بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-04-10

خرائط المدن الفلسطينية... خرائط سياحية واستدلالية.

خرائط المدن الفلسطينية... خرائط سياحية واستدلالية.

باذن الله سنوثق معظم خرائط المدن الفلسطينية من البحر الى النهر
 غزة.. خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Gaza_A4.jpg



خريطة قضاء ومدينة صفد الشامخة
http://www.palestineremembered.com/M...ctVillages.jpg

خريطة صفد مرسومة بخط اليد وبدقة عالية ويمكن تكبيرها بوضوح شديد
http://www.nooreladab.com/vb/showthread.php?t=21112



القدس
خريطة استدلالية لمدينة القدس، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2000
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Jerusalem_A4.jpg
http://www.wafainfo.ps/pics/JerusalemGuiding.jpg



رام الله والبيرة
خريطة استدلالية لمدينة رام الله والبيرة، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 1997
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/RamallahGuiding.jpg
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Ramallah_A4.jpg



بيت لحم
خريطة استدلالية لمدينة بيت لحم، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2003
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/BethlehemGuiding.jpg
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Bethlehem_A4.jpg



نابلس
خريطة استدلالية لمدينة نابلس، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 1997
المخطط الهيكلي لمدينة نابلس
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/Nablus_Guiding.jpg
http://www.wafainfo.ps/pics/Nablus_Plan.jpg
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Nablus_A4.jpg



الخليل
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Hebron_A4.jpg



جنين
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Jenin_A4.jpg
 
رفح
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Rafah_A4.jpg
أريحا
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Jericho_A4.jpg
دير البلح
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_DeirElbalah.jpg
طولكرم
خريطة المدينة (دليل المناطق الرئيسية)، بلدية طولكرم
http://www.wafainfo.ps/pics/TulkaremGuiding.jpg
قلقيلية
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Qalqilya_A4.jpg

سلفيت
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Salfeet_A4.jpg

طوباس
خريطة طرق وسياحة للمدينة، مركز الخرائط الفلسطيني
http://www.wafainfo.ps/pics/GSE_Salfeet_A4.jpg

يتبع

خارطة من أجمل وأشمل ما يكون لفلسطين قبل وبعد النكبة.

خارطة من أجمل وأشمل ما يكون لفلسطين قبل وبعد النكبة.

النسخة الأصلية كتبت في تاريخ 17 كنون أول، 2008

الخارطة من تصميم علي ابو رية (سخنين - فلسطين المحتلة)
بعد تحميل الخارطة 
اضغط على المكبر للحصول على الحجم الحقيقي للخارطة

http://www.palestineremembered.com/M...00.000-ARA.jpg


خارطة تبيين مخيمات اللجوء المعترف بها في الشرق الأوسط.


خارطة للأونروا تبيين مخيمات اللجوء المعترف بها في الشرق الأوسط.

מפה של מחנות הפליטים של אונר"א להפגין מוכרת במזרח התיכון

النسخة الأصلية كتبت في تاريخ 5 شباط، 2009
גרסה פורסם ב 5 פבואר 2009
رابط تحميل الخارطة
http://www.palestineremembered.com/i...fugeeCamps.jpg

مدينة صهيونية تحت الأقصى!!.

مدينة صهيونية تحت الأقصى!!.

وفقا لخبير آثار فلسطيني..مدينة صهيونية تحت الأقصى
توفيق عابد-عمان
كشف خبير آثار فلسطيني أن الهدف الإستراتيجي لدولة الإحتلال الصهيوني من وراء الحفريات التي تقوم بها تحت المسجد الأقصى يكمن في بناء مدينة سياحية تترجم رواية صهيونية للهيكل المزعوم ومرافقه، وذلك لاستيعاب ستة ملايين سائح عام 2020.
وقال الدكتور إبراهيم الفني انه أعد فيلما وثائقيا مدته 15 دقيقة يكشف تفاصيل المدينة السياحية الصهيونية التي يجري إنشاؤها تحت الأقصى، وأكد أن ظاهر الحفريات ديني ولكنه في الحقيقة اقتصادي وسياحي لجعل المنطقة ذات فعالية سياحية من منظور صهيوني.
وشارك الفني بندوة في عمّان بعنوان "ذاكرة المكان" عن مدينة بيت لحم يعقدها أسبوعيا منتدى الرواد الكبار بمرافقة رئيس الجامعة الأهلية بالضفة الغربية المحتلة الدكتور إبراهيم عيوش، والشخصية المسيحية المعروفة بالأردن رؤوف أبو جابر.
وأشار الفني بحرقة إلى أن الحفريات الصهيونية أسفل الأقصى وخاصة منطقة المصلى المرواني وقبة الصخرة والواجهة الجنوبية للمسجد الأقصى مستمرة وعلى مدار الساعة وأن معالم الموقع تتغير بسرعة البرق.
لقطة من داخل المدينة السياحية التي تبنيها دولة الإحتلال الصهيوني داخل المسجد الأقصى
http://www.aljazeera.net/file/get/75...6-3cd440c0f87d
شاهد عيان
وأوضح الفني أنه عالم الآثار الوحيد الذي شاهد الحفريات بأم عينه ويستطيع تقييم الوضع علميا في ضوء مشاهداته، وأكد أن الأقصى معلق نتيجة الحفريات اليهودية، وأن أية هزة أرضية خفيفة يمكن أن تؤدي لكارثة.
وقال "إنهم يعملون ونحن نتفرج على ما يجري، فالقدس تهوّد والعرب نائمون وأحيانا يستيقظون ويصدرون بيانا يستنكر أو يستهجن"، مطالبا سلطات الاحتلال بالتوقف عن إجراء ما يسمونه تغييرات في المدينة المقدسة.
وتحدث الفني عن كسر في الواجهة الجنوبية من الزاوية الشرقية للمسجد الأقصى بارتفاع ثلاثين مترا منذ العام 1991، وقال إنهم حاولوا ترميمه لكن سلطات الاحتلال تعمق الكسر بتكثيف الحفريات بالمنطقة المذكورة حتى ينهار الأقصى بعوامل طبيعية كهزة أرضية أو ضعف أساساته المعلقة.
وعن الجهود التي بذلت لتسجيل الأقصى كمعلم حضاري وديني إسلامي لدى المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، أوضح عالم الآثار أن هذه مسؤولية الحكومة الأردنية التي بذلت محاولات وشارك خبراؤها في الفحوص لتقييم مخاطر الحفريات، لكن الصهاينة ماضون في مخطط التهويد غير عابئين باليونسكو أو أية جهة عالمية.

أين العرب والمسلمين؟
وتساءل الفني "أين العمق العربي والإسلامي الذي يتحدثون عنه، وأين الإستراتيجية العربية ةالإسلامية تجاه القدس؟"، وأضاف "لقد نبهنا كثيرا للمخاطر التي تتعرض لها المدينة المقدسة وكتبنا كثيرا لإثارة الرأي العام العربي بخاصة والعالمي عامة ولكن لا أحد يتجاوب مع نداءاتنا المتكررة".
كما تساءل الفني أيضا "لماذا غيبنا الرأي العام العربي وأبعدناه عن قضاياه المعاصرة، وهل هناك قضية تحتل أولوية أكثر من القدس، ولماذا لم يتم إنجاز أرشيف عن القدس؟". وقال بألم "لا أحد قلق".
وكشف الفني أن دولة الإحتلال الصهيوني تنفق ملايين الدولارات من أجل مشروع وهمي "ونحن نملك حقائق ووثائق. أليست المكتبة العربية جديرة بإنتاج أرشيف متكامل يدحض المزاعم الهودية؟". وتحدث عن "برديات مصرية تخفيها دول أوروبية -لم يحددها- تثبت بالدليل القاطع أن لا علاقة لصهاينة اليوم بفلسطين".
لقطة تكشف مدخل المدينة السياحية
http://www.aljazeera.net/file/get/b4...e-16fac58150c4
مشروع أسطورة
 قال الفني إنهم لم يعثروا على أي أثر يسند مزاعمهم بوجود الهيكل أو إرثهم الخاص وإن الحفريات والدراسات لم تقدم أي دليل على القضة التوراتية، مبينا أن طبقات القدس الحضارية تشكل 21 طبقة بدايتها أربعة آلاف سنة قبل الميلاد أي قبل الملك داود بخمسة آلاف عام، وأضاف "فلا تاريخ لهم بل يخلقون أجندة وهمية عنوانها الأسطورة تتغلب على الحق التاريخي".
"إنهم مشروع أسطورة (وفقا للفني) ونجحوا حتى الآن في عسكرة علم الآثار ووضع حقائق على الأرض، ونحن نملك الحق التاريخي والوثائق التي تثبت حقنا في فلسطين كلها لكننا غير قادرين على تفعيل هذا الحق والمحافظة عليه".
ووصف الفني ادعاء الصهاينة بأنهم تملكوا أرض الميعاد وتسمية دولتهم بـ "إسرائيل" وتعني "فليظهر الله قوته" بأنه نوع من الشوفينية، وقال إن الأرض كانت ملكا لغيرهم لكنهم سيطروا عليها بالقهر والاحتلال.
وتساءل عالم الآثار الفلسطيني "لماذا استطاع الصهاينة تشكيل فريق متكامل بالقدس ونحن في غياب كامل؟ ألا نملك الإمكانيات العلمية والمالية والتقنية؟". 

لمحة عامة عن تاريخ وجغرافية فلسطين.

لمحة عامة عن تاريخ وجغرافية فلسطين.

مقدمة

تمتاز فلسطين بتاريخ غني وجغرافية متنوعة، وتقع في قلب العالم القديم، الذي كان مسرحا حيويا للحضارات على مرّ العصور. وهي مهد الديانات السماوية ومنبع حضارات التي أعطت البشرية الكثير.

وتنوع ساكنو هذه البلاد، وتركوا بصمات وشواهد ومعالم زال بعضها ماثلاً حتى الآن، وبقي الآخر راسخًا؛ ليمثل شاهدًا حيًا على حضارات سادت هذه البلاد، في شتى أنحاء فلسطين؛ في قراها وسهولها وجبالها وأغوارها وصحرائها وعلى شواطئها، وشملت هذه الشواهد التاريخية: المساجد، والكنائس، والأديرة، والمزارات، والقباب، والمحاريب، وأشجار الزيتون الرومية، وكروم العنب، وبيارات.

وتعدّ فلسطين واحدة من أهم مناطق الجذب السياحي في العالم؛ لأهميتها الدينية والتاريخية التي لا ينازعها فيها أي بلد آخر في العالم، ولتمتعها بتضاريس ومناخات متنوعة وشديدة التباين، وهذه الميزات أكسبت فلسطين عن حق لقب القارة.

وفلسطين جسر ضيق في أقصى غرب الهلال الخصيب يربط بين قارتي أفريقيا وآسيا؛ الأمر الذي زاد من عظم شأنها، وأثر على مجرى تاريخها يشكل كبير.

كانت فلسطين ومازالت بلداً له شأنه في معظم الأحداث المهمة في تاريخ العالم؛ لقد أثرت وتأثرت بالعديد من الحضارات الهامة في تاريخ البشرية، ابتداء بحضارة مصر الفرعونية، مروراً بالحضارات البابلية والآشورية واليونانية والفارسية والرومانية والبيزنطية………الخ، وانتهاء بالمسلمين والمسيحيين العرب، واليهود الإسرائيليين اليوم. حتى الإنجليز والفرنسيين و الروس والأمريكيين، كان ومازال لهم جميعاً تأثير على طابع فلسطين الحالي.

اسم "فلسطين" قديم جداً، ورد ذكره أول مرة في السجلات المصرية التي تعود إلى العصر البرونزي المتأخر في فترة حكم الفرعون المصري رعمسيس الثالث، حوالي سنة 1220-1200 قبل الميلاد، استخدم المصريون الاسم (بلست pelest)، كما هو مدون بالهيروغليفية على جدران معبد الكرنك (Medinet Habu Temple)، في إشارة لسكان ساحل فلسطين الجنوبي. ورد ذكر الاسم لاحقاً في العهد القديم وفي السجلات الآشورية في إشارة إلى سكان نفس المنطقة من يافا شمالاً إلى رفح جنوباً. وهكذا تعارف الناس على تسمية هذه المنطقة باسم "فيلستيا". لكن منذ عهد المؤرخ اليوناني هيرودتس، القرن الخامس قبل الميلاد، أصبحت كلمة فلسطين تشير إلى فلسطين التاريخية بزواياها الأربع، من نهر الأردن شرقاً، إلى البحر الأبيض المتوسط غرباً ومن الساحل الفينيقي (لبنان اليوم) شمالاً، إلى البحر الأحمر وصحراء سيناء جنوباً.

فلسطين عبر التاريخ:

فلسطين في العصر الحجري: 1400-4500 قبل الميلاد


التنقيبات الأثرية التي جرت في فلسطين منذ نهايات القرن التاسع عشر، أظهرت مخلفات إنسانية يعود تاريخها إلى أقدم العصور؛ ففي وادي النطوف القريب من قرية شقبا غربي رام الله مثلاً، عثر المنقبون على مخلفات يعود بعضها للمرحلة الثانية من العصر الحجري القديم 70.000-35.000 ق.م، وأحدثها يعود إلى العصر الحجري الأوسط 14.000-8.000 ق.م. اكتشفت الحضارة النطوفية لأول مرة عام 1928م على يد المنقبة دوروثي غارود في الكهف المعروف ب"مغارة شقبا". وتمثل هذه الحضارة الخطوة الأولى للإنسان على طريق بناء أول مجتمعات زراعية في التاريخ.

زاول إنسان هذا العصر مهن الالتقاط والجمع وصيد الحيوانات البرية والأسماك في الوديان، كوادي النطوف ووادي خريطون جنوب شرق بيت لحم، والتي كانت مياههما غزيرة فيما مضى.

الفترة الواقعة بين عامي 10.000و8000 قبل الميلاد، تشكل مرحلة انتقالية بين العصر الحجري القديم والعصر الحجري الحديث، أو بعبارة أخرى بين نمط التنقل والتجول من أجل الصيد والتقاط القوت؛ إلى نوع من حياة الاستقرار، حيث أصبح الإنسان منتجاً لقوته بنفسه وجد في أحد كهوف الكرمل العائدة لهذا العصر جمجمة كلب كبير يستدل منها أن الإنسان ابتدأ في نهاية العصر الحجري الوسيط في تدجين الحيوانات. والآثار التي عثر عليها في أريحا والعائدة لأواخر هذا العصر تدل على تدجين البقر والماعز والغنم والخنازير. باهتداء الناس إلى تدجين الحيوانات اضطروا للانتقال إلى نمط حياة جديد، وهو حياة البداوة والتنقل بقطعان ماشيتهم من مرعى إلى آخر، وهكذا أصبحوا رعاة بعد أن كانوا صيادين وجامعين لقوتهم.

عند بداية العصر الحجري الحديث (حوالي 8000 ق.م) دخل سكان فلسطين في مرحلة جديدة طوروا فيها مهاراتهم في الزراعة، وأصبحوا يتمتعون بنوع أعلى من الاستقرار، حتى أنهم بدؤوا يطورون بعض المعتقدات الدينية والمفاهيم الفنية. يبدو أن الناس في هذه الفترة كانوا يقدسون أسلافهم، حيث عثر على مجموعة من الجماجم المفصولة عن هياكلها العظمية في أريحا تعود إلى هذا العصر، كما أنهم عبدوا القمر لأنه أكثر نفعاً وتلطفاً من الشمس في بلاد حارة وجافة مثل فلسطين. عثر المنقبون في كهوف الكرمل على رسم لثور حفر بأدوات عظمية على قطعة من الحجر الطباشيري منحوتة على صورة رأس إنسان. تتمثل حضارة سكان فلسطين في هذا العصر بالأدوات الحجرية المصقولة وبالصحون الحجرية والهواوين والمداق والمناجل الصوانية المثبتة على قبضة خشبية، والتي يظن أنها كانت تستعمل لحصاد القمح. عثر المنقبون على الكثير من هذه الأدوات في مغارة شقبا وفي أريحا ومناطق أخرى. معظم الأدوات الصوانية في أريحا مصنوعة من مادة السبج (الأوبسديان) وهي مستوردة من بلاد الأناضول. ويستدل من هذه الأدوات على أن سكان فلسطين هم أول من زاول الزراعة في العالم.

عهد الناس في هذا العصر بالمهنة الجديدة إلى نسائهم وأولادهم، أما الرجال فقد ظلوا منصرفين إلى أعمال الصيد والرعي والغزو. زرع السكان القمح والشعير والدخن (وهو نوع من الذرة)، ثم زرعوا العنب والتين والزيتون وأنواعاً من الخضروات.

عثرت عالمة الآثار البريطانية المشهورة "كاثلين كنيون" التي نقبت في تل السلطان في أريحا بين عامي 1952-1958 على مدينة متكاملة تعود لهذا العصر، واكتشفت أبنية عمومية من الحجارة يبلغ ارتفاع بعضها عشرة أمتار، وسوراً خارجياً به برج مستدير، قطره 13 متراً، يصعد إليه بإحدى وعشرين درجة. يعتبر سور أريحا وبرجها أقدم بناء حجري عثر عليه حتى الآن في العالم، ويعود تاريخ بنائهما إلى سنة 7000 ق. م. وبذلك استحقت أريحا عن حق لقب أقدم مدينة في العالم والبلد الذي شهد ظهور أول نواة لحكومة مركزية في التاريخ.

ليس واضحاً حتى الآن إن كانت هذه الفترة قد انتهت في مدينة أريحا بسبب عوامل طبيعية كالزلازل أو على يد فاتحين جدد، لكن كينيون تذكر بأن هجرة سكانية ربما تكون قد حدثت بين هذا العصر والعصر اللاحق.

أما من الناحية الاقتصادية فيبدو أن الإنسان في هذه الفترة كان لا يزال يعتمد في حياته على الصيد إلى جانب النباتات التي دجنها وزرعها، مثل: الشعير، والقمح، والبازلاء، والعدس، والنباتات العلفية.

يقسم المؤرخون العصر الحجري الحديث إلى قسمين: قبل الفخاري(8000-6000ق.م)، والفخاري(6000-4500ق.م) كما تشير التسمية، يتميز الجزء المتأخر من هذا العصر، أكثر من أي شي آخر، باكتشاف الفخار، كان لهذا الاكتشاف أثر عظيم، ليس على إنسان العصور الحجرية فقط، بل وأيضاً على كل العصور التي تلته. لقد حرر الفخار إنسان العصور القديمة من عبوديتة للصخر الصعب التشكيل الذي حد من قدرته على الإبداع وتنويع أدوات عمله، واليوم يعتبر الفخار أفضل وسيلة لدى الأثريين المعاصرين لدراسة حضارات العالم القديم.

العصور النحاسية والبرونزية: 4500-1200 قبل الميلاد

في نهاية العصر الحجري، بدأ الفخار وحتى المعادن، وتحديداً النحاس، يحلان تدريجيا محل الحجارة لصنع معظم الأدوات اللازمة للإنسان، يختلف العاملون في الآثار الفلسطينية على تفسير الفترة النحاسية هذه وهي مرحلة انتقالية بين العصور الحجرية والعصور البرونزية، ولكنهم تعارفوا على تسميتها بالعصر الحجري النحاسي. البعض يعتبرها مرحلة متأخرة من العصر الحجري وآخرون يعتبرونها مرحلة مبكرة من العصر البرونزي. المدافن ذات المداخل الرأسية في أريحا وتل الفارعة، وخاصة الأواني والحلي والنحاسية والفخارية المكتشفة هناك، هي مصدر معلوماتنا الرئيسي عن نهاية العصر الحجري وبداية العصر البرونزي.

يعرف العصر البرونزي القديم في فلسطين 3200-2000 ق.م، بعصر دويلات المدن. بدأت اتصالات فلسطين التجارية بمصر وبلاد ما بين النهرين في هذه الفترة؛ فالمنتجات الفلسطينية مثل السيراميك وزيت الزيتون كانت تصدر على قوافل من الحمير إلى هذه البلاد. تمكنت العديد من دول المدن الكنعانية في هذا العصر، وبالرغم من الهيمنة الثقافية المصرية، من المحافظة على درجة عالية من الاستقلال الذاتي. وبنى العديد من ملوك مدن الدول الكنعانية أسواراً حول مدنهم وقاموا بإنشاء حكومات وجيوشاً مستقلة، وشيدوا قصورًا ومعابد، وأحكموا سيطرتهم على المناطق والقرى المحيطة بمدنهم. بعض هذه المدن مثل شكيم (نابلس) ومجدو وغزة وأسدود والخليل وغيرها، تطورت مع الأيام إلى قوى إقليمية هامة، حتى إن ما يسمى بملوك الأقطار الأجنبية "الهكسوس"، (وهم على الأغلب من سكان فلسطين في هذه الفترة)، بلغوا من القوة بحيث نجحوا في احتلال شمالي مصر، كما أدخلوا استعمال الخيول والعربات إليها. لكن وبعد انتصارات متتالية على الهكسوس، تمكن الفرعون المصري، مؤسس الأسرة المصرية الثامنة عشرة، تحتمس الثالث 1469-1436ق.م من طرد الهكسوس من مصر وملاحقتهم إلى فلسطين وتثبيت هيمنة بلاده عليها. استمرت الهيمنة الفرعونية على فلسطين حتى العصر الحديدي، وتميزت بسيطرة وحضور عسكري قوي بالإضافة إلى هيمنة ثقافية، حيث عمد الفراعنة إلى اصطحاب أمراء المدن الكنعانية الرئيسية معهم إلى مصر لتعليمهم هناك وبالتالي ضمان ولائهم.

سهلت حياة التمدن تطوير المهارات المتخصصة لدى هذه الفترة، حيث تم اكتشاف العجل لصناعة الفخار، وأضيف القصدير إلى النحاس لإنتاج البرونز، وهو معدن أكثر عملية وأقوى لصنع الأدوات للاستخدام البشري في الحقبة المتأخرة من هذا العصر، لم يعد استخدام معدن البرونز مقتصراً على صناعة أدوات الترف والزينة بل استخدم أيضاً في صناعة الأسلحة والأدوات المختلفة. عبد الكنعانيون من سكان مدن فلسطين في تلك الفترة العديد من الآلهة مثل: إيل وعشتار وشاماش….وغيرهم.

إن أفضل تمثيل لمخلفات هذا العصر موجود اليوم في تل بلاطة (شكيم) قرب نابلس، وتل الفارعة شمالاً (ترزا)، وتل التل (عاي) قرب دير دبوان وتل النصبة (ميتزبا) قرب رام الله.

العصر الحديدي: 1200-538 قبل الميلاد

شهدت فلسطين الكثير من التطورات الثقافية والسياسية ذات الشأن في هذه الفترة، فاكتشاف الحديد والفولاذ وابتكار الأبجدية كانت تطورات هامة جداً في تأثيرها ليس على فلسطين وحدها، بل على تاريخ البشرية عموماً، شهدت فلسطين خلال هذه الفترة صراعات عنيفة من أجل السيطرة عليها بين بعض القوى المحلية من جهة، وبينها وبين الدول والإمبراطوريات المختلفة في الشرق الأدنى القديم من جهة أخرى. استمرت ممالك الدول المحلية المختلفة بالتنازع فيما بينها حتى القرن الثامن قبل الميلاد، عندما اجتاحت الجيوش الآشورية منطقة الهلال الخصيب، وأخضعت معظم الدويلات الصغيرة في سوريا وفلسطين، بما في ذلك ممالك المدن الفلسطينية الساحلية: غزة وجات وأسدود وعكرون وعسقلان ومملكتي العبرانيين الأصغر حجما: يهودا والسامرة في الوسط وأيضا المملكة الآرامية الأكبر في دمشق كانت منطقة الساحل الفلسطيني أغنى وأكثر ازدهاراً من المناطق الجبلية الوسطى في تلك الفترة كما هو الحال دائماً. اشتهرت مدن الساحل بصناعة الصوف وتلوينه بصبغ أرجواني جميل يلبسه الحكام ويستخدم لأغراض التصدير أما مملكتا السامرة في منطقة نابلس ويهودا إلى الجنوب؛ فيبدو أن الأولى كانت أغنى وأكثر سكاناً من مملكة الجنوب التي كانت عاصمتها القدس، بلغ عدد سكان السامرة حوالي 40.000 نسمة، وقد طورت اقتصادياً زراعياً فعالا يقوم على إنتاج الزيت والخمور.

عندما بدأت آشور بالضعف كانت بابل تزداد قوة، وعند سنة 600 قبل الميلاد بدأت الجيوش البابلية بالتقدم غرباً مدمرة المدن المختلفة في فلسطين، بما في ذلك القدس التي دمرت عام 587 قبل الميلاد، وبعث نبوخذ نصر شعوب المنطقة إلى المنفى في بابل، وهكذا؛ حلت اللغة الآرامية (لغة شمال سوريا) محل الكنعانية في البلاد، وبقيت كذلك حتى بداية الفترة المسيحية كانت الآرامية تكتب بأبجدية كنعانية، ومنها تطورت اللغتان العربية والعبرية. يمكن التعرف على مخلفات هذه الفترة في بلدة سلوان بالقدس، وفي الجيب (جيبيون) قرب رام الله، وشيلو على الطريق المؤدي إلى نابلس، وأيضاً في سبسطية شمالي نابلس.

العصور الفارسية والهيلينستية، والرومانية والبيزنطية: 538ق.م - 636م

في بداية الفترة الفارسية (538-332ق.م) سمح سايروس ملك فارس لكل الشعوب التي تم نفيها في زمن البابليين والآشوريين بالعودة إلى بلادهم. استفاد اليهود كغيرهم من هذه السياسة الليبرالية وعادوا إلى فلسطين، وقد سمح لهم الفرس لاحقاً بتشييد معبد في القدس.

آثار هذه الفترة نادرة في البلاد؛ لأن فلسطين أصبحت مقاطعة صغيرة قليلة الشأن في إمبراطورية ضخمة تسيطر على كل منطقة الشرق الأوسط، كما أن فلسطين لم تكن مهمة كثيراً بالنسبة للفرس من الناحية الدينية، وبالتالي لم يعن هؤلاء بتشييد الكثير من الأبنية فيها، ومن ناحية أخرى فإن الكثير من مخلفات هذه الفترة والفترات التي سبقت عصر هيرودس العظيم (القرن الأول قبل الميلاد) دمرت على يديه لإفساح المجال أمام أعماله العمرانية الضخمة.

احتل الإسكندر الكبير فلسطين بعد أن هزم الفرس في 332ق.م وبعد موته في 323ق.م نال قائد بطولومي حكم مصر، وسلوقس نال سوريا، وهكذا أصبحت فلسطين مسرحاً للصراع بين السلالتين البطلمية والسلوقية.

احتفظ البطالمة بفلسطين حتى عام 200 قبل الميلاد عندما انتقلت إلى أيدي السلوقيين. ويمكن مشاهدة بقايا هذه الفترة اليوم في كل من سبسطية، وجبل جرزيم في نابلس، وبيتين قرب رام الله.

احتل القائد الروماني بومباي فلسطين سنة 63 ق.م واستمر حكم الرومان لها حتى الفتح الإسلامي. في البداية حكم الرومان فلسطين حكماً مباشراً، ولكن حين ظهر قائد محلي قوي هو هيرودوس الأدومي 37ق.م، منحه الرومان حكماً ذاتياً وأضافوا مناطق جديدة إلى مملكته. وكان عصر هيرودوس واحداً من أزهى العصور في تاريخ فلسطين؛ فقد قام هذا الملك العظيم بتنظيم البلاد وتشييد العديد من المدن والقلاع والمعابد في كل مكان، و لو أنه أرهق رعاياه بالضرائب الباهظة. افتقر أبناء هيرودوس لخصائص والدهم، لذلك قام الرومان مرة ثانية بمباشرة حكم فلسطين بأنفسهم في العام السادس بعد الميلاد، وحولوا السلطة السياسية إلى الحكام الرومان الذين اتخذوا قيسارية عاصمة لهم.

شهدت فلسطين ثورتين خلال هذه الفترة الأولى ثورة قادها الحزمونيون اليهود عام 66م، وعلى أثرها قام تيتوس وفسباسيان بتدمير العديد من المدن الفلسطينية بما فيها القدس، والثانية ثورة باركوخبا 132-135م، وعلى أثرها هدم الرومان مدينة القدس، وبنوا على أنقاضها مدينة جديدة أسموها إيليا كابيتولينا. بعد هذا تحولت فلسطين إلى مسرح للنزاع بين المسيحية والديانات الرومانية الوثنية القديمة. استمر هذا النزاع إلى أن اعترف الإمبراطور قسطنطين بالديانة المسيحية واعتمادها ديانة رسمية للإمبراطورية بعد مرسوم ميلان عام 314 بعد الميلاد. ويمكن التعرف على أهم بقايا هذه الحقبة التاريخية في كل من سبسطية قرب نابلس، والهيروديون قرب بيت لحم، والحرم الإبراهيمي في الخليل، وفي قمران وتلال أبو العريق قرب أريحا…….الخ.

انتقال الحكم من روما إلى بيزنطة عام 324 بعد الميلاد لم يكن بالتغيير الهام من الناحية الحضارية، لقد كان مجرد انتقال لمركز الثقل السياسي للإمبراطورية من روما إلى المدينة الجديدة "القسطنطينية" عاصمة الإمبراطورية البيزنطية. أما الحدث الذي كان له تأثير هام على فلسطين فهو قرار الإمبراطور الروماني قسطنطين إعطاء الشرعية للديانة المسيحية في العام 314 كما ذكرنا سابقاً، لقد كان لهذا القرار تأثير بعيد المدى على كل التطورات اللاحقة في تاريخ فلسطين والعالم، فقد ظهرت الكثير من الكنائس والأديرة في كل مكان، وبدأ الحجاج المسيحيون بالتدفق على البلد من كل أنحاء العالم المسيحي. ويمكن التعرف على بقايا هذه الفترة في كل من:

كنيسة المهد، ودير مار سابا، ودير ابن عبيد في منطقة بيت لحم، وكنيسة بيثاني في العيزرية، وكنيسة القيامة في القدس، وفي البيرة، وبيتين في منطقة رام الله .

العصر العربي الإسلامي: 636-1918م

مثلت معركة اليرموك في 20/8/636م إشارة النهاية لحكم البيزنطيين في فلسطين. فلم يمض عليها عامان حتى استولى المسلمون على القدس دونما قتال، وذلك في زمن خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب. كان انتشار الإسلام في فلسطين والمنطقة سلمياً وسريعاً، ولكن اللغة العربية حلت ببطء محل اللغتين اليونانية والآرامية، بعد هذا الفتح سيطرت الثقافة العربية الإسلامية على الشرق الأوسط بكامله على مدى أربعة عشر قرناً .

خضعت فلسطين لحكم السلالة العربية الأولى وهي الأموية التي أقامت في دمشق، وحكمت إمبراطورية ضخمة امتدت من جنوب فرنسا إلى حدود الصين، أولت هذه السلالة الكثير من الاهتمام لفلسطين وشيدت فيها الكثير من المساجد والقصور، والتي من أهمها المسجد الأقصى وقبة الصخرة، وربما يكون السبب في ذلك بالإضافة إلى أهمية القدس الدينية بالنسبة للمسلمين، عدم سيطرة الأمويين آنذاك على الحرمين الشريفين في الجزيرة العربية. وبسبب ثورة ابن الزبير من عام 750-969 خضعت فلسطين لحكم العباسيين الذين لم يولوا فلسطين كثيراً من الاهتمام بسبب تمتعهم بالسيطرة التامة على مقاليد الأمور في الجزيرة العربية والأماكن المقدسة فيها، ولكن فلسطين في عهدهم شهدت سلاماً نسبياً طويلاً. ويمكن مشاهدة مخلفات هذه الفترة في مدن القدس وأريحا….وغيرهما.

تبدلت أيدي العديد من السلالات الإسلامية، العربية وغير العربية، على فلسطين بين عامي 975-1516م ومن هذه السلالات: الفاطميون: 975-1171، السلاجقة الأتراك: 1171/1186م، الأيوبيون: 1187/1250م، ومن ثم المماليك: 1250/1517م.

احتل الصليبيون فلسطين لفترة قصيرة من 1099/1187م، أي حتى مجيء صلاح الدين الأيوبي وتحرير القدس منهم بعد معركة حطين. ثم جاء المماليك الذين قضوا نهائياً على الوجود الصليبي، وكانت فترة حكمهم طويلة نسبياً، ولها تأثير واضح على فلسطين من النواحي السياسية والمعمارية، فقد بنوا فيها كثيراً من المدارس والمساجد والسبل والقلاع وحتى المدن، العديد من هذه الأبنية يمكن رؤيتها في الكثير من المدن الفلسطينية خاصة القدس وغزة والخلي...الخ.

في العام 1516م، أخضع السلطان العثماني سليم فلسطين التي كانت تحت حكم المماليك لحكمه، ولكن المماليك ظلوا هم الحكام الفعليين للبلاد، ولو أنهم صاروا يعينون من قبل السلاطين العثمانيين ابتداء من هذه الفترة، واستمر حكم الأتراك العثمانيين لفلسطين حتى عام 1917م هذه الحقبة المتأخرة من تاريخ فلسطين ممثلة في كل مكان من فلسطين وخصوصاً في القدس والخليل وغزة ونابلس وجنين وأريحا.

العصور الحديثة 1918 - حتى الوقت الحالي

احتلت قوات الحلفاء فلسطين في الحرب العالمية الأولى، أخضعت البلاد للانتداب البريطاني في العام 1923م وفي العام 1948م، وبعد هزيمة العرب على أيدي العصابات الصهيونية أعلن عن قيام دولة إسرائيل على 78% من أراضي فلسطين التاريخية. أما ما تبقى من البلاد، الضفة الغربية وقطاع غزة، فقد خضع على التوالي للحكم الأردني والمصري، الذي استمر حتى شهر حزيران من العام 1967م عندما احتلت إسرائيل هذه المنطقة، وأيضاً هضبة الجولان السورية وصحراء سيناء المصرية. بقيت منطقتا الضفة الغربية وقطاع غزة خاضعتين لحكم عسكري إسرائيلي حتى توقيع اتفاقية أوسلو سنة 1993م، عندما تم تسليم مناطق صغيرة ومنعزلة بعضها عن بعض من الضفة الغربية، وحوالي 60% من قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية.

تقسيمات العصور التاريخية في فلسطين

العصر الحجري القديم (Paleolithic 400.000-14.000 ) أو 500.000-10.000 ق.م.

العصر الحجري القديم الأدنى 400.000-70.000 أو 500.000-100.000 ق.م.

العصر الحجري القديم الأوسط 70.000-35.000 أو 100.000-40.000 ق.م.

العصر الحجري القديم الأعلى 35.000-14.000 أو 40.000-10.000 ق.م.

العصر الحجري الوسيط (EpiPaleolithic 14.000-8.000 )أو 10.000-8.000 ق.م.

العصر الحديث (Neolithic 8.000-4.250 )أو 8.000-4.000 ق.م.

الأدنى قبل الفخاري 8.000-6.000 أو 8.000- 5.500 ق.م.

الأوسط الفخاري 6.000-4.750 أو 5.500- 4.000 ق.م.

الأعلى الفخاري 4.750-4.250 أو 5.500- 4.000 ق.م.

العصر الحجري النحاسي (calcolithic 4.250-3.300) و 4.000-3.150 ق.م.

العصر الحجري النحاسي القديم 4.250-3.750.

العصر الحجري النحاسي الحديث 3.750-3.300.

العصر البرونزي القديم (Early Bronze 3.300-1.950 )أو 3.150-2.200 ق.م.

الدور الأول 3.300-2.900 أو 3.150- 2.850 ق.م.

الدور الثاني 2.900-2.700 أو 2.850- 2.650 ق.م.

الدور الثالث 2.700-2.300 أو 2.650-2.350 ق.م.

الدور الرابع 2.300-1.950 أو 2.350-2.200ق.م.

العصر البرونزي المتوسط (Middle Bronze 1.950-1.550) أو 2.200-1.550 ق.م.

الدور الأول 1.950-1.750 أو 2.200-2.00 ق.م.

الدور الثاني أ 1.750-1.650 أو 2.000-1.750 ق.م.

الدور الثاني ب 1.650-1.550 أو 1.750-1.550 ق.م.

العصر البرونزي الحديث (Late Bronze 1.550-1.200)أو 1.550-1.200 ق.م.

الدور الأول أ 1.550-1.500أو 1.550-1.400ق.م.

الدور الأول ب 1.500-1.400 أو 1.550-1.400 ق.م.

الدور الثاني 1.400-1.200 ق.م.

العصر الحديدي الأول (IRON I 1200-918) أو 1200- 900 ق.م.

الأول أ: 1200-1150ق.م.

الأول ب: 1150-1000 ق.م.

الأول ج: 1000-918 ق.م

العصر الحديدي الثاني (IRON II 918-539)أو 900-550 ق.م.

الثاني أ : 918-712 ق.م.

الثاني ب: الآشوريون الجدد 712-605 ق.م.

الثاني ج: البابليون الجدد 605-539 ق.م.

العصر الحديدي الثالث (IRON III 539-332)أو 550- 530 ق.م.

الفترة الفارسية (PRESIAN) 539-332 ق.م.

الفترة الهيلينستية (Hellenistic 332-63)ق.م.
القديمة 332- 198 ق.م.
المتأخرة 198- 63 ق.م.

الفترة الرومانية (Roman 63)ق.م- 324م.
القديمة 63 ق.م- 135م.
المتأخرة 135م- 324م.
الفترة البيزنطية (Byzantine 324)م- 636م.
القديمة 324م- 491م.
المتأخرة 491م- 636م.

الفترة الإسلامية الأولى (Early Islamic 636)م- 1174م.
الخلافة الراشدة 630م-661م.
الأموية 661م-750م.
العباسية 750م-969م.
الفاطمية 969م- 1071م.
السلجوقية 1071م-1174م.

فترة الحروب الصليبية (Crusader 1099- 1291)م.
الأولى 1099م- 1291م.
المتأخرة 1187م- 1291م.

الفترة الإسلامية المتأخرة (Late Islamic 1174)م.-1918م.
الأيوبية 1174م- 1263م.
المملوكية القديمة 1263م-1401م.
المملوكية المتأخرة 1401م--1516م.
الفترة العثمانية 1516م-1917م.

الفترة الحديثة والمعاصرة 1918م- الوقت الحاضر

جغرافية فلسطين

تبلغ مساحة فلسطين الكلية 26323 كيلو متر مربعاً، وتبلغ مساحة المناطق الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة) أكثر قليلاً من 6000 كم2، 5690كم2 في الضفة الغربية و 365كم2 في قطاع غزة. يبلغ طول الضفة الغربية حوالي 150 كم، وعرضها يتراوح بين 31-58كم، وهي في معظمها منطقة جبلية أما غزة فهي منطقة ساحلية شبه مستطيلة يبلغ طولها 45 كم، ويتراوح عرضها بين 6كم في الشمال و13 كم في أقصى الجنوب.

وبالرغم من محدودية مساحة أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن هاتين المنطقتين تتمتعان بدرجة عالية من التنوع البيئي والمناخي، وتعيش فيهما أنواع مختلفة من النباتات والحيوانات والطيور المحلية والمهاجرة، بعض النباتات والأشجار، مثل: الزيتون، والعنب، والبلوط، أصلية، والبعض الآخر مثل قصب السكر والقطن والبرتقال جلبته شعوب مختلفة حكمت فلسطين على مر العصور ويمكن تقسيم الضفة الغربية وغزة إلى عدد من الوحدات الجغرافية الصغيرة التي تختلف كل منها عن الأخرى على جميع الأصعدة، فالتفاوت في الارتفاع بينها كبير جداً وكذلك المناخ والغطاء النباتي.

سهل غزة الساحلي:

سهل غزة هو الجزء الجنوبي من السهل الساحلي الفلسطيني، أغنى مناطق فلسطين وأكثرها إنتاجية وكثافة سكانية على مر العصور، يتسع بشكل ملحوظ كلما اتجهنا جنوباً، ولذلك؛ فإن منطقة غزة كانت مأهولة دائماً، وهي اليوم مكتظة سكانياً بدرجة كبيرة، يتراوح ارتفاع سهل غزة بين 40و70 متراً عن سطح البحر، ويتصف الساحل هنا بكثبانه الرملية المتحركة التي أجبرت الطريق التجاري القديم على التوغل إلى الداخل، ولذلك فإن المدن الرئيسية في المنطقة بما فيها غزة لم تقم مباشرة على الشاطئ، ولكن نشأت على طول الطريق التجاري القديم على بعد بضعة كيلومترات نحو الشرق.

الضفة الغربية:

يحدها من الشرق نهر الأردن والبحر الميت، ومن الشمال سهل مرج ابن عامر، ومن الجنوب صحراء النقب، ومن الغرب يفصلها عن إسرائيل خط هدنة غير منتظم تم ترسيمه في معاهدات الهدنة بين الدول العربية وإسرائيل عام 1949م، يعرف بالخط الأخضر يمكن تقسيم الضفة بشكل طولي إلى ثلاث مناطق جغرافية متميزة:

1. سلسلة الجبال الوسطى:

تمتد من أقصى الشمال إلى أقصى جنوبي الضفة وتشمل جبال نابلس والقدس والخليل، تستقبل هذه الجبال كمية لا بأس بها من الأمطار، تتراوح بين 500-900مليمتر في السنة، تسقط جميعها خلال أشهر الشتاء، من كانون الأول إلى آذار، وتزداد نسبتها بازدياد ارتفاع الجبال.

سلسلة الجبال هذه هي الأكبر في فلسطين، وتبلغ مساحتها الكلية حوالي 3500كم2، ويصل ارتفاع بعضها إلى أكثر من 1000م فوق سطح البحر، جبل العاصور قرب كفر مالك في منطقة رام الله الذي يبلغ ارتفاعه 1015م فوق سطح البحر، هو الأعلى في المناطق الفلسطينية.

2. المنحدرات الشرقية، برية القدس:

تبدأ هذه المنحدرات شرقي القدس على ارتفاع 800م فوق سطح البحر، ثم تنحدر بشدة شرقاً نحو البحر الميت، حيث تصل إلى أكثر من 200م تحت سطح البحر.

بعكس المرتفعات الوسطى، فإن الأمطار في هذه المنطقة نادرة، وهي لذلك؛ أراض شبه صحراوية جرداء، يطلق السكان المحليون على هذه المنطقة اسم برية القدس، ويستخدمونها كمراع لمواشيهم لعدم صلاحية أراضيها للزراعة، تبلغ مساحة المنطقة حوالي 1500كم2، وتشكل أكثر من ربع مساحة الضفة الغربية. لم تقم في هذه المنطقة في الماضي أية مدن أو قرى بسبب شح المياه فيها ولقسوة مناخها، واقتصر الاستيطان فيها على بعض المخيمات البدوية المؤقتة وبعض الأديرة التي أقيمت في الأودية، وقرب ينابيع المياه، أما اليوم فقد أقام فيها الاحتلال الإسرائيلي العديد من المستوطنات اليهودية التي وفر لها المياه من آبار ارتوازية عميقة يؤثر وجودها سلبا على تدفق المياه من الجبال إلى ينابيع منطقة الأغوار، كما تقوم هذه المستوطنات بمزاحمة البدو من قبيلتي الجهالين والكعابنة اللتين تسكنان هنا منذ العام 1948م.

ويسعى الإسرائيليون اليوم لإفراغ برية القدس من سكانها البدو بدعوى أنها منطقة عسكرية؛ للتخلص منهم وتوسيع المستوطنات الكثيرة في المنطقة، وخاصة مستوطنة معاليه أدوميم (الخان الأحمر)، التي تعد من أكبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.

3. غور الأردن:

هو سهل خصيب تبلغ مساحته حوالي 400 كم2، ويتراوح مستواه بين 200 وأكثر من 400م تحت سطح البحر، يبدأ هذا السهل من سفوح برية القدس، ويمتد إلى الأردن والبحر الميت، وأهم مدنه أريحا، تعتبر منطقة الأغوار سلة خضار فلسطين، فأراضيها الزراعية خصبة للغاية عندما تتوفر لها المياه.

تابع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين 8


 تابع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين 8
الجزء الثاني
الطوائف والمذاهب والديانات
- الإسلام:

حين جاء الإسلام كانت فلسطين تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية، وتطلع المسلمون إليها لعدة أسباب منها قربها من الجزيرة وكذلك قداسة أراضيها باعتبارها مسرى نبيهم وكذلك ما حوته من مقدسات أخرى للديانات المختلفة، وكونها أولى القبلتين.

قبل وفاة الرسول عليه السلام جهز جيشاً بقيادة أسامة بن زيد وأمره أن يوطئ الخيل البلقاء والداروم في فلسطين، فأكمل أبو بكر النهج، فاختار عمرو بن العاص لفتح فلسطين وتحريرها، فالتقى المسلمون بقيادة يزيد بن أبي سفيان بالروم في وادي عربة وذلك عام 634م، والروم يومئذ بقيادة سرجيوس بطريق فلسطين، ونجح المسلمون في دحر الروم لكنهم اضطروا للتراجع إلى غزة بعد موت الكثير منهم، واستطاع عمرو بن العاص هزيمة الروم في أجنادين بين الرملة وبيت جبرين، فاضطر الروم بقيادة الأرطبون للتراجع نحو بيت المقدس، أضف إلى ذلك ما حققه المسلمون من نصر في اليرموك مما أخضع الشام لهم.

ثبتت الجيوش الإسلامية في فلسطين وفتحت المدن تباعاً من بيسان إلى طبريا إلى بيت جبرين ونابلس واللد وغزة ورفح وعسقلان ويافا وعكا وعمواس.

أثناء ذلك كان الخليفة أبو بكر قد توفي وتولي الخلافة بعده عمر بن الخطاب، وقام المسلمون بحصار بيت المقدس لمدة أربعة أشهر اشترط بعدها البطريق صفرونيوس أن يسلم المدينة لعمر بن الخطاب شخصياً، فقبل عمر وتسلم المدينة وكتب لأهلها ما عرف بعد ذلك في التاريخ الإسلامي باسم "العهدة العمرية"، لينتشر الإسلام في فلسطين ويستقر العرب فيها، وخصوصاً بعد اتخاذ مراكز للجند في طبريا واللد مما زاد من موجات الهجرة إلى فلسطين، كما وضعت حاميات في قيسارية وعسقلان ومنحت الأراضي لتوطينها في عهد عمر وعثمان.

استمر الاهتمام بفلسطين في العصور اللاحقة فبنيت مدينة الرملة وأعيد أعمار المسجد الأقصى في عهد الأمويين، وشجع الخلفاء الهجرة إلى فلسطين وفق متطلبات الجهاد، فهاجرت القبائل على أسس عسكرية واقتصادية، ومنحت الأراضي وأقطعت القطائع، وكان عثمان بن عفان قد سن سنة تقضي بأحقية المهاجرين إلى فلسطين بامتلاك المناطق النائية غير المأهولة والتي لاحق لأحد فيها.

وكان دخول الأقوام غير العربية في الإسلام سبباً في أن مسلمي فلسطين يرجعون إلى جنسيات مختلفة، وأكثرهم سنيون، ماعدا تلك الفترة التي وقعت فلسطين فيها تحت الحكم الفاطمي، فقد غلب عليها الطابع الشيعي الذي اختفى بعد قدوم صلاح الدين الأيوبي.

- الراشدون:

أخذ الإسلام يهتم بجدية بفلسطين وإن كانت علاقات الجزيرة العربية لم تنقطع معها على مر التاريخ، وذلك لارتباطها بمسرى الرسول (ص)، وكونها أول قبلة للمسلمين قبل تحويل القبلة إلى الكعبة، إضافة إلى الآيات القرآنية وأحاديث الرسول عنها ومجموعة الغزوات التي جرت على أرضها.

بدأ العصر الراشدي بخلافة أبي بكر الذي كان أول عمل له إرسال جيش أسامة بن زيد الذي جهزه الرسول لفتح فلسطين قبل وفاته، لكن أبي بكر توفي وفلسطين لم تفتح بعد. واصل عمر بن الخطاب أداء مهمة أبي بكر، وانتقل بنفسه عدة مرات إلى ميدان القتال حتى أن التاريخ يذكر له أربع زيارات وهو ما لم يحدث مع بلد آخر أثناء فتحها.

كانت فلسطين قسماً من الأقسام الأربعة التي قسم عمر البلاد على أساسها، واحتفظ جند فلسطين بوضعه الذي أرساه عليه عمر بن الخطاب لزمن طويل.

كان عمرو بن العاص أميراً على فلسطين في عهد عمر، فلما سار لفتح مصر استخلف أبا عبيدة بن الجراح الذي جعل يزيد بن أبي سفيان أميراً على فلسطين، ومات أبو عبيدة في طاعون عمواس فاستخلف معاذ بن جبل على إمارة الشام، ومات معاذ فاستخلف يزيد بن أبي سفيان الذي وضع أخاه معاوية أميراً على فلسطين فأقره عمر، ولما توفي يزيد تولي معاوية إمارة الشام فأصبح علقمة بن مجزر أميراً على فلسطين. واستمر معاوية في إمارة الشام يولي الأمراء ويعزلهم حتى ما بعد العصر الراشدي.

ظلت الأرض ملكاً عاماً للمسلمين في فلسطين، يزرعها الناس مقابل خراج معين، وحافظ أصحاب الديانات الأخرى على دياناتهم مقابل الجزية.

تدفقت القبائل العربية إلى فلسطين بعد الفتح، غسان في اليرموك والجولان، الأشعريين في طبريا ومدين في ما بين تبوك والعريش وبيت جبرين وسكن أريحا جماعة من قيس وقريش، كما نزلت قبائل من لخم بين مصر والشام وسكن بنو بكر منطقة جنين وآخرون من مضر في نابلس.

أعطى موقع فلسطين لسكانها بعد الفتح دوراً كبيراً في حركة الجهاد سواء في رد المحاولات البيزنطية لاستعادة فلسطين أو في حركة الفتح الإسلامي، حتى أن معاوية أقام مصنعاً للأسلحة البحرية في عكا. مما وضع أساساً لأول أسطول إسلامي في عهد عثمان.

في الفتنة التي حدثت بعد مقتل عثمان وقف أهل فلسطين مع معاوية في المطالبة بدم عثمان وخرجوا معه للقتال في صفين، وعندما انتهت المعركة إلى قرار التحكيم، جرى التحكيم في منطقة أذرح بأطراف فلسطين الشرقية، وظل أهل فلسطين موالين لمعاوية ومن جاء بعده إلى أن توفي يزيد بن معاوية، فوقف نائل بن قيس الجذامي إلى جانب عبد الله بن الزبير وأعلن له البيعة.

خلق التنوع السكاني في فلسطين بعد الفتح تنوعاً حضارياً وتنوعاً لغوياً، فقام المسلمون بإنشاء دور العبادة ودور العلم في طول البلاد وعرضها، ولما كثر توافد الناس إلى دور العلم بعث لهم عمر بن الخطاب معاذ بن جبل الذي ظل يدرس فيهم حتى وفاته، فتولى التدريس بعدة عبادة بن الصامت حتى مات عام 34هـ.

كان من جراء هذا الدور الحضاري أن استعربت غالبية السكان في الشام وفلسطين، فغلبت الصبغة العربية على البلاد مما أدى إلى تعريب الدواوين بعد ذلك كضرورة تاريخية في عهد عبد الملك بن مروان.

- المذاهب الأربعة في فلسطين:

أ. الحنبلي: المنسوب إلى الأمام أحمد بن حنبل (780-855م)، وقد تأخر ظهور هذا المذهب في فلسطين إلى القرن الخامس الهجري وذلك بسبب الدولة الفاطمية التي قضت على المذاهب، وكان على فلسطين انتظار قدوم الأيوبيين ليعيدوا المذاهب إلى التعاملات الإسلامية، ومن أسباب تأخر المذهب الحنبلي في فلسطين أيضاً عدم وجود قضاة حنبليين، إضافة إلى تشدد الحنابلة وتعصبهم واختلافهم مع العامة واستخدام الشدة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. انتشر المذهب الحنبلي في أواسط القرن الخامس الهجري بدءاً من القدس على يد أبو الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي المقدسي الحنبلي (توفي عام 1092م)، وقد كان فقيها واعظاً زاهداً، وقد عمل بعده زين الدين بن نخبة الحنبلي المعروف بابن نجا الحنبلي على نشر الحنبلية في القدس وما حولها وقد كان صلاح الدين يسميه عمرو بن العاص، ويعمل برأيه ويحضر مجلسه.

اشتهر عدد كبير من فقهاء الحنابلة بالوعظ وعملوا في الفقه والتدريس والتفسير، منهم أبو الفرج عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب السعدي وعز الدين أبو بركات عبد العزيز بن علي بن عبد العزيز البغدادي المقدسي الحنبلي. عين صلاح الدين أربعة أئمة بعد الفتح للصلاة في المسجد الأقصى فكان إمام الحنابلة يصلي بالمسجد الواقع تحت المدرسة السلطانية خلف منارة باب السلسلة، لكن هذه الوظيفة تركت لعدم وجود حنابلة في القدس، ومن فقهائهم المشهورين في فلسطين قاضي القضاة شمس الدين العمري العليمي الحنبلي المولود في الرملة، ولكن معظم الحنابلة كانوا من القادمين إلى القدس وليسوا مقيمين فيها.

ب. المذهب الحنفي: نسبة إلى أبي حنيفة النعمان الكوفي 699-767م، وهو من أقدم المذاهب المعمول عند مسلمي اليوم، وقد غلب على سواه من مذاهب السنة.

كان أمام الحنفية في فلسطين في عهد صلاح الدين يصلي بقبة الصخرة المشرفة، أما عن كيفية انتشار المذهب الحنفي فقد قامت الدولة العباسية بنشره في الأقاليم التابعة لها، فكانت الحنفية سائدة في الشام بين الشعب ونظام الحكم أيضاً.

انتهت رياسة المذهب الحنفي في القدس إلى قاضي القضاة خير الدين محمد بن محمد بن عمران الغزي المقدسي الحنفي، وقد وقف السلاطين وفاعلو الخير المدارس والزوايا على المذهب الحنفي، مثل الزاوية الحنفية بجوار المسجد الأقصى التي وقفها صلاح الدين الأيوبي.

من أهم المدارس الحنفية في عصر المماليك مدرسة الملك المعظم شرف الدين عيسى التي عرفت بالمدرسة المعظمية ومن شيوخها الأمام كمال الدين إسماعيل الشريحي وشمس الدين أبو عبد الله محمد الديري وخير الدين أبو المواهب خليل بن عيسى الباترتي وعلاء الدين أبو الحسين على بن شرف الدين عيسى بن الرصاص. ومن المدارس التي اشتهرت في العصر المملوكي وكانت تتبع المذهب الحنفي المدرسة المنجكية والمدرسة القادرية والمدرسة العثمانية والمدرسة التنكرية، ونذكر أنه في العهد المملوكي تحول كثير من فقهاء الشافعية إلى المذهب الحنفي، ولما استولي العثمانيون على مصر حصروا القضاء في المذهب الحنفي، وقام محمد علي بإلغاء العمل بالمذاهب الأخرى غير المذهب الحنفي في مصر، وما يزال المذهب الحنفي سائداً في كثير من البلدان إلى اليوم.

ج. المذهب الشافعي: نسبة إلى الإمام أبي عبد الله محمد بن أدريس القرشي الهاشمي الشافعي المولود بغزة عام 767م والمتوفى في مصر عام 819م.

انتشر مذهب الإمام الشافعي في فلسطين فكانت من معاقل الشافعية في القرن الثالث الهجري، وقد قام الشافعيون في القرن الرابع بالاستئثار بالقضاء في الشام وفلسطين، وعاني المذهب الشافعي مثل بقية المذاهب مع قدوم الدولة الفاطمية، لكن مع مجيء الدولة الأيوبية حدثت الانتعاشة الكبرى حيث كان المذهب الشافعي هو مذهب الدولة الأيوبية الرسمي.

وجاء المماليك البحرية وظل سلاطينها شافعية حتى استحدث الظاهر بيبرس مبدأ القضاة الأربعة، لكنه ميز المذهب الشافعي بتوليه النواب في سائر البلاد وأفرده بالنظر في مال الأيتام والأوقاف، واستمر ذلك حتى قدوم العثمانيين الذين حصروا القضاء في الحنفية، ولم يؤثر في انتشار الشافعية في مصر وفلسطين.

عند سقوط القدس في أيدي الصليبيين استشهد عدد من فقهاء الشافعية مثل الشيخ أبو القاسم مكي بن عبد السلام بن الحسين بن القاسم الأنصاري الرملي، أسره الصليبيون ثم قتلوه، كما قتل أيضاً أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن يوسف الرازي، وعندما استرد صلاح الدين القدس كان إمام الشافعية يصلي بالناس في الأقصى، وكانت الشافعية فقهاً يدرس كمادة رسمية في المسجد الأقصى.

من أشهر مدارس الشافعية في فلسطين المدرسة الصلاحية ومن شيوخها بهاء بن شداد وابن عسكر الدمشقي. وقد كانت هذه المدرسة مصدر إشعاع علمي وثقافي وظلت كذلك لقرون طويلة، ومن المدارس الشافعية الشهيرة المدرسة الناصرية والمدرسة البدرية والمدرسة الميمونية.

ساهم علماء الشافعية في حركة التأليف فوضعوا الكثير من المصنفات في الفقه والحديث وأنفقوا على العلم من جيوبهم ومنهم من اشتغل بالعلم تبرعاً.

اعتبر العصر الذي سبق العصر العثماني العصر الذهبي للشافعية إذ كان لها سلطاناً مطلقاً على بلاد الإسلام الوسطى، وما يزال المذهب الشافعي يحظي بالمكانة الأولى في بعض البلدان.

د. المذهب المالكي: انتشر المذهب المالكي في الحجاز وبغداد وفارس والبحرين وقطر والكويت والسودان والمغرب العربي، وفي الأندلس، لذا لم تكن له مكانة خاصة في فلسطين كما كان لبقية المذاهب.

- القرامطة:

القرامطة هم فرقة من الباطنية الشيعة كان لها نفوذ امتد من البحرين إلى مصر في القرنين الثالث والرابع الهجري، إلا أننا هنا سنتعرض لعلاقتهم بما حدث على أرض فلسطين وليس إلى تاريخهم ذاته. وهم من حيث المبدأ الديني فرقة إسماعيلية، وتنسب إلى مؤسسها حمدان بن قرمط.

تعاظم جند القرامطة بعد مجموعة من الانتصارات في العراق وسورية فتوجه قائدهم زكرويه إلى طبريا فاحتلها وعاد وانسحب منها ومن ثم قتل على أيدي جيش الخليفة العباسي، وبذا خمدت حركة القرامطة في الشام لمدة نصف قرن في الوقت الذي كان فيه نفوذهم يتعاظم في شرق الجزيرة وشمالها، وفي عام 964م قام الحسن الأعصم أحد زعمائهم بالهجوم على الشام وأجبر حكام الشام الإخشيديين على دفع الجزية، وفي عام 968م دخل الرملة بتحالف مع الفقيه المالكي أبي بكر بن علي النابلسي نكاية بالفاطميين، وفي عام 971م سار الأعصم إلى الشام مرة ثالثة ولقي جيش الفاطميين وقتل قائده جعفر بن فلاح، وغادرها إلى الرملة ودخلها وقتل من فيها من المغاربة وحاصر يافا وتوجه منها للقاهرة.

هزم القرامطة هزيمة نكراء في معركتهم مع الفاطميين على أبواب القاهرة عام 974م، ولكنهم عادوا بعد سنتين بدعوة من القائد التركي أفتكين فوافاه أبناء أبي سعيد الجنابي عام 976م فوجههم معه بعض أتباعه إلى فلسطين، فأرسل الخليفة الفاطمي العزيز بالله حملة إلى فلسطين قادها جوهر الصقلي وتلاقي الجميع حول طبريا وتراجع القرامطة و أفتكين إلى دمشق فتابع الصقلي سيره نحوها، وبعد حوالي شهرين بدأ جيشه يعاني البرد وقلة المؤن فانسحب إلى الرملة حيث حوصر وهزم بعد حرب دامت سبعة أشهر، وجرت مفاوضات مذلة كانت نتيجتها أن خرج الصقلي من باب علق عليه سيف أفتكين ورمح القرمطي عام 977م.

بعد معركة قادها العزيز الفاطمي بجوار الرملة سنة 978م هرب القرمطي وأسر أفتكين، لكن العزيز لجأ للاتفاق مع القرامطة للكف عن الإغارة على الشام مقابل 30 ألف دينار سنوياً.

- الدروز:

فرقة إسلامية إسماعيلية فاطمية تؤمن بإمامة الحاكم بأمر الله الفاطمي الذي تولى الخلافة عام 996م وقد تناقضت أعماله فاختلف فيه الناس إلى اليوم. وقد قضى على خصومه من الإسماعيليين؛ فأنشأت عقيدة التوحيد، التي عرفت بالدرزية على اسم مؤسسها إنشتكين الدرزي الذي أعدم في القاهرة 1019م.

اختفى الحاكم بأمر الله فجأة عام 1021م، واختفى حمزة بن علي مسؤول الدعوة واختفى أيضاً علي بن محمد الضيف المفتي بهاء الدين سنة 1043م.

تقبل هذه الدعوة أمراء تنوخ في لبنان وجماعات قليلة من سكان سورية وفلسطين، وقد أصبح العدد الأكبر من إتباع هذه العقيدة يتواجد في الشام بعد أن نُكل بهم على يد الحاكم بأمر الله وطاردهم، أما إقامتهم اليوم في فلسطين، ففي عدد من قرى الجليل منها دالية الكرمل وعسفيا وحرفيش وبيت جن وعين الأسد وكسرا ويانوح والبقيعة وكفر سميع وجت ويركا والنبي شعيب والمغار والراملة والمنصورة وأبو سنان وجولس وسجور.

اضطلع الدروز بدور كبير في مقاومة الاستعمار في بلاد الشام، وقاد زعيمهم سلطان الأطرش الثورة السورية الكبرى عام 1925م في بدايتها، أما في فلسطين، فمنذ عام 1948، جعلت مهم إسرائيل أقلية مميزة مستعينة ببعض زعماء الدروز المتعاونين معها، فأعلنت اعترافهما بهم طائفة دينية مستقلة وفرضت عليهم خدمة الجيش الإلزامية (1957) وأقرت الكنيست قانون المحاكم الدرزية (1962) وادعى الصهاينة أن ذلك بطلب من شيوخ الدروز.

ألّفت القوى الوطنية التقدمية الدرزية في الأرض المحتلة اللجنة الدرزية المستقلة وحملت مسؤولية إلغاء التجنيد الالزامي وإعادة الطائفة إلى أصلها كجزء غير منفصل عن الشعب العربي.

رغم ذلك لم تتوان إسرائيل عن مصادرة أراضيهم كغيرها من الأراضي، وما زالت كثير من أبواب العمل موصدة في وجه الدروز.

- الشيعة:

الشيعة هم من شايعوا الإمام علي على أنه أحق بالخلافة، وهناك دولتان تبنتا المذهب الشيعي كمذهب رسمي للدولة هما دولة بني بويه في بغداد سنة 945م، ودولة الفاطميين في مصر 968م.

انتشر هذا المذهب في فلسطين في القرن العاشر الميلادي، فكان أهل طبرية ونصف أهل نابلس شيعة، وقد قال الرحالة ناصر خسرو عام 1045: إن عدد سكان القدس نحو 20 ألفاً جلهم شيعة.

أنشأت الدولة الفاطمية في بيت المقدس دار العلم الفاطمية فرعاً للدار في القاهرة التي أسسها الحاكم بأمر الله سنة 1004م، وكان لها أكبر الأثر في انتشار المذهب في فلسطين. وقد ظلت الدار قائمة حتى سقطت القدس بيد الصليبيين.

في القرن السادس الهجري زار ابن جبير فلسطين فوصفها قائلاً: وللشيعة في هذه البلاد أمور عجيبة، وهم أكثر من السنيين، وقد عموا البلاد بمذاهبهم، وهم فرق شتى منهم الرافضة والأمامية والإسماعيلية والزيدية والنصيرية.

هدأت حركة التشيع بعد سقوط الدولة الفاطمية، وحاول الأيوبيون بعد ذلك نزع ما غرسه الفاطميون في نفوس الناس، أما في عهد أحمد باشا الجزار فقد وقعت عدة وقائع بينه وبين الشيعة عام 1780م في قرية يارون قرب صفد، وحاربهم الجزار لفترة عشر سنوات وأحرق آثارهم العملية حتى أنه ورد في الأثر "كان لأفران عكا من كتب جبل عامل ما أشعلها أسبوعاً".

لا وجود للشيعة اليوم كطائفة مستقلة في فلسطين، وقد نزح عنها مئات الشيعة اللبنانيين الذين أقاموا في شمال فلسطين في عهد الانتداب.

- الأرثوذوكسية:

أرثوذوكس مفردة يونانية تعني "الرأي المستقيم" وقد أطلقت على أتباع الدين القويم في المسيحية لتمييزهم عن أصحاب المذاهب الأخرى في المسيحية، وفي القرن 11م انقسمت الكنيسة إلى شرقية وغربية، فعرفت الشرقية باسم الأرثوذوكسية والغربية باسم الكاثوليكية.

الكنائس الأرثوذوكسية جمعيها ممثلة في فلسطين، وفي كنيسة القيامة نفسها، الكنيسة اليونانية العربية الأرثوذوكسية وأتباعها الروم الأرثوذوكس، والكنيسة اليعقوبية "كنيسة السريان الأرثوذوكس"، والكنيسة الملكية.

بعد القرن 11م أصبحت الكنيسة الأرثوذركسية كنيسة مستقلة في فلسطين بطابع متميز عن الكنيسة العامة بدءاً من سنة 1054م.

بعد الفتح الإسلامي استقرت اللغة العربية في الكنيسة الأرثوذوكسية وكان بعض القساوسة يجيدون اليونانية والعربية، لكن اللاتينية حلت محلها أثناء الغزو الصليبي، فأصبح رعايا الكنيسة خاضعين لإدارة مملكة القدس اللاتينية.

تعرضت الكنيسة بعد رحيل الصليبين إلى اضطهاد المماليك، وتم تعيين بطاركة عرب في القدس، وكان آخرهم البطريك عطا لله أو دوروتاوس الثاني (1505-1534)، وبعدها بدأ العثمانيون بمنح حرية العبادة للمسيحيين وبالتالي تعيين بطاركة يونانيين، ومنذ القرن 19 بدأت العناصر العربية في الكنيسة بالمطالبة بحقوقها نتيجة لتعدد المدارس التي أنشأتها الكنيسة الكاثوليكية في فلسطين والكنيسة الروسية الأرثوذوكسية التي نشطت وحاولت أن تحل محل الكنيسة اليونانية، ونتيجة لاعتماد اليونانيين على تأييد السلطان العثماني فقد رفضوا المطالب العربية حتى أن السلطان أقر أول نظام كنسي عام 1875 ولم يراع فيه حقوق العرب، تبدل هذا النظام عام 1934 من قبل البريطانيين لكن هذا النظام أيضاً ظل عاجزاً عن أنصاف العرب الأرثوذوكس، ومازال الصراع بين اليونان والعرب قائماً.

تشمل الكنسية الأرثوذوكسية في فلسطين الكرسي البطريركي في القدس وست مطرانيات في قيصرية وبيسان والبتراء وعكا وبيت لحم والناصرة، وست مراكز رئيس أساقفة في اللد وغزة وسيناء ويافا ونابلس وسبسطية وجبل الطور.

- الإشكنازيون:

أطلق لفظ الإشكنار على أحد الشعوب التي وردت في سفر التكوين، وأصلها اسم أحد أحفاد نوح، وقد أخذت تطلق على اليهود الألمان خصوصاً وعلى يهود أوروبا عموماً ابتداء من القرون الوسطى.

تميز الإشكنازيون بعدم تقبل حضارة الشعوب التي يعيشون على أرضها، وحافظوا على لغة الإيدش الخاصة بهم، وقد توصل قسم كبير منهم إلى غنى فاحش بسبب إدارة أموال الأمراء واحتكار المحالج والمناجم.

عقب التطور الاجتماعي الذي حدث في أوروبا الغربية، بدأت عملية طرد الإشكنار، وذلك بسبب رغبة البرجوازية في الحلول محلهم في إدارة الأموال، لأن الأشكناز تعسفوا حتى أصبحوا مضرباً للمثل في الجشع والاحتكار. فشهد القرن الرابع عشر الميلادي مجازر وحرائق ضدهم، وقد أخرجوا من انجلترا نهائياً مع نهاية القرن الثالث عشر، ومن فرنسا في نهاية القرن الرابع عشر ومن ألمانيا في نهاية القرن الخامس عشر. وذهب معظمهم إلى أوروبا الشرقية. وفي القرن 19 كان 87%منهم يعملون في التجارة . مع نفس الجشع والاحتكار والعمل بالربا الذي أخرجهم من أوروبا الغربية فتكررت محاربتهم عندما انتقلت أوروبا الشرقية من الإقطاع إلى الرأسمالية.

يعتبرون المؤسس الفعلي للحركة الصهيونية، وقد شغلوا أهم المناصب في دولة إسرائيل بعد قيامها، وشكلوا حتى نهاية الخمسينات أغلبية سكان إسرائيل.

ظلوا حتى في إسرائيل متعالين على بقية الطوائف ولهم حاخامهم المستقل ويرفضون الاندماج مع بقية اليهود "السفارديم".

- السفرديون:

هم يهود إسبانيا وحوض المتوسط (أي الذين ليسوا أشكناز)، وتحمل الكلمة (سفرد) دلالة دينية إلى جانب الدلالة الاجتماعية، لأن طقوسهم الدينية هي استمرار للطقوس اليهودية التي نشأت في بابل، كما أن عبريتهم مختلفة عن عبرية الإشكناز، ولكن بالنسبة للحديث اليومي فإنهم يتحدثون اللغة التي تتبع البلاد التي جاؤوا منها.

يشكل السفرديون 10% من يهود العالم، ولم تبذل الحركة الصهيونية جهداً لتهجيرهم في البدايات لأن اليهودي بتعريفها هو (الإشكنازي). بل ذهب بعض الباحثين اليهود إلى القول بأن السفرديم "ليسوا يهوداً"، ومع ذلك فقد استمرت هجرتهم إلى أن أصبحوا 50% من سكان إسرائيل، لكن السفرديم مازالوا يعانون من التفرقة، فهم لا يحتلون مراكز عليا، فالتفرقة متغلغلة على المستوى الثقافي كذلك (5% من مجموع الخريجين، ولا يزيد معدل التزواج مع الإشكناز عن 17%.)

- البابية:

ليس لهذا المذهب علاقة قوية بفلسطين، غير أن قبر مؤسسة نقل خلسة إلى حيفا وله فيها ضريح أصبح مزاراً لأتباعه.

البابية مذهب ديني ظهر في 1843م في إيران على يد الميرزا علي محمد رضا الشيرازي الذي أدعى أنه الباب إلى الإمام المنتظر المستور فعرف مذهبه بالبابية.

كتب كتاباً ضم تعاليمه اسماه البيان، وأصدر العلماء فتوى بارتداده عن الإسلام وبقتله، وقد سجن ثم أعدم عام 1850م.

- البهائية:

حركة دينية تنسب إلى البهاء حسين بن علي المازندراني (1817-1892م)، الذي كان هو وأخوه الأكبر من أتباع البابية، وبعد إعدام الباب سنة 1850م، نفاهما العثمانيون، الكبير إلى قبرص، والبهاء إلى مكان قرب عكا يدعي البهجة، وقد دفن البهاء في عكا وخلفه ابنه عباس أفندي الملقب عبد البهاء (1844-1921م).

تركزت دعوة البهاء على إنشاء دين جديد فكتب كتاباً سماه الأقدس وهو نسخ لكتاب البيان للباب، ثم كتب الإيقان والاشراقات، وجعل كتابه الأقدس في عداد الكتب السماوية، وادعى أنه المسيح المنتظر وأنه يرى الله، وأخيراً ادعى الإلوهية.

كانت هناك علاقة وطيدة بينه وبين اليهود الذين دفعوه ليعلن نفسه رباً للجنود، وقد أكمل ابنه دعوة اليهود للاجتماع في الأراضي المقدسة، وفي المؤتمر 37 لضباط المقاطعة التابع لجامعة الدول العربية تقرر مقاطعة البهائيين واعتبارهم مرتبطين بالصهيونية، لكن البهائيين العرب يدفعون هذه التهمة عن أنفسهم.

- الصهيونية:

حركة تهدف إلى تجميع اليهود في أرض فلسطين، أخذها المفكر اليهودي ناثان برنباوم من كلمة صهيون، وتستند إلى اعتقاد يهودي بعودة المسيح ليحكم العالم من جبل صهيون في فلسطين وقد قام الصهاينة بتحويل هذا المعتقد إلى برنامج سياسي، يعتمد في الأساس على مقولة أنه لا يمكن حل مشاكل الشعب اليهودي المشتت إلا بالعودة إلى فلسطين.

ويعيد الصهاينة جذور الحركة الصهيونية إلى الدين اليهودي ذاته مع العلم أن التوراة تحرم العودة إلى أرض الميعاد إلا عن طريق مبعوث إلهي هو المسيح. ولذلك فإن هناك جماعات يهودية عارضت الصهيونية أبرزها جماعة "ناطوري كارتا".

ولنعد إلى البداية في تشكيل هذه الحركة، فقد شهد شرق أوروبا تحولاً من الإقطاع إلى الرأسمالية صاحبة انفجار سكاني نتج عنه وجود أعداد كبيرة من اليهود لم تتمكن المجتمعات الرأسمالية من استيعابها فنشأت بذلك "المسألة اليهودية". ومن ضمن الحلول العديدة التي طرحت للمسألة اليهودية برز الحل الصهيوني الذي قال بعودة اليهود إلى فلسطين والاستيطان فيها.

بدأ هرتزل بتنظيم المسألة ابتداء من نهايات القرن 19م، ودعا إلى عقد المؤتمر الأول في بال بسويسرا 1897م، وقد قرر من البداية الاعتماد على دولة امبريالية كبيرة ولذا فقد توجه إلى العثمانيين والفرنسيين والألمان والإنجليز كدول لها نفوذ ومصالح في المنطقة وقد توجت جهوده بالحصول على وعد بلفور عام 1917م.

وتقسم المدارس الصهيونية إلى فرقتين أساسيتين: صهيونية استيطانية وصهيونية تدعيمية الأولى تهدف إلى تجميع اليهود وتوطينهم في فلسطين والثانية تهدف إلى تجنيد اليهود أينما كانوا لخدمة الأولى. ومن مؤسسات الصهيونية الاستيطانية مثلاً: الهستدروت والكيبوتس والهاغاناة أما الصهيونية التدعيمية فاشتهر من مؤسساتها الوكالة اليهودية "المنظمة الصهيونية العالمية".

وتنكر الصهيونية على يهود الشتات حقهم في الانتماء إلى الشعوب التي يعيشون فيها، ولذا فإن بعض اليهود الأرثوذوكس يعتبرونها نوع من الكفر.

- الحالوتسيم:

كلمة عبرية تعني رواد أو طلائع، وقد أطلق هذا الاسم على تيار الهجرة الثانية بين 1904-1914م. وكان كثير من هؤلاء المهاجرين أعضاء في جمعيات ثورية روسية وترجع أصول هذا التيار إلى أحداث 1905 في روسيا والاضطرابات ضد اليهود، ويفترض في الحالوتس أن يكون مضحياً بذاته وعلى استعداد لحياة النسك من أجل الجماعة. وأن يكون مهتماً بالعمل الزراعي وبإحياء اللغة والثقافة العبريتين.

وقد رفض الحالوتسيم فكرة الشتات وآمنوا بفكرة عودة يهود العالم إلى فلسطين، وقد أوجزوا أهدافهم في ثلاث نقاط: أرض عبرية وعمل عبري ولغة عبرية. وبرزت في تلك الفترة الدعوة إلى احتلال الأرض وممارسة العمل العبري، وساهم الحالوتسيم في فكرة الحراسة الذاتية للمستعمرات الصهيونية في فلسطين، وهذا سبب ارتباط الريادة بالكيبوتسات الزراعية.

يعتبر أهارون غوردون الأب الروحي المؤسس للحالوتسيم الذي استمد دعوته من التوراه وهي تنص على تقديس العمل كجزء من الدين.

المراجع:

1ـ الموسوعة الفلسطينية ـ الأجزاء من 1 إلى 4

2ـ ابن جرير الطبري ـ تاريخ الأمم والملوك

3ـ الحافظ ابن كثير ـ البداية والنهاية

4ـ مصطفى مراد الدباغ ـ بلادنا فلسطين

5ـ الموسوعة الفلسطينية ـ الأجزاء من 1 إلى 4

6ـ ابن جرير الطبري ـ تاريخ الأمم والملوك

7ـ الحافظ ابن كثير ـ البداية والنهاية

8ـ مصطفى مراد الدباغ ـ بلادنا فلسطين.

انتهى

تابع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين 7

تابع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين 7

الجزء الثاني
الطوائف والمذاهب والديانات

- الأسينيون:

هي فرقة المغتسلين أو الأطهار، وهي فرقة يهودية ظهرت في فلسطين في القرن الثاني ق.م. كان لهذه الجماعة قوانين صارمة تحرم الملكية الفردية ونظام الرق (الذي كان سائداً حينها). كان أفرادها يعيشون خارج المدن عزابا زاهدين. يقيمون في الكهوف قرب البحر الميت ويفرضون على أنفسهم الاغتسال كل صباح في مياه الينابيع. كانوا يفلحون الأرض ويرعون الماشية، ويتشاركون الطعام بطقوس خاصة، وكانوا يرفضون تأدية القسم وتقديم الذبائح وحضور المراسم في الهيكل.

من الواضح أن آراءهم كان لها تأثير كبير في المسيحية، وقد آمنوا بالمسيح على أنه أحد أنبياء إسرائيل المصلحين، لكنهم رفضوا دعوة بولس الرسول وظلوا متمسكين بالعقيدة اليهودية.

عرفوا بعد دمار الهيكل باسم "المسيحيين اليهود أو الأبيونيين".

- المسيحية:

عرفت هذه الديانة بالمسيحية نسبة إلى المسيح عيسى بن مريم الذي بشر بها، ورغم أن هذه الديانة نشأت بكامل تفاصيلها في فلسطين إلا أن تطورها وانتشارها تأثرا بالحضارة الهلينية والحكم الروماني.

الكتاب الذي جاء به المسيح يعرف بالإنجيل أو العهد الجديد لتمييزه عن التوراة أو العهد القديم، والإنجيل في اليونانية تعني البشارة أو الخبر السار، وقد كان هناك عدد كبير من الأناجيل في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، لكن لم يتم الاعتراف من قبل الكنيسة إلا بأربعة أناجيل هي متى ومرقص ولوقا يوحنا.

وقد كتبت هذه الأناجيل بين أعوام 50-90م باللغة اليونانية ماعدا أنجيل متى الذي كتب بالآرامية لكن نسخته الأصلية فقدت، ويستخلص من الأناجيل أن يسوع ولد حوالي سنة 4ق.م في بيت لحم، وانتقلت أسرته إلى الناصرة حيث عاش مع والدته وإخوته في بيت يوسف النجار لذا فقد عرف باسم يسوع الناصري واشتغل بالتجارة وكان يتردد على المجمع الديني ويختلط بفئات الشعب، وتتحدث المصادر التاريخية عن علاقته بيوحنا المعمدان الذي كان قريبا له من ناحية الأم وقد قام يوحنا بتعميد المسيح في نهر الأردن عندما بلغ الثلاثين، ويوحنا المعمدان هو يحيى بن زكريا المذكور في القرآن وقد كان يعمّد الناس ويدعوهم إلى التمسك بالأخلاق ويبشر بظهور المسيح.

مر الملك هيرودوس أنتيباس بسجن يوحنا ثم قتله، وعند ذلك أخذ يسوع يجوب الجليل والسامرة معلنا إنجيل التوبة، وبرزت في تلك الحقبة عدة فرق يهودية منها الصدوقيون والفريسرن والأسينيون وفرقة الزيلوت وكانت جميع هذه الفرق ضد سيطرة الرومان، وقاموا بعدة ثورات فاشلة، ولما لم يتمكنوا من الخلاص بالسلاح قاموا باللجؤ للتنبؤات في انتظار المسيح الذي تحدثت عنه الكتب المقدسة لديهم.

أنكر المسيح أنه من نسل داوود أو أنه جاء ليعيد الملك إلى بني إسرائيل، ولم يؤيد الثورة على حكم الرومان وقال مقولته الشهيرة" أعطوا مالله لله وما لقيصر لقيصر، ولم يتمسك بالشكل بل سعي إلى الجوهر فكان يقول مثلا عن العمل يوم السبت: إنما جعل السبت من أجل الإنسان ولم يجعل الإنسان من أجل السبت.

كان يعطف على المساكين والفقراء خصوصا واعتبرت تعاليمه ثورة عميقة في المبادئ الأخلاقية، وكثر أتباعه لكنهم أنفضوا عنه حين رفض أن يتوج ملكا أرضيا، وأخذت الفرق اليهودية بمحاربته، فقبض عليه مجلس السنهدرين اليهودي وحكم عليه بالإعدام في الحال، وصادق بيلاطس البنطي على الإعدام وهو متردد، فصلب المسيح وقتل، وآمن أتباعه بقيامه بعد الموت وعرفوا باسم الناصرين أو النصارى.

تحت ضغط السنهدرين، هرب اليهود الذين آمنوا بعيسى من أورشليم إلى السامرة وقيسارية وأنطاكية وعملوا فيها على إنشاء جماعات مسيحية عرفت كل منها باسم "اكليزا" تقابله كلمة كنيسة وتعني المجمع معربة عن الآرامية.

حكم على بطرس وبولس بالإعدام، وبعد مئة عام على موت بولس، ظهرت تأثيراته على المسيحية وتطورها، وقيل أنه فصل المسيحية عن اليهودية، فخرجت المسيحية عن حدود فلسطين وانتشرت في أنحاء الإمبراطورية الرومانية، وعندما أقدم الإمبراطور قسطنطين على اعتناق المسيحية عام 320م تقريبا، عقد المجمع المسكوني عام 325م ، وجعل المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية.

- الحواريون:

هم رسل المسيح "الاثنا عشر"، أولهم بطرس وآخرهم يهوذا الإسخريوطي الذي سلم المسيح لأعدائه، والحواريون هم "سمعان (بطرس)، أندراوس، يعقوب بن زبدي، يوحنا فيلبس، برتلماس، توما، متي العشار، يعقوب بن حلفى، تداوس، سمعان الغيور، يهوذا الاسخريوطي.

كانوا جميعهم من بيئة فقيرة، صحبوا المسيح فأنشأهم ليبشروا ويتكلموا باسمه، وقصر عليهم تأسيس الكنيسة وإقامة الأساقفة عليها، وأمرهم بدعوة الأمم إلى التوبة وغفران الخطايا، وأن يواصلوا عمله على الأرض.

بعد حادثة الصلب، غادر الرسل القدس وانتشروا في العالم كممثلين للمسيح، وتذكر المصادر أن جميعهم سفكوا دماءهم في سبيل الشهادة.

- السامريون:

جماعة من اليهود اشتق أسمهم من السامرة عاصمة إسرائيل القديمة "شمال شكيم" نابلس. وهم ما تبقى من المملكة القديمة والذين لم يرحلهم الآشوريون عام 721ق.م، وحين عاد اليهود من السبي البابلي رفضوا اشراك السامريين في إعادة بناء الهيكل لأنهم تزاوجوا مع المستوطنين الذين جاء بهم الآشوريون، فقام السامريون بإنشاء هيكلهم الخاص على قاعدة جبل جرزيم "الطور".

هناك هوّة عميقة تفصل السامريين عن اليهود، فهم لا يؤمنون إلا بأسفار موسى الخمسة ولا يعترفون بالأنبياء اليهود ولا بالكتب السماوية الأخرى ويعتبرونها من صنع البشر. وقد سنّ اليهود قوانين تحرم الاختلاط بالسامريين أو الزواج منهم. وتعد طائفتهم الآن من أصغر الطوائف في العالم يسكن أكثرهم في نابلس ومستعمرة حولون، يستعملون العبرية في صلواتهم، لكن لغة الحديث فيما بينهم هي العربية، وفي حوزتهم ترجمة عربية للتوراة تعود إلى القرن 11 ميلادي.

وبحكم تكوينهم الديني فهم ليسوا صهاينة، فلا يعترفون بقدسية جبل صهيون فجبلهم المقدس هو جبل الطور (جرزيم). كما لا يؤمنون بداوود وسليمان، ويؤمنون بعودة المسيح المخلص، ولكن إلى جبل جرزيم لا إلى جبل صهيون.

- الفريسيون:

الفريسيون بالأرامية تعني "المنعزلون" وقد أطلقت على فئة من اليهود اشتركت في ثورة المكابيين وانتسب إليها العلماء والكتبة وجمهرة الشعب، وامتلكت أغلب مقاعد مجلس "السنهدرين، وكان الفريسيون يخالفون الصدوقيين، فهم يقبلون التقاليد المتوارثة عن السلف إضافة إلى تعاليم وأسفار موسى، وكانوا يؤمنون بالملائكة والروح والقيامة خلافاً للصدوقيين لكنهم كانوا يتمسكون بالمظهر دون الجوهر، وقد وقفوا بشدة ضد دعوة المسيح الذي وصفهم بأنهم "مرشدون عميان".

- الصدوقيون:

فرقة يهودية تنسب إلى صادوق الكاهن الأعظم زمن الملك سليمان، وقد ظهرت في عهد المكابيين وكانت تضم كبار الكهنة في القدس وبعض الكتبة اليهود الذين مالوا إلى مسالمة الرومان، ورغم ضعف تأثيرهم في جماهير الشعب، إلا أنهم ألفوا كتلة قوية في مجلس "السنهدريم" أعلى سلطة دينية وسياسية عند اليهود (20 عضواً من أصل 70).

دينياً، كان الصدوقيون محافظين، يرفضون السنن الشفوية وكل ما أضيف إلى أسفار موسى الخمسة، وينكرون الأنبياء ولا يؤمنون بالبعث، وكانوا حريصين على امتيازاتهم الأرستقراطية. خشي الصدوقيون تجمع الشعب حول المسيح، فكانوا في طليعة المسؤولين عن محاكمته.

- الناموسيون:

يطلق على شريعة موسى الطقسية والأدبية "الناموس" ويطلق لقب الناموسيين على مفسري الناموس، وهم كتبة نظموا أنفسهم وتوارثوا المهنة. وفي عهد المسيح كان لهم مقاماً كبيراً، والمعلم منهم هو "الحبر" أو "الرب".

اعتاد الناموسيون خلق مناقشات سفسطائية لا طائل منها، لكنهم كانوا أصحاب القول الفصل في مسائل الزواج والطلاق والصيام والصلاة وحرمة السبت وما إلى ذلك، وقد تعددت مدارسهم بين مدرسة هليل المتسامحة إلى مدرسة شماي المتشددة، توعدهم المسيح بالويلات لتمسكهم بحرفية الشريعة لا بروحها.

- الأبيونيون:

ظهرت معظم ملامح التشريع الأبيوني في مخطوطات البحر الميت، وقد تأسست الطائفة الأبيونية عام 70م بعد خراب الهيكل، وهي طائفة من دراويش اليهود اعتنقت المسيحية وبالغت في التفسير اليهودي لها، واعتبروا بولس رسولاً زائفاً حين جعل المسيحية رسالة عالمية، وهي في رأيهم يجب أن تكون لليهود فقط.

مؤسس هذه الطائفة هو أبيون، وعثر على أول ذكر لهم عام 185م، وقد وصفوا يسوع في القرنين الثالث والرابع الميلاديين بأنه ابن الإنسان وأنه نبي حقيقي، ورفضوا الأضحيات والمعبد اليهودي.

ذكر العالم الإنجليزي تيتشر في دراسته عن مخطوطات البحر الميت أنها كانت لطائفة معروفة باسم الأبونيين، وحدث فعلاً أن طائفة مسيحية يهودية هجرت بيت المقدس إلى جرش وهجرت معابد اليهود، ثم انتهى أمرها دون تأثير لا في تاريخ اليهودية ولا المسيحية.

- اليعقوبية:

ترجع إلى نشأة المسيحية في القرن الأول الميلادي، ورعاياها منتشرون في سوريا وفلسطين ولبنان ومصر والعراق والهند، أما التسمية فجاءت في القرن الخامس الميلادي نسبة إلى الأسقف يعقوب البرادعي الذي أرسلته تيودورا زوجة الإمبراطور إلى الحارث بن جبلة ليعلم قومه الدين، ويعتقد العيقوبيون أن في المسيح طبيعة واحدة إلهية.

يرجع وجود هذه الكنيسة في فلسطين إلى ما قبل القرن الخامس، فالفلسطينيون هم أول شعب تنصر، وكان للكنيسة أبرشية في غزة وأخرى في طبريا، وفي عكا وكان لهما عدة أديرة وكنائس في القدس وأريحا وغزة ووادي الأردن.

مقر هذه الكنيسة في القدس ولها كنائس في بيت لحم ووادي الأردن ودير في القدس، ويقيم النائب البطريركي في دير القديس مرقس الشهير بمكتبته التي أنشئت عام 1718م وتحوي مخططات وإيقونات ناد.

- الجليليون:

هم سكان الجليل شمال فلسطين، تحولوا إلى الديانة اليهودية في القرن الثاني الميلادي، وأصبحوا من أشد اليهود تعصباً وعنفاً، وقعوا تحت تأثير يهودا الجليلي الذي تلخصت دعوته في أن ليس لليهود ملك غير الإله يهوه، ونجحت دعوته بينهم فأباحوا كل تضحية في سبيل نشر الدعوة، فكانوا يحتملون التعذيب والموت بسبب مناوأتهم للحكم، والتف الناس حولهم لسوء أحوال البلاد الاقتصادية والضرائب التي فرضها الرومان.

المؤرخ اليهودي يوسيفوس انتقد يهودا لأن حركته أوقعت اليهود في حرب مع الدولة الرومانية أصيبوا فيها بخسائر فادحة. ورغم نجاح الرومان في حروبهم مع الجليليين، فإن حركتهم كان لها تأثير واضح في التاريخ اليهودي.

- الأريوسية:

مذهب ديني مسيحي، أنشأه الكاهن المصري أريوس (256-336م)، وقد تلخص في أن البحث في المسيحية يجب أن يتأسس على فكرة الثالوث المقدس الأب والابن والروح القدس، وهو بذلك قد خالف تعاليم الكنيسة فيما يختص بشخصية المسيح.

حرم من كينسته فآواه يوسيبيوس رئيس أساقفة قيسارية وساعده فأصبح له مؤيدون في فلسطين وخارجها، فغدت فلسطين قلعة للأريوسية، وقد تركز بسببها الخلاف بين الغرب والشرق حتى أن الإمبراطور تدخل شخصياً في الأمر، فقد تبنى كونستانسيوس الأريوسية وفرضها على الأساقفة ونفي كل من رفضها، لكن موته عام 356م جعل الأمر يتم لخصوم الأريوسية، لذا فإن الأريوسية انتشرت فقط لمدة بين 325م و381م ثم تراجعت لتنتشر بين أقوام البرابرة وهي الشعوب التي بقيت خارج الحضارة اليونانية.

- النسطورية:

نشأت في القرن 5م على يد نسطورس، وتقول بوجود شخصيتين في المسيح إلهية وإنسانية وقد أتاح هذا المبدأ لأسقف القدس يوفنالس تحقيق استقلال كنيسته عن أنطاكية فنقل الرئاسة من قيسارية إلى القدس.

- المونوفوزية:

تعني الطبيعة الواحدة، أحدث هذا المبدأ رئيس رهبان كنيسة في القسطنطينية هو أوطيخا في القرن 5م وذهب فيه إلى أن المسيح فيه طبيعة واحدة هي الإلهية، وانتشر المبدأ في فلسطين وصار أتباعه يعتلون الكرسي البطريركي في القدس.

- المونولوتية:

باليونانية تعني الإرادة الواحدة، وقد أطلقت على من قالوا بوجود إرادة واحدة في المسيح هي الإرادة الإلهية، وقد نشأت المونولوتية في القرن السابع الميلادي 615م على يد البطرك سرجيوس، وقد قال بأن في المسيح طبيعتين إلهية وإنسانية ناشئين عن إرادة واحدة هي الإرادة الإلهية وقد أعجب هرقل بهذا المبدأ فأمر بنشره.

تابع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين 6

 تابع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين 6
47ـ البيازنة:


ينسبون إلى مدينة بيزا الإيطالية، ونشأتهم تشبه نشأة البنادقة والجنويين، وقد حصلوا على عدد من الامتيازات في القدس، فكان لهم أحياء خاصة ومنحوا ربع مدينة يافا، وهذا حدث في الحملة الصليبية الأولى 1099م بعد المساعدات التي قدموها للفرنجة، وذلك بتحصين القدس ويافا، وفي سنة 1157 منحهم أموري الأول كونت يافا منطقة في يافا لإقامة سوق خاص بهم، وفي سنة 1187م عقدت معاهدة بين كونراد مونتفرات صاحب صور وملك القدس والبيازنة منحهم فيها الكثير من الامتيازات والاعفاءات الضريبية في المدن والموانئ مقابل مساعدتهم لمواجهة صلاح الدين، ولما تفجر الصراع بين كونراد مونتفرات وغي لوزنيان 1190-1192م حول عرش مملكة القدس، وقف البيازنة إلى جوار غي لوزينان في عكا، ووقف الجنويون إلى جانب خصمه الذي ربح المعركة وطرد البيازنة من صور، وتبعه ذلك صدام دموي داخل عكا بين البيازنة والجنوبيين، وسعي ريتشارد قلب الأسد للتوفيق بين الفريقين المتخاصمين، لكن الأمر انتهى بطرد البيازنة من صور وعكا وغيرهما ولم يعودوا إلى أحيائهم إلا عام 1195م.

في القرن 13 وصل الإمبراطور فرديك الثاني إلى فلسطين فتجدد الصراع بين البيازنة والجنوبيين، سنة 1231م في عكا، وتجددت مرة أخرى عام 1249م. وقد تحالفوا مع فريدريك الثاني هذه المرة، لكن أمرهم ضعف بعد وفاة فريدريك الثاني سنة 1250م وأزيحوا عن مسرح الصراع.

48ـ الجنويون:

هم أهل جنوة، الضلع الثالث للبيازنة والبنادقة، وقدم الجنويون مساعدات للحملات الصليبية التي لم تكن تملك أساطين بحرية، وساهموا في مد محاصري القدس بالمواد الغذائية عام 1099م، ونالوا حصة من مغانم القدس بعد سقوطها، وفي عام 1109م وقعت معاهدة بينهم وبين ملك القدس بغدوين الأول في مدينة يافا منحهم ثلث غنائم أي مدينة يساعدون في احتلالها وامتلاك شارع واحد منها، وأن يتم اعفاؤهم من الضرائب، ومنحوا شارعاً في القدس وشارعاً في يافا مع تعهد الملك بحماية تجارتهم وتسليمهم ممتلكات أي جنوي يموت في الحرب، كل هذا مع تعهدة بدفع 300 ليرة ذهبية لهم كل سنة.

وأسهم الجنويون فعلاً في احتلال عكا عام 1112م، وبيروت عام 1118م، ومنحوا حق إقامة محاكم خاصة بهم.

سقطت عكا إثر الحملة الصليبية الثالثة (1187م) وحدثت صدامات دموية وقف فيها الجنويون مع كونراد، وطرد البيازنة من عكا وتصادم الجنويون مع البنادقة أيضاً صداماً عنيفاً في القرن الثالث عشر، وعندما لم تفلح جهود المصالحة، تحالف الجنويون مع بيبرس ووعدوا بمساعدته في فتح عكا.

49ـ الأيوبيون:

يمكن القول إن الدولة الأيوبية وليدة الحركة الصليبية، عندما أدرك المسلمون وجوب توحدهم لمواجهة الخطر الصليبي، فشرع عماد الدين زنكي حاكم الموصل في تنفيذ خطة التوحيد، واكتمل توحيدها على يد نور الدين محمود بن زنكي الذي توفي عام 1174م تاركاً لصلاح الدين الأيوبي تحويل هذه الوحدة إلى طاقة تقوض الوجود الصليبي في الشام. ويقسم العصر الأيوبي في فلسطين إلى 3 مراحل:

الأيوبيون قبل حطين (1174-1186م): يبدأ هذا العصر باستقلال صلاح الدين بمصر وخروجه إلى الشام لتوحيد المسلمين، وينتهي باكتمال بناء الجبهة المتحدة سنة 1186م. حيث أحاط صلاح الدين بالفرنجة بعد أن فرض سلطانة على مصر والمغرب والنوبة وغرب الجزيرة وفلسطين وسورية والموصل.

في ذلك الوقت كانت مملكة القدس اللاتينية قد بلغت غاية اتساعها حيث بسطت نفوذها على فلسطين من الساحل إلى الكرك ومن الجليل إلى وادي عربة.

الأيوبيون من حطين إلى وفاة صلاح الدين (1187-1192م): شن صلاح الدين حرباً شاملة على الفرنجة في هذه المرحلة، وأنزل بهم هزيمة ساحقة في حطين سنة 1187م، واسترد معظم المدن الساحلية على شاطئ فلسطين واستعاد بيت المقدس مما غير ميزان القوى بين الفرنجة والمسلمين، وحسب صلح الرملة 1192م فقد احتفظ الفرنجة بمملكة على شاطئ فلسطين كان لها طابع تجاري وليس سياسي.

وبانحسار النفوذ الصليبي عاد لفلسطين طابعها الإسلامي وعاد الازدهار لبيت المقدس وغدا المسجد الأقصى مقصد العلماء، ولم يمنع صلاح الدين الحجاج المسيحيين من زيارة أماكنهم المقدسة في المدينة بل كلف حراساً بحمايتهم.

الأيوبيون بعد صلاح الدين (1193-1260م): هذه المرحلة استمرت حتى نهاية الدولة الأيوبية، فقد ترك صلاح الدين دولة مترامية الأطراف من الفرات إلى النيل، ولم يستطع أحد ملء الفراغ الذي تركه بعد وفاته في 1193م. لكن نفوذ الأيوبيين ظل في فلسطين حتى معركة عين جالوت سنة 1260م.

لم تلبث أن نشبت حرب الوراثة بين أبناء البيت الأيوبي، وفي نهاية 1200م كان الملك العادل سيف الدين أبو بكر قد وحد الدولة الأيوبية مرة أخرى تحت زعامته، وحارب الألمان الذين انتشروا على الساحل وانزل بهم هزيمة عند تل العجول في غزة عام 1197م، وعقد صلحاً مع الفرنجة عام 1198م مدته ثلاث سنوات، ثم عقد صلحاً آخر عام 1204م بين الملك العادل والملك آموري الثاني ملك عكا، واقتضى هذا الصلح أن يترك العادل للفرنجة نصف صيدا واللد والرملة كما منحهم الناصرة ورد يافا إليهم، وكان هذا تساهلاً من العادل مع الفرنجة وصل إلى حد التفريط وهو ما اشتهر به طوال عمره وتوارثه عنه أبناؤه.

عام 1210م قام فرسان الرهبان الداوية باستفزاز المسلمين فخرج الملك عيسى بن العادل بجيش إلى عكا وأنزل بالفرنجة خسائر جسيمة وغنم المسلمون كثيراً وأسروا كثيراً، وعادوا إلى جبل الطور حيث أقام المعظم عيسى قلعة تشرف على الناصرة وتحمي الجليل فأسرع الفرنجة لعقد هدنة مع الملك العادل لمدة ست سنوات (1211-1217م).

في خريف 1217م هاجم الصليبيون القلعة للسيطرة على الجليل، لكنهم فشلوا، غير أنهم استولوا على بيسان، فقام السلطان العادل بتخريب القلعة لأنه لا يمكن حفظها.

عاد أبناء السلطان العادل إلى التفرق خصوصاً الكامل محمد في مصر والمعظم عيسى في دمشق واستعان كل منهما بقوة خارجية.

عقدت معاهدة لمدة عشر سنوات سنة 1229م بين الإمبراطور فردريك الثاني والسلطان الكامل الذي منح الفرنجة بيت المقدس وبيت لحم والناصرة على أن تكون سائر قرى القدس للمسلمين، وألا يجدد سور القدس وأن الحرم والمسجد الأقصى بأيدي المسلمين.

دب الخلاف عميقاً في الأسرة الأيوبية، ووسط هذا الخلاف انتهى أجل الصلح، فانتهز الناصر داوود إقامة الفرنجة للأسوار حول القدس خلافاً للمعاهدة فاستولى على القدس وأخرج منها الفرنجة، لكن الصالح إسماعيل مد يده إليهم طالباً مساعدته على الصالح نجم الدين أيوب في مصر والناصر داوود في الكرك مقابل إعطائهم القدس وعسقلان وقلعة الشقيف وقلعة صفد وقسمة طبريا وصيدا بينهما، وهكذا عادت بيت المقدس للفرنجة.

هزم الفرنجة عند غزة، فعقدوا صلحاً مع الصالح نجم الدين أيوب سنة 1240م، وعاد الصالح إلى الاستعانة بالخوارزمية بعد أن قرر الفرنجة الوقوف مع الصالح إسماعيل، فاندفع الخوارزمية ليستولوا على طبرية ونابلس والقدس عام 1244م وبذلك عادت بيت المقدس للمسلمين.

وتوجه الخوارزمية إلى غزة ولاقوا مع جيوش الصالح أيوب الفرنجة في معركة غزة الثانية وهزموهم هزيمة ساحقة سنة 1244م. وسميت الموقعة "حطين الثانية".

عاقب الصالح أيوب الفرنجة في فلسطين واستولى على طبرية واقتحم عسقلان ودمر تحصيناتها عام 1247م فانحسر الفرنجة إلى حدود يافا.

انتهت الدولة الأيوبية بسبب قيام دولة المماليك، وبسبب زحف التتار على المنطقة، حيث قام الأيوبيون بالخضوع للتتار وحاولوا استرضاءهم، وتخاذلوا عن حربهم وكان ذلك فصل الختام في دولة الأيوبيين.

50ـ التتار:

تعرضت فلسطين لخطر التتار مرتين أيام المماليك؛ الأولى كانت عام 1259م حين اجتاح هولاكو الشام ووقعت مدن الخليل وبيت جبرين وغزة تحت سطوة السلب والنهب والقتل والتدمير.

وعلى أرض فلسطين كانت المعركة الفاصلة في عين جالوت بين جيوش المماليك بقيادة قطز وجيوش التتار بقيادة "كبتغاوين" انتهت بانتصار المماليك (1259م) الذين طاردوا التتار حتى بيسان. لكن المناوشات ظلت قائمة، وفي عهد الناصر محمد بن قلاوون استولى التتار بقيادة غازان التتري على دمشق وقام جنوده بنهب القدس وغزة.

أما المرة الثانية، فكانت في عهد الظاهر برقوق بن آنص، فقد هدد تيمورلنك الشام عام 1394م فأرسل السلطان برقوق الجنود إلى الشام للتصدي لتيمورلنك، لكن يتمورلنك لم يقدم على ملاقاة الجيوش، وعاد لتهديد دمشق عام 1400م بعد وفاة برقوق وتولي ابنه فرج، الذي خرج لملاقاة تيمورلنك فهزم وتشرد الناس من صفد والقدس والرملة وغزة، وهربوا إلى مصر.

51ـ المماليك:

حكموا مصر والشام في الفترة بين 1250ـ1517م، وقد ضموا بين صفوفهم أقواما من الأتراك والشركس وجنسيات أخرى ممن أسروا في الحروب. ألّف الأيوبيون منهم فرقاً عسكريةً خاصة، لكن اسم المماليك الدال على العبودية يتنافى تماما مع طبيعة الدور الحضاري الذي لعبوه في التاريخ.

تقسم حقبة المماليك إلى عهدين؛ المماليك البحرية [الأتراك] والمماليك البرجية [الشراكسة]، ولسنا هنا بصدد استعراض تاريخ المماليك إلا بقدر علاقتهم بفلسطين.

بعد عدة مؤامرات، تولى السلطان سيف الدين قطز، وفي عهده وصل التتار إلى بلاد الشام، فجهز الجيوش إلى عين جالوت في فلسطين عام 1260م، بقيادته وقيادة الظاهر بيبرس، وحقق نصراً حاسماً على التتار حمى المنطقة من دمار شامل.

قتل قطز على يد بيبرس، فاستولى الأخير على السلطة، ويعد بيبرس المؤسس الحقيقي لدولة المماليك، بل هو أعظم قادتها على الإطلاق، فقد جرد عدة حملات على الصليبيين، وقضى على مملكة أنطاكية الصليبية، وساهم ذلك بشكل فعال في القضاء على الوجود الصليبي في الشام ومصر، وقد قام بفتح قيسارية وصفد وهونين وتبنين والرملة وقلعة الشقيف، وهاجم صور وعكا، وإلى جانب ذلك عمر الأسطول ونظم الجيش وحسّن الموانئ وبنى الجوامع وأقام المؤسسات الدينية وجدد الخلافة العباسية في القاهرة.

بعد بيبرس جاء المنصور قلاوون ثم إبنه الأشرف [1290ـ1293م] الذي توج الصراع مع الفرنجة بفتح عكا وانهاء الوجود الصليبي فيها عام 1292م، واسترداد جميع مدن الساحل.

في عهد المماليك البحرية [1250ـ1382م] اكتسبت فلسطين موقعاً خاصاً كونها بلدا ساحليا يقع بين مصر والشام، ولوجود الصليبيين فيها، وقد قسمت إلى ثلاث نيابات هي القدس وغزة وصفد، وكانت غزة عقدة البريد المملوكي بين القاهرة ودمشق والكرك.

أسكن المنصور قلاوون جنوده في أبراج القلعة في القاهرة فعُرفوا بالمماليك البرجية [1382ـ1517م]، واستطاع سيف الدين برقوق القضاء على دولة المماليك الأتراك وأنشأ بذلك دولة المماليك الشراكسة، وقد وضع سياسته على أساس مواجهة المغول والصليبيين، فلم يغير التقسيمات الإدارية القديمة.

خلف المماليك الشراكسة في فلسطين الكثير من المنشآت، مثل مزار سيدي بشير في جسر بنات يعقوب وخان الباشا في صفد ووكالة الفروجية في نابلس والمدرسة الأشرفية في الحرم القدسي وكثير من التكايا والربط والزوايا، كما أنشأ الأمير يونس النوروزي خاناً أصبح فيما بعد مدينة خان يونس الحالية، واحتفظت غزة بأهميتها السابقة، وظهرت في عهدهم أيضاً مؤلفات الفقه والتراجم ومؤلفات ذات طابع موسوعي، ثم سقطت دولة المماليك الشراكسة على يد العثمانيين سنة 1517م في موقعة مرج دابق، وقد كان من أسباب سقوطها تكرر الجفاف والقحط والجراد والمجاعات والأوبئة وهجمات تيمورلنك التتري، أضف إلى كل ذلك اعتماد الأتراك على الأسلحة النارية المخترعة حديثاً حينها.

52ـ الشركس:

شركس أو جركس تعني في الأصل أفراد قبيلة كركت الأديفية القديمة، لكنها عممت لتشمل معظم سكان القفقاس الشمالي.

ويعود وجود الشركس في الشرق العربي إلى عهد الدولة الأيوبية والتركية والشركسية في بلاد الشام ومصر،ً إذ حكموا لمدة 135 سنة ثم انصهروا بين السكان العرب.

بعد الهزائم التي مني بها العثمانيون، قاموا بنقل الشركس من أوروبا إلى بلاد المشرق العربي، وهكذا وصل الشركس إلى فلسطين وسورية والأردن (1878م) ومعظم الشركس في فلسطين جاؤوا عن طريق ميناء حيفا، وقد فتكت بهم الأمراض وهم في البحر، وعندما وصلوا أقاموا في مناطق وزعتها عليهم الحكومة العثمانية، وكانت أحوالهم قاسية، إذ قطنوا منطقة المستنقعات في بيسان وبالقرب من جبولة وقيسارية وقرية لوبيا وخربة كفر كما وعلما، وقاموا بانشاء بعد ذلك قرية الريحانية وقرية كفر كما، واستوطنت مجموعة أخرى خربة شركس وخربة أسطاس في الخليل وقرية صميل، وكان ذلك في عهد السلطان عبد الحميد بن عبد المجيد، وكان عددهم عند قدومهم عام 1878 حوالي 900 نسمة.

تحسنت أحوال الشركس بعد أن غادروا الأراضي السيئة التي قطنوها في البداية، حتى أن قرية الريحانية أصبحت من أهم قرى طبريا، وكانت مدرسة كفر كما من أقدم مدارس المنطقة (1897)، وبلغ عدد الشركس 950 نسمة عام 1945 وانخفض إلى 806 عام 1949، وقد غادرت عشرون أسرة شركسية فلسطين واستقرت في قرية مرج السلطان قرب دمشق بصفة لاجئين.

حاول الإسرائيليون إبعاد الشركس عن العرب وتمييزهم، فقاموا بإقرار تدريس اللغة الشركسية في مدارسهم ولكن الشراكسة رفضوا إلغاء اللغة العربية، ففرضت إسرائيل عليهم التعليم بالشركسية والعبرية، وأحضرت لهم عام 1973 أستاذاً أمريكياً ليعلمهم الكتابة بلغتهم هو (كاتفورد) المتخصص في القفقاسيات.

عام 1969 بلغ عدد الشركس في فلسطين 1745 نسمة، وتجب الإشارة إلى يهود جبال القفقاس الذين يرجعون إلى عهد نبوخذ نصر واستوطنوا بحر الخزر، وقد هاجرت أفواج منهم إلى فلسطين مطلع القرن العشرين، استوطنوا بير يعقوب وأقام بعضهم في القدس وفي الحي القفقاسي في تل أبيب. ورغم أن هذه الطائفة ترتدي زي الشركس وتتكلم لغتهم إلا أنهم يختلفون عن الشركس الأصليين.

53ـ العثمانيون:

ينحدر العثمانيون من قبائل الغز التركمانية. قاموا بإنشاء إمارة حربية شمال الأناضول1237م وتمكنوا بعدها من إزاحة السلاجقة في عهد السلطان عثمان بن أرطغرل (1280-1300م)، و الذي حملت الأسرة اسمه، ثم خلفاؤه من بعده.

أصبح العثمانيون القوة الرائدة في العالم الإسلامي بعد أن استطاع محمد الفاتح (1451-1481م) فتح القسطنطينية سنة 1453م، وبدأ العثمانيون بعدها في التوجه صوب القوى الإسلامية في الشرق منذ مطلع القرن 16م فتمكن السلطان سليم الأول (1512-1520م) من فتح بلاد الشام وفلسطين 1516م، بعد انتصاره في معركة مرج دابق بالشام وقتل السلطان المملوكي قانصوه الغوري وسقطت دولة المماليك مما أدى إلى انتقال زعامة العالم الدينية والسياسية إلى الدولة العثمانية.

عام 1516م احتل العثمانيون مدينة القدس، وكان حكم العثمانيون في فلسطين الأطول على مر العصور حيث امتد إلى 400 سنة. امتازت بداية العهد العثماني بالبناء والتطور في مختلف أنحاء البلاد بما فيها القدس. ولكن بعد فترة زمنية طويلة بدأ تدهور السلطة المركزية، وتم إهمال البلاد. بالنسبة لأسوار البلدة القديمة والتي ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، تم اصلاحها وترميمها طيلة خمس سنوات (1536–1541م) على يد السلطان العثماني "سليمان القانوني".

في نهايات العهد العثماني جرت الكثير من الأحداث على أرض فلسطين خصوصا بعد سيطرة والي مصر محمد علي عليها ومنازعة العثمانيين في ولاية مستقلة تضم فلسطين، أرسل محمد على باشا جيشًا برياً وآخر بحريًا إلى بلاد الشام بقيادة إبراهيم باشا، وسيّر الخليفة العثماني له جيشًا بقيادة رشيد باشا ولكنه هُزم أمام إبراهيم باشا. بعد انتصارات إبراهيم باشا على العثمانيين في الشام اتفقت الدولة العثمانية ومحمد على باشا على توقيع معاهدة "كوتاهية". وفي عهد السلطان عبد الحميد الثاني بدأت تظهر بعض الجمعيات والمؤسسات التي تدعو إلى التعصب القومي ومنها جمعية "تركيا الفتاة" وجمعية "الاتحاد والترقي"، بعضها كان يسيطر عليها اليهود بشكل أو بآخر، وعملت هذه الجمعيات على إسقاط الخلافة الإسلامية والدعوة إلى القومية التركية. وفي هذه الفترة أيضًا كانت الدول الأوربية تشجع الثورة والتمرد على الدولة العثمانية فبدأت الدولة العثمانية تسير خطواتها الأخيرة في طريق الأفول، وبعد الحرب العالمية الأولى تسارعت خطوات التدهور فانتهى التواجد العثماني في فلسطين تماما عام 1921م.

يتبع الجزء الثاني
الطوائف والمذاهب والديانات