بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-04-11

الأقليات.. ’’حصان طروادة’’ لاختراق وتفكيك الأمة.


الأقليات.. ’’حصان طروادة’’ لاختراق وتفكيك الأمة.

كتب الأستاذ عبد المالك سلمان في بداية عام 2010 مقالا بعنوان: الأقليات.. ’’حصان طروادة’’ لاختراق وتفكيك الأمة.

ونظرا لاهمية الموضوع ولتسليط الضوء على هذه القضية نعيد نشره

قبل سنوات، كتب مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق زبيجنيو بريجنسكي سيناريو متخيلا لمستقبل المنطقة العربية في القرن الحادي والعشرين قائلا: «سيكون هناك (شرق أوسط) مكون من جماعات عرقية ودينية تتحول الى كانتونات عرقية يجمعها إطار كونفيدرالي بما يسمح "للكانتون الإسرائيلي ان يعيش في المنطقة بعد ان تصفى فكرة القومية العربية".

تذكرت هذه الأطروحة لبريجنسكي في ضوء الأحداث العاصفة التي بدأت تلهب الساحة العربية من العراق شرقا الى السودان جنوبا وغربا في دارفور، والتي تتحرك على إيقاع واحد هو تغذية النعرات الانفصالية للأقليات والمجموعات العرقية والطائفية والدينية لتنسلخ عن بلدانها أو لتثير الاضطراب وعدم الاستقرار في ربوعها. ولم يكن مدهشاً ان نجد هذه الهبة الغربية الاستعمارية التي اعتدنا ان نراها منذ العهد الاستعماري لترفع شعارات «حماية الأقليات« في البلدان العربية لتتخذ من ذلك ذريعة للتدخل في الشئون الداخلية ، ومطية لتنفيذ مخططاتها الرامية الى تمزيق الكيان العربي وتقوية شوكة دولة الإحتلال الصهيوني في المنطقة.

إن الإصرار على صياغة مستقبل هذه المنطقة من منظور «الشرق الأوسط« وآخر الصياغات في هذا الشأن هو المشروع الذي طرحته إدارة بوش عن «الشرق الأوسط الكبير أو الواسع« أنما يعني إصراراً أمريكياً على تقويض الهوية الثقافية والحضارية الجامعة لهذه المنطقة والمتمثلة في «الهوية العربية« وما تجسده من ثقافة وقومية عربية، ومحاولة استبدال هذه الهوية بهوية فضفاضة وفسيفسائية عنوانها «الشرق الأوسطية«، حيث لا يمكن لها ان تكتمل إلا بتمزيق وتفكيك وتفتيت المنطقة الى سلسلة لا نهائية من الكيانات القزمية على أسس دينية وعرقية ومذهبية وطائفية واثنية.

والمدخل لذلك هو النفخ في قضية «الأقليات«، واللعب على المعزوفة الاستعمارية القديمة، وهي «اضطهاد الأقليات« في بلاد العرب والمسلمين، ليكون ذلك مدخلاً لتضخيم قضايا الأقليات وتصبح مسألة «الأقليات« بمثابة «حصان طراودة« الذي تقتحم به اسرائيل وأمريكا قلاع النظام العربي لتخترقه وتفتته من الداخل، وتمزقه الى كيانات قزمية صغيرة تشكل البيئة الإقليمية المواتية لتحقيق أهداف مشروع «الشرق الأوسط الكبير« في الهيمنة والإخضاع الاستعماري والسياسي والتحكم الاستراتيجي في كل تفاعلات المنطقة الراهنة والمستقبلية. ان طرح مسألة «الأقليات« ارتبط عادة بمشاعر تتسم بالسلبية بالنسبة للعقل العربي، لأنه اقترن دوماً بمحاولات استعمارية خارجية للتدخل في الشئون الداخلية العربية وإثارة الفتن الطائفية والعبث بالاستقرار من ناحية، ومن الناحية الأخرى، كان التركيز على مسألة الأقليات عنواناً لمحاولة عرقلة الطموحات العربية في السير باتجاه الوحدة الكبرى، ومحاولة خلق مشاكل قومية وعرقية داخلية تبعد الأنظار عن الهدف الأكبر للأمة في التوحد وحشد كافة الطاقات وضمان تكريس الوحدة الوطنية. وفي هذا السياق، فإن مفهوم الأقلية نفسه يثير كثيراً من الحساسيات سواء لدى الأقلية أم الأغلبية في المجتمع العربي.

فالشعور السائد، غالباً، لدى الأفراد والجماعات التي يتم تصنيفها على أنها «أقلية« أو «أقليات« في المجتمع ان ذلك يعني وجود وضعية يتم فيها انتقاص حقوق ومصالح وتطلعات هذه الأقلية في المجتمع والدولة. وبالنسبة للأغلبية فإن طرح مسألة الأقليات يثير الشبهات لأنه يعني التركيز على أمور تقود الى تقويض الوحدة الوطنية والمساس بالاستقرار والسلام الاجتماعي. وفي مصر مثلاً، فإن الحديث عن «الأقباط« كأقلية يثير غضب المسلمين والأقباط على حد سواء، لأنه يعني محاولة إثارة نعرات التفرقة بين عنصري الأمة المصرية التي جسدت ثورة 1919 نموذجاً لتلاحمهما ووحدتهما الوطنية. وللسياسي المصري القبطي مكرم عبيد مقولة تاريخية تجسد هذا المعنى حين قال: «أنا مسيحي في ديني، مسلم في وطني«.
فالأقباط في مصر يعتبرون جزءاً من السبيكة الحضارية والنسيج الاجتماعي للمجتمع المصري، وهناك صعوبة في ان تميز بين القبطي المصري والمسلم المصري إلا عندما يدخل ذاك الكنيسة والآخر المسجد، نظراً للتماثل والتشابه الكبير في الملامح والعادات والأذواق واللغة.

ومنذ سنوات رفضت الجماعة الثقافية المصرية عقد مؤتمر ثقافي حاول تنظيمه أحد المراكز البحثية «مركز ابن خلدون«، عن موضوع الأقليات، لأنه طرح مناقشة مسألة الأقباط على أنها أقلية،وقد قاد هذه المعارضة الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل. ومؤخراً، عبر الدكتور اسامة الباز مستشار الرئيس المصري للشئون السياسية، مجدداً، عن هذا الموقف الوطني والحضاري عندما كرر لوفد من الكونجرس الأمريكي يمثل ما يسمى «لجنة الحريات الدينية« الرفض المصري للنظر الى أقباط مصر على أنهم «أقلية«. والحقيقة ان الإصرار على إثارة مسائل الأقليات في الوطن العربي، إنما يعود الى استراتيجية "إسرائيلية" ــ أمريكية لإعادة صياغة الخريطة السياسية للمنطقة العربية، على نحو يكون فيه حماية أمن ومستقبل دولة الإحتلال الصهيوني، من ناحية، وتأكيد هيمنتها الإقليمية من ناحية أخرى. إذ تتصور إسرائيل أنها لا يمكنها البقاء طويلاً، في المنطقة، إذا نجح العرب في تحقيق وحدتهم القومية، وظلوا يشكلون الكتلة السكانية والقومية الكبرى في المنطقة.

ومن هنا انبثقت المخططات الصهيونية منذ السنوات الأولى لتأسيس الكيان الصهيوني، نحو العمل باتجاه تكريس الانقسامات داخل المجتمعات العربية. وتحدث بن جوريون وموشي شاريت في الخمسينيات عن كيفية قيام دولة الإحتلال الصهيوني بالمساعدة على قيام دويلات طائفية وعرقية داخل الدول العربية تكون حليفاً لإسرائيل، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء «الكيان الماروني المسيحي في لبنان« منذ ذلك الحين والتي بوشر بتنفيذها خلال السبعينيات والثمانينيات، لكنه مشروع أخفق في النهاية بفضل المقاومة السورية واللبنانية لذلك.

غير أن ذلك، لم يدفع دولة الإحتلال الصهيوني الى التراجع عن هذا المخطط، وتعددت الدراسات والاستراتيجيات الإسرائيلية في هذا الشأن، وقد كشفت النقاب عن ذلك دراسة أعدها الباحث الاستراتيجي الإسرائيلي عوديد بينون حملت عنوان «استراتيجيةدولة الإحتلال الصهيوني  في الثمانينيات« والتي تحدثت بوضوح عن أن مستقبل دولة الإحتلال الصهيوني انما يكمن في تحويل المنطقة العربية الى «موزاييك متنوع« من الكيانات الصغيرة والدويلات القزمية التي تقوم على أسس عرقية وطائفية ودينية ومذهبية وتغذية النزعات الانفصالية للأقليات في البلدان العربية، باعتبار ان ذلك سيضفي على وجود دولة الإحتلال الصهيوني كدولة دينية شرعية سياسية وإقليمية باعتبارها كدولة يهودية قامت على أساس ديني ستكون جزءا من منطقة مليئة بالكيانات الدينية والدويلات الطائفية والعرقية والمذهبية. ومن هنا، كان التصور الاستراتيجي لدولة الإحتلال الصهيوني هو ان تعمل بكل قوة لإقامة كيانات مارونية ودرزية وشيعية في لبنان، وتقسيم العراق الى ثلاث دويلات كردية في الشمال وسنية في الوسط وشيعية في الجنوب. ويواكب ذلك تعزيز نزعات انفصال الجنوب في السودان وتقسيمه على أسس عرقية، وتشجيع اقامة دويلة للأقباط في صعيد مصر، وللبربر في شمال الجزائر، وتقسيم الجزيرة العربية على ذات النهج الطائفي والمذهبي.

وبالنسبة للعراق بالذات، تحدثت وثيقة عوديد بينون قائلة: «في العراق سوف يكون التقسيم الإقليمي والطائفي متاحا، ويمكن أن تقوم ثلاث دول أو أكثر حول المدن العراقية الرئيسية: البصرة (جنوب) وبغداد (وسط) والموصل (شمال). ومن هنا، رأينا كيف رأت دولة الإحتلال الصهيوني في الاحتلال الأمريكي للعراق، فرصتها التاريخية التي انتظرتها طويلاً لتطبيق مخطط تقسيم العراق، فشجعت أمريكا على اتباع سياسات تحرك النزعات العرقية والطائفية كان برهانها تقسيم السلطة على أساس عرقي وطائفي كما حدث في مجلس الحكم الانتقالي ثم في الحكومة الانتقالية، يضاف الى ذلك، تحريض الطوائف العراقية الأخرى مثل ا لتركمان والكلدان والصابئة على المطالبة بحقوق ثقافية وسياسية في الواقع العراقي الجديد.

وقد كشف الصحفي الأمريكي الشهير سيمور هيرش عن خبايا التغلغل الصهيوني في منطقة كردستان، والتحالف الصهيوني مع جماعات كردية لتغذية المطالب الكردية الرامية إلى الانفصال، فدولة الإحتلال الصهيوني لا تريد للعراق ان يعود كياناً موحداً، وهناك شكوك بأن أصابع الموساد الصهيوني تقف وراء إثارة الاضطرابات الكردية في سورية، وتفجير الكنائس المسيحية في العراق بهدف خلق أجواء من الاضطراب تهيىء لتفجير النزعات الطائفية والعرقية والخلافات المذهبية في كل من العراق وسورية.

وهناك تقارير تتحدث عن العلاقات الوثيقة لدولة الإحتلال الصهيوني مع حركة التمرد بزعامة قرنق في جنوب السودان، ودعم حركة التمرد أيضا في دارفور. ولعل النصيحة الخالدة التي يمكن ان توجه الى جميع الجماعات العرقية والطائفية والمذهبية في المجتمعات العربية، هي ألا تربط مصيرها بالمخططات الصهيونية والأمريكية المشبوهة مهما تكن إغراءات اللحظة الراهنة، التي يبدو فيها العرب في حالة ضعف وانقسام وتراجع استرايتجي، وتبدو دولة الإحتلال الصهيوني وأمريكا في قمة التفوق العسكري والسياسي والاستراتيجي.

ورغم أن قيادات كردية كثيرة نفت وجود روابط مع دولة الإحتلال الصهيوني أو جود تعاون مع مخططات صهيونية لتقسيم العراق، إلا ان المأمول في كل الأحوال ان يستفيد الأكراد من دروس «التجربة المارونية الفاشلة « في لبنان. فالشعب العربي لن ينسى لأية جماعة عرقية أو طائفية أو مذهبية ارتباطها بمخططات دولة الإحتلال الصهيوني، وتلك ستكون سقطة تؤثر على مستقبل تلك الجماعات في داخل الوطن العربي الكبير.

غير، ان كل هذا، يفرض ضرورة ان يتجه العرب لبلورة استراتيجية لكيفية احتواء مشاكل الأقليات في المجتمعات العربية، وعدم إهمالها أو تجاهلها أو محاولة إنكارها، بعد ان أصبح التدخل في الشئون الداخلية للدول رغم تناقضه مع مبادىء القانون الدولي التي تحض على احترام سيادة واستقلال الدول، أمراً متداولاً في النطاق الدولي وتتبناه بالذات القوى الدولية الغربية الكبرى وخاصة أمريكا وبريطانيا باسم «حق التدخل الإنساني« وخاصة بعد أن أصدرت الأمم المتحدة عام 1992 ميثاق «حماية حقوق الأقليات« في العالم.

وفي هذا السياق ، وانطلاقاً من مبدأ «بيدي لا بيد عمرو«، يتعين على العرب أن يقلعوا عن النهج الذي اتبعوه منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا، وهو رفض الحديث فيما بينهم عن المشاكل المحتملة لمسألة الأقليات داخل المجتمعات العربية. فالملاحظ، ان العرب قد صحوا فجأة ليجدوا مشكلة تهدد أمنهم القومي في غرب السودان اسمها «دارفور« وأصبحوا مواجهين باحتمال تدخل أو غزو عسكري لبلد عربي آخر هو السودان نتيجة تفجر مشكلة «دارفور«. وجوهر مشكلة هذا النهج، ان الدول العربية تتستر على هذه المشكلات الداخلية حتى تنفجر، كما أن الدول العربية الأخرى تخجل أو تتعمد عدم إثارة هذه المسائل مع شقيقاتها العربيات خوفاً من الاتهام بالتدخل في الشئون الداخلية أو «التطفل السياسي« في شأن داخلي. وهو الأمر الذي يكشف عن وجود أجواء غير صحية في معالجة قضايا الشأن العربي يدفع ثمنها جميع العرب في نهاية المطاف وليس البلد العربي المعني بالمشكلة وحده، لأن انفجار أية مشكلة للأقليات في أي قطر عربي يهدد في النهاية الأمن العربي ككل، ويفتح جرحاً لاختراق النظام العربي والتدخل الأجنبي في الشئون الداخلية للمجتمعات العربية.

وفي كل الأحوال، هناك ثلاثة مداخل أساسية تشكل قاعدة أية استراتيجية عربية لمعالجة مسائل الأقليات في المجتمعات العربية يمكن بلورتها في الآتي:

أولا: مفهوم المواطنة
فالمواطنة ركيزة أساسية ليس فقط لمعالجة مسائل الأقليات ولكن لبناء المجتمعات العربية على أسس حضارية عصرية تكفل في نهاية المطاف تحقيق التكامل القومي، وحماية الوحدة الوطنية. وتقوم هذه الفكرة على أساس المساواة الدستورية بين المواطنين كافة أمام القانون بغض النظر عن الاختلاف في أصولهم الدينية أو المذهبية أو القبلية أو العرقية. فالجميع مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون، وهو الأمر الذي يدحض أي تفاوت أو تمييز على أساس عرقي أو طائفي أو قبلي، ويشعر الجميع بالولاء والانتماء لوطن مشترك، الجميع شركاء في بناء حضارته، والجميع يستفيد من عوائد تنميته. وفي هذا السياق، فلابد من الاستفادة من ثمار الفقه الإسلامي الحديث المستنير الذي وضع نهاية للجدل حول وضعية المسيحيين بالذات في المجتمعات العربية، إذ اعتبر أن من المهم التوقف عن وصفهم بأنهم «أهل ذمة« أو «ذميون« واعتبارهم «مواطنين« كاملي الأهلية يتمتعون بحقوق المواطنة كافة، فالإسلام أقر قاعدة ان أهل الذمة لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وأن مسألة «أهل الذمة« أصبحت قضية تاريخية كانت مطروحة في صدر الإسلام لظروف أملتها ضرورات آنذاك. أما اليوم، فحقوق المواطنة يتمتع بها كل من يحمل جنسية وطنه بغض النظرعن ديانته مسلماً كان أم مسيحياً، كما أن المسيحيين باتوا يؤدون خدمة العلم أو الخدمة العسكرية في جيش الوطن أسوة باخوانهم المسلمين في تحمل مسئولية الدفاع عن الوطن، ولم يعودوا بحاجة الى «دفع الجزية«، كما انهم يدفعون في المجتمعات التي تفرض الضرائب ما يتقرر عليهم من ضرائب للدولة أسوة بباقي أفراد المجتمع. وبالتالي فقضية أهل الذمة أو دفع الجزية أصبحت مسألة منعدمة، ومن يصرون على إثارة المسألة وفق هذا المنظور إنما يقدمون تفسيراً غير واقعي وغير عصري للإسلام، ويصرون على مناقضة مفهوم «المواطنة« الذي أضحى أساس بناء الوحدة الوطنية في المجتمعات المعاصرة.

ثانيا: الديمقراطية والتعددية الثقافية
فاحتواء مسائل الأقليات ينبغي ان ينطلق من قاعدة أن التنوع الثقافي والديني والمذهبي هو مقوم ثراء للمجتمع وليس عنصر ضعف، وفي إطار من التسامح الفكري والديني والثقافي يستطيع المجتمع تحقيق مقومات تعايشه الحضاري. فالاعتراف بالاختلاف أو بالآخر المختلف ضرورة أملتها حكمة الخالق الذي شاء الاختلاف بين الناس أولا، وأملتها ضرورات الحياة في المجتمعات المتنوعة، فالدين لله والوطن للجميع، والناس جميعا، إما أخوة في الدين أو أخوة في الخلق، ولهذا فلا ينبغي ان يكون الاختلاف في المعتقدات أو المنابت والأصول العرقية وإما القبلية والاجتماعية عموماً حائلاً دون التعايش الأخوي والإنساني والحضاري. فكل يؤدي دوره في بناء المجتمع على قاعدة المواطنة، وتكفل الديمقراطية الاعتراف بهذا التنوع الثقافي وإدارة الحوار بين الجماعات المختلفة كافة في المجتمع، والسماح لها بالتعبير عن هويتها الثقافيةوالسياسية والدفاع عن حقوق المنتمين لها في إطار يكفله القانون والممارسة الديمقراطية بعيداً على أي قمع أو اضطهاد. وحين يشعر الجميع أنهم قادرون على التعبير عن هوياتهم الثقافية ومطالبهم الاجتماعية المتنوعة في إطار مجتمع ديمقراطي حر، فسوف تزول تلك الشوائب التي تثير الحساسية وتولد الاحتقان وتقود الى الشعور بالاغتراب عن المجتمع أو عدم الانتماء الى الوطن، لأن الجميع يكونون قادرين على التعبير عن هوياتهم ومطالبهم وأشواقهم بكل حرية في مجتمع حر تعمه قيم التسامح والتعايش الحضاري بين طوائفه وفئاته كافة.

ثالثا: التنمية المتوازنة. وهي ضرورة تفرضها طبيعة المجتمعات التي تتسم بحالة من التوزيع الجغرافي والتركز السكاني لمجموعات معينة من السكان في أقاليم معينة، مثل حالة «جنوب السودان« الذي تسكنه غالبية مسيحية وأقوام وثنية، أو حالة الشمال الكردي في العراق، أو المنطقة الأمازيغية «البربرية« في شمال الجزائر (منطقة القبائل). فهناك حاجة ماسة، لأن تقوم سياسات التنمية على ضرورة ان تحظى هذه الأقاليم التي تمثل بشكل أو بآخر تركزا بشريا لأقليات سكانية بعينها باهتمام تنموي يساوي «على الأقل« ما تحظى به الأقاليم الأخرى التي تقطنها الأغلبية السكانية. وذلك، حتى لا يقود الشعور بالحرمان أو الأحساس بعدم العدالة أو الإنصاف في اقتسام الثروة أو توزيع عوائد التنمية الى تغذية مشاعر التمرد أو الرغبة في الانفصال عن الوطن الأم، والتي عادة ما تستغلها القوى الأجنبية ذريعة للتحريض على التمرد والمطالبة بالاستقلال. ولابد أن نعترف ان الحكومات العربية فيما بعد الاستقلال لم تنتبه جيداً الى التداعيات المتوقعة لهذه الاحتمالات، واتبعت سياسات تنموية لا تتسم بالتوازن بين الأقاليم، الأمر الذي راكم مع السنين شعوراً بالغبن الاجتماعي والاقتصادي والتنموي قاد تالياً الى نزوع للتمرد والانفصال (مثل حالة جنوب السودان) وأيضا «جنوب لبنان« قبل الحرب الأهلية. ومن هنا، الأهمية البالغة لتلافي هذه الأخطاء مستقبلاً وإعادة التفكير في سياسات التنمية على نحو ديمقراطي متوازن إقليميا وعادل اجتماعيا، لأن هذا هو السبيل لسد الذرائع أمام التدخلات الأجنبية وبناء مجتمعات عربية عصرية قادرة على تحقيق التكامل القومي والحفاظ على وحدتها الوطنية على أسس حضارية وإنسانية وديمقراطية سليمة.

وثيقـة: مفهوم الارهاب والمقاومة رؤية عربية - اسلامية.

وثيقـة: مفهوم الارهاب والمقاومة رؤية عربية - اسلامية.

لقد تداعى عشرات المثقفين العرب للتوقيع على وثيقة مفهوم الارهاب والمقاومة رؤية عربية - اسلامية وجاء في مقدمة الوثيقة:

أولا: المقدمة
· رغبة في تشكيل رؤية عربية إسلامية لمفهوم الإرهاب، وتمييزه عن مفهوم المقاومة المشروعة، وإسهاماً من مثقفي الأمة في صياغة مفهوم دولي للإرهاب، وحرصاً منا على المحافظة على التفاعل الحضاري بين الأمم.
· والتزاماً بالمبادئ الدينية والأخلاقية السامية التي تمثلها قيمنا الحضارية العريقة التي تدعو إلى حماية حقوق الإنسان التي نصت عليها مبادئ القانون الدولي وأسسه.
· وتأكيداً على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي والتصدي للعدوان، وتحرير الأرض، وتقرير المصير، ونيل الاستقلال بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح.
· وتماشياً مع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية -التي تأسست في تموز / يوليو 2002- الذي ألزم جميع الدول بالامتناع عن استعمال القوة أو التهديد باستعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو على أي نحو لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.

أُعدت هذه الوثيقة للتفريق بين الإرهاب من جهة، وأعمال المقاومة المشروعة والكفاح المسلح من جهة ثانية، ولتحول دون اتخاذ الاتهام بالإرهاب ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان، وسيادة الدول، والتدخل في شؤونها الداخلية.

ثانياً: مفهوم الإرهاب
الإرهاب: هو استخدام غير مشروع للعنف أو تهديد باستخدامه ببواعث غير مشروعة، يهدف أساساً إلى بث الرعب بين الناس، ويعرض حياة الأبرياء للخطر، سواء أقامت به دولة أم مجموعة أم فرد، وذلك لتحقيق مصالح غير مشروعة، وهو بذلك يختلف كلياً عن حالات اللجوء إلى القوة المسلحة في إطار المقاومة المشروعة.

وهو بهذا انتهاك للقواعد الأساسية للسلوك الإنساني، ومنافٍ للشرائع السماوية والشرعية الدولية لما فيه من تجاوز على حقوق الإنسان.

وتشير ظاهرة انتشار الإرهاب في العالم إلى أزمة فكرية تعيشها المجتمعات المختلفة، التي ترتبط بفلسفة العنف في تحقيق أهدافها، ويُعبر تفشي أعمال العنف على الصعيد الدولي عن إشكالية سياسية تتعلق بطبيعة العلاقات الدولية المستندة إلى تحكم الدول القوية عسكرياً في مصالح الدول الأضعف.

ثالثا: الجهاد والمقاومة
يطلق لفظ الجهاد في النصوص الإسلامية بمعناه العام على مقاومة العدو أو مجاهدة النفس أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، وقد اصطلح الفقهاء على أن الجهاد بمعناه الخاص هو "بذل الوسع والطاقة في القتال في سبيل الله بالنفس والمال واللسان بهدف نصرة الإسلام والمسلمين"، أي قتال من قاتل المسلمين وأخرجهم من ديارهم، أو القتال لأجل ردع المعتدين ودفع عدوان واقع، أو لإخراج المعتدين من أرض المسلمين، أو القتال دفاعاً عن النفس والمال والعرض، حيث يُعد كل ذلك جهاداً (في سبيل الله). وبذلك فإن مقاومة الاحتلال الأجنبي ودفع ظلمه، وعدوانه عن الأنفس والممتلكات والأعراض يُعد جهاداً (في سبيل الله).

وقد حرّمت الشريعة الإسلامية العدوان في الجهاد مثل قتل من لا يجوز قتله من النساء والأطفال وكبار السن ورجال الدين المنقطعين للعبادة، وسائر المدنيين غير المقاتلين ممن لا يخدمون تحت السلاح لدى المعتدين، كما حرمت تجاوز الحد المشروع في القتل، أو القتال لأجل الفساد في الأرض، أو نهب خيرات الشعوب، أو تخريب زروعها وثمارها وأشجارها.

وفي الوقت الذي تقرر فيه الشريعة الإسلامية حق المقاومة المشروعة وفق ما ورد أعلاه، فإن التراث الفكري الغربي ذاته قد أسَّس لحق مقاومة الطغيان، ورفع شعارات الحرية والعدالة والمساواة التي نادى بها روسو وفولتير وغيرهم من الفلاسفة في أوروبا قبل قرون عدة، كما أن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة والمادة (2) من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ووفقاً لما قرره القانون الدولي وفقهاؤه، ووفقاً للحق الطبيعي في الدفاع عن النفس والمال والأملاك والأعراض والحريات، فإن من حق الشعوب التي تتعرض للاحتلال والاستعمار والعدوان والطغيان المسنود بالقوة، اللجوء إلى المقاومة المسلحة بوصفها مقاومة مشروعة، وفي هذه الحالة تنطبق اتفاقيات الحماية الدولية المختلفة على المقاتلين من أجل الحرية ضد الاستعمار والاحتلال أو الاضطهاد، وبذلك تتمتع الفئات التي تمارس هذا الحق في المقاومة المشروعة بمركز قانوني معتبر، حسب هذه الاتفاقيات، بما يتيح لها التصدي للاستعمار والاحتلال، وقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (3246) الصادر في 14/12/1974 على شرعية حق الشعوب في الكفاح المسلح في سبيل تحررها من الاحتلال، وذهب إلى "أن أي محاولة لقمع الكفاح المسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وقد أكدت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة في عام 1998 في المادة الثانية على أنه لا "تُعد جريمة حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي، والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير".

وبناءً على ما تقدم فإن المقاومة هي: استخدام مشروع لكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة لدرء العدوان، وإزالة الاحتلال والاستعمار، وتحقيق الاستقلال، ورفع الظلم المسنود بالقوة المسلحة، بوصفها أهدافاً سياسية مشروعة، وهو ما يتفق مع القانون الدولي وتؤيده الشريعة الإسلامية.

وتستند مشروعية المقاومة إلى مجموعة من المبادئ القانونية الثابتة، كحق المقاومة استناداً لعدم الولاء والطاعة لسلطة الاحتلال، واستناداً إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، والدفاع المشروع عن النفس، والاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة، والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحروب.
ومن ذلك يتبين أن المقاومة عمل مشروع لتحقيق مصالح الشعوب التي تتعرض للعدوان والاحتلال، فيما الإرهاب يمثل اعتداءً على حق هذه الشعوب في الحياة والحرية وتقرير المصير.
رابعا: مقاومة الإرهاب الإسرائيلي
وفيما يتعلق بدولة الاحتلال في فلسطين فإن قيامها كان على حساب شعب آخر، وهي الطرف المعتدي على الشعب الفلسطيني والمحتلة لأرضه، وما تستخدمه من وسائل التعذيب والاعتقالات الجماعية والقتل وارتكاب المجازر وقتل الأطفال وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وتجريفها، وما تمارسه من البطش والظلم والتهجير والنفي بحق الشعب الفلسطيني هو الإرهاب بعينه. لأنه يُعد جريمة في عرف الدول كلها وفق ميثاق الأمم المتحدة، ومنافٍ لكل القيم الإنسانية فضلاً عن مخالفته للشريعة الإسلامية، ولهذا فإن أعمال المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي هي مقاومة مشروعة، وهي لا تختلف عن مقاومة ديغول وتشرشل للإرهاب النازي في أوروبا، ولا المقاومة الأمريكية للاحتلال الإنجليزي لأراضيها قبل قرون، ولا مقاومة الشعوب الأخرى للاستعمار والاحتلال الأجنبي لتحقيق الاستقلال وتقرير المصير.

رغبة منا نحن مثقفي الأمة في صياغة رؤية عربية إسلامية لمفهوم الإرهاب وتمييزه عن مفهوم المقاومة المشروعة، وحرصاً منا على استمرار التفاعل الحضاري بين الأمم، فقد تداعينا للتوقيع على هذه الوثيقة خدمة لمصالح أمتنا والبشرية جمعاء.


يُعد الإرهاب بمفهومه العام، "الاستخدام غير المشروع للعنف" ظاهرة قديمة جديدة، لكن الأضواء سُلطت عليه في السنوات الأخيرة، في ظل الأزمة الأخلاقية التي يعيشها النظام الدولي، وفي ظل الانتقائية في تطبيق قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية وتوظيفها سياسياً، مما تسبب بزيادة أعمال العنف في مناطق مختلفة من العالم.

ورغم الاتفاق الدولي على مفهوم الكفاح المشروع للدول والشعوب، فإن المجتمع الدولي لم يتمكن من الاتفاق على تعريف واحد ومحدد لمفهوم الإرهاب، نظراً لاختلاف المعايير بين الدول، وتباين الرؤى حولها، فمصطلح العنف واستخدام القوة مفهوم نسبي الدلالة له وظيفته واستخداماته المحددة، وظروفه وبيئته، وهو ليس مجرد لفظ يُعد بذاته مستحسناً أو مستقبحاً.

كما يتوسع بعض الباحثين والخبراء في مفهوم الإرهاب ليشمل الهجمات ضد الأشخاص وضد الممتلكات، ويأخذ بعضهم بالحسبان بواعث الفاعلين، فيفرق بين الهجمات الجنائية والهجمات السياسية. ويخلط بعضهم الآخر بين الإرهاب المحظور والحق في المقاومة والاستخدام المشروع للقوة لإنهاء الاستعمار والاحتلال وممارسة الحق في تقرير المصير.

غير أن النصوص والأعراف الدولية والإنسانية وأحكام الشريعة الإسلامية تؤكد التباين بين المقاومة والجهاد من جهة، والإرهاب من جهة ثانية، وذلك في مختلف الجوانب القانونية والسياسية والاجتماعية، وبالوسائل التي تستخدم في الحالين والأهداف المرجوة.

ومع الإقرار العالمي بحق تقرير المصير، في مداولات الأمم المتحدة، وفي الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعام 1966، وبتحوله من مجرد مبدأ سياسي إلى حق قانوني، فقد أصبح من المحتَّم القول بأنه يقع على كل دولة واجب الامتناع عن الإتيان بأي عمل قسري يحرم الشعوب غير المستقلة من حقها في تقرير مصيرها، سواء أكانت خاضعة للاحتلال أم للاستعمار.

وقد أسفرت جهود المجتمع الدولي بشأن تحديد مفهوم الإرهاب منذ أن طرح الموضوع أمام عصبة الأمم عام 1937 وما تلاها من جهود، إلى استنتاج أن الاستعمار هو أحد أهم دوافع أعمال المقاومة التي يسميها المستعمرون والمحتلون بالإرهاب، حيث تشير مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة طوال عقد السبعينات إلى أن من أهم الأسباب الجوهرية لاستخدام العنف استمرار الاستعمار في السيطرة والهيمنة على الأقاليم التي كانت خاضعة له يوماً ما، وإنكار حق الشعوب في تقرير مصيرها، وبهذا تكون الأمم المتحدة قد قدمت فهماً معيارياً وموضوعياً برد الظاهرة إلى دوافعها وأسبابها، وقد ميزت بين الإرهاب بوصفه جريمة دولية، وبين الكفاح المسلح بوصفه نشاطاً من أنشطة حركات التحرر الوطني المشروعة، وهو بلا شك اختلاف جوهري في الطبيعة والمقاصد.

وفي إطار هذا المفهوم عقدت الجمعية العامة ثلاث عشرة اتفاقية دولية، واستندت في موقفها هذا إلى العديد من القرارات والتوصيات الصادرة عنها، ولعل أولها توصيتها رقم (1514) لسنة 1960 الخاصة بمنح البلدان والشعوب المُستعمَرة استقلالها، والتي اشتَهرت فيما بعد بقرار "تصفية الاستعمار". وكذلك توصيتها رقم (3103) لسنة 1973 بشأن المبادئ المتعلقة بالمركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي والنظم العنصرية، لا بإضفاء المشروعية على عملهم فحسب، وإنما بشمول هؤلاء المقاتلين أيضاً بقواعد القانون الدولي المعمول به في النزاعات المسلحة مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 الخاصة بجرحى الحرب وأسراهم، وحماية المدنيين.

وفي هذا السياق اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة مراراً بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف مثل قرارها رقم (3236) لعام1974 بند (1و2)، وقرارها رقم (39/17) لعام 1984 بند(3)، وقرارها رقم 49/149 لعام 1995 في البند (1و3)، وبحقه في استرجاع حقوقه بالوسائل المتاحة كافة بما في ذلك الكفاح المسلح حسب قرار الجمعية العامة رقم (3236) لعام 1974 بند (5)، ورقم (39/17) لعام 1984 بند(2)، كما أن القانون الدولي، ومنذ قيام الأمم المتحدة، قد حظر اللجوء إلى القوة المسلحة أو التهديد بها في إطار العلاقات الدولية، غير أنه أجاز اللجوء إلى القوة بأشكالها المختلفة في حالات الدفاع الشرعي ضد الاحتلال، بوصفها وسيلة لممارسة حق تقرير المصير، والوصول إلى الاستقلال الوطني.

وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروعية نضال الشعوب في سبيل التحرر من الهيمنة الاستعمارية والسيطرة الأجنبية، بالوسائل كافة، بما في ذلك القوة المسلحة، كما أقرت تقديم دول العالم المساعدات للشعوب التي تناضل في سبيل تقرير المصير، وأن تساعد جهود الأمم المتحدة في هذا المضمار، حيث يمكن لهذه الشعوب أن تتمتع بدعم خارجي في الكفاح المسلح الذي تخوضه ضد دولة استعمارية أو عنصرية أو ضد الاحتلال الأجنبي، دون أن تحتج الأخيرة بأن هذا الدعم يُعد من قبيل التدخل في شؤونها الداخلية وذلك وفق قرار الجمعية العامة رقم (3070) لعام 1973 في البند الثاني والثالث.

وإزاء هذه الجهود المبذولة من الأمم المتحدة لحصر مفهوم الإرهاب وعدم خلطه بحق المقاومة ومشروعيتها، كانت الولايات المتحدة غير متعاونة لإنجاح هذه الجهود، وذلك بسعيها إلى تغييب المعايير وإحلال الانتقائية محلها، لكي تتفرد بعد ذلك في تصنيف أعمال العنف وفق ما تشاء، وقد تصاعد اتجاه توسيع مفهوم الإرهاب لديها ليشمل أعمال المقاومة والجهاد والكفاح المسلح المشروعة، ولا سيما بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وإثر انعقاد مؤتمر شرم الشيخ عام 1996 وضغط أمريكا بهدف إدانة أعمال المقاومة المسلحة الفلسطينية تحت اسم "الإرهاب".

وقد أحدثت تداعيات الهجوم على نيويورك وواشنطن في 11 أيلول/سبتمبر 2001 هزة في النظرية الأمنية الأمريكية السائدة، الأمر الذي شجع الإدارة الأمريكية على تغيير سلوكها الدبلوماسي بلجوئها إلى لغة العنف والتهديد والحصار العسكري والاقتصادي للآخرين، وإعلان تقسيم العالم إلى معسكرين: "إما مع أمريكا أو مع الإرهاب"، حيث صبت جام غضبها وقوتها على العرب والمسلمين دولاً وحركاتٍ وأفراداً، وذلك على خلفية اتهامها أفراداً عرباً ومسلمين بالوقوف وراء هذا الهجوم.

وقد استغل اللوبي الصهيوني بنفوذه العالمي والسياسي والاقتصادي هذه الحادثة لتشجيع التطرف اليميني في الإدارة الأمريكية، وتحريض العالم الغربي ضد كل ما هو عربي وإسلامي.

وفي ظل هذه الظروف المستجدة ظهرت الحاجة إلى إعادة تأكيد المفاهيم الإنسانية السليمة للمقاومة والكفاح والجهاد، والحفاظ عليها حقوقاً إنسانية ثابتة، والمحافظة على شرعيتها وضمان المساندة الدولية لها، وفصلها تماماً عن أي أعمال يمكن أن توصف بالإرهاب والوحشية، وهو ما تحاول هذه الوثيقة التأكيد عليه، وذلك بالاستناد إلى العمق الحضاري والأصالة الفكرية والتطلع المستقبلي للأمة العربية والإسلامية التي يؤكد تاريخها على أنها أمة تكافح الإرهاب وترد العدوان وتدفع الظلم. ولذلك فإن إقحام مصطلح الإرهاب على الإسلام والمسلمين والعرب إنما ينطوي على ظلم بيّن للقيم العربية الإسلامية الأصيلة، ويتسبب في إيجاد مغالطات خطيرة تجاه نضال الشعوب العربية والإسلامية من أجل التحرر من الاحتلال الأجنبي واستعادة حقوقها المشروعة.

توصيات
ترى هذه الوثيقة أن الحد من ظاهرة الإرهاب ودعم المقاومة المشروعة يتطلب ما يلي:
1- السعي لوضع مفهوم متفق عليه للإرهاب، وتمييزه عن المقاومة المشروعة، وتعد هذه الوثيقة مساهمة في هذا المضمار.
2- المبادرة السريعة والجادة إلى تعزيز التفريق بين الممارسات الإرهابية التي تقوم بها إسرائيل وغيرها من الدول، وأعمال المقاومة المشروعة التي تقوم بها حركات التحرير الوطنية لتحقيق أهدافها في تقرير المصير والاستقلال، حتى لا تختلط المفاهيم كما هو الحال في فلسطين وغيرها.
3- تمكين الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار من تحقيق استقلالها ونيل حقها في تقرير المصير، حتى لا يكون ذلك ذريعة لأعمال عنف يختلف الناس في تسميتها بالإرهاب أو المقاومة المشروعة.
4- تفعيل التعاون الدولي المنظم على أساس العدل والمساواة ورعاية المصالح المشتركة دون هيمنة أو انتقائية، وتفعيل القانون الدولي فيما يتعلق بحماية حق الشعوب في نيل استقلالها وتقرير مصيرها.
5- السعي لتوفير الحماية الكافية للمدنيين في الحروب بما في ذلك تأمين إيصال المساعدات الطبية والإنسانية للمحتاجين منهم.
6- مواجهة إرهاب الدولة والحد من تفاقمه بالعمل على بلورة موقف دولي موحد ضد الدول التي تمارسه وبخاصة إسرائيل، والعمل على عزل هذه الدول حتى تتوقف عن ممارسة الإرهاب ورعايته.
7- التوقف عن التهديد بالقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية ضد الدول الضعيفة، واستغلال مواردها من جانب الدول الأقوى بصورة استعمارية، والعمل بدلا من ذلك على تشجيع إقامة علاقات التعاون والسلم الدوليين.
8- توسيع دوائر الحوار الثقافي والحضاري بين العالم العربي والإسلامي من جهة، والعالم الغربي من جهة أخرى، لتقليل الحاجة إلى اللجوء إلى القوة والعنف في أي خلافات بين الجانبين.

أقدم شجرة زيتون بالعالم توجد في فلسطين عمرها يزيد عن 5550عاما

أقدم شجرة زيتون بالعالم توجد في فلسطين عمرها يزيد عن 5550عاما

بدأت شجرة زيتون فلسطينية تحظى باهتمام عالمي متزايد، باعتبارها قد تكون اقدم شجرة زيتون في العالم.ويؤكد المهندس الزراعي نادي فراج أن عمر شجرة الزيتون التي تقع في تلال القدس الجنوبية المهددة دائما بالاستيطان الإسرائيلي، ويطلق عليها السكان اسم شجرة سيدنا احمد البدوي، يزيد عن 5500 عاما.


أقدم شجرة زيتون بالعالم توجد

ولا تحظى هذه الشجرة، التي ربما تكون اقدم
شجرة في فلسطين، واقدم شجرة زيتون في العالم، بشهرة كبيرة،وتكاد تكون مجهولة، حتى أن كثيرا من سكان قرية الولجة التي تقع الشجرة فيها لا يعرفون عنها الكثير.

ويقول فراج الذي ينشط، مع متطوعين أجانب، لمساعدة المزارعين هناك الذي يواجهون تحديات مريرة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بان خبراء يابانيين فحصوا الشجرة بأدوات خاصة وقدروا عمرها بنحو 5500 عاما.
ولا يحتاج الزائر للشجرة لأقوال الخبراء، ليدرك على الفور عمرها الضارب في القدم، وعندما قاس مراسلنا قطرها تبين له انه يصل إلى 20 مترا.

أقدم شجرة زيتون بالعالم توجد

وقالت نعمة عبد ربه 55 عاما، التي تسكن قريبة من الشجرة، بان حكايات كثيرة تنسج عن
شجرة البدوي، وان السكان المحليين يخشون التعرض لها بسوء مثل قصف غصن منها، أو استخدام ثمارها.
وأشارت في حديث لمراسلنا بان السكان يلجاون إلى قطف سبع ورقات من الشجرة لاستخدمها في وصفة توضع تحت راس المريض، وان التجربة تثبت دائما قدرة هذه الأوراق على الشفاء.

وترتبط الشجرة بميثولوجيا محلية وحكايات لا تنتهي عن الحلال والحرم والصدق والكذب وفعل الخير، وتروي عبد ربه أن أحد أقربائها المعروف باسم أبو شحادة قصف يوما جذعا من هذه الشجرة ليشذبه ويستخدمه كعصا للفأس، ولكن هذا الجذع تحول في الليل إلى نوع من الأفاعي السوداء يعرف محليا باسم (العربيد) أثار الذعر في المنزل، فما كان منه، في صباح اليوم التالي، إلا أن اخذ الجذع وقذفه إلى الشجرة قائلا "خذ جذعك يا سيدنا احمد البدوي".

وكما هو معروف فان احمد البدوي هو قطب صوفي شهير قبره في مدينة طنطا الساحلية في مصر، وكان له اتباع كثر في فلسطين.
ويقول أبو نضال وهو أحد كبار السن في القرية، بان زيتونة احمد البدوي، هي وقف إسلامي، رغم أنها تقع الان ضمن ملكية فردية.

ويشير إلى أن دراويش الصوفية كانوا في السابق يأتون إلى الزيتونة ويشذبونها ويقلمونها ويجمعون الأغصان ليوقدوا نارا تحتها، بينما يأتي الذين انذروا نذورا كي يطهوا طعاما تقليديا من الأرز والعدس، وتوزيعه على الفقراء، لكن هذا الطقس لم يعد موجودا في الوقت الراهن.

ويروي أبو نضال حكايات كثيرة عن الشجرة، من بينها أن أحد الأشخاص التقط ثمرها الأسود ووضعه في منزله تمهيدا لصنعه، فتحول إلى صراصير، وحكاية أخرى عن جامع آخر لثمر الشجرة وضعه في منزله، فدخل عليه في الليل اتباع البدوي وكأنهم أشباح وقسموا الثمر قسمين، في إشارة إلى انه يمكن أن ينتفع جامع الثمر بنصفه، نظير تعبه بشرط أن يوزع النصف الآخر على الفقراء، وتوزع الأموال التي يباع بها الثمر الان على الفقراء.

تجريد ومعارض

وفي محاولة لإعادة الاهتمام بالشجرة من ناحية قيمتها التاريخية، لا يترك عبد الفتاح عبد ربه (45) عاما والشهير بلقب كتكت، بابا يفتح في هذا المجال إلا ويستغله، فيدعو المتضامنين الأجانب والمتطوعين إلى شجرة البدوي باستمرار، حيث يتناولون غذائهم تحت الشجرة المثيرة التي يمكن أن تحتوي تحت أغصانها أعداد كبيرة من الناس.

واصطحب كتكت، الفنانة التشكيلية الفلسطينية التي تعيش في أميركا سامية حلبي (65) عاما، التي استوحت أعمالا كثيرة لها من أشجار الزيتون، معه إلى شجرة احمد البدوي، وسارا معا في الطريق الترابية الملتوية الضيقة المؤدية إلى الشجرة، لتجد حلبي التي تعاملت بفلسفة خاصة مع أشجار فلسطين، نفسها أمام شجرة مختلفة بكل المقاييس.

وجاءت حلبي مع مجموعة من الفنانين الأميركيين واليابانيين، وجلسوا تحت الشجرة منذ الصباح حتى العصر، وهم يرسمون شجرة الزيتون الموغلة بالقدم والمثقلة بالحكايات.

وعرضت حلبي رسوماتها التجريدية المستوحاة من شجرة البدوي في معارض في المدن الأميركية وخارجها.
واستخدمت حلبي تقنيات فنية متنوعة في نقل روح الشجرة إلى أعين زوار معرضها، من بينها القماش والورق والبولياستر.
وحلبي من مواليد مدينة القدس، التي عادت إليها في عام 1965، لتتكرر زيارتها للمدن الفلسطينية، وترتبط بالأمكنة وليكون لأشجار الأرض المقدسة أهمية بالغة في فنها.

والمثير في حكاية أشجار الزيتون القريبة من شجرة البدوي، أنها لم تعد فقط موضوعا لأعمال فنية، بل شكلت هي نفسها معرضا فنيا، بفضل نادي فراج.

يقول نادي فراج بأنه خلال أعمال بناء الجدار الفاصل جنوب القدس، تم اقتلاع عشرات الأشجار المعمرة التي يزيد عمر الواحدة منها عن الألفي عام، وبعد جهود حثيثة وافقت السلطات الإسرائيلية على السماح للفلسطينيين بأخذها، بشرط أن لا يعيدوا زراعتها في مكانها، فنقلها فراج إلى ساحة المهد في مدينة بيت لحم، لتشكل معرضا مفتوحا، يثير اهتمام المصورين والسياح الأجانب، وعلق في "رقبة" كل شجرة حكايتها الخاصة المؤثرة، من بينها شجرة أطلق عليها اسم شجرة السلام، أعيد زراعتها وسط الساحة، وأوحت هذه الشجرة لكاتبة أطفال أوروبية بجعل صورتها غلاف أخر كتاب لها عن حكايات الأرض المقدسة التي تبدا وتنتهي بالأشجار

الذراع العسكري للمستوطنين الصهاينة.




كتب حاييم لفنسون في هآرتس مقالا بتاريخ 2012-09-26 تحت عنوان:
الذراع العسكري للمستوطنين

صدف لي أن زرت قبل اسبوعين مستوطنة كبيرة، حيث وثقت بالكاميرة جناية املاك قام بها أحد سكان المكان، في أرض آخر، فلسطيني. بيني وبين ذاك المقيم نشبت خلافات. فقد حاول منعي من التصوير بدعوى أن هذا ملكه الخاص، أما أنا فادعيت بان لا مانعاً قانونياً من أن اواصل عملي.

لو كان مثل هذا النزاع يحصل في نطاق الخط الاخضر، لكان أحد منا بالتأكيد استدعى الشرطة، التي ستسوي الخلاف. ولكن هذا النزاع نشب في مستوطنة: المقيم هاتف بجهازه النقال الهاتف النقال لما يسمى «ربشتس» (مسؤول الامن الجاري في الجيش الإسرائيلي) وبعد نحو دقيقتين وصلت إلى المكان سيارة جيب نزل منها حارس شخصي خاص مسلح. طلب مني الحارس بطاقة الهوية. طلبت منه هويته وقلت له من ناحيتي هو مجرد مدعٍ. وفي النهاية رضي وسحب بطاقة: إذن عمل من شركة حراسة خاصة. وكثأر على رفضي تسليم الهوية، أغلق الحارس في وجهي بوابة دخول المستوطنة، ولم يسمح لي بالخروج، إلى ان وصل افراد الشرطة وحرروني.

بتشجيع من الجيش، نشأت في المناطق في العشرين سنة الاخيرة قوة مدنية مسلحة بنحو 1.600 بندقية. في الولايات المتحدة يسمون هذه ميليشيا. في السلطة الفلسطينية يسمونها الذراع العسكري. عندنا يسمون «ربشتس» وثلات تأهب. الجيش هو المشجع الاساس لهذا المشروع: فهو يسلح ويدرب ثلات التأهب ويشرف على نشاطها. في كل لواء يوجد ضابط الدفاع اللوائي الذي مهمته الاشراف والتنسيق على عمل الـ «ربشتس» (اي مسؤولي الامن الجاري). رواتب هؤلاء يحصلون عليها من السلطات المحلية. أما ساعات التدريب ـ فعلى حساب قيادة الجبهة الداخلية.

الظاهرة مقلقة من ناحيتين. الناحية الاولى هي ان هذه شرطة خاصة بكل معنى الكلمة. ومع أن مسؤولي الامن الجاري يتبعون الجيش من ناحية القيادة، ولكن لما كانوا يتلقون الرواتب من المستوطنة وبشكل عام هم أيضاً سكان قدامى فيها، فانهم عمليا يتلقون تعليماتهم من مسؤولي المستوطنة. وبسبب اقدميتهم ومعرفتهم للمنطقة، فانهم يصبحون المسؤولين عن الجنود الذين يتغيرون في الجبهة.

يحرس مسؤولو الامن الجاري نشاطات مثل السيطرة على الاراضي ومصادر المياه. واحياناً يمنعون، بشكل غير قانوني، الدخول إلى المستوطنة. في فترة تجميد البناء، شارك بعض مسؤولي الامن الجاري في اغلاق الطرق في وجه مراقبي الادارة المدنية، سواء بسيارة تمولها الدولة أم بتنظيم الاحتجاجات. ويعمل مسؤولو الامن الجاري أبداً بشكل احادي الجانب: ضد الفلسطينيين. اما الجريمة في الداخل ـ الجناية والقومية ـ فلا يتصدون لها.

الناحية المقلقة الثانية هي خصخصة الجيش. فالدولة يفترض أن تبقي لنفسها احتكار استخدام القوة، العسكرية أو الشرطية. فاذا كانت الدولة تعتقد بانه يوجد مبرر لإسكان مدنيين في مناطق معادية، فلتتفضل لتبعث بجيشها للدفاع عنهم. اما مسؤولي الامن وثلات التأهب فيأخذون على عاتقهم صلاحيات عسكرية صرفة ويحلون محل الجنود المقاتلين.

متابعة حالتين بارزتين في تاريخ الارهاب في المستوطنات تدل على أن الخصخصة لا تنجح بالضرورة. فالتحقيق في العملية الباعثة على الصدمة في ايتمار في اذار 2011، يفيد بان هذه الطريقة تمس بأمن المستوطنين. في مركز الامن في المستوطنة لاحظوا بانه كان لمس للجدار. ومشطت دورية من فرد واحد من شركة الحراسة (مرؤوس لمسؤول الامن) كان وصل إلى المكان، مشط المنطقة ولم يعثر على شيء. وقوات الجيش لم تهرع إلى المكان. وفي التحقيق تقرر بانه لا توجد أنظمة عمل لمثل هذه الدوريات، والجيش لم يطلب التزاماً بمقاييس مهنية من مسؤول الامن الجاري وهذا لم يطلب ذلك من الحراس. النتيجة: المخربون دخلوا عبر الجدار الالكتروني، قتلوا الابوية واطفالهما، سرقوا بندقيتين، خرجوا عبر الجدار، احرقوا ملابسهم، أخفوا السلاح وأحد لم يلاحظ شيئاً.

في حالة اخرى، في المعركة في محور المصلين في الخليل في تشرين الثاني 2002، قتل ضابط امن كريات أربع، اسحق بوانش إلى جانب رفيقه في ثلة التأهب، الكس دوخان والكس صبتمان. ويستخدم المستوطنون هذا الحدث القاسي كمثال على وحدة المصير والقتال كتف إلى كتف مع الجيش، ولكن تحليل الحدث يبين صورة مختلفة. فقد كمنت خلية من الجهاد الاسلامي في زقاق في ساعة ليلية. قوة من حرس الحدود علقت في الكمين وقتل مقاتلوها. قائد لواء الخليل، المهاجم، درور فينبرغ، اصيب بالنار وقتل. سلسلة القيادة العسكرية الإسرائيلية انهارت. من قاد الحدث لدقائق طويلة كان مسؤول الامن بوانش، وثلة التأهب التي نظمها هجمت ببطولة، حتى موت أفرادها.

فهل هذا واقع طبيعي، أن يقتل المدنيون في معركة فشل فيها جنود جيش الدفاع الإسرائيلي؟
 

المفصل في أحكام الأضحية، مناقشة الأدلة، قائمة المصادر، فهرس الموضوعات، - 10 -

المفصل في أحكام الأضحية، مناقشة الأدلة، قائمة المصادر، فهرس الموضوعات، - 10 -

قال الخرشي :[ يكره للشخص أن يضحي عن الميت خوف الرياء والمباهاة ولعدم الوارد في ذلك ] (4) أي لعدم ورود دليل شرعي يدل على جواز الأضحية عن الميت .
ولم أقف لهم على أدلة أخرى سوى ذلك .

أدلة القول الثالث :
قبل أن أذكر أدلة القول الثالث ، ينبغي أن يعلم أولاً ، أن الشيخ عبد الله بن زيد
آل محمود رئيس المحاكم الشرعية والشؤون الدينية في دولة قطر يرحمه الله ، قد بحث مسألة الأضحية عن الميت بحثاً مفصلاً ، ويرى أن الأضحية عن الميت غير شرعية ، وذهب إلى تفضيل الصدقة عن الميت على الأضحية عنه ، وألَّف في ذلك رسالة بعنوان :
[ الدلائل العقيلة والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية ، وهل الضحية عن الميت شرعية أو غير شرعية ؟ ] تقع في 157 صفحة .
وقد خالفه في قوله عدد من أهل العلم ، منهم الشيخ عبد العزيز بن ناصر بن رشيد ، والشيخ إسماعيل الأنصاري من علماء نجد ، ونشر كلٌ منهما مقالاً في الرد على الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود ، وقد ردَّ الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود على الأول منهما في رسالة بعنوان [ مباحث التحقيق مع الصاحب الصديق ] تقع في 45 صفحة .
وردّ على الثاني في رسالة بعنوان [ إعادة البحث الجاري مع الشيخ إسماعيل الأنصاري فيما يتعلق بالأضاحي عن الأموات ] تقع في 34 صفحة .
كما أن الشيخ علي بن عبد الله الحواس من علماء نجد ، ألف كتاباً موسعاً في الرد على الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود وأبطل فيه رأيه وسماه [ الحجج القوية والأدلة القطعية في الرد على من قال إن الأضحية عن الميت غير شرعية ] ويقع في 300 صفحة .
كما أن الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد يرحمه الله ، من كبار علماء السعودية ، كان قد ردَّ على رسالة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود ( الدلاائل العقلية والنقلية ..) ولكني لم أطلع عليه (1) .
وقد بيَّن الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود رأيه في هذه المسألة فقال :[ أما الأضحية عن الميت فإنه بمقتضى التتبع والاستقراء لكتب الصحاح والسنن والمسانيد والتفاسير والسير ، لم نجد دليلاً صريحاً من كتاب الله ، ولا حديثاً صحيحاً عن رسول الله  يأمر بالأضحية عن الميت ، أو يشير إلى فضلها ووصول ثوابها إليه ، ولم ينقل أحد من الصحابة والتابعين أنهم كانوا يضحون لموتاهم ، ولم يذكر فعلها عن أحد منهم ، لا في أوقافهم ولا وصاياهم ولا في سائر تبرعاتهم ، ولم يقع لها ذكر في كتب الفقهاء من الحنابلة المتقدمين ، لا في المغني على سعته ، ولا في الكافي ، ولا المقنع ، ولا في الشرح الكبير ، ولا المحرر ، ولا الإنصاف ، ولا النظم ، ولا في المنتقى والإلمام في أحاديث الأحكام ، ولا في إعلام الموقعين ، ولا في زاد المعاد ، ولا في البخاري ، ولا في شرحه فتح الباري ، ولا في مسلم ولا في شرح مسلم للنووي ، ولا في نيل الأوطار للشوكاني ، ولا في سبل السلام للصنعاني ، ولا في التفاسير المعتبرة ، كابن جرير الطبري وابن كثير والبغوي والقرطبي ، فتركهم لذكرها ينبئ على عدم العمل بها في زمنهم أو على عدم مشروعيتها عندهم .
والظاهر من مذهب مالك والشافعي وأبي حنيفة عدم جواز فعلها عن الميت ، لعدم ما يدل على مشروعيتها ، وخص الإمام أبو حنيفة الجواز بما إذا عينها ثم توفي بعد تعيينها فإنها تذبح عنه تنفيذاً للتعيين .
والقول الثاني : أنه لا يجوز ذبحها بل تعود تركة لكونه لا أضحية لميت ، حكى القولين في المبسوط وبدائع الصنائع وأشار الطحاوي إليه في مختصره .
ولم نجد عن الإمام أحمد نصاً في المسألة لا جوازاً ولا منعاً. فلا يجوز نسبة القول بالجواز إليه عند عدم ما يدل عليه إلا أن تؤخذ من مفهوم قوله : ( الميت يصل إليه كل شيء ) وهي كلمة تحتاج إلى تفصيل ، إذ لا يصح أن يصل إلى الميت كل شيء من عمل الغير حتى عند الإمام أحمد نفسه ، كما سيأتي بيانه فالقول : بأن جواز الأضحية عن الميت ، هو ظاهر المذهب إنما يتمشى على الاصطلاح الحديث ، من أن المذهب هو ما اتفق عليه الإقناع والمنتهى ، وقد قالا بجواز ذلك أو استحبابه ، فهذا شيء ونسبة القول به إلى الإمام أحمد شيء آخر .
وأسبق من رأيناه طرق موضوع الكلام في المسألة هو أبو داود في سننه حيث قال :( باب الأضحية عن الميت ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا شريك عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش قال : رأيت علياً يضحي بكبشين فقلت له : ما هذا ؟ فقال : إن رسول الله أوصاني أن أضحي عنه فلا أزال أضحي عنه ) ورواه الترمذي في جامعه بلفظه ومعناه وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .
-------------------------------------
(4) شرح الخرشي 3/42 .
(1) "الدلائل العقلية والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية وهل الضحية عن الميت شرعية أو غير شرعية" وهي رسالة الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود ضمن كتابه (توحيد أعياد المسلمين ومسائل أخرى ) وهو من منشورات مؤسسة الرسالة .
ورسالة مباحث التحقيق مع الصاحب الصديق ورسالة " إعادة البحث الجاري مع الشيخ إسماعيل الأنصاري " من مطبوعات مطابع مصر الوطنية وكتاب " الحجج القوية والأدلة القطعية في الرد على من قال إن الأضحية عن الميت غير شرعية " الطبعة الثانية 1401 طبع في مطبعة المدينة / الرياض / السعودية .
وقد أشار في مقدمته إلى رسالة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد .
------------------------------------

ثم قال صاحب تحفة الأحوذي على الترمذي : حنش هو أبو المعتمر الصنعاني وقد تكلم فيه غير واحد ، قال ابن حبان البستي : كان كثير الوهم في الأخبار ينفرد عن علي بأشياء لا تشبه حديث الثقات حتى صار ممن لا يحتج به . وشريك هو أبو عبد الله القاضي فيه مقال وقد أخرج له مسلم في المتابعات .أهـ
وأبو الحسناء : هو مجهول لا يعرف ، قاله ابن حجر في التقريب ،
وقال ابن العربي في شرح الترمذي : هذا حديث مجهول .
ثم قال الترمذي : قد رخص بعض أهل العلم أن يضحى عن الميت ، ولم ير بعضهم أن يضحى عنه ، وقال عبد الله بن المبارك : أحبُ إليَّ أن يتصدق عنه ولا يضحى ، فإن ضحى فلا يأكل منها شيئاً ويتصدق بها كلها .
وأخرجه البيهقي في سننه وقال : إن ثبت هذا كان فيه دلالة في التضحية عن الميت .
ومن المعلوم عند أهل الحديث عدم ثباته وأنه ضعيف لا يحتج به .
ثم قال صاحب تحفة على الترمذي قلت : إني لم أجد في التضحية عن الميت منفرداً حديثاً صحيحاً مرفوعاً ، وأما حديث علي المذكور في هذا الباب فضعيف كما عرفت .
وقد أخذ بعض الفقهاء بظاهر حديث علي ، ولم ينظروا إلى ضعفه في سنده ومتنه ولا إلى عدم الإحتجاج به ولا إلى عدم عمل الصحابة بموجبه ، لأن أكثر الفقهاء يتناقلون الأثر على علاته بدون تمحيص ولا تصحيح ، وينقل بعضهم عن بعض حتى يشتهر وينتشر ويكون كالصحيح ، وكل من تدبر أقوال الفقهاء القائلين بجواز الأضحية عن الميت مطلقاً أو بجوازها متى أوصى بها أو وقف وقفاً عليها ، وجدهم يستدلون على ذلك بحديث علي هذا أن النبي أوصاه أن يضحي عنه ، لظنهم أنه صحيح ، لأن غالب الفقهاء لا يعرفون الصحيح من الضعيف معرفة تامة ، فينشأ أحدهم على قول لا يعرف غيره ، ولم يقف على كلام أهل الحديث في خلافه وضعفه فيظنه صحيحاً ويبني على ظنه جواز العمل به والحكم بموجبه ، وقد استأنسوا في هذا الباب بما روي عن أبي العباس السراج وكان أحد مشايخ البخاري أنه قال : ختمت القرآن للنبي  اثنتي عشرة ألف ختمة وضحيت عنه باثنتي عشرة ألف أضحية .
ذكر هذه الحكاية ابن مفلح في الفروع في إهداء ثواب الأعمال إلى الموتى من آخر كتاب الجنائز ، وهي حكاية شخص عن فعل نفسه ، ليست بأهل أن يصاخ لها ، وليس من المفروض قبول هذه المجازفة الخارجة عن جدول الحق والعدل ، إذ ليس عندنا دليل يثبت إهداء الأضحية وتلاوة القرآن إلى رسول الله  ، ولو كان صحيحاً لكان صفوة أصحابه وخاصة أهل بيته أحق بالسبق إلى ذلك ، ولم يثبت عن أحد منهم أنه حج عن رسول الله أو صام أو أهدى ثواب قراءته أو أضحيته إليه ، وإنما الأمر الذي عهده رسول الله لأمته ، هو اتباع هديه والإعتصام بكتاب الله وسنة رسوله ، وأن يكثروا من الصلاة والتسليم عليه وأن يسألوا الله له الوسيلة والفضيلة ، وأن يبعثه مقاماً محموداً الذي وعده . هذا هو الأمر الذي شرعه رسول الله لأمته ، بخلاف إهداء ثواب القرب الدينية فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله :[ لا يستحب إهداء القرب الدينية إلى النبي  بل هو بدعة ] قاله في الاختيارات .
فمتى كان أهل المعرفة بالحديث متفقين على أنه لا يوجد في الأضحية عن الميت حديث صحيح ، يدل دلالة صريحة على الأمر بها ، فضلاً عن أن يكون فيها أخبار متواترة أو مستفيضة ، امتنع حينئذ التصديق بكون النبي  أوصى بها أو شرعها لأمته ، ولم ينقل فعلها عن أحد من الصحابة ، ولا أهل بيته ولا التابعين ، مع تكرار السنين وحرصهم على محبة الرسول  واتباع سنته وتنفيذ أوامره ، والعادة تقتضي نقل ذلك لو وقع إذ هي من الأمور الظاهرة التعبدية التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها وتبليغها ، لكونهم أحرص الناس على فعل الخير ، وإيصال ثوابه إلى الغير من موتاهم ، فمتى كان الأمر بهذه الصفة ، علمنا حينئذ أنها ليست بمشروعة ، ولا مرغب فيها ؟ والتعبدات الشرعية مبنية على التوقيف والاتباع . لا على الاستحسان والابتداع كما قال بعض السلف : كل عبادة لم يتعبدها رسول الله ولا أصحابه ، فلا تتعبدوها فإن الأول لم يترك للآخر مقالاً .
فإن قيل بم عرفتم أن الصحابة والتابعين لم يضحوا عن موتاهم ؟
قيل : علمنا ذلك بعدم نقله عنهم ، وهذه أسفار السنة على كثرتها لا تثبت عن أحد منهم فعلها ، لا في سبيل تبرعاتهم لموتاهم ولا في أوقافهم ولا الوصايا الصادرة منهم ، ومن المعلوم أن الأمور الوجودية يتناقلها الناس من بعضهم إلى بعض ، حتى تشتهر وتنتشر كما نقلوا سائر السنن والمستحبات ، أما الأمور العدمية التي لاوجود لفعلها ، فإن الناس لا ينقلونها إلا عندما يحتاجون إلى ردها ، وبيان الهدى من الضلال فيها ، فلو نقل ناقل أن أصحاب رسول الله  كانوا يحجون له أو يضحون له أو يقرأون القرآن ويهدون ثوابه إليه ، لحكمنا بكذبه لعدم نقله ، ولو فتح هذا الباب لاحتج كل واحد لبدعته بما يؤيدها فتفشوا البدع ويفسد الدين .
والمقصود أن الأضحية عن الميت ،لم يثبت في كتاب الله ولا في سنة رسول الله مشروعيتها ، ولم ينقل عن رسول الله بطريق صحيح ، الأمر بها لا بطريق التصريح ولا الإيماء ، ولهذا لم يفعلها أحد من الصحابة ، فعدم فعلها يعد من الأمر المجمع عليه زمن الصحابة ، واستصحاب حكم الإجماع في محل النزاع حجة .
وكل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع من خلف ] (1) .
إذا علم هذا فإن الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود ساق أدلة كثيرة على منع الأضحية عن الميت أذكر تلخيصاً لبعضها :
الأول : إن الأضحية إنما شرعت في حق الحي فأول من فعلها إبراهيم عليه السلام حيث قال الله تعالى :} وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ { وهي أضحية أمر أن يذبحها يوم عيد النحر .
ثم سنَّها رسول الله  في أمته تشريفاً لعيد الأضحى الذي سمي باسمها ، وشكراً لله على بلوغه ، وإدخالاً للسرور على الأهل والعيال … وأنزل الله :} فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ { فالذين أمروا بصلاة العيد هم المأمورون بنحر الأضاحي وهم الأحياء ، ولا علاقة لها بالأموات البتة .
-----------------------------------
(1) الدلائل العقلية والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية ص51-59 .
-----------------------------------

وأما أضحية النبي  بالكبش عنه وعن أمته ، فإن الله سبحانه وتعالى قد أثبت لنبيه الولاية التامة العامة على كافة أمته ، وهي ولاية أحق وأخص من ولاية الرجل على عياله وأهل بيته … فمن ولايته أضحيته عن أمته كما يضحي أحدنا عن عياله وأهل بيته ، بل أحق .
الثاني : إنه توفي عدد من أقارب النبي  في حياته ، فتوفي ابنه إبراهيم وتوفي ثلاث من بناته وتوفيت زوجته خديجة … ومع هذا كله لم يضح عنها ولا عن أحد من ابنه وبناته ، ولو كانت الأضحية عن الميت من شرعه لما بخل بها عن أحبابه وأقاربه ولفعلها ولو مرة واحدة ، مع العلم أنه متصف بالجود والكرم ، فكان يقسم الأضاحي بين أصحابه لتعميم العمل بسنة الأضحية .
الثالث : إن الصحابة هم الذين حفظوا سنة رسول الله  وبلغوها إلى الناس ، ولم يحفظ عن أحد منهم أنه ضحى عن ميته ، ولا أوصى أن يضحى عنه بعد موته ، ولا وقف وقفاً له في أضحية وهم أحرص الناس على اتباع السنة وأبعدهم عن البدعة ، فلو كانت الأضحية عن الميت سنة أو أن فيها فضيلة ، أو أن نفعها يصل إلى موتاهم ، لكانوا أحق بالسبق إليها ولو كان خيراً لسبقونا إليه .
الرابع : إن جميع الصحابة الذين سألوا رسول الله  عن أفضل ما يفعلونه لموتاهم إنما أرشدهم النبي  إلى الدعاء والصدقة وصلة الأقارب وقضاء الواجبات من حج ونذر ، فهذا سعد بن عبادة قال : يا رسول الله إني أمي أفتلت نفسها ولم توص ، أفلها أجر إن تصدقت عنها ؟ فقال : نعم ، تصدق عن أمك . ولم يقل ضح عن أمك .
وهذا أبو طلحة وضع بيرحاء بين يدي رسول الله … ولم يأمره أن يجعل فيها أضحية تذبح عنه بعد موته .
وهذا عمر استشار رسول الله في مصرف وقفه … فأشار عليه رسول الله بأن يحبس أصلها ويتصدق بثمرها … ولم يجعل له فيها أضحية .
الخامس : إن القائلين بمشروعية الأضحية عن الميت أخذاً من مفهوم أضحية النبي  عنه وعن أمته أنه فهم غير صحيح ولا مطابق للواقع ، فإن هذه الأضحية وقعت عن النبي  بطريق الأصالة ، وقد أشرك جميع أمته في ثوابها ولم يخص بذلك الأموات دون الأحياء ، وهذه لا يقاس عليها لاعتبارها من خصائصه ، فإن هذه الأضحية دخل في ثوابها الأحياء الموجودون من أمته وقت حياتهم ، كما دخل فيها المعدمون ممن سيوجد من أمته إلى يوم القيامة ، وهذا الفعل بهذه الصفة لا ينطبق على أضحية غيره … فدلت على الاختصاص به وعدم التشريع بها والحالة هذه .
السادس : إذ لو كانت للتشريع كما يقولون ، لاستحب لكل مقتدر أن يضحي عن أمة محمد الموجودين والمعدومين ، كما فعل رسول الله  ، إذ هذا محض الأسوة به ، ولم يقل بذلك أحد من العلماء فسقط الاستدلال بموجبه .
السابع : إن أهل المعرفة بالحديث متفقون على أنه لا يوجد في الأضحية عن الميت حديث صحيح ولا حسن ، يدل دلالة صريحة على الأمر بها ، فضلاً عن أن يكون فيها أخبار متواترة أو مستفيضة ، فمتى كان الأمر بهذه الصفة امتنع حينئذ التصديق بكون النبي  أوصى بها وشرعها لأمته ، ولم ينقل فعلها عن أحد من الصحابة ولا التابعين ، مع تكرار السنين وحرصهم على محبة الرسول  واتباع سنته وتنفيذ أوامره ، والعادة تقتضي نقل ذلك لو وقع منهم ، إذ هي من الأمور الظاهرة التعبدية التي تتوفر الهمم والدواعي على نقلها وتبليغها لكونهم أحرص الناس على فعل الخير وإيصال ثوابه إلى الغير من موتاهم فمتى كان الأمر كذلك علمنا حينئذ أنها ليست بمشروعة ولا مرغب فيها ، لأن عدم فعلها يعتبر من الإجماع السابق زمن الصحابة ، واعتبار حكم الإجماع في محل النزاع حجة .
الثامن : إن قدماء فقهاء الحنابلة من لدن القرن الثاني الذي فيه الإمام أحمد إلى القرن الثامن الذي فيه شيخ الإسلام ، لم يحفظ عن أحد منهم ولم نجد في شيء من كتبهم القول بمشروعية الأضحية عن الميت ، إلى أن نسب عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله القول باستحبابها ، ثم أخذها صاحب الإقناع والمنتهى فأدخلاها على المذهب في القرن الحادي عشر ، حيث قالا :( وأضحية عن ميت أفضل منها عن حي ) ، وفي الإقناع :( وذبحها ولو عن ميت أفضل من الصدقة بثمنها ) .
التاسع : مذاهب الأئمة الثلاثة ، وهم مالك والشافعي وأبو حنيفة ، كلهم متفقون على عدم استحباب الأضحية عن الميت ، لعدم ما يدل على مشروعيتها … وحتى الإمام أحمد لم نجد عنه نصاً في استحباب الأضحية عن الميت …
العاشر : إن الصحابة التابعين لم ينقل عنهم فعل الأضحية عن موتاهم ، فقد علمنا ذلك بعدم نقله عنهم وهذه أسفار السنة على كثرتها منشورة بين الناس وهي لا تثبت عن أحد منهم فعلها …
الحادي عشر : إن كل من تدبر النصوص الدينية من الكتاب والسنة وعمل الصحابة ، فإنه يتبين له بطريق الجلية أن الأضحية إنما شرعت في حق من أدركه العيد من الأحياء شكراً لله عل بلوغه واتباعاً للسنة في إراقة الدم فيه لله رب العالمين ، أشبه مشروعية صدقة الفطر عند عيد الفطر ، لإغناء الطوافين من الفقراء والمساكين ، فلو قال قائل بمشروعية صدقة الفطر عن الأموات ، لعده العلماء مبتدعاً لعدم ما يدل على مشروعية ذلك ، وهذا هو عين ما فهمه الصحابة من حكمة الأضحية ، فكيف يمكن أن يقال بعد هذا إن النبي  ضحى بالشاة عن نفسه وعن أمته ليفهم عنه جواز الأضحية عن الموتى والفعل لا يحتمله ولا يمت له بصلة ، ولم ينقل عن علماء الصحابة القول به ولا العمل بموجبه وهذا واضح جلي لا مجال للشك في مثله ...) (1)

مناقشة الأدلة :
ردُّ المجيزين للأضحية عن الميت على المانعين :
توسع العلماء المتأخرون الذين أجازوا الأضحية عن الميت في الردّ على المانعين ، وعلى وجه الخصوص في ردّهم على الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود ، وسأذكر بإيجاز أهم ما أجابوا به عن أدلته :
أولاً : قالوا في الجواب عن قول الشيخ عبد الله إن الأضحية شرعت في حق الحي لا الميت بدليل الكتاب والسنة وإجماع الصحابة … الخ .
---------------------------------
(1) الدلائل العقلية والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية ص5-16 بتصرف يسير .
---------------------------------

فالجواب : أن أقول لا شك أن مشروعية الأضحية دل عليها الكتاب والسنة والإجماع وقد تقدمت الأدلة على ذلك لكن قول الشيخ والأضحية إنما شرعت في حق الحي لا الميت خطأ واضح ، لأن الذي شرعها في حق الحي ما منعها في حق الميت فعدم منعها في حق الميت دليل على مشروعيتها في حقه أيضاً ولأن الأحاديث التي ورد الأمر فيها بالصدقة عن الميت والصيام والحج عنه والدعاء له وغير ذلك تدلنا على مشروعية الأضحية عنه كما شرعت تلك الأشياء عنه وأنها من جملتها .
أما قول الشيخ بدليل الكتاب والسنة وإجماع الصحابة .
فيقال للشيخ هل منع الكتاب والسنة وإجماع الصحابة الأضحية عن الميت ؟ فإن قال: لا، فقد قامت عليه الحجة والدليل .
وإن قال: نعم ، فقد تقوَّل على الكتاب والسنة وإجماع الصحابة ، ولأنه لا يمكنه أن يجد دليلاً ولو ضعيفاً من كتاب الله أو سنة رسول الله  أو كلام الصحابة يمنع الأضحية عن الميت ، وإذا لم يمكن أن يجد ما يستدل به على دعواه لا من كتاب الله ولا من سنة رسول الله ولا من كلام الصحابة فقد سقط قوله وانقطعت حجته …(1) .
وقالوا نحن لا ننكر مشروعية الأضحية في حق الحي لكننا نمنعها في حق الميت كما لا نمنع غيرها من جميع الأعمال الخيرية في حقه أيضاً ، كالصيام والحج والصدقة والعتق والدعاء وغير ذلك من سائر القربات المشروعة ، فكل ما شرع فعله للحي في نفسه من جميع القربات الخيرية مما يرجى ثوابه فإنه يشرع في حقه أن يهدي من ثوابه للأموات من المسلمين من أقاربه أو غير أقاربه ما ينفعهم ويثيبه الله تعالى على ذلك من عنده ، كما ورد من أن النبي  قال :( من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك : آمين ولك بمثله ) فهل يقال إن هذا خاص بالأحياء دون الأموات ، لا يقال بهذا وإن كان ظاهر الحديث أن المراد بذلك الحي، ولكن المفهوم منه أنه عام للحي والميت ، فإذا دعا المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب سواء كان حياً أو ميتاً ، فإنه يحصل له ما ذكر في هذا الحديث من تأمين الملك ودعائه ويصل ثواب دعائه إلى من أهداه إليه من الأحياء والأموات إن شاء الله تعالى .
وقالوا أيضاً إنه لا خلاف في مشروعية الأضحية وقد ورد بمشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع كما تقدم ، وكذلك ما يترتب عليها من الفضائل ، وإن ذبحها أفضل من الصدقة بثمنها هذا كله مجمع عليه ولا يعتبر من شذ عن هذا وقال إن الصدقة بثمنها أفضل من ذبحها لمخالفته الكتاب والسنة والإجماع ، لكن قول الشيخ في حق من أدركه العيد من الأحياء هذا تخصيص بلا مخصص فلا أدري ما الذي حمل الشيخ هداه الله ووفقه إلى الصواب على منعه لثواب هذه القربة العظيمة عن الأموات وتخصيصها في الأحياء هل هو تحجر لسعة فضل الله وإحسانه على خلقه ؟ أم بخل على من هم في أشد حاجة إلى ثواب حسنة واحدة تهدى إليهم فينتفعون بها إما في تخفيف عذابهم أو في رفع درجاتهم لأن فضل الله عز وجل شامل لأحياء المسلمين وأمواتهم .
وفي الأثر الإلهي يقول الله عز وجل :( يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ) فما أدري ما هو الوجه الذي أخرج به الشيخ هداه الله أموات المسلمين من هذه القربة العظيمة ، وهي إهراق الدم لله عز وجل التي تفضل الله بها على عباده وأمرهم بها لتكون سبباً لمغفرة ذنوبهم ورفع درجاتهم وخصص بها الأحياء دونهم لا أجد لهذا وجهاً واحداً ولا دليلاً من كتاب ولا سنة ولا إجماع ولا قياس ولا عقل بل ما ذكرنا يدل دلالة صريحة على اشتراك الأحياء والأموات في ثواب الأعمال الخيرية عموماً وإنما وصل نفعه إلى الأحياء من ثواب فإنه أيضاً يصل إلى الأموات (1) .
ثانياً : قالوا في الجواب عن قول الشيخ عبد الله :[ ولم يقع للأضحية عن الميت ذكر في كتب الفقهاء من الحنابلة المتقدمين لا في المغني على سعته ولا في الكافي … الخ ] .
فالجواب : إن الإمام أبا داود صاحب السنن قد عقد للضحية عن الميت باباً في سننه ، وهو كما أنه من المحدثين يعتبر من كبار أصحاب الإمام أحمد بن حنبل ، صنّف كتاباً كاملاً في المسائل التي تلقاها من الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ، وله ترجمة حافلة في طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ، فلا وجه ما دام الأمر كذلك لقول الشيخ بأن هذه المسألة لم يقع لها ذكر في كتب الحنابلة المتقدمين .
ثم يستفسر فضيلته عن سبب تلقيه حسبما يقتضيه كلامه كلام ابن القيم وابن كثير والشوكاني والصنعاني لو جاء عنهم شيء في هذا الباب ، بينما نراه يرفض كلام شيخ الإسلام ابن تيمية الذي هو إمام الجميع .
هذا مع أن جمهور فقهاء المذاهب الأربعة وغيرهم ذكروا ذلك في كتبهم فمنهم من صرَّح بذكر جواز الأضحية عن الميت ، ومنهم من لم يصرح بذكرها بل أجملها مع غيرها من سائر القرب الخيرية ، فممن صرح بذكرها عبد الله بن المبارك وأبو داود والترمذي وابن أبي شيبة والحاكم والقاضي ابن العربي وصاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود والنووي وأبو الحسن العبادي وصاحب غنية الألمعي وصاحب مغني ذوي الأفهام وصاحب الإقناع وصاحب غاية المنتهى وصاحب كشّاف القناع وصاحب ردّ المحتار وصاحب الروضة وصاحب شرح الغاية وصاحب التوضيح وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم حيث
قال : وقد نبّه الشارع بوصول ثواب الصدقة عن الميت على وصول ثواب سائر العبادات المالية ونبّه بوصول ثواب الصوم على وصول ثواب سائر العبادات البدنية وأخبر بوصول ثواب الحج المركّب من المالية والبدنية فالأنواع الثلاثة ثابتة بالنص والاعتبار (1).
وقد سئل صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود هل ثبتت الأضحية عن الأموات ويصل ثوابها ؟
فأجاب : الأضحية عن الميت سنة ويصل ثوابها إليه بلا مرية ، ثم ساق الأحاديث الواردة في هذا الباب وهو ما روي عن النبي  أنه كان يضحي عن أمته ممن شهد لله بالتوحيد وشهد له بالبلاغ وعن نفسه وعن أهل بيته ومن المعلوم أن بعض أمته  ممن شهد لله بالتوحيد وله بالبلاغ قد ماتوا في عهده  فالأموات والأحياء كلهم من أمته دخلوا في أضحية النبي  ، والكبش الواحد كما كان للأحياء
------------------------------------
(1) الحجج القوية والأدلة القطعية في الردّ على من قال إن الأضحية عن الميت غير شرعية ص16-17 بتصرف يسير .
(1) المصدر السابق ص 31 ، 32 ، 36 ، 37 بتصرف .
(1) المصدر السابق ص40-41 .
-----------------------------------

من أمته فهو كذلك للأموات من أمته ، بلا تفريق وهذا الحديث أخرجه الأئمة من طرق متعددة عن جماعات من الصحابة كجابر بن عبد الله وأبي طلحة الأنصاري وأنس بن مالك وعائشة أم المؤمنين وأبي هريرة وحذيفة بن أسيد وأبي رافع وعلي رضي الله عنهم أجمعين .
والمقصود أن حديث أضحية النبي  عن أمته روي من طرق متعددة وإسناد بعض طرقه صحيح ، وبعض طرقه حسن قوي وبعض طرقه ضعيف ، لكن لا يضر ضعف بعض الطرق فإن الطرق الضعيفة حينئذ تكون بمنزلة الشواهد والمتابعات ، ثم إنه لو لم يأت في هذا الباب إلا رواية عائشة أم المؤمنين التي أخرجها أحمد ومسلم وأبو داود لكانت كافية للاحتجاج باستحباب التضحية عن الأموات ويؤيد هذه الرواية حديث جابر بن عبد الله وأبي طلحة الأنصاري وأنس بن مالك وأبي هريرة وحذيفة بن أسيد وأبي رافع وعلي بن أبي طالب ، وهذه الأحاديث كلها تدل دلالة واضحة على أنه يجوز للرجل أن يضحي عنه وعن أتباعه وأهل بيته وعن الأموات ويشركهم معه في الثواب (1) .
ثالثاً : وأجابوا عن تضعيف الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود لحديث تضحية علي  عن النبي  … الخ .
قالوا : إن هذا الحديث قد ذكره أبو داود في سننه تحت عنوان ( باب الأضحية عن الميت ) وسكت عنه .
وقد قال أبو داود عن سننه : أني ذكرت الصحيح وما يشبه ويقاربه وما كان فيه وهن شديد بينته وما لم أذكر فيه شيئاً فهو صالح وبعضها أصح من بعض .
وروي عنه أنه قال : وما سكتُّ عنه فهو حسن . وقال أيضاً : ما ذكرت في كتابي يعني السنن ، حديثاً اجتمع الناس على تركه .
وكذلك ترجم الترمذي في جامعه حديث علي فقال – باب الأضحية عن الميت – إشارة إلى أن الحديث من أدلتهم ، وقد قال الترمذي في كتاب العلل عن سننه : جميع ما في هذا الكتاب من الحديث معمول وبه أخذ به بعض أهل العلم ما عدا حديثين حديث جمع النبي  بين الظهر والعصر … وحديث إذا شرب الخمر … في الرابعة فاقتلوه …
وأما الحاكم فقد جمع بين الاحتجاج بالحديث وبين تصحيحه .
قال : وقد رويت أخبار في الأضحية عن الأموات ثم ساق حديث علي ، وقد وافق الحاكم في تصحيحه لهذا الحديث الحافظ الذهبي في تلخيصه للمستدرك.
وذكره الإمام أحمد في مسنده من غير وجه وعلق عليه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله فقال : إن حديث علي صحيح .
فتبين من ذلك أن حديث علي في نظر هؤلاء الأئمة الحفاظ وهم أبو داود والترمذي والحاكم والذهبي ليس كما هو في نظر فضيلة الشيخ من تضعيفه له .
وقد قال ابن عبد البر : كل ما سكت عليه أبو داود فهو صحيح عنده لا سيما إن كان لم يذكر في الباب غيره .
فظهر من ذلك عدم ضعف حديث علي عند أبي داود وأنه صالح للاحتجاج به لا سيما وقد عضده حديث أضحية النبي  عن أمته الذي رواه ابن ماجة عن عائشة وأبي هريرة … والمقصود بيان أن حديث علي وإن تكلم في سنده من تكلم فيه من أهل العلم ، فقد أورده بعضهم مورد الاحتجاج وصححه بعضهم ، وتؤيده الأحاديث الصحيحة في أضحية النبي  عن أمته منفردين ومشتركين معه .
كما أن القاعدة الأصولية تنص على أن الحديث الضعيف أقوى وأفضل من رأي المجتهد هذا على فرض ضعف حديث علي فكيف وحديث علي صحيح (1) .
رابعاً : وأجابوا على قول الشيخ عبد الله بأن أهل المعرفة بالحديث متفقون على أنه لا يوجد في الأضحية حديث صحيح .
الجواب أن يقال للشيخ من قال لك إن أهل الحديث متفقون على أنه لا يوجد في الأضحية عن الميت حديث صحيح ، أو أخبار متواترة مستفيضة .
هذه دعوى من فضيلة الشيخ غير صحيحة ومغالطة غير لائقة ، فمن هم أهل الحديث الذين اتفقوا على أنه لا يوجد في الأضحية حديث صحيح أو خبر متواتر ؟ لِمَ لمْ يذكرهم الشيخ لنا حتى نعرفهم ؟ لكن عدم ذكر الشيخ لهم دليل واضح على عدم صحة هذا القول كيف وقد ورد بذلك ، أعني الأضحية عن الميت – الحديث الصحيح الذي اتفق علماء الحديث والفقه على صحته ، وهو حديث أضحية النبي  لأمته فهو شامل للأحياء والأموات من أمته باتفاق أهل المعرفة بالحديث والفقه وكذلك الشيخ نفسه قد اعترف بذلك . وقد أورد في رسالته أحاديث أضحية النبي  لأمته وذكر أن أضحية النبي  لأمته شامل للأموات والأحياء كما سيأتي بيانه كيف والنبي  هو المشرع ؟ فإذا قال قولاً وعمل عملاً شرع للأمة العمل به إلا إذا دل الدليل على خصوصيته  به فلا يشرع في حق أمته فعله وهذه قاعدة مطردة معروفة عند العلماء ، فالأضحية عن الميت مشروعة في حقه كما هي مشروعة في حق الحي لفعل النبي  .
إلا إذا أتى دليل قاطع يدل على أن أضحية النبي  لأمته خاص به دون غيره ، ولا سبيل إلى ذلك فكيف يقول الشيخ بعد ذلك أن أهل الحديث قد اتفقوا على أنه لم يرد في الأضحية عن الميت حديث صحيح يعتبر وأيضاً فذكر الشيخ أن أضحية النبي   لأمته شامل للأموات والأحياء اعتراف منه بمشروعية الأضحية عن الميت وكذلك أيضاً حديث علي في أضحيته للنبي  .
وقد رأى جمهور الفقهاء والمحدثين أن حديث علي  مقبول وهو أيضاً دليل على جواز الأضحية عن الميت (1) .
ردّ المانعين للأضحية عن الميت على المجيزين :
وقد ناقش الشيخ عبد الله المجيزين للأضحية عن الميت ورد على أجوبتهم عن أدلته بما يطول ذكره ولكني أذكر بعض أجوبته .
ذكر الشيخ عبد الله كلام الشيخ عبد العزيز بن رشيد ونصه :
------------------------------------
(1) المصدر السابق ص47-48 بتصرف .
(1) المصدر السابق ص 66-68 .
(1) المصدر السابق ص74-76 .
------------------------------------

الوجه الثاني : أن الأضحية عن الميت كالصدقة عنه وكالحج ، وهذا جائز شرعاً . وهل الأضحية عن الميت إلا نوع من الصدقة يصله ثوابها كسائر القرب ، وأي فرق بين وصول ثواب الصدقة والحج وبين وصول ثواب الأضحية وما هذه الخاصية التي منعت وصولثواب الأضحية ، واقتضت وصول بقية الأعمال ، وهل هذا إلا تفريق بين المتماثلات إلا أن يقول قائل : إن الأضحية ليست بقربة ، وما أظن أحداً يتجرأ على ذلك ، لأنها مكابرة
فالجواب : أن نقول : أن الشارع الحكيم ورسول رب العالمين هو الذي فرَّق بين الصدقة والأضحية ، لأن الحلال ما أحله الله ورسوله ، والدين ما شرعه الله في كتابه وعن لسان نبيّه ، وقد أمر النبي  الأولاد بأن يتصدقوا عن آبائهم الميتين وأن يقضوا واجباتهم من حج وصوم ولم يأمر أحداً بأن يضحي عن والديه الميتين ، ونحن متبعون لا مشرعون ، لأن العبادات مبناها على التوقيف والاتباع ، لا على الاستحسان والابتداع ، ولهذا قال بعض السلف : كل عبادة لم يتعبدها رسول الله ولا أصحابه فلا تتعبدوها ، فإن الأول لم يترك للآخر مقالاً ، والأضحية عن الميت بانفراده لم يفعلها رسول الله  ولم يفعلها أحد من أصحابه ، بخلاف الصدقة فقد ثبتت (1) .
ثم ذكر كلام الشيخ عبد العزيز بن رشيد ونصه :
( إن النصوص تتظاهر على وصول ثواب الأعمال إلى الميت ، إذا فعلها الحي عنه وهذا محض القياس ، فإن الثواب حق للعامل ، فإذا وهبه لأخيه المسلم لم يمنع من ذلك ، كما لم يمنع من هبته ماله في حياته ، وقد نبّه الشارع بوصول ثواب الصدقة على وصول سائر العبادات المالية ونبّه بوصول ثواب الصوم على وصول سائر العبادات البدنية ، وأخبر بوصول الحج المركب بين المالية والبدنية .)
فالجواب : أما قوله بقياس العبادات التي هي عند الله وأمرها إلى الله ، على هبة المال الذي يملكه صاحبه في الدنيا ويتصرف فيه كيف يشاء ، من بيع وعطاء ، فإنه قياس مع الفارق حتى ولو قال به من قال ، فإن الآيات المثبتة للجزاء على الحسنات والسيئات ، تبطل دعوى ملكية الإنسان لثواب عباداته ، لأنه عبد لله وأعماله مملوكة لله ، وليس من شأنه أن يتصرّف في أعماله بهبتها لمن لا يعملها ، لكون الجزاء على الأعمال ليست مملوكة للعامل ، وإنما هي فضل من الله يتفضل به على من يشاء من عباده والناس منهم المقبول عمله ومنهم المردود ، ومن نوقش الحساب يهلك ، لأن الله سبحانه إذا بسط عدله على عبده وحاسبه على حسناته وسيئاته لم يبق له حسنة ، وإذا بسط فضله على عبده ، لم يبق له سيئة ، والنبي  قال :( ما منكم أحد يدخل الجنة بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا ، إلا أن يتغمدني الله برحمته ) ، ولو جاز هبة الأعمال قياساً على هبة المال لجاز بيعها ، إذ الهبة نوع من البيع ، فالفرق بين هبة المال وبين هبة الأعمال كالفرق بين الدنيا والآخرة وكالفرق بين العبادات والعادات ، وبهذا يتبين بطلان قوله : إن الثواب حق للعامل ، فإذا وهبه لم يمنع منه ، لأنه ليس للعامل حق ثابت على الله … (1) .
وردّ الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود في رسالته المسماة :[ إعادة الحديث في البحث الجاري مع الشيخ إسماعيل الأنصاري فيما يتعلق بالأضاحي عن الأموات ] على أدلة المخالفين له فنقل كلام الشيخ إسماعيل الأنصاري ونصه :
وأما أبوبكر العربي ، فقد قال في شرح الترمذي ( ج6-ص290 ) قال : اختلف أهل العلم : هل يضحى عن الميت ، مع اتفاقهم أنه يتصدق عنه والضحية ضرب من الصدقة ، أنها عبادة مالية وليست كالصلاة والصيام .
وقال عبد الله بن المبارك : أحب إليَّ أن يتصدق عنه بثمن الأضحية ولا يضحي فإن ضحى فلا يأكل منها شيئاً . قال ابن العربي : الصدقة والأضحية سواء في الأجر عن الميت انتهى .
فالجواب : أن أبا بكر بن العربي لمّا طرق موضوع هذا الحديث قال : وبالجملة ، فهذا حديث مجهول .
فابتلع الشيخ إسماعيل هذه الجملة في بطنه حيث استباح كتمانها وعدم بيانها ، وهي متصلة بالكلام الذي ذكره كاتصال السبابة بالوسطى ، وكان من واجب أمانة البحث أن يأتي بها ثم يتعقبها بما يشاء من التصحيح أو التضعيف ، حسبما تقتضيه أمانة التأليف ، فإن العلم أمانة والكتمان خيانة ، والله لا يصلح كيد الخائنين ، ومتى ثبتت جهالة هذا الحديث سقط الاحتجاج به ولم يبق سوى رأي أبي بكر بن العربي والراي يخطئ ويصيب وهو رجل ونحن رجال… (2) .ويكفي هذا القدر من الردود لأن الوضع لا يحتمل التفصيل والتطويل في المناقشات والردود .
القول الراجح :
بعد إجالة النظر والفكر في أقوال أهل العلم وأدلتهم في التضحية عن الميت ، أختار وأرجح القول بجواز الأضحية عن الميت ، ويؤيد هذا الترجيح عندي ما يلي :
أولاً : قد قامت الأدلة الكثيرة من كتاب الله وسنة رسوله  على انتفاع الميت بسعي غيره ، كما في قول الله عز وجل :} وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ { سورة الحشر الآية 10 .
وقد صحت الأحاديث بذلك كما في الدعاء للميت في صلاة الجنازة ، وبعد الدفن وعند زيارة القبور .
وكذلك الصدقة عن الميت كما في حديث سعد بن عبادة  السابق ، والأضحية عن الميت نوع من الصدقة عنه ، فتصح عن الميت وينتفع بها إن شاء الله تعالى .
ثانياً : ثبتت الأحاديث الصحيحة في أضحية النبي  عن نفسه وعن أمته ، كما في حديث عائشة رضي الله عنها عند مسلم ، وحديث جابر  في السنن ، وحديث أبي رافع في المسند .
----------------------------------
(1) مباحث التحقيق مع الصاحب الصديق ص26 .
(1) المصدر السابق ص40-41 .
(2) المصدر السابق
---------------------------------

وقد قال شارح العقيدة الطحاوية معلقاً على حديث أبي رافع في تضحية النبي  بكبشين عنه وعن أمته :[ والقربة في الأضحية إراقة دم ، وقد جعلها لغيره ] (1) .
ثالثاً : إن حديث علي بن أبي طالب  في تضحيته عن النبي  وأن الرسول  أمره بذلك ، الذي رواه أبو داود والترمذي وأحمد والبيهقي والحاكم ، يصلح دليلاً للجواز مع أن بعض أهل الحديث قد ضعفه .
ولكن أبا داود سكت عنه واحتج به وخاصة أنه لم يرو في الباب غيره .
كما أن الحاكم قد صححه ووافقه الذهبي على ذلك ، وصححه الشيخ أحمد محمد شاكر والتهانوي من علماء هذا العصر .
ثم لو سلَّمنا ضعف حديث علي هذا ، فإن الأحاديث الصحيحة في تضحية النبي  عن أمته تشهد له .
وكذلك فإنه وإن كان ضعيفاً فيصح العمل به في هذه الفضيلة من فضائل الأعمال ، ألا وهي الأضحية عن الميت ، فإن ذلك يدخل تحت أصل صحيح ثابت ، وهو انتفاع الميت بسعي غيره .

والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب
تم الكتاب بقلم مؤلفه الدكتور حسام الدين موسى عفانه فجر يوم الأحد المسفر عن اليوم الرابع عشر من شوال سنة 1419 هـ الموافق الحادي والثلاثين من كانون الثاني 1999 .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات

قائمة المصادر

1. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام تقي الدين بن دقيق العيد عالم الكتب
2. أحكام الذبائح في الإسلام د. محمد أبو فارس مكتبة المنار/الأردن
3. أحكام العقيقة في الشريعة الإسلامية د.حسام الدين عفانه مطبعة الإسراء/القدس
4. إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
5. أضواء البيان في ايضاح القرآن بالقرآن محمد الأمين الشنقيطي دار الكتب العلمية
6. إعادة البحث الجاري مع الشيخ اسماعيل الأنصاري عبد الله بن زيد مطابع قطر
7. إعلاء السنن ظفر أحمد التهانوي دار الكتب العلمية
8. أنيس الفقهاء في تعريفات الألفاظ المتداولة بين الفقهاء قاسم القونوي دار الوفاء
9. الآثار أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم دار الكتب العلمية
10. الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان علاء الدين الفارسي مؤسسة الرسالة
11. الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع محمد الشربيني الخطيب دار الفكر
12. الأم محمد بن إدريس الشافعي دار المعرفة
13. الأمنية في إدراك النية أحمد بن إدريس القرافي دار الباز مكة المكرمة
14. الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف المرداوي دار إحياء التراث العربي
15. الاختيارلتعليل المختار عبد الله بن محمود الوصلي دار المعرفة
16. الاختيارات العلمية علاء الدين علي البعلي مطبعة كردستان العلمية القاهرة
17. الاستذكار الحافظ بن عبد البر مؤسسة الرسالة
18. بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع علاء الدين الكاساني مؤسسة التاريخ العربي
19. بداية المجتهد ونهاية المقتصد ابن رشد الحفيد دار الفكر
20. بذل المجهود في حل أبي داود خليل أحمد السهارنفوري دار الكتب العلمية
21. بلغة السالك لأقرب المسالك أحمد الصاوي دار الفكر
22. بلوغ المرام من أدلة الأحكام الحافظ ابن حجر العسقلاني المطبعة الرحمانية القاهرة
23. تاج العروس من جواهر القاموس مرتضى الزبيدي دار الفكر
24. التحقيق في أحاديث الخلاف أبو الفرج ابن الجوزي دار الكتب العلمية
25. الترغيب والترهيب الحافظ زكي الدين المنذري دار إحياء التراث العربي
26. التفسير الكبير فخر الدين الرازي دار إحياء التراث العربي
27. التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير الحافظ ابن حجر العسقلاني
28. تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق فخر الدين عثمان الزيلعي دار المعرفة
29. تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي الحافظ المباركفوري دار الكتب العلمية
30. تحفة الفقهاء علاء الدين السمرقندي دار الكتب العلمية
31. تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج ابن الملقن دار حراء
32. تحفة المودود بأحكام المولود ابن القيم المكتبة القيمة القاهرة
33. تخريج أحاديث شرح العقيدة الطحاوية ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
------------------------------------
(1) شرح العقيدة الطحاوية 516 .
------------------------------------

34. تصحيح الفروع علاء الدين المرداوي عالم الكتب
35. تفسير ابن كثير الحافظ ابن كثير دار إحياء التراث العربي
36. تفسير القرطبي محمد بن أحمد القرطبي دار القلم
37. تفسير ظلال القرآن سيد قطب دار إحياء التراث العربي
38. تقريب التهذيب الحافظ ابن حجر العسقلاني دار نشر الكتب الإسلامية باكستان
39. تقرير القواعد وتحرير الفوائد الحافظ ابن رجب دار بن عفان السعودية
40. تكملة شرح فتح القدير قاضي زاده أفندي دار أحياء التراث العربي
41. جامع الأمهات جمال الدين بن الحاجب المالكي اليمامة
42. جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام ابن القيم دار الكتب العلمية
43. الحاوي الكبير أبو الحسن الماوردي دار الكتب العلمية
44. الحجج القوية والأدلة القطعية في الرد على من قال إن الأضحية عن الميت غير شرعية
45. علي بن عبد الله الحواس مطبعة المدينة الرياض
46. حاشية ابن عابدين محمد أمين الشهير بابن عابدين مطبعة الحلبي
47. حاشية الدسوقي على الشرح الكبير محمد عرفه الدسوقي دار إحياء الكتب العربية
48. حاشية العدوي على شرح الخرشي علي العدوي دار صادر
49. الدر المختار شرح تنوير الأبصار الحصكفي مطبعة الحلبي
50. الدلائل العقلية والنقلية في تفضيل الصدقة عن الميت على الضحية وهل الضحية عن الميت شرعية أو غير شرعية عبد الله بن زيد آل محمود مؤسسة الرسالة
51. الذخيرة شهاب الدين القرافي دار الغرب الإسلامي
52. الروح ابن القيم دار الكتب العلمية
53. روضة الطالبين أبو زكريا يحيى النووي دار الكتب العلمية
54. زاد المعاد في هدي خير العباد ابن القيم مؤسسة الرسالة
55. السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار الشوكاني دار الكتب العلمية
56. سبل السلام شرح بلوغ المرام الأمير الصنعاني دار إحياء التراث العربي
57. سلسلة الأحاديث الصحيحة ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
58. سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
59. سنن أبي داود أبو داود السجستاني دار الكتب العلمية
60. سنن ابن ماجه ابن ماجة القزويني دار الكتب العلمية
61. سنن البيهقي أبو بكر أحمد البيهقي دار الفكر
62. سنن الترمذي أبو عيسى الترمذي دار الكتب العلمية
63. سنن الدارقطني علي بن عمر الدارقطني عالم الكتب
64. سنن النسائي أحمد بن شعيب النسائي دار الكتب العلمية
65. الشرح الكبير أحمد الدردير دار إحياء الكتب العلمية
66. شرح ابن القيم على سنن أبي داود بهامش عون المعبود لابن القيم دار الكتب العلمية
67. شرح الآبي على صحيح مسلم محمد بن خلفة الآبي دار الكتب العلمية
68. شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل محمد الخرشي المالكي دار صادر
69. شرح السنة الحسين بن مسعود البغوي المكتب الإسلامي
70. شرح العقيدة الطحاوية ابن أبي العز الحنفي المكتب الإسلامي
71. شرح فتح القدير كمال الدين بن الهمام دار إحياء التراث العربي
72. شرح النووي على صحيح مسلم محيي الدين يحيى النووي دار الخير
73. شرح معاني الآثار أبو جعفر الطحاوي دار الكتب العلمية
74. الصحاح اسماعيل بن حماد الجوهري دار العلم للملايين
75. صحيح البخاري محمد بن إسماعيل البخاري مطبعة الحلبي
76. صحيح الترغيب والترهيب ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
77. صحيح الجامع الصغير ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
78. صحيح سنن أبي داود ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
79. صحيح سنن ابن ماجه ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
80. صحيح مسلم مسلم بن الحجاج القشيري دار الخير
81. ضعيف الجامع الصغير ناصر الدين الألباني المكتب الإسلامي
82. طبقات الشافعية الكبرى تاج الدين بن السبكي دار إحياء الكتب العربية
83. طرح التثريب في شرح التقريب زين الدين العراقي دار إحياء التراث العربي
84. عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي ابن العربي المالكي دار الكتب العلمية
85. عمدة القاري شرح صحيح البخاري بدر الدين العيني دار إحياء التراث العربي
86. عون المعبود شرح سنن أبي داود شمس الحق العظيم آبادي دار الكتب العلمية
87. الفتاوى البزازية ابن البزاز الكردري دار الفكر
88. الفتاوى الكبرى الفقهية ابن حجر المكي الهيتمي دار صادر
89. الفتاوى الهندية جماعة من علماء الهند دار الفكر
90. الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد أحمد البنا دار إحياء التراث العربي
91. الفروع ابن مفلح المقدسي عالم الكتب
92. الفقه الإسلامي وأدلته د. وهبة الزحيلي دار الفكر
93. فتاوى إسلامية عبد العزيز بن باز ومحمد بن عثيمين دار الأرقم
94. فتاوى الرملي محمد بن أحمد الرملي دار صادر
95. فتاوى منار الإسلام محمد بن عثيمين دار الوطن
96. فتح الباري بشرح البخاري الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني مطبعة الحلبي
97. فتح المالك بتبويب التمهيد على موطأ مالك مصطفى صميدة دار الكتب العلمية
98. فتح باب العناية بشرح النقاية ملا علي القاري دار الأرقم
99. فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت محب الله بن عبد الشكور مطبعة المثنى
100. فيض القدير شرح الجمع الصغير محمد عبد الرؤوف المناوي دار الكتب العلمية
101. القوانين الفقهية ابن جزي المالكي دار القلم
102. كشاف القناع عن متن الإقناع منصور البهوتي دار الفكر
103. كشف الخفاء ومزيل الإلباس إسماعيل العجلوني دار إحياء التراث العربي
104. كفاية الأخيار في حل غاية الاختصار تقي الدين الحسيني الحصني دار الخير
105. اللباب في الجمع بين السنة والكتاب علي بن زكريا المنبجي دار الشروق
106. المجلى في تحقيق أحاديث المحلى علي رضا بن عبد الله دار المأمون
107. المجموع شرح المهذب محيي الدين يحيى النووي دار الفكر
108. المحلى بالآثار علي بن أحمد ابن حزم دار الفكر
109. المستدرك على الصحيحين أبو عبد الله الحاكم دار الكتب العلمية
110. المصباح المنير في غريب الشرح الكبير أحمد بن محمد الفيومي المكتبة العلمية
111. المغني أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي مكتبة القاهرة
112. منتقى الأخبار مجد الدين عبد السلام بن تيمية مطبعة الحلبي
113. المهذب أبو إسحاق الشيرازي دار الفكر
114. الموسوعة الفقهية الكويتية مكتبة آلاء الكويت
115. الموطأ الإمام مالك بن أنس دار الحديث القاهرة
116. مباحث التحقيق مع الصاحب الصديق عبد الله بن زيد مطابع قطر الوطنية
117. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد نور الدين علي الهيثمي دار الكتاب العربي
118. مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية دار العربية
119. مختصر المزني مع الأم المزني دار المعرفة
120. مختصر المزني مع شرحه الحاوي الكبير المزني دار الكتب العلمية
121. مشكاة المصابيح محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي المكتب الإسلامي
122. مصنف ابن أبي شيبة الحافظ عبد الله بن محمد بن أبي شيبة الدار السلفية
123. مصنف عبد الرزاق الحافظ عبد الرزاق بن همام الصنعاني المكتب الإسلامي
124. معالم السنن شرح سنن أبي داود أبو سليمان الخطابي دار الكتب العلمية
125. معجم فقه السلف محمد المنتصر الكتاني مطابع الصفا مكة المكرمة
126. معرفة السنن والآثار أبو بكر أحمد البيهقي دار الوفاء
127. مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج الشربيني الخطيب دار الكتب العلمية
128. مقاصد المكلفين د. عمر الأشقر دار النفائس
129. ملتقى الأبحر ابراهيم الحلبي مؤسسة الرسالة
130. منار السبيل في شرح الدليل ابراهيم بن ضويان المكتب الإسلامي
131. نصب الراية لأحاديث الهداية جمال الدين الزيلعي المجلس العلمي
132. نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار محمد بن علي الشوكاني مطبعة الحلبي
133. الهداية شرح البداية برهان الدين المرغيناني دار التراث العربي
134. الهداية في تخريج أحاديث البداية أحمد بن الصديق الغماري عالم الكتب
135. يسألونك د. حسام الدين عفانه مطبعة بيت المقدس

تمت قائمة المصادر


فهرس الموضوعات
الفصل الأول : حكم الأضحية وشروطها
المبحث الأول : تعريف الأضحية لغةً واصطلاحاً
المبحث الثاني : مشروعية الأضحية
فضل الأضحية
المبحث الثالث : الحكمة من مشروعية الأضحية
المبحث الرابع : حكم الأضحية
أدلة العلماء
أدلة الجمهور على أن الأضحية سنة مؤكدة وليست واجبة
أدلة القائلين بوجوب الأضحية
مناقشة وترجيح
المبحث الخامس : أيهما أفضل الأضحية أم التصدق بثمنها
المبحث السادس : هل الأضحية مشروعة في حق المسافر والحاج ؟
أقوال العلماء
أدلة الجمهور
أدلة الحنفية
أدلة الإمام مالك
القول الراجح
المبحث السابع : في حق من تشرع الأضحية
المبحث الثامن : شروط الأضحية
الشرط الأول : أن تكون الأضحية من الأنعام
الشرط الثاني : أن تبلغ سن التضحية
اختلاف الفقهاء في المراد بالجذع والثني
حكم التضحية بالعجول المسمنة التي لم تبلغ السن المقرر شرعاً
الشرط الثالث : أن تكون الأضحية سليمة من العيوب المانعة من صحة الأضحية
ذكر صفات قد توجد في الأضحية واختلاف الفقهاء فيها
صفات في العين
صفات في الأذن
صفات في القرن
صفات في الأنف
صفات في اللسان والأسنان
صفات في الضرع
صفات في الذنب والأليّة
صفات أخرى
المبحث التاسع : الحد الفاصل بين القليل والكثير في عيوب الأضحية
المبحث العاشر : طروء العيب المخلّ على الأضحية بعد تعيينها
المبحث الحادي عشر : المجزئ في الأضحية
المطلب الأول : المجزئ من الغنم
المطلب الثاني : المجزئ من الإبل والبقر
المطلب الثالث : الاشتراك في الأضحية في الإبل والبقر فقط
المطلب الرابع : ما هو الأفضل في الأضحية من أنواع الأنعام
المطلب الخامس : تسمين الأضحية
المطلب السادس : أفضل الأضحية لوناً
المبحث الثالث عشر : اجتماع الأضحية والعقيقة
الفصل الثاني : ما يتعلق بالمضحي ووقت الأضحية
المبحث الأول : ما يطلب ممن أراد التضحية عند دخول أول ذي الحجة
ما المراد بالنهي عن الأخذ من الشعر والظفر الوارد في حديث أم سلمة
المبحث الثاني : وقت الأضحية
المطلب الأول : أول وقت الأضحية
القول الراجح في المسألة
المطلب الثاني : آخر وقت ذبح الأضحية ومدته
القول الراجح في آخر وقت الأضحية
المطلب الثالث : حكم ذبح الأضحية ليلاً
المطلب الرابع : الذبح قبل صلاة العيد
المطلب الخامس : حكم الذبح بعد صلاة العيد وقبل أن يذبح إمام المسلمين أضحيته
المطلب السادس : أفضل وقت لذبح الأضحية
المطلب السابع : إذا اشترى أضحية فضلت أو ماتت قبل أن يذبحها
المطلب الثامن : إذا فات وقت الأضحية ولم يضح فماذا يترتب على من أراد الأضحية
المبحث الثالث : ما يطلب من المضحي عند الذبح وبعده
المطلب الأول : ما يطلب من المضحي عند الذبح
أولاً : النية
ثانياً : ربط الأضحية قبل الذبح
ثالثاً : أن يسوق الأضحية إلى محل الذبح سوقاً جميلاً لا عنيفاً
رابعاً : أن يحد السكين قبل الذبح
خامساً : أن لا يحد السكين أمام الحيوان الذي يريد ذبحه
سادساً : يستحب اضجاع الغنم والبقر في الذبح
سابعاً : استقبال القبلة من الذابح والذبيحة
ثامناً : أن يتولى ذبحها بنفسه إن كان يحسن الذبح وإلا شهد ذبحها
تاسعاً : التسمية والتكبير عند الذبح
عاشراً : الدعاء والصلاة على النبي  بعد التسمية والتكبير
الحادي عشر : الاستعانة في ذبح الأضحية والإنابة في ذبحها
تنبيه هام
المطلب الثاني : ما يكره أن يفعله بالأضحية قبل وقت ذبحها
أولاً : حلب الأضحية
ثانياً : جز صوفها
ثالثاً : حكم ولدها
المبحث الرابع : الانتفاع بالأضحية
المطلب الأول : الانتفاع بالأضحية المسنونة
أولاً : الأكل من الأضحية
ثانياً : التصدق من الأضحية
ثالثاً : الهدية من الأضحية
المطلب الثاني : الانتفاع بالأضحية المنذروة
المطلب الثالث : الادخار من لحم الأضحية
المطلب الرابع : أجرة الجزار
المطلب الخامس : بيع شيء من الأضحية والانتفاع بجلدها
المطلب السادس : إذا اشترى أضحية فهل يجوز له أن يبدلها بخير منها ؟
المطلب السابع : نقل الأضحية
المبحث الخامس : الأضحية عن الميت
القول الأول
الأقوال الأخرى
أدلة القول الأول
أدلة القول الثاني
أدلة القول الثالث
مناقشة الأدلة : ردّ المجيزين للأضحية عن الميت على المانعين
ردّ المانعين للأضحية عن الميت على المجيزين
القول الراجح
قائمة المصادر
الفهرس

الطبعة الأولى شوال 1419
كانون الثاني 1999
مطبعة الأمل _ القدس
تلفون : 2449064
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف

تم بعونه تعالى
والله من وراء القصد