هل يفي اليهود بمعاهداتهم والتزاماتهم الدولية ؟!
أحاط الكيان الصهيوني نفسه بسياسة فريدة من نوعها، وتعامل مع ما أسموه النظام العالمي والقوانين الدولية كحالة وحيدة في العالم أجمع، تعدى وتجاوز القوانين والأعراف والمواثيق في تأسيسه وقيامه، وفي ممارساته وتشريعاته، وفي حقوقه وواجباته. ومع ذلك فهو في نظر المنظومة العالمية - مع تمرده - كيانٌ يحظى بالأولوية والمودة!! يبرر له كل شيء ويتعامل معه على أنه كيان فوق القانون.
فهو الكيان الوحيد في العالم الذي اعترف به كعضو في الأمم المتحدة بشروط لم تتحق إلى الآن، ولم ينفذ أياً منها، والوحيد الذي ليس له حدود جغرافية مرسومة دولياً إلى الآن مع من حوله من الدول وبالتالي ليس له دستور، فهو لا يملك إلى الآن دستوراً متكاملاً ومكتوباً يحدد أهدافه وسياساته، وهو كيان فتح أبوابه لجميع اللاجئين من الجنس اليهودي، على حساب طرد أهل فلسطين وسكانها، وتوطين الغرباء من غير أهلها باعتبارها دولة لشتات اليهود في العالم أجمع!!
وكيان شرّع فيه المحتلون قوانين تنظم عمليات القمع والإرهاب والتعذيب حتى الاعتراف أو الموت ضد الأسرى من الفلسطينيين وغيرهم ... كيان يبارك له قتل الأطفال والشيوخ والنساء العزل من المدنيين، ويبرر له كل الممارسات الإجرامية، وله حرية وحق تملك الأسلحة النووية من غير قيود ولا مراقبة، بل واستعمال الأسلحة المحرمة دولياً!!
والمعادلة الأصعب في ذلك كله أن قادته في معزل ومأمن من العقاب على كل ممارساتهم ومذابحهم الجماعية - وما حدث في محاكم بلجيكا شاهد على ذلك – لأنهم يعتبرون أنفسهم متميزون عن غيرهم وشعب مختار أرقى من بقية البشر، فلهذا يحق لهم مالا يحق لغيرهم!! وخلاصة القول نحن أمام كيان لا مثيل له في العالم أجمع؟!!
الكيان الصهيوني والقرارات الدولية:
برغم قرارات الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية واللبنانية والتي يزيد عددها على المائة - منها قرارات ملزمة لمجلس الأمن- ودعمها الشعب الفلسطيني ليقيم دولته ويستعيد حقوقه المشروعة، كان وما زال عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة أحد الأسباب الهامة لاستمرار مشكلة فلسطين. وقبل عدة سنوات طرح كوفي أنان فكرة إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى المناطق الفلسطينية، وطرحت فرنسا نفس الفكرة في يونيو هذا العام. وبرغم ترحيب الجانب الفلسطيني بالفكرة - باعتبار أن مزيداً من التدخل الدولي يحفز الحل العادل لمشكلة فلسطين - عارض الكيان الصهيوني والولايات المتحدة هذه الفكرة تماماً لإبعاد المجتمع الدولي عن أرض فلسطين وما يحدث بها؛ ليكون دوماً بمنأى عن المحاسبة أو العقاب.
والواقع أن الكيان الصهيوني تحدَّى القرارات الدولية باستمرار، وتجاهل قرار مجلس الأمن رقم 425 لأكثر من اثنتين وعشرين سنة والخاص بلبنان، ورفض قرار مجلس الأمن القاضي بإنشاء لجنة تقصي حقائق في شأن مجزرة جنين، ولجأ إلى العنف والإرهاب لتنفيذ سياساته التوسعية والاستيطانية، وكدّس أسلحة الدمار الشامل في ترسانته الحربية ولا سيما منها الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية، واستمر في رفض المساعي الهادفة إلى إيجاد حل سلمي عادل وشامل لقضية فلسطين والأراضي المغتصبة في لبنان. وخلاصة الأمر ضرب الكيان اليهودي بعرض الحائط قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة, ومعاهدة جنيف لعام 1949م بخصوص التعامل مع السكان المدنيين في الأراضي المحتلة.
ولن يكون لأي قرار دولي صادر بحق فلسطين أو لبنان أي احترام أو تقييد لممارسات اليهود، وليست الخروقات التي مارسها أبان قرار الهدنة بعد حرب لبنان الأخيرة مستهجنة لمن عرف من هم هؤلاء؟ وكيف يتعاملون مع تلك القرارات؟
جرائم برعاية دولية:
أين القانون الدولي والنظام العالمي بكل مؤسساته من حكومة منتخبة يسجن وزراءها، ويعتقل رئيس مجلسها التشريعي ونائب رئيس الوزراء، ويهدد رئيس وزراءها بالقتل؟! أهكذا تكون رعاية الديمقراطية في المنطقة؟! أهذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي بشرتمونا به؟!! ولا نعلم لماذا شكّلوا لجان مراقبة الانتخابات وأتعبوهم في رعايتها؟! إن كانوا يعلمون أن من انتخب منهم سيزج بالسجن وتسلب حريته وكلمته؟! ولماذا لم نسمع منهم كلمة استنكار أو وقفة قانونية أو إنسانية على الأقل؟!! ولعل الجواب الوحيد "كلهم مشاركون في الجريمة"!!
جريمة الجدار:
ومن جانب مظلم آخر يواصل الكيان الصهيوني انتهاك الأعراف والمواثيق الدولية في استمراره بناء جدار العازل الذي أنشأه في الضفة الغربية وهو مخطط هدف إلى تقسيم السكان وفصل المواطنين الفلسطينيين عن بعضهم وإعاقة حركتهم من خلال فرض حظر التجول والإغلاق ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي والممتلكات الفلسطينية التي تعد مصدر الرزق الوحيد لمئات العائلات، وأصبح كذلك مصير القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في شهر يوليو من عام 2004م بإزالة الجدار، ورغم تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا القرار, فما زال كغيره حبراً على ورق وكأنه صدر ضد مجهول!!
وهذا ما أرادته القيادة الصهيونية من بناء الجدار الفاصل، ليعيش الفلسطينيون على أرضهم مناخ السجن وثقافة القهر، والمطلوب منهم توزيع المصالح والأدوار داخل هذا السجن من خلال الهدنة وإجراء بعض الانتخابات!! وباختصار: أقاموا جدار لا يلغي إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة فحسب بل يلغي كذلك قابلية الوجود الفلسطيني على هذه الأرض.
القرارات الدولية حول القدس:
أما القرارات الدولية حول القدس والمقدسات فقد صدر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عشرات القرارات الدولية برفض ضم الكيان اليهودي لشرقي القدس، ورفض أية إجراءات مادية أو إدارية أو قانونية تغير من واقع القدس واعتبار ذلك لاغياً.
واعتبرت هذه القرارات الكيان الصهيوني قوة احتلال يجب أن تخرج من القدس ومن الضفة الغربية وقطاع غزة ككل. وقد صدر أول هذه القرارات في 4 من يوليو 1967م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم 2253.
وظلت القرارات تتوالى إلى أن ضم الكيان الصهيوني القدس رسمياً إليه، فاتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار 712 esفي 29 من يوليو 1980م بغالبية 112 صوتاً مقابل 7 أصوات وامتناع 24، يدعو الصهاينة إلى الانسحاب الكامل ودون شروط من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس.
واتخذ مجلس الأمن في 30 من يوليو 1980م بغالبية 14 صوتاً ضد لا شيء وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت قرار بإعلان بطلان الإجراءات التي اتخذها الكيان الصهيوني لتغيير وضع القدس، مؤكداً ضرورة إنهاء الاحتلال.
واستمرت القرارات في الصدور إلى الآن، غير أنها وإن كانت تعترف بحقوق الفلسطينيين، إلا أنها تفتقر الجدية والآلية اللازمة لإرغام الكيان الصهيوني على احترام القرارات الدولية، والتي تجاوزها جميعها وما زال يعمل على تهويد القدس، وتغير معالمها ومسمياتها، حتى طالت جرافاته القبور الإسلامية التاريخية وغيرها من المعالم الإسلامية.
قادة الصهاينة لا يريدون السلام:
في جميع مبادرات السلام التي عرضها ويعرضها القادة والزعماء، نجد أن قادة الاحتلال الصهيوني كانوا دوماً يعارضون وينتقدون بل ويرفضون تلك المبادرات، كالتي عرضها كارتر – رئيس الولايات المتحدة حينذاك – في عام 1977م، وأعلن بيغن - والذي كان يرأس الحكومة الصهيونية حينها - خلال اجتماعه مع كارتر "إن إسرائيل لن تقبل أبداً سيادة أجنبية على يهودا والسامرة " يعني الضفة والقطاع.
والمبادرة التي طرحها الملك فهد بن عبد العزيز – عندما كان ولي للعهد في السعودية - خطة سلام شاملة، والتي تعد أول خطة تقدمها المملكة العربية السعودية، والذي أكدت فيها حق دول المنطقة في العيش بسلام ودعت إلى انسحاب الكيان الصهيوني من كل الأراضي العربية التي احتلتها في عام 1967م بما فيها شرقي القدس وإزالة المستوطنات التي أقيمت في المناطق المحتلة منذ عام 1967م، وإنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس، فما كان من الكيان الصهيوني إلا أنه رفض المقترحات على الفور وجاء وصف اسحق شامير لتلك المبادرة بأنها: "خنجر مسموم يطعن وجود إسرائيل في الصميم، كما أعلن أنهم سيردون على الخطة بإنشاء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية".
وفي عام 1982م تقدم ريغان - رئيس الولايات المتحدة السابق - بخطة سلام تدعو إلى انسحاب على كل الجبهات في ضوء قرار الأمم المتحدة 242، وإلى تجميد الاستيطان، وإعطاء حكم ذاتي كامل للفلسطينيين، فجاء رد بيغن -رئيس الوزراء للكيان اليهودي - سريعاً عندما صرح أنه "لا يوجد لدينا أي سبب للركوع، أن أحداً لن يعين لنا حدود أرض إسرائيل"!!.
وفي مؤتمر فاس عام 1982م تبنى قادة الدول العربية خطة للسلام في مؤتمر القمة الذي انعقد في فاس في المغرب في 9 سبتمبر 1982م، أطلق عليها خطة فاس للسلام، وكانت ترتكز على مقترحات الأمير فهد التي عرضها عام 1981م، وتأييد منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى وجه السرعة رفض وزير الخارجية للكيان اليهودي خطة فاس وقال إسحاق شامير "إنها بمثابة إعلان الحرب مجدداً على إسرائيل … ولا وزن لها … ولا قيمة".
وفي أواسط عام 1991م اقترح جيمس بيكر وزير خارجية بوش الأب عقد مؤتمر دولي للسلام، فرفض شامير اقتراحه عبر التلفزيون اليهودي قائلاً بأنه "لا أرى إعادة الأراضي، وسأل أين تجدون بين أمم العالم شعباً مستعداً للتخلي عن أرضه ووطنه"!!.
وفي عام 1992م اعترف شامير بعد هزيمته في انتخابات يونيو 1992م عن خطته قائلاً: "كنت سأجري مفاوضات حول الحكم الذاتي لمدة عشر سنوات يتم خلالها استيطان نصف مليون يهودي".
وفي عام 1996م وصف بنيامين نتنياهو اتفاقات أوسلو في كتابه محاربة الإرهاب والتطرف "أنه أكبر دعم وأهم تعزيز تلقّاه الإرهاب الإسلامي هو قيام الحكم الذاتي في أعقاب اتفاقات أوسلو".
وفي عام 2001م لخص الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في اجتماع وزراء الخارجية العرب في 14/11/2001م الأوضاع الحالية قائلاً: "ما نسمعه في الأجواء عن مبادرة في الطريق من أجل استئناف عملية السلام، عملية نصب سياسي من الدرجة الأولى، لا يستهدف الحقوق وإنما أدخلنا مرة أخرى في حلقة مفرغة من الاجتماعات والزيارات والابتسامات والأفلام والتلفزيونات، دونما تحقيق أي شيء". ولم تحقق اللجنة الخاصة بمبادرة السلام العربية والتي شكلت في قمة بيروت أي تقدم رغم الطرح الجريء والدعم العربي لها!!
لا عهود لليهود:
لا عهود لليهود وهذا ديدنهم فهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة، ولا يحفظون عهداً ولا ميثاقاً، فلقد نقض اليهود كل العهود مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال الله تعالى: "أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون" وقال تعالى: "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم" فالقوم متخصصون في نقض العهود ومتخصصون في المكر والدس والخديعة، وتلك سيماهم وعلاماتهم فهم مجبولون ومفطورون على نقض العهود والمواثيق.
خلاصة القول:
اليهود لا يعرفون عهداً ولا ميثاقاً، فاستحق اليهود بهذا الخلق الحقير وبهذه الخصلة الذميمة الدنيئة - ألا وهي نقض العهود والمواثيق - اللعن من الله وقسوة القلب.
نقض اليهود العهود من الرسل والأنبياء ومع رب الأرض والسماء فهل سيفي اليهود بعد ذلك للحكام والزعماء والشعوب بأي عهد؟!!
عيسى القدومي
أحاط الكيان الصهيوني نفسه بسياسة فريدة من نوعها، وتعامل مع ما أسموه النظام العالمي والقوانين الدولية كحالة وحيدة في العالم أجمع، تعدى وتجاوز القوانين والأعراف والمواثيق في تأسيسه وقيامه، وفي ممارساته وتشريعاته، وفي حقوقه وواجباته. ومع ذلك فهو في نظر المنظومة العالمية - مع تمرده - كيانٌ يحظى بالأولوية والمودة!! يبرر له كل شيء ويتعامل معه على أنه كيان فوق القانون.
فهو الكيان الوحيد في العالم الذي اعترف به كعضو في الأمم المتحدة بشروط لم تتحق إلى الآن، ولم ينفذ أياً منها، والوحيد الذي ليس له حدود جغرافية مرسومة دولياً إلى الآن مع من حوله من الدول وبالتالي ليس له دستور، فهو لا يملك إلى الآن دستوراً متكاملاً ومكتوباً يحدد أهدافه وسياساته، وهو كيان فتح أبوابه لجميع اللاجئين من الجنس اليهودي، على حساب طرد أهل فلسطين وسكانها، وتوطين الغرباء من غير أهلها باعتبارها دولة لشتات اليهود في العالم أجمع!!
وكيان شرّع فيه المحتلون قوانين تنظم عمليات القمع والإرهاب والتعذيب حتى الاعتراف أو الموت ضد الأسرى من الفلسطينيين وغيرهم ... كيان يبارك له قتل الأطفال والشيوخ والنساء العزل من المدنيين، ويبرر له كل الممارسات الإجرامية، وله حرية وحق تملك الأسلحة النووية من غير قيود ولا مراقبة، بل واستعمال الأسلحة المحرمة دولياً!!
والمعادلة الأصعب في ذلك كله أن قادته في معزل ومأمن من العقاب على كل ممارساتهم ومذابحهم الجماعية - وما حدث في محاكم بلجيكا شاهد على ذلك – لأنهم يعتبرون أنفسهم متميزون عن غيرهم وشعب مختار أرقى من بقية البشر، فلهذا يحق لهم مالا يحق لغيرهم!! وخلاصة القول نحن أمام كيان لا مثيل له في العالم أجمع؟!!
الكيان الصهيوني والقرارات الدولية:
برغم قرارات الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية واللبنانية والتي يزيد عددها على المائة - منها قرارات ملزمة لمجلس الأمن- ودعمها الشعب الفلسطيني ليقيم دولته ويستعيد حقوقه المشروعة، كان وما زال عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة أحد الأسباب الهامة لاستمرار مشكلة فلسطين. وقبل عدة سنوات طرح كوفي أنان فكرة إرسال قوات حفظ سلام دولية إلى المناطق الفلسطينية، وطرحت فرنسا نفس الفكرة في يونيو هذا العام. وبرغم ترحيب الجانب الفلسطيني بالفكرة - باعتبار أن مزيداً من التدخل الدولي يحفز الحل العادل لمشكلة فلسطين - عارض الكيان الصهيوني والولايات المتحدة هذه الفكرة تماماً لإبعاد المجتمع الدولي عن أرض فلسطين وما يحدث بها؛ ليكون دوماً بمنأى عن المحاسبة أو العقاب.
والواقع أن الكيان الصهيوني تحدَّى القرارات الدولية باستمرار، وتجاهل قرار مجلس الأمن رقم 425 لأكثر من اثنتين وعشرين سنة والخاص بلبنان، ورفض قرار مجلس الأمن القاضي بإنشاء لجنة تقصي حقائق في شأن مجزرة جنين، ولجأ إلى العنف والإرهاب لتنفيذ سياساته التوسعية والاستيطانية، وكدّس أسلحة الدمار الشامل في ترسانته الحربية ولا سيما منها الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية، واستمر في رفض المساعي الهادفة إلى إيجاد حل سلمي عادل وشامل لقضية فلسطين والأراضي المغتصبة في لبنان. وخلاصة الأمر ضرب الكيان اليهودي بعرض الحائط قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة, ومعاهدة جنيف لعام 1949م بخصوص التعامل مع السكان المدنيين في الأراضي المحتلة.
ولن يكون لأي قرار دولي صادر بحق فلسطين أو لبنان أي احترام أو تقييد لممارسات اليهود، وليست الخروقات التي مارسها أبان قرار الهدنة بعد حرب لبنان الأخيرة مستهجنة لمن عرف من هم هؤلاء؟ وكيف يتعاملون مع تلك القرارات؟
جرائم برعاية دولية:
أين القانون الدولي والنظام العالمي بكل مؤسساته من حكومة منتخبة يسجن وزراءها، ويعتقل رئيس مجلسها التشريعي ونائب رئيس الوزراء، ويهدد رئيس وزراءها بالقتل؟! أهكذا تكون رعاية الديمقراطية في المنطقة؟! أهذا هو الشرق الأوسط الجديد الذي بشرتمونا به؟!! ولا نعلم لماذا شكّلوا لجان مراقبة الانتخابات وأتعبوهم في رعايتها؟! إن كانوا يعلمون أن من انتخب منهم سيزج بالسجن وتسلب حريته وكلمته؟! ولماذا لم نسمع منهم كلمة استنكار أو وقفة قانونية أو إنسانية على الأقل؟!! ولعل الجواب الوحيد "كلهم مشاركون في الجريمة"!!
جريمة الجدار:
ومن جانب مظلم آخر يواصل الكيان الصهيوني انتهاك الأعراف والمواثيق الدولية في استمراره بناء جدار العازل الذي أنشأه في الضفة الغربية وهو مخطط هدف إلى تقسيم السكان وفصل المواطنين الفلسطينيين عن بعضهم وإعاقة حركتهم من خلال فرض حظر التجول والإغلاق ومصادرة آلاف الدونمات من الأراضي والممتلكات الفلسطينية التي تعد مصدر الرزق الوحيد لمئات العائلات، وأصبح كذلك مصير القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في شهر يوليو من عام 2004م بإزالة الجدار، ورغم تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا القرار, فما زال كغيره حبراً على ورق وكأنه صدر ضد مجهول!!
وهذا ما أرادته القيادة الصهيونية من بناء الجدار الفاصل، ليعيش الفلسطينيون على أرضهم مناخ السجن وثقافة القهر، والمطلوب منهم توزيع المصالح والأدوار داخل هذا السجن من خلال الهدنة وإجراء بعض الانتخابات!! وباختصار: أقاموا جدار لا يلغي إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة فحسب بل يلغي كذلك قابلية الوجود الفلسطيني على هذه الأرض.
القرارات الدولية حول القدس:
أما القرارات الدولية حول القدس والمقدسات فقد صدر عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي عشرات القرارات الدولية برفض ضم الكيان اليهودي لشرقي القدس، ورفض أية إجراءات مادية أو إدارية أو قانونية تغير من واقع القدس واعتبار ذلك لاغياً.
واعتبرت هذه القرارات الكيان الصهيوني قوة احتلال يجب أن تخرج من القدس ومن الضفة الغربية وقطاع غزة ككل. وقد صدر أول هذه القرارات في 4 من يوليو 1967م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم 2253.
وظلت القرارات تتوالى إلى أن ضم الكيان الصهيوني القدس رسمياً إليه، فاتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار 712 esفي 29 من يوليو 1980م بغالبية 112 صوتاً مقابل 7 أصوات وامتناع 24، يدعو الصهاينة إلى الانسحاب الكامل ودون شروط من جميع الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس.
واتخذ مجلس الأمن في 30 من يوليو 1980م بغالبية 14 صوتاً ضد لا شيء وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت قرار بإعلان بطلان الإجراءات التي اتخذها الكيان الصهيوني لتغيير وضع القدس، مؤكداً ضرورة إنهاء الاحتلال.
واستمرت القرارات في الصدور إلى الآن، غير أنها وإن كانت تعترف بحقوق الفلسطينيين، إلا أنها تفتقر الجدية والآلية اللازمة لإرغام الكيان الصهيوني على احترام القرارات الدولية، والتي تجاوزها جميعها وما زال يعمل على تهويد القدس، وتغير معالمها ومسمياتها، حتى طالت جرافاته القبور الإسلامية التاريخية وغيرها من المعالم الإسلامية.
قادة الصهاينة لا يريدون السلام:
في جميع مبادرات السلام التي عرضها ويعرضها القادة والزعماء، نجد أن قادة الاحتلال الصهيوني كانوا دوماً يعارضون وينتقدون بل ويرفضون تلك المبادرات، كالتي عرضها كارتر – رئيس الولايات المتحدة حينذاك – في عام 1977م، وأعلن بيغن - والذي كان يرأس الحكومة الصهيونية حينها - خلال اجتماعه مع كارتر "إن إسرائيل لن تقبل أبداً سيادة أجنبية على يهودا والسامرة " يعني الضفة والقطاع.
والمبادرة التي طرحها الملك فهد بن عبد العزيز – عندما كان ولي للعهد في السعودية - خطة سلام شاملة، والتي تعد أول خطة تقدمها المملكة العربية السعودية، والذي أكدت فيها حق دول المنطقة في العيش بسلام ودعت إلى انسحاب الكيان الصهيوني من كل الأراضي العربية التي احتلتها في عام 1967م بما فيها شرقي القدس وإزالة المستوطنات التي أقيمت في المناطق المحتلة منذ عام 1967م، وإنشاء دولة فلسطينية عاصمتها القدس، فما كان من الكيان الصهيوني إلا أنه رفض المقترحات على الفور وجاء وصف اسحق شامير لتلك المبادرة بأنها: "خنجر مسموم يطعن وجود إسرائيل في الصميم، كما أعلن أنهم سيردون على الخطة بإنشاء المزيد من المستوطنات في الضفة الغربية".
وفي عام 1982م تقدم ريغان - رئيس الولايات المتحدة السابق - بخطة سلام تدعو إلى انسحاب على كل الجبهات في ضوء قرار الأمم المتحدة 242، وإلى تجميد الاستيطان، وإعطاء حكم ذاتي كامل للفلسطينيين، فجاء رد بيغن -رئيس الوزراء للكيان اليهودي - سريعاً عندما صرح أنه "لا يوجد لدينا أي سبب للركوع، أن أحداً لن يعين لنا حدود أرض إسرائيل"!!.
وفي مؤتمر فاس عام 1982م تبنى قادة الدول العربية خطة للسلام في مؤتمر القمة الذي انعقد في فاس في المغرب في 9 سبتمبر 1982م، أطلق عليها خطة فاس للسلام، وكانت ترتكز على مقترحات الأمير فهد التي عرضها عام 1981م، وتأييد منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى وجه السرعة رفض وزير الخارجية للكيان اليهودي خطة فاس وقال إسحاق شامير "إنها بمثابة إعلان الحرب مجدداً على إسرائيل … ولا وزن لها … ولا قيمة".
وفي أواسط عام 1991م اقترح جيمس بيكر وزير خارجية بوش الأب عقد مؤتمر دولي للسلام، فرفض شامير اقتراحه عبر التلفزيون اليهودي قائلاً بأنه "لا أرى إعادة الأراضي، وسأل أين تجدون بين أمم العالم شعباً مستعداً للتخلي عن أرضه ووطنه"!!.
وفي عام 1992م اعترف شامير بعد هزيمته في انتخابات يونيو 1992م عن خطته قائلاً: "كنت سأجري مفاوضات حول الحكم الذاتي لمدة عشر سنوات يتم خلالها استيطان نصف مليون يهودي".
وفي عام 1996م وصف بنيامين نتنياهو اتفاقات أوسلو في كتابه محاربة الإرهاب والتطرف "أنه أكبر دعم وأهم تعزيز تلقّاه الإرهاب الإسلامي هو قيام الحكم الذاتي في أعقاب اتفاقات أوسلو".
وفي عام 2001م لخص الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في اجتماع وزراء الخارجية العرب في 14/11/2001م الأوضاع الحالية قائلاً: "ما نسمعه في الأجواء عن مبادرة في الطريق من أجل استئناف عملية السلام، عملية نصب سياسي من الدرجة الأولى، لا يستهدف الحقوق وإنما أدخلنا مرة أخرى في حلقة مفرغة من الاجتماعات والزيارات والابتسامات والأفلام والتلفزيونات، دونما تحقيق أي شيء". ولم تحقق اللجنة الخاصة بمبادرة السلام العربية والتي شكلت في قمة بيروت أي تقدم رغم الطرح الجريء والدعم العربي لها!!
لا عهود لليهود:
لا عهود لليهود وهذا ديدنهم فهم لا يرقبون في مؤمن إلاّ ولا ذمة، ولا يحفظون عهداً ولا ميثاقاً، فلقد نقض اليهود كل العهود مع النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال الله تعالى: "أوكلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون" وقال تعالى: "فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظاً مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلاً منهم" فالقوم متخصصون في نقض العهود ومتخصصون في المكر والدس والخديعة، وتلك سيماهم وعلاماتهم فهم مجبولون ومفطورون على نقض العهود والمواثيق.
خلاصة القول:
اليهود لا يعرفون عهداً ولا ميثاقاً، فاستحق اليهود بهذا الخلق الحقير وبهذه الخصلة الذميمة الدنيئة - ألا وهي نقض العهود والمواثيق - اللعن من الله وقسوة القلب.
نقض اليهود العهود من الرسل والأنبياء ومع رب الأرض والسماء فهل سيفي اليهود بعد ذلك للحكام والزعماء والشعوب بأي عهد؟!!
عيسى القدومي