اللاجئون على أرض وطنهم
حركة اللاجئين دفاعاً عن حق العودة، تلك الحركة الجماهيرية التي شهدت تصاعداً ملموساً خلال العقد الماضي، لم تنطلق من مخيمات الشتات، بل كانت نقطة انطلاقها الأولى من على أرض الوطن حيث إنعقد 8/12/1995 مؤتمر مخيم الفارعة الشعبي بمبادرة من إتحاد مراكز الشباب الاجتماعية في مخيمات الضفة الفلسطينية.
هذه الحقيقة تنطوي على مغزى سياسي لافت. فهي تبرز، لا بالقول فقط بل أيضاً بالفعل النضالي، المفهوم الأصيل لحق العودة باعتباره، كما يعرفه القرار الدولي رقم 194، حق اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا منذ 1948 في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم.
مسار عملية أوسلو كان سبباً لإثارة القلق والمخاوف، لدى أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني، مما تنطوي عليه هذه العملية من تهديد لحق العودة، سواء بشطبه أو بإفراغه من مضمونه. ولذلك أعلن مؤتمر الفارعة أن قضية اللاجئين قضية سياسية مركزية، شأنها شأن القدس والحدود والسيادة، وإن قرارات الشرعية الدولية – وبخاصة القرار 194 – هي الأساس لحل هذه القضية. وفي هذا الإطار أكد أن التمسك بحق العودة لا يتعارض مع حق اللاجئين في تحسين شروط الحياة في المخيمات مؤكداً على رفض الدعوات التي ترددت بعد اتفاق أوسلو لتصفية وكالة الغوث أو إنهاء خدماتها، ومطالباً على العكس بتحسين هذه الخدمات وتوسيع نطاقها.
من المهم ملاحظة أن "رفض التوطين" هو هنا قرار يتخذه مؤتمر شعبي لممثلي اللاجئين المقيمين في الضفة الفلسطينية، على أرض وطنهم. وهو تأكيد إضافي على التمسك بمضمون حق العودة باعتباره حقاً في العودة إلى الديار والممتلكات كما ينص القرار 194.
بعد مؤتمر الفارعة توالت التحركات والمؤتمرات المماثلة في مناطق الضفة وقطاع غزة. ولكن ما أضفى عليها أهمية سياسية مضاعفة كونها ترافقت مع نهوض وبدء تأطير حركة جماهيرية للاجئين داخل حدود 48، أولئك المقتلعون من أرضهم الذين يبلغ عددهم أكثر من ربع مليون فلسطيني يقيمون داخل إسرائيل ولكن السلطات الإسرائيلية شردتهم من منازلهم وسلبتهم ممتلكاتهم وحرمتهم من استعادتها، فاصطلح على تسميتهم " بالغائبين الحاضرين".
في ربيع عام 2000، وفي مدينة الناصرة، عقد ممثلو اللاجئين الفلسطينيين في إسرائيل مؤتمراً تحت شعار " لا سلام دون تنفيذ حقنا في العودة إلى منازلنا وممتلكاتنا". وكان ملفتاً أن من بين مقررات المؤتمر التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بكافة تجمعاته، والتأكيد أيضاً على انطباق القرار 194 على اللاجئين الفلسطينيين داخل إسرائيل بما يعني حقهم في العودة إلى منازلهم واستعادة ممتلكاتهم.
ثمة عوامل عدة تعزز المكانة المحورية التي تحتلها حركة اللاجئين على أرض الوطن في إطار الحركة الجماهيرية الشاملة للاجئين دفاعاً عن حق العودة. فاللاجئون في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة يشكلون كتلة شعبية ضخمة تمثل حوالي 70% من سكان القطاع و 36% من سكان الضفة. وهم راكموا على مدى سنوات الاحتلال خبرة كفاحية متنامية وبنوا حركة جماهيرية منظمة اتخذت ركائزها طابعاً مؤسسياً تمثل باللجان الشعبية في المخيمات، وإتحاد مراكز الشباب الاجتماعية، وإتحاد جمعيات القرى والبلدات المهجرة، وغيرها من الأطر الجماهيرية التي ائتلفت مؤخراً في إطار اللجنة الوطنية للدفاع عن حق العودة.
ان قربهم من قراهم وبلداتهم التي هجروا منها يعزز روح الانتماء إليها ويعمق الوعي بحالة اللجوء والتطلع إلى العودة. وتشكل اقامتهم على أرض الضفة والقطاع من جهة عاملاً في شحذ وعيهم وتلمسهم للمخاطر التي تتهدد حق العودة بفعل المسارات الراهنة للعملية السياسية، كما تشكل من جهة أخرى عاملاً مهماً في ترجيح دورهم في التأثير على القرار السياسي الفلسطيني، فهم على تماس مباشر مع مراكز صنع القرار الوطني، مما يضاعف قدرتهم الضاغطة عليها، كما هم في حالة تماس مباشر مع الاحتلال حيث تشكل حركتهم إحدى الروافع الهامة للمواجهة الجماهيرية مع المحتلين وما تتركه من تأثيرات على مسار العملية السياسية.
حركة اللاجئين حركة شعبية مستقلة تنزع دوماً نحو الانتظام في أطر ذات طابع ديمقراطي. استقلالها عن تحكم مراكز القرار البيروقراطية لا ينفي كونها ركيزة شعبية فاعلة من ركائز منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والإطار الكياني لوحدته داخل الوطن وخارجه. ذلك ما تؤكده مؤتمراتها وبرامجها المعلنة التي تحدد مهامها على محورين:
أولاً: استمرار العمل على تصليب الموقف التفاوضي الفلسطيني على قاعدة التمسك بحق العودة وفقاً للقرار 194، وإغلاق باب المقايضة على قضية اللاجئين في أية تسوية قادمة آخذين بعين الاعتبار أن ترابط الأهداف الوطنية الفلسطينية لا يعني بالضرورة تحقيقها دفعة واحدة.
ثانياً: مواصلة العمل من أجل تحسين الظروف الحياتية لجماهير اللاجئين والضغط على وكالة الغوث لوضع حد لسياسة تقليص الخدمات وقطع الطريق على أي محاولة لتغيير وظيفة الوكالة لوجهة انخراطها في مشاريع التأهيل والدمج بالمجتمعات المحيطة، والعمل على تحسين شروط الحياة في المخيمات في مختلف المجالات التربوية والصحية والخدمية.
المصدر: أرشيف المجموعة 194
حركة اللاجئين دفاعاً عن حق العودة، تلك الحركة الجماهيرية التي شهدت تصاعداً ملموساً خلال العقد الماضي، لم تنطلق من مخيمات الشتات، بل كانت نقطة انطلاقها الأولى من على أرض الوطن حيث إنعقد 8/12/1995 مؤتمر مخيم الفارعة الشعبي بمبادرة من إتحاد مراكز الشباب الاجتماعية في مخيمات الضفة الفلسطينية.
هذه الحقيقة تنطوي على مغزى سياسي لافت. فهي تبرز، لا بالقول فقط بل أيضاً بالفعل النضالي، المفهوم الأصيل لحق العودة باعتباره، كما يعرفه القرار الدولي رقم 194، حق اللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا منذ 1948 في العودة إلى ديارهم واستعادة ممتلكاتهم.
مسار عملية أوسلو كان سبباً لإثارة القلق والمخاوف، لدى أوساط واسعة من الشعب الفلسطيني، مما تنطوي عليه هذه العملية من تهديد لحق العودة، سواء بشطبه أو بإفراغه من مضمونه. ولذلك أعلن مؤتمر الفارعة أن قضية اللاجئين قضية سياسية مركزية، شأنها شأن القدس والحدود والسيادة، وإن قرارات الشرعية الدولية – وبخاصة القرار 194 – هي الأساس لحل هذه القضية. وفي هذا الإطار أكد أن التمسك بحق العودة لا يتعارض مع حق اللاجئين في تحسين شروط الحياة في المخيمات مؤكداً على رفض الدعوات التي ترددت بعد اتفاق أوسلو لتصفية وكالة الغوث أو إنهاء خدماتها، ومطالباً على العكس بتحسين هذه الخدمات وتوسيع نطاقها.
من المهم ملاحظة أن "رفض التوطين" هو هنا قرار يتخذه مؤتمر شعبي لممثلي اللاجئين المقيمين في الضفة الفلسطينية، على أرض وطنهم. وهو تأكيد إضافي على التمسك بمضمون حق العودة باعتباره حقاً في العودة إلى الديار والممتلكات كما ينص القرار 194.
بعد مؤتمر الفارعة توالت التحركات والمؤتمرات المماثلة في مناطق الضفة وقطاع غزة. ولكن ما أضفى عليها أهمية سياسية مضاعفة كونها ترافقت مع نهوض وبدء تأطير حركة جماهيرية للاجئين داخل حدود 48، أولئك المقتلعون من أرضهم الذين يبلغ عددهم أكثر من ربع مليون فلسطيني يقيمون داخل إسرائيل ولكن السلطات الإسرائيلية شردتهم من منازلهم وسلبتهم ممتلكاتهم وحرمتهم من استعادتها، فاصطلح على تسميتهم " بالغائبين الحاضرين".
في ربيع عام 2000، وفي مدينة الناصرة، عقد ممثلو اللاجئين الفلسطينيين في إسرائيل مؤتمراً تحت شعار " لا سلام دون تنفيذ حقنا في العودة إلى منازلنا وممتلكاتنا". وكان ملفتاً أن من بين مقررات المؤتمر التأكيد على أن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بكافة تجمعاته، والتأكيد أيضاً على انطباق القرار 194 على اللاجئين الفلسطينيين داخل إسرائيل بما يعني حقهم في العودة إلى منازلهم واستعادة ممتلكاتهم.
ثمة عوامل عدة تعزز المكانة المحورية التي تحتلها حركة اللاجئين على أرض الوطن في إطار الحركة الجماهيرية الشاملة للاجئين دفاعاً عن حق العودة. فاللاجئون في الضفة الفلسطينية وقطاع غزة يشكلون كتلة شعبية ضخمة تمثل حوالي 70% من سكان القطاع و 36% من سكان الضفة. وهم راكموا على مدى سنوات الاحتلال خبرة كفاحية متنامية وبنوا حركة جماهيرية منظمة اتخذت ركائزها طابعاً مؤسسياً تمثل باللجان الشعبية في المخيمات، وإتحاد مراكز الشباب الاجتماعية، وإتحاد جمعيات القرى والبلدات المهجرة، وغيرها من الأطر الجماهيرية التي ائتلفت مؤخراً في إطار اللجنة الوطنية للدفاع عن حق العودة.
ان قربهم من قراهم وبلداتهم التي هجروا منها يعزز روح الانتماء إليها ويعمق الوعي بحالة اللجوء والتطلع إلى العودة. وتشكل اقامتهم على أرض الضفة والقطاع من جهة عاملاً في شحذ وعيهم وتلمسهم للمخاطر التي تتهدد حق العودة بفعل المسارات الراهنة للعملية السياسية، كما تشكل من جهة أخرى عاملاً مهماً في ترجيح دورهم في التأثير على القرار السياسي الفلسطيني، فهم على تماس مباشر مع مراكز صنع القرار الوطني، مما يضاعف قدرتهم الضاغطة عليها، كما هم في حالة تماس مباشر مع الاحتلال حيث تشكل حركتهم إحدى الروافع الهامة للمواجهة الجماهيرية مع المحتلين وما تتركه من تأثيرات على مسار العملية السياسية.
حركة اللاجئين حركة شعبية مستقلة تنزع دوماً نحو الانتظام في أطر ذات طابع ديمقراطي. استقلالها عن تحكم مراكز القرار البيروقراطية لا ينفي كونها ركيزة شعبية فاعلة من ركائز منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني والإطار الكياني لوحدته داخل الوطن وخارجه. ذلك ما تؤكده مؤتمراتها وبرامجها المعلنة التي تحدد مهامها على محورين:
أولاً: استمرار العمل على تصليب الموقف التفاوضي الفلسطيني على قاعدة التمسك بحق العودة وفقاً للقرار 194، وإغلاق باب المقايضة على قضية اللاجئين في أية تسوية قادمة آخذين بعين الاعتبار أن ترابط الأهداف الوطنية الفلسطينية لا يعني بالضرورة تحقيقها دفعة واحدة.
ثانياً: مواصلة العمل من أجل تحسين الظروف الحياتية لجماهير اللاجئين والضغط على وكالة الغوث لوضع حد لسياسة تقليص الخدمات وقطع الطريق على أي محاولة لتغيير وظيفة الوكالة لوجهة انخراطها في مشاريع التأهيل والدمج بالمجتمعات المحيطة، والعمل على تحسين شروط الحياة في المخيمات في مختلف المجالات التربوية والصحية والخدمية.
المصدر: أرشيف المجموعة 194
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق