا بالاتجاهات العدوانية على الرغم من محاولة المحيط العربي، ومن بينهم الفلسطينيون، إقامة سلام مع الدولة العبرية منذ كامب ديفيد الأولى عام 1979 إلى كامب ديفيد الأخيرة عام 2000 والتي لم تكتمل فصولها بسبب اللاءات الإسرائيلية حول الأرض والقدس والاستيطان وعودة اللاجئين.
ومن المؤكد أن هذه العنصرية وتلك العدوانية كانتا نتاجاً لتلك التربية التي تبلورت لدى الشباب الإسرائيلي من خلال إستراتيجية عنصرية للتنشئة الاجتماعية، تستخدم فيها الأفكار السلبية عن العرب في جميع وسائل التربية، وفي مقدمتها المدرسة والكيبوتس والجيش ووسائل الإعلام المختلفة.
المراجع والمصادر
1- منير بشور وآخرون، التعليم في (إسرائيل)– مركز الأبحاث الفلسطيني /بيروت /1969 ص 23.
2- د. فايز صايغ، الصهيونية والعنصرية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر بيروت 1977 ص 13.
3- د. فايز صايغ، المصدر السابق ص 14.
4- علي رؤوف سيد مرسي، أثر المؤسسات الاجتماعية والدينية في تربية الفرد في الكيان الصهيوني، مجلة المستقبل عدد يوليو 1968 ص 106.
5-عبد الوهاب المسيري: موسوعة المفاهيم والمصطلحات الصهيونية دار النهضة العربية، القاهرة1975 ص107.
6-سمير هوانه: نظام التعليم العام في الكيان الصهيوني/ عن مؤتمر الأبعاد التربوية للصراع العربي الإسرائيلي جامعة الكويت مارس 1985
7- هارون هاشم رشيد: حول الفكر التربوي الصهيوني في فلسطين عن مجلة شؤون عربية عدد 33/34 نوفمبر- ديسمبر 83.
8- محمد عثمان شبير، صراعنا مع اليهود في ضوء السياسة الشرعية، مكتبة الفلاح / الكويت /1987 ص(86)
9-عادل العطاري / التربية اليهودية، عمان الأردن ص(70)
10-ظفر الإسلام خان، التلمود تاريخه وتعاليمه، دار النفائس / بيروت 1985 ص(86)
11- ظفر الاسلام خان: المرجع السابق، ص (87)
12-عادل العطاري ، مصدر سابق، ص(56 ).
13-منير بشور وآخرون، مرجع سابق، ص (40 ).
14- صالح عبد الله سرية ، تعليم العرب في (إسرائيل)، مركز الأبحاث الفلسطيني / بيروت 1974، ص (40).
15-صالح عبد الله سرية: المرجع السابق ص (42).
16- منير بشور وآخرون،التعليم في (إسرائيل)/ مرجع سابق ص (41).
17-عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسية، الهيئة المصرية العامة للكتاب/القاهرة/1977 ص(263)
18- صالح عبد الله سرية: تعليم العرب في (إسرائيل)، مرجع سابق ص (29)
19-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع ص(30).
20- صالح عبد الله سرية: نفس المرجع ص(30 ).
21-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع ص ( 31)
22-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع ص (32).
23-عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسة: مرجع سابق، ص ( 302 ).
24- عبد السميع الهراوي: نفس المرجع، ص ( 325 )
25- صالح عبد الله سرية: تعليم العرب في (إسرائيل)، مرجع سابق ص( 33)
26-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع: ص ( 34).
27-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع: ص (35 ).
28-صالح عبد الله سرية: نفس المرجع: ص (35).
29-عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسة، مرجع سابق ص (197).
30-عبد السميع الهراوي: نفس المرجع ص (198)
31-صالح عبد الله سرية: تعليم العرب في (إسرائيل)، مرجع سابق ص (36)
32-عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسة مرجع سابق ص (76).
33-محمد فايز القصري، الصراع السياسي بين الصهيونية والعرب، دار المعرفة / القاهرة /1981 ص (34)
34-صالح عبد الله سرية: تعليم العرب في (إسرائيل)، مرجع سابق، ص (37)
35-صالح عبد الله سرية، نفس المرجع ص (39)
36- عبد السميع الهراوي: الصهيونية بين الدين والسياسة، مرجع سابق ص(319).
37-عادل عطاري: التربية اليهودية، مرجع سابق ص ( 74)
38- منير بشور وآخرون: التعليم في (إسرائيل)، مرجع سابق ص (45).
39-عادل عطاري: مرجع سابق ص (75).
40-ربحي كمال: دروس في اللغة العبرية، مطبعة جامعة دمشق /1966، ص (53).
41-عثمان السعدي: العبرنة الشاملة والتحكم في التكنولوجيا في الكيان الإسرائيلي، مؤتمر الأبعاد التربوية للصراع العربي الإسرائيلي جامعة الكويت مايو 1985.
42-عادل عطاري: التربية اليهودية، مرجع سابق. ص (11).
---------------------------------------
عبد القادر فارس، مجلة رؤية،