عرض كتـــاب/ زوال إسـرائيل عام 2022م، نبوءة أم مصادفة رقميـة. -6
:: إنّـــها بُشـــرى ::
(إنّ هذا القرآنَ يهدي للتي هي أقومُ ويُبشّرُ المؤمنينَ الذين يعملون الصالحاتِ...): فهي إذن بشرى قرآنية، وهي بُشرى للمؤمنين السالكين طريق الحق. وفي هذه الآية إشارة واضحة إلى أنّ النبوءة تتعلّق بمستقبل يأتي بعد نزول القرآن الكريم.
( وَأن الذينَ لا يُؤمنون بالآخرةِ اعتدنا لهم عذاباً أليماً ): هي بُشرى للمؤمنين، وإنذار لبني إسرائيل الذين لا يؤمنون بالآخرة؛ فالعهد القديم تزيد صفحاته عن ألف صفحة، وعلى الرُّغم من ذلك لا تجد فيه نصاً صريحا يذكر اليوم الآخر!!
خُتمت النبوءة بوصف القرآن الكريم بأنّه يهدي، ويبشر، ويُنذر. وقد تكرر هذا الوصف في التعقيب على النبوءة المُجملة الواردة في الآية 104 من سورة الإسراء: ( وقلنا من بعدهِ لبني إسرائيلَ اسكنوا الأرضَ فإذا جاءَ وعْدُ الآخرةِ جِئْنا بِكُم لفيفاً. وبالحقِّ أنزلناهُ وبالحقِّ نزل وما أرسلناكَ إلا مُبشراً ونَذيراً ).[1]. وجاء في التعقيب على النبوءة المفصّلة في فواتح السّورة: ( وَيدْعُ الإنسانُ بالشرِّ دُعاءَهُ بالخيرِ وكان الإنسانُ عجولاً).[2] وجاء في التعقيب عليها مُجملة: ( وقرآناً فَرَقْناهُ لتقرأهُ عَلى الناسِ على مُكثٍ ونزلناهُ تنزيلاً).
[3]____________________
[1]الإسراء: 105.
[2]الإسراء: 11.
[3]الإسراء: 106.
:: انعكاســات الحـدث ::
(قُل آمنوا بِهِ أوْ لا تُؤْمِنوا إنَّ الذين أُوتوا العلمَ من قَبلِهِ إذا يُتْلى عَليهم يَخِرُّونَ للأذقانِ سُجَّداً، ويقولونَ سُبْحانَ رَبِّنا إنْ كانَ وَعْدُ رَبنا لَمَفْعولاً، وَيَخِرُّونَ للأَذْقانِ يَبْكونَ وَيَزيدُهُم خُشوعاً) [1]، عند تحقّق وعد الآخرة سيكون له الأثر البالغ في نفوس أولئك الذين أوتوا العلم بالوعد قبل حصوله، وستكون انعكاسات الحدث عليهم إيجابيةً ومبهرة، لحصول النبوءة وفق ما أخبر القرآن الكريم، ويقولون: " سُبحانَ رَبّنا إنْ كانَ وَعْد ربّنا لمفعولا". نعم لابد لوعد الله أنْ يتحقّق، انظر قوله تعالى: " إنْ كانَ وعدُ ربِّنا لمفعولا ". ثم تَدبّر خاتمة سورة الإسراء من جهة المعنى والموسيقى: "وَقُلِ الحمدُ للهِ الذي لم يتَّخذْ ولداً ولم يَكُن لهُ شريكٌ في المُلكِ ولم يَكن لَهُ وليٌ منَ الذُّلِّ وكبّرهُ تكبيراً
______________________
الإسراء: 107-109.
:: أوّل الحشــر ::
نقرأ في السيرة النبوية الشريفة أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أخرج يهود بني قينقاع من المدينة، ثم أخرج يهود بني النضير، فنزلت سورة الحشر، والتي تُستهلّ كسورة الإسراء بالتسبيح: " سَبَّحَ للهِ ما في السمواتِ وما في الأرضِ وهو العزيزُ الحكيم، هوَ الذي أخرجَ الذينَ كفروا من أهل الكتابِ مِن دِيارِهم لأوّلِ الحَشر " قال المفسرون: " لأوّل الحشر، أي لأوّل جمعٍ لهم في بلاد الشام ". والسؤال: ما الحكمة من جمعهم في بلاد الشّام، ولماذا اعتُبِرَ هذا الإخراج أول الجمع، وماذا سيحصل في آخر الجمع ؟
ورد في تفسير النسفي أنّ الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال عندما أخرج بني النضير من المدينة المنوّرة: " امضوا لأوّل الحشر وإنا على الأثر " فهل يُشير ذلك إلى وعد الآخرة " فإذا جاء وَعدُ الآخرةِ جِئْنَا بِكُم لَفيفا " فدخول بني إسرائيل الأرض المقدّسة بعد موسى، عليه السلام، كان مقدّمة لتحقيق وعد الأولى، ودخولهم بعد أنْ أخرَجَهُم الرسول، صلى الله عليه وسلم،كان أيضاً مقدّمة لتحقيق وعد الآخرة، وكان بداية رمزية تُرْهِصُ بمقدم وعد الآخرة. وقد أخرج النسفي أنّ قسماً من بني النضير سكنوا أريحاً. نقول: لا يكون الجَمعُ في بدايته حشراً، وإن كان يصحّ أن نقول أول الحشر، لأن الحشر هو الجمع الذي يكون معه الضيق في المكان، والضيق النفسيّ. وهذا يعني أنّ وعد الآخرة يتحقق عندما يصبح جمع بني إسرائيل في الأرض المقدّسة حشراً.
:: أسباط ضائعة ::
يقول علماء الأجناس إنّ 90% من يهود العالم هم من الأمم التي تهوَّدت، ولا يرجعون في أصولهم إلى بني إسرائيل. ويُقرّ اليهود بأن هناك عشرة أسباط ضائعة:" رأوبين، وشمعون، وزبولون، ويساكر، ودان، وجاد، وأشير، ونفتالي، وأفرايم ومنسي."[1]
على ضوء ذلك، كيف يَصحُّ أن نقول إنّ القضاء الإلهي لبني إسرائيل يتعلّق بيهود اليوم ؟:
1- يقول الله تعالى في سورة الإسراء: "... فإذا جاءَ وَعْدُ الآخرةِ جِئْنا بِكُم لفيفاً "[2]
والمقصود نجمعكم من الشتات في حالة كونكم منتمين إلى أصولٍ شتى، على خلاف واقعكم في المرّة الأولى.
2_ حرص اليهود على تسمية الدولة الأخيرة هذه (إسرائيل)، فأصبحت البُنوّة هي بُنوّة انتماءٍ للدولة. فلا شك أنهم اليوم أبناء إسرائيل.
3- إنّ الحكم على الناس في دين الله لا يكون على أساس العرق والجنس، بل على أساس العقيدة والسلوك. وقد آمن بنو إسرائيل باليهودية على صورة منحرفة، فيُلحقُ بهم كل من يشاركهم في عقيدتهم وشرعهم.
4- الانتماء الحقيقي هو انتماء الولاء، يقول سبحانه وتعالى: " ومَنْ يَتَوَلّهم منكمْ فإنهُ منهم "[3] .
5- لا نستطيع أن ننكر أن جزءاً من يهود اليوم يرجعون في أصولهم إلى بني إسرائيل، وعلى وجه الخصوص بعض الشرقيين منهم.
6- قولنا إنّ هناك قسماً من يهود اليوم يرجعون في أصولهم إلى بني إسرائيل هو قول صحيح، لكننا لا نستطيع أن نُعيّنهم ونُسمّيهم. ومن هنا تعتبر القضية قضية غيبيّة.
_________________
[1]من هو اليهودي في دولة اليهود - عكيفا أور - دار الحمراء - بيروت - ط1 - 1993 ص147. من هنا ندرك أن مسألة الحق التاريخي هي أسطورة اخترعها اليهود الصهاينة، لأن الغالبية العظمى من بني إسرائيل تحولوا إلى المسيحية والإسلام.
الإسراء: 104
سورة المائدة، الآية:51
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق