وثيقـة: مفهوم الارهاب والمقاومة رؤية عربية - اسلامية.
لقد تداعى عشرات المثقفين العرب للتوقيع على وثيقة مفهوم الارهاب والمقاومة رؤية عربية - اسلامية وجاء في مقدمة الوثيقة:
أولا: المقدمة
· رغبة في تشكيل رؤية عربية إسلامية لمفهوم الإرهاب، وتمييزه عن مفهوم المقاومة المشروعة، وإسهاماً من مثقفي الأمة في صياغة مفهوم دولي للإرهاب، وحرصاً منا على المحافظة على التفاعل الحضاري بين الأمم.
· والتزاماً بالمبادئ الدينية والأخلاقية السامية التي تمثلها قيمنا الحضارية العريقة التي تدعو إلى حماية حقوق الإنسان التي نصت عليها مبادئ القانون الدولي وأسسه.
· وتأكيداً على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي والتصدي للعدوان، وتحرير الأرض، وتقرير المصير، ونيل الاستقلال بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح.
· وتماشياً مع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية -التي تأسست في تموز / يوليو 2002- الذي ألزم جميع الدول بالامتناع عن استعمال القوة أو التهديد باستعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو على أي نحو لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.
أُعدت هذه الوثيقة للتفريق بين الإرهاب من جهة، وأعمال المقاومة المشروعة والكفاح المسلح من جهة ثانية، ولتحول دون اتخاذ الاتهام بالإرهاب ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان، وسيادة الدول، والتدخل في شؤونها الداخلية.
ثانياً: مفهوم الإرهاب
الإرهاب: هو استخدام غير مشروع للعنف أو تهديد باستخدامه ببواعث غير مشروعة، يهدف أساساً إلى بث الرعب بين الناس، ويعرض حياة الأبرياء للخطر، سواء أقامت به دولة أم مجموعة أم فرد، وذلك لتحقيق مصالح غير مشروعة، وهو بذلك يختلف كلياً عن حالات اللجوء إلى القوة المسلحة في إطار المقاومة المشروعة.
وهو بهذا انتهاك للقواعد الأساسية للسلوك الإنساني، ومنافٍ للشرائع السماوية والشرعية الدولية لما فيه من تجاوز على حقوق الإنسان.
وتشير ظاهرة انتشار الإرهاب في العالم إلى أزمة فكرية تعيشها المجتمعات المختلفة، التي ترتبط بفلسفة العنف في تحقيق أهدافها، ويُعبر تفشي أعمال العنف على الصعيد الدولي عن إشكالية سياسية تتعلق بطبيعة العلاقات الدولية المستندة إلى تحكم الدول القوية عسكرياً في مصالح الدول الأضعف.
ثالثا: الجهاد والمقاومة
يطلق لفظ الجهاد في النصوص الإسلامية بمعناه العام على مقاومة العدو أو مجاهدة النفس أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، وقد اصطلح الفقهاء على أن الجهاد بمعناه الخاص هو "بذل الوسع والطاقة في القتال في سبيل الله بالنفس والمال واللسان بهدف نصرة الإسلام والمسلمين"، أي قتال من قاتل المسلمين وأخرجهم من ديارهم، أو القتال لأجل ردع المعتدين ودفع عدوان واقع، أو لإخراج المعتدين من أرض المسلمين، أو القتال دفاعاً عن النفس والمال والعرض، حيث يُعد كل ذلك جهاداً (في سبيل الله). وبذلك فإن مقاومة الاحتلال الأجنبي ودفع ظلمه، وعدوانه عن الأنفس والممتلكات والأعراض يُعد جهاداً (في سبيل الله).
وقد حرّمت الشريعة الإسلامية العدوان في الجهاد مثل قتل من لا يجوز قتله من النساء والأطفال وكبار السن ورجال الدين المنقطعين للعبادة، وسائر المدنيين غير المقاتلين ممن لا يخدمون تحت السلاح لدى المعتدين، كما حرمت تجاوز الحد المشروع في القتل، أو القتال لأجل الفساد في الأرض، أو نهب خيرات الشعوب، أو تخريب زروعها وثمارها وأشجارها.
وفي الوقت الذي تقرر فيه الشريعة الإسلامية حق المقاومة المشروعة وفق ما ورد أعلاه، فإن التراث الفكري الغربي ذاته قد أسَّس لحق مقاومة الطغيان، ورفع شعارات الحرية والعدالة والمساواة التي نادى بها روسو وفولتير وغيرهم من الفلاسفة في أوروبا قبل قرون عدة، كما أن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة والمادة (2) من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ووفقاً لما قرره القانون الدولي وفقهاؤه، ووفقاً للحق الطبيعي في الدفاع عن النفس والمال والأملاك والأعراض والحريات، فإن من حق الشعوب التي تتعرض للاحتلال والاستعمار والعدوان والطغيان المسنود بالقوة، اللجوء إلى المقاومة المسلحة بوصفها مقاومة مشروعة، وفي هذه الحالة تنطبق اتفاقيات الحماية الدولية المختلفة على المقاتلين من أجل الحرية ضد الاستعمار والاحتلال أو الاضطهاد، وبذلك تتمتع الفئات التي تمارس هذا الحق في المقاومة المشروعة بمركز قانوني معتبر، حسب هذه الاتفاقيات، بما يتيح لها التصدي للاستعمار والاحتلال، وقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (3246) الصادر في 14/12/1974 على شرعية حق الشعوب في الكفاح المسلح في سبيل تحررها من الاحتلال، وذهب إلى "أن أي محاولة لقمع الكفاح المسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وقد أكدت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة في عام 1998 في المادة الثانية على أنه لا "تُعد جريمة حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي، والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير".
وبناءً على ما تقدم فإن المقاومة هي: استخدام مشروع لكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة لدرء العدوان، وإزالة الاحتلال والاستعمار، وتحقيق الاستقلال، ورفع الظلم المسنود بالقوة المسلحة، بوصفها أهدافاً سياسية مشروعة، وهو ما يتفق مع القانون الدولي وتؤيده الشريعة الإسلامية.
وتستند مشروعية المقاومة إلى مجموعة من المبادئ القانونية الثابتة، كحق المقاومة استناداً لعدم الولاء والطاعة لسلطة الاحتلال، واستناداً إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، والدفاع المشروع عن النفس، والاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة، والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحروب.
ومن ذلك يتبين أن المقاومة عمل مشروع لتحقيق مصالح الشعوب التي تتعرض للعدوان والاحتلال، فيما الإرهاب يمثل اعتداءً على حق هذه الشعوب في الحياة والحرية وتقرير المصير.
رابعا: مقاومة الإرهاب الإسرائيلي
وفيما يتعلق بدولة الاحتلال في فلسطين فإن قيامها كان على حساب شعب آخر، وهي الطرف المعتدي على الشعب الفلسطيني والمحتلة لأرضه، وما تستخدمه من وسائل التعذيب والاعتقالات الجماعية والقتل وارتكاب المجازر وقتل الأطفال وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وتجريفها، وما تمارسه من البطش والظلم والتهجير والنفي بحق الشعب الفلسطيني هو الإرهاب بعينه. لأنه يُعد جريمة في عرف الدول كلها وفق ميثاق الأمم المتحدة، ومنافٍ لكل القيم الإنسانية فضلاً عن مخالفته للشريعة الإسلامية، ولهذا فإن أعمال المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي هي مقاومة مشروعة، وهي لا تختلف عن مقاومة ديغول وتشرشل للإرهاب النازي في أوروبا، ولا المقاومة الأمريكية للاحتلال الإنجليزي لأراضيها قبل قرون، ولا مقاومة الشعوب الأخرى للاستعمار والاحتلال الأجنبي لتحقيق الاستقلال وتقرير المصير.
رغبة منا نحن مثقفي الأمة في صياغة رؤية عربية إسلامية لمفهوم الإرهاب وتمييزه عن مفهوم المقاومة المشروعة، وحرصاً منا على استمرار التفاعل الحضاري بين الأمم، فقد تداعينا للتوقيع على هذه الوثيقة خدمة لمصالح أمتنا والبشرية جمعاء.
يُعد الإرهاب بمفهومه العام، "الاستخدام غير المشروع للعنف" ظاهرة قديمة جديدة، لكن الأضواء سُلطت عليه في السنوات الأخيرة، في ظل الأزمة الأخلاقية التي يعيشها النظام الدولي، وفي ظل الانتقائية في تطبيق قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية وتوظيفها سياسياً، مما تسبب بزيادة أعمال العنف في مناطق مختلفة من العالم.
ورغم الاتفاق الدولي على مفهوم الكفاح المشروع للدول والشعوب، فإن المجتمع الدولي لم يتمكن من الاتفاق على تعريف واحد ومحدد لمفهوم الإرهاب، نظراً لاختلاف المعايير بين الدول، وتباين الرؤى حولها، فمصطلح العنف واستخدام القوة مفهوم نسبي الدلالة له وظيفته واستخداماته المحددة، وظروفه وبيئته، وهو ليس مجرد لفظ يُعد بذاته مستحسناً أو مستقبحاً.
كما يتوسع بعض الباحثين والخبراء في مفهوم الإرهاب ليشمل الهجمات ضد الأشخاص وضد الممتلكات، ويأخذ بعضهم بالحسبان بواعث الفاعلين، فيفرق بين الهجمات الجنائية والهجمات السياسية. ويخلط بعضهم الآخر بين الإرهاب المحظور والحق في المقاومة والاستخدام المشروع للقوة لإنهاء الاستعمار والاحتلال وممارسة الحق في تقرير المصير.
غير أن النصوص والأعراف الدولية والإنسانية وأحكام الشريعة الإسلامية تؤكد التباين بين المقاومة والجهاد من جهة، والإرهاب من جهة ثانية، وذلك في مختلف الجوانب القانونية والسياسية والاجتماعية، وبالوسائل التي تستخدم في الحالين والأهداف المرجوة.
ومع الإقرار العالمي بحق تقرير المصير، في مداولات الأمم المتحدة، وفي الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعام 1966، وبتحوله من مجرد مبدأ سياسي إلى حق قانوني، فقد أصبح من المحتَّم القول بأنه يقع على كل دولة واجب الامتناع عن الإتيان بأي عمل قسري يحرم الشعوب غير المستقلة من حقها في تقرير مصيرها، سواء أكانت خاضعة للاحتلال أم للاستعمار.
وقد أسفرت جهود المجتمع الدولي بشأن تحديد مفهوم الإرهاب منذ أن طرح الموضوع أمام عصبة الأمم عام 1937 وما تلاها من جهود، إلى استنتاج أن الاستعمار هو أحد أهم دوافع أعمال المقاومة التي يسميها المستعمرون والمحتلون بالإرهاب، حيث تشير مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة طوال عقد السبعينات إلى أن من أهم الأسباب الجوهرية لاستخدام العنف استمرار الاستعمار في السيطرة والهيمنة على الأقاليم التي كانت خاضعة له يوماً ما، وإنكار حق الشعوب في تقرير مصيرها، وبهذا تكون الأمم المتحدة قد قدمت فهماً معيارياً وموضوعياً برد الظاهرة إلى دوافعها وأسبابها، وقد ميزت بين الإرهاب بوصفه جريمة دولية، وبين الكفاح المسلح بوصفه نشاطاً من أنشطة حركات التحرر الوطني المشروعة، وهو بلا شك اختلاف جوهري في الطبيعة والمقاصد.
وفي إطار هذا المفهوم عقدت الجمعية العامة ثلاث عشرة اتفاقية دولية، واستندت في موقفها هذا إلى العديد من القرارات والتوصيات الصادرة عنها، ولعل أولها توصيتها رقم (1514) لسنة 1960 الخاصة بمنح البلدان والشعوب المُستعمَرة استقلالها، والتي اشتَهرت فيما بعد بقرار "تصفية الاستعمار". وكذلك توصيتها رقم (3103) لسنة 1973 بشأن المبادئ المتعلقة بالمركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي والنظم العنصرية، لا بإضفاء المشروعية على عملهم فحسب، وإنما بشمول هؤلاء المقاتلين أيضاً بقواعد القانون الدولي المعمول به في النزاعات المسلحة مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 الخاصة بجرحى الحرب وأسراهم، وحماية المدنيين.
وفي هذا السياق اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة مراراً بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف مثل قرارها رقم (3236) لعام1974 بند (1و2)، وقرارها رقم (39/17) لعام 1984 بند(3)، وقرارها رقم 49/149 لعام 1995 في البند (1و3)، وبحقه في استرجاع حقوقه بالوسائل المتاحة كافة بما في ذلك الكفاح المسلح حسب قرار الجمعية العامة رقم (3236) لعام 1974 بند (5)، ورقم (39/17) لعام 1984 بند(2)، كما أن القانون الدولي، ومنذ قيام الأمم المتحدة، قد حظر اللجوء إلى القوة المسلحة أو التهديد بها في إطار العلاقات الدولية، غير أنه أجاز اللجوء إلى القوة بأشكالها المختلفة في حالات الدفاع الشرعي ضد الاحتلال، بوصفها وسيلة لممارسة حق تقرير المصير، والوصول إلى الاستقلال الوطني.
وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروعية نضال الشعوب في سبيل التحرر من الهيمنة الاستعمارية والسيطرة الأجنبية، بالوسائل كافة، بما في ذلك القوة المسلحة، كما أقرت تقديم دول العالم المساعدات للشعوب التي تناضل في سبيل تقرير المصير، وأن تساعد جهود الأمم المتحدة في هذا المضمار، حيث يمكن لهذه الشعوب أن تتمتع بدعم خارجي في الكفاح المسلح الذي تخوضه ضد دولة استعمارية أو عنصرية أو ضد الاحتلال الأجنبي، دون أن تحتج الأخيرة بأن هذا الدعم يُعد من قبيل التدخل في شؤونها الداخلية وذلك وفق قرار الجمعية العامة رقم (3070) لعام 1973 في البند الثاني والثالث.
وإزاء هذه الجهود المبذولة من الأمم المتحدة لحصر مفهوم الإرهاب وعدم خلطه بحق المقاومة ومشروعيتها، كانت الولايات المتحدة غير متعاونة لإنجاح هذه الجهود، وذلك بسعيها إلى تغييب المعايير وإحلال الانتقائية محلها، لكي تتفرد بعد ذلك في تصنيف أعمال العنف وفق ما تشاء، وقد تصاعد اتجاه توسيع مفهوم الإرهاب لديها ليشمل أعمال المقاومة والجهاد والكفاح المسلح المشروعة، ولا سيما بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وإثر انعقاد مؤتمر شرم الشيخ عام 1996 وضغط أمريكا بهدف إدانة أعمال المقاومة المسلحة الفلسطينية تحت اسم "الإرهاب".
وقد أحدثت تداعيات الهجوم على نيويورك وواشنطن في 11 أيلول/سبتمبر 2001 هزة في النظرية الأمنية الأمريكية السائدة، الأمر الذي شجع الإدارة الأمريكية على تغيير سلوكها الدبلوماسي بلجوئها إلى لغة العنف والتهديد والحصار العسكري والاقتصادي للآخرين، وإعلان تقسيم العالم إلى معسكرين: "إما مع أمريكا أو مع الإرهاب"، حيث صبت جام غضبها وقوتها على العرب والمسلمين دولاً وحركاتٍ وأفراداً، وذلك على خلفية اتهامها أفراداً عرباً ومسلمين بالوقوف وراء هذا الهجوم.
وقد استغل اللوبي الصهيوني بنفوذه العالمي والسياسي والاقتصادي هذه الحادثة لتشجيع التطرف اليميني في الإدارة الأمريكية، وتحريض العالم الغربي ضد كل ما هو عربي وإسلامي.
وفي ظل هذه الظروف المستجدة ظهرت الحاجة إلى إعادة تأكيد المفاهيم الإنسانية السليمة للمقاومة والكفاح والجهاد، والحفاظ عليها حقوقاً إنسانية ثابتة، والمحافظة على شرعيتها وضمان المساندة الدولية لها، وفصلها تماماً عن أي أعمال يمكن أن توصف بالإرهاب والوحشية، وهو ما تحاول هذه الوثيقة التأكيد عليه، وذلك بالاستناد إلى العمق الحضاري والأصالة الفكرية والتطلع المستقبلي للأمة العربية والإسلامية التي يؤكد تاريخها على أنها أمة تكافح الإرهاب وترد العدوان وتدفع الظلم. ولذلك فإن إقحام مصطلح الإرهاب على الإسلام والمسلمين والعرب إنما ينطوي على ظلم بيّن للقيم العربية الإسلامية الأصيلة، ويتسبب في إيجاد مغالطات خطيرة تجاه نضال الشعوب العربية والإسلامية من أجل التحرر من الاحتلال الأجنبي واستعادة حقوقها المشروعة.
1- السعي لوضع مفهوم متفق عليه للإرهاب، وتمييزه عن المقاومة المشروعة، وتعد هذه الوثيقة مساهمة في هذا المضمار.
2- المبادرة السريعة والجادة إلى تعزيز التفريق بين الممارسات الإرهابية التي تقوم بها إسرائيل وغيرها من الدول، وأعمال المقاومة المشروعة التي تقوم بها حركات التحرير الوطنية لتحقيق أهدافها في تقرير المصير والاستقلال، حتى لا تختلط المفاهيم كما هو الحال في فلسطين وغيرها.
3- تمكين الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار من تحقيق استقلالها ونيل حقها في تقرير المصير، حتى لا يكون ذلك ذريعة لأعمال عنف يختلف الناس في تسميتها بالإرهاب أو المقاومة المشروعة.
4- تفعيل التعاون الدولي المنظم على أساس العدل والمساواة ورعاية المصالح المشتركة دون هيمنة أو انتقائية، وتفعيل القانون الدولي فيما يتعلق بحماية حق الشعوب في نيل استقلالها وتقرير مصيرها.
5- السعي لتوفير الحماية الكافية للمدنيين في الحروب بما في ذلك تأمين إيصال المساعدات الطبية والإنسانية للمحتاجين منهم.
6- مواجهة إرهاب الدولة والحد من تفاقمه بالعمل على بلورة موقف دولي موحد ضد الدول التي تمارسه وبخاصة إسرائيل، والعمل على عزل هذه الدول حتى تتوقف عن ممارسة الإرهاب ورعايته.
7- التوقف عن التهديد بالقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية ضد الدول الضعيفة، واستغلال مواردها من جانب الدول الأقوى بصورة استعمارية، والعمل بدلا من ذلك على تشجيع إقامة علاقات التعاون والسلم الدوليين.
8- توسيع دوائر الحوار الثقافي والحضاري بين العالم العربي والإسلامي من جهة، والعالم الغربي من جهة أخرى، لتقليل الحاجة إلى اللجوء إلى القوة والعنف في أي خلافات بين الجانبين.
لقد تداعى عشرات المثقفين العرب للتوقيع على وثيقة مفهوم الارهاب والمقاومة رؤية عربية - اسلامية وجاء في مقدمة الوثيقة:
أولا: المقدمة
· رغبة في تشكيل رؤية عربية إسلامية لمفهوم الإرهاب، وتمييزه عن مفهوم المقاومة المشروعة، وإسهاماً من مثقفي الأمة في صياغة مفهوم دولي للإرهاب، وحرصاً منا على المحافظة على التفاعل الحضاري بين الأمم.
· والتزاماً بالمبادئ الدينية والأخلاقية السامية التي تمثلها قيمنا الحضارية العريقة التي تدعو إلى حماية حقوق الإنسان التي نصت عليها مبادئ القانون الدولي وأسسه.
· وتأكيداً على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال الأجنبي والتصدي للعدوان، وتحرير الأرض، وتقرير المصير، ونيل الاستقلال بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح.
· وتماشياً مع النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية -التي تأسست في تموز / يوليو 2002- الذي ألزم جميع الدول بالامتناع عن استعمال القوة أو التهديد باستعمالها ضد السلامة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لأي دولة أو على أي نحو لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.
أُعدت هذه الوثيقة للتفريق بين الإرهاب من جهة، وأعمال المقاومة المشروعة والكفاح المسلح من جهة ثانية، ولتحول دون اتخاذ الاتهام بالإرهاب ذريعة لانتهاك حقوق الإنسان، وسيادة الدول، والتدخل في شؤونها الداخلية.
ثانياً: مفهوم الإرهاب
الإرهاب: هو استخدام غير مشروع للعنف أو تهديد باستخدامه ببواعث غير مشروعة، يهدف أساساً إلى بث الرعب بين الناس، ويعرض حياة الأبرياء للخطر، سواء أقامت به دولة أم مجموعة أم فرد، وذلك لتحقيق مصالح غير مشروعة، وهو بذلك يختلف كلياً عن حالات اللجوء إلى القوة المسلحة في إطار المقاومة المشروعة.
وهو بهذا انتهاك للقواعد الأساسية للسلوك الإنساني، ومنافٍ للشرائع السماوية والشرعية الدولية لما فيه من تجاوز على حقوق الإنسان.
وتشير ظاهرة انتشار الإرهاب في العالم إلى أزمة فكرية تعيشها المجتمعات المختلفة، التي ترتبط بفلسفة العنف في تحقيق أهدافها، ويُعبر تفشي أعمال العنف على الصعيد الدولي عن إشكالية سياسية تتعلق بطبيعة العلاقات الدولية المستندة إلى تحكم الدول القوية عسكرياً في مصالح الدول الأضعف.
ثالثا: الجهاد والمقاومة
يطلق لفظ الجهاد في النصوص الإسلامية بمعناه العام على مقاومة العدو أو مجاهدة النفس أو الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر، وقد اصطلح الفقهاء على أن الجهاد بمعناه الخاص هو "بذل الوسع والطاقة في القتال في سبيل الله بالنفس والمال واللسان بهدف نصرة الإسلام والمسلمين"، أي قتال من قاتل المسلمين وأخرجهم من ديارهم، أو القتال لأجل ردع المعتدين ودفع عدوان واقع، أو لإخراج المعتدين من أرض المسلمين، أو القتال دفاعاً عن النفس والمال والعرض، حيث يُعد كل ذلك جهاداً (في سبيل الله). وبذلك فإن مقاومة الاحتلال الأجنبي ودفع ظلمه، وعدوانه عن الأنفس والممتلكات والأعراض يُعد جهاداً (في سبيل الله).
وقد حرّمت الشريعة الإسلامية العدوان في الجهاد مثل قتل من لا يجوز قتله من النساء والأطفال وكبار السن ورجال الدين المنقطعين للعبادة، وسائر المدنيين غير المقاتلين ممن لا يخدمون تحت السلاح لدى المعتدين، كما حرمت تجاوز الحد المشروع في القتل، أو القتال لأجل الفساد في الأرض، أو نهب خيرات الشعوب، أو تخريب زروعها وثمارها وأشجارها.
وفي الوقت الذي تقرر فيه الشريعة الإسلامية حق المقاومة المشروعة وفق ما ورد أعلاه، فإن التراث الفكري الغربي ذاته قد أسَّس لحق مقاومة الطغيان، ورفع شعارات الحرية والعدالة والمساواة التي نادى بها روسو وفولتير وغيرهم من الفلاسفة في أوروبا قبل قرون عدة، كما أن المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة والمادة (2) من الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، ووفقاً لما قرره القانون الدولي وفقهاؤه، ووفقاً للحق الطبيعي في الدفاع عن النفس والمال والأملاك والأعراض والحريات، فإن من حق الشعوب التي تتعرض للاحتلال والاستعمار والعدوان والطغيان المسنود بالقوة، اللجوء إلى المقاومة المسلحة بوصفها مقاومة مشروعة، وفي هذه الحالة تنطبق اتفاقيات الحماية الدولية المختلفة على المقاتلين من أجل الحرية ضد الاستعمار والاحتلال أو الاضطهاد، وبذلك تتمتع الفئات التي تمارس هذا الحق في المقاومة المشروعة بمركز قانوني معتبر، حسب هذه الاتفاقيات، بما يتيح لها التصدي للاستعمار والاحتلال، وقد أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم (3246) الصادر في 14/12/1974 على شرعية حق الشعوب في الكفاح المسلح في سبيل تحررها من الاحتلال، وذهب إلى "أن أي محاولة لقمع الكفاح المسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، وقد أكدت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب الصادرة في عام 1998 في المادة الثانية على أنه لا "تُعد جريمة حالات الكفاح بمختلف الوسائل، بما في ذلك الكفاح المسلح ضد الاحتلال الأجنبي، والعدوان من أجل التحرر وتقرير المصير".
وبناءً على ما تقدم فإن المقاومة هي: استخدام مشروع لكل الوسائل بما فيها القوة المسلحة لدرء العدوان، وإزالة الاحتلال والاستعمار، وتحقيق الاستقلال، ورفع الظلم المسنود بالقوة المسلحة، بوصفها أهدافاً سياسية مشروعة، وهو ما يتفق مع القانون الدولي وتؤيده الشريعة الإسلامية.
وتستند مشروعية المقاومة إلى مجموعة من المبادئ القانونية الثابتة، كحق المقاومة استناداً لعدم الولاء والطاعة لسلطة الاحتلال، واستناداً إلى حق الشعوب في تقرير مصيرها، والدفاع المشروع عن النفس، والاستناد إلى قرارات الأمم المتحدة، والاتفاقيات الدولية الخاصة بحماية المدنيين أثناء الحروب.
ومن ذلك يتبين أن المقاومة عمل مشروع لتحقيق مصالح الشعوب التي تتعرض للعدوان والاحتلال، فيما الإرهاب يمثل اعتداءً على حق هذه الشعوب في الحياة والحرية وتقرير المصير.
رابعا: مقاومة الإرهاب الإسرائيلي
وفيما يتعلق بدولة الاحتلال في فلسطين فإن قيامها كان على حساب شعب آخر، وهي الطرف المعتدي على الشعب الفلسطيني والمحتلة لأرضه، وما تستخدمه من وسائل التعذيب والاعتقالات الجماعية والقتل وارتكاب المجازر وقتل الأطفال وهدم البيوت ومصادرة الأراضي وتجريفها، وما تمارسه من البطش والظلم والتهجير والنفي بحق الشعب الفلسطيني هو الإرهاب بعينه. لأنه يُعد جريمة في عرف الدول كلها وفق ميثاق الأمم المتحدة، ومنافٍ لكل القيم الإنسانية فضلاً عن مخالفته للشريعة الإسلامية، ولهذا فإن أعمال المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي هي مقاومة مشروعة، وهي لا تختلف عن مقاومة ديغول وتشرشل للإرهاب النازي في أوروبا، ولا المقاومة الأمريكية للاحتلال الإنجليزي لأراضيها قبل قرون، ولا مقاومة الشعوب الأخرى للاستعمار والاحتلال الأجنبي لتحقيق الاستقلال وتقرير المصير.
رغبة منا نحن مثقفي الأمة في صياغة رؤية عربية إسلامية لمفهوم الإرهاب وتمييزه عن مفهوم المقاومة المشروعة، وحرصاً منا على استمرار التفاعل الحضاري بين الأمم، فقد تداعينا للتوقيع على هذه الوثيقة خدمة لمصالح أمتنا والبشرية جمعاء.
يُعد الإرهاب بمفهومه العام، "الاستخدام غير المشروع للعنف" ظاهرة قديمة جديدة، لكن الأضواء سُلطت عليه في السنوات الأخيرة، في ظل الأزمة الأخلاقية التي يعيشها النظام الدولي، وفي ظل الانتقائية في تطبيق قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية وتوظيفها سياسياً، مما تسبب بزيادة أعمال العنف في مناطق مختلفة من العالم.
ورغم الاتفاق الدولي على مفهوم الكفاح المشروع للدول والشعوب، فإن المجتمع الدولي لم يتمكن من الاتفاق على تعريف واحد ومحدد لمفهوم الإرهاب، نظراً لاختلاف المعايير بين الدول، وتباين الرؤى حولها، فمصطلح العنف واستخدام القوة مفهوم نسبي الدلالة له وظيفته واستخداماته المحددة، وظروفه وبيئته، وهو ليس مجرد لفظ يُعد بذاته مستحسناً أو مستقبحاً.
كما يتوسع بعض الباحثين والخبراء في مفهوم الإرهاب ليشمل الهجمات ضد الأشخاص وضد الممتلكات، ويأخذ بعضهم بالحسبان بواعث الفاعلين، فيفرق بين الهجمات الجنائية والهجمات السياسية. ويخلط بعضهم الآخر بين الإرهاب المحظور والحق في المقاومة والاستخدام المشروع للقوة لإنهاء الاستعمار والاحتلال وممارسة الحق في تقرير المصير.
غير أن النصوص والأعراف الدولية والإنسانية وأحكام الشريعة الإسلامية تؤكد التباين بين المقاومة والجهاد من جهة، والإرهاب من جهة ثانية، وذلك في مختلف الجوانب القانونية والسياسية والاجتماعية، وبالوسائل التي تستخدم في الحالين والأهداف المرجوة.
ومع الإقرار العالمي بحق تقرير المصير، في مداولات الأمم المتحدة، وفي الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وعلى رأسها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية لعام 1966، وبتحوله من مجرد مبدأ سياسي إلى حق قانوني، فقد أصبح من المحتَّم القول بأنه يقع على كل دولة واجب الامتناع عن الإتيان بأي عمل قسري يحرم الشعوب غير المستقلة من حقها في تقرير مصيرها، سواء أكانت خاضعة للاحتلال أم للاستعمار.
وقد أسفرت جهود المجتمع الدولي بشأن تحديد مفهوم الإرهاب منذ أن طرح الموضوع أمام عصبة الأمم عام 1937 وما تلاها من جهود، إلى استنتاج أن الاستعمار هو أحد أهم دوافع أعمال المقاومة التي يسميها المستعمرون والمحتلون بالإرهاب، حيث تشير مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة طوال عقد السبعينات إلى أن من أهم الأسباب الجوهرية لاستخدام العنف استمرار الاستعمار في السيطرة والهيمنة على الأقاليم التي كانت خاضعة له يوماً ما، وإنكار حق الشعوب في تقرير مصيرها، وبهذا تكون الأمم المتحدة قد قدمت فهماً معيارياً وموضوعياً برد الظاهرة إلى دوافعها وأسبابها، وقد ميزت بين الإرهاب بوصفه جريمة دولية، وبين الكفاح المسلح بوصفه نشاطاً من أنشطة حركات التحرر الوطني المشروعة، وهو بلا شك اختلاف جوهري في الطبيعة والمقاصد.
وفي إطار هذا المفهوم عقدت الجمعية العامة ثلاث عشرة اتفاقية دولية، واستندت في موقفها هذا إلى العديد من القرارات والتوصيات الصادرة عنها، ولعل أولها توصيتها رقم (1514) لسنة 1960 الخاصة بمنح البلدان والشعوب المُستعمَرة استقلالها، والتي اشتَهرت فيما بعد بقرار "تصفية الاستعمار". وكذلك توصيتها رقم (3103) لسنة 1973 بشأن المبادئ المتعلقة بالمركز القانوني للمقاتلين الذين يكافحون ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبي والنظم العنصرية، لا بإضفاء المشروعية على عملهم فحسب، وإنما بشمول هؤلاء المقاتلين أيضاً بقواعد القانون الدولي المعمول به في النزاعات المسلحة مثل اتفاقيات جنيف لعام 1949 الخاصة بجرحى الحرب وأسراهم، وحماية المدنيين.
وفي هذا السياق اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة مراراً بحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف مثل قرارها رقم (3236) لعام1974 بند (1و2)، وقرارها رقم (39/17) لعام 1984 بند(3)، وقرارها رقم 49/149 لعام 1995 في البند (1و3)، وبحقه في استرجاع حقوقه بالوسائل المتاحة كافة بما في ذلك الكفاح المسلح حسب قرار الجمعية العامة رقم (3236) لعام 1974 بند (5)، ورقم (39/17) لعام 1984 بند(2)، كما أن القانون الدولي، ومنذ قيام الأمم المتحدة، قد حظر اللجوء إلى القوة المسلحة أو التهديد بها في إطار العلاقات الدولية، غير أنه أجاز اللجوء إلى القوة بأشكالها المختلفة في حالات الدفاع الشرعي ضد الاحتلال، بوصفها وسيلة لممارسة حق تقرير المصير، والوصول إلى الاستقلال الوطني.
وقد أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروعية نضال الشعوب في سبيل التحرر من الهيمنة الاستعمارية والسيطرة الأجنبية، بالوسائل كافة، بما في ذلك القوة المسلحة، كما أقرت تقديم دول العالم المساعدات للشعوب التي تناضل في سبيل تقرير المصير، وأن تساعد جهود الأمم المتحدة في هذا المضمار، حيث يمكن لهذه الشعوب أن تتمتع بدعم خارجي في الكفاح المسلح الذي تخوضه ضد دولة استعمارية أو عنصرية أو ضد الاحتلال الأجنبي، دون أن تحتج الأخيرة بأن هذا الدعم يُعد من قبيل التدخل في شؤونها الداخلية وذلك وفق قرار الجمعية العامة رقم (3070) لعام 1973 في البند الثاني والثالث.
وإزاء هذه الجهود المبذولة من الأمم المتحدة لحصر مفهوم الإرهاب وعدم خلطه بحق المقاومة ومشروعيتها، كانت الولايات المتحدة غير متعاونة لإنجاح هذه الجهود، وذلك بسعيها إلى تغييب المعايير وإحلال الانتقائية محلها، لكي تتفرد بعد ذلك في تصنيف أعمال العنف وفق ما تشاء، وقد تصاعد اتجاه توسيع مفهوم الإرهاب لديها ليشمل أعمال المقاومة والجهاد والكفاح المسلح المشروعة، ولا سيما بعد توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، وإثر انعقاد مؤتمر شرم الشيخ عام 1996 وضغط أمريكا بهدف إدانة أعمال المقاومة المسلحة الفلسطينية تحت اسم "الإرهاب".
وقد أحدثت تداعيات الهجوم على نيويورك وواشنطن في 11 أيلول/سبتمبر 2001 هزة في النظرية الأمنية الأمريكية السائدة، الأمر الذي شجع الإدارة الأمريكية على تغيير سلوكها الدبلوماسي بلجوئها إلى لغة العنف والتهديد والحصار العسكري والاقتصادي للآخرين، وإعلان تقسيم العالم إلى معسكرين: "إما مع أمريكا أو مع الإرهاب"، حيث صبت جام غضبها وقوتها على العرب والمسلمين دولاً وحركاتٍ وأفراداً، وذلك على خلفية اتهامها أفراداً عرباً ومسلمين بالوقوف وراء هذا الهجوم.
وقد استغل اللوبي الصهيوني بنفوذه العالمي والسياسي والاقتصادي هذه الحادثة لتشجيع التطرف اليميني في الإدارة الأمريكية، وتحريض العالم الغربي ضد كل ما هو عربي وإسلامي.
وفي ظل هذه الظروف المستجدة ظهرت الحاجة إلى إعادة تأكيد المفاهيم الإنسانية السليمة للمقاومة والكفاح والجهاد، والحفاظ عليها حقوقاً إنسانية ثابتة، والمحافظة على شرعيتها وضمان المساندة الدولية لها، وفصلها تماماً عن أي أعمال يمكن أن توصف بالإرهاب والوحشية، وهو ما تحاول هذه الوثيقة التأكيد عليه، وذلك بالاستناد إلى العمق الحضاري والأصالة الفكرية والتطلع المستقبلي للأمة العربية والإسلامية التي يؤكد تاريخها على أنها أمة تكافح الإرهاب وترد العدوان وتدفع الظلم. ولذلك فإن إقحام مصطلح الإرهاب على الإسلام والمسلمين والعرب إنما ينطوي على ظلم بيّن للقيم العربية الإسلامية الأصيلة، ويتسبب في إيجاد مغالطات خطيرة تجاه نضال الشعوب العربية والإسلامية من أجل التحرر من الاحتلال الأجنبي واستعادة حقوقها المشروعة.
توصيات
ترى هذه الوثيقة أن الحد من ظاهرة الإرهاب ودعم المقاومة المشروعة يتطلب ما يلي:1- السعي لوضع مفهوم متفق عليه للإرهاب، وتمييزه عن المقاومة المشروعة، وتعد هذه الوثيقة مساهمة في هذا المضمار.
2- المبادرة السريعة والجادة إلى تعزيز التفريق بين الممارسات الإرهابية التي تقوم بها إسرائيل وغيرها من الدول، وأعمال المقاومة المشروعة التي تقوم بها حركات التحرير الوطنية لتحقيق أهدافها في تقرير المصير والاستقلال، حتى لا تختلط المفاهيم كما هو الحال في فلسطين وغيرها.
3- تمكين الشعوب الواقعة تحت الاحتلال أو الاستعمار من تحقيق استقلالها ونيل حقها في تقرير المصير، حتى لا يكون ذلك ذريعة لأعمال عنف يختلف الناس في تسميتها بالإرهاب أو المقاومة المشروعة.
4- تفعيل التعاون الدولي المنظم على أساس العدل والمساواة ورعاية المصالح المشتركة دون هيمنة أو انتقائية، وتفعيل القانون الدولي فيما يتعلق بحماية حق الشعوب في نيل استقلالها وتقرير مصيرها.
5- السعي لتوفير الحماية الكافية للمدنيين في الحروب بما في ذلك تأمين إيصال المساعدات الطبية والإنسانية للمحتاجين منهم.
6- مواجهة إرهاب الدولة والحد من تفاقمه بالعمل على بلورة موقف دولي موحد ضد الدول التي تمارسه وبخاصة إسرائيل، والعمل على عزل هذه الدول حتى تتوقف عن ممارسة الإرهاب ورعايته.
7- التوقف عن التهديد بالقوة العسكرية والعقوبات الاقتصادية ضد الدول الضعيفة، واستغلال مواردها من جانب الدول الأقوى بصورة استعمارية، والعمل بدلا من ذلك على تشجيع إقامة علاقات التعاون والسلم الدوليين.
8- توسيع دوائر الحوار الثقافي والحضاري بين العالم العربي والإسلامي من جهة، والعالم الغربي من جهة أخرى، لتقليل الحاجة إلى اللجوء إلى القوة والعنف في أي خلافات بين الجانبين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق