بحث هذه المدونة الإلكترونية

‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأسرة الفلسطينية بين الماضي والحاضر. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات الأسرة الفلسطينية بين الماضي والحاضر. إظهار كافة الرسائل

2014-06-19

خصائص نظام وتنظيم الأسرة الفلسطينية


خصائص نظام وتنظيم الأسرة الفلسطينية

برغم التغيرات التي طرأت على أوضاع الأسرة في العصر الحديث، إلا أن طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة داخل النظام الأسري ما زالت تحكمها العلاقات التبعية، إن السيادة الذكورية في بعض الأسر الفلسطينية وخاصة في القرى والريف، أعطت للرجل السلطة المطلقة لفرض الخضوع بالقوة على المرأة، علماً بأن الأسرة في المجتمع الفلسطيني تشكل نواة التنظيم الاجتماعي ومركزاً للنشاطات الاقتصادية والوطنية، وتعد الوسيط بين الفرد والمجتمع، تتوارث فيه الأفراد الانتماءات الدينية، والطبقية والوطنية، وحتى الثقافية والسياسية، وبالتالي تشكل الأسرة الفلسطينية أهمية كبيرة في صقل هوية الأفراد من خلال عملية التنشئة الاجتماعية، والتي يتوقع أن يتم قياسها الحسي بمؤشرات واقعية لفهم أبعادها السلبية على الفرد وسلوكياته.

إن خصائص الأسرة الفلسطينية شكّلت المبادئ الأساسية لعملية التنشئة الاجتماعية، والتي أصبحت ضمن الآليات الداخلية للمجتمع في ضبط وتوجيه سلوكيات الفرد، وعزّزت من استمرارية المجتمع التقليدي، فهي أسرة ممتدة، لا يقتصر امتدادها على إقامة أجيال قرابية معاً في المسكن نفسه، ولكن أيضاً من حيث شبكة العلاقات والتفاعلات والالتزامات، فيصبح انتماء الفرد الأول والأخير للأسرة، وتصبح هي مرجعيته الأخلاقية والوطنية والمعنوية.

من خصائص الأسرة الفلسطينية أيضاً، أنها وحدة إنتاجية واجتماعية ووطنية، فهي تفترض التعاون بين الأفراد، والاعتماد المتبادل كونها مبنية على وحدة الملكية والتكامل الاقتصادي، وتفرض حب الوطن والتضحية من أجله، وهذا ما يجعل من الصعب فك ارتباط الفرد بالأسرة وبروز آليات بديلة لدعمه الاجتماعي، ومن الصعب أيضاً سلخ انتماء الأسرة الفلسطينية عن الوطن لارتباطها الديني والتاريخي له.

ومن خصائصها أنها أسرة أبوية هرمية ليس فقط من حيث النسب أو الخط القرابي، بل من حيث السلطة، وتقسيم العمل والأدوار، فتبدأ السلطة والمكانة والنفوذ بأكبر الذكور سنّاً تندرج إلى أصغر الإناث سنّاً، فيمثل الأب أعلى الهرم، ويكون تقسيم العمل والمكانة على أساس الجنس والسن، وتمثل المرأة في بعض الأسر موقعاً دونياً في بنية العائلة وخاصة في بعض مناطق الريف والمخيمات، وتوجد تفسيرات مختلفة لهذه الظاهرة لا يتفق جميع المنظرين والمنظرات حولها.

من خصائص الأسرة الفلسطينية بأنها أسرة تقليدية محافظة، وتتجلى تقليديتها في المضمون الاجتماعي، وفي الحفاظ على مبادئ تقليدية للتنشئة الاجتماعية، والتي يتم نقلها من المجتمع إلى الفرد، وهنا يكمن جوهر استمرارية المجتمع الفلسطيني بسماته المحافظة الأبوية، والتي أصبحت في الآلية الأساسية لضبط سلوكيات الفرد، وتوجيهه وإرشاده وتعزيز العلاقات التقليدية عبر الأجيال.

وخلاصة القول أن التركيب الأسري للمجتمع الفلسطيني لا يزال يتسم بالخصائص الديمغرافية، كالتواجد الواسع للأسرة الممتدة ولا سيما في الريف، وارتفاع متوسط عدد الأسرة أكثر من 5,95 أفراد، والزواج المبكر خاصة في الريف ونسبته 18,1 بين الفتيات من 15-19 سنة وتفضيل المواليد الذكور على الإناث، وانتشار الأمية بنسبة 14,5 وارتفاع نسبة الخصوبة 6,1% مولود حي لكل امرأة طيلة مدة إنجابها (حسب تقرير التنمية البشرية 98/99)، وارتفاع نسبة الإعالة في المجتمع.

معدل الخصوبة في فلسطين ما زال أعلى المعدلات في العالم، حيث بلغ 6,1% عام 1988م، ويتطلب هذا الوضع الجهود المكثفة والسياسات الملزمة لذلك، خاصة أن خدمات تنظيم الأسرة لا تلقى انتشاراً في المجتمع الفلسطيني بشكل عام، حيث أشارت العديد من الدراسات إلى تدني استخدام وسائل تنظيم الأسرة التي لم تتجاوز 3% في المجتمعات الريفية و10% في الحضر، تقديم خدمات تنظيم الأسرة ضمن الخدمات الحكومية الأهلية. ويعود هذا التدني في استخدام مثل هذه الوسائل إلى العديد من العوائق، ربما أهمها ضعف الوعي بالمزايا التي يمكن أن تحققها خدمات تنظيم الأسرة، والنظرة الحذرة من قبل المجتمع لمثل هذه الخدمات المرتبطة بالمفاهيم الاجتماعية والدينية، كما أنها مرتبطة بالتعصب الاجتماعي، خاصة لدى الذكور الذين يتحكمون في القرارات الأسرية في الريف والمخيمات.

وفي التسعينات بدأت مواضيع السكان تلقى اهتماماً واضحاً، خاصة بعد تحليل البيانات الإحصائية لتعداد 1997م في كل من المحافظات الشمالية والجنوبية والتي أظهرت نتائج مقلقة لمستقبل النمو السكاني وتأثيره على حياة الناس، أدّى هذا الاهتمام المتزايد إلى عقد المؤتمرات الوطنية واتخذت الحكومة بعض القرارات الصريحة في صالح الأمومة والطفولة وتنظيم الأسرة، وباشرت بتطوير تنفيذ سياساتها هذه والتي تهدف من خلالها إلى تحقيق هدف وطني بزيادة انتشار وسائل تنظيم الأسرة من النسبة الحالية التي لا تزيد عن 10% إلى 35% بين النساء المتزوجات.

الأسرة والقيم الثقافية في المجتمع الفلسطيني

الأسرة والقيم الثقافية في المجتمع الفلسطيني

لقد وجدت الأسرة مع وجود المجتمعات الإنسانية، بل إن المجتمعات الإنسانية قد وجدت بوجودها، وتستمد استمرارها من استمرار الأسرة، ففي مراحل التطور الاجتماعي للمجتمعات، لاحظنا تطور المجتمع نفسه مع وظائف الأسرة نفسها، فالأسرة في المجتمع الحديث، أصبحت لها وظائفها الأساسية التي تتمثل في نشاطات هامة، تبقى ملازمة للأسرة إلى أمد طويل، كاستمرار الجنس البشري وتكاثره عن طريق الإنجاب، وعمليات تنظيم الزواج والاعتراف الاجتماعي بحق الزوج والزوجة في أن يعيشا في مسكن واحد، يسمى مسكن الزوجية، ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة لتصبح علاقة مشروعة، وتنشئة نتاج هذه العلاقة من الأبناء، تنشئة اجتماعية، وتأهيلهم تأهيلاً اجتماعياً لتمكينهم من أن يصبحوا أعضاء نافعين في المجتمع، وتأمين الاستقرار العاطفي والنفسي لأفراد الأسرة، بما يسودها من حب واطمئنان.

والأسرة في المجتمع الفلسطيني تشكل أهمية كبيرة، فهي كمؤسسة اجتماعية وكنظام اجتماعي، تؤدي أدوارها تجاه أفرادها، وتدخل في تفاعل مع المجتمع الكبير ونظمه، وتعد الأسرة الوسط الاجتماعي الأول الذي يوجد فيه الطفل ينشأ ويترعرع، وهي تقوم بدورها في عملية التنشئة الاجتماعية وفقاً لإمكاناتها وخبراتها، وتقوم بإدماج الطفل في الإطار الثقافي العام للمجتمع، وتلقنه طفلاً وفرداً قيم للمجتمع الفلسطيني وعاداته وأنماط السلوك الأخرى، حيث تشكل الأسرة الفلسطينية قيمة كبيرة للفرد، لأن المجتمع الفلسطيني ما زال يعاني من الاحتلال البغيض الذي يؤثر على الوسائط التعليمية والمؤهلة والاقتصاد الفلسطيني، والتي يمكنها أن تساهم بفاعلية في عملية التنشئة، وتؤثر في بلورة شخصية الطفل إلى جانب الأسرة.

ورغم التحولات في الأسرة الفلسطينية، إلا أن هناك قيماً ثقافية تقليدية موروثة في المجتمع الفلسطيني ما زالت قائمة، وقد تشكل أحياناً أساساً لمعايير التربية والتنشئة الاجتماعية؛ ومن أهم هذه القيم ما زالت فكرة التفرقة بين الذكر والأنثى قائمة في عملية التنشئة في بعض الأسر الفلسطينية، وخاصة في القرى والريف الفلسطيني والمخيمات، وأيضاً الرغبة في إنجاب الذكور دون الإناث، وتفضيل إنجاب الذكور يرتبط بعوامل كثيرة بالعادات الفلسطينية وخاصة في سيادة مفهوم القوة الأساسية للأعمال الزراعية، والاعتقاد بأن الأنثى مصدر تشتيت للملكية من خلال نظام المواريث الإسلامي في اعتقادهم وحق المرأة في الإرث.

كما أن بعض الأسر الفلسطينية تميل إلى تفضيل تعليم الذكور دون الإناث وخاصة في الأرياف، على اعتبار أن الذكر يمثل مصدر رزق للأسرة، كما أن قيم العمل التقليدية في بعض الأسر، حصرت عمل الإناث في المنزل أو في حقل الزراعة أو الرعي أو أعمال الإبرة، مع أن الأسر الفلسطينية ليست كلها بمفهوم موحد، أو نمط واحد، فهناك من الأسر من تتمتع بدرجة كبيرة من الوعي الثقافي والاجتماعي والتربوي، وينعكس هذا المفهوم على الطفل الفلسطيني وظروف إعداده، هذا بالإضافة إلى الاختلافات والفروقات بين الأسرة في الريف أو المخيم أو القرية أو الحضر.

الأسرة الفلسطينية بين الماضي والحاضر

الأسرة الفلسطينية بين الماضي والحاضر

مقدمة
الأسرة بداية ذكر وأنثى، اجتمعا باختيارهما برباط مقدس، وبإرادتهما كجماعة اجتماعية، تبقى عضوية الفرد فيها قائمة، طالما كانت التزامات كل فرد تجاه هذه الأسرة وأعضائها أقدس وأعلى وأعظم من التزامه لأي جهة أخرى مهما كانت، فهي عبارة عن علاقة مستمرة ودائمة بين زوجين بداية برباط شرعي لتأسيس أسرة، تميزها أنماط لتحقيق هدف استمرار الحياة بين الزوجين، بوظائف خاصة، أهمها إرضاء الدافع الجنسي للأنثى والذكر بطريقة مشروعة، ورعاية للنسل نتاج هذا الدافع والمحافظة عليه، وتنظيم نشاط اقتصادي اجتماعي متين يرعى مصالح جميع أفرادها، بالمحافظة على الطابع البيولوجي والثقافي والاجتماعي، المتميز بسمات أساسية، أبرزها تأسيس علاقة زواج قائم على أساس روابط شرعية اجتماعية أساسية مقبولة، لتكوين أشخاص بينهم روابط زواج ودم وتبني، تبعاً للشرع والعرف السائد في المجتمع، يقيمون في مكان واحد تحت سقف واحد، يقوم كل منهم بدوره الذي حدده له الشرع والمجتمع سلفاً، بتفاعل مصحوب بإشباع حاجات بيولوجية واجتماعية واقتصادية، وقد قدّست الأديان السماوية هذه العلاقة، وتضمنت تعاليمها العمل على تماسك الأسرة، ووصفت التشريعات التي توثق عرى الروابط بين الزوجين، بترسيخ التقاليد الطيبة التي تنظمها، والقوانين التي تحدد واجبات كل من الزوجين وحقوقهم ورعاية أطفالهم.

تحقق الأسرة معان اجتماعية جليلة من أهمها حفظ النسل، والمحافظة على المجتمع سليماً من الآفات والأمراض، على رأسها الانحلال الخلقي، والفوضى الجنسية، وسلامة المجتمع من الأمراض الجسمية؛ وليدة العلاقات والممارسات غير المشروعة جنسياً، وأيضاً تغرس الأسرة في نفوس أفرادها روح الاستعداد لتحمل المسؤولية، " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته". الرجل راع في أهله مسؤول عن رعيته.

والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها. "فالأسرة بما تلقيه على عاتق أفرادها من تبعات تجعل منهم أعضاءً فاعلين في المجتمع، فهي المدرسة الأولى لتعليم الإخلاص والجد والتصدي للمهام بكل جدارة، لتكوين مجتمع سليم كالجسد الواحد في التراحم والتعاطف والتكافل المادي والمعنوي، وبترسيخ حب التضحية والإيثار، الذي يعني البذل في سبيل الآخرين دون انتظار أو مقابل، فهناك تضحية أبوية تجعله يركب الصعاب، متحملاً المشاق غير مبال بالتعب، لتوفير مستلزمات الحياة الكريمة لأفراد أسرته، وتضحية الأم التي تقضي الساعات الطوال لكي توفر الراحة والطمأنينة والرعاية لأفراد أسرتها.

تعريفات الأسرة الفلسطينية
لقد تم تعريف الأسرة حسب التعداد العام للسكان والمساكن والمنشآت – 97، بأنها فرد أو مجموعة أفراد تربطهم أو لا تربطهم صلة قرابة، ويقيمون عادة في مسكن واحد أو جزء منه، ويشتركون في المأكل أو في أي وجه من ترتيبات المعيشة، وقد بلغ عددها 407,065، وتقسم الأسر حسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أسرة خاصة: هي الأسرة التي ينطبق عليها التعريف السابق، والأسرة الجماعية. (مسكن عام): وهي الأسرة التي تم عدها في الأماكن التي ينطبق عليها تعريف المسكن العام وتسمى أيضاً أسر المؤسسات وعددها 1,370، والأسرة الفلسطينية هي الأسرة الخاصة التي تكون فيها جنسية رب الأسرة فلسطينية وعددها 406,576، أما الأسرة غير الفلسطينية، فهي الأسرة التي تكون فيها جنسية رب الأسرة غير فلسطينية بغض النظر عن جنسية باقي الأفراد.

وتقسم الأسر الخاصة (المعيشية) حسب تركيبها الأسري إلى أسرة من فرد واحد، وهي الأسرة التي تتكون من شخص واحد وعددها 8,241، والأسرة النواة وهي الأسرة المعيشية التي تتكون كلية من نواة أسرية واحدة، وتتشكل من أسرة مؤلفة من زوجين فقط، أو من زوجين ومن ابن أو ابنة، أو أكثر، مع عدم وجود أي شخص من الأقرباء الآخرين أو من غير الأقارب وعددها 197,243، وأسرة ممتدة تتشكل من نواة أسرية واحدة أو أكثر مع وجود شخص أو أكثر في الأسرة، تربطهم برب الأسرة صلة قرابة، أو تتكون من شخصين أو أكثر، تربط بينهما صلة قربى دون أن يشكل أياً منهم نواة أسرية وعددها 62,789، وأسرة مركبة تتشكل من نواة أسرية واحدة أو أكثر، مع وجود شخص واحد على الأقل من غير الأقارب، أو تتكون من شخصين أو أكثر لا تربط بينهما صلة قرابة دون أن يشكل أياً منهم نواة أسرية.
د. عبد الله أحمد الحوراني