بحث هذه المدونة الإلكترونية

2015-01-04

تمويل الهزيمة الأميركية، الحروب المذلة لأمريكا


تمويل الهزيمة الأميركية، الحروب المذلة لأمريكا

تمويل الهزيمة الأميركية
تمويل الهزيمة: إخفاقات خطيرة في التخطيط والبرمجة والتمويل وتدبير الموارد في حربي أفغانستان والعراق إيرين فيتزجيرالد، أنتونى كوردسمان وأرلى بورك

المصدر: التقرير باللغة الإنكليزية اضغط هنا 

الحروب المذلة لأمريكا

تركز الدراسة على تمويل الحربين، وتبرز أن الأموال المنفقة على حرب العراق كانت أكبر بكثير من نظيرتها في أفغانستان، حيث نادت الآراء بوجوب المزيد من التمويل هناك.
مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية (28 أغسطس 2009)
لقد تبين أن الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق أكثر تكلفة وغموضا مما كان يُعتقد في البداية. فقد كتب ريان كروكر، السفير الأمريكي البارز في العراق خلال إدارة الرئيس جورج بوش، مقالاً بمجلة “نيوزويك” تحت عنوان “بعد مرور ثمانية أعوام”. ويتناول كروكر فى مقاله الصعوبات الواضحة التي واجهتها الولايات المتحدة في حربي أفغانستان والعراق. ويتزامن مقال كروكر مع دراسة أعدها مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بعنوان ” تمويل الهزيمة: إخفاقات خطيرة في التخطيط والبرمجة والتمويل وتدبير الموارد في حربي أفغانستان والعراق”.
ويقيم كروكر السنوات الثماني الأخيرة من خدمته الدبلوماسية في أماكن أنهكت أمريكا، وقللت مكانتها كقوة عظمى على الساحة الدولية. وتحولت الحرب في أفغانستان من معركة ظهرت كبداية واعدة، إلى كابوس يزداد وحشة لم تفق الولايات المتحدة وحلفاؤها منه بعد. وتشير مشاهد الفوضى في العراق إلى أن الحروب الأمريكية في القرن الحادي والعشرين لا تزال بعيدة عن نقطة النهاية، وأبعد ما تكون عن تحقيق النصر.
وبطريقة مماثلة لتحليل كروكر للحربين، يبرز تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية الأموال الطائلة التي أُنفقت على العراق، ويشير إلى أنها لو كانت أنفقت على أفغانستان، لكان الوضع اختلف كثيرا اليوم. ولكن بدلا من ذلك، أنفقت المزيد من الأموال على الحرب غير الضرورية والمكلفة في العراق دون نتائج ايجابية ملموسة. وتقول دراسة مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: “لم تموّل إدارة الرئيس بوش ببساطة الحرب التي كان عليها خوضها”. وبلغت تكاليف الحربين نحو 915 مليار دولار، فذهبت 687 مليار دولار إلى حرب العراق، و228 مليار دولار إلى حرب أفغانستان”.

http://csis.org/images/stories/burke/090901_resourcing_for_%20defeat_image001.gif

ويوضح التقرير، أن أفغانستان احتاجت أموالا أكثر بكثير مما حصلت عليه، خاصة بالمقارنة مع حجم التمويل الذي حصلت عليه العراق. ويشير هذا الأمر إلى أن المصالح السياسية والاقتصادية الأمريكية في العراق كانت أكثر أهمية من تلك الموجودة في أفغانستان، رغم أن الحرب في أفغانستان حظيت بتأييد دولي أكبر بكثير. ويبرز كروكر ومركز الدراسات الإستراتيجية والدولية أن الأموال في العراق وأفغانستان لم تُنفق بحكمة، وركزت على العمليات العسكرية بدلًا من مشاريع التنمية ذات الفائدة طويلة الأجل للسكان المحليين.
ورغم الانتقادات التي تقدمها الدراسة، فإنها لا تحدد نوعية مشروع الإعمار الذي كان ينبغي تنفيذه. وتركز الدراسة بصورة أكبر على الإنفاق الذي ذهب إلى الجيش بدلاً من المجالات المدنية. كما تذكر الدراسة أنه “بلغ حجم الإنفاق الإجمالي على العمليات في العراق وأفغانستان نحو 145 مليار دولار في العام الماضي. ويمكن أن يصل إجمالي الإنفاق في عام 2009 إلى نحو 160 مليار دولار”. ونتج عن هذا الوضع عواقب وخيمة، حيث إنه استلزم تدفقاً مستمراً في الأموال إلى مجالات ذات أهمية منخفضة نسبياً. فعلى سبيل المثال، رغم كمية الأموال الهائلة التي تم إنفاقها في العراق وأفغانستان، استمر معدل الفقر في الارتفاع بشكل مستمر، مما أجَّج مشاعر العداء لدى شعوب هذه البلدان إزاء الولايات المتحدة وحلفائها.

ويلمِّح كروكر إلى أن أمريكا كان بمقدورها أن تفوز بقلوب السكان المحليين فقط من خلال الأعمال الخيرية. وأعطى كروكر مثالاً برد فعل أمريكا الإيجابي عندما ضرب زلزال هائل باكستان، وسارعت أمريكا بإرسال طائرات شينوك المروحية لمساعدة الضحايا. لكن إدارة بوش اعتمدت بشكل كبير على العمليات العسكرية، واستغل المتمردون تأثير هذا الأمر على معنويات القوات الأمريكية وحلفائها. ويبرز كروكر ومركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ـ على حد سواء ـ ضرورة الاهتمام الدائم بأفغانستان. وقال كروكر: “أعلم أن النجاح يأتي فقط من الالتزام الجاد والمستمر بالموارد والاهتمام المتواصل”.

وبالإضافة إلى ذلك، يبرز كروكر المواقف المتناقضة التي تعاملت من خلالها الولايات المتحدة مع خصومها وحلفائها، مما جعل العديد من الدبلوماسيين أمثال كروكر في حيرة من أمرهم. وقد أيّدت إيران بحماسة الحرب على أفغانستان، وتعاونت مع الدبلوماسيين الأمريكيين خلف الأبواب المغلقة حتى أعلن بوش أن إيران جزء من “محور الشر”. وزاد هذا الأمر التدخل الأمريكي في أفغانستان صعوبةً وتعقيداً. وحاولت إيران التدخل في أفغانستان من خلال إعادة الزعيم الأفغاني حكمتيار إلى أفغانستان، وكانت النتيجة؛ “أن منظمة الحزب الإسلامي التابعة له اليوم أصبحت واحدة من أعنف قوات التمرد في شرق أفغانستان، حيث كبدت القوات الأمريكية أكبر عدد من ضحاياها منذ عام 2001″.

ويوضح تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقال كروكر الإرث الثقيل الذي خلّفه بوش لأوباما ليحمله الأخير على عاتقه، خاصةً في أفغانستان. ” فقد خلفت ثلاث سنوات من نقص التمويل لأزمة أفغانستان معضلةً لإدارة أوباما، حيث يتحتم عليها الآن ضخ المزيد من الأموال لتغطية إخفاقات إستراتيجية كبرى تسببت فيها الإدارة السابقة، وإلا فسوف تخاطر الإدارة الحالية بخسارة الحرب في أفغانستان.. لذا يتعين على أوباما الآن أن يتعامل مع حربين ذواتي أضرار بالغة وينقصهما التمويل”.

غير أنه بالرغم من الرؤية القوية التي يطرحها تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومقال كروكر، يخفق كلاهما في تقديم حلول ملموسة للمشاكل التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفاؤها في أفغانستان والعراق اليوم. فلم يكن التقرير والمقال عميقين بما يكفي في تقييمهما للحربين، فقد تعاملا مع عواقب الحربين بدلاً من التعامل مع أصولهما وأسبابهما. فهما يركزان على العواقب المترتبة على الجوانب العسكرية من الحربين بدلاً من التعرض لأسبابهما، في الوقت الذي يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة قد خسرت لأنها خاضت الحربين بغطرسة دون احترام للقانون الدولي أو اللجوء إليه. فلم يكن فشْل أمريكا في العراق وأفغانستان إخفاقا من الناحية العسكرية فحسب، بل كان أيضا فشلاً في القيادة وفشلاً في الالتزام بالقانون الدولي واحترامه.

كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله، -3- الاسلاموفوبيا، مواجهة الصورة النمطية: مسؤولية مشتركة

كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله، -3-  الاسلاموفوبيا، مواجهة الصورة النمطية: مسؤولية مشتركة
نتابع: كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله
الإسلام في الفكر الشعبي الأميركي: ملامح مشوهة تتجدد

الاسلاموفوبيا

لقد دفعت الصورة المزيفة عن الإسلام والعرب المجتمع الأميركي إلى التعصب الأعمى ضد المسلمين والعرب وصولا إلى الرهاب منهم، أو ما سمي بالاسلاموفوبيا، وصولا إلى العنف. وكانت الهستيريا ضد المسلمين والشرق أوسطيين التي أعقبت انفجار اوكلاهوما سيتي، وتوجيه أصابع الاتهام المباشر إلى" إرهابيين عرب ومسلمين من الشرق الأوسط" التعبير الأكثر دلالة على مدى التشويه الذي يوسم صورة العرب والمسلمين في الفكر الشعبي الأميركي. إذ لم يتردد أي أميركي في الإسراع باتهام العرب والمسلمين بارتكاب عملية التفجير واعتبارهم مذنبين " ...ولو ثبت في النهاية أن المجرم أميركي " أصيل". فبعد دقائق قليلة فقط على الانفجار ظهر " الخبير في شؤون الإرهاب" امرسون مجددا على شاشة السي إن إن ليؤكد من دون أي تردد أن الانفجار من صنع " الإرهابيين الإسلاميين". وسارعت إحدى كبريات محطات التلفزة إلى بث خبرا مفاده أن رجالا يلبسون الكوفيات العربية شوهدوا يفرون من موقع الحدث. وسارعت قوى الشرطة إلى اعتقال العديد من الأشخاص " ذوي الملامح الشرق أوسطية". وحدثت مواجهات عدائية أطلقت النار على بعض المساجد وتعرضت عائلة عراقية للهجوم. وبدا أن معظم الأميركيين من غير المسلمين والعرب مقتنعون بان الهجوم من عمل " أصوليين مسلمين غرباء تسللوا إلى أميركا" ليقوموا بتفجيرات كتفجير مبنى التجارة العالمي لسبب واحد هو كره هؤلاء المسلمين للغرب !.

كان هناك افتراض عام بان ما من مواطن أميركي يمكن أن يتسبب بمثل هذه الجريمة بحق مواطنيه. لذلك، وعلى الرغم من اعتقال الأميركي تيموثي ماكفاي وأدانته بارتكاب هذه الجريمة والتأكد من عدم وجود أي علاقة له بالمسلمين و العرب، لم يخمد الرعب الشعبي الأميركي من المسلمين والعرب. إذ تتالت البرامج الوثائقية والتقارير الإخبارية تارة من فلسطين وتارة من السودان أو اليمن أو كينيا أو أفغانستان تصور المسلمين والعرب منهمكين في التحضير لأعمال انتقامية ضد الولايات المتحدة. وجاء شريط وثائقي بثته شبكة ج ب اسg p s في برنامج " فرونت لاين" عن المنشق السعودي أسامة بن لادن في بدايات العام 1999 يشدد فيه على أن أميركا هي عدو الإسلام الرئيسي ويدعو المسلمين إلى محاربتها والى " قتل الأميركيين أينما استطاعوا ومتى استطاعوا"، ليحي علنا وبقوة رعب الأميركيين من "خطر" المسلمين والعرب في الولايات المتحدة مما حولهم هدفا سهلا للاتهامات المباشرة والحروب والاعتداءات والمضايقات وجرائم الكراهية والحقد والافتراء على مختلف الصعد الرسمية والإعلامية والشعبية.. بل والفردية.

ونقلت صحيفة يو اس توداي في عددها في 16-8- 1999 حادثة وقعت في نيوارك في نيوجرسي دلت على ذلك. إذ ادعى شخص أميركي يدعى ريجينالد كوري جنوبي تحت وطأة الحاجة إلى المال لشراء المخدرات انه مسلم، وسلم أمين صندوق أحد المصارف ورقة كتب فيها " بسم الله، في حوزتي قنبلة وأنا راغب في الاستشهاد في سبيل قضية الإسلام. ضع المال في الحقيبة ولا تكن بطلا". فما كان من أمين الصندوق إلا أن أطاعه بسرعة، ثم ما لبثت الخدعة أن كشفت اثر اعتقال كوري.



مواجهة الصورة النمطية: مسؤولية مشتركة
" جهلنا للأخر وتجاهلنا لوجوده واعتبارنا له دوما صورة لحضارة غير متوافقة مع حضارتنا.. بالإضافة إلى دعمنا المطلق لإسرائيل جعلنا نحن الأميركيون شركاء في خلق عالم جعل عنف 11 أيلول محتملا ومتخيلا".
هذه الكلمات التي صرح بها الكاهن وليام سنكفورد من الكنيسة البروتستانتية الأميركية تعليقا على اعتداءات 11 أيلول والتي تعدد بوضوح لأسباب بقاء الصورة النمطية المشوهة عن المسلمين والعرب حية دوما في الفكر الشعبي الأميركي، تكشف في نفس الوقت عن إدراك بعض الأميركيين لأسباب ما يسمونه " كره المسلمين والعرب " لهم. ويروي الصحافي البريطاني روبرت فيسك في مقالة له في صحيفة " Independent" بعنوان "Fear and Learning in America" في 17 نيسان 2002 بعد زيارة قام بها إلى أميركا عقب أحداث أيلول، انه وخلال انتقاله في مختلف الولايات لالقاء محاضرات، صدم بالرفض الأميركي الاستثنائي للسير وفق التوجه الرسمي وبالإدراك المتزايد لدى الأميركيين لما يحدث حولهم ولكونهم تعرضوا للخداع. كما صدمه أن يكون 80 في المائة من حضور محاضراته من الشباب ومن " الأميركيين الأميركيين" لا أصول شرق أوسطية لهم جاءوا ليطرحوا أسئلة حول" الحرب على الإرهاب " التي أعلنها رئيسهم وسبب الدعم المتواصل لكل ما يقوله أو يفعله حليف أميركا الشرق أوسطي الصغير إسرائيل. فهم أرادوا أن يسمعوا الجواب على عنوان محاضرته "11 أيلول اسألوا من قام بها ولا تسألوا لماذا". ويقول أنها كانت المرة الأولى التي يسأله أميركيون" كيف نجعل تقاريرنا الإعلامية حول الشرق الأوسط اكثر عدالة؟ أو كيف يمكننا أن نجعل حكومتنا تعكس آرائنا؟".
اليوم وبعد 11 أيلول بدأ الأميركيون يدركون اكثر فاكثر ارتباط زوال الصورة النمطية للمسلمين والعرب في الولايات المتحدة الأميركية بوجود سلام عادل في منطقة الشرق الأوسط يضع حدا لاعتداءات إسرائيل. كما أدركوا أن في أساس هذه الصورة جهلهم للإسلام وتجاهلهم لوجود المسلمين واعتبارهم لهم غرباء من حضارة بدائية معادية همها القضاء على حضارة الغرب المتقدمة. وأشارت تقارير كثيرة إلى اندفاع الأميركيين على شراء الكتب عن الإسلام. وظهر انفتاح بعض الوسائل الإعلامية على استضافة مسلمين والقاء محاضرات وعقد ندوات ومؤتمرات في الجامعات والكنائس . وبرزت على الصعيد الرسمي بوادر ولو خجولة للانفتاح على المسلمين والعرب مع زيارة الرئيس جورج بوش للمركز الإسلامي في واشنطن واعتذاره عن استخدامه لعبارة" الحرب الصليبية". وتعالت الدعوات للفصل بين الإسلام والإرهاب، والتمييز بين الإسلام الحقيقي وبين مدعي الإسلام الذين يشوهون صورته.
قد يتطلب النجاح في إزالة الصورة النمطية التي رسخت عبر عقود طويلة في الفكر الشعبي الأميركي عن المسلمين والعرب المقدار نفسه من هذه العقود. وهي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق المسلمين والعرب حكومات وأفرادا بمقدار ما تقع على عاتق الأميركيين حكومة وأفرادا أيضا. يقول بنجامين فرانكلين " من الأباء المؤسسين لأميركا والذي قام بتجارب عدة في حقل الكهرباء انه و "من اجل تغيير عادات سكان بلد وإدخال عادات جديدة مغايرة وغير مألوفة، من الضروري ليس فقط القضاء على الأفكار المسبقة وتنوير جهلهم بل واقناعهم بان هذه التغييرات هي لمصلحتهم. وهو أمر لا يتحقق في يوم واحد".

وإذا كان بقاء الصورة النمطية وميل الإعلام إلى تشويه الحقائق عن الإسلام والمسلمين والعرب ناشئا بالدرجة الأولى عن الجهل ، فان أسوأ رد ممكن هو أن يلزم المسلمون الصمت. فإذا لم نواجه المفاهيم الخاطئة والأفكار المنمطة والأكاذيب بما يعترضها فمن المحتم أن تواصل مسارها المدمر. وهو أمر يلقي بمسؤولية كبيرة على المسلمين والعرب أنفسهم من أصحاب الأقلام والعدسات والآراء أساسا ليجدوا السبيل الافضل لمخاطبة الرأي العام الغربي عموما والاميركي بخاصة وتقديم الاسلام من كل جوانبه المشرقة لاغلاق الباب امام محاولة حشره في خانة العنف والارهاب.
ولا بد أيضا من تكوين لوبي عربي له نفوذه في القرار السياسي الأميركي. وهو أمر قد يكون الوصول إليه اسهل من الوصول إلى الإعلام الأميركي والسينما الأميركية. وقد أظهرت الانتخابات الأميركية الأخيرة إمكانية بعد تأثير الصوت العربي والمسلم وشكلت بداية مرحلة في تاريخ مشاركتهم في العملية السياسية. لكن المسؤولية ليست مسؤولية لوبي عربي مسلم في الداخل الأميركي فقط. إذ لا بد من حشد طاقات العالم العربي والمسلم جماعات وأفراد لتغيير صورة المسلمين والعرب في الفكر الشعبي والرسمي الأميركي على حد سواء وبالتالي وضع حد لسعي الصهيونية إلى تشويه هذه الصورة.
في إحدى صالات ناد كوميدي ستور في لوس انجليس، مسرحية لكوميديين أميركيين من اصل عربي بدأ العمل بها بعد 11 أيلول . وهي عرض هزلي يقول مؤدوه انه يهدف إلى تحطيم بعض الأفكار النمطية بالحديث عنها بأسلوب ساخر. في مشهد من هذه المسرحية، يسأل احمد :"هل من عرب ومسلمون في الصالة؟ هيا ارفعوا أيديكم. ارموا حجرا. احرقوا علما؟
قالت أميركية حضرت المسرحية لمجلة نيوزويك:" شكرا على هذا العرض. لم اكن اعرف أن بإمكان العرب أن يكونوا طريفين !!

ها هي فكرة نمطية، ولو ساذجة تتحطم. فربما كانت تلك الأميركية تتوقع أن يفجروا المكان!.
انتهى

كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله، -2- عوامل رسوخ الصورة النمطية وتجدد، بل تزايد ملامحها المشوهة

كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله، -2- عوامل رسوخ الصورة النمطية وتجدد، بل تزايد ملامحها المشوهة
نتابع: كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله
الإسلام في الفكر الشعبي الأميركي: ملامح مشوهة تتجدد

عوامل رسوخ الصورة النمطية وتجدد، بل تزايد ملامحها المشوهة

يعزو بول فندلي عضو الكونغرس الأميركي السابق عن ولاية ايلينوي طيلة 22 عاما
( 1960-1982) في كتابه الأخير"لا سكوت بعد اليوم : مواجهة الصور المزيفة عن الإسلام في أميركا" (صدر في العام 2001) انتشار الأفكار النمطية المزيفة عن الإسلام في أميركا اكثر من غيرها من أي مكان اخر من العالم إلى جهل الأميركيين أساسا . ويقول أن" معظم الأميركيين لا يعرفون أي مسلم، لم يناقشوا يوما الإسلام مع أي شخص مطلع على هذا الدين ولم يقرؤا يوما آية واحدة من القرآن الكريم بل ولا أي كتاب عن الإسلام. وتنبع اغلب تصوراتهم عن الإسلام من الصور السلبية المزيفة التي تظهرها التقارير الأخبارية والأفلام والمسلسلات التلفزيونية والحوارات في الإذاعات والتلفزيون."
ويروي انه ومنذ طفولته وحتى خريف العمر استقرت صورة نمطية مضللة في ذهنه، " فقد كانت معلمة مدرسة الأحد المسيحية تقول لنا أن شعبا أميا بدائيا وميالا إلى العنف يعيش في مناطق صحراوية ويعبد إلها غريبا. كانت تسميهم "محمديين" وتواظب على تكرار قولها انهم ليسوا مثلنا". ويقول انه وبسبب إحجام المسلمين عن تصحيح هذه الصورة " اعتقدت أن المسيحية واليهودية مرتبطتان معا وتشكلان جبهة الغرب المتمدن والتقدمي على الخط الفاصل الذي يقف على جبهته الأخرى الإسلام الذي اعتبرته(خطأ) القوة المتخلفة والخطرة في الشرق العربي".
إلى جانب عامل الجهل الذي تكرسه مناهج دراسية خالية من أي إشارة لوجود الإسلام في العالم ، كما يقول فندلي، واهتمامات داخلية حصرا على مختلف الصعد السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية، يساهم عامل أخر في ترسيخ الصورة النمطية للمسلم والعربي في الفكر الشعبي الأميركي هو عامل اللامبالاة. فالأميركي مثلا لا يهتم مطلقا بما هو خارج اهتماماته الآنية الداخلية ولا يصوت على أساس سياسة خارجية. وهذا الأمر زاد من قوة اللوبي الإسرائيلي ليملأ هذا الفراغ الخارجي بصورة مشوهة عن العرب والمسلمين. يل إن هذه اللامبالاة كانت تحجب عن مسئوليهم حتى أي معرفة أو فضول لمعرفة ما يجري خارج إطار شؤونهم الداخلية ومصالحهم. وقد يكون المثال الأفضل حديث الرئيس بوش عن "الحروب الصليبية" في أعقاب اعتداءات 11 أيلول. هذا الحديث الذي، وبالرغم من إسراع بوش إلى التراجع عنه، لم يكشف فقط عن مدى جهله بالإسلام والعرب بل أكد، في صدوره من بعد مثل هذه الأحداث الفاصلة، على مدى لامبالاته بمعرفة بعض تاريخ من يعتبر انهم يشكلون خطرا على الولايات المتحدة الأميركية والغرب عموما. فهو، كما الصحافي الاستقصائي المذكور آنفا، لم يكلف نفسه- أو معاونيه- عناء السؤال عن ذلك " العالم" الذي آتي منه أولئك الذين يهددون أمن بلاده أرضا وشعبا. ولقد كشف هذا الخطاب عن حجم تخلف إدارته وإدارات سابقة عن إجراء أبحاث ودراسات مكتملة وموضوعية عن العالم الإسلامي واكتفائها بتبني الصورة النمطية الشائعة عن العرب والمسلمين.

إلا أن أهم العوامل التي تبقي على الصورة المشوهة عن الإسلام والعرب في الثقافة الشعبية الأميركية، حرص للوبي الصهيوني في أميركا على الإبقاء على هذه الصورة واستغلالها لصالح تأييد الرؤية الصهيونية للصراع العربي –الإسرائيلي واستقطاب الدعم المالي والمعنوي والعسكري لإسرائيل باعتبارها-" المخفر الأمامي الحامي للغرب في تلك الصحراء المتوحشة الحمقاء"-كما كتب المعلق في صحيفة نيويورك بوست رود دريهر. ففي الوقت الذي نجحت فيه الجهود الساعية إلى إزالة الكثير من رواسب العنصرية العرقية والصور النمطية للمجموعات العرقية والدينية الأخرى بدعوات رسمية من الإدارات الأميركية نتيجة ضغوطات وتحركات ناشطة لممثلي هذه المجموعات، ظل العرب والمسلمون الاستثناء عن هذه الجهود. فاستفردت هوليود بتشويه صورة المسلم والعربي تغذيها ماكينة إعلامية صهيونية امتد نفوذها في مختلف وسائل الإعلام الأميركية المرئي والمقروء والمسموع على حد سواء، ثابرت على تقديم صور مزيفة ومشوهة عن العرب والمسلمين بما يخدم أهدافها.

ويؤكد بول فندلي "إن التصورات الأميركية الخاطئة عن الإسلام هي في ناحية من النواحي نتاج الصراع العربي الإسرائيلي ". ويقول"أن من العوامل التي تبقي الصور المزيفة عن الإسلام حيّة،ذلك النشاط الحثيث الذي تبذله جماعة الضغط لصالح المساعدات الأميركية لإسرائيل، إذ تحرص هذه الجماعة، في مساعيها الناجحة لتعزيز المساعدات والهبات السنوية الضخمة التي تمنحها واشنطن لإسرائيل ، على الجزم بان إسرائيل تعيش حالة مواجهة دائمة مع أخطار جدية تتهدد أمنها مصدرها مجموعات "الإرهابيين المسلمين" الذين- كما يضيف فندلي- "يسهلون أحيانا دونما قصد حملات جماعات الضغط بتضمين تسميات منظماتهم مفردات مثل "الإسلامي" أو " الإسلام" أو " المسلم".
ويشبه جين بيرد أحد موظفي الخارجية الأميركية ورئيس مجلس المصالح القومية في واشنطن، صورة الإسلام ب" الزر الساخن" ويقول :" غالبا ما تستخدم هذه الصورة.( صورة المسلم الإرهابي). فهي تعزف على وتر الخوف، وتجيش العواطف. تتعهدها جماعة الضغط بعنايتها وتعمل على إشاعتها، لأنها تعلم أنها ستستقطب التأييد لمنح إسرائيل بلايين الدولارات من المساعدات غير المشروطة سنة بعد سنة. وفي سياق هذا الضغط، غالبا ما يكون شبح الإرهاب المدعوم من المسلمين هو الموضوع المتكرر. إذ يستخدم لتسويغ ممارسات الدولة اليهودية القاسية ضد الفلسطينيين، ذوي الغالبية المسلمة، ولتبرير اعتداءات إسرائيل العسكرية الدورية ضد لبنان، حيث تسود أيضا أكثرية مسلمة. وصورة الإرهاب هي الأساس الذي تستند إليه إسرائيل في مطالبتها بمساعدات أميركية منتظمة من الأسلحة المتطورة ومن المال لتعزيز دفاعاتها ضد هجوم محتمل بالصواريخ من جانب سوريا والعراق وإيران، وغيرها من الدول ذات الأغلبية الإسلامية". "هذا التنميط، يؤكد بيرد، هو الذي يشجع على اتخاذ القرارات الحكومية المنحازة لإسرائيل وتقديم الدعم الأميركي غير المشروط لها على مختلف الصعد السياسية والدبلوماسية والعسكرية....

ويربط ريتشارد كورتيس، محرر شؤون الشرق الأوسط في واشنطن ريبورت في عدد حزيران 2000 بين مصير الفلسطينيين في الأراضي المحتلة بمآزق المسلمين الأميركيين بقوله" سيكون من الصعب اكثر فاكثر أن يكون المرء مسلما في الولايات المتحدة إلى أن تحل القضية الفلسطينية. فاللوبي الإسرائيلي بسبب نفوذه غير المعقول في وسائل الإعلام سيواصل تصوير كل العرب وكل المسلمين كإرهابيين ويجب تقييدهم واعتراضهم والسخرية منهم وحتى ترحيلهم من اجل أمن المجتمع غير الإسلامي".
ويلعب الإعلام الأميركي الدور الأكبر في ترسيخ الرؤية الصهيونية لصورة العربي والمسلم. فالترديد الببغائي في التقارير الإخبارية الأميركية لتعابير إسرائيل " القضاء على شبكة الإرهاب" وتدمير البنية التحتية الإرهابية والهجوم على الإرهابيين" في معرض تبريرها لاعتداءاتها أو قصفها أو حصارها أو كل ذلك معا ضد المدنيين في لبنان وفلسطين... واختيارها المفردات الإسرائيلية في قولها"الأراضي المتنازع عليها" بدلا من الأراضي المحتلة، و" الضواحي اليهودية" بدلا من المستوطنات اليهودية، و"الإرهابيون المسلمون" بدلا من الأصوليين أو المتطرفين، والتركيز على الضحايا المدنيين الإسرائيليين الذين يسقطون في أي عملية استشهادية "إرهابية"والاكتفاء بتعبير" حصد العنف حياة كذا شخص" لوصف المجازر التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين..وغير ذلك من أمثلة كثيرة .. تبقي على صورة العربي والمسلم "الإرهابي" حية دوما في الفكر الشعبي الأميركي. وتتأثر التصورات الخاطئة حول الإسلام بشكل كبير بالدقائق القليلة المخصصة للأخبار المسائية على شاشات التلفزة التي تتضمن تقارير مجتزاءة عن أحداث عنيفة و"مروعة" تنقل مباشرة من مكان حصولها مترافقة مع عبارات مسلم إسلامي وإرهابي. ولا يزال الأميركيون يستعيدون حتى اليوم صور الرهائن في إيران ومشاهد أنصار الخميني يهتفون " الموت لأميركا". كما يذكرون تفجير مقر المارينز في بيروت ..وخطف الطائرة الأميركية عام 1985 في لبنان ...والتفجير الأول لمركز التجارة العالمي وتفجير الخبر في السعودية والسفينة كورك في اليمن. فتطابقت في فكرهم الصورة النمطية مع الواقع.

إلى جانب التقارير الإخبارية كان لدفق البرامج الوثائقية وبرامج الحوارات والتحليلات الني تربط بين الإسلام والإرهاب وتصف المجتمع المسلم بالمريض، الدور الحافز خلال العقود الثلاثة الأخيرة في تنامي حدة في المعاداة للعرب والمسلمين. ونذكر مثالا واحدا معبرا على ذلك هو الفيلم الوثائقي"الجهاد في أميركا: تحقيق عن نشاطات المتطرفين الإسلاميين في الولايات المتحدة" " الذي بثته عام 1994محطات التلفزة الأميركية كافة لمن سمي بخبير أميركي في الإرهاب ستيفن امرسون بعد نحو سنة من تفجير مبنى مركز التجارة العالمي في نيويورك عام 1993. في تركيزه على صورة مسلمين وعرب ينشدون الأناشيد عاليا ويصرخون الموت لأميركا وتأكيده في نص التعليق على" أن توسع نشاطات الأصوليين المسلمين في الولايات المتحدة فان التفجيرات في المستقبل كتفجير مبنى مركز التجارة العالمية ستكون حتمية.." ساهم امرسون في إضرام المزيد من المشاعر المعادية للمسلمين والعرب.
يتبع

كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله، -1- الإسلام في الفكر الشعبي الأميركي: ملامح مشوهة تتجدد

كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله، -1-  الإسلام في الفكر الشعبي الأميركي: ملامح مشوهة تتجدد
كيف يرسم الإعلام صورة نمطية لشعب بأكمله
الإسلام في الفكر الشعبي الأميركي: ملامح مشوهة تتجدد

في كانون الأول من عام 2000، شاركت وزملاء صحافيون من لبنان في دورة تدريبية على الصحافة الاستقصائية في الولايات المتحدة نظمها المعهد الدولي للصحافة في واشنطن. وهي تسمية لأسلوب جديد من الصحافة يتوخى التعمق في استقصاء الخبر الصحفي ومصادره ومضمونه ومدى صدقيته وموضوعيته. ألحقت وزميل لي بإحدى كبريات الصحف في ولاية اوهايو الباردة. كانت الثلوج تغطي مدينة كليفلاند يوم التحقنا بالصحيفة المضيفة حيث استقبلنا صحافي مخضرم يعمل في قسم التحقيقات المحلية الاستقصائية. قال: "لا بد أنكما ترتجفان بردا كما دهشة لمنظر الثلج الأبيض. الأكيد أنكما لم تشهدا قبلا مثل هذا المنظر في الصحراء حيث تعيشان."
كانت الدهشة بادية على ملامحنا، ولكن ليس بالتأكيد بسبب منظر الثلج فهو يغطي جبال بلادنا لبنان في كل شتاء، بل لجهل الصحافي الأميركي بموطننا والصورة النمطية التي يحتفظ بها عن كل العرب " كسكان صحراء "، بل والأكثر من ذلك لاكتفائه بهذه الصورة ولا مبالاته بمعرفة اكثر مما يعرفه، وهو الصحافي "الاستقصائي"، عن بلد "تلميذين" يفترض به تدريبهما على أسلوب إعلامي ركيزته الأولى التعمق في استقصاء المعلومات سعيا لنبش الحقيقة.
انه نموذج، إن لم يكن "صورة نمطية" بالمعنى المستعار،عن ملايين الأميركيين الذين يحتفظون بصورة نمطية متماثلة عن العرب والمسلمين تطورت عبر السنين مبقية دوما على ملامح مشوهة تتجدد بحسب الظروف والاحداث.
الصورة النمطية للمسلمين والعرب في الثقافة الشعبية الأميركية: من صنعها؟ وما هي مقاييسها؟
"أولئك الذين يروون القصص، يحكمون المجتمع أيضا" يقول الفيلسوف اليوناني أفلاطون في كتابه "الجمهورية" مؤكدا على سطوة القصص والروايات الخيالية في تكوين فكر المجتمع ومعتقداته. فكيف إذا كانت هذه القصص والروايات مصورة ومتحركة على شاشات ضخمة أو صغيرة يلعب أدوارها أشخاص حقيقيون فتصبح شبه حقيقية؟.
للسينما ومحطات التلفزيون الدور الرئيسي في تكوين الصورة النمطية للمسلمين والعرب لدى الرأي العام الأميركي. ويوثق أستاذ الإعلام في جامعة ايلينوي الجنوبية الأميركي اللبناني الأصل جاك شاهين في كتاب حديث له بعنوان: Reel Bad Arabs: How Hollywood Vilifies a People
سجلا حافلا لهوليود على مدى نحو مائة عام في ترسيخ صورة نمطية سلبية عن العرب والمسلمين أدى تكرارها والتشويه المطرد لملامحها إلى تصنيفهم في النهاية كالعدو رقم واحد للغرب.
حتى الثلاثينات كان العربي والمسلم يظهر على هذه الشاشات فارسا اسمر البشرة يمتطي حصانه وسط الصحراء يحلم بأميرته وينقل مشاهديه على بساط الريح،إلى بلاد ألف ليلة وليلة، وبلاد علاء الدين وسندباد وعلي بابا، ليحرر الفقير من سطوة الغني والمظلوم من فساد الحكام. وتجسد هذا الفارس في بعض الأفلام في ملامح اجمل ممثلي هوليود في تلك الفترة أمثال رودولف فالنتينو في الفيلم الصامت " the sheikh "(1921) وغيرها من أفلام قليلة جدا يشير د. شاهين أنها لا تمثل سوى نسبة خمسة في المائة من مجمل إنتاج هوليود. إلا أنها كانت الأفضل ربما في تلك المرحلة مقارنة بالصور النمطية للمجوعات العرقية والدينية الأخرى، حيث كان الهندي الأحمر الرجل البدائي المتوحش همه انتزاع فروة رأس العدو، وكان اليهودي مرفوضا وترفع على واجهة المطاعم والمحال يافطة " ممنوع دخول الكلاب واليهود".No Dogs, No Jews. وكان الإيطالي رجل المافيا المحب للثأر، والأفريقي العبد الخنوع المطيع، والفرنسي الرجل الأناني المدعي.
في أوائل الثلاثينات سادت صورة كاريكاتورية عن العربي و المسلم فبدا كالمهرج في فيلم لوريل وهاردي “beau hunks”(1931) ليصبح، ومع بداية سيطرة اليهود على هوليوود منذ منتصف الثلاثينات، ذلك " الأخر" المختلف المخيف التقاسيم المتعطش للدم الذي يميل إلى إرهاب الغربيين المتحضرين وخصوصا المسيحيين واليهود. فظهرت أولى صور المسلم والعربي الذي يخطف الطائرات ويهدد بنسفها مع فيلم "the black coin 1936 ثم كانت صورة المهاجر العربي المجرم المهدد لأمن أميركا في فيلم radio patrol 1937 ، وهما لمخرجين يهوديين. ثم كرت المسبحة.
ويشير اندريو دوودي"Andrew Dowdy: The Film of the Fifties: the American State of Mind" إلى إنتاج هوليود بين الأربعينات والخمسينات اكثر من مائة فيلم أبرزت صورة كاريكاتورية وسلبية عن العرب والمسلمين تزامنت مع بروز الثروات النفطية. فكان العربي والمسلم "شيخ النفط" الذي يعيش في خيم في الصحراء في خلفيتها سيارات ليموزين وجمال ونساء متشحات بالسواد،أو يسوح في دول الغرب يبدد أمواله على النساء الشقراوات. ثم اصبح مع تنامي التيار الاشتراكي وتصاعد حركات التحرر العربية وخاصة في عهد الرئيس المصري جمال عبد الناصر، الحليف للشيوعية العدو اللدود للغرب. وكان منذ قيام دولة إسرائيل ثم مع إعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية " الفلسطيني الإرهابي"الذي يخطف الطائرات (في نحو 45 فيلما أهمها فيلم Exodus العام 1960الذي كان مؤثرا جدا في زيادة شعبية إسرائيل لدى الجمهور الأميركي).
في هذا الفيلم من بطولة بول نيومان والذي تجري أحداثه في فلسطين 1947، يصور العرب بأنهم شريرون مرتبطون بالنازية يرتكبون الفظائع في حق بعضهم البعض كما في حق اليهود. وفي مشهد من الفيلم يتلقى لاجئون يهود على متن الباخرة تحذيرا من أن مفتي القدس الذي كان في فترة الحرب ضيفا على هتلر في برلين التقى ممثلين عن دول عربية للتنسيق حول كيفية العمل ضد اليهود الفلسطينيين. ويصور الفيلم الإسرائيليين بأنهم أبطال " يعملون من اجل دولة يتساوى فيها الجميع".
أما في فيلم”Prisoner in the middle” في العام 1974 فينضم البطل ديفيد جانسن إلى القوات الإسرائيلية لقتل "إرهابيين فلسطينيين".
منذ الثمانينات ومع قيام الدولة الإسلامية في إيران،استقرت الصورة على العربي والمسلم "الأصولي الإرهابي" الذي يرفع شعار " الموت لإسرائيل وأميركا وكل أعداء الإسلام"، ويستخدم الدين لتبرير لجوئه إلى أعمال العنف و الخطف والتفجير والسعي حتى إلى قتل الرئيس الأميركي. live and die in L.A (1985) Hostages (1986)delta force (1986) (The siege (1998 من بطولة دنزل واشنطن، وهو الفيلم الذي اعتبر انه استبق أحداث 11 أيلول إذ يصور المهاجرين العرب والأميركيين العرب من طلاب جامعات وأساتذة كإرهابيين مسلمين يقضون على 700 نيويوركي ويفجرون مبنى الاف بي أي ويقتلون موظفي الدولة ويفخخون صالة مسرح. وفي مشهد من الفيلم يحتجز مسلمون عرب ركاب أوتوبيس رهائن. يرجوهم عميل للاف بي أي إطلاق الأطفال والمسنين لكنهم يفجرون الباص بمن فيه وتتناثر الجثث على الشاشة. ثم كان فيلم Rules of engagement(2000) الذي صنفه شاهين بأنه الفيلم الأكثر عنصرية ضد العرب والمسلمين. ويصور اليمنيين كإرهابيين يصرخون كالمجانين أمام السفارة الأميركية ضد أميركا يرشقون الحجارة ويقتلون جنود المار ينز الذين حاولوا إنقاذ المحتجزين داخل السفارة.
إيمان شمص شقير   
يتبع

صناعة كراهية العرب في أمريكا ’’هوليوود’’

صناعة كراهية العرب في أمريكا ’’هوليوود’’

فن الكراهية صناعة سينمائية أمريكية معترف بها عالميا ولها أصولها وقوانينها وآلياتها وتدعمها ميزانيات ضخمة وتقنيات متطورة وطاقات فنية مبدعة.

ففي كل مراحل التاريخ الأمريكي -على تنوعها- كانت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تلجأ إلى صنّاع السينما لإنتاج أفلام تدعم السياسة الخارجية الأمريكية وتمهد الرأي العام لضرباتها غير الإنسانية تجاه شعوب أخرى.

وتم اعتماد هذه السياسة رسمياً للترفيه عن الجنود الأمريكان قبل كل عملية عسكرية خارج حدود الوطن، وذلك من خلال عروض سينمائية منتظمة ومكثفة تصور لهم الأعداء على أنهم صراصير حقيرة أو حشرات ضارة أو فئران تجلب الطاعون، وهي رسالة واضحة تقول للجندي الأمريكي: (إن عدوك ليس بشراً مثلك بل هو شيء ضار لابد من تدميره، فلا تتردد في القتل، ومهما فعلت... لا تشعر بالذنب).

ولقد كان للعرب والمسلمين نصيب الأسد في صناعة الكراهية، فلقد حرصت هوليوود دائماً على أن تضع العرب في قالب ثابت للشر والعنف والتخلف والجهل والشراهة المفرطة في الملذات والرذائل.

فصورة العربي على الشاشة الفضية لهوليوود لن تخرج عن واحدة من هذه الصور النمطية: صورة أعرابي من البدو الرحل وبجواره ناقة وخيمة ومن حوله الصحراء الجرداء، أو صورة العربي المنغمس في اللهو والملذات والمجون وتعاطي الخمر، أو صورة العربي المتجرد من الحضارة وآداب السلوك في الطريق العام وفي معاملة الآخرين وفي اتباع آداب الطعام والنظافة، أو صورة المسلم المتطرف المتشدد الذي يسوق خلفه زمرة من الحريم المتشحات بالسواد، أو صورة العربي الأبله المندهش أو المنبهر دائماً بالحضارة الغربية، أما أكثر الصور شيوعاً فهي صورة الإرهابي المجرم مختطف الطائرات و الحافلات ومفجر المباني وقاتل الأبرياء.

الجديد في هذا الموضوع هو ذاك الكتاب المهم الذي صدر حديثاً لأحد خبراء الإعلام في أمريكا ويدعى جاك شاهين وهو أمريكي من أصل عربي عكف على دراسة وتحليل صورة العرب والمسلمين في أعين الغرب من خلال النمط السائد الذي تقدمه هوليوود، واستغرقت الدراسة عشرين عاماً كاملة استطاع خلالها أن يستعرض كل الأفلام التي تناولت العرب والمسلمين منذ عام 1896 وبلغت حصيلة الأفلام 900 فيلم أميركي.

واستخلص شاهين من دراسته أن هوليوود تتعمد أن تقول للمشاهد: (إن العرب قوم سوء بكل ما تعنيه هذه الكلمة من إيحاءات سلبية).

ويتعجب شاهين من حقائق كثيرة تكشفت له أثناء البحث الطويل، عندما ثبت له أن وزارة الدفاع والجيش والبحرية والحرس الوطني الأمريكي، كلها جهات حكومية تحرص على وضع كل عدتها وعتادها تحت تصرف منتجي هوليوود، لإنتاج أفلام جماهيرية قوية ومؤثرة هدفها تمجيد انتصار أميركا على أنماط الشر العربي!.

كما أن أفلاماً مثل (قواعد اللعبة) عام 2000، و (أكاذيب حقيقية) عام 1994، و (القرارات النافذة) عام 1996، و (ضربة الحرية) 1998 ساهمت المخابرات الأميركية (إف بي آي) مباشرة بدعم منتجي هذه الأفلام، وكذلك في فيلم (الحصار) عام 1998 والذي تدور قصته حول قيام أمريكيين من أصول عربية بهجوم مسلح على مدينة (مانهاتن) الأمريكية.

وعلى مدى عقود من الزمان استطاعت السينما الإسرائيلية وأعوانها داخل هوليوود إنتاج عشرات الأفلام التي تدور حول فكرة واحدة وهي: (إن نهاية أمريكا ستكون على يد العرب مثال على ذلك فيلم (مطلوب حياً أو ميتاً) وفيلم (قوة الدلتا) وكلاهما إنتاج عام 1986م).

فهناك أفلام صورت عرباً يقومون بعمليات تخريب في نيويورك ولوس أنجلوس، وأخرى صورتهم يفجرون مبان هامة في واشنطن، وأخرى تدور حول عرب يختطفون طلبة مدارس من (إنديانا).

والصورة تنحصر دائماً في موجات من الإرهاب المسلح وخطف الرهائن وقتل المدنيين والاغتصاب والتدمير، وتكون بعض المشاهد مصحوبة بصيحات الجهاد (الله أكبر) أو بصورة مئذنة أو بصوت آذان، أو صورة للكعبة المشرفة، المهم تشويه أي رمز إسلامي!!.

يبقى الثابت فيما تقدمه هوليوود من فنون وإبداعات، إن على صورة العرب والمسلمين أن تظل راسخة في ذهن المشاهد على أنهم أشرار وأن كل عربي إرهابي وكل مسلم متطرف.

هناك 900 فيلم صنفها جاك شاهين على أنها محرضة على كراهية العرب والمسلمين، وكلما أراد أن يختار أحدهما ليحتل لقب الأسوأ يفاجأ بأن هناك ما هو أسوأ.

في كتاب (العرب قوم سوء) يؤكد مؤلفه جاك شاهين على انه في بداية سنوات بحثه كان يتصور أن تشويه صورة العرب والرموز الإسلامية كان بسبب الجهل، لكنه اليوم وبعد عشرين عاماً من البحث يجزم بشكل قاطع بأنها صناعة مغرضة تعمل على أسس علمية ونفسية وسياسية دقيقة ولديها من يعلم جيداً الثقافة العربية واللغة والتاريخ والرموز الدينية وهي تضرب بقوة وتضرب في مقتل.

الكتاب تحت عنوان (العرب قوم سوء.. كيف استطاعت هوليوود تشويه أمة).

2014-12-20

طريقة (2) للإعمار المؤقت دون ذرة أسمنت..!




غزة: طريقة للإعمار المؤقت أسمنت..!
غزة: طريقة للإعمار المؤقت أسمنت..!الصور بعدسة: داوود أبو الكاس..
اضغط على الصورة لتكبيرها

طريقة الإعمار الجديدة هي الثانية التي يجدها الفلسطينيون خلال أسابيع قليلة للإعمار المؤقت حيث تقوم على بناء البيوت على الخشب معتمدة في ذلك على "المشاطيح" المستوردة من الأراضي المحتلة لنقل البضائع.

تم بناء 12 منزل خشبي

دمار البيوت الغزية خلال الحرب الصهيونية على القطاع وتأخر الأعمار والازدحام السكاني في المدارس دفع أصحاب البيوت المدمرة للاستعانة بالمقاول يوسف "شريتح" لإقامة بيوت لهم عن طريق الخشب لإنهاء معاناتهم بشكل مؤ
قت لحين دخول الأسمنت بشكل مناسب.

المقاول يوسف شريتح قال لمراسل فلسطين اليوم الإخبارية: "البيوت الخشبية هي فكرة جيدة لإقامة بيت مؤقت للمواطنين لإنقاذهم من برد الشتاء والأمطار الغزيرة ونقلهم من مدارس الإيواء إلى بيوت خاصة بهم".

وأضاف شريتح: "في البداية صممت بيت خشبي في منزلي وبعد فترة وجيزة جاء أحد المواطنين المهدمة بيتوهم للمنزل فأعجب بالفكرة وطلب مني أن أبني له بيت خشبي ثم تطور الأمر حتى أقمت نحو 12 بيت خشبي في منطقة أبو صفية الحدودية شمال قطاع غزة.

وأوضح أن الفكرة مؤقتة لكنها لاقت اعجاب الكثير من المواطنين، مشيراً إلى أن تكلفة غرفتين بمساحة 5*4 أمتار تبلغ نحو 1500دولار فقط.

صاحب بيت خشبي

بينما صاحب المنزل الخشبي عاطف أبو مريشت، أكد أن النوم في المنزل الخشبي أفضل بكثير من النوم لساعة واحدة في مدارس الإيواء خاصة في ظل الازدحام الشديد بين المواطنين المهدمة منازلهم.

وأوضح مريشت لمراسل فلسطين اليوم الإخبارية"، أن قوات الاحتلال الصهيوني دمرت منزله الذي تبلغ مساحته نحو 130 متر ليلجأ للمدارس التي لا تصلح للعيش الأدمي، مشيراً إلى أنه طُلب منهم المغادرة من المدارس ولم يجد بيت للإيجار حتى وكالة الغوث لم تعطيه الإيجار وفقاً لقوله بينما الـundn" أعطت الإيجار لجيرانه.

وبين أن ذلك دفعه للاتصال بيوسف شريتح لعمل منزل خشبي له ولأسرته المكونة من 5 أفراد.

ويقام البيت الخشبي على أرض مستوية مرتفعة خشية من تسرب المياه داخلها كما يغطى بالنايلون لمنع تسرب الأمطار داخل البيت.

يشار إلى أن الغزيون أوجدوا قبل نحو سنوات وقاموا بتجديدها قبل أسبوع ببناء منازل من "حجارة الطوب" والذي ينتج محلياً من رمل الكركار والرمل بطريقة معينة، وألواح تربة مدعمة بمواد طبيعية مستخلصة من الطبيعة الترابية الغزاوية.

رجل قام من بين الأحياء.. قصة قصيرة للقاص والناقد الفلسطيني محمود شقير


رجل قام من بين الأحياء..
قصة قصيرة للقاص والناقد الفلسطيني محمود شقير


الأحياء../ للقاص والناقد الفلسطيني محمود

جاء من آخر البرية، كان دمه يتدفق من خاصرته تاركاً خلفه أثراً مخضباً، رآه الحصادون فاعتراهم فضول وتساءلوا من هذا الذي يصعد في البرية ودمه بالتراب يمتزج، ثم اقترب منهم فاطمأنوا إليه.

قال مخاطباً إياهم: أنا أعرف أنكم محزونون، حدقوا في دمه النازف وقالوا: جئنا نحصد فما وجدنا سوى زرع يأكله الجفاف، وسنابلنا كما ترى ليس فيها قمح، قال: لا تحزنوا، الآن يكون لكم قمح وحصاد. أخذ دمه يتناثر في لحقول مثل نافورة، فتألقت السنابل في الحقول وأخذت تتماوج بلون كالذهب، استبشر الحصادون خيراً وانهمكوا يحصدون بمناجل متعطشة.

مرّ وقت، وسار الحصادون خلفه، كانت دماؤه تسيل في البرية، ورآه الرعاة والحطّابون والأطفال، فتجمعوا من حوله، وأصبح فوق الطريق جمع كبير، وحينما اقترب من بيت وارف الظل مزين بالمرمر والحجارة الكريمة، أطل صاحب البيت غاضباً وصاح: أنت يا من تنثر دمك في الطرقات، ابتعد عن بيتي، فإن دماءك قد تلطخه. والتفت نحو الجميع وأضاف: أنظروا، إنها دماء مثل دماء الميتة! ابتعدْ فوراً! ماذا أقول لمن هم في مثل مكانتي إذا جاءوا وسألوا ما الذي جرى لجدران بيتك الجميلة، ماذا أقول يا من تسيل دماؤه السوداء في الطرقات! أجابه بهدوء وثقة: لا تخف أيها الرجل فلن أطيل البقاء هنا، ولن يحدث لجدران بيتك ما يشين. قال صاحب البيت في حدة وصراخ: هكذا يفعل الدهماء دائماً، حينما يقتربون من بيتي يبدأون بالكلمات المنمقة ثم لا يلبثون أن يطيلوا البقاء فيزكموا أنفي بروائحهم الكريهة، وأنت يا من تسيل دماؤه في الطرقات، من يضمن لي ألا تجف دماؤك وتأخذ الروائح العفنة في الانتشار؟

كان الجمع يحدق مبهوتاً، ثم تحرك الأطفال مثل العصافير، وأحاطوا به من كل الجهات ريثما تجاوز جدران البيت المزين بالمرمر، لكنه قبل أن يبتعد كان سهم قد استقر في خاصرته فازداد دمه انبثاقاً.

وقال: يا أحبائي لا تحزنوا، فكلما نزفت دماً نبت من بطن الأرض خير وبركة. وسار إلى ميدان فسيح وخلفه جمع كبير، توقف في قلب الميدان الذي كانت جنباته غاصة بمنكسري القلوب، والشحاذين والمتشردين والعميان. قال: أعطيكم خبزاً وزيتوناً وبرتقالاَ، فقط دعوا دمي يجلل وجه البرية.

انتظر المتجمهرون لحظات، وأصبح في أيديهم خبز وزيتون وبرتقال، فطعموا وانشرحت قلوبهم ثم هللوا وانضموا إلى الجمع الذي أخذ يكبر ويكبر. نهض وقال: يا أحبائي لا تحزنوا فأنا ذاهب، قالوا أين تذهب وتتركنا، من أين لنا خير وبركة؟ قال: أنا ذاهب إلى امرأة معلقة من رموش عينيها عند ذراع البحر، وهي تنتظر عودتي. قالوا: ابق عندنا بعض الوقت فنحن لم نكد نفرح بقدومك حتى أعلنت علينا رحيلك! قال: حبيبتى تنتظر وقد طالت غيبتي وطال ترحلي.

وحينما كان يهم بالنهوض، جاءه رجل موفد من لدن صاحب البيت المزين بالمرمر، وأخبره بأن عليه أن يغادر المكان فوراً. وبعد لحظة استقر سهم في خاصرته الأخرى، وقال: يا أحبائي لا تحزنوا فثمة خير عميم ينتظر الناس، وهذه الدماء لا تذهب هدراً. سار ومن خلفه جمع كبير.

اقتربت منه عجوز واهنة القوى وقالت: يا ولدي كوخي صغير، ولكنه يتسع لكل الطيبين وفيه يمكنك الاختباء. قال: يا أحبائي جسدي مكشوف في السهول والوديان والجبال، في القرى والمخيمات والمدن، ثم إني ما جئت لكي أختبئ.

سار ومن خلفه الجمع، ورأى امرأة مطرقة تضع يدها على خدها، وسأل: ما بال هذه المرأة تبدو حزينة؟ قالوا له: طلقها زوجها لأنها عاقر، ولم تقدم للنهر مثلما قدمت النساء، قال: أنا أفهم حزن المرأة الوحيدة. اقترب منها ولوّح بذراعه النازف دماً، وقال: اقتربي أيتها المليحة بين النساء، اقتربي ولا تخشي شيئاً. بدأ التورد يسري في وجنتي المرأة، نهضت ودبت فيها الحيوية، ثم تقدمت مثل المهرة، وقال: انثري شعرك أيتها المليحة بين النساء، نثرت شعرها وقال: بدمائي تغسلين هذا الشعر ويكون لك أولاد بعدد أوراق الشجر. تلوّت المرأة والدماء تقطر من ذؤابات شعرها وقال: انزعي ثوبك عن صدرك أيتها المليحة بين النساء. كانت المرأة تفور مثل البركان. شقت ثوبها، فبان نهداها الأبيضان مثل حمامتين مقطوعتي الرأسين، وحينما بالدم تعفر نهداها، استلقت على الأرض وراحت تتلوى في حبور.

دماء غزيرة سالت على وجه البرية، بالدم تحنى بطنها، تخضّب وركاها اللذان من بلور، وقال: من دمي يغتذي جسدك أيتها المليحة بين النساء ويكون لك أولاد كثيرون. سار وتبعه الجمع، وكانت المرأة تسير من خلفه وهي تحس بالخصب يجتاح جسدها. كانت دماؤه تتجمع فوق البرية في قنوات تصب في النهر العريض، التفت إلى المرأة وقال: بعد وقت يكون لك أيتها المليحة بين النساء أولاد، وتقدمين لهذا النهر مثلما قدمت النساء الولودات، وحينما همّ بالخوض في نهر الدم ارتفعت أصوات هادرة: إلى أين تذهب وتتركنا؟

قال: أنا لا أترككم. دمي في عروقكم، وقد قلت لكم حبيبتي تنتظر عند ذراع البحر. سار بخطوات رزينة، وفي التو انهالت على جسده سهام كثيرة، وتدفقت من ثناياه نوافير دماء قانية. مضى يخوض في النهر وغاص حتى ركبتيه في الدم، وظل الناس عند الحافة مبهورين ثم صاح بعضهم: سوف نلحق بك، وسمعوه يقول: يا أحبائي.. ثم لم يميزوا بقيه كلماته، لكنهم تلمسوا لأول مرة رنة الحزن في صوته. كان الدم الغزير يصطفق.

ظل يسير، ولاحظ بعض الناس أنه يظلع من أثر الجراح، لكنه واصل السير،ثم غاب خلف الجبال البعيدة التي تطل على البحر.

من كتاب "خبز الآخرين وقصص أخرى"/ الطبعة الثالثة
دار القدس

تحميل كتاب أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب والإذاعيين


تحميل كتاب أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب والإذاعيين
"تراكم" الأخطاء اللغوية في مجال الإعلام خاصة، هو في الحقيقة "تأسيس" لقواميس مُغالطة سيكون لها أثرها السالب على "اغتراب" الأجيال القادمة عن لغتها الصحيحة والسليمة. وإصرار الإعلاميين والكتّاب على "ارتكاب" الأخطاء هو نوع من الإجرام في حق اللغة..
لن يقبل "الكثيرون" إذا قلنا: أن المُشتغل بالكتابة والإعلام يُفترض به أن يكون لغويا قبل ذلك، وواقع الحال أن أكثر من يسيؤون للغة هم المُشتغلون بها.

في هذا الكتاب "محاولة" للوقوف على الأخطاء اللغوية الشائعة عند الكتّاب والإذاعيين ونضع هذا الكتاب لعله يثير انتباه المعنيين بخطورة الأمر، فاللغة هي مفتاح "الدين" و"الفكر" و"الذّوق".. وعلينا أن نتخيّل أجيالا تتربى على الأخطاء اللغوية كيف ستفهم دينها وتاريخها وكيف تتذوق الأدب و...

إضغط هنا لتحميل الكتاب بصيغة PDF

2014-12-08

الصديق وقت الضيق- وقود ومنح مجانية من فنزويلا لفلسطين

الصديق وقت الضيق- وقود ومنح مجانية من فنزويلا لفلسطين

بيت لحم - معا - "الصديق وقت الضيق" مثل طالما رددناه عن كل انسان مخلص لصديقه ويقف معه وقت الأزمات والشدائد، وهذا ما يمكن ان نقوله عن فنزويلا احدى أقرب الدول الى قلب الفلسطينيين والتي طالما عرفت بمواقفها الداعمة والمؤيدة للقضية الفلسطينية.

وتعدى الدور الذي تقوم به فنزويلا مرحلة الكلام والوعود كما تمارس العديد من الدول مع الشعب الفلسطيني بل ترجمت فنزويلا اقولها الى افعال سواء وقت العدوان على غزة او من موقفها الداعم في كافة المحافل الدولية الى جانب فلسطين وصولا للمنح الدراسية.

"تربط فلسطين بفنزويلا علاقات وطيدة منذ عهد الزعيم الفنزويلي الراحل هوغو شافيز ومن خلفه الرئيس نيكولاس مادورو" تقول سفيرة فلسطين لدى فنزويلا د. ليندا صبح في لقاء شامل مع وكالة معا حول العلاقات بين البلدين وآخر تطورات الاتفاقيات الموقعة في مجال الاقتصاد وخاصة النفط، والصحة، والتعليم، والزراعة.

علاقة أخوة وانتماء
تقول سفير فلسطين ان الزعيم الراحل هوغو شافيز قبل وفاته أمر بان ان تكون قضية فلسطين قضية بوليفارية، وسار على دربه الرئيس الحالي نيكولاس مادورو الذي تبنى القضية الفلسطينية كمبدأ من مبادئ الحزب الحاكم.

وتضيف ان الشعب الفنزويلي يحترم رسالة زعيمه الراحل بان فلسطين هي فنزويلا، وفنزويلا هي فلسطين.

الصديق الضيق- وقود ومنح مجانية

فنزويلا خلال العدوان على غزة
قالت سفيرة فلسطين ان فنزويلا تحركت حكومة ومنظمات وبرلمان وشعب لمناصرة الشعب الفلسطيني وخرجوا بأكبر المسيرات في العالم بحضور جميع الوزراء وأكثر من 100 برلماني وشخصيات دبلوماسية ونواب للرئيس دعما لغزة، كما ورفع العلم الفلسطيني على البرلمان الفنزويلي وفتحت أبواب وزارة الخارجية لمدة شهر كمقر لتجميع التبرعات والمواد الاغاثية من ملابس وأدوية لغزة، أرسلت على متن طائرات ضخمة للأردن ومن ثم للقطاع.

كما وقامت السفارة بجولة على الجالية الفلسطينية في فنزويلا وجمعت 10 ملايين دولار لشراء تجهيزات طبية ومواد اغاثية لقطاع غزة.

منح دراسية مجانية
وفي مجال التعليم، كشفت سفيرة فلسطين عن اتصالات بين الحكومة الفنزويلية والسفارة ووزارة التربية الفلسطينية لتبدأ الأخيرة منذ الأسبوع المقبل باستقبال طلبات التقدم للمنح الدراسية في فنزويلا.

"وقدم الرئيس الفنزويلي 1000 منحة للطلبة الفلسطينيين للدراسة مجانا في فنزويلا في تخصصات الهندسة المعمارية والكهربائية والمدنية والميكانيكية، والبترول والغذاء والطب" تقول السفيرة.

وتضيف ان أول دفعة من طلبة المنحة الجديدة في تخصصات الطب والهندسة وعددها 300 شخص من الضفة وغزة والشتات ستصل مطلع العام المقبل.

وكانت دفعة من الطلبة الفلسطينيين وصلت فنزويلا في منحة سابقة وصلت عبر طائرة فنزويلية الشهر الماضي والتحقوا بالجامعة الفنزويلية.

وحول الية اختيار الطلبة للمنحة، تقول ان التركيز يتم على الحالة الاجتماعية أكثر من المعدل، حيث يتقدم الطلبة للمنحة وتقوم الجهات المختصة بتقسيم راتب الأسرة على اعداد افرادها، وتابعت "الالة الحاسبة هي التي تختار الطلبة".

وقالت ان هناك جامعة للطب في فنزويلا يدرس فيها الطلبة اول عامين المواد الأساسية ثم يتم توزيعهم على جميع انهاء الدولة لإكمال تعليمهم.

وتضيف ان المنحة تشمل تذكرة ذهاب للدراسة وإياب عند الانتهاء، والسكن، والطعام اليومي، وتأمين صحي، ومصروف شهري، ومواصلات.

يشار الى ان هناك نحو 144 طالبا يدرسون في فنزويلا بمنح سابقة قدمتها فنزويلا للفلسطينيين، وتؤكد السفيرة انه مع نهاية 2015 سيكون عدد الطلاب الفلسطينيين الذين يدرسون بالمنح في فنزويلا 1144 طالبا.

الغاء التأشيرة لكل من يحمل الجواز الفلسطيني
وأكدت سفيرة فلسطين ان فنزويلا ألغت التأشيرة لكل مواطن يحمل الجواز الفلسطيني العادي والدبلوماسي، ويمكنه الدخول لفنزويلا فورا والعيش فيها لمدة ثلاثة اشهر فقط.

وتشير الى ان فنزويلا بلد جميلة وشعبها طيب كثيرا ويعشقون كل من يلبس الكوفية الفلسطينية.

مستشفى للراحل شافيز في غزة وآخر في رام الله
وأوضحت السفيرة ان تبرعات جمعت من الجاليات الفلسطينية واللبنانية بالتعاون مع الحكومة الفنزويلية بهدف بناء مستشفى يحمل اسم الزعيم الراحل شافيز في قطاع غزة بقيمة 8 ملايين دولار سيبدأ العمل على بنائه قريبا.

كما وأشارت السفيرة صبح الى ان فنزويلا تعهدت ببناء مستشفى آخر للعيون في رام الله مماثل لمستشفى موجود في كراكاس، وستتكفل فنزويلا بكافة المصاريف كما وستقوم بإرسال أطباء متخصصين لادارته لمدة من الوقت لحين يتمكن من العمل بشكل كامل.

وأوضحت ان
فنزويلا بانتظار المخططات النهائية من الحكومة الفلسطينية لبدء بناء المستشفى.

14 اتفاقية موقعة
وتقول السفيرة ان هناك 14 اتفاقية موقعة بين فلسطين وفنزويلا في قطاعات مختلفة وخاصة الاقتصادية والزراعية والصحة.

وأوضحت ان هناك اتفاقية لمنع الازدواج الضريبي، والتبادل الاقتصادي والتجاري بين فنزويلا وفلسطين.

كما ان هناك اتفاقية لتبادل الخبرات في المجال الزراعي، مشيرة الى ان فنزويلا ستستقبل خلال العام القادم وفدا من الخبراء في المجال الزراعي من فلسطين لنقل خبراتهم في مجال البيوت البلاستيكية.

وسيقوم الخبراء في فنزويلا في تقديم كافة خبراتهم للفلسطينيين خلال الزيارة.

نفط فنزويلا في فلسطين خلال العام المقبل
وكشفت صبح لـ معا ان اتفاقية تزويد فلسطين بالبنزين والمازوت الفنزويلي ستدخل حيز التنفيذ الشهر المقبل.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابرم مع نظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو قبل اشهر اتفاقا تقوم بموجبه فنزويلا بإرسال شحنات من البنزين والمازوت الى السلطة الفلسطينية.

وتقول السفيرة ان فنزويلا ستقوم بموجب الاتفاق ببيع السلطة البترول الخام بأسعار مخفضة جدا، تقوم حاليا السلطة وشركة البترول الفنزويلية بالأمور الفنية للبدء بإرسال الشاحنة النفطية الاولى الشهر المقبل.

وأوضحت ان كل شحنة تحتاج لتصل عبر البحر 30 يوما، ويتم حاليا مشاورات لإيجاد مصفاة لتكرار النفط الفنزويلي ومن ثم إدخاله لفلسطين.

وتؤكد السفيرة انه حسب اتفاقية باريس يحق للسلطة شراء النفط من أي دولة كانت على ان تكون ضمن المواصفات المطلوبة.

وقالت ان فنزويلا تعامل فلسطين في ملف النفط كالدول الصديقة مثل "جزر الكاريبي" أي بأسعار قليلة، حيث تعهدت فنزويلا بإرسال أربع شحنات سنويا، شحنة كل 3 اشهر.

اتفاقيات للتبادل الإعلامي
كشفت السفيرة عن اتفاقيات للتبادل الإعلامي بين فلسطين فنزويلا ، مشيرة الى ان الأخيرة ستستقبل مجموعة من الإعلاميين الفلسطينيين خلال العام المقبل لعمل جولات داخل فنزويلا والإطلاع على الاوضاع، ونقل الخبرات والتجارب.

كما ان هناك قناة فنزولية ستفتح مكاتب لها في فلسطين وتضع مراسلين لتغطية الاحداث اولا بأول.

فرق فلسطين في فنزويلا
وقالت ان فنزويلا رحبت بقدوم فرق ومنتخبات فلسطين للعب مع منتخباتها، مشيرة الى انها ستتواصل مع الجهات الرسمية في فلسطين لإرسال الوفود الرياضية لفنزويلا خلال العام المقبل اضافة الى توقيع اتفاقيات توأمة بين الطرفين.

جداريات حول فلسطين في فنزويلا
وتقول السفيرة ان العشرات من الجداريات واللوحات التي تتحدث عن معاناة الفلسطينيين مرسومة على مداخل الشوارع والمدن في فنزويلا.

كما ان العلم الفلسطيني مرفوع في العديد من المقار والمراكز الحكومية اضافة الى الكوفية الفلسطينية.

دعوة لحضور وفد من السيدات الفلسطينيات المناضلات
وأشارت سفيرة فلسطين الى ان وزارة المرأة في فنزويلا قدمت لها دعوة قبل ايام لحضور مجموعة من السيدات الفلسطينيات المناضلات لفنزويلا والتحدث عن خبراتهن ونجاحاتهن في ظل الاحتلال الاسرائيلي.

وأوضحت انها ستقوم بمتابعة الموضوع مع الحكومة الفلسطينية من أجل الزيارة.

مقر لسفارة فلسطين في فنزويلا
أوضحت السفيرة انها تعمل على انشاء مقر خاص ملك لسفارة دولة فلسطين في فنزويلا، اضافة الى بناء مركز ثقافي فلسطيني في فنزويلا. كما ستتواصل مع الجهات الرسمية في فنزويلا لبناء مركز ثقافي فنزويلي في فلسطين.

يشار الى ان فنزويلا تتربع على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية وتقدر مساحتها بنحو 916445 كيلومتر مربع ويزيد عدد سكانها عن 29 مليون نسمة.

تقرير وجدي الجعفري

فقه السيرة مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة كتاب للشيخ العلامة شهيد المحراب محمد سعيد رمضان البوطي


فقه السيرة مع موجز لتاريخ الخلافة الراشدة
كتاب للشيخ العلامة شهيد المحراب
محمد سعيد رمضان البوطي

دراسة منهجية علمية لسيرة المصطفى وما تنطوي عليه من عظات ومبادئ وأحكام
يثبت هذا الكتاب أن الغرض من دراسة السيرة النبوية ليس لمجرد الوقوف على الوقائع التاريخية ولا سرد ما طرف أو جمل من القصص والأحداث، وإنما الغرض منها أن يتصور المسلم الحقيقة الإسلامية في مجموعها متجسدة في حياته صلى الله عليه وسلم بعد أن فهمها مبادئ وقواعد وأحكامًا مجردة في الذهن، فيتناول فهم شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم من خلال حياته وظروفه التي عاش فيها، للتأكد من أن محمدًا عليه الصلاة والسلام لم يكن مجرد عبقري سمت به عبقريته بين قومه، ولكنه قبل ذلك رسول أيده الله بوحي من عنده وتوفيق من لدنه، ويؤكد على أهمية أن يجد الإنسان بين يديه صورة للمثل الأعلى في كل شأن من شؤون الحياة الفاضلة كي يجعل منها دستورًا يتمسك به ويسير عليه ولا ريب أن الإنسان مهما بحث عن مثل أعلى في ناحية من نواحي الحياة فإنه واجد كل ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أعظم ما يكون من الوضوح والكمال، ويؤكد أيضا على أن يجد الإنسان في دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم ما يعينه على فهم كتاب الله وتذوق روحه ومقاصده، إذ إن كثيرًا من آيات القرآن إنما تفسرها وتجليها الأحداث التي مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم ومواقفه منها . ويؤكد كذلك على أن يتجمع لدى المسلم من خلال دراسته سيرته صلى الله عليه وسلم أكبر قدر من الثقافة والمعارف الإسلامية الصحيحة، سواء ما كان منها متعلقًا بالعقيدة أو الأحكام أو الأخلاق إذ لا ريب أن حياته عليه الصلاة والسلام إنما هي صورة مجسدة نيرة لمجموع مبادئ الإسلام وأحكامه . ويبرهن كذلك على أن حياته صلى الله عليه وسلم تقدم إلينا نماذج سامية للشاب المستقيم في سلوكه، الأمين مع قومه وأصحابه، كما تقدم النموذج الرائع للإنسان الداعي إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، الباذل منتهى الطاقة في سبيل إبلاغ رسالته .

لتحميل الكتاب (396 صفحة) بصيغة PDF اضغط هنا