بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-05-05

من الذاكرة الفلسطينية: طيرة حيفا، مريم محمد عباس زيدان (أم حسين)

من الذاكرة الفلسطينية: طيرة حيفا

مريم (أم حسين) 


مريم محمد عباس زيدان (أم حسين) من مواليد طيرة حيفا عام 1912، كانت عشية لجوئها الى سوريا عام 1948 في السادسة والثلاثين من عمرها.


في دمشق، وقبيل وفاتها عام 2003 أدلت الحاجة أم حسين أمام حفيدتها ضياء ببعض ذكرياتها عن الأيام الأخيرة التي سبقت رحيلها مع أطفالها الخمسة الى سوريا، عبر الأردن.

في هذه الشهادة المروية الكثير من التفاصيل الخاصة/ العامة، والمعايشات الشخصية التي تتشابه مع ما عاشه عموم اللاجئين في تلك اللحظة الحاسمة في التاريخ الفلسطيني.

الدار اللي بنيناها ما قعدناش فيها شهرين (عام 1948)، وبَقينا داهنين البواب.

كان البيت من حجر، اه، كلو من حجر. ليش، حدا كان بيسترجي ما يبني بيتو من الحجر!، بيشمتوا فيه الناس.

في ناس سكروا بيوتُن وخبّوا المفتاح. أنا ما خبيت المفتاح؟، لأ، ماني (لأنني) دشّرت هناك ولادي وابوهُن، والمفتاح بقي معهن، ولمنهن (وحين) طلعوا لما صار عليهن الهجوم، كانوا بالحرس بريت (خارج) البلد. ظلوا طالعين ودشروا بيتنا (مفتوح)، وما طلّعوا معُن مفاتيح. امبارح، وهم يقحوشوا بالدور لاقوا ثلاث مفاتيح بسنسالي؛ (واحد) أصفر مصدي، (وواحد) أسود كنت حاطيتوا برقبتي، (كان ذلك) مفتاح الخزانة، مشان (التي كنت ناوية) أسكّرها لمن نروح نهرب.

إحنا (كنا نسكن) عطرف البلد لبرّا، والبلد لجوّا. مرّة هجموا بالليل اليهود من دون ما حدا يدري هبّطوا (دمروا) دار، وقتلوا تلاتعشر (13) نفر، وقاموا (قرروا) الأهالي يعملوا حرس بالليل. ليراقبوا (من ييحاول مهاجمة البلدة). الحراس عمك أبو غسان وعمك حسين وغيرهم، كلهم عملوا حرس عالبلد. كانوا يغيّْروا؛ هاد (أحدهم) ينعس يروح ينام ويجيبوا هداك (آخر)، بقوا ولاد هذول بعدهم ودوبهم ما كانش الشعر بعدو خاطط شواربهم، ويروحوا يعملوا حرس.

اليهود كانوا بوقتيها (في ذلك الوقت) ساكنين بحيفا. اليهود كانوا بحيفا وبالكرمل، فوق بالجبل. بقوا يبنوا بالجبال مشان (كي) ينزلوا على البلاد (البلدات العربية) نزول (خلال المواجهات). هنّي، لو ما بريطانيا يا ستي بيقدروا يستجروا (يجرؤون على المواجهة)، بس ما هيّي بريطانيا سلمتهم سكة الحديد وسلمتهم بواخر البحر وسلمتهم الكمومة (الكمامات) اللي بقت عاملتها للحرب. تلقى (الحيّ) الألماني والمحلات كلياتها ملانة، من أولها لآخرها، بالذخيرة والماغنات (البنادق) والدبابات والسيارات. طلعوا البريطانيون) هيك (هكذا)، كل واحد (من جنود الانتداب) حامل شنتايتوا، بس (فقط) بإيدوا، وخلّوا كل خير الانجليز لليهود. إحنا ما حدا (ساعدنا)، إلا اللي كل من معاه قرشين اشترى (بهما) برودة. وشو بدها تسوي البرودة مع هالناس!.

يوم هجموا اليهود (في المرة الأولى) بقى عمّك حسين عمرو تلات تشهر. هاي (كانت) أول الحرب. وتقاتلوا يهود وعرب حيفا مع بعض (ضد بعض). اجى الخبر لأهل بلدنا. كانوا رجال قوايا ما يقدرلهم حدا. والخبر (الذي ورد كان مفاده) هيك هيك متعدين اليهود عالعرب.

قالوا وين راحت الشباب؛ اللي حمل برودة واللي حمل عصاي واللي حمل منكوش واللي حمل...، وهمّوا تيروحوا عحيفا يقتلوا اليهود. صاروا (فيما كانوا) بنص الطريق كان صار الضرب (المواجهة) مع الجيش البريطاني. وبلشت الطيرات من فوق وصار ببور السكة ينزّل عسكر والطيارات من فوق بتضرب. ومن يومها، عاد، وقعت الثورة، وصاروا (الرجال) يتسلقوا الجبال تعات الطيرة.

بأي سنة؟، سنة ما كان عمك حسين بعدو أول مشيه بالثلاثينات. والله بعرفش (بالضبط)، انسيت، بقلك الواحد بضيّع بس يكبر. كنّا بنقول: "يا يهودي يا ابن الكلب، شو جابك عبلاد الحرب".

إحنا طلعونا (بعدما) أجا أمر من الملك عبد الله انو طلعوا الحريم والأطفال منشان تخلو الشباب للحرب. بقوا (حينها) صاروا عمك حسين وعمك عبد الرحمن يحملوا البارود شوفي عاد من وقت الطفولة لوينتا وإحنا بالحرب وبالبيوت. ومن هون لهون طلعنا. وأجا الجيش العربي تاع الأردن، تاع الملك عبد الله. (وانتشر) على شط البحر ببلد كان بنيها الألمان (الحي الالماني بحيفا). جاب الجيش السيارات وحطوها، وقالوا: يللا!، اللي بدو يروح عند الملك عبد الله، (يركب). عشان ما يصفى بالبلد الا الرجال. قال حياة سيدك يومها لأ، لا توخدوا اشي (معكم)، تلات أيام بس بدكم تغيبوا. بس تلاتة. يعني هيك أمر الملك عبد الله، وبترجعوا. اللي دشّروا دوابهم، اللي دشروا غنمهم، اللي دشروا بقرهم، اللي دشروا مصاريهم، اللي دشروا بيتهم. قلنا، شو تلات أيام!، بعين الله.

رحنا وظلو الشباب بالبلد حرس، ويكافحوا عن البلد (مرابطين)على ظهر (أسطح) الدور عاملين مراصد وحاطين البواريد ويشوفوا؛ بس ييجي حدا يضربوا. اليهود عجزوا، بعثوا واحد بقولولو سبكتر مختار اليهود ومعاه واحد كمان، ومعاه اثنين كمان، هدول مسؤولين رفعوا رايات السلام ومشيوا توصلوا عأول الباب ورفعوا الرايات البيضا. وهاذ اللي إسمو سبكتير قال: يا أهل الطيرة، إحنا، كل عمرنا، اليهود، عايشين إحنا والعرب سوا سوا ومبسوطين؛ البيض من الطيرة، الحليب من الطيرة، الخضرة من الطيرة، القمح والشعير، كله من الطيرة.

بينا وبينكم عيش وملح، خلينا نعيش سوا سوا وبتشوفوا، انتو، عاد، مين أحسن حكمنا ولا حكم الانجليز. بتجربوا أول، جربوا، (إن) لاقيتو حكمنا ما منيح بتحاربونا وبنحاربكن، وان لاقيتوا حكمنا منيح بنعيش بسلام. قالولو: ما بدنا. ودقوا طبل الحرب؛ إحنا بدنا نحارب. طب هنّي ماخدين كل عدة الحرب تعات بريطانيا، أعطاهن إياها، وإحنا ما في معانا غير اللي بيشتريه الواحد من هون ومن هون. وكل تموين بلدنا من حيفا، وهنّي (اليهود) سكنوا حيفا وسكروا الطريق ومن وين بدهم يجيبوا، عادت، يشتروا الذخيرة تبعتهن.

ثمانتعشر باص (كانت تعمل على الخط بين حيفا والطيرة)، غير التكسيات اللي بتسحب روحة جية (تذهب وتعود) على حيفا. طيب، هاي (الباصات والتكسيات) ما عادت تروح وتيجي. (فـ) من وين بدها تعيش الناس، هيّي وولادها ودنياتها. لو رضيوا إنّا نعيش إحنا وياهُن سوا سوا، كان وقت اللي بصير الحكم بنكون إحنا عرفنا نتحلحل، واعرفنا ندبٍّر حالنا. وبهديك الساعة (نرى إن كنّا) بنقدرلهم يا بيقدرولنا. بس، قال لأ، ما فيش.

أبو حسين

بالليل سلّطوا المدافع عالبلد. هنّي عظهر الجبل من فوق، وإحنا تحت. مرّة (خلال السبعينيات) حياة عمّك ابو مشهور (الشهيد سعيد البطل) راح لهناك (على الطيرة، أثناء عملية فدائية). قال تخبينا هناك بالمغاير، ببلدنا (توجد) مغاير عزمان اللي ما كاين في بِنا، كاينين يحفروا بالصخر ويعملوا بيوت بالصخر و(في) مطرح فيّو جرار ومطرح مصاطب ومطرح فيه آثار قديمة كثير كثير.

بالليل دبكوا (هجموا) علينا قواص قواص. إحنا صاروا مطلعينا عباب الدار؛ ركّبوا الحريم والأطفال بسيارات الملك عبد الله. ركبونا وسيّرونا وأخذونا بسيارات على الأردن. من الأردن تفرقوا، إشي أجا عبيروت، واشي عحلب، وإشي وقفوهُن يقولوا لهُن وين بدكُن؟.
إحنا ليش جينا عالشام؟، وصلنا عالاردن، (والأردن) ما عادت تسع.

ليش ما رُحنا عبيروت؟. بيروت شو بدها توسع امِّة!، الناس جايين من بلاد مش بلد وبلدين وتلاتة وأربعة. كل الساحل طلع. الساحل كلوا رحل. قالوا (إرحلوا) لحين ما يتصافوا، (وحينها) بنرجع. إحنا رحنا، واللي كان معاه قرشين بحش ودفنهن لحد ما يرجع، وراحن عليه.

عمك حسين، ما هوي، يا ولدي، تصاوب يومها عقب ما طلعنا. أجا الهجوم عليهون وهنّي على ظهر العراق، فوق عراق عالي، عالجبل فوق، وجاي القنبلة هون. قلّي جدك بتحطي إيدك لهون الحفرة (التي أحدثتها القنبلة). عقبها طلعنا، وبعد عشر سنين (على اصابة حسين) أجا لهون (الى دمشق، تسللا).

مين اللي خسر (في المواجهة)؟، إحنا. لأنو إحنا قلنا ما بدنا نعيش معكم (مع اليهود)، إحنا ما بنخلي اليهود تحكمنا. طب خلينا تنجرب نشوف شو بصير.

والله هاد اللي قلولهم إياه؛ نعيش إحنا وإياكم سوا سوا. وقلولهم (أيضا): من بعد ما تسلموا، ويصير سلام بينّا وبينكم، صوص جاج ما يروحلكم، بس نعيش سوا. قالولهم (لليهود): ما بدنا!. هاي العنادة. لازم الواحد يوخد ويلين بالعنادة.

ببلدنا بقينا نزرع الأرض قمح، نوكل منّو كل السنة. (كنّا) نزرع خضرة (في) أرضنا هاي. بقت (أرضنا) بحدّ البلد؛ كنا زارعين فيها، والله، قمح. زارعين تموين للبيت. فيها بندورة وفيها مرمية وفيها بصل وفيها فجل وفيها سبانخ، حتى الترمس. الله يرحمها عمتي فاطمة زرعت لفت والكزبرة. والقمح هيك يكون واقف ولما مرقت الواحدة من بلدنا كانوا يجو يشتغلوا بالكم من الذرة من هون وهون يقولوا الله يهدّي بال صحابك عليك يا هالقمح هيك من طول السبلة يموج.

يا ستي منيح اللي بعدو فينا روح. يعني إن أنا مرضت وغيري مرض من الهمّ ما هو قليل. الواحد خربت ديارو. (الناس) دشروا القمح اللي عالبيادر مدروس واللي محصود ومكوّم. دشروه كلياتو، واليهود اخدوه. كيف بدهم يرجعوا. طلع جدك (من البلاد) واحد؛ وأبوكي (حسن البطل) بقا (ابن) تلات سنين، وحياة عمك سعيد كان يرضع، وحسين وعبد الرحمن كانوا صاروا بأول شبابهم. طيب، اطلّعي شو صار الواحد قديش إلو ولاد. من هون ومن هون طلع واحد صار وراه عشرين، شو بدهم يرجعوا تيرجعوا!. قال عمك حسين: وقعت البلد واستلموها اليهود. وكان مع المجاريح، لمّا اجتوا القنبلة قال يايامّا!. اجو علينا واحد بمحل تلا (قرب) الجامع وقلّو لعمك حسين:
يلّا قوم.
قلّو حسين:
ما بقدر أقوم، أنا ما بقدر أوقف.
قلّو:
قوم يلعن أبوك، أنت واحد عراقي!، انت من الجيش العراقي.
بفكروا انو هاللي كان يقاوم كان من الجيش مش من البلد.

اه، عمك حسين طلع من (البيت)، من عند الشباك. قلّي كان فيه (في البيت) تلات مناخل معلقين والدرج اللي بطلع من تحت بعدو واقف، هاد الدرج اللي فوق المطبخ. قلتلو: يمّا، منخل شاش لكعك العيد، ومنخل للخبز اللي (كنّا) نعجنوا كل يوم ومنخل لتصفاية البندورة. كنا بنعمل البندورة على ايدينا ونصفيه وننشّف بندورة؛ نمعك كل لجن هيك، نمعك ونمعك ونعصرو ونصفيه من البزر. منخل بخزوق اكبر منشان ينزل البندورة الناعمة. منشان كعك العيد (منخل) واحد، ومنشان العجين واحد. كل يوم (كنّا) نعجن ونخبز بالفرن.
بتعرفي، يا ستّي، تنكات الزيت الكبار كنت مفتحتهن، تلات تنكات مغسولين والهن رف بالخزانة حدّ برميل الطحين. برميل الطحين (كان دائما) يكون ملان، وقبل مايخلص (كنّا) نعمل طحنة تانية. وهناك، في رف محطوط عليه التنكات؛ هاي تنكة فيها برغل مطحون وبرغل ناعم، وتنكة فيها حمص ملانة، وتنكة فيها فاصوليا ملانة، وتنكة فيها عدس ملانة، وتنكة فيها عدس مطحون، وشوال بطاطا هون وشوال بصل بحدّو.

قلتلو (لزوجي):
طيب لليه جبت البطاطا والبصل!، ما احنا عنا زارعين.
قال:
بعدها لسا ما طلعتش. زرعنا وبعدنا ما قلعنا. وبلكي صار علينا حرب، بنلاقي عنّا حاطين شوال ملان بطاطا وشوال ملان بصل ورا الباب وسبع تنكات زيت وشوالين طحين كندي.

كنّا بعدنا ما حصدنا، كان بدنا شهر تنحصد. بلكي صار علينا اشي هدول حاطينهن منشان نوكل وما نجوعش. مكنّاش عارفين حالنا، بس البيت (كان) متل الرمانة؛ ملان ملان كل اشي، وحملنا حالنا وهربنا. رحنا على باب النار واجت السيارات تعات الملك عبدالله حملتنا واللي ما لاقى سيارة من عند الملك عبد الله استأجر سيارة. وراحت هالناس ودشّروا الشباب. و(حتى) هالختيارية اللي ما بقدروا يطلعوا طلعوا. واللي متل جدك وعمامك ظلوا.

قلتلو (لجدك):
خلّي واحد (من هالشباب) يروح معاي، أنا عمري ما طلعت لحالي من بلدنا لحيفا.
قلّي:
ما انتو رايحين عند الملك عبد الله.

كيف بدي اطلع مع هالناس وما معي حدا!. (كان) معي ولاد صغار؛ ابوكي ابن تلات سنين، وعمك ابن سنة، وعمّاتك فاطمة وزينب وامنة ووفيقة. وحسن وسعيد صغار معاي كلياتهن، وانا شو بدي أسوي فيهن. وهياتنا قضينا هالعمر هون، يا ستي، إسا إحنا بألف نعمة عن أول. حرق الأبدان ولا فرقة الأوطان، يا ستي. تَعبنا وشقانا وأرضنا اللي بحدّ البلد، أرضنا اللي كنا بنزرع فيها.

قبل (رحيلنا) بيومين رُحت على الأرض، لاقيت اللفت هيك كل راس عوجه الأرض. خلعت شوي وروّحت وغسلتهن وخرطهن وملحتهن وكبستهن. جاب جدك ليّات خروف؛ خمس ليّات. فرمتهن وسيحتهن وعبيتهن بقدرة تانية. (كل هذا) قبل يومين، و(في اليوم) الثالث رحلنا ودشرناهن ملانات. كبسنا زتون، عملنا دبس موّنا تنكة حمص ملانة. خلّينا هالمطبخ ملان، والفراش خليناه. الفراش ما كانش زي اليوم؛ كل واحد وفرشتو، كان عنّا مطوى فراش، ويظل زيادة. يعني إذا أجا حدا عندوا يفرش له، دايما الإم تريها تشد فراش تشد ملاحف زينة البيت. نقول فراشو ونحاسو السمندرة من هون لهوناك بدل الحرام مطوي هالفراش عليه هالشرشف المقطع بالخرز ومطرز ومدرج، وشو..، فرجة!.

بعدين، بقا في شارع من حيفا ليافا يروح عالبحر. (كنّا) نقعد على ظهر السنسلة، (وكان) يمروقو اليهود. بقاش في سيارات، ولا إشي. نلاقي اليهودي، بدقنو هيك، يكون راكب على ظهر البغلة ولّا الحمارة، نصير نراجدو بالحجارة، ونقوللو:
يا يهودي يا ابن الكلب، ليش تيجي عبلاد الحرب.

وهاليهودي ماكانش يحكي ولا يشكي. مهني من تحت لتحت، آآ، غُلهن غميق، وتفكيرهن غير شكل عننا إحنا. إحنا، اللي في قلبنا بنطلعه، انشالله يكون من حيفا ان شالله يكون من يافا من وين ما كان يكون. هاليهود، يا ستي، ولا إشي، ولولا الانكليز اللي عملوا هالعملة مكانش اليهود بقدروا يعملوا إشي.

خاص بمركز المعلومات الوطني، من ضياء حسن البطل

من الذاكرة الفلسطينية: نكبة سحماتا

من الذاكرة الفلسطينية: نكبة سحماتا

إعداد فادي اليماني

تقع قرية سحماتا على قمتي تلّتين في قلب الجليل الأعلى تطلان على ينابيع القواطيع (وادي الخرب) في الغرب، وعلى كروم التين والزيتون والصبار غابات أشجار البطم والغوردة. يمر بمحاذاتها طريق عام يربطها بمدينة صفد، وبمدينتي نهاريا وعكا وبعض القرى الأخرى. ترتفع سحماتا عن سطح البحر 575م، وتبعد عن عكا للشمال الشرقي 30كم، وعن نهاريا للشرق 18كم. تحدها قرى ترشيحا غرباً، كفر سميع والبقيعة جنوباً، بيت جن جنوب شرق، وحرفيش وسبلان شرقاً، ودير القاسي وفسوطة شمالاً.

بلغت مساحتها 135 دونما.. وكانت تتكون من حارتين أساسيتين تفصل بينهما البرك وساحة القرية (الرحبة) التي كانت تعقد في رحابها أفراح الأعراس والمناسبات الهامة.

كان سحماتا تتكون من حارتين أساسيتين؛
الحارة الغربية (التحتا) يتوسطها المسجد والكنيسة المتجاوران، وكانت تضم مدرسة ابتدائية أسسها العثمانيون عام 1886، والدراسة فيها كانت حتى الصف الرابع. والحارة الشرقية (الفوقا) التي تقع في أعاليها القلعة التي بناها الصليبيون، وفي القرب منها، جنوبا كانت المدرسة الزراعية التي تأسست أيام الانتداب البريطاني وتحيطها حديقة مساحتها عشرة دونمات لتدريب الطلاب على طرق الزراعة العملية،
وتربية الدواجن والنحل بالأسلوب الحديث.

وفي شرق جنوب الحارة الشرقية تقع المقبرة الإسلامية للقرية التي تبلغ مساحتها 30 دونما، لم يبق منها الا حوالي 8 دونمات تحوي بقايا قبور أسلافنا المبعثرة هنا وهناك، وأما أكثر من ثلثيها فقد غرسته دائرة أراضي إسرائيل بالصنوبر لتغيير معالمها، وفي الحارتين كانت هناك عدة طرقات رئيسية يكسوها البلاط.

كانت سحماتا إبان الحكم العثماني تتبع لقضاء صفد، وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، أعادت حكومة الانتداب البريطاني تقسيم الألوية والأقضية، وألحقتها بقضاء عكا - لواء الجليل.

عام 1948 أصابت النكبة سحماتا وأهلها فاضطروا للجوء الى الدول المجاورة (لبنان وسوريا) والى مدن وقرى الداخل الفلسطيني.

هنا مجموعة من الشهادات الحية التي يرويها بعض أهالي سحماتا عن ذكرياتهم التي ما زالوا يحتفظون بها عن وقائع حدثت خلال الفترة التي سبقت نكبة سحماتا والأيام التي رافقتها.

على الرغم من تعرض القرية للقصف، إلا أن عددا من الأهالي يقدر عددهم بـ 40 نفرا من الذين التجأوا تحت الأشجار، وفي الكهوف أو في القرى المجاورة ظلوا يحاولون العودة مرارا إلى بيوتهم، إلا أن الجيش كان يمنعهم من ذلك.. وبقوا على هذه الحال حتى اوائل عام 1949.

تقول أم عفيف عن أولئك: "حوالي 40 نفر ضلوا بسحماتا.. الكبار في العمر وشباب كمان.. كانوا يشتغلوا في قطف الزيتون، يأخذوا أجرهم 12 قرش بالنهار... ضلوا تقريبًا لعيد الميلاد.. ليلتها اجا الجيش وطوّق كل البلد.. جابوا اليهود شاحنتين مكشوفات، الدنيا كانت تشتي بشكل قوي.. حطّوهم على الشاحنات ورحّلوهم... بين المطرودين كانت زكية محمد علي حمادة وكانت مريضة، حسّت بالعطش على الطريق وطلبت ماء... فصارت ندى السمعان (امي) تملأ كفها من ماء المطر وتسقيها، بعديها طلبت أن يضيئوا شمعة لأنها ما بتشوف شيء... بعد دقائق مدّت أمي ايدها عشان تحس جسد زكية... كان بارد مثل الثلج وهيك ماتت زكيّه... وصلت الشاحنات إلى كفر برعم.. قالوا لهم "يلاّ عَ لبنان" وصاروا يطخوا عليهم والشاطر يركض.. أمي وكمان نساء تنتين ما قبلوا يرحلوا قرروا يدفنوا زكية... بس ما لاقوا لا منكوش ولا منجل.. شافوا مرباج حطب.. صاروا يهيلوا بالحطب.. حطّوها بنص الحطبات وصاروا يقيموا الحطب ويحطّوا عليها... دفنوها ونزلوا على رميش".

بعد ثلاث سنوات من تهجير أهالي القرية، دمرت القرية تدميرا كاملا حتى يفقد الأهالي الأمل في العودة إليها. وأقيمت على أراضيها مستوطنتان هما: (حوسن وتسورئيل)، والجناح الشرقي من مستوطنة (معلوت)، وكذلك البحيرة الاصطناعية.

لم يفلت أهالي سحماتا من تعذيب وهمجية جيوش الانتداب البريطاني، خاصة أن أهالي القرية ناضلوا وثاروا ضد الانتداب وتحيزه للحركات الصهيونية. عن معاناة القرية من الجيش البريطاني حدثتنا المسنة نجية اسعد سليمان: "لما كانت تصير مشاكل.. كان الانجليز يجمّعوا الرجال عند البركة والنسوان عند الجامع... في ناس كانت توكل قتله وفي ناس كانت تنفذ وما تنضرب.. كانوا كتير يحبسوا الرجال... مرّه حبسوا اخوي ضاهر. مركز الانجليز كان بترشيحا، قريب منّا... بتذكَّر بالشتا اجا جندي انجليزي وقعد على الروزنه وين بطلع الدخان... صار الدخان يدخل على دارنا... اجت أمي ودخلّت حديده من الروزنه وغزته.. صار يصرخ وهرب... أيام الثورة كانوا يدخلوا على البيوت ويحرقوا الفراش والمنتوج... مره اجو على البلد بالشتا، جمعّوا الرجال وصاروا يرموهم بالبركة... ولما اجو بدهم يرمو رشيد المتولي صار يصرخ ويقول: "يا أولادي بدي اموت"... نزلوا بعد هيك أولاد البلد وطلعوه من المي"

عن مظاهر الرعب في عيون ابناء سحماتا حدثتنا أم عفيف (83 عاما): "بنيسان.. قبل شهور من احتلال سحماتا.. بدأت الناس تحس بخطر وخوف... كل ما شافوا اشي حوالين البلد كانت الناس تخاف وتقول اجت [قوات] الهاجاناه.. في مرّة كان في بنات راحوا مع بغلتهم عشان يجمعوا الدخان... كانت الدنيا تمطر وكانوا حاطين أكياس على راسهم.. الناس فكرّت انه الهاجاناه اجت.. وصاروا يهربوا... بهاي الفتره كانت الناس خايفه لانه كانت تسمع عن المجازر بدير ياسين وعن القتل اللي بصير...".

أهل سحماتا كانوا يطلعوا دوريات كل ليلة علشان يحموا البلد.. ما كان في سلاح ..السلاح كان كثير بسيط ومرّات يكون خربان.. ضلّت الناس بحالة قلق لحتى تشرين أول... صارت الناس تقلق أكثر وأكثر.. أخذوا قرى الكابري وجدين وما بقي غير قرية معليا.. الناس كانت تشتغل وهي قلقانه.. مرّة أمي كانت عم بتملّي على البيدر (عنا كان بير)، اجا واحد على فرس وطلب من أمي ماء للحصان.. وشوية تبن... أخذ من القمحات.. قالت له "ليه تأخذ من القمحات، خذ من التبن..." قال لها: والله يا خالتي ما راح توكلوا ولا اشي منه انتوا بتتعبوا لغيركم.. وهيك صار !..القمح عنا بقي على البيدر.. دخّلنا القمح وعبينا دخان وكل المونه ضلت بالبيت".

قامت الطائرات بقصف سحماتا من الجو في 28 تشرين اول 1948، ثم دخلتها قوات الاحتلال في الـ 29 منه بإشراف القائد الصهيوني يتسحاق رامون. من ذاكرة أم عفيف، حدثتنا عن تلك الايام:

"يوم القصف برمت الطيارة حوالي البلد.. صارت الناس تركض وين الحواكير ووين الزيتون.. تصاوب عمي يوسف أبو عواد (أخو أبوي).. مات عمها لامي .. كان قاعد تحت التينة.. لمّا شفنا هاي الشوفة ضبينا أغراضنا وصارت الناس تركض وتتخبا بأرض الزيتون، صُرتْ أسمع القنابل حوالينا وكان زوجي أبو عفيف يقللي ما تخافي.. هذا جيش الإنقاذ عم يضرب!. بدون ما نحس احتلوا سحماتا كلها.. وقفوا الشباب اللي معنا وقالوا يلاّ لازم نبعد.. اهل البلد كلهم ضلوا ماشين… في وحدة من بلدنا .. أمه لمحمد انقتلت على بركة الدير.. لحقوها قبل ما تقطع الشارع وطخّوها إعدام على مرأى من الوالد والأهالي".

بلغت حصيلة مجزرة سحماتا 16 شهيدا، وعن إحدى حوادث القتل اخبرنا وجيه مبدا طنوس سمعان (70 عاما): "بعدني لليوم بذكر حادثة صارت مع شاب اسمه محمد عبد الرحمن حسين قدورة، كانت إصبعه مجروحة وكان لاففها. اجو اليهود واعتقلوه وادعّوا انه كان يقاوم، بعدها صلبوه قدام أبوه وأهالي القرية وطخوه، علشان الناس تخاف وترحل. اليهود قتلوا كمان مجموعة من الأهالي، من بينهم مصطفى علي، لما كان راجع من المرعى مع بقراته. وقتلوا حسن الموسى قدام بيته، في الحارة الشرقية، وعبد الوهاب سلمون وعطا لله موسى، وزوجة نعيم الموسى".".

وتضيف نجية اسعد سليمان: "كتير اجو لاجئين ع بلدنا.. من قرى الكويكات.. الغابسيه وعمقا والبروه حوالي أربعين عائله اجت عنا. اشي ينام عنا على السدة واشي ينام على الأرض معنا.. وفي اللي كانوا يناموا بالبيوت الفاضية بسحماتا اللي طلع أهلها ع لبنان.. إحنا حسينا بالخطر لما سقطت ترشيحا.. لو ما سقطت ترشيحا ما طلعوا أهل سحماتا.. الناس كانوا يقولو راحت علينا طلعوا أهل ترشيحا... إحنا طلعنا على لبنان ونمنا بالأرض وصرنا نشوف من بعيد قصف البيوت.. أبوي كان مريض وما قدر يطلع.. بقي تحت شجرة زيتون نايم وقلنا إطلعوا انتو... بس بعد بفتره رجعنا تسلل وجبناه على بعلبك وهناك مات... الناس طلعت مثل المجنونة.. اللي مرّكب أولاده على كتفه واللي على ظهره.. شو بدها تحمل العالم لحتى تحمل.. البيوت مليانه كانت... الناس صارت بالطريق ترمي أغراضها على الأرض .. الطريق طويلة للبنان...الطيارات لحقتنا على لبنان تقصف علينا، احنا نمنا 11 يوم بالحاكورة بقرية لبنانية صغيره اسمها دبل.. بعدها طلعنا من دبل وسكنا بمنطقه اسمها عين قبل، سكنا حوالي 8 أيام.. بعدين رحنا على بنت جبيل 6 أيام... الأطفال كانت تمشي بالقوة.. مساكين مين بدّو يحملهم...اللبنانية ما استقبلونا وما بدهم نبقى هون.. رحنا بعدها على صور وقعدنا بصور... بعد هيك جابوا باصات حتى يوخدونا على بعلبك.. المسافة كانت كبيره كتير.. قعدنا ببعلبك ثلاث سنين وكنا نايمين على الأرض لا في مؤمن ولا اشي.. بعد هيك رجعنا على بلادنا عن طريق الصليب الأحمر.. رجعنا عن طريق الناقورة".

الترحيــل مرّه أخــرى ومــوت زكيــة حمـــادة

بالرغم من القصف، وتشبثا بالبقاء في القرية، حاول من تبقى من الأهالي العودة إلى بيوتهم، فالتجأوا تحت الأشجار، وفي الكهوف أو في القرى المجاورة.. إلا أن الجيش منعهم من ذلك.. وبقوا على هذه الحال حتى أوائل عام 1949، وعن الرحيل حدثتنا ام عفيف: "حوالي 40 نفر ضلوا بسحماتا.. الكبار في العمر وشباب كمان.. كانوا يشتغلوا في قطف الزيتون، يأخذوا أجرهم 12 قرش بالنهار... ضلوا تقريبًا لعيد الميلاد.. ليلتها اجا الجيش وطوّق كل البلد.. جابوا اليهود شاحنتين مكشوفات، الدنيا كانت تشتي بشكل قوي.. حطّوهم على الشاحنات ورحّلوهم... بين المطرودين كانت زكية محمد علي حمادة وكانت مريضة، حسّت بالعطش على الطريق وطلبت ماء... فصارت ندى السمعان (أمي) تملأ كفها من ماء المطر وتسقيها، بعديها طلبت أن يضيئوا شمعة لأنها ما بتشوف شيء... بعد دقائق مدّت أمي ايدها عشان تحس جسد زكية... كان بارد مثل الثلج وهيك ماتت زكيّه... وصلت الشاحنات إلى كفر برعم.. قالوا لهم "يلاّ عَ لبنان" وصاروا يطخوا عليهم والشاطر يركض.. أمي وكمان نساء تنتين ما قبلوا يرحلوا قرروا يدفنوا زكية... بس ما لاقوا لا منكوش ولا منجل.. شافوا مرباج حطب.. صاروا يهيلوا بالحطب.. حطّوها بنص الحطبات وصاروا يقيموا الحطب ويحطّوا عليها... دفنوها ونزلوا على رميش (لبنان)".

تم إسكان اليهود في بيوت القرية إلى أن تم الانتهاء من بناء مستوطنات لهم على أراضي القرية، بعد ثلاث سنوات، دمرت القرية تدميرا كاملا حتى يفقد الأهالي الأمل في العودة إليها. أقيمت على أراضي القرية مستوطنتان هما: (حوسن وتسورئيل)، والجناح الشرقي من مستوطنة (معلوت)، وكذلك البحيرة الاصطناعية.

مُهجــرون في الوطـــن

بقي حوالي 7 % من أهالي سحماتا مهجرين في وطنهم، ينتمون إلى عائلات سمعان، موسى، قدورة، سليمان، عبد الوهاب، الجشّي، محمود، وأحمد يبلغ تعدادهم اليوم حوالي 600 نسمة ويكوّنون 140 عائلة. يقيمون في قرى فسوطة، ترشيحا، البقيعة، كفر سميع، الرامة، المكر، شعب، المزرعة، وفي مدن حيفا، وعكا، وشفا عمرو. عاشوا كبقية شعبهم ليل الحكم العسكري حتى العام 1966 إذ حرموا من العودة إلى قريتهم، حتى ومن زيارة الأطلال فيها. ولا زالوا يتعرضون لسياسة القهر والتمييز العنصري التي تلم بشعبهم. وبالرغم من الحالة التي مروا بها وضيق ذات اليد، فقد نجح العشرات من مهجري سحماتا في استكمال دراساتهم العليا ومن بينهم عدد من ذوي الكفاءات العلمية العالية في شتى المواضيع.مثل دكتور مبدا سمعان مهنا واخرون و هناك عدة عائلات استقرّت في بعض مدن وقرى فلسطين أبرزها فسوطة والبقيعه ولاحقا لحيفا ومركزهم حي بوابة الدير وابرز العائلات تلك آل سمعان...وقد منح أهل أمي وبالذات خالي خليل احد بيوتهم والاحتياجات لسنوات لعائلة قيصر سمعان /أم عفيف وعندنا بدار سيدي ولد ميخائل وإميل ونجاح...

قطع الأهالي عهدا على أنفسهم للقيام بأعمال تطوعية للمحافظة على المقدسات والمقابر، التي لم تتورع السلطات عن تدنيسها وإدخال الأبقار والحيوانات إليها. والأنكى من كل ذلك قيام عدد من المستوطنين بسرقة شواهد القبور وآثار سحماتا ووضعها في ساحات بيوتهم للزينة، في معلوت وتسوريئيل وغيرهما.

أهالــي سحمــاتا فــي الشتـــات

حوّلت النكبة التي طالت الشعب الفلسطيني معظم أهالي سحماتا إلى لاجئين في المنافي والشتات، قسم منهم وصل إلى سوريا، وتوزع بعد فترة على مواقع في ضواحي دمشق. وأما الغالبية العظمى منهم فقد حطّت بهم الرحال في لبنان وتوزعوا على المخيمات.

ومن بين لاجئي سحماتا في الشتات احمد اليماني (أبو ماهر) الذي كان وجها بارزا في قريته قبل النكبة والذي يعمل جاهدا على خدمتها. كان في حينه شابا يافعا يساهم في النضالات الطبقية والقومية والسياسية التي سادت فلسطين؛ وكما قال ابو عفيف، سمعان قيصر سمعان، أن احمد "بذل جهودا كبيرة من اجل إبقاء أهالي سحماتا في بلدهم مما دفع الجيش "الإسرائيلي" الى ربطه بزيتونة تمهيدا لقتله". وقد لمع اسمه وهو في ديار الغربة، وأصبح رمزا نضاليا من الرموز الفلسطينية، وأحد قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كرّس جلّ حياته حتى وفاته في الشتات من اجل عودة اللاجئين الى بيوتهم وديارهم التي اخرجوا بالقوة منها. إن أهالي سحماتا في الوطن يتشبثون برموشهم بحقهم في العودة الى قريتهم والى لقاء أهلهم في الشتات على أرض قريتهم الغالية. إنهم يخوضون معركتهم العادلة من خلال جمعية أبناء سحماتا التي تأسست عام 1996.سحماتا، قرية فلسطينية مهجرة تقع في قلب الجليل الأعلى، ناهضة على قمتي تلّتين، وترنو بعزّة وشموخ الى مرجها في الجنوب، وعلى ينابيع القواطيع (وادي الخرب) في الغرب. تطل على كروم التين والزيتون وصبرها المشهور، وتسلّم على الوهاد والتلال والجبال، وعلى الغابات التي تتهادى بها أشجار البطم والغوردة المحيطة بها. يمر بمحاذاتها طريق عام يربطها بمدينة صفد، وبمدينتي نهاريا وعكا وبعض القرى الأخرى. تحدّها قرية ترشيحا غرباً، وكفر سميع والبقيعة جنوباً، وبيت جن جنوب شرق، وحرفيش وسبلان شرقاً، ودير القاسي وفسوطة شمالا.

أصــل التسميــة

ذكر المؤرخ الفلسطيني مصطفى الدباغ في كتابه "بلادنا فلسطين" ان أصل تسمية سحماتا قد يكون قد حرّف من "سماحا" السريانية بمعنى النور والاشراق. اما الشيخ سمعان، ابوعفيف (1912-1999) فيقول:
كانت القرية القديمة موجودة على الجهة الشمالية من القرية الحالية، هناك كان في كنيسة بعود تاريخها الى ما قبل أكثر من 1500 سنة وكان اسمها قرحاتا، يمكن الاسم بيزنطي...

وكان عايش فيها وجيه اسمه متى.. مرض متى مرض قوي كتير وعجز المطببون عن علاجه، فنقلوه الى تلة جنب القرية، فيها هواء نقي وماء نظيف وطبيعة حلوه كتير.. بعد فتره شفي متى… فصارت الناس تقول: "صح متى، صح متى"… بعدين تحولت الصاد لسين ووصلوا الكلمتين فصارت سحماتا، والله اعلم".

"نحــن علــى ديــن قيصــر"

بلغ عدد سكان القرية في العام 1948 حوالي 1200 نفرا؛ الأغلبية من الطائفة الاسلامية، ولكنها كانت مثالا يحتذى في التسامح والترفع عن الطائفية، والتعصب الديني. فرغم أن فيها ثلاثة مخاتير فقد كانت الكلمة الاخيرة للمختار قيصر السمعان، المنتمي الى الطائفة المسيحية. فقد كان موضع ثقة الناس ومرجعاً لحل مشاكلهم، حتى المعاملات الشرعية كانت تتم عن طريقه، لدرجة جعلت القاضي الشرعي في عكا، يلفت نظر مشايخ سحماتا الى هذه الظاهرة.. فما كان منهم الا ان لخّصوا موقفهم بكلمات بسيطة معبرة: "نحن على دين قيصر"، فاعجب القاضي بهذا الموقف ووعدهم بأنه سيعطي الأولوية للمعاملات التي تحمل توقيع قيصر السمعان.

"الحيــاة الزراعيـــة"

اشتهرت سحماتا قبل العام 1948 بأشجار الزيتون حيث كانت تغطي أكثر من 2110 دونما. كان اخضرار الزيتون الدائم، بالاضافة الى اخضرار السنديان والبطم والزعرور يزيد جمالهاً جمالا؛ فكانت سحماتا دائما بهجة للناظر وبلسماً لأهلها. عن الحياة الزراعية حدثتنا لطفية مبدا سمعان (75 عاما):

"احنا كنّا فلاحين، كنا نزرع دخان، قمح، عدس، شعير، حلبه، فول، حمص، سمسم، تين، صبر وعنب…. بأيامات زرع الدخان كنّا نزرع سمسم كمان بالأرض اللي صعب فيها زرع الدخان.. لما نخلّص من الدخان كنا نروح على ارض التين ونقطفه.. بشهور تموز اب وايلول كنا نحوّش تين وصبر وعنب. كان في ناس عندها، أرض وناس ما عندها.. يعني مثلا لما كنا نزرع بصل وبطاطا وفول كنّا نقول للناس اللي ما في عندها أرض ييجو يزرعو بأرضنا ... كانت جارتنا مثلا تيجي تساعدنا بالارض وتوخذ شوي من المنتوج لأولادها. النسوان والرجال كانوا يشتغلوا سوا بالارض وكنا نجيب الأكل ونوكل بالأرض واحنا نشتغل. بشكل عام أهل بلدنا ما كانوا يبيعوا المنتوج الزراعي، بس الدخان كنا نبيعه.. لما يخلص شهر الدخان، بالشتاء، يبدأ الناس يكرسوا الدخان ويعبّوه ببالات [بالة دخان] كل واحد يعبي له 20 او 30 باله حسب قديش زارعين. لما طلعنا من سحماتا تركنا بالبيت معلق 600 كبش دخان، لا كرّسناه ولا ورّدنا".

وعن دور النساء الشاق في العمل حدثتنا نجية اسعد سليمان (74 عاما): "النسوان كانت تغسل وتطبخ وتزرع وتحطّب وتيجب المي من البير، لما كانوا يروحوا على الارض كانوا يحطوا سرير الطفل الخشب على راسهم والزواده تحت إجرين الطفل، وتحت إيدها كانت تحمل المي... كانت النسوان تتعب كتير".

تكونت سحماتا من حارتين أساسيتين تفصل بينهما البرك وساحة القرية الرحبة التي كانت تشهد ليالي الاعراس. الحارة الغربية (التحتا) يتوسطها المسجد والكنيسة.. وكانت تضم المدرسة الابتدائية التي اسسها العثمانيون في العام 1886، والدراسة فيها كانت حتى الصف الرابع.. وتضم ايضا المنزول (الديوان). والحارة الشرقية (الفوقا) التي تقع في اعاليها القلعة التي بناها الصليبيون، وفي القرب منها جنوبا كانت المدرسة الزراعية التي تأسست أيام الانتداب البريطاني تحيطها حديقة مساحتها عشرة دونمات لتدريب الطلاب على طرق الزراعة العملية، تربية الدواجن (الدجاج والحمام)، وتربية النحل بالاسلوب الحديث.

من الذاكرة الفلسطينية: الحاجة حسنية فهد، دبروني بشادر.. قصة هجرتي من الشيخ داود إلى مخيم برج البراجنة



من الذاكرة الفلسطينية:
الحاجة حسنية فهد، دبروني بشادر*
قصة هجرتي من الشيخ داود إلى مخيم برج البراجنة

تتذكر حسنية فهد كيف أنه وبعد مجزرة دير ياسين بدأ سكان الشيخ داوود يشعرون بالخوف الكبير، لما يمكن أن يصيبهم، خاصة وأن الأسلحة التي يملكونها قديمة للغاية. فتقول حسنية فهد ((خرجنا من الشيخ داوود إلى ميعار ثلاثة أشهر، وكانوا على درجة عالية من الكرم، ثم تابعنا بالجِمال إلى سخنين فالرامة ثم البقيعة. وتابعنا الطريق إلى دير القاسي ثم فسوطة، والطريق مليئة بالأشواك، ونحن نتبادل ركوب الجمال)). تضيف فهد ((وصلنا إلى رميش ونمنا في البيادر ومعي زوجي وثلاثة أبناء. ثم مشينا من رميش إلى رشاف، فاستقبلنا أحد السياّد الذي كان يحلّ ضيفاً علينا في الشيخ داوود، وكان وزوجته في غاية الكرم. ثم تابعنا إلى كفرا، وهناك قامت أمي بتنظيف مياه البئر بواسطة تصفيتها بغطاء رأسها، فقال رجل بجانب البئر ((والله إنكو قوايا يا فلسطينيي)). تابعنا إلى جويا والأطفال يبكون من الجوع فطلبنا من صاحب بستان أن يطعمنا، فقال ((أطعمت قبلكم الكثيرين فابحثوا إن كان بقي شيء فكلوه)). ودخلنا فوجدنا القليل وأكلنا)).

تضيف الحاجة حسنية فهد ((مكثنا في جويا عاماً ونصف العام، ورغم كثرتنا فإنه لم تحصل صدامات مع أهالي البلدة، وأهدت أمي الدابة إلى السيّد في البلدة لأنه كان يعامل الفلسطينيين معاملة حسنة، ثم ذهبنا إلى إحدى البلدات، وهناك مات زوجي وأنا حامل ولم يبق لي غير أخوالي في مخيم برج البراجنة، فأتيت حافية القدمين بناقلة الركاب إلى الحدث، وجئت ماشية إلى هناك، وكان ذلك في العام 1952، وطلبت اجتماعاً مع أهالي البلدة، وقلت لهم ((دبروني بشادر)) وهكذا كان)).

شادر*: خيمة

أحمد علي الحاج علي/ مخيم برج البراجنة

المصدر: Howiyya

إبراهيم صالح فهد: بلدنا –قرية الشيخ داود- كل جنسيات الدنيا لا تعوّض كمشة تراب من أرضي


إبراهيم صالح فهد: بلدنا –قرية الشيخ داود- كل جنسيات الدنيا لا تعوّض كمشة تراب من أرضي
إبراهيم صالح فهد: «لو أعطوني كل جنسيات الدنيا، لا تعوّض كمشة تراب من أرضي وأرض أبوي وجدي في فلسطين»


إبراهيم صالح فهد: بلدنا –قرية
هوية - مخيم الرشيدية
أنا ابراهيم صالح فهد حميد إبراهيم الشولي، من قرية الشيخ داوود قضاء عكا، وأقيم حالياً في مخيم الرشيدية جنوب لبنان. نحنا عشنا في عز وفي خيرات فلسطين ونعم الله، ولكن أدعو الله أن يحرم كل من حرمنا من هذه النعم، وهم الملوك والرؤساء العرب الذين خانوا فلسطين وسلّموا فلسطين لليهود.

القرية
بلدنا – الشيخ داود -
تأتي في قمة عالية بين الجبل والسهل، بلدنا سمّوها الشيخ الداوود لأنه فيها أولياء إثنان، الشيخ داوود والشيخ دنون.
مثل الشيخ معشوم ومقامه وكيف هو مدفون بداخله، كان الشيخ داوود مدفون بقلب المقام والشيخ دنون مدفون بقلب المقام، هي بلد واحدة، ولكن هذا حي الشيخ داوود، وهذا حي الشيخ دنون.
العائلات التي سكنت في الشيخ داوود، عائلة فهد، وحميد (عائلة واحدة)، عائلة دار الشولي وهي الأساس، بعدها عائلة دار ياسين، دار حمود، دار البدران ثم عائلة دار البيتم، ودار العكاوي ودار أسعد خليل، والمشايخ بدنون وعائلة دار صالح نزهة هذه العائلات تسكن البلدين.
لم يكن في الشيخ داوود مدرسة ولكن كان هناك شيخ يعلمنا بالقرية دين وقرآن وكتابة، وأيضاً لم يكن فيها جامع. في آخر أيام حياة والدي رحمة الله عليه، اقترح على أهالي القرية بناء جامع ، ولكن الكل عارض وقالوا ما فينا نعمر جامع، فقال والدي لو أن الله سبحانه وتعالى يعطيني مكان سأعمر فيه جامع على حسابي. فقال رجل من دار حمود إسمه الحاج درويش سأعطيك كل هذه المنطقة لتعمّر فيها جامع في البيدر بمنتصف البلد، فبدأ والدي وأحضر قطّاعين، لتقطيع حجر الصوان، وبدأوا بنقل الحجار إلى البيدر، وثم اختلف الوضع وخرجنا، وبقيت الحجارة موجودة.
كان في دكانين فقط، حسين ناصيف صاحب إحداهما، وهناك لحّاميْن: ديب السيّد وأحمد الشيخ، ولم يكن هناك قهوة بل مضافات عائلية، عند المشايخ مضافة مفتوحة وقهوة مستمرة، وكان عند دار أسعد الخليل مضافة. وعند أحمد البيتم مضافة أخرى فهو مختار البلد، ويتجمع الفلاحين بالسهرة بالمضافات. أما حلاق البلد فكان من الغابسية إسمه حسين، يحلق لنا.
أيضاً هناك معصرتين ببلدنا للزيتون، ففي حياة الحاج عثمان جد محمود، عندما يركب الزيتون بالمعصرة، يستعجب أهل البلد ويقولوا هل المعصرة له؟! يعصر 3 – 4 أيام ليل نهار، زيت زيتون، والمعصرة لها حجر كبير ويدورها حصان، لينعم الزيتون ويربصوا ويعصروه. والمعصرة تأخذ حصة زيت 5 – 10%. عمي (محمود) كان عنده معصرة، ودار رستم عندهم معصرة بدنون، لأنه هناك زيتون كثير فكان هناك معصرتين.

البيوت
إبراهيم صالح فهد: بلدنا –قرية
من بيوت الشيخ داود
اضغط لتكبير الصورة

أما بيتنا، كانت البيوت قديمة على قناطر، بيتنا كان 3 قناطر، وعلى خشب وثم والدي تخلص من كل هذا وصب باطون، وعمّر غرفة أمامه، وخرجنا منه. كان والدي عنده كرم تين بجانب البيت غريب من نوعه، والزيتون خير الله.
أما وجهاء القرية، فمن رموزها كان وجوه عائلات مثل المشايخ بيت النور بدنون وفي نصف البلد كان المختار أحمد البيتم، وبعد ما حط يده على أملاك الألمان الذين هربوا، أخذ الأملاك له، وعند دار أسعد خليل مضافة، وعند دار البيك.
أنا وصلت ليافا وتل أبيب، خارج القرية، وكان ابن عمي أبو يوسف (زوج أختي) يشتري قماش، ووصلت لحيفا لتوريد التين، كان أعمامي أصحاب سيارات، نأخذ حمولات من ليمون وخضار الى حيفا، وأنا أقطف التين، وأذهب معهم إلى حيفا، وإلى عكا كل يوم جمعة نذهب لنصلي بجامع الجزار بعكا. هذا الجامع اللي عمّره الجزار، عمّره حاكم تركيا كان إسمه جزّار باشا، نصفه بالبحر، غريب هذا الجامع، وهو مشهور بعكا.
أما الزواج، فأنا سأحدثك عن نفسي، كان الواحد يجوّزه أهله دون علمه، يطلبوا له فتاة من غير علمه، أبي أنعم الله عليه بالرزق والحلال، جاء ويريد الذهاب الى الحج، فذهب الى جامع الجزّار وسأل الشيخ، فقال له: يا شيخ أريد الذهاب للحج، ما المطلوب مني، قال له، إذا عندك أولاد بسن الزواج، فزوِّجهم أفضل من الحج وبعد ذلك حج، قال له: عندي ولد واحد وعندي رزق يكفّي أربعة أولاد، فقال له الشيخ، إذهب واطلب لإبنك وجهّزه للزواج وبعد ذلك غادر إلى الحج. ذهب أبي فطلب لي زوجتي أم محمد، وذهب بعدها إلى الحج. وبعد ذلك جاء العيد الصغير جهّز للعروس الذهب وخواتم وحلق وأشياء اخرى، فقال لي: هيا نذهب نعيّد على بيت عمك، فزوجة عمي (حماي) هي خالتي أخت أمي فقلت له: إذهب لوحدك، فقال لي، يجب أن تذهب لأني خطبتلك بنت عمك وتروح تعيّد عليها. فطلبت لك جميلة فقلت له أنا بدي أمينة فقال لي أنا طلبت جميلة وصمّمت بدي أمينة. فرفضت، وكان بيتهم قرب النهر، فذهبت البنات ليعبّوا ماء فقالوا لها: يا جميلة، إبراهيم لا يريدك ويريد أمينة، فسمعت والدتها هذا الحديث، فقالت للبنات: قولوا لإبراهيم إمشي مزبوط وإلاّ بتحرمك من البنتين، فجاء البنات وقالوا لي ذلك، فقلت لا أريد أية واحدة، وعصيت، ورفضت ولكن والدي هزّ العصاي بوجهي فوقفت بنصف الطريق وسألته هل هي ستأتي وتسلّم عليّ فقال والدي فنحن ماخدين الجهاز معنا، فقلت له: بدها تبوّس يدي ماذا أعطيها؟ بدي خمس ليرات، فاعطاني إياها، وعند نصف الطريق ركب المهرة ووالدتي راكبة وراه فقلت لأمي، أشكيكم لله، فهذا ليس بمقدرتي، فضربني والدي بالعصاي، فمشيت، فوجدت جميلة زعلانة ووالدتها كذلك، عيّدنا عليهم، وخرجنا. كان عمري آنذاك 13 سنة (طفل) بالـ 14 يريد والدي تزويجي، وخصص 7 ذبائح ليعلفهم ويذبحهم وقت العرس، فرفض عمي لأننا صغار، فزوّج اخي بالرضاعة إسمه علي البدران، بقي بفلسطين، في 1948 طلعت زوجته معانا بالسيارة على جويّا ومعنا ابنها واسمه ابراهيم.
تزوجنا وكنت هَنياً مع زوجتي، ولكن نرجع لأمينة (رحمة الله عليها) طلبوها أكثر من واحد وترفض، فقال لها والدها: من تريدين؟ فقالت له: إذا متضايق من أكلي بشتغل ولا أريد الزواج، وماتت بنت ولم تتزوج.
في البلد، إذا حكيت مع بنت عمك أو جارتك، وتريد خطبتها، فيقول الأهل للبنت ممنوع الحديث معه الا عند الزواج، كان هناك تشدد بالرأي من هذه الناحية.
هذا الشعب الفلسطيني من خير شعوب الدنيا، لأن ربنا سبحانه وتعالى اختصّنا في ثلاث ولم يختص فيها إلاّ الأنبياء، وهي الجهاد والإستشهاد والهجرة. نحن الفلسطنيون بشهادة النبي محمد رسول الله من خير شعوب الدنيا، عندما قال: ما زالت طائفة من أمتي للحق ظاهرين ولعدوهم قاهرين، ولن يغيرهم من خذلهم، قالوا: أين هم يا رسول الله؟ قال في بيت المقدس وجوار بيت المقدس.

الخروج من الشيخ داوود

قرية الشيخ داوود لم تتعرض للهجوم، خرجنا من القرية، وكان في مضفر يهودي إسمه مليخة من الأرض اليهودية، بعث لمختار البلد أحمد البيتم وقال له يا مختار لا تخرجوا من أرضكم، وأنا مسؤول عن كلامي، جاء المختار خبّر البلد، فقال الناس إذا بقينا سيظنون أننا عملاء. نسلم لليهود، لا نحن لسنا عملاء ونريد فقط الخروج، وطلع معنا ابناء وتوفى في برج البراجنة وكل الناس طلعت، عندما احتلوا عكا واحتلوا الشاطىء التحتاني السميرية والزيب والبصة، صارت الضيع تخلو من العالم، وجيش الإنقاذ يقول للناس أخرجوا وعندما نحررها وتعودون بعد ذلك.
وأذكر عندما جئنا الى جويّا في لبنان، خالتي كانت جالسة مع مجموعة نساء من الزيب، فسألتهن: كم يوم مضى عليكن هنا؟ فقالت الزيباوية: والله صار لنا 34 يوم وخالتي تقول لها: يا "شحّاري" ونحنا بدنا نقعد هالقد!!
خرجنا بتاريخ 18 أيار بأول الصيف، ثم أرسل لي والدي لأحضر أخواتي وارجع، "بدنا ننصب القمح والزيتون، ونحن راجعين تعطلت السيارة بنا وقعدنا بالدير"، وأبي كان وضعه المادي جيد، وأودع ماله أمانة معي، ووضعتهم في كيس تقريباً كان المبلغ 550 جنيه فلسطيني، وعندما هوّرت السيارة وانقلبت بنا من كثرة الركاب الذين في السيارة، فنظرت دولابين السيارة تحت والنصف الثاني فوق، فقفزت من السيارة، وبعدها انقلبت قلبتين، ونظرت الى الناس فوجدت أختي وأمي يداها مكسورتين. بعدها بقليل حضر جيب للجيش اللبناني وجيش الإنقاذ، وعدنا إلى الدير وعشنا من 6 – 7 أشهر، أهل الدير كانوا جيدين. وصرنا نذهب أنا واهلي إلى فلسطين وإلى بلدنا نحوش الأراضي والقمح والزيتون وصرنا نزق القمح على الحمار إلى عمقا، وفي تلك الليلة هجم اليهود على عمقا وخرجنا بدون محصول.
قريتنا لم تدمّر، ولا بيت هُدم، ولم نخرج شيء ولا مفاتيح، ووضعنا الطرش في المغارة وتركناه هناك. لم يكن أحد في الطريق ليلاً. والذين بقوا في البلد ما زالوا هناك حتى اللحظة، والآن بلدنا عامرة ومسكونة.
مجزرة دير ياسين أخافتنا كثيراً وعملية عسفيا والدالية وعملية البلد التي سُلمت وتصفية 150 شاب منهم رشاً بالرصاص.
والله كون على ثقة، كم عدد الدول بالدنيا، لو بيعطوني من كل دولة هويّة وجنسية بدل الجنسية الفلسطينية، لن أقبل بدلاً عنها أي جنسية أخرى، إلاّ الجنسية الفلسطينية على راس كل دول العالم وأتمنى من الله أن يطول عمري حتى نعود إلى فلسطين وهو ليس ببعيد إن شاء الله، وهذه الحروبات بوادر لرجوعنا

«لو أعطوني كل جنسيات الدنيا، لا تعوّض كمشة تراب من أرضي وأرض أبوي وجدي في فلسطين»

المصدر: Howiyya

محمود الأسدي يتحدث عن دير الأسد: أرضها وسكانها.. واقتلاع أهلها.


محمود الأسدي يتحدث عن دير الأسد: أرضها وسكانها.. واقتلاع أهلها.
محمود الأسدي يتحدث عن دير الأسد: أرضها وسكانها.
11/10/2011

محمود الأسدي يتحدث عن دير الأسد: أرضها وسكانها.. واقتلاع أهلها.
آلاء قدورة ودينا آغا– صيدا
"يحد دير الأسد غربا مجدالكروم ، شرقا نحف، شمالا يركا، وجنوبا البعنة ، وكانت تقع في الجليل الغربي على منحدر جبلي بين مدينتي عكا وصفد وتمتد حوالي 3 كيلو مترات من شرق عكا، ويفصل بين دير الأسد والبعنة حقول زيتون ونبع صغير" .
هكذا حدد لنا الأستاذ محمود الأسدي – مواليد عكا عام 1939 - موقع موطنه الأصلي ،دير الأسد.. ثم تابع حديثه عن موطنه مصحوباً بآهات الحسرة والذكريات:
"كان الطريق الرئيسي في البلد هو الذي يمتد على الطريق العام من عكا، صفد حتى الجامع الكبير.
لكن التمدد العمراني والاختلاط السكاني ما لبث أن قضى على هذه الحقول وتداخلت بيوت القريتين ( دير الأسد والبعنة) هذه الأيام. تعتبر دير الأسد ذات موقع أثري واستراتيجي وديني، فيها بقايا جدران معصرة وكنيسة في الحارة الشرقية وبرجان وحدائق وبركة منقوشة في الصخر، ويقع شرق البلدة مقام الخضر والذي كان له أهمية كبيرة في البلدة حتى أن كل مولود جديد كان يطوف حول المقام.
وفيها مسجدان: مسجد الشيخ محمد الأسدي في جنوب البلد والمسجد الكبير" .

وعندما سألنا الأستاذ محمود الخطيب عن المضافات في بلدة دير الأسد أشار إلى أن كلاً من محمد سعيد الخطيب، علي أحمد الخطيب، حسين أحمد الخطيب، محمود طه، وآل حسين هم أصحاب المضافات في البلدة والمضافة الرئيسية كانت لآل الخطيب، ومختار البلدة محمود سعيد الخطيب.

.. "وكان في البلدة مدرسة باسم مدرسة دير البعنة، وكما ذكرت سابقا ففي البلدة مسجدان، وقد صليت في مسجد الشيخ حمد الأسدي وكان جدي الأكبر، وكان يحيط بالمسجد شجرتان ، وفيه بئر للوضوء، وكان يقسم إلى قسمين، قسم للصلاة والتعبد، والثاني كان مقام الشيخ محمد الأسدي.

وفي البلدة عينان للماء: عين فوقا، وعين تحتا، ومن لم يكن عنده بئر ماء في البيت كان يشرب من العين الفوقا إن كان من سكان الحارة الشرقية، بينما سكان البلد الذين كانوا قرب البعنة جنوبا يشربون من العين التحتا حيث كان الاعتماد للحصول على الماء من الآبار الارتوازية أولا ثم عيون الماء".
اشتهرت دير الأسد على حد قول الأستاذ محمود بزيت الزيتون، التين، العنب والدخان فكان بعض الناس يأتون من الشمال قرب صفد لزراعة الدخان في أرض دير الأسد، وبعض الأشجار مثل التفاح والرمان والتمر.
.. " وفي البلدة مقبرة واحدة ولازالت حتى يومنا هذا، كان موقعها في دير الأسد الغربية والبعنة وللمسيحيين مقبرة منفصلة".

عائلات البلدة: أسدية وغير أسدية
بالنسبة للعائلات ، فالأغلبية يرجعون إلى سلالة الشيخ محمد الأسدي ، بالإضافة إلى عائلات أخرى نزحت إليها قبل 250 سنة واستقرت فيها حيث نزل الشيخ محمد الأسدي إلى الدير ، وتزوج امرأة يقال أنها من نحف وأنجب خمسة أولاد.

ومن الحارة الشرقية ذرية الشيخ محمد محفوظ ( ابن الشيخ محمد الأسدي) تتدرج تحتها طه، ياسين، الزطم، الملا، عبد، دار أبو خليل، أبو عيش، دار إعمر، دار أبو العبد السعيد، وآل ابراهيم وتدرج تحتها دار الخطيب، أبو جمعة، خرمة، دياب، عبد الحليم، عبد الرازق، دار السيد أبو السعود، الصادق، عثمان، علي قاسم، زعرة، أبو العوف، وعساف، ومن ذرية الشيخ محمد حافظ ( ابن الشيخ محمد الأسدي) دار محمد حافظ، دار صنع الله، عباس، العبد بكر، قاسم الحج، صالح الحسن، معروف، دخل الله، وشاكر.
ومن ذرية الشيخ محمد نعمة ( ابن الشيخ محمد الأسدي)، حسين، فيصل، مجيد، حجازي، ابراهيم الحج، علاء الدين، الكرنوب،.

ومن ذرية الشيخ محمد الصيفي ( ابن الشيخ محمد الأسدي)، ومعظمهم في شعب، دار الغني عرنوس، دار أبو عطا، أبو رمزي، رشيد الأسعد. تجدر الاشارة إلى أن جزء من الأسدية سكنوا صفد وشعب وشفا عمرو وجديدة. وهم امتداد لابناء الشيخ محمد الأسدي.

ومن العائلات غير الأسدية التي سكنت الدير الذباح، وعرفت بالنباح، الذين يعودون إلى أحمد النباح، أبو الحاج قاسم هاجر من يعبد وذلك في الساحل الجنوبي لبلدة يافا ونزلوا من الدامون، ولكن حدثت صراعات ونزاعات كثيرة مع سكان بلدة الدامون أدت إلى مجزرة كبيرة هاجروا على إثرها إلى يركا، وحملوا معهم لقب الذباح، ولما لم تستقر أوضاعهم في يركا، ذهب أحد أفراد العائلة طالبا الاستقرار في دير الأسد حيث استقبلوا هناك من قبل الشيخ عمر ويقال أن يوم نزوحهم إلى دير الأسد هو اليوم الذي حاصر نابليون عكا وذلك سنة 1768-1769.
هنالك دار موسى ، حيث جاء محمد موسى الجد الأول وزوجته المسيحية إلى دير الأسد من المشهد سنة 1910 واستقبلهم الشيخ عمر أيضا. ودار أمون ، جاء محمد غنيم من جبل نابلس سنة 1760 اثر حادثة قتل.
دار رافع جاء من كفر ياسين، ويقال أصلهم من حوران في سوريا، يعودون إلى جدهم الأول مصطفى رافع.
دار الحوراني ، جدهم الأول علي الحوراني، جاءوا من حوران في سوريا ونزلوا في دير الأسد 1910.
دار عكاوي ، يعودون إلى جدهم الأول محمد عكاوي من حوران أيضا.
دار العكين أصلهم من مدينة عكا، دار أبو زيد جاء من جنوب لبنان، دار التيتي نزحوا من البعنة وسكنوا دير الأسد.
دار ناصر نزحوا من البروة. دار ياسين نزحوا من عرابة. دار السخنيني نزحوا من سخنين.
إن بعض العائلات التي ذكرها الاستاذ محمود هي عائلات سكنت الأراضي في دير الأسد بعد سنة 1948 ولكنها مسجلة على أنها من دير الأسد، وغير أسدية.

نكبة 1948 والخروج من دير الأسد
في قسم آخر من لقائنا مع الأستاذ محمود فتحنا ملف النكبة عام 1948 وما عاناه أهالي دير الأسد من الاعتدءات والتهجير:
.. "في وقت العصر تقريبا ، جاء اليهود إلى عكا، عن طريق صفد التي سقطت قبل عكا الرامة، إلى نحف، من نحف إلى دير الأسد، والبعنة، ثم إلى مجد الكروم نزولا، ولكون البيوت عالية في دير الأسد اعتقد سكان دير الأسد أن اليهود هم أفراد جيش الانقاذ نجدة للجنوب، وتصادم جيش الانقاذ مع اليهود وبدأ طلقات النار تنتشر في الجو، فصعد منادٍ على بيت عالٍ جداً وأمر بأن تفتح أبواب البيوت ونزوح الأهالي نحو الجامع، إذ كانت البلدة قد سقطت وسيطر عليها اليهود، وأمروا بفصل الرجال والأولاد والنساء في صفوف ، في أرض شاسعة قرب حدود البعنة. وأشاروا إلى أربعة رجال، أحدهم أسدي، والثاني من الذباح، والآخران من البعنة. أحدهم مسلم والثاني مسيحي ، وأعلنوا أن لهم نصف ساعة فقط في البلدة، حيث وضعوا الرجال في صفوف، بمقدمتهم دبابة وواحدة في آخر الصف، وجروهم إلى المعتقلات، وفي وسط القصف وإطلاق الرصاص صعدت مع أمي وخالتي إلى طريق جبلي.

مكثنا حوالي أسبوعين في أرض شاسعة تحت السماء، مع العائلة كلها، حيث كنا قد أخرجنا معنا بعض الحلاوة والخبز، وبعد نفاذ الطعام توجهنا سيراً على الأقدام نحو بنت جبيل، في البيادر حيث لم يقدم أهالي بنت جبيل أي طعام أو شراب إلا مقابل المال، حيث ابريق الماء كان يباع بخمسة قروش - أي ليرة لبنانية- حيث أغنياء البلدة لم يكن بحوزتهم ليرة لبنانية. إلا أن أحد أفراد العائلة استأجر شاحنة ونقلنا إلى صور، حيث كان أبي وبعض رجال البلدة قد خرجوا من دير الأسد إلى لبنان لشراء الأسلحة قبل أن يحتلها اليهود، فالتقينا في البص – صور وانتقلنا معاً إلى عين الحلوة بعد ذلك".

عن شجرة عائلة الأسدي:
الشيخ محمد الأسدي أنجب خمسة أولاد وهم: الشيخ محمد نعمة، والشيخ محمد الصيفي ، الشيخ محمد محفوظ، الشيخ محمد حافظ والشيخ أحمد رجا.
الشيخ محمد نعمة سكن في فلسطين في دير الأسد، الشيخ محمد الصيفي في فلسطين ولكن قسم من سلالة الصيفي ذهب إلى شعب، لذلك من في البرج الشمالي والرشيدية من آل صيفي فهو أسدي.
الشيخ محمد محفوظ سكن في لبنان.الشيخ محمد حافظ توزع أولاده قسم في دير الأسد، والقسم الآخر في شعب، وقسم توجه نحو صفد، والشيخ أحمد رجا منقطع.
وبالنسبة إلى أجداد الأستاذ محمود الأسدي ، فسلالته تبدأ من الجد الشيخ محمد حافظ الذي أنجب طه ومحمد، أما محمد فقد أنجب دياب ، محمود، يونس، وحميد. أما طه فأنجب محمد وعلي.
أما يونس محمد ، فأنجب أسعد وسعيد، وأسعد يونس أنجب محمد، حسن ، يونس، ابراهيم، مأمون، وأحمد، ولكل واحد فيهم أولاد إلا مأمون.
محمد أنجب ربيع، سلام، شاهر، وحسن أنجب أسامة وأحمد ، ويونس أنجب رازي.
وابراهيم أنجب هيثم وأسعد ، وأحمد أنجب ياسر وعمر.
أما سعيد فأنجب كاظم، محمود، أحمد،محمد وخالد.

أما بالنسبة إلى محمود والذي هو أخو الجد يونس، والذي هو بالفعل جد الاستاذ محمود الأسدي، فقد كان شيخ البلد و"حلّال" المشاكل فيها ومن الطبقة الوسطى في البلد وكان فلاحاً من الذين استقروا في البلاد حتى يوم وفاتهم وزوجته حنيفة أحمد الخطيب من دير الأسد أيضاً.
محمود أنجب أحمد، حسن، محمد، عبد، وحميد. أحمد زوجته عائشة دياب الأسدي من دير الأسد ، والذي ترك أرض دير الأسد وتوجه نحو عكا بحثا عن العلم اللازم حيث تسلم إدارة البوليس وكان متعلماً تعليماً ابتدائياً وبعضاً من اللغة العربية وقد توفي في أميركا ودفن هناك، وهو الابن الأكبر وأنجب محمود وحسن.
الأستاذ محمود من مواليد عكا سنة 1939 وأنجب علي وحسان، وحسن أنجب أسامة ومحمد، وحمد ابن حسن له ولد .أما حسن ، محمد، عبد ، حميد، فقد توفوا في فلسطين في دير الأسد.

المصدر: Howiyya

لاجئون فلسطينيون يتوارثون مفتاح منزل العائلة..

لاجئون فلسطينيون يتوارثون مفتاح منزل العائلة..
عين الحلوة (لبنان) (رويترز) - تتدلى صورة حسين صالح المعاري وفي يده مفتاح حديد وفي خلفيتها عبارة "عائدون" على جدار في غرفة صغيرة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وولد ابنه صلاح (45 عاما) في المخيم وتزوج فيه في وقت لاحق. ويعيش ابناء صلاح الاربعة وأسرته الاكبر في عدد قليل من الغرف المزدحمة في اكبر مخيم للاجئين الفلسيطنيين في لبنان ويأوي نحو 70 ألفا.
ولا يلوح في الافق احتمال عودتهم لديار اجدادهم فيما يعرف الآن بإسرائيل حتى فيما يستعد الاسرائيليون والفلسطينيون للاجتماع في الولايات المتحدة هذا الاسبوع لبحث اقامة دولة فلسطينية.
ويحتفظ صلاح بثماني عشرة ورقة أصفر لونها مطوية بعناية وهي وثائق تفيد امتلاك والده وجده حوالي 170 فدانا من الارض في قرية عقبرة الفلسطينية الصغيرة قرب بلدة صفد شمالي بحر الجليل.
وفر جد صلاح واباه مع مئات الالاف من الفلسطينيين ابان حرب عام 1948 التي انتهت بقيام دولة إسرائيل.
وقال صلاح وهو يجلس في الغرفة التي توفي فيها والده في يناير كانون الثاني "كان فصل الشتاء.. في يوم مطير وقارس البرودة في شهر فبراير. وعدتهم الجيوش العربية باعادتهم في غضون اسبوعين فقط او 15 يوما."
والى جوار صورة حسين يتدلي زيه العربي التقليدي وصورة لوالده صالح جد صلاح. وفي زاوية الغرفة باثاثها البسيط ثلاثة انية نحاسية لصنع القهوة كان صالح يستخدمها في عقبرة. وقال صلاح "اضحت الايام الخمسة عشر 60 عاما."
ويتذكر صلاح وصف والده لمنزل العائلة المؤلف من طابقين والمشيد من الحجارة القديمة ووادي جعارة حيث كان يلعب وحيث زرعت اسرته الزيتون والتين والجوز.
وتقع عقبرة اليوم على بعد 500 متر من موقع القرية القديمة واغلبية سكانها من الفلسطينيين النازحين حسبما جاء على موقع على شبكة الانترنت يرصد مصير القرى الفلسطينية. ولم يتبق سوى 15 من 53 منزلا كانوا في القرية في الاصل.
وقبل ان يتوفي والده الذي كان يعاني من مرض السرطان سلمه وثائق ملكية الارض ومفتاحين من الحديد اصابهما الصدأ احدهما ملك الاب والاخر خاص بالجد.
وقال صلاح "كان يحمل الاوراق معه دائما. لم يأتمن احدا عليها."
وتابع "مات والدي مقهورا. في كل مرة كان يحدثنا فيها عن فلسطين حيث لعب واسترخى تفر دمعة من عينيه. كان دائما يقول .. باذن الله لا اريد ان اموت حتى اعود لعقبرة .. لارضي."
وقد دفن في ميناء صيدا في جنوب لبنان على بعد 70 كيلومترا من محل ميلاده.
ومصير اللاجئين الفلسطينيين من اكثر القضايا اثارة للخلاف التي سيتم تسويتها في اي مفاوضات لانهاء النزاع الاسرائيلي الفلسطيني الدائر منذ ستة عقود.
ويتوقع ان يدشن مؤتمر يعقد فى انابوليس بولاية ماريلاند في 27 نوفمبر تشرين الثاني الجاري مفاوضات بشان دولة فلسطينية بشكل رسمي ومن المستبعد ان يسفر عن حل فوري للقضية.
ولا يأبه صلاح بالمؤتمر ويقول إن المؤتمرات السابقة فشلت في تأييد حق العودة ومنحت الاسرائيليين اكثر مما منحت الفلسطينيين.
وقال "هذا المؤتمر ماله الفشل منذ البداية. كفلسطيني وكلاجيء لا يهمني المؤتمر لان اسرائيل تريد ان تأخذ منا لا ان تعطينا."
ولكن صلاح لا يزال يأمل ان تتوقف يوما مشاعر الحنين للمنزل الحجري الذي تعاقبت عليه اربعة اجيال.
وتابع "اعطي جدي الوثائق لابنه في عام 1954 وطلب منه ان يحتفظ بها كأمانة. والآن نحن نحتفظ بها بعدما توفي والدي. وسوف نسلمها لاطفالنا وأحفادنا."
من يارا بيومي