مدينة بيت لحم الكنعانية.
بيت لحم (بالسريانية: ܒܝܬ ܠܚܡ ؛ باليونانية: Βηθλεὲμ ؛ باللاتينية: Bethleem) هي مدينة
فلسطينية، ومركز محافظة بيت لحم. تقع في الضفة الغربية التابعة للسلطة
الفلسطينية على بعد 10 كم إلى الجنوب من القدس. يبلغ عدد سكانها 30,000
نسمة بدون سكان مخيمات اللاجئين. وتعتبر مركزا للثقافة والسياحة في فلسطين.
للمدينة أهمية عظيمة لدى المسيحيين لكونها مسقط رأس يسوع (عيسى). في بيت لحم العديد من الكنائس، ولعل أهمها كنيسة المهد، التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر (330 م). وذلك فوق كهف أو مغارة، والتي يعتقد أنها الإسطبل الذي ولد فيه المسيح. يعتقد أن هذه الكنيسة هي أقدم الكنائس الموجودة في العالم. كما أن هناك سرداب آخر قريب يعتقد أن جيروم قد قضى ثلاثين عاما من حياته فيه يترجم الكتاب المقدس.
وفقًا لعلماء الآثار، فإن المدينة قد تأسست على يد الكنعانيين في الألف الثاني قبل الميلاد، كما عُرفت بعدد من الأسماء عبر الزمن، حيث ورد اسم المدينة في مصادر قدماء السريان والآراميين، وقد مر عليها عدد من الغزاة عبر التاريخ، حيث تعرّضت بيت لحم هي وبقية فلسطين للغزو الأشوري والبابلي والفارسي والإغريقي والروماني والبيزنطي. أعيد بناؤها من قبل الامبراطور البيزنطي جستنيان الأول. ولقد فتحها العرب المسلمون على يد عمر بن الخطاب عام 637، والذي ضمن السلامة للمزارات الدينية في المدينة. في عام 1099، استولى عليها الصليبيون الذين حصنوها واستبدلوا بها الأرثوذكسية اليونانية برجال الدين اللاتين. وقد طُرد هؤلاء رجال الدين اللاتين بعد أن حرر المدينة صلاح الدين الأيوبي. مع مجيء المماليك في عام 1250، تم هدم جدران المدينة، وأعيد بناؤها في وقت لاحق خلال حكم الإمبراطورية العثمانية. في عام 1917 انتزعت بريطانيا السيطرة على المدينة من العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى وكان من المفترض أن يتم تضمينها في المنطقة الدولية في إطار خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947. تم الحاق المدينة بالأردن بعد نكبة فلسطين عام 1948. وقد احتلتها إسرائيل في عام 1967 بحرب الأيام الستة. منذ عام 1995، ووفقا لاتفاقية أوسلو، تم نقل السلطات المدنية والأمنية في المدينة إلى يد السلطة الوطنية الفلسطينية.
تقع بيت لحم ضمن سلسلة جبال القدس، وترتفع عن سطح البحر 775 مترا. وتعتبر المدينة تاريخيا منطقة مسيحية السكان، إلا أن معظم سكانها اليوم هم من المسلمين، ولكنها لا زالت موطنا لواحد من أكبر المجتمعات المسيحية الفلسطينية.
لبيت لحم دور رئيس في القطاع الاقتصادي الفلسطيني من خلال السياحة التي تزداد أثناء موسم عيد الميلاد عندما يحتشد الحجاج المسيحيين إلى كنيسة المهد، حيث أن يوجد في بيت لحم أكثر من 30 فندقا و300 ورشة عمل للحرف اليدوية. ويسكن هذه المدينة واحد من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، على الرغم من إن حجم المجتمع قد تقلص بسبب الهجرة.
التسمية
تم ذكر مدينة بيت لحم الكنعانية لأول مرة في رسائل تل العمارنة الفرعونية.
نسبة إلى الإِله (لخمو الكنعاني) وهي بالسريانية، بمعنى بيت الخبز. وقال الدباغ: اسمها الاصلي: أفرت، وأفراتة، بمعنى مثمر، ثم دعيت باسمها الحالي نسبة إلى (لخمو) اله القوت والطعام عند الكنعانيين. وفي الآرمية: (لخم أو لحم) معناها الخبز، وعند العرب معناها: اللحم المعروف. ويرى بعضهم أن الكلمة واحدة غير أن الذين كان اعتمادهم في القوت على الحنطة أصبح اسم الإله عندهم مرادفاً للحنطة أو الخبز، وأما الذين كانوا يعتقدون باللحم طعاماً أولياً، فقد أصبحت اللفظة تفيد اللحم المعروف.
التاريخ
العهد الكنعاني
لقد سكن الكنعانيون المدينة سنة 2000 ق.م، ويروى أن النبي يعقوب جاء إلى هذه المدينة وهو في طريقه إلى الخليل، وماتت زوجته راحيل في مكان قريب من بيت لحم يعرف اليوم بقبة راحيل وفي بيت لحم ولد الملك داوود. وتوالت عليها الأحداث، وكانت في العصور القديمة قرية متواضعة تكتنفها الأودية العميقة من جهاتها الثلاث. وكانت خصبة الموقع تنتشر فيها حقول القمح. وفي القرن الرابع عشر قبل الميلاد - ظهرت في مخطوطات تل العمارنة منطقة اسمها بيت لحم وذلك عند الحديث عن أنباء الحروب التي قامت جنوب القدس. من المحتمل أن أول استيطان بشري وقع فيها عندما حطت بعض جماعات من البدو حول النبع الواقع على بعد 200 متر من كنيسة الميلاد.
تظهرُ أول إشارة تاريخية إلى المدينة في رسائل تل العمارنة (حوالي 1400 قبل الميلاد) عندما ناشد ملك القدس سيده الأعلى، ملك مصر، للحصول على المُساعدة لاستعادة السيطرة على "بيت - لحمي" في أعقاب الإضطرابات من جانب عبيرو. ويعتقد أن تشابه هذا الاسم مع شكلها الحديث يدُل على أنها كانت مُستوطنة كنعانية، الذين يملُكون ثقافية ولغوية سامية مع الوافدين على المدينة لاحقًا.
بعد الميلاد
في عام 325 بعد إعلان حرية التعبد للديانة المسيحية، طلب القديس مكاريوس بطريرك القدس من الإمبراطور أن يعيد المكان المقدس، فبنت القديسة هيلانة بازيليك الميلاد. في عام 384 مع وصول القديس هيرونيموس إلى بيت لحم قام في المدينة مركز عبادة لاتيني دام بعد وفاته سنين عديدة. في عام 614 أدّى غزو جيوش كسرى إلى خراب اليهودية ولم ينج من بيت لحم سوى بازيليك الميلاد وذلك كما يقال بفضل رسم للمجوس قائم على جدار البازيليك. والمجوس وهم ملوك الفرس الذين سجدوا ليسوع الطفل بحسب الرواية الإنجيلية.
استمدت بيت لحم شهرتها العالمية الكبرى من مولد المسيح فيها. ويروى أن يوسف النجار، ومريم العذراء ذهبا إلى بيت لحم لتسجيل اسمهما في الإحصاء العام، فولدت مريم وليدها هناك. وترى المصادر المسيحية أن الولادة كانت في مغارة قريبة من القرية، ولكن القرآن (يقول): (فاجأها المخاض إلى جذع النخلة) وفي سنة 330م بنت هيلانة أم قسطنطين الكبير، كنيسة فوق المغارة التي قيل إن يسوع ولد فيها، وهي اليوم أقدم كنيسة في العالم. والمغارة تقع داخل كنيسة الميلاد، ومنحوته في صخر كلسي، وتحتوي على غرفتين صغيرتين، وفي الشمالية منها بلاطة رخامية، منزل منها نجمة فضية، حيث يقال أن المسيح ولد هناك. وعندما دخل عمر بن الخطاب القدس، توجه إلى بيت لحم، وفيها أعطى سكانها أمانًا خطيًا على أرواحهم وأولادهم وممتلكاتهم وكنائسهم. ولما حان وقت الصلاة، صلى بإشارة من راهب، أمام الحنية الجنوبية للكنيسة، التي أخذ المسلمون يقيمون فيها صلواتهم، فرادى، وجعل الخليفة على النصارى إسراجها وتنظيفها. وهكذا صار المسلمون والمسيحيون يقيمون صلواتهم جنباً إلى جنب.
تذكر بيت لحم في العهد الجديد باعتبارها مكان ميلاد المسيح: "ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية" (مت 2: 1 5، لو 2: 4 15)، ونتيجة لذلك حدثت مذبحة الأطفال الأبرياء بأمر هيرودس الملك (مت 2: 8 و16). وحيث أن هادريان قد جرب بيت لحم تماما، واقام في موضعها نصبا مقدسا للاله " ادونيس"، فلابد ان تكريم تلك المدينة باعتبارها مكان ميلاد المسيح، يرجع إلي ما قبل عصر هادريان (132م). وقد اقام قسطنطين الملك (حوالي 330م) كنيسة على الطراز الروماني فوق موقع كهف المذود الذي شهد مولد المسيح. وتعتبر هذه الكنيسة حتى اليوم أهم مقصد للسياح، في المدينة. وهي لم يطرا عليها تغيير كبير، رغم أن جستنيان قد وسع فيها وزينها، ورغم ما تعرضت له من تهدم وترميم.
الحكم العربي الإسلامي
في سنة 648 م دخلت المدنية تحت الحكم الإسلامي، وزارها الخليفة عمر بن الخطاب الذي لم يصلي داخل كنيسة المهد، خوفاً من ان تحدث نزاعات في المستقبل على الكنيسة بين المسلمين و المسيحيين حيث صلى بجانبها. وكانت المدينة قد اُلحقت بجند فلسطين التابع لولاية الشام بعد أن تم فتح جميع أراضي بلاد الشام على يد عدد من القادة منهم عمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح.
يشار إلى أنه تم بناء مسجد في بيت لحم عام 1860 وهو مسجد عمر نسبة للخليفة عمر بن الخطاب، والذي تم ترميمه حتى العام 1954 تحت الإدارة الأردنية للمدينة. وكانت الأرض التي تم بناء المسجد عليها تم التبرع بها من قبل الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية.
وقد عاش أبناء الديانتين المسيحية والإسلامية في هذه المدينة بروح من الإخاء والتعاون وتمارس كل فيهما شعائرها الدينية ونشاطاتها الاقتصادية الاجتماعية على الرغم من أن المدينة تعرضت لفترات من المد والجزر حسب الحكم القائم، ومن أكثر العهود ازدهارًا بالنسبة لبيت لحم هو زمن هارون الرشيد 786-809 م والدولة الفاطمية 952-1094 م، حيث راجت التجارة وتيسرت الحرية والأمن ورممت الكنائس وأماكن العبادة.
الحروب الصليبية
في 1099 دخلت المدينة تحت الحكم الصليبي بعد أن دخلها الجيش الصليبي بقيادة تانكرد فدمر المدينة واحرقها ولم يتبق منها إلا كنيسة المهد. لم يكتف الصليبيون بما حازوا عليه، فقاموا بتوسيع حدود المملكة، ومع أواخر يوليو 1099 غزوا شمال فلسطين، ثم وصل جيش الفاطميين في 12 أغسطس فالتقى وجيش المملكة الوليدة في عسقلان، وأحرز الصليبيون نصرًا هامًا ضمن لهم السيطرة على الساحل الفلسطيني؛ وقد دار خلاف بين أمراء المملكة حول طبيعة الدولة بين كونها دولة دينية يحكمها أسقفها ديبامرت مبعوث البابا، أو دولة مدنية يحكمها جودفري، واتفق أخيرًا على كونها دولة مدنية وذلك بمباركة ديبامبرت مبعوث البابا إلى المملكة، رغم أن طموحه هذا عاد للظهور بعد وفاة جودفري. عام 1100 توفي جودفري بنتيجة المرض، وخلفه شقيقه بالدوين الأول المتحدر من بولونيا وقد انتخب في 11 نوفمبر وتمّ التتويج في بيت لحم يوم 25 ديسمبر 1100 وهو يوم عيد الميلاد، بعد تنافس مع تانكرد والأسقف ديامبرت حول وراثة العرش،[20] وقد تم إرضاء تانكرد بمنحه إمارة أنطاكية بعد أسر أميرها في حلب. أما بالدوين فكان أول من خلع عليه لقب "ملك المملكة اللاتينية في القدس"، ما شكل ترسيخًا لهوية الدولة الجديدة، وقد قسمت الدولة إلى أربع مطرانيات وأبرشيات عديدة تحت سلطة بطريرك القدس.
وقد دام الحكم الصليبي لبيت لحم حتى عام 1187 حيث عادت لأصحابها بعد انتصار المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي على الصليبين في معركة حطين. وفي عام 1229 عادت مدينة بيت لحم لحكم الصليبين بموجب الاتفاقية التي وقعت بين ممثلي الخليفة الكامل فخر الدين وأمير أربيل صلاح الدين وممثلي الإمبراطور فريدريك. لكنهم فقدوها نهائيا بعد عدة سنين فقط.
العهد المملوكي والعثماني
في عام 1244 تمكن المسلمون بقيادة نجم الدين من استعادة المدينة بشكل نهائي، قام بعدها الظاهر بيبرس بدخول المدينة عام 1263 ودمرا أبراجها وهدم أسوارها، وفي عام 1517 دخلت المدينة تحت الحكم العثماني، وبعد تطور وسائل النقل والمواصلات تحولت المدينة إلى مركز جذب هام للحجاج القادمين من أوروبا وانعكست أثاره على الأوضاع في المدينة وازدهرت صناعة الصوف والخزف وغيرها إلا أن سوء الأوضاع الاقتصادية دفع بالكثير من أبناء المدينة إلى الهجرة خارجها.
في القرن التاسع عشر - ومع بداية القرن الماضي أخذت المدينة بالنمو خاصة على أيدي المسيحيين الذين كانوا يشكلون الأكثرية العظمى. في عام 1831، عندما احتل محمد علي باشا مصر المدينة، طرد المسلمون المسيحيين وأمر الباشا بهدم حيّهم. وبعد عشرة أيام أعاد الأتراك بناءه.
من 1831 إلى 1841، كانت فلسطين تحت حكم أسرة محمد علي من مصر. خلال هذه الفترة، عانت المدينة من الزلازل الذي ضربها، فضلًا عن تدمير القوات المصرية لحي مسلم في عام 1834، على ما يبدو أنتقامًا لمقتل أحد الموالين لرعاية إبراهيم باشا. في عام 1841، أصبحت بيت لحم تحت سيطرة الحكم العثماني مرة أخرى وظلت كذلك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. في العهد العثماني، من المشاكل التي واجهتها سكان بيت لحم البطالة والخدمة العسكرية الإجبارية والضرائب الثقيلة، مما أدى إلى هجرة جماعية خاصة إلى أميركا الجنوبية.
العصر الحديث
الانتداب البريطاني
في عام 1917، سقطت بيت لحم بيد الجيش الإنجليزي، ودخلت المدينة مع باقي مدن فلسطين مظلة الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920، وأصبحت جزءا من فلسطين في فترة الانتداب البريطاني وتم اضافتها إلى المنطقة المدوّلة عندما أصدرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عام 1947، ولكن قام الأردن بضمها مع سائر مناطق الضفة الغربية عام 1951. وبقيت تحت الحكم الأردني حتى حرب 1967.
ارتفعت درجة بيت لحم الإدارية بعد أن كانت (ناحية) في العهد العثماني إلى (قضاء) في العهد البريطاني، يقع بين اقضية القدس والخليل وأريحا. وبقي كذلك لعام 1944 م حيث الغي هو وقضاء اريحا والحقا بقضاء القدس. فكان ذلك آخر تغيير إداري قامت به الحكومة البريطانية في فلسطين.
قرار التقسيم
قامت هيئة الأمم المتحدة عام 1947 بمحاولة لإيجاد حل الصراع العربي الإسرائيلي القائم على فلسطين، وقامت هيئة الأمم بتشكيل لجنة UNSCOP المتألّفة من دول متعدّدة باستثناء الدّول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حلّ للنزاع.
قامت اللجنة بطرح مشروعين لحل النزاع، تمثّل المشروع الأول بإقامة دولتين مستقلّتين، وتُدار مدينة القدس من قِبل إدارة دولية. وتمثّل المشروع الثاني في تأسيس فيدرالية تضم كلا من الدولتين اليهودية والعربية. ومال معظم أفراد لجنة UNSCOP تجاه المشروع الأول والرامي لتأسيس دولتين مستقلّتين بإطار اقتصدي موحد. وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الدّاعي للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسري قرار التقسيم في نفس اليوم الذي تنسحب فيه قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.
أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصرية). ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية. وكان نصيب بيت لحم أن يتم الحاقها بالمنطقة المدولة مع القدس.
الحكم الأردني
ومع باقي الضفة الغربية دخلت المدينة في عام 1951 في اتحاد مع المملكة الأردنية الهاشمية، وأصبحت في عام 1964 مركزاً لمحافظة بيت لحم. وبقيت تحت الحكم الأردني حتى احتلالها في حرب 1967 أو النكسة.
النكسة
سقطت المدينة في يد دولة الاحتلال الصهيوني بعد عام 1967، لتظل تحت الاحتلال لمدة 27 سنة وتعاني من الاهمال الإسرائيلي لها كباقي المدن العربية الفلسطينية المحتلة. وقد صادرت سلطات الاحتلال مساحات شائعة من أراضي بيت لحم وأقامت عليها العديد من المستوطنات.
في عام 1987، انخرط سكان مدينة بيت لحم بوقت مبكر في الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وكانت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، تقوم بتوزيع النشرات الأسبوعية في شوارع بيت لحم مع جدول زمني للإضراب المتصاحب مع الاحتجاجات اليومية ضد الدوريات الإسرائيلية في المدينة. وفي المظاهرات، تم أحراق الإطارات في الشوارع، كما ألقى الحشود الحجارة والزجاجات الحارقة على جنود الاحتلال. ورد الجيش الإسرائيلي بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. واغلقت المدارس في مدينة بيت لحم قسرا، وفتحت تدريجيا لبضع ساعات. ونفذت الاعتقالات خارج البيوت، وفرض حظر التجول ومنع السفر، ما اعتبره الفلسطينيون بأنه عقاب جماعي. ردا على إغلاق المدارس، وتنظيم دورات تعليم سكان المنزل لمساعدة الطلاب على استدراك المادة الفائتة، وهذا أصبح واحدا من الرموز القليلة من العصيان المدني.
السلطة الفلسطينية
في 21 ديسمبر 1995، انسحبت القوات الإسرائيلية من بيت لحم، وبعد ثلاثة أيام أصبحت المدينة تحت إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية وسيطرتُها العسكرية الكاملة بناءًا على الاتفاق الانتقالي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1995. وأصبحت المدينة مُنذ ذلك الحين، مركزاً لمحافظة بيت لحم، كما وقعت معظم أراضي المحافظة ضمن تصنيف (أ) و(ب) حسب اتفاق أوسلو.
خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، في 2000-2001، تضررت بشدة البنية التحتية في بيت لحم والسياحة. وفي عام 2002، كانت المدينة منطقة القتال الرئيسية في عملية الدرع الواقي، عملية عسكرية كبرى من جانب جيش الدفاع الإسرائيلي.
خلال العملية، قام الجيش الإسرائيلي بمُحاصرة كنيسة المهد، حيث كان حوالي 200 مسلح فلسطيني لجأوا إلى الكنيسة. واستمر الحصار لمدة 39 يومًا وقتلوا تسعة من المسلحين ورجل كنيسي. انتهى الحصار باتفاق على نفي 13 من المسلحين المطلوبين إلى دول أوروبية مختلفة وموريتانيا.
للمدينة أهمية عظيمة لدى المسيحيين لكونها مسقط رأس يسوع (عيسى). في بيت لحم العديد من الكنائس، ولعل أهمها كنيسة المهد، التي بنيت على يد قسطنطين الأكبر (330 م). وذلك فوق كهف أو مغارة، والتي يعتقد أنها الإسطبل الذي ولد فيه المسيح. يعتقد أن هذه الكنيسة هي أقدم الكنائس الموجودة في العالم. كما أن هناك سرداب آخر قريب يعتقد أن جيروم قد قضى ثلاثين عاما من حياته فيه يترجم الكتاب المقدس.
وفقًا لعلماء الآثار، فإن المدينة قد تأسست على يد الكنعانيين في الألف الثاني قبل الميلاد، كما عُرفت بعدد من الأسماء عبر الزمن، حيث ورد اسم المدينة في مصادر قدماء السريان والآراميين، وقد مر عليها عدد من الغزاة عبر التاريخ، حيث تعرّضت بيت لحم هي وبقية فلسطين للغزو الأشوري والبابلي والفارسي والإغريقي والروماني والبيزنطي. أعيد بناؤها من قبل الامبراطور البيزنطي جستنيان الأول. ولقد فتحها العرب المسلمون على يد عمر بن الخطاب عام 637، والذي ضمن السلامة للمزارات الدينية في المدينة. في عام 1099، استولى عليها الصليبيون الذين حصنوها واستبدلوا بها الأرثوذكسية اليونانية برجال الدين اللاتين. وقد طُرد هؤلاء رجال الدين اللاتين بعد أن حرر المدينة صلاح الدين الأيوبي. مع مجيء المماليك في عام 1250، تم هدم جدران المدينة، وأعيد بناؤها في وقت لاحق خلال حكم الإمبراطورية العثمانية. في عام 1917 انتزعت بريطانيا السيطرة على المدينة من العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى وكان من المفترض أن يتم تضمينها في المنطقة الدولية في إطار خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947. تم الحاق المدينة بالأردن بعد نكبة فلسطين عام 1948. وقد احتلتها إسرائيل في عام 1967 بحرب الأيام الستة. منذ عام 1995، ووفقا لاتفاقية أوسلو، تم نقل السلطات المدنية والأمنية في المدينة إلى يد السلطة الوطنية الفلسطينية.
تقع بيت لحم ضمن سلسلة جبال القدس، وترتفع عن سطح البحر 775 مترا. وتعتبر المدينة تاريخيا منطقة مسيحية السكان، إلا أن معظم سكانها اليوم هم من المسلمين، ولكنها لا زالت موطنا لواحد من أكبر المجتمعات المسيحية الفلسطينية.
لبيت لحم دور رئيس في القطاع الاقتصادي الفلسطيني من خلال السياحة التي تزداد أثناء موسم عيد الميلاد عندما يحتشد الحجاج المسيحيين إلى كنيسة المهد، حيث أن يوجد في بيت لحم أكثر من 30 فندقا و300 ورشة عمل للحرف اليدوية. ويسكن هذه المدينة واحد من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، على الرغم من إن حجم المجتمع قد تقلص بسبب الهجرة.
التسمية
تم ذكر مدينة بيت لحم الكنعانية لأول مرة في رسائل تل العمارنة الفرعونية.
نسبة إلى الإِله (لخمو الكنعاني) وهي بالسريانية، بمعنى بيت الخبز. وقال الدباغ: اسمها الاصلي: أفرت، وأفراتة، بمعنى مثمر، ثم دعيت باسمها الحالي نسبة إلى (لخمو) اله القوت والطعام عند الكنعانيين. وفي الآرمية: (لخم أو لحم) معناها الخبز، وعند العرب معناها: اللحم المعروف. ويرى بعضهم أن الكلمة واحدة غير أن الذين كان اعتمادهم في القوت على الحنطة أصبح اسم الإله عندهم مرادفاً للحنطة أو الخبز، وأما الذين كانوا يعتقدون باللحم طعاماً أولياً، فقد أصبحت اللفظة تفيد اللحم المعروف.
التاريخ
العهد الكنعاني
لقد سكن الكنعانيون المدينة سنة 2000 ق.م، ويروى أن النبي يعقوب جاء إلى هذه المدينة وهو في طريقه إلى الخليل، وماتت زوجته راحيل في مكان قريب من بيت لحم يعرف اليوم بقبة راحيل وفي بيت لحم ولد الملك داوود. وتوالت عليها الأحداث، وكانت في العصور القديمة قرية متواضعة تكتنفها الأودية العميقة من جهاتها الثلاث. وكانت خصبة الموقع تنتشر فيها حقول القمح. وفي القرن الرابع عشر قبل الميلاد - ظهرت في مخطوطات تل العمارنة منطقة اسمها بيت لحم وذلك عند الحديث عن أنباء الحروب التي قامت جنوب القدس. من المحتمل أن أول استيطان بشري وقع فيها عندما حطت بعض جماعات من البدو حول النبع الواقع على بعد 200 متر من كنيسة الميلاد.
تظهرُ أول إشارة تاريخية إلى المدينة في رسائل تل العمارنة (حوالي 1400 قبل الميلاد) عندما ناشد ملك القدس سيده الأعلى، ملك مصر، للحصول على المُساعدة لاستعادة السيطرة على "بيت - لحمي" في أعقاب الإضطرابات من جانب عبيرو. ويعتقد أن تشابه هذا الاسم مع شكلها الحديث يدُل على أنها كانت مُستوطنة كنعانية، الذين يملُكون ثقافية ولغوية سامية مع الوافدين على المدينة لاحقًا.
بعد الميلاد
في عام 325 بعد إعلان حرية التعبد للديانة المسيحية، طلب القديس مكاريوس بطريرك القدس من الإمبراطور أن يعيد المكان المقدس، فبنت القديسة هيلانة بازيليك الميلاد. في عام 384 مع وصول القديس هيرونيموس إلى بيت لحم قام في المدينة مركز عبادة لاتيني دام بعد وفاته سنين عديدة. في عام 614 أدّى غزو جيوش كسرى إلى خراب اليهودية ولم ينج من بيت لحم سوى بازيليك الميلاد وذلك كما يقال بفضل رسم للمجوس قائم على جدار البازيليك. والمجوس وهم ملوك الفرس الذين سجدوا ليسوع الطفل بحسب الرواية الإنجيلية.
استمدت بيت لحم شهرتها العالمية الكبرى من مولد المسيح فيها. ويروى أن يوسف النجار، ومريم العذراء ذهبا إلى بيت لحم لتسجيل اسمهما في الإحصاء العام، فولدت مريم وليدها هناك. وترى المصادر المسيحية أن الولادة كانت في مغارة قريبة من القرية، ولكن القرآن (يقول): (فاجأها المخاض إلى جذع النخلة) وفي سنة 330م بنت هيلانة أم قسطنطين الكبير، كنيسة فوق المغارة التي قيل إن يسوع ولد فيها، وهي اليوم أقدم كنيسة في العالم. والمغارة تقع داخل كنيسة الميلاد، ومنحوته في صخر كلسي، وتحتوي على غرفتين صغيرتين، وفي الشمالية منها بلاطة رخامية، منزل منها نجمة فضية، حيث يقال أن المسيح ولد هناك. وعندما دخل عمر بن الخطاب القدس، توجه إلى بيت لحم، وفيها أعطى سكانها أمانًا خطيًا على أرواحهم وأولادهم وممتلكاتهم وكنائسهم. ولما حان وقت الصلاة، صلى بإشارة من راهب، أمام الحنية الجنوبية للكنيسة، التي أخذ المسلمون يقيمون فيها صلواتهم، فرادى، وجعل الخليفة على النصارى إسراجها وتنظيفها. وهكذا صار المسلمون والمسيحيون يقيمون صلواتهم جنباً إلى جنب.
تذكر بيت لحم في العهد الجديد باعتبارها مكان ميلاد المسيح: "ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية" (مت 2: 1 5، لو 2: 4 15)، ونتيجة لذلك حدثت مذبحة الأطفال الأبرياء بأمر هيرودس الملك (مت 2: 8 و16). وحيث أن هادريان قد جرب بيت لحم تماما، واقام في موضعها نصبا مقدسا للاله " ادونيس"، فلابد ان تكريم تلك المدينة باعتبارها مكان ميلاد المسيح، يرجع إلي ما قبل عصر هادريان (132م). وقد اقام قسطنطين الملك (حوالي 330م) كنيسة على الطراز الروماني فوق موقع كهف المذود الذي شهد مولد المسيح. وتعتبر هذه الكنيسة حتى اليوم أهم مقصد للسياح، في المدينة. وهي لم يطرا عليها تغيير كبير، رغم أن جستنيان قد وسع فيها وزينها، ورغم ما تعرضت له من تهدم وترميم.
الحكم العربي الإسلامي
في سنة 648 م دخلت المدنية تحت الحكم الإسلامي، وزارها الخليفة عمر بن الخطاب الذي لم يصلي داخل كنيسة المهد، خوفاً من ان تحدث نزاعات في المستقبل على الكنيسة بين المسلمين و المسيحيين حيث صلى بجانبها. وكانت المدينة قد اُلحقت بجند فلسطين التابع لولاية الشام بعد أن تم فتح جميع أراضي بلاد الشام على يد عدد من القادة منهم عمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح.
يشار إلى أنه تم بناء مسجد في بيت لحم عام 1860 وهو مسجد عمر نسبة للخليفة عمر بن الخطاب، والذي تم ترميمه حتى العام 1954 تحت الإدارة الأردنية للمدينة. وكانت الأرض التي تم بناء المسجد عليها تم التبرع بها من قبل الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية.
وقد عاش أبناء الديانتين المسيحية والإسلامية في هذه المدينة بروح من الإخاء والتعاون وتمارس كل فيهما شعائرها الدينية ونشاطاتها الاقتصادية الاجتماعية على الرغم من أن المدينة تعرضت لفترات من المد والجزر حسب الحكم القائم، ومن أكثر العهود ازدهارًا بالنسبة لبيت لحم هو زمن هارون الرشيد 786-809 م والدولة الفاطمية 952-1094 م، حيث راجت التجارة وتيسرت الحرية والأمن ورممت الكنائس وأماكن العبادة.
الحروب الصليبية
في 1099 دخلت المدينة تحت الحكم الصليبي بعد أن دخلها الجيش الصليبي بقيادة تانكرد فدمر المدينة واحرقها ولم يتبق منها إلا كنيسة المهد. لم يكتف الصليبيون بما حازوا عليه، فقاموا بتوسيع حدود المملكة، ومع أواخر يوليو 1099 غزوا شمال فلسطين، ثم وصل جيش الفاطميين في 12 أغسطس فالتقى وجيش المملكة الوليدة في عسقلان، وأحرز الصليبيون نصرًا هامًا ضمن لهم السيطرة على الساحل الفلسطيني؛ وقد دار خلاف بين أمراء المملكة حول طبيعة الدولة بين كونها دولة دينية يحكمها أسقفها ديبامرت مبعوث البابا، أو دولة مدنية يحكمها جودفري، واتفق أخيرًا على كونها دولة مدنية وذلك بمباركة ديبامبرت مبعوث البابا إلى المملكة، رغم أن طموحه هذا عاد للظهور بعد وفاة جودفري. عام 1100 توفي جودفري بنتيجة المرض، وخلفه شقيقه بالدوين الأول المتحدر من بولونيا وقد انتخب في 11 نوفمبر وتمّ التتويج في بيت لحم يوم 25 ديسمبر 1100 وهو يوم عيد الميلاد، بعد تنافس مع تانكرد والأسقف ديامبرت حول وراثة العرش،[20] وقد تم إرضاء تانكرد بمنحه إمارة أنطاكية بعد أسر أميرها في حلب. أما بالدوين فكان أول من خلع عليه لقب "ملك المملكة اللاتينية في القدس"، ما شكل ترسيخًا لهوية الدولة الجديدة، وقد قسمت الدولة إلى أربع مطرانيات وأبرشيات عديدة تحت سلطة بطريرك القدس.
وقد دام الحكم الصليبي لبيت لحم حتى عام 1187 حيث عادت لأصحابها بعد انتصار المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي على الصليبين في معركة حطين. وفي عام 1229 عادت مدينة بيت لحم لحكم الصليبين بموجب الاتفاقية التي وقعت بين ممثلي الخليفة الكامل فخر الدين وأمير أربيل صلاح الدين وممثلي الإمبراطور فريدريك. لكنهم فقدوها نهائيا بعد عدة سنين فقط.
العهد المملوكي والعثماني
في عام 1244 تمكن المسلمون بقيادة نجم الدين من استعادة المدينة بشكل نهائي، قام بعدها الظاهر بيبرس بدخول المدينة عام 1263 ودمرا أبراجها وهدم أسوارها، وفي عام 1517 دخلت المدينة تحت الحكم العثماني، وبعد تطور وسائل النقل والمواصلات تحولت المدينة إلى مركز جذب هام للحجاج القادمين من أوروبا وانعكست أثاره على الأوضاع في المدينة وازدهرت صناعة الصوف والخزف وغيرها إلا أن سوء الأوضاع الاقتصادية دفع بالكثير من أبناء المدينة إلى الهجرة خارجها.
في القرن التاسع عشر - ومع بداية القرن الماضي أخذت المدينة بالنمو خاصة على أيدي المسيحيين الذين كانوا يشكلون الأكثرية العظمى. في عام 1831، عندما احتل محمد علي باشا مصر المدينة، طرد المسلمون المسيحيين وأمر الباشا بهدم حيّهم. وبعد عشرة أيام أعاد الأتراك بناءه.
من 1831 إلى 1841، كانت فلسطين تحت حكم أسرة محمد علي من مصر. خلال هذه الفترة، عانت المدينة من الزلازل الذي ضربها، فضلًا عن تدمير القوات المصرية لحي مسلم في عام 1834، على ما يبدو أنتقامًا لمقتل أحد الموالين لرعاية إبراهيم باشا. في عام 1841، أصبحت بيت لحم تحت سيطرة الحكم العثماني مرة أخرى وظلت كذلك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى. في العهد العثماني، من المشاكل التي واجهتها سكان بيت لحم البطالة والخدمة العسكرية الإجبارية والضرائب الثقيلة، مما أدى إلى هجرة جماعية خاصة إلى أميركا الجنوبية.
العصر الحديث
الانتداب البريطاني
في عام 1917، سقطت بيت لحم بيد الجيش الإنجليزي، ودخلت المدينة مع باقي مدن فلسطين مظلة الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920، وأصبحت جزءا من فلسطين في فترة الانتداب البريطاني وتم اضافتها إلى المنطقة المدوّلة عندما أصدرت الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية عام 1947، ولكن قام الأردن بضمها مع سائر مناطق الضفة الغربية عام 1951. وبقيت تحت الحكم الأردني حتى حرب 1967.
ارتفعت درجة بيت لحم الإدارية بعد أن كانت (ناحية) في العهد العثماني إلى (قضاء) في العهد البريطاني، يقع بين اقضية القدس والخليل وأريحا. وبقي كذلك لعام 1944 م حيث الغي هو وقضاء اريحا والحقا بقضاء القدس. فكان ذلك آخر تغيير إداري قامت به الحكومة البريطانية في فلسطين.
قرار التقسيم
قامت هيئة الأمم المتحدة عام 1947 بمحاولة لإيجاد حل الصراع العربي الإسرائيلي القائم على فلسطين، وقامت هيئة الأمم بتشكيل لجنة UNSCOP المتألّفة من دول متعدّدة باستثناء الدّول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حلّ للنزاع.
قامت اللجنة بطرح مشروعين لحل النزاع، تمثّل المشروع الأول بإقامة دولتين مستقلّتين، وتُدار مدينة القدس من قِبل إدارة دولية. وتمثّل المشروع الثاني في تأسيس فيدرالية تضم كلا من الدولتين اليهودية والعربية. ومال معظم أفراد لجنة UNSCOP تجاه المشروع الأول والرامي لتأسيس دولتين مستقلّتين بإطار اقتصدي موحد. وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الدّاعي للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسري قرار التقسيم في نفس اليوم الذي تنسحب فيه قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.
أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، وشملت حصّة اليهود من أرض فلسطين على وسط الشريط البحري (من إسدود إلى حيفا تقريبا، ما عدا مدينة يافا) وأغلبية مساحة صحراء النقب (ما عدا مدينة بئر السبع وشريط على الحدود المصرية). ولم تكن صحراء النّقب في ذاك الوقت صالحة للزراعة ولا للتطوير المدني، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية. وكان نصيب بيت لحم أن يتم الحاقها بالمنطقة المدولة مع القدس.
الحكم الأردني
ومع باقي الضفة الغربية دخلت المدينة في عام 1951 في اتحاد مع المملكة الأردنية الهاشمية، وأصبحت في عام 1964 مركزاً لمحافظة بيت لحم. وبقيت تحت الحكم الأردني حتى احتلالها في حرب 1967 أو النكسة.
النكسة
سقطت المدينة في يد دولة الاحتلال الصهيوني بعد عام 1967، لتظل تحت الاحتلال لمدة 27 سنة وتعاني من الاهمال الإسرائيلي لها كباقي المدن العربية الفلسطينية المحتلة. وقد صادرت سلطات الاحتلال مساحات شائعة من أراضي بيت لحم وأقامت عليها العديد من المستوطنات.
في عام 1987، انخرط سكان مدينة بيت لحم بوقت مبكر في الانتفاضة الفلسطينية الأولى. وكانت القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، تقوم بتوزيع النشرات الأسبوعية في شوارع بيت لحم مع جدول زمني للإضراب المتصاحب مع الاحتجاجات اليومية ضد الدوريات الإسرائيلية في المدينة. وفي المظاهرات، تم أحراق الإطارات في الشوارع، كما ألقى الحشود الحجارة والزجاجات الحارقة على جنود الاحتلال. ورد الجيش الإسرائيلي بالغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي. واغلقت المدارس في مدينة بيت لحم قسرا، وفتحت تدريجيا لبضع ساعات. ونفذت الاعتقالات خارج البيوت، وفرض حظر التجول ومنع السفر، ما اعتبره الفلسطينيون بأنه عقاب جماعي. ردا على إغلاق المدارس، وتنظيم دورات تعليم سكان المنزل لمساعدة الطلاب على استدراك المادة الفائتة، وهذا أصبح واحدا من الرموز القليلة من العصيان المدني.
السلطة الفلسطينية
في 21 ديسمبر 1995، انسحبت القوات الإسرائيلية من بيت لحم، وبعد ثلاثة أيام أصبحت المدينة تحت إدارة السلطة الوطنية الفلسطينية وسيطرتُها العسكرية الكاملة بناءًا على الاتفاق الانتقالي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة في عام 1995. وأصبحت المدينة مُنذ ذلك الحين، مركزاً لمحافظة بيت لحم، كما وقعت معظم أراضي المحافظة ضمن تصنيف (أ) و(ب) حسب اتفاق أوسلو.
خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، في 2000-2001، تضررت بشدة البنية التحتية في بيت لحم والسياحة. وفي عام 2002، كانت المدينة منطقة القتال الرئيسية في عملية الدرع الواقي، عملية عسكرية كبرى من جانب جيش الدفاع الإسرائيلي.
خلال العملية، قام الجيش الإسرائيلي بمُحاصرة كنيسة المهد، حيث كان حوالي 200 مسلح فلسطيني لجأوا إلى الكنيسة. واستمر الحصار لمدة 39 يومًا وقتلوا تسعة من المسلحين ورجل كنيسي. انتهى الحصار باتفاق على نفي 13 من المسلحين المطلوبين إلى دول أوروبية مختلفة وموريتانيا.
يتبع