بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-04-10

تابع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين 7

تابع: الدول والشعوب والديانات ... في التاريخ الفلسطيني حتى بدايات القرن العشرين 7

الجزء الثاني
الطوائف والمذاهب والديانات

- الأسينيون:

هي فرقة المغتسلين أو الأطهار، وهي فرقة يهودية ظهرت في فلسطين في القرن الثاني ق.م. كان لهذه الجماعة قوانين صارمة تحرم الملكية الفردية ونظام الرق (الذي كان سائداً حينها). كان أفرادها يعيشون خارج المدن عزابا زاهدين. يقيمون في الكهوف قرب البحر الميت ويفرضون على أنفسهم الاغتسال كل صباح في مياه الينابيع. كانوا يفلحون الأرض ويرعون الماشية، ويتشاركون الطعام بطقوس خاصة، وكانوا يرفضون تأدية القسم وتقديم الذبائح وحضور المراسم في الهيكل.

من الواضح أن آراءهم كان لها تأثير كبير في المسيحية، وقد آمنوا بالمسيح على أنه أحد أنبياء إسرائيل المصلحين، لكنهم رفضوا دعوة بولس الرسول وظلوا متمسكين بالعقيدة اليهودية.

عرفوا بعد دمار الهيكل باسم "المسيحيين اليهود أو الأبيونيين".

- المسيحية:

عرفت هذه الديانة بالمسيحية نسبة إلى المسيح عيسى بن مريم الذي بشر بها، ورغم أن هذه الديانة نشأت بكامل تفاصيلها في فلسطين إلا أن تطورها وانتشارها تأثرا بالحضارة الهلينية والحكم الروماني.

الكتاب الذي جاء به المسيح يعرف بالإنجيل أو العهد الجديد لتمييزه عن التوراة أو العهد القديم، والإنجيل في اليونانية تعني البشارة أو الخبر السار، وقد كان هناك عدد كبير من الأناجيل في القرنين الأول والثاني بعد الميلاد، لكن لم يتم الاعتراف من قبل الكنيسة إلا بأربعة أناجيل هي متى ومرقص ولوقا يوحنا.

وقد كتبت هذه الأناجيل بين أعوام 50-90م باللغة اليونانية ماعدا أنجيل متى الذي كتب بالآرامية لكن نسخته الأصلية فقدت، ويستخلص من الأناجيل أن يسوع ولد حوالي سنة 4ق.م في بيت لحم، وانتقلت أسرته إلى الناصرة حيث عاش مع والدته وإخوته في بيت يوسف النجار لذا فقد عرف باسم يسوع الناصري واشتغل بالتجارة وكان يتردد على المجمع الديني ويختلط بفئات الشعب، وتتحدث المصادر التاريخية عن علاقته بيوحنا المعمدان الذي كان قريبا له من ناحية الأم وقد قام يوحنا بتعميد المسيح في نهر الأردن عندما بلغ الثلاثين، ويوحنا المعمدان هو يحيى بن زكريا المذكور في القرآن وقد كان يعمّد الناس ويدعوهم إلى التمسك بالأخلاق ويبشر بظهور المسيح.

مر الملك هيرودوس أنتيباس بسجن يوحنا ثم قتله، وعند ذلك أخذ يسوع يجوب الجليل والسامرة معلنا إنجيل التوبة، وبرزت في تلك الحقبة عدة فرق يهودية منها الصدوقيون والفريسرن والأسينيون وفرقة الزيلوت وكانت جميع هذه الفرق ضد سيطرة الرومان، وقاموا بعدة ثورات فاشلة، ولما لم يتمكنوا من الخلاص بالسلاح قاموا باللجؤ للتنبؤات في انتظار المسيح الذي تحدثت عنه الكتب المقدسة لديهم.

أنكر المسيح أنه من نسل داوود أو أنه جاء ليعيد الملك إلى بني إسرائيل، ولم يؤيد الثورة على حكم الرومان وقال مقولته الشهيرة" أعطوا مالله لله وما لقيصر لقيصر، ولم يتمسك بالشكل بل سعي إلى الجوهر فكان يقول مثلا عن العمل يوم السبت: إنما جعل السبت من أجل الإنسان ولم يجعل الإنسان من أجل السبت.

كان يعطف على المساكين والفقراء خصوصا واعتبرت تعاليمه ثورة عميقة في المبادئ الأخلاقية، وكثر أتباعه لكنهم أنفضوا عنه حين رفض أن يتوج ملكا أرضيا، وأخذت الفرق اليهودية بمحاربته، فقبض عليه مجلس السنهدرين اليهودي وحكم عليه بالإعدام في الحال، وصادق بيلاطس البنطي على الإعدام وهو متردد، فصلب المسيح وقتل، وآمن أتباعه بقيامه بعد الموت وعرفوا باسم الناصرين أو النصارى.

تحت ضغط السنهدرين، هرب اليهود الذين آمنوا بعيسى من أورشليم إلى السامرة وقيسارية وأنطاكية وعملوا فيها على إنشاء جماعات مسيحية عرفت كل منها باسم "اكليزا" تقابله كلمة كنيسة وتعني المجمع معربة عن الآرامية.

حكم على بطرس وبولس بالإعدام، وبعد مئة عام على موت بولس، ظهرت تأثيراته على المسيحية وتطورها، وقيل أنه فصل المسيحية عن اليهودية، فخرجت المسيحية عن حدود فلسطين وانتشرت في أنحاء الإمبراطورية الرومانية، وعندما أقدم الإمبراطور قسطنطين على اعتناق المسيحية عام 320م تقريبا، عقد المجمع المسكوني عام 325م ، وجعل المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية الرومانية.

- الحواريون:

هم رسل المسيح "الاثنا عشر"، أولهم بطرس وآخرهم يهوذا الإسخريوطي الذي سلم المسيح لأعدائه، والحواريون هم "سمعان (بطرس)، أندراوس، يعقوب بن زبدي، يوحنا فيلبس، برتلماس، توما، متي العشار، يعقوب بن حلفى، تداوس، سمعان الغيور، يهوذا الاسخريوطي.

كانوا جميعهم من بيئة فقيرة، صحبوا المسيح فأنشأهم ليبشروا ويتكلموا باسمه، وقصر عليهم تأسيس الكنيسة وإقامة الأساقفة عليها، وأمرهم بدعوة الأمم إلى التوبة وغفران الخطايا، وأن يواصلوا عمله على الأرض.

بعد حادثة الصلب، غادر الرسل القدس وانتشروا في العالم كممثلين للمسيح، وتذكر المصادر أن جميعهم سفكوا دماءهم في سبيل الشهادة.

- السامريون:

جماعة من اليهود اشتق أسمهم من السامرة عاصمة إسرائيل القديمة "شمال شكيم" نابلس. وهم ما تبقى من المملكة القديمة والذين لم يرحلهم الآشوريون عام 721ق.م، وحين عاد اليهود من السبي البابلي رفضوا اشراك السامريين في إعادة بناء الهيكل لأنهم تزاوجوا مع المستوطنين الذين جاء بهم الآشوريون، فقام السامريون بإنشاء هيكلهم الخاص على قاعدة جبل جرزيم "الطور".

هناك هوّة عميقة تفصل السامريين عن اليهود، فهم لا يؤمنون إلا بأسفار موسى الخمسة ولا يعترفون بالأنبياء اليهود ولا بالكتب السماوية الأخرى ويعتبرونها من صنع البشر. وقد سنّ اليهود قوانين تحرم الاختلاط بالسامريين أو الزواج منهم. وتعد طائفتهم الآن من أصغر الطوائف في العالم يسكن أكثرهم في نابلس ومستعمرة حولون، يستعملون العبرية في صلواتهم، لكن لغة الحديث فيما بينهم هي العربية، وفي حوزتهم ترجمة عربية للتوراة تعود إلى القرن 11 ميلادي.

وبحكم تكوينهم الديني فهم ليسوا صهاينة، فلا يعترفون بقدسية جبل صهيون فجبلهم المقدس هو جبل الطور (جرزيم). كما لا يؤمنون بداوود وسليمان، ويؤمنون بعودة المسيح المخلص، ولكن إلى جبل جرزيم لا إلى جبل صهيون.

- الفريسيون:

الفريسيون بالأرامية تعني "المنعزلون" وقد أطلقت على فئة من اليهود اشتركت في ثورة المكابيين وانتسب إليها العلماء والكتبة وجمهرة الشعب، وامتلكت أغلب مقاعد مجلس "السنهدرين، وكان الفريسيون يخالفون الصدوقيين، فهم يقبلون التقاليد المتوارثة عن السلف إضافة إلى تعاليم وأسفار موسى، وكانوا يؤمنون بالملائكة والروح والقيامة خلافاً للصدوقيين لكنهم كانوا يتمسكون بالمظهر دون الجوهر، وقد وقفوا بشدة ضد دعوة المسيح الذي وصفهم بأنهم "مرشدون عميان".

- الصدوقيون:

فرقة يهودية تنسب إلى صادوق الكاهن الأعظم زمن الملك سليمان، وقد ظهرت في عهد المكابيين وكانت تضم كبار الكهنة في القدس وبعض الكتبة اليهود الذين مالوا إلى مسالمة الرومان، ورغم ضعف تأثيرهم في جماهير الشعب، إلا أنهم ألفوا كتلة قوية في مجلس "السنهدريم" أعلى سلطة دينية وسياسية عند اليهود (20 عضواً من أصل 70).

دينياً، كان الصدوقيون محافظين، يرفضون السنن الشفوية وكل ما أضيف إلى أسفار موسى الخمسة، وينكرون الأنبياء ولا يؤمنون بالبعث، وكانوا حريصين على امتيازاتهم الأرستقراطية. خشي الصدوقيون تجمع الشعب حول المسيح، فكانوا في طليعة المسؤولين عن محاكمته.

- الناموسيون:

يطلق على شريعة موسى الطقسية والأدبية "الناموس" ويطلق لقب الناموسيين على مفسري الناموس، وهم كتبة نظموا أنفسهم وتوارثوا المهنة. وفي عهد المسيح كان لهم مقاماً كبيراً، والمعلم منهم هو "الحبر" أو "الرب".

اعتاد الناموسيون خلق مناقشات سفسطائية لا طائل منها، لكنهم كانوا أصحاب القول الفصل في مسائل الزواج والطلاق والصيام والصلاة وحرمة السبت وما إلى ذلك، وقد تعددت مدارسهم بين مدرسة هليل المتسامحة إلى مدرسة شماي المتشددة، توعدهم المسيح بالويلات لتمسكهم بحرفية الشريعة لا بروحها.

- الأبيونيون:

ظهرت معظم ملامح التشريع الأبيوني في مخطوطات البحر الميت، وقد تأسست الطائفة الأبيونية عام 70م بعد خراب الهيكل، وهي طائفة من دراويش اليهود اعتنقت المسيحية وبالغت في التفسير اليهودي لها، واعتبروا بولس رسولاً زائفاً حين جعل المسيحية رسالة عالمية، وهي في رأيهم يجب أن تكون لليهود فقط.

مؤسس هذه الطائفة هو أبيون، وعثر على أول ذكر لهم عام 185م، وقد وصفوا يسوع في القرنين الثالث والرابع الميلاديين بأنه ابن الإنسان وأنه نبي حقيقي، ورفضوا الأضحيات والمعبد اليهودي.

ذكر العالم الإنجليزي تيتشر في دراسته عن مخطوطات البحر الميت أنها كانت لطائفة معروفة باسم الأبونيين، وحدث فعلاً أن طائفة مسيحية يهودية هجرت بيت المقدس إلى جرش وهجرت معابد اليهود، ثم انتهى أمرها دون تأثير لا في تاريخ اليهودية ولا المسيحية.

- اليعقوبية:

ترجع إلى نشأة المسيحية في القرن الأول الميلادي، ورعاياها منتشرون في سوريا وفلسطين ولبنان ومصر والعراق والهند، أما التسمية فجاءت في القرن الخامس الميلادي نسبة إلى الأسقف يعقوب البرادعي الذي أرسلته تيودورا زوجة الإمبراطور إلى الحارث بن جبلة ليعلم قومه الدين، ويعتقد العيقوبيون أن في المسيح طبيعة واحدة إلهية.

يرجع وجود هذه الكنيسة في فلسطين إلى ما قبل القرن الخامس، فالفلسطينيون هم أول شعب تنصر، وكان للكنيسة أبرشية في غزة وأخرى في طبريا، وفي عكا وكان لهما عدة أديرة وكنائس في القدس وأريحا وغزة ووادي الأردن.

مقر هذه الكنيسة في القدس ولها كنائس في بيت لحم ووادي الأردن ودير في القدس، ويقيم النائب البطريركي في دير القديس مرقس الشهير بمكتبته التي أنشئت عام 1718م وتحوي مخططات وإيقونات ناد.

- الجليليون:

هم سكان الجليل شمال فلسطين، تحولوا إلى الديانة اليهودية في القرن الثاني الميلادي، وأصبحوا من أشد اليهود تعصباً وعنفاً، وقعوا تحت تأثير يهودا الجليلي الذي تلخصت دعوته في أن ليس لليهود ملك غير الإله يهوه، ونجحت دعوته بينهم فأباحوا كل تضحية في سبيل نشر الدعوة، فكانوا يحتملون التعذيب والموت بسبب مناوأتهم للحكم، والتف الناس حولهم لسوء أحوال البلاد الاقتصادية والضرائب التي فرضها الرومان.

المؤرخ اليهودي يوسيفوس انتقد يهودا لأن حركته أوقعت اليهود في حرب مع الدولة الرومانية أصيبوا فيها بخسائر فادحة. ورغم نجاح الرومان في حروبهم مع الجليليين، فإن حركتهم كان لها تأثير واضح في التاريخ اليهودي.

- الأريوسية:

مذهب ديني مسيحي، أنشأه الكاهن المصري أريوس (256-336م)، وقد تلخص في أن البحث في المسيحية يجب أن يتأسس على فكرة الثالوث المقدس الأب والابن والروح القدس، وهو بذلك قد خالف تعاليم الكنيسة فيما يختص بشخصية المسيح.

حرم من كينسته فآواه يوسيبيوس رئيس أساقفة قيسارية وساعده فأصبح له مؤيدون في فلسطين وخارجها، فغدت فلسطين قلعة للأريوسية، وقد تركز بسببها الخلاف بين الغرب والشرق حتى أن الإمبراطور تدخل شخصياً في الأمر، فقد تبنى كونستانسيوس الأريوسية وفرضها على الأساقفة ونفي كل من رفضها، لكن موته عام 356م جعل الأمر يتم لخصوم الأريوسية، لذا فإن الأريوسية انتشرت فقط لمدة بين 325م و381م ثم تراجعت لتنتشر بين أقوام البرابرة وهي الشعوب التي بقيت خارج الحضارة اليونانية.

- النسطورية:

نشأت في القرن 5م على يد نسطورس، وتقول بوجود شخصيتين في المسيح إلهية وإنسانية وقد أتاح هذا المبدأ لأسقف القدس يوفنالس تحقيق استقلال كنيسته عن أنطاكية فنقل الرئاسة من قيسارية إلى القدس.

- المونوفوزية:

تعني الطبيعة الواحدة، أحدث هذا المبدأ رئيس رهبان كنيسة في القسطنطينية هو أوطيخا في القرن 5م وذهب فيه إلى أن المسيح فيه طبيعة واحدة هي الإلهية، وانتشر المبدأ في فلسطين وصار أتباعه يعتلون الكرسي البطريركي في القدس.

- المونولوتية:

باليونانية تعني الإرادة الواحدة، وقد أطلقت على من قالوا بوجود إرادة واحدة في المسيح هي الإرادة الإلهية، وقد نشأت المونولوتية في القرن السابع الميلادي 615م على يد البطرك سرجيوس، وقد قال بأن في المسيح طبيعتين إلهية وإنسانية ناشئين عن إرادة واحدة هي الإرادة الإلهية وقد أعجب هرقل بهذا المبدأ فأمر بنشره.

ليست هناك تعليقات: