عرض كتـــاب/ زوال إسـرائيل عام 2022م، نبوءة أم مصادفة رقميـة. -10-
:: العدد 76 وسورة الإسراء::
تنتهي كل آية من آيات سورة الإسراء بكلمة وتسمى (فاصِلة) مثل: (وكيلاً، شكوراً، نفيراً، لفيفاً... الخ) أي أن هناك (111) فاصلة. وعندما نحذف الفواصل المتكررة، نجد أنّ عددالفواصل هو 76 فاصلة،[1] ولا ننسى أنّ هذا العدد يشير إلى عمر إسرائيل المتوقّع بالسنين القمريّة، وقد عرفنا سابقاً أنّ كل كلمة من كلمات سورة الإسراء تقابل سنة. واللافت أيضاً في سورة الإسراء أنّ هناك فقط (4) آيات عدد كلمات كلٍّ منها (19) كلمة. وعليه يكون المجموع: (19×4) = 76
الآية 76 والجذر فزز :
يخطر بالبال هنا الرجوع إلى الآية 76 من سورة الإسراء. وإليك نص الآية الكريمة: " وإنْ كَادُوا لَيستفِزّونك مِنَ الأرضِ لِيُخرجوكَ منها وإذاً لا يلبثونَ خِلافك إلا قليلاً " واضح أنّه يأتي بعد كلمة (قليلاً) رقم الآية، وهو (76). وقد يرمز هذا الرّقم إلى عدد السنين؛ فالنبوءات أحياناً تأتي على صورة رمز يحتاج إلى تأويل، كما يحصل في الرؤيا الصادقة؛ كرؤيا يوسف عليه السلام، أو رؤيا الملك في سورة يوسف. وإليك المؤشِّرات على احتمال ذلك احتمالاً راجحاً:
أ) الآية 76 تتحدث عن الإخراج من الدّيار، وعن مدّة لبث الكفار بعد هذا الإخراج. وما نحن بصدده هنا هو البحث عن عدد السنين التي تلبثها إسرائيل بعد قيامها في الأرض المقدّسة، وبعد إخراج أهلها منها.
ب) قد يقول البعض إنّ الآية تتحدث عن إخراج الرسول صلى الله عليه وسلم - وهذا صحيح - ولكنّ الآية التي تليها هي: " سُنّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُسُلِنَا وَلا تَجِدُ لِسُنّتِنَا تَحْويلاً ". فالآية تتحدّث عن سُنّة في الماضي، والحاضر، والمستقبل.
ج) اشتقّ في القرآن الكريم من الجذر الثلاثي (فزز) فقط ثلاث كلمات
، واللافت للانتباه أن هذه الكلمات الثلاث موجودة في سورة الإسراء، الآيات: (64، 76، 103). أمّا الآية 64:
" وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم..." فهي 19 كلمة، وبالتالي تقابل - كما أسلفنا - 19 سنة. وأمّا الآية الثانية فهي الآية 76، والتي نحن بصدد ترجيح احتمال أنّ يكون رقمها يشير إلى عدد السنين التي ستلبثها إسرائيل في الأرض المباركة؛ فهو تفسير رمزي لكلمة (قليلا). أمّا الآية الثالثة فهي: " فَأرادَ أَن يَسْتَفِزّهُم مِنَ الأرضِ فَأغْرَقْنَاهُ وَمَن مَعَهُ جَميعاً " وتليها الآية (104): " وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إسْرائيلَ اسْكُنُوا الأرضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْناَ بِكُمْ لَفِيفاً " أي قلنا لبني إسرائيل بعد غرق فرعون اسكنوا الأرض المقدّسة،[3] فكانت هذه السّكنى المقدّمة التي لابدّ منها ليتحقّق وعد الإفساد الأول، الذي يحصل بسببه الشتات الأول. فإذا جاء وعد المرّة الثانية والأخيرة جمعناكم من الشّتات، والحال أنّكم تنتمون إلى أصولٍ شتىّ، على خلاف المرّة الأولى،حيث كنتم تنتمون إلى أصلٍ واحد، وهو يعقوب عليه السلام: " فَإذا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُم لَفِيفَاً ". واللافت هنا أنّ الكلمة الثالثة (يَستفِزّهم) تتعلق بالكلام عن الإفسادين، وعلى وجه الخصوص الإفساد الأخير، والذي هو موضوع هذا البحث. ولا ننسى هنا أنّ عدد الكلمات من بداية الحديث عن النبّوءة: " وآتينا موسى الكتاب..." إلى آخر حديثٍ صريح عنها: " فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ جِئْنَا بِكُم لَفِيفَاُ "، هو 1443كلمة، ويتطابق هذا العدد مع العام 1443هـ، ويجدر التذكير هنا أنّ عدد السنين من عام الإسراء، إلى هذا العام، هو 1444 سنة قمريّة، أي (19×76).
على ضوء ما سبق، وعلى ضوء أنّ كل كلمة في سورة الإسراء تقابل سنة، إليك هذه المعادلة العدديّة التي تحصّلت من متعلّقات الكلمات التي اشتقّت من (فزز): فالكلمة الأولى (واستفزز) تقع في الآية 64، والتي عدد كلماتها (19) كلمة. والكلمة الثانية (ليستفزّونك) تقع في الآية 76 والتي يراد ترجيح احتمال أنها ترمز إلى عدد سنين. والكلمة الثالثة (يستفزهم) تقع في الآية 103 التي تتحدّث عن غرق فرعون، ثمّ تليها الآية التي تتحدّث عن وعد الآخرة. وعليه نقول: بما أنّ عدد كلمات الآية الأولى 19 كلمة، وكل كلمة في سورة الإسراء تقابل سنة، وبما أنّنا نفترض أنّ رقم الآية 76 يشير إلى عدد سنين، فإنّ المعادلة هي: ( 19×76 ) = 1444 والمفاجأة هنا أنّ ترتيب الكلمة الثالثة، أي يستفزهم، في سورة الإسراء هو (1444). فتأمّل!!
[1]مع ملاحظة أنّ فاصلة:( مفعولا) وفاصلة: ( لمفعولا) هي فاصلة واحدة.
[2]الاستفزاز هنا الإزعاج والإيذاء من أجل الإخراج أو الاستنهاض. ومن هنا تم اختيار كلمة (ليستفزّونك) دون غيرها من الكلمات في الآية 76
[3]راجع التفسير.
بعد وفاة سليمان عليه السلام، انشقّت الدولة وبدأ الإفساد، فكان أن جاء المصريّون، والأشوريّون، والكلدانيّون، فاحتلوا الدولتين من غير أن يزيلوا الملوك، بل أبقوهم على عروشهم. وفي العام 722 ق.م قام الأشوريّون بتدمير الدولة الشمالية إسرائيل.[1] واستمر الجوس - وهو كثرة التردُّد - في الدولة الجنوبية يهوذا، حتى جاء (نبوخذ نصر) وألقى القبض على الملك التاسع عشر المسمى (صِدقيا) وقتل الكثيرين، ودمّر دولة يهوذا، وذلك عام 586 ق.م. وبذلك انتهى الجوس في المرّة الأولى. واللافت للنظر أنّ الجوس استمر باستمرار الإفساد، وانتهى بتدمير الدولتين. ويُلحظ أنّ الإفساد والجوس كانا متلازمين. أمّا في المرة الثانية والأخيرة فقد بدأ الإفساد عام 1948م في جزءٍ من الأرض المقدّسة، ثم اكتمل فيها بعد 19 عاما، في العام 1967م. أي أنّ الإفساد شمل الأرض المقدّسة على مرحلتين. أما الوعد الأول فقد تلازم فيه الإفساد والعقوبة. وهذا الفارق بين المرّة الأولى والأخيرة نجده ينعكس في عالم الأرقام:
العام 722 ق.م هو عام تدمير إسرائيل الأولى، والتي هي أولى الدولتين إفساداً؛ فهي التي بدأت الانفصال، وهي التي زالت أولاً، وبالتالي ينطبق عليها لفظ أولاهما.
العام 1948م يوافق العام 1367هـ، وعندها يكون قد مضى على الإسراء 1368 سنة قمريّة. وفي العام 1967م يكون قد مضى على الإسراء 1387 سنة قمريّة. وفي العام 2022م يكون قد مضى على الإسراء 1444 سنة قمريّة. وبناءً عليه إليك هذه الملاحظات العدديّة:
إذا بدأنا عدّ الكلمات من بداية الحديث عن النبوءة، أي من قوله تعالى: "وآتَينَا مُوسَى الكِتَابَ"، فسيكون ترتيب كلمة (أولاهما) في قوله تعالى: " فإذا جاء وعدُ أُولاهما بعثنا عليكم عباداً..." هو 38[2]ويكون ترتيب كلمة (وعد) هو 72، وترتيب كلمة (الآخرة) هو 73، وذلك في قوله تعالى: " فَإذا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيسُوءوا وجوهَكم وليدْخُلوا المسْجِدَ... ". أمّا ترتيب كلمة (وليدخلوا) فهو 76، وهذا ينسجم مع القول بأنّ عُمر دولة إسرائيل الثانية هو 76 سنة؛ لأنّ كل كلمة في السّورة تُقابل سنة، والدّخول يكون عند حصول وعد العقوبة.
إذا ضربنا ترتيب كلمة (أُولاهما) في 19 يكون الناتج: (19×38) = 722 وهذا هو تاريخ سقوط دولة إسرائيل الأولى، أي عدد السنين الشمسيّة قبل الميلاد.[3]
إذا ضربنا ترتيب كلمة (وعد) في 19 يكون الناتج: (19×72) = 1368، وهذا هو عدد السّنين الهجريّة من الإسراء إلى العام 1948م، أي إلى زمن بداية الإفساد الجزئي في الأرض المباركة.
وإذا ضربنا ترتيب كلمة (الآخرة) في 19 يكون الناتج: ( 19×73 ) = 1387 وهذا هو عدد السنين الهجريّة من الإسراء إلى العام 1967م، أي عام اكتمال الإفساد في الأرض المقدّسة.
وإذا ضربنا ترتيب كلمة (وليدخلوا) في 19 يكون الناتج: ( 19×76) = 1444 وهذا هو عدد السّنين الهجرية، من الإسراء إلى العام 2022م
إنّ إساءة الوجه في قوله تعالى: (.. لِيَسُوؤا وُجُوهَكُم... ) يمكن أن تتمثل في تجريد إسرائيل من صورتها الإيجابية المزعومة والمصطنعة، وغني عن البيان أنّ وجود إسرائيل مرهون بالدّعم الخارجي، مما يعني أنّ سلاح إسرائيل الأول هو الإعلام، وبالتالي فإنّ إساءة الوجه سيكون لها آثار مدمّرة على وجود إسرائيل. وإذا استخدمنا المنطق الرّياضيّ السّابق، فسنصل إلى نتيجة تقول باحتمال أن تمتد مرحلة إساءة الوجه من عام 1985م، إلى أواخر عام 2003م.
تكررت عبارة " وعد الآخرة " في القرآن الكريم مرتين فقط؛ الأولى في فواتح سورة الإسراء، والثانية في خواتيمها، والكلام في المرّتين يتعلّق بالإفساد الإسرائيلي في الأرض المقدّسة، بل جاءت العبارة في الفواتح: " فَإذا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ..... " وفي الخواتيم " فَإذا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ..." وهذا يشير إلى أنّ سورة الإسراء بمجملها تتحدث حول وعد الآخرة، ويدلّ على أهمّية هذا الوعد. وسبق لنا أن قرأنا مقالاً للأستاذ المودودي يستنبط فيه عناصر قيام الدولة الإسلامية من آياتٍ من سورة الإسراء.
[1]وشعبها ينتسب إلى عشرة، أسباط وهم الذين قاموا بالانفصال، وساروا في طريق الفساد.
[2]العدد 38 هو 19×2
[3]نذكّر هنا أنّنا نتعامل قبل الإسراء بالسنين الشمسيّة، وبعده بالسنين القمريّة.