بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-04-11

المقدسات والآثار المسيحية في القدس. - 2 -

تابع: المقدسات والآثار المسيحية في القدس. - 2 -

11 - دير السريان
وهو على بعد 20 متراَ شمال شرقي كنيسة القديس توما وفيه يقيم أسقف السريان وكان هذا المكان المعروف قديماً بمنزل مار مرقس الرسول في حوزة الأقباط الأرثوذكس ثم استولى عليه السريان أثناء رئاستهم الدينية عليهم وسبب شهرة هذا المكان أن القديس بطرس الرسول ذهب إلى المكان بعد أن أنقذه الملاك من السجن (أعمال الرسل 12:13) وكنيسة الدير الحالية ترجع (إلى القرن 12م) وعلى هيكلها صورة قديمة جداَ للعذراء مريم قيل إنها من رسم القديس لوقا الإنجيلي وهناك أيضاً حوض معمودية رخامي قيل إن العذراء مريم تعمدت فيه.

12 - مقدسات جماعة الروم الأرثوذكس

كان لهذه الجماعة دور كبير في تاريخ القدس وقد اشتهر من بينهم بطاركة ارتبطوا بحوادث مهمة في تاريخ المدينة ومنهم البطريرك يوفينا ليوس بعيد ميلاد المسيح الذي يحتفل به النصارى إلى اليوم في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر ومنهم أيضاَ البطريرك صفرونيوس الأول الذي عمل بطريركاً لأورشليم حينما دخلها الخليفة عمر بن الخطاب رضي لله عنه وهو الذي وقع شروط تسليم القدس للمسلمين وهو من أصل عربي وإن كان اسمه (الذي يعني الفيف) يوناني ولهذه الجماعة عدة مقدسات بالمدينة أشرنا من قبل إلى دير أبينا إبراهيم ودير ماريوحنا المعمدان وإضافة إليهما.
• دير مار سابا: وقد أقامه قديس يدعى سابا حوالي عام 484م، وقد أضيفت إليه بعض المنشآت إبان حكم الإمبراطور البيزنطي جستنيان (527-565م).
• دير العذراء: أقيم أيام البطريرك إلياس الأول (إيليا) عام 494م، ويقع هذا الدير إلى الجنوب من كنيسة القيامة.
• الدير الكبير: ويعرف أيضاً الأول بدير قسطنطين وهو أيضاً من منشآت البطريرك إلياس الأول وهو يضم ثلاث كنائس ويقع في حارة النصارى.
• دير المصطبة يعتقد أن مشيده هو الإمبراطور قسطنيطين حوالي عام 330م، وإن كان هناك من يرى أنه شيد في عهد الإمبراطور يوستينانوس الذي حكم في النصف الأول من القرن السادس الميلادي ويقع الدير غربي مدينة القدس.
• دير البنات بناه البطريرك إلياس الأول وهو على مقربة من خان الأقباط وبه كنيستان.
• دير إلياس أقامه الإمبراطور هرقل عام 610م، على الطريق بين القدس وبيت لحم وقد خرب الفرس هذا الدير عند احتلالهم للقدس في عام 614م، وقد جدد غير مرة إذ جدده الصليبيون عام 1165م، وتم تعميره في العصر العثماني حوالي عام 1678م،.
• دير الجليل ويقع فوق جبل الطور وبه كنيسة قديمة يعرفها الروم الأرثوذكس باسم غاليليا (إليليا).
• دير القطمون وهو في حي يحمل نفس الاسم غربي القدس.

13 - مقدسات الإرساليات الكاثوليكية وبطاركة اللاتين

أ- الفرنسيسكان Franciscan ويسميهم أهل القدس برهبان أبي حبا ولهم أمكنة مقدسة خاصة بهم أهمها:
• دير المخلص ويعرف أيضاً بدير اللاتين وهو يقع في الناحية الشمالية الغربية من حارة النصارى.
• الكازانوفا وهي كنيسة تقع بين الباب الجديد ودير الإفرنج.
ب- الدومنيكون Dominican، وقد جاءوا إلى القدس عام 1882م، ولهم فيها دير وكاتدرائية.

14 - مقدسات الأحباش

وفد الأحباش على القدس منذ دخول المسيحية إلى الحبشة في القرن الرابع الميلادي ولم يبق لهم سوى دير الحبش وهو يلتصق بكنيسة القيامة فوق مغارة الصليب وكنيسة الحبش وتقع خارج أسوار المدينة القديمة.

15 - طريق الآلام

وهو من أهم المزارات الدينية المسيحية حيث اشتهر بأنه الطريق الذي سار فيه السيد المسيح حاملاً الصليب من قصر الحاكم الروماني بيلاطس حتى موقع الجلجثة أي عبر القدس من الشرق إلى الغرب وينقسم طريق الآلام إلى 14مرحلة هي:
• المرحلة الأولى :وهي تبدأ عند قصر بيلاطس حاكم القدس أيام القبض على المسيح (33م) ويعتقد أن القصر المذكور كان إلى الشمال الغربي من هيكل سليمان (الحرم القدسي) فيما يعرف بحصن أنطونيا وكان للقصر فناءان كانت محكمة المسيح في أحدهما وهو الداخلي ولما كان اليهود قد امتنعوا عن الدخول لئلا يتدنسوا حسب اعتقادهم قبل عيد الفصح ولذا كان بيلاطس يكلم اليهود من الفناء السفلي الخارجي.
• المرحلة الثانية : وهي تبدأ في معبد التكليل (القرن 12م) وهو عبارة عن بناء مربع المساحة طول ضلعه ثمانية أمتار وقد غطي بقبة وقد شيد هذا المعبد تخليداَ لذكرى وضع إكليل الشوك المضفر على رأس المسيح إمعاناً في تعذيبه.
• المرحلة الثالثة : وهي عند كنيسة أجيا صوفيا التي هدمها الفرس في عام 614م، وقد أعيد تشيدها خلال فترة الاحتلال الصليبي (القرن 12م).
• المرحلة الرابعة: وأهم معالمها كنيسة الجلد (حبس المسيح) وكنيسة الحكم بالموت وهما داخل دير للفرنسيسكان والكنيسة الأخيرة من الكنائس التي أمرت الإمبراطورة هيلانة بتشييدها بالقدس وهي تحتل مساحة مربعة طول ضلعها 10م، وقد غطيت بقبة محمولة على أربعة أعمدة رخامية وعلى مقربة منها كنيسة حبس المسيح وكان المسلمون قد استولوا عليها في عهد المهدي العباسي لكن هارون الرشيد أعادها للنصارى وبعد تخريب الكنيستان في حصار صلاح الدين لبيت المقدس أعيد تشييدهما بعد ذلك ثم استولى عليهما الرهبان الفرنسيسكان سنة 1618م، وأعادوا تجديدها في عام 1838م،.
• المرحلة الخامسة : يقع عند عقد حجري قديم يعرف بقوس هوذا الرجل ويرتكز هذا العقد على حجرين وقف المسيح على أحدهما ووقف بيلاطس على الثاني وقال مشيراً إلى المسيح باللاتينيةecc homo أي هوذا الرجل الرجل وقد عرف العقد بهذا الاسم في القرن العاشر الهجري (16م) وتقع تحته كنيسة بنفس الاسم خارجها دير للراهبات به جزء من بركة الماء التي أقامها هيرود الكبير وجعل فوقها قناطر حجرية تقسمها.
• المرحلة السادسة : وهي التي يعتقد أن المسيح سقط عندها من التعب والإعياء وهنا اقتربت مريم العذراء منه وقام سمعان اليهودي القيريني Cyrenian بحمل الصليب عنه بعد سقوطه حسب أوامر الجنود الرومان وفي هذه المرحلة عمود قديم مكسور بجوار كنيسة حديثة للأرمن الكاثوليك وقد كشف مؤخراَ عن طريق قديم كان مفروشاً بالفسيفساء.
• المرحلة السابعة : وقد شيد الفرنسيسكان كنيسة حديثة عندها أطلقوا عليها اسم اليهودي الليبي الذي حمل الصليب عن المسيح وهو سمعان القيريني.
• المرحلة الثامنة : وتدل على هذه المرحلة قطعة من عمود رخامي في حائط ويقال إن سيدة تسمى فيرونيكا (أي المحبة)خرجت من دارها ومسحت وجه السيد المسيح عليه السلام فانطبعت صورة وجهه عليه كهدية منه جزاء لعملها النبيل وقد جعل الروم الكاثوليك تحت عقود مطمورة في هذه البقعة هيكلا كما بنوا فوقها هيكلا آخر باسم القديسة فيرونيكا.
• المرحلة التاسعة: وهي على مقربة من السور الغربي القديم للقدس وكان به باب سماه المسيحيون فيما بعد باب القضاء لأن بيلاطس علق على أحد أعمدتهم حكم الموت على المسيح وفي الزاوية الغربية من الطريق هيكل صغير يصعد منه إلى كنيسة أكبر وفي الطريق قناة عميقة محفورة في الصخر يقوم عليها عمود رخامي من قاعدته في حائط روماني قديم.
• المرحلة العاشرة : بعد عبور باب العمود (القضاء) يوجد منزل للبروتستانت الألمان ثم مكان خال كان أيام المسيح خارج السور الغربي وعند حائط الشمال نقش بارز لصليب يشير إلى هذه المرحلة.
• المرحلة الحادية عشرة : وهي تبدأ بنزول سلم عريض ملتوٍ من 28درجة يقع وراء منزل مرتفع للرهبان الروس وبعد أقل من مائة متر يصل الزائر إلى باب المطرانية القبطية (دير مار أنطونيوس) حيث يوجد عمود في الجدار يدل على هذه المرحلة التي سقط عندها المسيح للمرة الثالثة وإلى شمال المطرانية القبطية يتم النزول على بعض درجات إلى سطح تنفذ في وسطه كنيسة القديسة هيلانة (مغارة الصليب) وهو أسفل كنيسة قسطنطين (المرتيريون).
• المراحل الثلاث الأخيرة : وهي تبدأ من درب العمود إلى كنيسة القيامة.

16 - كنيسة العذراء(البتول)

تقع هذه الكنيسة خارج السور الجنوبي للقدس على بعد عشرين متراًَ تقريباً من باب النبي داود وهي كنيسة حديثة العهد نسبياًَ إذ شيدت في بداية القرن العشرين على أيدي الرهبان البندكت الألمان وكان الإمبراطور الألماني غليوم الثاني قد اشترى هذا المكان ووهبه للرهبان الكاثوليك الألمان الذين أسسوا ديراَ وكنيسة نياحة البتول والحقيقة أن المكان المحيط بالكنيسة له أهمية خاصة لدى المسيحين فعلى مقربة منها بيت مار مرقس أو علية صهيون وهو المكان الذي عاشت فيه العذراء مريم العذراء مريم في بيت يوحنا الرسول بناء على طلب السيد المسيح حتى وفاتها ومن هذا المكان انطلقت جنازة البتول التي حدثت بها معجزة مشهورة مفادها أن بعض اليهود حاول دفع تابوتها من أيدي المشيعين فيبست يده في التو وعميت عيناه وحدث نفس الشيء لبعض ممن كانوا يشاركونه في هذا الإثم ولكنهم ندموا على عملهم فصلى تلاميذ المسيح من أجلهم فشفاهم الله وآمنوا بالمسيحية ويبدوا أن البيزنطيين كانوا قد شيدوا مكان هذه المعجزة قبة على أربعة أعمدة من الرخام وبأعلاها صليب من النحاس ولكنها هدمت أثناء غزو الفرس للقدس في عام 614م،.

17 - علية صهيون (منزل مار مرقس البشير)

على مقربة من كنيسة نياح البتول تقع هذه العلية التي يرجح أنها كانت فوق سطح منزل القديس الرسول وقد ارتبطت بالعديد من الحوادث المهمة في تاريخ المسيحية ففيها أعد السيد المسيح الفصح والعشاء الرباني للحواريين بعد أن غسل أرجلهم جميعاً (ليعلمهم التواضع) وصارت هذه العلية ملتقى المؤمنين الأوائل بعد صلب السيد المسيح للرسل مساء أحد القيامة وعاد للظهور في الأحد التالي وطبقا للروايات التاريخية فقد كان هذا الموضع كنيسة قديمة شيدتها الإمبراطورة هيلانة في أوائل القرن الرابع الميلادي باسم الملك داود لأن الاعتقاد السائد وقتها كان يشير إلى وجود قبره في هذا المكان وقد عرفت باسم كنيسة الرسول فيما بعد وفي منتصف القرن الرابع الميلادي أقيمت كنيسة جديدة ذات أعمدة رخامية وعقود وزين سقفها الخشبي بمنظر إكليل ينحدر على رأس المسيح وقد دمرت هذه الكنيسة في عام 614م، على يد الفرس ثم رممها هرقل بعد استرداد البيزنطيين للقدس ثم تهدمت سنة 1102م، وظلت الكنسية في أيدي رهبان القديس أوغسطنيوس حتى استعادة صلاح الدين للقدس فألت إلى رهبان السريان وبعد معاهدة عقدها الفرنجة مع الملك الكامل الأيوبي في سنة 1228م، أسرع الفرنسيسكان لاغتنام الفرصة واستولوا على الكنيسة مع مواقع أخرى وجعلوها تحت سيطرتهم بأمر البابا جريجوري التاسع وعادوا في عهد السلطان المملوكي بيبرس الجاشنكير ليحصلوا على أمر سلطاني بتثبيت سيطرتهم على الكنيسة في عام 1309م، وبعد أن استقر السلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون في حكم مصر والشام وفد عليه من القاهرة ملك صقلية روبرت دانجوا وزوجته وعرضوا عليه دفع 22ألف دوكة ذهبية ثمناً للأراضي المحيطة بالعلية وقد وهب الملكان هذه الأرض لكرسي روما شريطة أن تترك في أيدي الرهبان الإخوة الأصاغر ووافق بابا روما على ذلك وجدد هؤلاء الرهبان بناء العلية على ما هي عليه الآن.

18 - كنيسة حبس المسيح

تقع هذه الكنيسة على مقربة من باب النبي داود(باب الخليل) في سور القدس الجنوبي وهي داخل دير للأرمن وقد شيدت في موضع دار قيافا كبير الكهنة حيث اقتيد المسيح لسؤاله أولاً قبل تقديمه للمجمع اليهودي للمحاكمة وقد شيد هذه الكنيسة على أطلال أخرى قديمة كانت تعرف باسم القديس بطرس حيث بنوا هيكلا صغيرا وبعد اجتياز فناءه باتجاه الشمال نجد هيكلا باسم حبس المسيح عند قصر بيطلاس ولكن بدون قبة.

19 - بركة السلطان وجبل المؤامرة

تقع هذه البركة جنوبي باب الخليل (باب داود) وهي مجرد حوض طبيعي يتجمع فيه ماء الأمطار طوله 1.8م، ويقل عرضه عن المتر الواحد بينما يصل عمقه إلى عشرة أمتار وقد أقيم بسد الوادي من طرفيه بجدران أحدهما لحجز الأتربة والثاني لتجميع مياه السيول وبجوار البركة يقع جبل المؤامرة وهو تل موازي لوادي يهو شافاط وقد عرف باسم جبل المؤامرة خلال الاحتلال الصليبي للقدس نظراً لقربه من دار قيافا الذي اجتمع فيه رؤساء اليهود للتآمر على السيد المسيح وللقبض عليه وقتله ويوجد على هذا التل دير يعرف باسم لوقا البشير ويسمي المسلمون جبل المؤامرة باسم جبل القبور لوجود مغارات صغيرة فيه وكتابات يونانية جنائزية تشير إلى قيام الرهبان بدفن موتاهم في هذه البقعة.

20 - كنيسة القديس أنوفريوس

كانت في الأصل كنيسة بيزنطية قديمة ثم استولى الروم الكاثوليك عليها في عام 1874م، وجعلوها كنيسة باسم القديس أنفريوس وإلى غربي الكنيسة يوجد حقل الفخاري وهي قطعة أرض اشتراها رؤساء اليهود بثلاثين قطعة من الفضة بعد أن رد يهوذا الأسخربوطي هذا المبلغ إليهم حين ندم على تسليم المسيح لهم وقد استخدم هذا الحقل كمقبرة للغرباء أولاً وسمى بحقل الدم وإبان الاحتلال الصليبي للقدس أعطى الحقل لرهبان مستشفى مار يوحنا (الاسبتارية) فجعلوا مقبرة أيضاً.

21 - كنيسة العذراء

بعد الكنيسة السابقة باتجاه الجنوب توجد كنيسة العذراء وقد عرفت بهذا الاسم لقربها من بئر مياه قديم استراحت عنده السيدة العذراء وهي في طريقها لبيت لحم.

22 - مكان استشهاد القديس اسطفانوس

يقع هذا المكان في وادي قدرون حيث يعتقد أن اليهود رجموا الشهيد اسطفانوس (أول شهداء المسيحية) في قاع هذا الوادي وقد نقل جثمان هذا القديس في عام 560م، إلى الكنيسة التي تحمل اسمه على مقربة من باب دمشق في شمال غربي القدس ثم نقل بعد ذلك للقسطنطينية.

23 - قبور إبشالوم ويهوشا فاط وزكريا النبي

تقع هذه القبور أيضاً في وادي قدرون وأقدمها ينسب إلى إيشالوم ابن داود النبي وكان قد تمرد على سلطة أبيه وقتل ويسمى قبره بطنطور فرعون وهو مكعب الشكل هرمي وكان اليهود يرمونه بالحجارة قديما احتجاجا على عقوقه لوالده وهناك أيضا قبر سد اليهود بابه في أواخر القرن التاسع عشر وقبر يهوشافاط ويجاوره من ناحية الجنوب قبر القديس يعقوب ويسميه أهل فلسطين بديوان فرعون وحوله كتابات آرامية تشير إلى أن المدفون به شخص يسميه أهل فلسطين بديوان فرعون وحوله كتابات آرامية تشير إلى أن المدفون به شخص يسمى عازر ويرجع هذا القبر إلى عهد هيرود الكبير ومن المعروف أن يعقوب الرسول قد اختفى عند هذا القبر بعد صلب السيد المسيح وظل في هذا المكان حتى ظهر له المسيح بعد قيامته وآخر قبور الوادي قبر زكريا بينما يسميه المسلمون قبر زوجة فرعون نظراَ لوجود كتابات هيرووغليفية على أفريزه.

24 - قرية كفر سلوام

على مقربة من قبر زكريا النبي تقع هذه القرية وأمامها قبور قديمة منحوتة في الصخر وكان النساك والمتوحدون المسيحيون يستخدمونها كصوامع (قلايات) للعبادة من القرن الرابع إلى السابع الميلاديين وتشتهر عين سلوام أو بركة سلوام بارتباطها بمعجزة إبصار أحد العميان على يد السيد المسيح إذ بعد أن طلى عينيه بالطين أمره المسيح بالاغتسال في هذه البركة ليعود بصيراًَ.

25 - المقدسات المسيحية في الجشمانية

عبر وادي قدرون من ناحية الشرق تقع إحدى المناطق المقدسة المزارات الدينية المسيحية والمعروفة باسم الجشمانية أي معصرة الزيت ويبدو من أوصاف القديسين أنها كانت ضيعة أو بستانا يجري في ملكية أحد تلاميذ السيد المسيح وكان المسيح عليه السلام يتردد على هذا المكان ويقضي الليالي الطويلة في الصلاة وقد دفنت السيدة العذراء مريم فيها وألقى القبض على السيد المسيح ليلاً في الجشمانية وأهم مزاراتها.
• كنيسة انتقال العذراء للسماء : تقع هذه الكنيسة القديمة تحت الأرض بينما ساحتها المربعة فوقها وقد شيدت بها كنيسة صليبية في القرن 12م، وتوجد درجات سلم تهبط إلى قبر البتول مريم وحسب روايات تاريخية قديمة فقد تم نقل التابوت واللفائف المقدسة التي كانت في الجشمانية إلى كنيسة مريم البلوكرنية بالقسطنطينية بناء على طلب الإمبراطور البيزنطي مرقيانوس وزوجته برلشريا في عام 452م، ثم نقلت إلى كنيسة أخرى شيدت خصيصاً لها عرفت باسم تابوت البتول وقد قام الصليبيون بترميم الكنيسة بالجشمانية عام 1010م، وفي عام 1130م، أقيم بجوارها دير للبندكتيين الألمان ولكنه ما لبث أن تهدم وأثناء العصر المملوكي نجح الكاثوليك في الحصول على أمر سلطاني بتبعية الكنيسة لطائفتهم ثم تركها الكاثوليك لفترة من الزمن واحتاجوا لاسترجاعها إلى الحصول على فرمان من السلطان العثماني في سنة 1616م، ولكنهم فقدوا السيطرة عليها عام 1740م، وما لبثوا أن استردوها نهائياَ ليفقدوها نهائيا عام 1757م، وقد شيدت كنيسة قبر العذراء على شكل صليب حيث يقع قبر العذراء مريم في وسط الهيكل الأيمن وهو محفور في الصخر وينخفض بمقدار 12متراًَ، وبجواره هيكل للأرمن وآخر للروم أما الهيكل الذي يقع في غرب القبر فهو ملك للأقباط.
• مغارة الجشمانية : إلى الشمال من كنيسة قبر العذراء توجد هذه المغارة التي ارتبطت بأحداث مهمة في دعوة السيد المسيح ويبلغ طول هذه المغارة 17متراَ وعرضها 9أمتار أما ارتفاعها فيصل إلى5،3م، ومن المعروف أن السيد المسيح كان يصلي في هذه المغارة وكانت على جدرانها تصاوير مازالت بقاياها قائمة وقد فتحت نوافذ لأول مرة بها بأمر من الإمبراطور ثيردسيوس عام 530م، وقد شيد المسيحيون كنيسة في هذا المكان ربما في عهد الإمبراطورة هيلانة وبدءاَ من عام 385م، كان أسقف أورشليم يخرج إلى هذه الكنيسة مع جمهور كبير يوم خميس العهد حيث يقرأ هناك من الأناجيل الفوصول المرتبطة بما حدث للسيد المسيح في هذا المكان وقد تهدمت الكنيسة مرتين وشيدت لآخر مرة في العصر المملوكي (القرن 15م) ومازالت أنقاضها باقية إلى الآن وبداخل المغارة أربعة هياكل وهي في حوزة الرهبان الكاثوليك بمقتضى أمر السلطان الملوكي منذ عام 1392م، ويوجد بها ارتفاع صخري في الشمال يسمى صخرة الرسل وذلك لأن المسيح طلب من الرسل أن يمكثوا هناك ليلة القبض عليه وبجوار هذه الصخرة عمود داخل حائط وهو مكان صلاة السيد المسيح وعلى قمة صخرة الرسل شيد الإمبراطور الروسي إسكندر الثالث كنيسة باسم مريم المجدلية سنة 1888م، سكنها الرهبان الروسي ولها سبع قباب.

26 - مقدسات جبل الزيتون

في الطريق إلى جبل الزيتون شرقاً جملة من المزارات المسيحية أهمها:
• مغارة تنسب من القرن 16م، إلى أرميا النبي حيث كتب مراثيه المشهورة وهي مغارة مستديرة قطرها 35م،
• كنيسة جديدة للألمان الكاثوليك في مواجهة المغارة
• قبر قديم عليه شارة الصليب وقد رسمها أحد النساك بعد أن اتخذه مسكنا له
• دير لرهبان الدومنيكان الفرنسيين وبه مدرستهم اللاهوتية وكنيسة باسم القديس اسطفانوس
• تل المغابن وفي يمينه كنيسة بروتستانتية ثم باباًَ يقود إلى ساحة بها قبور قديمة
أما على قمة جبل الزيتون والمعروف باسم جبل الطور فنجد ثلاث قمم تسمى الشمالية منها باسم جبل الجليل (حاليا كرم الصياد) وعلى هذه القمة يقع بيت
أسقف أريحا للروم وعلى القمة الثانية وعلى بعد 300متر نجد مكان صعود المسيح إلى السماء ولا يبعد هذا المكان سوى 700متر عن الحرم القدسي الشريف ولا يرتفع عنه سوى بمقدار 60متراَ أما القمة الثالثة فبها قبور الأنبياء.

27 - كنيسة الصعود

تشير بعض الروايات التاريخية إلى قيام الإمبراطورة هيلانة بإنشاء كنيسة محل الصعود كما شيدت بناء آخر عرف باسم الزيتونات عندا المغارة التي تنبأ عندها المسيح بخراب أورشليم ومجيئه الثاني وليس لهذين المبنيين أثر واضح الآن ويبدو أنها تعرضت للهدم أثناء القتال بين الصليبين وجيوش صلاح الدين الأيوبي ولم يبق من الكنيسة سوى قبة صغيرة تركها صلاح الدين لأن المسلمين يحترمون مكان الصعود حيث يؤمنون بأن المسيح رفع حيا إلى السماء أما الصخرة التي صعد المسيح منها إلى السماء فيبدو عليها أثر لإحدى قدميه المباركتين وكانت محاطة بسور معدني جعله الرهبان البندكيت الألمان جدار حولها خلال الاحتلال الصليبي للقدس وقد حصل الأقباط على أوامر كتابة بأحقيتهم بالصلاة في الجانب الشرقي من القضاة والحكام المسلمين بالقدس كذلك منحوا إذنا بالصلاة مرتين في السنة وهو أمر مرعي حتى اليوم وتقام بالمكان مذابح مؤقتة للطوائف تقدم عليها الصلاة عشية عيد الصعود في كل عام.

28 - كنيسة ظهور الملاك جبرائيل للعذراء مريم

وهي من الكنائس التي أمرت الإمبراطورة هيلانة أسقف القدس بتشييدها في النصف الأول من القرن الرابع الميلادي وينحدر الطريق نحوها في جنوب غرب قمة الجليل ويذكر التقليد أن الملاك جبرائيل ظهر للعذراء هناك عندما كانت ذاهبة لتصلي في جبل الزيتون فبشرها بأنها ستغادر الحياة الدنيا بعد ثلاثة أيام.

29 - كنيسة الأبانا ودير الكرمليات

إلى الشرق من الكنيسة السابقة يوجد دير لراهبات الكرمل وكانت الأميرة الفرنسية توردوفرن Tourdauverne قد اشترت أرض هذا الدير سنة 1869م، وشيدته على نفقتها الخاصة وسلمته لراهبات الكرمل وبداخل هذا الدير كنيسة تسمى الأبانا الذي في السموات وفي شمال الدير بئر قديمة تدعى مغارة نؤمن وبجوار دير الكرمليات كنيسة بيزنطية قديمة (القرن الرابع الميلادي) لعلها من عمائر الإمبراطورة هيلانة وتقع هذه الكنيسة على مقربة من قرية بيت فاجي حيث التقى السيد المسيح مع مريم وأختها مرثا وعزاهما عن موت أخيهما لعازر ثم ذهب معها لقبرة حيث أقامه من بين الأموات في اليوم الرابع بعد دفنه (يوحنا11) ومن المعروف أن المسيح بدأ ركوبه الأتان في أحد العشانين من هذا المكان منطلقاَ به إلى الهيكل الذي بناه هيرود الكبير داخل مدينة أورشليم.

انتهى

المقدسات والآثار المسيحية في القدس. - 1 -


المقدسات والآثار المسيحية في القدس. - 1 -

منذ انطلاقة دعوة السيد المسيح (عليه لسلام) أصبح للنصارى ارتباط وثيق بالقدس التي شهدت العديد من الحوادث التاريخية المرتبطة بدعوته وإن اقتصر هذا الارتباط طيلة القرون الثلاثة الأولى للميلاد على معانٍ روحية ولم يتصل عمران القدس بالمسيحية إلا بدءاً من منتصف القرن الرابع الميلادي ومن المعروف أن السيد المسيح عليه السلام كان قد تنبأ بخراب القدس والهيكل الذي أعاد هيرود الكبير تشييده إذ قال لليهود بعد أن كذبوه "هو ذا بيتكم يترك لكم خراباً" (متى-24) وزاد على ذلك "الحق أقول لكم لايترك ههنا حجر على حجر إلا ينقض" وقد تحققت هذه النبوءة في عام 70م، عندما رد الرومان على تمرد اليهود بحصار القدس وقام القائد تيطس بتدمير المدينة وحرث موقع الهيكل بعد أن هدمه تماماً ولما جاء الإمبراطور قسطنطين إلى الحكم (274-337م) أصدر مرسوم ميلان الشهير في عام 313 باعتبار المسيحية ديانة خاصة لدى المسيحيين والدولة البيزنطية معاً واتخذ المسيحيون عادة الحج إلى المدينة مثلما كان يفعل اليهود خاصة السيد المسيح كان قد حج إليها منذ صباه في النصف الأول من القرن الأول الميلادي (لوقا 41-50) والحقيقة أن الفضل في إسباغ صبغة عمرانية على علاقة القدس بالمسيحيين يعود إلى أم الإمبراطور قسطنطين الملكة هيلانة التي عرفت فيما بعد بالقديسة هيلانة فقد التقت مع مطران المدينة التي كانت تعرف آنذاك باسم إيليا الذي حدثها عن حالة أورشليم السيئة فقررت زيارتها وغادرت القسطنطينية في عام 326م، ومعها الأموال التي زودها بها الإمبراطور لإعمار أورشليم واستطاعت هيلانة بمساعدة المطران مكاريوس التحقق من الأماكن التي ارتادها السيد المسيح وباشرت بنفسها عملية البحث عن الخشبة التي استخدمت في صلب السيد المسيح حتى وجدتها وقد حرصت على إقامة الكنائس فوق المغارة التي عثر بها في الصليب المقدس وفوق القبر المقدس وأيضاً أعلى تل الجلجثة (الذي يعتقد أنه مكان الصلب في غرب القدس) ومن المعروف أن الإمبراطور الروماني هدريان كان قد أمر بطمس كافة المعالم التي لها صلة بدعوة المسيح وساعد اليهود على إنجاز هذه الأوامر ووضعها موضع التنفيذ حيث قاموا بإهالة التراب عليها وإلقاء القاذورات والقمامة فوقها فأزيلت جميعاً وشيدت محلها المقدسات المسيحية وقد تركت الأم هيلانة أمولاً طائلة لماريكوس لبناء كنائس أخرى في الأماكن المقدسة وقد كثرت الكنائس في المدينة المقدسة في القرن التالي خاصة في أيام الإمبراطور أيودكسا (441-460م) وإضافة إلى الكنائس فقد زود الإمبراطور البيزنطي جستيان (527-565م) المدينة بدارين للضيافة إحداهما للحجاج الأجانب والأخرى للمرضى والفقراء وتجدر الإشارة إلى أن الكنائس المسيحية وخاصة كنسية القيامة كانت قد تعرضت لمحنة شديدة عندما اجتاح الفرس القدس في عام 614م، واستولوا عليها وشرعوا بمساعدة اليهود في تدمير المقدسات المسيحية بل إنهم استولوا على الصليب المقدس وقتلوا بوقيعة اليهود حوالي 90 ألف مسيحي وبعد استرداد هرقل للقدس في عام 629م، عقد الإمبراطور صلحا مع الفرس وانتقم من اليهود وشرع في ترميم الكنائس التي تعرضت للدمار وقد حرص المسلمون منذ افتتاح القدس على حماية المقدسات وكفالة حرية العبادة حسبما جاء في العهدة العمرية وقد سجل أحد البطاركة ذلك قائلاً "إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على جزء كبير من حسنة وأنهم ليسوا بأعداء للنصرانية بل يمتدحون ملتنا ويوقرون كهنتنا"

وعند الغزو الصليبي عرفت باسم هيكل الرب واتخذ جزء من المسجد الأقصى كمسكن لفرسان المعبد وحول قسم آخر إلى كنيسة وعقب نجاح القائد صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس من دنس الاحتلال الأجنبي قام بإزالة هذه الاعتداءات.

ومن الجدير بالذكر أن نظام الامتيازات الأجنبية في العصر العثماني قد أتاح للدول الأوربية تشيد وتجديد بعض الكنائس الخاصة بالطوائف المسيحية المختلفة ويعتبر القرن التاسع عشر الميلادي (13هـ) الحقبة الذهبية في تعمير الكنائس المقدسة المشهورة.

1 - كنيسة القيامة

ينسب بناء الكنيسة الأولى إلى الإمبراطورة هيلانة التي اختارت تل الجلجثة (مكان الصلب ) لإقامتها ومن أجل تحديد هذا الموقع قامت بإغراء أحد اليهود المسنين بالذهب حيث حرص الرومان واليهود على إخفائه وحسب الروايات التاريخية فقد عثرت هيلانة بعد إزالة الردم على ثلاثة صلبان يعود اثنان منهما للشخصين اللذين صلبا مع السيد المسيح أما الأخير فهو صليب المسيح وقد ميزته عندما وضعته على أحد الموتى فقام من فوره حسبما تذكر الروايات التاريخية وقد أمرت الإمبراطورة بهدم تل الجلجثة حتى ساوت ارتفاعه بارتفاع القبر وأقيم حول القبر على دائرة واسعة عشرون عموداَ من الرخام يحيط بها جدار مستدير ينعطف في جهاته الأربعة إلى الهيكلين عن اليمين واليسار وبينهما هيكل ثالث إلى الوراء في مواجهة مدخل الكنيسة وقد غطي ذلك بقبة هائلة وسمي البناء كله باسم كنيسة القيامة ولما تم بناء الكنيسة دعا الإمبراطور قسطنيطن سائر بطاركة الكراسي الرسولية الموجودة آنذاك ومن بينهم الأنبا أثناسيوس الرسولي بابا الإسكندرية لتدشينها في عام 330م، وبعد ذلك شيدت بالقرب من القبر المقدس كنيسة موازية له قسمت بواسطة أعمدة رخامية إلى خمسة أروقة فسيحة وقد عرفت أنذاك باسم كنيسة الآلام (المرتيرون) وكان يفصلها عن البناء المحيط بالمقبرة عدة أبواب وفيما ترك مكان الجلجثة خالياًَ من البناء بعد إحاطته بدرابزين فضي شيد هيكل عليه يصعد إليه بسلالم أما المغارة التي وجد بها الصليب فكان الحجاج ينحدرون إلى كنيستها السفلية من منتصف هيكل القيامة ولكن هذا البناء الذي كان أعظم مباني إيليا وأكثرها قداسة تعرض لتخريب مدمر على أيدي الفرس واليهود في عام 614م ، وبعد استرداد هرقل للمدينة كان رئيس دير ثيودوسيوس الأب موديستو وكان ذلك في عام 817م، وحدث في عام 980م، خلال العصر الفاطمي حيث قام بإعادة تشيد القبة البطريرك يوسف الثاني وفي عام 1010م، أمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله واليه على القدس بهدم كنسية القيامة فهدمت هي والأوقرانيون وكنيسة قسطنطين ثم أجاز للنصارى إعادة البناء بعد سنوات قليلة فأقيمت في ذلك الوقت كنيسة القبر المقدس فقط ثم سمح الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ببناء الكنيسة من جديد فأعاد تشييدها في عام 1048م، الإمبراطور قسطنطين مونو ماخوس constintine Mononachus وتم في هذه المرة بناء كنيسة القبر المقدس والجلجثة ومغارة الصليب وكنيسة العذراء وبعد احتلال الصليبين للقدس قاموا في عام 1114م، بجمع كل معابد القيامة تحت سقف واحد وأضافوا أبنية أخرى إلى الكنيسة لتصبح أعظم الأماكن المقدسة عند النصارى كما قاموا بإنشاء كنيسة جديدة شرقي القبر المقدس عرفت باسم كنيسة نصف الدنيا حيث أشيع وقتها أنها مركز العالم القديم وشيدوا برجاً للأجراس واستغرق ذلك العمل تسع سنوات وقد أورد الإدريسي وصفاً لهذه الأعمال بعد إتمامها بعدة سنوات إذ قال في كتابه "نزهة المشتاق" "إن كنيسة القيامة على مقربة من باب يافا المعروف باسم باب المحراب ويدخل الزائر إلى الكنيسة من بوابة تقع في الطرف الغربي وفي الوسط قبة ولها باب من الناحية الشمالية (باب سانتا ماريا) وإذا ما وصل الزائر إلى داخل الكنيسة يأتي إلى القبر المقدس وله بابان وفوقه قبة زينت بأفخم زينة وأحد هذين البابين في تجاه باب الصليب وفوق هذا الباب يقوم برج الجرس الخاص بالكنيسة"

أما عن القبة الخاصة بالكنيسة فهي تقع على ساحة كبيرة وبداخلها لوحات للرسل وللسيد المسيح والعذراء مريم ويوحنا المعمدان وقد أضيئت المصابيح فوق القبر المقدس ومن بينها ثلاثة مصابيح من الذهب فوق القبر مباشرة وعقب استرداد صلاح الدين لبيت المقدس (1187م) أشار عليه بعض أصحابه بأن يقتطع جانباً من دار القسوس المجاور ويتخذه مسجداً.

سمح صلاح الدين في عام 1192م، لفرسان الحملة الصليبية الثالثة بزيارة القبر المقدس ليطمئنوا على مراعاة المسلمين لمقدسات النصارى وفي عهد صلاح الدين الأيوبي تم تسليم مفاتيح كنيسة القيامة إلى عائلتين مسلمتين هما نسيبة وجودة ومازالت مفاتيحها في أيدي أحفاد العائلتين إلى اليوم على أساس أن المفاتيح بيد آل جودة بينما عملية فتح الأبواب وإغلاقها من واجب آل نسيبة ويرى البعض أن ذلك قد تم بناء على رغبة الروم حيث كان الخلاف على أشده بين الروم الأرثوذكس واللاتين أثناء الاحتلال الصليبي وبينما نجح اللاتين في السيطرة على الكنيسة أعاد صلاح الدين سيطرة الروم الأرثوذكس عليها بعد طرد الصليبين ولم يمنع ذلك الإجراء استمرار الخلاف بين الطوائف المسيحية ومن أمثلة ذلك الخلاف الذي نشب بين اللاتين ولكرج (جورجيا) حول كنيسة الجلجثة في عهد السلطان المملوكي الأشرف قنصوه الغوري في نهاية القرن الخامس عشر وقد أمر قاضي القدس بعد رفع الخلاف إليه بأن تقسم بينهما في خط من الشمال إلى الجنوب وأدى استمرار الخلافات في عهد الخلافة العثمانية إلى تدخل الدولة لتنظيم ملكية القبر المقدس قبل الأخرى يوم سبت النور فرتب هذه المسألة مجلس انعقد في محكمة القدس الشرعية سنة 1542م، وحضره رؤساء الطوائف المسيحية بالمدينة وقد انتهى مجلس القضاء في تحديد طريقة الدخول إلى قبر المسيح ومواعيد الزيارة واتفق الحاضرون على أن يحمل الرؤساء الدينيون الشموع المضاءة بنفس الترتيب عند خروجهم من كنيسة القيامة وخاصة في أعقاب الزلازل العنيفة التي ضربت القدس في العصور الوسطى والحديثة فتم ترميمها في أعوام 1244م و1400م و1719م، وبعد الحريق الذي امتد في عام 1808م، من كنيسة القيامة أعيد بناء بعض أجزاء الكنيسة وأزيلت في هذه التجديدات القبور اللاتينية الكثيرة التي شيدها الصليبيون وعقب الزلزال المدمر الذي ارتجت له عمائر القدس في عام 1834م، قام مهندس يوناني بتشييد دعائم ثقيلة عوضاًَ عن الأعمدة الرخامية الحاملة للقبة وغطى المكان بأكمله ولكن القبة الوسطى تداعت وأعيد تجديدها في سنة 1869م، وزائر كنيسة القيامة اليوم يصل إليها عبر طريق قريب من باب الخليل يعرف باسم حارة النصارى وتنتهي هذه الحارة إلى سوق القيامة وهو مكان فسيح يقف فيه باعة التحف والمسابح والشموع والأيقونات وما إلى ذلك من التذكارات التي تباع للحجاج والزوار ويسبق الكنيسة ميدان فسيح يسمى ساحة القيامة وكان الزوار يقفون فيه منذ عهد السلطان سليمان القانوني لدفع رسم دخول الكنيسة وقد ألغي هذا الرسم الذي استحدثه العثمانيون بأمر إبراهيم باشاَ بن محمد بن علي 1832م، إبان خضوع الشام للحكم المصري وعند المدخل نجد ثلاث درجات بها بقايا أعمدة المدخل القديم ومنها عمود قائم إلى الآن يؤرخ بالقرن الثالث الهجري (9م) ولعله من التجديدات التي أحدثت في عهد المأمون العباسي وبعد ذلك نجد كنيسة مار يعقوب الصغير وكنائس مار يوحنا ومريم المجدلية والأربعين شهيداَ (الثالوث الأقداس) وبداخلها مكان للعماد وقبور لبعض بطاركة الروم الأرثوذكس المسمى دير القديس إبراهيم وقد أخذوه من يد الأحباش والثاني يوصل لجرس المنارة أما الباب الثالث فيؤدي إلى كنيسة الملاك ميخائيل القبطية ثم كنيسة الإفرنج التي يصعد إليها باثنتي عشرة درجة حجرية وكان في هذا الموقع مدخل الجلجثة الذي سده اللاتين عام 1187م، وجعلوه هيكلاً باسم أم الأحزان ويوحنا الحبيب وتحت هذا الهيكل وبنفس حجمه تقريباًَ هيكل القديسة مريم المصرية وفي جنوب كنيسة القيامة نجد باب القيامة الرئيسي والذي كان يواجهه على نفس المحور باب آخر يدخل منه اجتيازاً لباب القيامة الرئيسي ونجد إلى اليسار مكان البوابين المسلمين من آل جودة ونسيبة أما إلى اليمين فتوجد سلالم الجلجثة وفي الوسط حجر أحمر يسمى المغتسل ويعتقد المسيحيون أنه في هذا المكان قام يوسف الرامي ونيقو ديموس اليهوديان بإنزال جسد المسيح من على الصليب ووضعاه على هذا الحجر بعد أن سكبا الطيب والحنوط على جسده ولفاه بأكفان الكتان وأمام المغتسل يوجد القبر المقدس ووراء القبر المقدس من ناحية الغرب هيكل إقامة الأقباط وظلوا يحافظون عليه إلى يومنا هذا رغم المحاولات المتكررة لانتزاعه منهم وعلى القبر رخامة قديمة أشار إلى وجودها أحد الزوار في عام 1112م، وقال أنها كانت مثقوبة بثلاثة ثقوب تمكن الزوار من النظر إلى الصخر وتقبيله وإلى الشمال من القبر المقدس يقوم هيكل القديسة مريم المجدلية وبعده نصعد أربع درجات إلى كنيسة ظهور المسيح للعذراء مريم بعد القيامة وبها مذبحان في أحدهما قطعة صخرية يعتقد أنه من العمود الذي جلد عليه الرومان السيد المسيح ووراء هذه الكنيسة يقع دير الفرنسيسكان ثم منحنى البتول وهو ممر مظلم قائم على سبعة عقود ينتهي إلى هيكل حبس المسيح وهو يعود إلى القرن الثامن الهجري (14م) وقد اكتشفت في أوائل القرن الماضي ويلي ذلك هيكل نصف دائري للقديس لونجينوس وبجواره هيكل آخر يسمى هيكل اقتسام الجند لثياب المسيح واقترعهم على قميصه وطبقاً للروايات التاريخية فإن هذا المكان كان به كفن السيد المسيح حتى القرن السابع الميلادي (وهو في ميلانو بإيطاليا الآن) ويليه هيكل السخرية (حيث سخر الجند الرومان من المسيح) وهو إلى اليمين من مدخل كنيسة القديسة هيلانة وبه العمود الذي جلد عليه الجند المسيح بعد أن أجلسوه عليه ووضعوه على رأسه إكليلا من الشوك وبعد حوالي خمسة عشر متراً نجد درجات سلم توصل إلى الجلجثة حيث موضع الصليب وتحت الجلجثة ينحدر سلم إلى ممر ضيق مظلم يسمى معبد آدم وعن يمينه يقع قبر جودفري أول ملك صليبي لبيت المقدس (1100م) وعن شماله قبر الملك بودوان الأول (الصليبي) وبعد ذلك نجد ذلك الهيكل المنسوب إلى ملكي صادق الكاهن وهو في هذا المكان عندما التقيا قديماً أما كنيسة نصف الدنيا فتتوسط أبنية كنيسة القيامة ولها جداران تنتهي بأروقة طويلة من جهاتها الثلاثة (خلا جهة المذبح) عليها صورة ورسوم روسية قديمة وإذا ما غادرنا كنيسة نصف الدنيا من ناحية هيكل اللاتين حيث يقيمون طقوسهم وصلواتهم أمام القبر المقدس.

2 - دير أبينا إبراهيم

ويقع في ساحة كنيسة القيامة ويعتقد أن أول من شيده الملكة هيلانة حوالي عام 335م، وقد هدم الفرس هذا الدير خلال احتلالهم للقدس عام 614م، وأعيد تجديده غير مرة وهو يضم الآن:
- دير أبينا إبراهيم للروم الأرثوذكس وبالمكان كنيستان إحداهما صغيرة (أبينا إبراهيم) والأخرى تكبر عنها وتسمى كنيسة الرسل الاثني عشر
- المسكوبية وهي دير للروس يقع في الشرق من كنيسة القيامة وقد أقيمت على جزء من دير أبينا إبراهيم وبالمسكوبية كنيستان ودار للأسقفية وأبنية مدنية أخرى

3 - دير ما يوحنا المعمدان

ويقع بين سوقية علوان والطريق الذي يوصل لحارة النصارى ويرى الزائر لهذا الدير كنيسة تحت الأرض ويرجع تاريخها إلى عام 450م، والأخرى فوق الأرض وهي أحدث عهداَ وقد شيدت عام 1048م، خلال العصر الفاطمي وهو من منشآت طائفة الروم الأرثوذكس.

4 - دير السلطان للأقباط الأرثوذكس

وهو من الأديرة القديمة بالقدس ويغلب على الظن أنه جدد في العصر الفاطمي صلاح الدين أرجعه للأقباط بعد استرداده لبيت المقدس ولعله عرف من وقتها باسم دير السلطان ويقع هذا الدير بجوار كنيسة القديسة هيلانة وكنيسة الملاك والممر الموصل من كنيسة هيلانة إلى سور كنيسة القيامة ولدير السلطان أهمية خاصة عند الأقباط لأنه طريقهم المباشر للوصول من دير مار أنطونيوس حيث مقر البطريركية المصرية إلى كنيسة القيامة ومعنى فقدانه عند الأقباط أن تصبح جميع أملاكهم لا تساوي شيئاً ويضطر الحجاج الزوار إلى المرور في طريق عمومية طويلة ليصلوا إلى كنيسة القيامة وتبلغ مساحته حوالي 1800م2، وتقع ساحته فوق كنيسة القديسة هيلانة وفي الزاوية الجنوبية الغربية من هذه الساحة تقع كنيستان تاريخيتان هما كنيسة الأربعة كائنات الروحية الغير متجسدة (الأربع حيوانات) ومساحتها 42م2، وكنيسة الملاك ميخائيل وهي في الدور الأرضي ومساحتها 35م2، وللوصول من هذا الدير إلى كنيسة القيامة يجب الدخول إلى كنيسة الأربعة حيوانات والنزول منها إلى كنيسة الملاك والخروج من بابها إلى ردهة كنيسة القيامة وقد ادعى الأحباش ملكيتهم لهذا الدير رغماً عن أن الوثائق التاريخية الإسلامية تثبت ملكية الأقباط والكنيسة المصرية له وربما يرجع هذا الادعاء إلى المرسوم الذي أصدره السلطان المملوكي المنصور قلاوون بألا يمنع الأحباش من دخول هياكل القيامة أو دير السلطان بناء على طلب من ملك الحبشة لأن اللاتين الموجودين هناك كانوا يضايقونهم وقد سمح لهم الأقباط بالإقامة في الدير لأن الحبشة كانت خاضعة للكرازة المرقصية في الإسكندرية وعزز من اعتقاد الأحباش في أحقيتهم بالدير أنهم أقاموا فيه منذ القرن الحادي عشر الهجري (17م) عندما طردوا من أملاكهم لعجزهم عن أداء الضرائب وقام الأقباط باستضافتهم في الدير ومن وقتها ظهرت مشكلة دير السلطان بين الأقباط والأثيوبيين وقد تدخل البريطانيون في هذا النزاع لصالح الأثيوبيين ونصحوهم بسرقة مفاتيح الدير وقد تم بالفعل في عام 1850م، ولكن متصرف القدس عقد مجلساً للنظر في أمر النزاع وحضره أعيان القدس وكبار رجال الدين في الطوائف الثلاث (الأرمن الأقباط الحبشة) وانتهى المجلس إلى إعادة مفاتيح الدير إلى الأقباط وظل البريطانيون يحرضون الأثيوبيين للاستمرار في ادعاء ملكية دير السلطان ومن بعدهم قام "الإسرائيليون" بعد منتصف ليلة عيد القيامة المجيد (20من أبريل 1970م) وأثناء انشغال الكنائس في إقامة صلوات ليلة هذا العيد بتغير كوالين ومفاتيح الدير وتسليم المفاتيح الجديدة للأثيوبيين وأقاموا المتاريس ومنعوا المطران القبطي من الدخول للدير بعد انتهائه من الصلاة وعلى إثر هذا الاعتداء قام الأنبا باسيليوس المطران القبطي في القدس بالاحتجاج لدى السلطات "الإسرائيلية" وقام برفع ثلاث قضايا أمام المحاكم "الإسرائيلية" كان آخرها أمام محكمة العدل العليا المؤلفة من خمسة قضاة يرأسها القاضي أجرنات الذي كان وكيلا لوزارة العدل بفرنسا وبعد دراسة المحكمة للوثائق التي قدمها الأقباط ومعاينتها للدير بادر رئيس المحكمة وزير الشرطة "الإسرائيلي "قائلا أنتم ارتكبتم عملاً لصوصياً ومخالفاَ للنظام والقانون هذا الدير قبطي 100% ويعاد إلى أصحابه فوراً ورغم صدور قرار أجرانات في عام 1971م، بإعادة الدير للأقباط وتغريم الشرطة "الإسرائيلية" والأسقف الأثيوبي إلا أن سلطات الاحتلال ترفض تنفيذ القرار.

5 - دير مار أنطونيوس (للأقباط)

وهو من ممتلكات الأرثوذكس بالقدس وترجع أهميته إلى أنه صار مقراَ للمطرانية القبطية منذ عام 1912م، ويقع هذا الدير إلى الشمال من كنيسة القديسة هيلانة وقد أجريت به إصلاحات عديدة أهمها تلك التي جرت في عام 1875م، عندما أضيفت إليه مبان جديدة ثم عمر الدير مرة أخرى سنة 1907م، وجددت أيضاًَ كنيسته وأساساته القديمة ويبدو أن الدير قد شيد على أساس كنيسة بيزنطية قديمة إذ يشير بعض الرحالة الذين وفدوا على الدير أن به مستودع مياه باسم القديسة هيلانة وهو دخل الكنيسة القبطية في الدور الأرضي من الدير وللمستودع سلم دائري للهبوط عليه وهو مكون من (51) درجة وقد شيدت كنيسة القديس أنطونيوس وتقع لصق الجدار الشمالي لكنيسة القيامة وأمامها فناء واسع مكشوف يقع على سطح الجدار الشمالي لكنيسة القيامة وأمامها فناء واسع يقع على سطح الدور الأرضي وفي الجهتين الجنوبية والشرقية من الفناء تقع مساكن الرهبان الأقباط ومقر رئاسة الدير والكلية الأنطونية وقد قام المطران باسيليوس بإصلاح هيكل هذه الكنيسة وشيد لها منبراَ جديداَ وفي الطابق الثالث توجد كنيسة أخرى أنشأها المطران الأنبا ياكوبوس في عام 1954م، تذكاراً لظهور العذراء في هذه الغرفة لبعض طالبات مدرسة القديسة دميانة في صيف هذا العام ويقع مقر المطران القبطي في الطابق الرابع وبه مكتبة فخمة بالإضافة إلى نزول للضيوف والحجاج .

6 - دير مار جرجس (للأقباط)

يقع هذا الدير في حارة الموارنه على مقربة من باب الخليل وقد شيد في العصر العثماني القرن (11هـ/17م) وقد ألحقت به مدرسة تعرف باسم القديسة دميانة وبالدير كنيسة بها هيكل واحد يصلى فيه قداس يوم الاحتفال بعيد الشهيد مارجرجس (7من أكتوبر) وذلك مقابل إقامة الأقباط قداساً ليلة عيد الميلاد وصباحه على مذبح الأرمن بكنيسة المهد الأرمنية في بيت لحم.

7 - دير القديس يعقوب الكبير(الأرمن)

للأرمن تاريخ طويل في بيت المقدس وكان عددهم في عام 1945م، حوالي خمسة آلاف وقد اعتاد هؤلاء الإقامة في دير مار أركانجل شرقي دير القديس يعقوب (مار يعقوب) وقد وفدت أعداد كبيرة منهم على الدير الأخير في أعقاب حروب تركيا ضد الأرمن عام 1914م، ويقع دير مار يعقوب في حارة الأرمن على مقربة من قلعة القدس حيث توجد بساتين البطريركية الأرمنية ومقر مدير الدير والبطريرك وكنيسة الرسول يعقوب الكبير ويعتقد أن هذه الكنيسة قد شيدت في مكان استشهاد هذا القديس حيث قطعت رأسه بأمر هيرود أغربيا حفيد هيرود الكبير وترجع الكنيسة الحالية للقرن السادس الهجري (12م) خلال الاحتلال الصليبي وقد أعيد ترميمها بعد استرداد صلاح الدين لبيت المقدس وكانت لها قبة مشيدة على أربع دعامات وجدران وقد أزيلت الدعامات في عام 1219م، ولم يبق منها إلا تيجانها الأربعة المغطاة بألواح من الخزف الأزرق الأسباني وعند الحائط الشمالي هيكل صغير حيث قطعت رأس الشهيد يعقوب ولما كان الأسبان يعتبرون مار يعقوب (شانت ياقوب) مبشرا إسبانيا وشفيعها فقد عنوا بأمر هذه الكنيسة وفرضوا سيطرتهم عليها حتى القرن الثامن عشر الميلادي وفي هذا الدير عدة أبنية ملحقة به أهمها:
• مطبعة الدير
• منزل لضيافة الغرباء والزوار
• مدارس للبنين واللبنات
• مسكن خاص بطلبة اللاهوت
• متحف صغير
• دير الزيتونة للراهبات الأرمينيات
• كنيسة الملائكة القديسين
وفي الدير دهليز ينتهي إلى أحد أبواب السور الجنوبي للقدس وهو المعروف باسم باب النبي داود.

8 - كنيسة الثلاث مريمات (للأرمن)

وهي كنيسة صغيرة تابعة لطائفة الأرمن وقد شيدت حيث يعتقد أنه موقع ظهور السيد المسيح للمريمات وأمرهن أن يذهبن ويخبرن تلاميذه المجتمعين في علية صهيون بأنه قام من بين الأموات وأنه سيذهب إليهم ليتلقى بهم في الجليل (متى- 82:8) وكانت هناك كنيسة أخرى في شمال كنيسة الثلاث مريمات أمام مدخل برج داود ولكنها حولت إلى منزل في أوائل القرن الماضي.

9 - كنيسة القديس توما:

تقع هذه الكنيسة في زقاق بالقرب من كنيسة الرسول يعقوب الكبير وكان الصليبيون وقت احتلال القدس قد شيدوها على أنقاض مسجد قديم فلما دخل صلاح الدين القدس حولها إلى جامع ثم تهدم الجامع وبنى مكانه كنيسة بمعرفة الألمان القرن الثالث عشر الهجري (19م) وهي في أيديهم إلى اليوم.

10 - كنيسة القديسة حنة

تقع هذه الكنيسة التابعة للروم الكاثوليك بين باب الحطة وباب الأسباط على مقربة من شمال الحرم القدسي الشريف وكأنها في الأصل من أديرة القدس حيث أشار إليه ثيودسيوس الشماس في زيارته للقدس سنة 530م، وقد أصبح ديراً للراهبات إبان الاحتلال الصليبي وبعد دخول صلاح الدين القدس اتخذها مقراَ للمتصوفة وأقام بها مدرسة كانت تسمى بالمدرسة الصالحية وقد تعرضت للانهيار في القرن الثاني عشر الهجري (18م) وكانت في فناء الدير كنيسة باسم القديسة حنة والدة القديسة مريم العذراء حيث يعتقد أنه كان في هذا الموضوع منزل حنة وزوجها يواقيم وحدث في عام 1856م، أن منح السلطان العثماني عبد المجيد خرائب الكنيسة وتوابعها هدية للإمبراطور نابليون الثالث ملك فرنسا الذي أمر بترميم الكنيسة وافتتاحها للعبادة وأعاد بناء الدير القديم ثم سلمه للروم الكاثوليك وتجدر الإشارة إلى أن البطريرك مكسيموس مظلم هو الذي قام في عام 1848م، ببناء أبرشية الروم الكاثوليك بالقدس في حارة الموارنة.

يتبــــــع

المسجد الأقصى المبارك والهيكل اليهودي المزعوم.


مقدمة:
الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه منذ بدء الخليقة إلى يوم الدين، كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، ربّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء. ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب، والصلاة والسلام على نبي الهدى والسلام محمد رسول الله إمام المتقين، المبعوث رحمة للعالمين. ربّ أوزعني أنْ أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأنْ أعمل عملاً صالحاً ترضاه، وأدخلني في عبادك الصالحين. ربّ اشرح لي صدري ويسّر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي، أما بعد،

أولاً: أهمية فلسطين

تتمتع فلسطين بأهمية متعددة الأشكال في مختلف المجالات على النحو التالي:

1- الأهمية الدينية: تشكّل فلسطين مهد الأديان السماوية الثلاث: اليهودية والنصرانية والإسلام. فتعتبرها هذه الأديان الأرض المقدسة أو المباركة، وبالتالي تجذب الاهتمام الروحي العالمي من أتباع الديانات الثلاث. فقد احتضنت هذه البلاد في قلبها عدد من الأنبياء، مثل: إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولوط، ويعقوب ويوسف وداود وسليمان، وعيسى ومحمد (في معجزة الإسراء والمعراج) عليهم السلام جميعاً وغيرهم. وتضمّ فلسطين مقابر الأنبياء: قبر إبراهيم عليه السلام في الخليل وزوجته سارة، وقبر شعيب عليه السلام في حطين، وقبر يونس عليه السلام في حلحول، وقبريْ زكريا ويحيى في سبسطية قرب نابلس، وقبر راحيل أم يوسف عليه السلام في بيت لحم. وفي فلسطين الكنائس النصرانية الثلاث: البشارة في الناصرة والمهد في بيت لحم، والقيامة بالقدس التي يحجّ إليها النصارى من جميع أنحاء العالم. كما أنّها تشكّل أهمية كبرى للمسلمين، فبيت المقدس أولى القبلتين وفيها المسجد الأقصى المبارك ثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين وارتبطت بها معجزة الإسراء والمعراج بالرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات العلى وفرض الصلوات الخمس على الأمة الإسلامية فهي بوابة الأرض إلى السماء. كما أنّ اليهود يتطلّعون لها في العالم كونها احتضنت مملكتيْ داود وسليمان ورفاتهما عليهما السلام.

2- الأهمية التاريخية: لفلسطين أهمية تاريخية مميزة حيث اهتمّ بالسيطرة عليها مختلف الشعوب والأمم عبر التاريخ القديم والحديث والمعاصر، بدءاً من الشعوب المهاجرة إليها سلماً وانتهاءً بالدول العظمى التي احتلتها عنوةً عبر العصور والأزمان منذ بداية التاريخ، من العرب الكنعانيين والفلسطينيين والعبرانيين والبابليين والكلدانيين والآشوريين والرومان والفرس والمسلمين والمصريين والبريطانيين والصهاينة مع بقاء أهلها الأصليين في جميع الحقب الزمنية المذكورة. وفي فلسطين أقدم المدن العالمية كأريحا ويبوس (بيت المقدس).

3- الأهمية الجغرافية الاستراتيجية: تتمتع فلسطين بموقع استراتيجي هام بين مختلف قارات العالم القديم والحديث. ففلسطين هي قلب الوطن العربي، والوطن العربي يشكّل قلب العالم. وبهذا فإنّ فلسطين ملتقى القارات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.

4- الأهمية الاقتصادية: كون فلسطين تشكّل ملتقى قارات العالم، فإنها تتمتع بمكانة اقتصادية تجارية، فهي محور التجارة البرية بين البحر الأبيض المتوسط غرباً والخليج العربي شرقاً. كما أنها سوقٌ استهلاكيّة للسلع الأجنبية عبر التجارة البرية الأوروبية والأمريكية لتصل إلى الهند والمناطق المجاورة لها خاصة في العصور القديمة والحديثة. والبحر الميت بفلسطين غنيّ بالبوتاس والأملاح الأخرى والنفط بعد اكتشافه حديثاً، وساحل غزة غني بالغاز الطبيعي.

5- الأهمية المناخية: فلسطين منطقة معتدلة المناخ صيفاً وشتاءً يتراوح متوسط درجات الحرارة فيها ما بين 5-30 درجة مئوية في تعاقب فصول السنة الأربعة.

6- الأهمية العسكرية: تتمتع فلسطين بموقعٍ عسكري هام في العالم، فموقعها الجغرافي يتيح لها توسّط منطقة كبيرة وهامة. وكل دولةٍ تسيطر عليها أو تحتفظ بقواعد عسكرية أو بوجودٍ عسكري فيها تتمتع بنفوذ قوي في المنطقة والعالم، وهذا ما ثبت عبر التاريخ البشري القديم والحديث والمعاصر.

الأرض المباركة- أرض الإسراء والمعراج

جاء ذكر البلاد ما بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط (الأرض المباركة) خمس مرات في القرآن الكريم، منها: أنّها مكان نجاة وهجرة النبي إبراهيم ولوط عليهما السلام، وميراث المستضعفين في الأرض: {وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا}. {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ. وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ}. وقال الله عن سليمان عليه السلام: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ}. وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً}. كما ورد اسم فلسطين باعتبارها الأرض المباركة وقت الإسراء والمعراج، حيث قال الله تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

وقد اهتم الإسلام بالأرض المقدّسة بشكلٍ كبير جداً، فالمسجد الأقصى في بيت المقدس هو أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين، ومعراج رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. وقد فتحت بيت المقدس روحياً (جواً) بمعجزة الإسراء والمعراج بين المسجد الحرام بمكة المكرمة والمسجد الأقصى في بيت المقدس عبر البراق بصحبة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وجبريل أمين وحي السماء -عليه السلام-، وبالتالي ارتبطت فلسطين بإمامة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- بالأنبياء في المسجد الأقصى، وفرض الصلاة المفروضة بأوقاتها الخمس على الأمة الإسلامية بعد رحلة الإسراء والمعراج.

وهناك أحاديث نبوية شريفة تؤكّد أهمية المسجد الأقصى وفلسطين لدى المسلمين من أهمّها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى".

وفي القرن السابع الميلادي، ظهرت آخر موجة من الهجرات السامية من جزيرة العرب من موطن العرب الأصلي متوجّهةً نحو بلاد الشام (سوريا ولبنان والأردن وفلسطين) والهلال الخصيب (بلاد الشام والعراق) بعدما ازدحمت المنطقة بالسكان فانتقلت أفواج العرب من أرض الجزيرة العربية كونها صحراء قاحلة إلى الأرض الزراعية الخصبة شمالاً باتجاه السواحل والأنهار.

وفي كلّ الهجرات كانت اللغة العربية كلغة سامية هي الأصل والأساس، إلا أنّه في هذه الهجرة لم يأتِ المهاجرون المسلمون طلباً للغذاء والكساء وإنّما لنشر الدعوة الإسلامية حيث كانت خيارات المسلمين للأمم الذي يقصدونها آنذاك ثلاثة لا رابع لها هي: أما إعلان الإسلام وإما الحرب أو دفع الجزية.

بيت المقدس والمسجد الأقصى المبارك

مدينة بيت المقدس هي من الأماكن الإسلامية المقدّسة عبر الأزمان والعهود الغابرة لكونها أولى القبلتين وفيها ثالث الحرمين الشريفين وثاني المسجدين: المسجد الأول هو المسجد الحرام والثاني المسجد الأقصى المبارك. وقد بنى اليبوسيون العرب مدينة يبوس (القدس) منذ نحو خمسة آلاف عام إبّان عهد ملكهم الموحّد لله سبحانه وتعالى (ملكي صادق) الذي أطلق عليه أيضاً ملك البر والعدالة.

لقد ترسّخت وتعمّقت العلاقة الدينية بين الإسلام والمسلمين عامة وبيت المقدس ومكة المكرمة والديار الحجازية خاصة نواة الإسلام الأولى بعد حادثة الإسراء والمعراج الجليلة التي أُسرِي فيها برسول الله محمد -صلى الله عليه وسلم- من مكة المكرمة من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس، على البراق، ومن المسجد الأقصى المبارك إلى السماوات العلى.

على العموم، بعد بعث الرسول محمد (ص) برسالة الإسلام الخالدة المجددة والناسخة للرسالات السماوية السابقة جعل المسلمون قبلتهم بيت المقدس حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين ستة عشر وسبعة عشر شهراً باتجاه قبلة بيت المقدس (المسجد الأقصى المبارك) قبل أنْ يتوجّهوا إلى الكعبة المشرفة بمكة المكرمة.

وحسبما ورد عن أبي ذر -رضي الله عنه- عن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الْأَرْضِ أَوَّلَ، قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ، قَالَ قُلْتُ: ثُمَّ أَيٌّ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ سَنَةً ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ بَعْدُ فَصَلِّهْ فَإِنَّ الْفَضْلَ فِيهِ".

الربط الإلهي بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى

قال الله تبارك وتعالى في مطلع سورة الإسراء: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. فكانت عملية الإسراء والمعراج قبل هجرة المصطفى محمد -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بعامٍ واحد أيْ في عام (621 م) إلى المدينة المنورة، كانت المعجزة الإلهية للرسول الكريم الخالدة عبر الزمان والمكان وإلى الأبد، الإسراء جاء من المسجد الحرام بمكة المكرمة على ظهر البراق إلى المسجد الأقصى المبارك في بيت المقدس حيث صلى النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وأمّ بالأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومن ثم المعراج مع الوحي جبريل عليه السلام إلى السماوات العلى وهي ما عرفت بذكرى الإسراء والمعراج التي حدّد الله عزّ وجلّ فيها الصلوات الخمس على الأمة الإسلامية، بعد هذه الحادثة أطلق على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- (إمام الأنبياء).

وقد أكّد الرسول الكريم الذي لا ينطق عن الهوى ‘نْ هو إلا وحي يوحى على قدسية ثلاثة مساجد في أرض الله الواسعة، فقال: في الحديث النبوي الشريف فيما رواه الإمام البخاري: "لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلَّا إِلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسْجِدِ الْأَقْصَى".

وعن مكانة المسجد الأقصى المبارك وفضله على المساجد الإسلامية، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَهَلَّ بِحَجَّةٍ أَوْ عُمْرَةٍ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ أَوْ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ".

وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "صَلَاةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ بِصَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِ الْقَبَائِلِ بِخَمْسٍ وَعِشْرِينَ صَلَاةً وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُجَمَّعُ فِيهِ بِخَمْسِ مِائَةِ صَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ وَصَلَاتُهُ فِي مَسْجِدِي بِخَمْسِينَ أَلْفِ صَلَاةٍ وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ".

كما وصف الرسول الكريم المقيمين في بيت المقدس بالمرابطين الذين سيبقون على الحق ظاهرين بصورة ظاهرة وجلية، فقال صلى الله عليه وسلم: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ لَعَدُوِّهِمْ قَاهِرِينَ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ إِلَّا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ لَأْوَاءَ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيْنَ هُمْ قَالَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ".
المصدر: بقلم/ د. كمال إبراهيم علاونة - أستاذ العلوم السياسية - فلسطين المحتلة.

الفلسطينية بشائر عثمان اصغر رئيسة بلدية في العالم !



الفلسطينية بشائر عثمان إبنة الـ15عاماً تحكم 9 آلاف نسمة لتكون اصغر رئيسة بلدية في العالم !
رام الله - " وكالة أخبار المرأة "

خمسة عشر عاماً فقط كانت تكفي لجعلها أصغر رئيس بلدية على الكرة الأرضيّة، المفارقة هنا هو صغر سنّها إلّا أنّ اكثر ما يلفت في الموضوع هي "التاء المربوطة" المؤنّثة في هذا المنصب الرسمي، والتي جعلت من المرأة العربية في العالم تحتلّ مركزاً في هذا السن "المراهق" يتفوّق على الرجل وخاصّة أنّها مسؤولة عن بلدة تضم 9 آلاف نسمة.
 تعود الفلسطينية بشاير عثمان إلى مدرستها بحسب التقارير التالية التي نضعها بين ايديكم، بعدما قضت عطلة الصيف بمبادرة من السلطة الفلسطينية مع عالم الكبار، لتتلقّى دروساً في التربية الوطنية والتنشئة المدنية بخصوص منصبها كرئيسة بلدية مؤقتة لمدّة شهرين في منطقة علار -إحدى بلديات الضفة الغربية-وذلك تحت اشراف رئيس البلدية فيها علار سفيان شديد

وبدأ المشروع الذي وصلت من خلاله بشاير إلى منصبها بعد أن قرّر رئيس البلدية تبني برنامج يهدف إلى تقوية ملكات ومواهب الشباب، وتولت بشاير في إطار هذا البرنامج منصب رئاسة البلدية لشهرين كاملين قامت خلالهما بكتابة الخطابات وتوقيع الوثائق وترؤس الإجتماعات وحضور الفعاليات المدنية، فضلاً عن اللقاءات مع المواطنين.

كما تدربّت على كيفية التعامل مع الموظفين ورواتبهم وكيفية احتساب الضرائب والتأكد من جمعها، وتعرض التقارير التالية قيام رئيسة البلدية بجولة ميدانية حيث تلتقي مواطناً يحدثها عن الكارثة التي ألمت بالحي وهي غياب الكهرباء، وتعطل المولّد الكهربائي الذي يتوجب إرساله إلى إسرائيل للتصليح. كما تتأكد في السوبرماركت من أنّ الطعام غير فاسد. كما تسأل الشرطة عن تجربتها مع نائبيها الشابين في البلدية، ليجيبها قائد المركز إنّها تجربة مفيدة جداً يجب تعميمها ونحن على استعداد للتعاون معكم.
بشائر مسؤولة عن تزويد ستة قرى بالكهرباء والمياه، كما تدير 21 موظّفاً مصنّفاً فضلاً عن سبعة عمّال في نظام العقود، كما تلفت التقارير الى معارضة بعض الناس لبشاير كونها فتاة صغيرة في مجتمع ذكوري تتولى أعلى منصب في بلدتها.

من جانبه يرى شديد أنّ تجربة بشاير أفادته شخصياً حيث لفتت انتباهه بشكل أكبر إلى احتياجات الأشخاص المعوقين بالذات.






زكاة البترول.. طوق نجاة للمحرومين

هل تستجيب الدول الإسلامية لفتوى الأزهر؟
زكاة البترول.. طوق نجاة للمحرومين

وجدت حكومات الدول الإسلامية نفسها في مأزق حرج للغاية بعد قرار مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف بوجوب إخراج زكاة مقدارها 20 % على (الركاز) وهو كل ما يخرج من باطن الأرض ويشمل البترول ومشتقاته والمعادن ما عدا الذهب والفضة.

قرار الأزهر الشريف جاء ليفك الاشتباك الدائر بين علماء الدين الذين ينقسمون إلى رأيين في موضوع فرض الزكاة على الدول، أحدهما يرى أن الدول يجب عليها صرف الزكاة في مصارفها الشرعية المنصوص عليها في القرآن الكريم، والآخر يرى أن الدول ليست ملزمة بدفع زكاة طالما أنها تنفق بالفعل على مواطنيها، ومنذ فترة كبيرة وهذا الموضوع مثار على الساحة الفقهية، ولكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإدلاء بفتوى شرعية تخرج عن مؤسسة كبيرة مثل مجمع البحوث الإسلامية وهو أعلى جهة علمية بالأزهر الشريف.

وقد ألقى قرار المجمع بالكرة في ملعب حكومات الدول الإسلامية فبات على الأخيرة الآن أن تقوم بأحد التصرفين.. إما أن تستجيب لفتوى الأزهر باعتباره واحد من أهم وأكبر المرجعيات الدينية في العالم وإما أن تضرب برأيه عرض الحائط.
ومن المنتظر أن تشهد الفترة القادمة رد فعل الدول الإسلامية على قرار الأزهر وهل ستدفع الزكاة الواجبة عليها أم لا، لذا فمن المهم الآن معرفة الأسباب التي دعت الأزهر الشريف لاتخاذ الفتوى والرد على العلماء القائلين بعدم وجوب الزكاة على الدول.

شبكة الأخبار العربية "محيط" تستكشف أبعاد الموضوع من خلال اللقاء التالي مع الأستاذ الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر ورئيس لجنة البحوث الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية.

"في الركاز الخمس"
بداية يقول الدكتور رأفت عثمان أنه من الثابت عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حديث "في الركاز الخُمس"، وقد فسر العلماء "الركاز" بأكثر من تفسير ولكن الرأي الذي نميل إليه والأقرب إلى القبول أن "الركاز" هو كل ما كان مركوزا في باطن الأرض سواء أكان جامدا كالذهب والفضة والحديد والنحاس أو كان سائلا كالبترول، ويشير الحديث الشريف إلى أن هذا الركاز يخرج عنه زكاة مقدارها الخمس أي نسبة 20 %.


ويستثنى مما سبق الذهب والفضة، وذاك لأن لهما مقدار في الزكاة غير الخمس، فالثابت في الفضة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم قال "في الرقة ربع العشر" والرقة هي الفضة، وبإجماع العلماء أيضا فإن الذهب فيه زكاة ربع العشر قياسا على الفضة.

وخلاصة القول فيما سبق أن جميع أنواع الركاز تجب فيها زكاة بمقدار 20 %، أما الذهب والفضة ففيهما 2.5 % فقط.

الدول ملزمة بالزكاة
البعض يرى أنه لا يجب على الدول إخراج الزكاة طالما أنها ملزمة بالإنفاق على أفراد الشعب وتحسين مستواهم الاقتصادي والاجتماعي، وبالتالي فإنه لا يجب على الدولة أن تخرج زكاة وأي نوع من الأموال، وعليه فإن الدول غير ملزمة بدفع زكاة البترول وغيره من أنواع الركاز.


ويقول الدكتور عثمان أن هذا الكلام مردود لسببين:
أولا: الدليل العام وهو حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم: "في الركاز الخمس" وهذا عام لا يخصص دولا ولا أفراد.

ثانيا: أن مصارف الزكاة لها أبواب معينة لا تشملها ميزانيات الدول المعاصرة، والله تعالى قد بين مصارف الزكاة في القرآن الكريم حيث يقول تبارك وتعالى: }إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ {"سورة التوبة آية 60".

"الغارمين" مثلا هم مصرف من مصارف الزكاة، وهم الذين تحملوا وغرموا من أموالهم في سبيل الإصلاح بين الناس، وهؤلاء يجب إعطاءهم من أموال الزكاة تعويضا عما فاتهم من أموالهم في الإصلاح بين الناس.. فهل هناك بند في الميزانيات المعاصرة يدفع بموجبه أموال للغارمين.

أيضا "ابن السبيل" وهو الإنسان الذي سافر وتقطعت به السبل عن مصادر أمواله في بلده ولا يجد المال الذي يستعين به في سفره، وهذا مصرف من مصارف الزكاة يجب أن يُوفى.. ولا يوجد في ميزانيات الدول المعاصرة ما يسمح بإعطاء ابن السبيل نقودا من الدولة.

ويدخل في كلامنا أيضا ضمن مصارف الزكاة "المؤلفة قلوبهم" وهم الذين دخلوا في الإسلام حديثا ويُخشى أن يرتدوا عن الإسلام بعد ذلك، وهؤلاء يجب إعطائهم من أموال الزكاة تحبيبا لهم في الإسلام وتشجيعا لهم على البقاء فيه حتى لا يرجعوا إلى الكفر مرة ثانية، أو هم غير المسلمين الذين يخشى تعديهم على الدولة الإسلامية وهم أيضا يعدون من قبيل أو فئة مصرف المؤلفة قلوبهم.. ولا توجد في ميزانيات الدول بنود للصرف على هؤلاء.

وعلى وجه التفسير لما سبق فإن ميزانية الدول لا تتضمن شيئا من بعض مصارف الزكاة على الرغم من أنها مطلوبة شرعا، وهذا كان أهم مستند للقائلين بوجوب دفع الدول للزكاة.

إعانات التباهي والافتخار ليست زكاة
هناك أيضا ناحية أخرى يحسن الالتفات إليها وهي أن القول بوجوب الزكاة على الدولة في البترول يعارضه البعض قائلا: إن الدول الغنية بالبترول يحصل منها إعانات للدول الفقيرة وهذا يغني عن الزكاة.


ويجيب الدكتور محمد رأفت عثمان عن هذا القول بأن ما يعطى للدول الفقيرة من الدول الغنية لا يخرج عن كونه منحة وليس زكاة، فالمنحة فيها تفضل ومنة وتباهي وافتخار ولكن الزكاة ليس فيها هذا ولا ذاك.

وعلى هذا لا يمكن اعتبار إعانات التباهي تلك من قبيل الزكاة فليس في الزكاة فضل لأحد على أحد، والأغنياء ليس لهم فضل على الفقراء حينما يعطوهم الزكاة، وليست الزكاة مجالا للتباهي والتفاخر وإنما الفضل والمنة كلها لله عزوجل.
وهذا يبين أن وجوب الزكاة على الدول لا يستعاض عنه بالمنح التي تعطى للدول الفقيرة لأن هذا الشكل من الإعانات لا يعد زكاة وإنما منحا يتباهى بها المانحون.

حصيلة كبيرة
يوضح د. حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد والعميد السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية.. أنه تمت المطالبة بتطبيق زكاة البترول على الدول وخاصة دول الخليج منذ فترة كبيرة في العديد من المؤتمرات الاقتصادية، حيث تعتبر المستفيد الأول من هذه الثروة، وقد عارضت بعض الدول فكرة الركاز بحجة أنها تدفع تبرعات تفوق قيمة زكاة البترول. ولتلافي ذلك يرى أن هناك إمكانية لتطبيق تلك الزكاة عن طريق تعهد الدولة بإلزام الشركات العاملة في مجال البترول بدفعها، على أساس أنها ذات شخصية معنوية اعتباريه، وهو أمر سهل إذا ما قورن بجمع الزكاة من الأفراد العاديين، حيث تطفو على السطح أسئلة كثيرة خاصة بمرورعام لتحقيق النصاب، وكثير من التعقيدات التي لا تواجه الركاز.


ويتوقع أستاذ الاقتصاد أن تكون حصيلة الركاز كبيرة جدا، لأن أسعار البترول تتزايد بصفة دائمة، حيث وصل سعر البترول 125 دولار للبرميل، كما أن المعادن المستخرجة من باطن الأرض مثل الحديد والنحاس والفوسفات والمنجنيز، تزيد أسعارها يوما بعد يوم.

وعن المصارف الشرعية للزكاة المقترحة يقول: تبعا للشريعة الإسلامية توجه الزكاة أولا لأهل البلد وما يفيض منها توزع على من هم خارج الدولة.

قرار سياسي
ويتفق معه في الرأي د. عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد الإسلامي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة حيث يرى أن تطبيق زكاة البترول لابد أن يرتبط بإتخاذ قرار سياسي من جانب الدولة لجعله واقعا ملموسا.


ويوضح أن زكاة البترول يطلق عليها مسمى "الركاز" ويتم فرضها على الثروات الطبيعية والمعدنية المستخرجة من باطن الأرض، والتي تقدر بنسبة 2.5% بالنسبة لشركات استغلال النفظ، أما نسبة الـ 20% وهي خمس الركاز فيكون في حق الحاكم أو الدولة، ويتوقع أن تكون حصيلتها كبيرة جدا ويتعين أن تدفع لبيت المال وتصرف في مكانها، وإذا زادت عن الحاجة توزع على المناطق الخارجية.
محيط ـ هالة الدسوقى و شريف عبد المنعم

رؤية ’’أميركية’’ إلى مصير ’’دولة إسرائيل’’!! 3/3


 رؤية ’’أميركية’’ إلى مصير ’’دولة إسرائيل’’!!  3/3
رؤية أخرى إلى مصير «دولة إسرائيل»!!
(3 ـ 3)

يتدهور المشروع الصهيوني في فلسطين المحتلة. الأسباب كثيرة، أولها، وأهمها المقاومة العربية الفلسطينية والمقاومة العربية الشاملة التي تواجهه. تأتي بعدها، طبيعة المشروع نفسه التي تنافي منطق التقدم، بحسبان أن بعض جذور المشروع الصهيوني تعود إلى المرحلة الكولونيالية، فيما بقية جذوره امتدت ونمت خلال المرحلة الإمبريالية من تطور النظام الرأسمالي الدولي. تدهور الصهيونية، بقدر ما يعني عجز "إسرائيل" عن البقاء، فإنه يطرح مصيرها على بساط البحث التاريخي. وبالتالي، بحث مصير اليهود في فلسطين المحتلة. الكاتب الأميركي نويل إيغناتييف NOEL IGNATIEV(1) يناقش في هذا المقال (2) أفكارا جديدة بشأن "الدولة الواحدة" غير الصهيونية في فلسطين.

الصهيونية وعقائد الإنجيليين المحافظين في اميركا

هناك قليل من الشك في أن الرئيس بوش عندما كان في ربيع عام 2000، يتأرجح محتارًا بشأن سياسة بلاده نحو الشرق الأوسط، قبل أن يرسو أخيرًا في أحضان الجانب الإسرائيلي، قد تأثر ليس بالأصوات اليهودية المبالغ في تقييم قوتها، بل برأي مسيحيين يعرّفون أنفسهم بـ "المحافظين المتدينين"، الذين يشكلون ما بين 15 ـ 18 في المئة من الناخبين الأميركيين.
وعندما طالب الرئيس بوش إسرائيل بسحب دباباتها من الضفة الغربية في نيسان/ابريل (2002)، تلقى البيت الأبيض 100000 رسالة الكترونية غاضبة من المحافظين المسيحيين.

فما الذي تغيّر؟

ليس سفر التكوين. ما تغير فعلاً، هو ظهور المذهب المعروف باسم التدبيرية "dispensationalism"، الذي راج عبر روايات القس تيم لاهي، والقس جيري جنكينز.
ترتكز النظرية إلى النشوة، والمجيء الثاني للمسيح، الذي سيكون نذير نهاية العالم. نهاية سعيدة تعتمد على تحوّل اليهود. ولتقصير القصة الطويلة والاستعجال بالنهاية، لا بد أن يمتلك اليهود جميع الأراضي المعطاة لهم من الله. بعبارة أخرى، إن هؤلاء المسيحيين يدعمون اليهود من أجل القضاء عليهم.

"أوه نعم"، قالت مادون بولارد موافقة. وهي سيدة لطيفة من دالاس كانت في قاعة المعارض في المؤتمر تبيع مجسمًا من الكريستال لأورشليم، مزيّنًا برسومات يدوية، "الله هو السيد، وسوف يفعل ما يشاء. ولكن استنادا إلى الكتاب المقدس هذه هي المبادئ التوجيهية". وتصف السيدة نفسها بأنها تدعم إسرائيل بحرارة.

بدأ هذا المؤتمر مع دعاء مسجل بالفيديو مباشرة من المكتب البيضاوى. بعض من النواب الجمهوريين الأكثر نفوذاً في الكونغرس خاطب اللقاء بمن فيهم ـ ليس مرة واحدة بل مرتين ـ توم ديلي [كان حينئذ، زعيم الأغلبية في مجلس النواب، بل يمكن القول انه كان أقوى رجل في كابيتول هيل]. "هل أنتم متعبون من كل هذا، هل أنتم؟" صاح بالجمهور. "لاااااااااااااا!" هدروا بصوت واحد. فأجاب: "لا، ليس عندما يكون ذلك في سبيل اليهود ويسوع، هذا أكيد".

قالت التقارير إن المسيحين الإنجيليين في القدس، قد رحّبوا بأرييل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي، كأنه "نجم من نجوم الروك".

أعقب ديلي, بات روبرتسون، مؤسس الائتلاف ومرشح الرئاسة في فترة ما، والذي يجسد الشخصية التلفزيونية الناجحة للإنجيلي الأميركي. وروى روبرتسون قصص يوشع وداوود لإثبات ملكيه إسرائيل للقدس "قبل أن يسمع أحد عن [النبي] محمد [صلى الله عليه وسلم] بفترة طويلة".

لدولة فلسطين الديموقراطية ما بين النهر والبحر ولكن قبل أن انتقل إلى اقتراح الحلول، أود التطرق إلى الوضع الراهن لحركة السلام الإسرائيلية.

وكما يعلم الجميع، هناك قوى داخل إسرائيل تعارض الحكومة القائمة الآن [يقصد حكومة شارون]. بعض هؤلاء الأشخاص، وخاصة الجنود الذين يرفضون الخدمة في ما يسمونه الأراضي المحتلة أو الذين يرفضون القيام بفظائع مثل قصف المدنيين، وأولئك الذين يشجعونهم، هم أناس مثال للشجاعة.

مع ذلك، فإنهم جميعا (مع استثناء واحد جدير بالذكر سأعود إليه) عاجزون، وغير فاعلين على المدى الطويل، وذلك، بسبب قبولهم الفرضية الأساسية للصهيونية، وشرعيه الدولة اليهودية.
"الأرض مقابل السلام" يعني التقسيم الدائم لفلسطين.

تحت قيادة حزب العمل، الذي تنتمي إليه اغلب المعارضة [في إسرائيل]، وقع السلب والإقصاء الأول للشعب الفلسطيني من وطنه، ونفذ التوسع في الضفة الغربية، وقطاع غزة ومرتفعات الجولان [السورية المحتلة].

لقد أثبت التاريخ، في ايرلندا والهند وفي أي مكان آخر، أن تقسيم الأرض بخطوط حسب الجنس أو الدين هو ضمانة الحرب الدائمة. ومن المفهوم أن بعض الفلسطينيين، وبعد أن تعرضوا للتعذيب لأكثر من جيلين، قد وافقوا على مضض على قبول دولة فلسطينية باعتبارها بديلاً للعدالة, تقوم على اقل من ربع أراضيهم الأصلية. لكنهم يخطئون.

مثل هذه الدولة، إذا كانت ستقوم أصلاً، ستكون بانتوستان، محمية [عنصرية] ليس فيها من الأمة الحرة سوى العلم والنشيد الوطني.

ما الحل، الذي اقترحه إذًا ؟ بسيط ومعتدل : داخل فلسطين التاريخية، على المنطقة الواقعة بين البحر المتوسط ونهر الأردن، وحيث يعيش عشرة ملايين نسمة. اقترح أن تنشأ هناك دولة واحدة، يعلن كل شخص عن عزمه على العيش فيها واعتماد المواطنة، وبالتالي، يصبح معترفا به كمواطن له صوت واحد.
واقترح كذلك إنهاء المزايا الخاصة باليهود، وأن الفلسطينيين الذين كانوا قد اضطروا إلى الهجرة بعد عام 1948، ونسلهم، يمنحون الحق في العيش هناك، على أن تتعهد الدولة بالتدابير العملية لتجعل ذلك ممكناً بالنسبة لهم عن طريق بناء المساكن وإعطائهم حق الإيجار أو الشراء، وإذا لزم الأمر توفير الأموال لمساعدتهم.

وأقترح كذلك أن يعلن أن اللغتين العبرية والعربية هما لغتان رسميتان للدولة وأن يتم تدريسها في المدارس، وانه يحق لجميع المقيمين إصدار الصحف والحفاظ على المؤسسات الثقافية بأي لغة يختارونها، أن يتم إنهاء الوضع الخاص بالأرثوذكسية اليهودية، وان تعلن الدولة حرية العبادة، وان لا تضع الدولة قيودًا على أي دين ولا تمنع الممارسة الحرة للشعائر الدينية.

إنها إجراءات بسيطة، وأكرر : برنامج معتدل. إنها إجراءات لا تنطوي على رمي أي شخص في البحر، وإنها تعترف بحق الناس الفطري في العيش في المكان الذي يختارونه.
قد يعترض البعض على أن مثل هذا الأمر مستحيل، وأنه بعد كل هذه الدماء التي سالت والمرارة التي تراكمت، لن يكون من الممكن بالنسبة لليهود والعرب العيش معًا بسلام. على أن عندي

ثلاث ردود على هذا القول :

ـالرد الأول يتعلق بتجربة جنوب أفريقيا، حيث تاريخ المرارة لا يقل عن فلسطين؛ لم تنتحب الآلهة لإقامة حكم الأغلبية هناك، ولم تنشق الأرض لتبتلع الناس.

ـ أمّا ردّي الثاني فأستمدّه من شرلوك هولمز : "بعد أن تكون قد استبعدت كل الحلول المستحيلة يا واتسون, فالحل الباقي مهما كان غير وارد لا بد أن يكون هو الحل الصحيح". ـ ـ أما ردّي الثالث فهو ذكر مؤشرات في الآونة الأخيرة تدلّ على أن فكرة الدولة الواحدة الديمقراطية العلمانية ـ التي كانت يوما ما الهدف الرسمي لمنظمة التحرير الفلسطينية، ثم تخلت عنه تحت الضغط الأميركي ـ تبرز مرة أخرى كمحور للنقاش.

إن بروز هذه الفكرة، مجددًا، هو جزئيًا ردّ على ضمّ إسرائيل الكثير من الأراضي بحيث لم تترك أي شي للدولة فلسطينية.

هذا الواقع الجديد هو ما اعترف به توماس ل. فريدمان كاتب عمود، الذي يقتبس عن عربي إسرائيلي بارز قوله : "إذا كان الفلسطينيون يفقدون حلمهم في أن تكون لهم دولة مستقلة، فان الشيء الوحيد الذي يمكن أن يضمن لهم حياة كريمة، هو المطالبة بالعيش في دولة واحدة مع الإسرائيليين. وعندما يبدأ هذا النضال، فانه سيجد بين المليون عربي فلسطيني داخل إسرائيل، حلفاء، سنقول، لا تُخلوا أية مستوطنة في الضفة الغربية. فقط امنحونا التصويت ودعونا نكون جزءًا من مجتمع واحد".

وقد أورد فريدمان تقارير عن استطلاع يظهر أن 25 ـ 30 في المئة من الفلسطينيين يدعمون فكرة الدولة الواحدة : "رقم مذهل، علمًا بأنه لم يقترحها أي حزب فلسطيني أو إسرائيلي". ويسمّي فريدمان ذلك "قانون العواقب غير المقصودة". (نيويورك تايمز سبتمبر14, 2003).

اليهود المعادون للصهيونية : نؤيد القضية الفلسطينية

الاستثناء الوحيد لتعميمي السابق عن المعارضة الإسرائيلية، هو جزء بسيط من اليهود الأرثوذكس في إسرائيل، الذين يرفضون دولة إسرائيل على أسس دينية. بالنسبة إلى هؤلاء كان النفي من الأرض المقدسة قدرًا إلهيا، وبالتالي فان على اليهود العيش بين الأمم في كل ركن من أركان المعمورة، وليس لهم إقامة دولة قبل مجيء المسيح.
واسمحوا لي أن اقرأ تصريحًا لأحدهم، هو الحاخام مردخاي بريمان :

"لأننا على وجه التحديد يهود سرنا مع الفلسطينيين ورفعنا علمهم. لأننا على وجه التحديد يهود نطالب بأن يعود الفلسطينيون إلى ديارهم وممتلكاتهم. نعم، لدينا في التوراة، أمر بان نكون منصفين. نحن مدعوون إلى السعي لتحقيق العدالة. وماذا يمكن أن يكون أكثر ظلمًا من محاولة الحركة الصهيونية على مدى قرن من الزمان غزو أراضي شعب آخر، وطردهم وسرقة ممتلكاتهم؟ ليس لدينا شك في أنه لو أن اللاجئين اليهود جاءوا إلى فلسطين ليس بنيّة السيطرة، وليس بنيّة إنشاء دولة يهودية، وليس بنيّة الطرد، ولا بنيّة حرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، فإنهم سيكونون موضع ترحيب من جانب الفلسطينيين، نفس الضيافة التي أبدتها الشعوب الإسلامية لليهود على مرّ التاريخ. وكنا سنعيش معًا اليهود والمسلمين في فلسطين في سلام ووئام. إلى المسلمين والفلسطينيين في جميع أنحاء العالم، من فضلكم استمعوا إلى رسالتنا : هناك يهود في جميع أنحاء العالم يؤيدون قضيتكم. وعندما نؤيد قضيتكم نحن لا نعني بعض مخططات التقسيم المقترحة في عام 1947 من قبل الأمم المتحدة التي لم يكن لها أي حق في عرضها. عندما نقول أننا نؤيد قضيتكم نحن لا نعني قطع وتقطيع أجزاء من الضفة الغربية التي عرضها باراك في كامب ديفيد مع العدالة لأقل من 10 في المئة من اللاجئين. ونحن لا نعني شيئاً سوى عودة كامل الأراضي، بما فيها القدس، إلى السيادة الفلسطينية. وعند هذه النقطة فان العدل يقتضي أن يقرر الشعب الفلسطيني كم من اليهود، ينبغي أن يبقى على الأرض. لقد حضرنا مئات الاجتماعات المؤيدة للفلسطينيين على مر السنين، وفي كل مكان نذهب إليه يستقبلنا القادة والجمهور بدفء الضيافة في منطقة الشرق الأوسط. ما أكذب أن تقول أن الفلسطينيين بصفة خاصة أو المسلمين بصفة عامة يكرهون اليهود. أنت تكره الظلم. ليس اليهود. لا تخافوا أصدقائي. الشر لا يمكن أن ينتصر طويلا. الكابوس الصهيوني في نهايته. لقد استنفد. آخر أعماله الوحشية ليست سوى سكرات الموت في المرحلة النهائية من المرض. سنعيش معًا لنرى اليوم الذي يتعايش فيه اليهودي والفلسطيني بسلام تحت العلم الفلسطيني في القدس.
في النهاية عندما يأتي مخلص البشرية فان معاناة الحاضر هذه سوف تُنسى في ظل بركات المستقبل".

http:www.marchforjustice.com/becauseweare jews.php

لست مؤمنا ولكن كلمات الحاخام بريمان تحرّك فيّ شيئاً.

نقطة أخيرة : تنبؤ [جدير بالتفكر والمقارنة]

لقد تحدثت في وقت سابق عن احتمال عودة معاداة السامية/اليهود في الولايات المتحدة. في عام 1991 جورج بوش، والد الرجل الذي يجلس في البيت الأبيض، والعضو الوحيد من عائلته الذي تم انتخابه رئيساً، طالب الإسرائيليين وقف بناء مستوطنات جديدة في الأراضي الفلسطينية.

وخلافا للرئيس السابق، بدا بوش جاداً، مهددا بعرقلة المليارات من ضمانات القروض إلى الإسرائيليين إذا عصَوْا. وكما كان متوقعا، تعالت بالسخط الأصوات المهيمنة بين اليهود الأميركيين، وردّ بوش بالشكوى في مؤتمر صحافي أن "اليهود يعملون بدهاء من وراء الكواليس".

وفي مناسبة أخرى ذكّر النقاد أن الولايات المتحدة تعطي "إسرائيل ما يعادل 1000 دولار لكل مواطن إسرائيلي" وهي ملاحظة اعتبرها الذامون معادية للسامية/لليهود. وزير خارجية بوش جيمس بيكر قدّم ملاحظته الشهيرة "اللعنة على اليهود" في محادثة خاصة، مشيرًا إلى أن اليهود "لن يصوتوا لنا على أي حال".

وكان صحيحا : عندما خسر أمام بيل كلينتون في 1992، فإن بوش حصل على أقل نسبة من التصويت اليهودي لأي جمهوري منذ عام 1964.

الرئيس [جورج بوش الإبن] المقيم في البيت الأبيض حاليا، يبدو انه قد استرجع جزءًا كبيرا من خسارة حزبه بين اليهود، ويعود ذلك جزئيًا إلى تعيينه لهذا العدد الكبير منهم في مواقع السلطة والنفوذ في إدارته.

ولكنني سأقوم بتنبؤ، وأنا نادرًا ما افعل ذلك، لأنني أكره أن أكون مخطئاً : دعم اسرائيل، في حين انه قد ساعد في كسب أصوات اليهود الأميركيين وبعض الأصوليين المسيحيين، فإنه ليس بالضرورة أن يكون حكيماً من وجهة نظر المصالح الأميركية النفطية.

حتى أنه يمكن أن يكلف أصوات العدد المتزايد من الأميركيين الذين يستطيعون التقاط الصحيفة تقريبا في أي يوم والنظر إلى قصة أخرى عن الدبابات الإسرائيلية المحيطة بمنزل الرئيس الفلسطيني [السابق ياسر عرفات]، أو ذبح الأطفال، أو اغتيال [الشيخ أحمد ياسين] رجل الدين المشلول ونصف الأعمى.

أتوقع انه لو تمكن دوبيا Dubya من مد سيطرته إلى البيت الأبيض في عام 2004، فانه سيقدم فاتورة حساب لمن هو في السلطة في إسرائيل، وهذه الفاتورة ستشمل الانسحاب من بعض الأراضي المحتلة بعد عام 1967.

إذا كان الإسرائيليون سيردّون ردّاً سلبيا على هذا الطلب، وكل الأسباب تدعو للاعتقاد أنهم سيفعلون وسيدعمهم في ذلك اليهود الأميركيين، وكل الأسباب تدعو للاعتقاد أن هؤلاء سيفعلون، فإن بوش الابن، والذي كان قد "ولد من جديد"، سوف يولد من جديد مرة أخرى وسيبدأ في طرح الملاحظات حول أقليات خاصة منقسمة الولاء، وهلم جرّا.

وبعبارة أخرى، فانه سوف يعلن معاداة السامية/اليهود، بعناية بطبيعة الحال، كما يناسب زعيم العالم الحر. وسيجد استجابة هائلة، أكثر مما يتوقع أي شخص، من الناس العاديين الذين سئموا دعم الدولة المارقة الأولى في الشرق الأوسط، الدولة التي استعصت على عشرات من قرارات الأمم المتحدة، وأدانتها الأمم المتحدة أكثر من أي دولة أخرى عضو أو غير عضو، وهى الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تمتلك بشكل فعلي أسلحه الدمار الشامل.

سينثيا مكينني، عضو الكونغرس الأميركي من أصل إفريقي عن أتلانتا، كانت من أكثر منتقدي السياسة الأميركية في الشرق الأوسط في الكونغرس، بما في ذلك الدعم غير المشروط لإسرائيل. نتيجة لذلك، فإن الجماعات اليهودية في أنحاء البلاد قد استهدفتها، عن طريق تحويل الأموال إلى خصمها، الذي نجح في إلحاق الهزيمة بها في محاولتها لإعادة انتخابها في عام 2002.

هل كان ضمن حقوقهم القانونية القيام بذلك؟ بالطبع نعم؛ إذ لا يوجد قانون يمنع الناس في ولاية ما من المساهمة في حملة انتخابية في ولاية أخرى. ولكن هل يعتقدون أن تدخلهم ذهب دون أن يلاحظه أحد من الناخبين السود في أتلانتا وفي جميع أنحاء البلاد؟
إذا كان اليهود الأميركيون يصرّون على تعريف أنفسهم بالتماثل مع إسرائيل، ومساواة معاداة الصهيونية بمعاداة السامية/اليهود، هل سيفاجئهم أن يرتكب الآخرون نفس الخطأ؟
---------------------

(1) نويل اغناتيف: مؤلف كتاب How the Irish Became White (كيف أصبح الايرلندي أبيضًا)؛ مؤسس ومحرر مشارك في "عرق خائن: مجلة الالغائية الجديدة"؛ ومدرس في كلية ماساشوستس للفنون.
(2) يستند هذا المقال إلى الحديث الذي أدلى به الكاتب نويل اغناتيف في آذار/مارس 2004 في كلية الفنون في ماساتشوستس، الولايات المتحدة، ونشر في 17 حزيران/يونيو, 2004. وقد وزع النص العربي ونشره موقع أجراس العودة : ترجمة أماني أبو رحمة، مراجعة وتدقيق رجاء زعبي عمري في 27/2/2008.

المصدر :
http://www.counterpunch.org/ignatiev06172004.html
Toward a Single State Solution - Zionism, Anti-Semitism and the People of Palestine
By NOEL IGNATIEV - June 17, 2004