بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-05-09

من الذاكرة الفلسطينية: الحاجة ’’أم حافظ’’: خرجنا من بيوتنا خوفاً على أعراضنا وحياتنا


من الذاكرة الفلسطينية: الحاجة ’’أم حافظ’’: خرجنا من بيوتنا خوفاً على أعراضنا وحياتنا

لبابة ذوقان - نابلس

رغم ما تعانيه الحاجة أم حافظ من مرض ألزمها الفراش منذ عدة أسابيع؛ إلا أنها بدت تصف حكاية النكبة التي عاشتها وهي ابنة خمسة عشر عاماً، وكأن ما حصل، في الأمس القريب، حكاية يخيل لك، وأنت تسمعها، أنك تتابع قصة فيلم من "أفلام هوليود".

تفاصيل صغيرة كانت كافية لتنقل للأجيال والأحفاد ويحفظوا معها حقهم الذي سُلبوه. ومن على فراش مرضها في بيتها الكائن في "مخيم عسكر" للاجئين الفلسطينيين، شرق مدينة نابلس، شمال الضفة المحتلة؛ تحاملت الحاجة أم حافظ (79 عاماً) على أوجاعها ومرضها، وبدأت تروي لـ"العودة" قصتها عندما هاجرت برفقة عائلتها من بيسان جنوب فلسطين المحتلة إلى مدينة نابلس، وكأنها تريد أن تقول: إن كل ألم ووجع يهون أمام ألم الهجرة والنكبة.

إننا الآن في بيسان عام 1948. لم تكن "أم حافظ" قد تجاوزت عامها الخامس عشر عندما أنجبت ابنتها البكر (خولة). كانت تعيش هي وزوجها (المرحوم خليل حافظ) حياة بسيطة؛ حيث كان يعمل موظفاً في المحكمة الشرعية هناك؛ ليعول أسرته ووالدته وإخوته.

لكن حياتهم الهادئة لم تستمر طويلاً؛ حيث انقلبت حياتهم إلى خوف دائم من العصابات الصهيونية التي جاءت إلى فلسطين لاحتلالها.

إقامة "الكُبَّانِيَّات" حول المدن:

تصف الحاجة أم حافظ تلك الأيام قائلة: "كنا نعيش في بيسان؛ لكن حول المدينة؛ بدأ اليهود بإقامة المستوطنات التي كنا نطلق عليها "الكُبَّانِيَّات"؛ وكانت تشكل هذه الكُبَّانِيَّات خطراً علينا، وخاصة عندما يحل المساء؛ حيث يطلقون النار باتجاه بيوت الفلسطينيين. وكان الثوار، بدورهم، يحملون أسلحتهم وبنادقهم البسيطة، ويتجهون صوب تلك المستوطنات، ويشتبكون مع اليهود بالرصاص والقنابل".

وتتابع: "كان شقيق زوجي يخرج مع الثوار حينها كل مساء؛ كان يحمل بندقيته ويذهب باتجاه اليهود، ويطلق النار عليهم. كان الثوار مصرين على طرد اليهود من أرضنا، لكنهم لا يملكون السلاح الكافي".

الحفاظ على العرض

تصمت الحاجة قليلاً، وتعضّ على أوجاعها التي ألمّت بها نتيجة اشتداد مرضها، وربما أيضاً للألم الذي يرافق تلك الذكريات، وتقول: "كانت الاشتباكات بين الثوار واليهود عبارة عن مناوشات ليلية؛ لكن بعد فترة؛ وصلتنا أخبار المجازر في دير ياسين، والفظائع التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وكان أكثر ما أخاف الأهالي حينها ليس القتل، بل حوادث الاغتصاب التي شاع نبؤها آنذاك".

وتابعت: "عندما كثر الحديث عن قرب اليهود ونيتهم اقتحام بيسان، وقتل العرب، واغتصاب الفتيات، قررت والدتي الهرب إلى مدينة نابلس، حيث كان لنا بيت هناك. وفي أحد الأيام؛ جاءت إلى والدي وقالت لحماتي: "أنا أخاف على بناتي؛ فهن جميلات؛ واليهود يرتكبون الفظائع وأخشى عليهن وعلى عرضهن؛ وأريد أن آخذهن وأذهب لنابلس".

وهذا ما حدث؛ حيث استقلت الأم وابنتاها وحفيدتها "خولة" -التي كان عمرها 11 شهراً- سيارة أجرة تعمل على خط بيسان - نابلس بعد أن حزمن أمتعتهنّ، وبقي زوج السيدة أم حافظ في بيسان، برفقة والدته؛ حيث "لم يتمكن من الذهاب معهن؛ لطبيعة عمله في المحكمة الشرعية، وبقي الاتصال مقطوعاً بيننا، ولا نعلم عن بعضنا أي شيء، حتى هجروا من بيسان".

وتقول: "وصلنا إلى بيتنا في البلدة القديمة في نابلس. وبعد مرور ما يقارب شهرين؛ اشتدت الحرب، وسقطت البلاد كاملاً، وشُرد الناس من بيسان واللد والرملة ويافا وحيفا وصفد؛ وجاء زوجي وعائلته إلى نابلس".

الهروب حفاة

وتكمل وصفها حال من خرجوا من بلادهم تحت نيران القصف والقنابل، وتقول: "وصل زوجي وعائلته وعشرات العائلات من بيسان وباقي المناطق: قسم منهم جاء إلى مناطق الضفة؛ وقسم هرب باتجاه إربد في الضفة الشرقية. لقد خرجوا من بيوتهم لا يحملون شيئاً معهم، خرجوا بملابسهم التي يرتدونها فقط، وفي ذلك الوقت؛ تعرض الكثير من المنازل للسرقة والنهب، فأهلها تركوها، وفيها كل ما يملكون من نقود وجواهر وأثاث وكل شيء". ولاشتداد حالة الرعب من الموت القادم إليهم، ولعلمهم بأن القاتل لا يحمل في قلبه أي مشاعر إنسانية؛ تعددت قصص الأمهات اللواتي هربن من بيوتهن ونسين أطفالهن الرضع فيها من شدة الخوف الذي ألم بهن.

وتروي "أم حافظ" قصة إحدى النساء: امرأة أنساها الخوف ابنتها الرضيعة في البيت عندما هرب الناس لدى هجوم العصابات الصهيونية عليهم، وقالت: "كانت هذه المرأة هاربة مع أطفالها وعائلتها، وعندما قطعوا مسافة لا بأس بها؛ التفتت حولها وصارت تصرخ باسم ابنتها التي نسيتها في البيت، فأصرت على العودة إلى البيت وحدها؛ تحت القصف وإطلاق النار العشوائي باتجاه البيوت والأهالي العزل، وعندما وصلت إلى البيت وجدت ابنتها تبكي وحدها؛ فحملتها وعادت مسرعة حيث مكان اختباء العائلة في الجبال القريبة".

وتشير الحاجة أم حافظ إلى أن كثيراً من الأطفال الرضّع توفوا في أحضان أمهاتم، وهم في رحلة الهروب التي كانت في شهر حزيران، وقالت: كانت حرارة الطقس عالية جداً، والشمس فوق رؤوس الناس، ولا شيء يقيهم من حرارة الشمس، ولا من نيران اليهود ورصاصهم، وكثير من الأطفال، وخاصة الرضع، توفوا خلال الطريق بسبب الحرارة المرتفعة.

ومن القصص التي ترويها الحاجة عن رحلة الهجرة، والتي تشير إلى مدى الصدمة التي عاشها اللاجئون لعدم تمكنهم من العودة إلى بيوتهم: "كان الناس على يقين من أنهم سيعودون إلى بيوتهم؛ حتى إن بعض النسوة كنّ قبل الخروج من منازلهن يطهين الطعام، ومنهن من كانت تخبز الخبز، وعندما هجمت العصابات الصهيونية؛ تركن ما في أيديهن وغطين الخبز بأغطية خفيفة قائلات: "اتركوه حتى نعود في المساء".
وتضيف: "أهالي يافا واللد والرملة كانوا من أكثر الناس الذين عانوا خلال الهجرة؛ حيث خرج معظمهم وهم حفاة ولا يحملون معهم أي شيء، خرجوا بملابسهم التي عليهم فقط؛ كانوا يعتقدون أن رحلتهم لن تتجاوز يوماً أو يومين، ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية مرة أخرى".

الهروب إلى الجبال:

لكن مع اشتداد الحرب والقصف؛ أُجبر الناس على اللجوء إلى مناطق الشمال؛ حيث أُخليت المدارس من الطلبة وحوِّلت إلى مساكن مؤقتة للاجئين.
وتتابع أم حافظ قائلة: "بعد وصول اللاجئين؛ استمر القصف علينا، وكانت الطائرات تكثف من قصفها ونيرانها أثناء الليل؛ ما دفعنا للجوء إلى المغر والكهوف في الجبال المحيطة بنابلس؛ حيث مكثنا فيها مدة طويلة. وكانت عائلتي تتقاسم المغارة مع عشرين عائلة أخرى، كل عائلة اتخذت لها جانباً في الكهف، وحاولوا صنع سواتر لكل عائلة".

وتتابع: "خلال النهار؛ كان القصف يتوقف لعدة ساعات، نقوم خلالها من شباب ونساء بالنزول لبيوتنا في البلدة القديمة، ونحضر الطعام، ونخبز الخبز؛ ونجلب ما نريده من ملابس أو مياه، وما شابه، ونعود إلى المغارة مرة أخرى؛ بينما يبقى كبار السن والأطفال داخل الكهوف بانتظارنا".

وبعد أن هدأت الأوضاع وتوقفت الغارات الليلية؛ تمكنّا من العودة إلى بيوتنا، بينما توزع اللاجئون على المدارس.

وجاءت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين -التي تكفلت بتوفير المؤن لهم وتوزيع البطاقات عليهم- ووفرت لهم الطحين، والحليب، والسكر، والحمص، والعدس، والمواد التموينية الأولية التي تحتاجها كل عائلة، وهكذا، حتى أُنشئت المخيمات، وسكن الأهالي في خيم مؤقتة، ومن ثم بناء البيوت لهم في مساحات محدودة في مختلف مناطق الضفة؛ وخارج فلسطين (في الأردن وسوريا ولبنان).

المصدر: مجلة العودة ـ العدد 59/ شهر 8/2012

من الذاكرة الفلسطينية: الحاجة بهية عبدو رشدان: قرية لوبية، في عيون أبنائها، هي أجمل بقاع الأرض


من الذاكرة الفلسطينية: الحاجة بهية عبدو رشدان: قرية لوبية، في عيون أبنائها، هي أجمل بقاع الأرض

أحمد الباش:

لوبية قرية فلسطينية من قضاء مدينة طبريا، تقع على مسافة 13كم للغرب منها، على طريق طبريا الناصرة. ترتفع 325 متراً عن سطح البحر. مساحتها 210 دونمات. ولها أراضٍ واسعة تبلغ مساحتها 39629 دونماً، منها 1163 للطرق والوديان. تحيط بأراضيها أراضي قرى: نمرين، وطرعان، والشجرة، وكفر سبت، والمنارة، وحطين. غرس الزيتون في 1520 دونماً من أراضيها. وصف مؤلفا كتاب “جغرافية فلسطين” أراضيها بقولهما: “أراضٍ فسيحة ومخصبة وقمحها مشهور”.

كان في لوبيا في عام 1922م 1712 نسمة؛ وفي عام 1931 ارتفع عدد سكانها إلى 1850: منهم 953 ذكور؛ و897 إناث؛ يسكنون 405 بيوت. في عام 1945؛ قُدِّر عدد سكان لوبيا بـ 2350 فلسطينيا عربياً مسلماً.

تأسست في لوبية في العهد العثماني مدرسة ذات بناء حسن تابعت عملها في العهد البريطاني، وكانت صفوفها في العام الدراسي 1942 - 1943 إلى الصف الخامس الابتدائي.

وتمتاز لوبيا بموقعها الأثري الذي احتوى على “مدافن منقورة في الصخر، ومعاصر خمر، وصهاريج، وقطع معمارية، ونحت في الصخور”؛ وتقع على مسافة كيلومترين للشرق من لوبيا بقايا بناء لخان يعرف باسم “الخان” أو “خان لوبيا”، يحتوي على “أسس خان، وبركة متهدمة، وصهاريج، وآثار بناء مبني بالحجارة الكبيرة الضخمة، ويقع فوق هضبة”.

سقطت قرية "لوبيا" في تموز من عام 1948، وأخرج أهلها منها، ودمرها الصهاينة تدميراً كاملاً، وأقاموا على أراضيها. في شباط من عام 1949 أُنشئت مستعمرة دعوها باسم “Lavi” (بمعنى الأسد). كان فيها عام 1961م، 254 يهودياً.

وقرية لوبية في عيون أبنائها هي أجمل بقاع الأرض، كما تقول الشاهدة على النكبة (بهية عبدو رشدان)، التي غادرت القرية وهي في السادسة عشرة من عمرها. وتضيف الشاهدة: بيتنا (أي بيت زوجي) كان ملاصقاً لبيوت الأقارب والجيران، وممن أذكرهم: دار ديب العبد الله، ودار أحمد الشناشري، ودار أهلي (عبدو الرشدان). كنا كلنا بجانب بعضنا؛ وما زلت أذكر باب بيتنا الخشبي، والبيت الذي تزوجت فيه، كان فيه قاع دار كبيرة (باحة الدار).

كانت علاقة أهل البلد بعضهم ببعض علاقة قوية ومتينة، وظهرت قوتها أثناء الثورة وأثناء المعارك مع اليهود والإنكليز، وبتعاملهم مع الثوار، وبالدفاع عن البلد؛ فقد التحق شباب لوبية بالثورة مبكراً، وكانت لهم مشاركات في عدة معارك، وخاصة معارك ثورة الـ36 (ثورة القسام)، واستشهد منهم العديد، وجرح واعتقل العديد أيضاً.

و(زي) ما كانت علاقتهن ببعض (مليحة)، كانت علاقتهم مع القرى المحيطة أيضاً (كتير كتير مليحة)، وخاصة قرى: الشجرة، والمغار، وعرب المواسي، وعرب الوهيب، وغيرهم؛ وكان شباب لوبية يفزعوا (يناصرون) لهذه القرى في معاركهن ضد الإنكليز واليهود.

بداية المناوشات

وأذكر في إحدى الليالي؛ سمعنا صوت ينادي -وكان الصوت لناطور البلد- وأخذ يصيح ويقول بأمر من مخاتير البلد: أخرجوا النساء والأطفال من القرية، وخليهم يتوجهوا إلى قرية (عين آبون) على طريق فلسطين لبنان، وممنوع أي زلمة يطلع من البلد.

وعندما اجتمع أهل القرية؛ أخبرنا بعض الوجهاء أنه وصلتهم أخبار من بعض الجواسيس العرب عند اليهود بأن اليهود راح يهجموا الليلة على القرية.

وبالفعل انتشر الشباب والرجال على أطراف القرية واستعدوا لصدّ أيّ هجوم يأتي من قبل اليهود، وإحنا (النساء والأطفال) خرجنا على عين آبون، ونمنا (هذيك) الليلة هناك. وصارت تلحقنا الأخبار من القرية، وسمعنا أنه اليهود هاجموا البلد وقتلوا حسن العبد واحتلوا بيته؛ رغم أنه كان عامل خندق حول البيت وقاعد فيه، وسمعنا أنه قتلوه بنفس الخندق؛ وجرت بين المدافعين عن القرية والعصابات اليهودية المهاجمة معركة قوية استمرت من المساء لثاني يوم الساعة 11 الصبح، بعدين انسحب اليهود. وجاء رجل من البلد وقال ارجعوا على البلد لحتى تشوفوا مين استشهد ومين انجرح؛ لأنو اليهود طلعوا منها.

رجعنا على البلد ولقينا الشباب كلها منتشرة تحت الزيتون، وكان القتلى اليهود على الأرض وكان في شهداء من عنا أيضاً. ويبدو أن المعركة كانت وجهاً لوجه.

جمعنا الشهداء من أبناء البلد، و(اجينا) بدنا نقبرهن؛ لكن المقبرة موجودة على تلة ومكشوفة لليهود، وإذا شافونا عمنقبرهن، راح يغافلونا ويقصفونا بالمدافع، أو ممكن يهاجمونا؛ فقرر رجال البلد إنو يقبروهن في المغر، وقريتنا (لوبية) كانت مليانه بالمغر القديمة اللي كنا نسميها مغر كفرية. أخذنا الشهداء ووضعناهن بالمغر بلباسهن، بجنب بعضهم، في صف واحد، وأغلقنا تلك المغر.

وبعدين جمعوا القتلى اليهود واللي كان من بينهم مجندات يهوديات، كانوا لابسين خوذ على رؤوسهن. وبعد ساعات قلائل؛ جاء أفراد من الصليب الأحمر يتفاوضوا مع رجال البلد؛ حتى يسلموهن جثث القتلى اليهود، وبعد مفاوضات معهن؛ ما توصلوا لحل؛ وخرجوا من البلد بدون الجثث. طبعاً اليهود كانوا عم براقبوا بالنواضير من بعيد. واحتار رجال القرية بتلك الجثث، وفي النهاية قرروا حرقها. وجمعت النسوة أغصان الزيتون ووضعوهن فوق الجثث وتم إشعال النيران بها حتى احترقت.

طبعاً الشهداء كان أغلبهم من الحارة القبلية؛ لأن الهجوم الصهيوني كان من جهة تلك الحارة. وبذكّر بهالمعركة استشهد ثلاث أخوة، وأيضا أخيهن وأبوهن، واستشهد زوج أختي، وابن عمي (سلفي) (أخو زوجي). وبذكّر استشهد واحد من الحارة الشمالية من دار سلامة البراهيم.

وظلينا هيك (بين صدّ ورد) إحنا واليهود، وصامدين أمامهم مدة أربعة أشهر متتالية.

إرهاصات سقوط القرية

وبعدين عرفنا أنه سقطت صفد، وسقطت حيفا والناصرة، وقلنا: إذا هالمدن الكبيرة سقطت، واللي كان عندها سلاح كثير، وإحنا ما عنّا إلاّ كم بارودة ورشاش شو بدنا نساوي!.

وفي يوم، وبعد هالأحداث المتسارعة: بعث اليهود إلنا وطلبوا منا نسلم، فخفنا ينتقموا منا، وخاصة لا ذخيرة ظل مع الشباب، ولا مدد من أحد؛ فقررنا الخروج من البلد إلى عين آبون، وبالفعل، طلعنا ونمنا ليلة في هذه القرية، ومن هناك أكملنا إلى الحدود اللبنانية، وكان طول ما إحنا ماشيين؛ الطيارة الحربية الإسرائيلية تلاحقنا؛ حتى دخلنا الحدود اللبنانية مع فلسطين؛ عندها عادت إلى الأراضي الفلسطينية.

التغريبة

وبهالطريق ياما شفنا مناظر أليمة كثير! (المرأة اللّي حاملة ابنها على كتافها؛ واللّي حاملة بقجة أواعي لولادها؛ واللي حامله خبز على رأسها؛ واللّي حافية، مناظر يمّا تدمي القلب.

دخلنا الأراضي اللبنانية ونمنا أول ليلة بقرية "رميش". أهالي المنطقة لم يتحمّلوا بقاءنا في أراضيهم؛ فاضطررنا إلى السير إلى قرية "يارون"، وصلنا هناك متعبين منهكين جوعانين، واسترحنا تحت شجر التين، وكانت ثمار تلك الأشجار تتدلى أمامنا؛ ولكن لم نستطع أن نأكل منها شيئاً؛ لأن نسوة القرية كانت ترقبنا وتشتمنا إن مددنا أيدينا لنقطف منها حبة واحدة. كنا نقول لهم لا نريد شيئا إلاّ شربة ماء لهؤلاء الأطفال، فيبيعوننا طنجرة الماء بخمس قروش (أي بشلن)، فنطعم أولادنا خبزاً وماءً، وبقينا هناك شهر، خلالها لحق بنا الصليب الأحمر، وكان يوزعلنا الخبز والحلاوة.

غادرنا تلك المنطقة إلى منطقة "القرعون"، وركّبونا بالباصات كل أبناء قرية مع سوى بباص؛ فأبناء صفورية مع بعضهم؛ وأبناء لوبية كذلك؛ وهكذا؛ أقمنا فيها شهراً ذقنا فيه الأمرين.

بعدين أجا واحد من الشام من اللاجئين، وقلّنا: والله العيشة بالشام غير(أفضل)، وأهلها غير. وحملنا حالنا ورحنا عالشام. كان ذلك في أوائل سنة 1949. ونزلنا في منطقة "المرجة" وسط دمشق، ولقيناهم ناصبين شوادر للاجئين، وبنفس الساعة؛ حطّولنا الأكل والشرب، وضيفونا ثلاث أيام. بعدها قالولنا: بدنا نوخذكو على "النيرب" في حلب. في ناس قبلت، وفي ناس ما رضيت تروح. وإحنا ركبنا الحنطور؛ لأنو ما كان في سيارات وقتها، وقعدنا ندوّر وين في فلسطينية (فلسطينيين). وبهذاك الوقت كان يبنو في الشام "مستشفى الغربا"، وكان بعدو على البلوك، وكان قاعد فيه بعض العائلات الفلسطينية. وعلى باب هالمشفى شفنا واحد من بلدنا، هو "رشيد العايدي"، ونزلنا وقفنا عنده، وقَلّنا: وين رايحين؟ قلنالو: ما منعرف، في ناس راحت قعدت بالتكية السليمانية، وفي ناس راحت على الجوامع. فقال لنا: تعالوا اقعدوا معانا. وبالفعل؛ قعدنا في هذا المكان مدة سنتين، خلّفت فيهن ولادي (خالد، وعمر).

بعدين؛ تركنا المستشفى و(تشنططنا) بين الخشش والزقاقات. وبالآخر؛ أخذنا غرفة مع حصيرة في منطقة "برزة"، وقعدنا فيها شهر. وبعدين؛ طلعنا على منطقة "الشيخ محيي الدين" في حي الصالحية، واستأجرنا غرفة، واشترينا فرشتين، وتخت حديد، وخزانة حديد، وأقمنا هناك حتى عام 1956، انتقلنا بعده إلى مخيم اليرموك، وهناك عمرنا بيت، وصارت الوكالة توزعلنا "إعاشة"، وبدأت حياتنا تتحسن شوي شوي.

واليوم، وبعد هالسنين الطويلة ورحلة العذاب والشقا يقولولي: ترجعي؟ بقولهن: بَرجع وبَنصب خيمة فوق أرضي. شقفة الأرض اللّي عنّا اسمها "أرض المعترضة" بتمتد من لوبية حتى طبريا. ورغم العمارات اللّي عمرناها هون، وهالبيوت الحلوة؛ بلادنا وترابها أحلى وأغلى من كل إشي بهالدنيا.

حنين وأمل

أنا ما شُفت أرضي من يوم ما اطلعنا منها. ومرة بنت ابني جابت شريط مصور للوبية، ولما شفته طار عقل راسي، وصرت ابكي وكأني اليوم مفارقة البلد؛ الوطن غالي يا ولادي، وبلادنا حلوة، أحلى من كل البلاد. ومثل ما عمرو ولادي بهالبلاد، راح يعمروا بأرضهن مثلها وأحسن منها إنشاء الله.

راح ترجع فلسطين؛ لكن لما تصير قلوبنا على قلب رجل واحد؛ لما نرجع إيد واحدة؛ ولما نحب بعضنا زي زمان؛ ولما أنا بقوى بأخوي، وأخوي يقوى فيّي؛ ساعتها مننتصر على اليهود.

وإحنا لو خيرونا بلوبية بكل الدنيا ما مقبل إلا لوبية؛ هي بلدي، مش غيرها، حتى لو قالولي: ترجعي على الضفة الغربية، أو على غزة؟ ما برجع إلا على لوبية؛ رغم إنها أرض فلسطينية.
وبحب أقول: إنو فلسطين عمرها ما بتتحرر بالمفاوضات؛ لأنو هدول اليهود كذابين. ما بتتحرر فلسطين إلا بحدّ السيف. وحتى الزعماء العرب ما برجعونا لبلادنا؛ لأنو أصلاً هنّ اللّي سلّموها لليهود، كيف بدهن يرجعوها!. وأخيراً نصيحتي لشبابنا إنو لا تخلو حدا يضحك عليكو، انتو اللي راح تحرروا بلادكو، مش غيركو. وعليكوا يا ولادي تتسلحوا بالعلم؛ لأنوا السبيل لتحرير بلادنا. وأنا بقولكو: ما يحك جلدكو غير ظفركو.

المصدر: مجلة العودة ــ العدد ــ 54/ شهر 3/ 2012

من الذاكرة الفلسطينية: الحاج موسى أبو سلـطان: ’’النكبة’’ كأنَّها اليـوم وحلم العودة في مخيلتي


من الذاكرة الفلسطينية: الحاج موسى أبو سلـطان: ’’النكبة’’ كأنَّها اليـوم وحلم العودة في مخيلتي

بالرغم من عبور الحاج موسى أبو سلطان الثمانين خريفاً من عمره؛ إلا أنه ما زال يعيش على أمل العودة إلى بلدته الأصلية (حمامة)، موقناً أن هذا اليوم لا بد أن يأتي، وأن الحق لا بد أن يعود لأصحابه.

ولا يملّ الحاج موسى أبو سلطان من توصية أولاده وأحفاده بعدم التفريط بشبرٍ واحد من أرضهم، ويزرع فيهم أمل العودة إلى أراضيهم، مهما طالت السنين.

وفي حوارٍ مع "العودة" قال أبو سلطان: "أمنيتي أن أرجع إلى الوطن، وأتمنى أن أعود؛ ولا يوجد شيء أغلى عندي من الوطن؛ ومستحيل أن أنسى وطني؛ وعندي أمل دائماً بالله أن يرجع الحق لأصحابه، مهما طال الزمن".

وأكد أبو سلطان أنه رغم أكثر من خمسين عاماً على الهجرة و”النكبة”؛ إلا أنه ما زال يذكر تلك اللحظات، وكأنها حدثت اليوم، وهو الوجع المحفور بقلبه على مدى السنين، وعلى يقين تام بأن "ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة". وفي ما يأتي نص الحوار:

العـودة: بدايةً أعطنا بطـاقة تعريفية عنك؟

أنا الحاج موسى إبراهيم أبو سلطان. ولدت يوم 1936/4/6 في بلدة "حمامة"، قضاء المجدل، شمال فلسطين المحتلة. ومتزوج ولدي خمسة أولاد وبنتان وأكثر من خمسين حفيداً. عندما هجِّرنا إلى غزة كان عمري 12 عاماً.

العـودة: قبل التهجير واللجوء ومرارة “النكبة”؛ كيف كانت حال بلادكم؟ صف لنا الحياة قبل “النكبة”. كيف كانت؟

حمامة قرية تقع شمالي المجدل، وتشتهر بالزراعة وصيد الأسماك. عدد السكان في تلك الفترة كان 9000 مواطن تقريباً. وكان في قريتنا مدرسة واحدة فقط، كان التعليم فيها لغاية الصف السادس؛ بعدها يأتي من يريد أن يكمل تعليمه إلى غزة؛ لأنها كان فيها كلية. كانت المودة والمحبة تجمع أهل القرية.

كنا نعيش في بيوت من الطين، لكن هناك بعض الناس كانوا يبنون بيوتاً من الباطون، فكانت بئر الماء في وسط البلد لكل أهل القرية، وكانت كل عائلة تدفع "شلن" كي تحصل على الماء"، أو يجمعون خمسة قروش. وبعدها بدأ الناس بحفر الآبار في أراضيهم.

وكانوا يتوظفون بشهادة الصف السابع فقط بعد تخرجهم من كلية غزة؛ أما أنا فتوقفت عند الصف الخامس فقط. وكان أبناء حمامة متواضعين طيبين. وفي صغري كنت أحب دائماً أن أجلس مع الكبار والمخاتير، وكنت أحب أن أسمع أحاديثهم عن عام 1936 أيام الثورة الكبرى.

وكان في قريتنا مجموعة من الشباب أطلق عليهم "المناضلين"، كانوا يقاومون اليهود الذين يسكنون المستعمرات. في ذلك الوقت؛ كان المناضل يبيع كل ما يملك من أرض، وذهب زوجته، كل شيء؛ ليشتري قطعة سلاح وباروداً؛ ليقاتلوا كل إسرائيلي جاء ليحتل الأرض.

العـودة: حدثنا كيف كان هؤلاء الشباب يقاتلون رغم قلة العدة وضعف الإمكانات في ذلك الوقت.

في ذلك الوقت؛ كانت البلدة تفتقر إلى وسائل القتال الحديثة، وحتى الخبرة اللازمة لتشكيل جيش أو ما شابه؛ لكن شباب البلدة لم يعجزوا عن تصنيع الكحل والفتيل، وجاءتهم الفكرة من طريق الصيادين الذين كانوا يستخدمون المتفجرات في صيد السمك؛ وهي عبارة عن صندوق خشب بمساحة 40 × 40 سم، ويضعون في الصندوق كحلاً وكبسولة وفتيلة، ويمدون به سلكاً طويلاً وينسفون به الآليات العسكرية. ومن أكبر المعارك التي شهدتها- ولن أنساها- معركة "جولس"، وهي عبارة عن قرية صغيرة تحدّ "حمامة" من الناحية الشمالية، وكان المعسكر يأتي بالجيش إلى جولس -حيث توجد مستوطنة نتساريم- ونصب الشباب كميناً للقافلة؛ حتى يقطعوا الطريق على الأعداء، وجاءت أربع آليات إسرائيلية من مستوطنة "هربيا" في بيت "داراس" إلى مستوطنة نتساريم، وكانت هناك عبّارة كبيرة في الأسفلت، فجاء المناضلون ووضعوا المتفجرات والعبوات فيها؛ وخططوا للاستيلاء على القافلة، وذلك بتفجير بداية ونهاية القافلة، وبعدها جرى الاستيلاء على وسط القافلة، فأول قافلة تركوها، والمناضلون كامنون في الشجر، فنسفوا العبارة، وسيطروا على القافلة الثانية، وحاصروا من فيها، وأخذوا يطلقوا النيران عليهم.

العـودة: كيف حدثت “النكبة”، وما الذي حدث فيها، بالتفصيل؟

في أواخر عام 1947؛ جاء اليهود فجأة إلى البلد، وعلمنا بقدومهم من خلال مذياع، هو الوحيد الذي كان موجود بقرية حمامة، وأخذ الناس يصرخون ويفرون من القرية؛ حيث قتلوا في بداية دخولهم مختار قرية حمامة على باب بيته، ثم بدأوا يطلقون النار في كل الاتجاهات ويقتلون كل كائن حي يجدونه أمامهم.

وهجر معظم الأهالي البلدة، مستخدمين الحمير والجمال؛ وكنا من بين الذين غادروا، ووصلنا إلى غزة، وجلسنا في حي الشجاعية؛ حيث مكثنا عندهم ليلتين، وبعدها أخذنا عمي وسكنّا في رفح واستقررنا فيها؛ فجاءت وكالة الغوث إلينا في رفح؛ فأخذوا يعطوننا ما نشاء من مخازن التموين حتى ينسونا قريتنا.

العـودة: "الكبار يموتون والصغار ينسون"، هذا ما يراهن عليه دوماً الاحتلال، فماذا تقول؟

أقول لإسرائيل: إن سياستكم هذه فاشلة وخاسرة؛ ولقد قالها موشي ديان "سيموت الكبار وينسى الصغار"، وسنعود إلى أرضنا مهما طال الزمن؛ فالحق لا بد أن يعود إلى أصحابه، ولو مرت مئات السنين. وكل ما أتمناه الآن هو ن أرجع إلى أرضي، وأرى بيتنا ومدرستي؛ فلا يوجد شيء أغلى عندي من الوطن، ومستحيل أن أنسى وطني. وعندي أمل دائماً بالله أن يرجع الحق لأصحابه مهما طال الزمن؛ وما زلت أحتفظ بكواشين الأرض والطابو التي تركها لي والدي وعمي؛ وسأورثها لأولادي وأحفادي من بعدي، وسنبقى نحتفظ بها جيلاً بعد جيل، إلى أن يحين وقت العودة إلى بلداتنا الأصلية، وتعود فلسطين من النهر إلى البحر.

أسوأ مرحلة مرت علينا نحن الفلسطينيين هي الهجرة و”النكبة”، وخروجنا من أراضينا واحتلال إسرائيل لها؛ بالإضافة إلى خذلان الجيش المصري لنا في حرب 67، واحتلال إسرائيل كافة الأراضي الفلسطينية.

والآن نمرّ في مرحلة سيئة جداً، وأثرت على كل الملفات الفلسطينية، كالقدس واللاجئين وحق العودة، وهي الخلافات والانقسامات بين الإخوة الفلسطينيين وانقسام الشعب الفلسطيني.

العـودة: ما المطلوب سياسياً من أجل نصرة اللاجئين؟

المطلوب أولاً من الشعب الفلسطيني، التلاحم والترابط لنكون يداً واحدة؛ لنستطيع التغلب على الاحتلال وطرده من بلادنا إلى الأبد؛ فنحن شعب واحد وكلنا مستهدفون، سواء كان ابن "فتح"، أو ابن "حماس"؛ فإسرائيل لا تفرق بين "حمساوي" و"فتحاوي"، ولا "جهادي"، وتقتل كل شيء: البشر، والشجر؛ والحجر. كل ما نريده من فصائلنا هو الوحدة، وأن يلتفتوا إلى هموم الوطن، وترك الخلافات جانباً؛ لأن الاحتلال هو المستفيد الأول والوحيد من الانقسام

المصدر: مجلة العودة / العدد ــ الخامس والستون/ شباط ــ (فبراير)/ 2013

من الذاكرة الفلسطينية: أبو سليمان حكاية النكبة من القدس إلى نابلس


من الذاكرة الفلسطينية: أبو سليمان حكاية النكبة من القدس إلى نابلس

محمد أحمد ترابي/ الضفة الغربية
تلك السنة التي حولت حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا ينسى، وأصبحت ذكرى في أذهان من عاشها، ومن سمع قصصها، يتخيلها ويعش أيامها في مخيلاته، ويرسم في ذهنه صورة الحياة المؤلمة التي عاشها الفلسطينيون آنذاك، الذين قُتلوا وهُجّروا وطردهم الاحتلال الإسرائيلي من بلداتهم عام 1948 ليحل مكانهم الإسرائيليون.

محمد سليمان عثمان "أبو سليمان" (81 عاماً) من مواليد مدينة القدس، كان يسكن في "قرية قالونيا" (الواقعة في الشمال الغربي من المدينة المقدسة، وهي ضاحية من ضواحي القدس الغربية)، شعره أبيض كالثلج، تملأ وجههُ تجاعيد تخبرك كل منها بحكاية من حكايات النكبة التي عاشها، أو شيئاً من الهموم التي مر بها؛ كما تحمل لوحات رسمتها ذكريات الزمن الجميل.

كان "أبو سليمان" يعيش مع عائلته المكونة من ثمانية أفراد: والده، ووالدته، وأختان وأربعة إخوة، هو أكبرهم. كانت عائلته تعتمد على زراعة اللوزيات، كالمشمش، والخوخ؛ إضافة إلى تربية الأبقار. في ذلك الوقت، كان أبو سليمان إبن سبعة عشر عاماً، وكانت مهمته رعاية الأبقار وحلبها وبيع الحليب لمصنع كان يمتلكه يهودي قرب حائط البراق في مدينة القدس. والمهمة الأخرى التي كانت توكل إليه هي قطف ثمار الأشجار من المشمش والخوخ، وبيعها للتجار في أسواق مدينة يافا التي تقع على الساحل الشرقي للبحر المتوسط. يروي "أبو سليمان" حكايته لـ"العودة"، مسترجعاً مع كل كلمة يقولها ذكريات الزمن الجميل، ويقول: "كانت عائلتي تمتلك في قرية قالونيا ثلاثة محالّ، كانت تسمى "بيت العيلة"، كان يجتمع فيها جميع أفراد الأسرة. لقد كانت جلسات رائعة جداً تجمعنا كلنا ونتبادل أطراف الحديث والقصص" .

بداية النكبة
لكن ما إن بدأ أبو سليمان بوصف ما جرى في قريتهم، لدى هجوم العصابات الصهيونية على القرى الفلسطينية؛ حتى بدأت الدموع تنحصر في عينيه، وقال: "كان بجانب قريتي مستعمرة يهودية، كانوا يسمونها في ذلك الوقت "الكومينة"، كان يفصلنا عنها طريق واحد، هو "شارع يافا القدس". وفي ذلك الوقت، كانت الأوضاع متوترة، بسب الأنباء التي تحدثت عن دخول اليهود على القرى المجاورة لنا والمجازر التي تحصل فيها، وكانت الأخبار المتداولة في ذلك الوقت عن دخول اليهود إلى بلدة "القسطل"، التي تعتبر من مداخل القدس الإستراتيجية، وهي مجاورة لقريتنا".

أضاف: "ثم سمعنا أصوات الأعيرة النارية وأصوات الناس يصرخون ويقولون: "جاؤوا جاؤوا"، وفي ذلك الوقت أخذ رجال قرية قالونيا بالتسلح، وأحاطوا مداخل القرية بأسلاك شائكة لمنع اليهود من دخولها، لكن اليهود وصلوا إلى قناة المياه التي يشرب منها الأهالي، وهددوا بتفجير القناة؛ لكن قمنا بإطلاق الرصاص عليهم وفروا إلى مستعمرتهم المجاورة لقريتنا. وفي ذلك الوقت وصلت معلومات لأهالي القرية عن أن الأوضاع في بلدة دير ياسين (غربي القدس) سيئة جداً. كان هناك أعداد كبيرة من الشهداء والجرحى؛ إضافة إلى ذلك، أصبح اليهود يطلقون الرصاص بالبنادق الرشاشة على بيوتنا من المستعمرة المجاورة لنا. حينها ساد الخوف والرعب عند الجميع، وجاء والدي "سليمان عثمان سمور" وطلب من العائلة أن تجهز نفسها للرحيل، فقمنا بتجهيز بعض الأغراض والأطعمة لأخذها معنا".

وتابع أبو سليمان حديثه وكأنه يعيش مرة أخرى تلك الأحداث، قائلاً: "عندما خرجنا من القرية، وفي طريقنا، مررنا بمجموعة كبيرة من الثوار، كانت معهم دواب محملة أسلحة، وكان قائدهم هو "عبد القادر الحسيني" - من مواليد إسطنبول في 1910 ميلادي - كانوا في طريقهم إلى قرية القسطل التي استولى عليها اليهود، وحدثت فيها معركة كبيرة بينهم وبين اليهود، استمرت ثمانية أيام متواصلة، إلى أن استُشهد فيها القائد الحسيني وهو ممسك بسلاحه، فأخذ الثوار الجثة ونقلوها إلى قرية "عين كارم" (من ضواحي القدس)؛ حتى لا تقع جثة الشهيد عبد القادر الحسيني بأيدي الإسرائيليين ويساوموا الثوار عليها، ثم دفن بعد ذلك في القدس بجوار قبر أبيه (موسى كاظم الحسيني).

ويواصل أبو سليمان سرد مجريات رحلة الهجرة ويقول لـ"العودة": "وبينما نحن سائرون، طلب والدي مني الذهاب وحيداً، ومعي الأبقار، إلى قرية "بيت غور التحتا"، التي تقع في الجهة الغربية من مدينة رام الله. كان هنالك مكان توضع فيه الأبقار؛ بينما ذهب والدي مع بقية العائلة إلى بلدة بيت سوريك التابعة لمدينة القدس، وانتظرت سبعة أيام متتالية حتى جاء والدي برفقة العائلة بأجمعها بسيارة كبيرة كنا نسميها "طرق"، ركبت معهم وذهبنا مباشرة إلى مدينة نابلس، وهناك استقبلتنا عائلة معروفة واسمها "جعارة"، تسكن في الجبل الشمالي من مدينة نابلس؛ وفي ذلك الوقت لم يكن في نابلس سوى البلدة القديمة، وكان المسؤول عن المدينة هو "أحمد الشكعة".

ظروف معيشية صعبة
وأكمل حديثه عن صعوبة الحياة والظروف التي مرّ بها هو وعائلته، وقال: "في ذلك الوقت كان عمري 17 عاماً، حيث لم يكن هناك فرص عمل في مدينة نابلس، وواجهنا صعوبة في تلبية الاحتياجات اللازمة للأسرة. ومع مرور الأيام؛ باع والدي الأبقار التي كانت لدينا، ثم أقنعني بأن أتزوج؛ لأنني الولد الأكبر بين إخوتي. وفعلاً، خطبت وأنا في عمر سبعة عشر عاماً فتاة تسكن في مدينة نابلس، وبعد ذلك انتقلنا إلى شخص كان متعهداً في البناء وتجارة الأبقار(عادل القادري)، قمنا بشراء بقرة واحدة من عنده وكانت رخيصة الثمن (50 جنيهاً فلسطينياً)، وكنت اهتم بها، وأقوم بحلبها ومن ثم أبيع الحليب في البلدة القديمة في مدينة نابلس؛ حتى نتمكن من شراء لقمة العيش. وقد بقينا على تلك الحال مدة سنة؛ ومن ثم استأجرنا بيتاً خاصاً للعائلة عام 1949؛ وفي ذلك الوقت تزوجت خطيبتي (فاطمة) في عشرين رمضان عام 1949.

وكان أول طفل وهبني إياه الله سبحانه وتعالى عام 1952 وسميته "سليمان" على اسم والدي. وفي عام 1965 قررت عائلتي السكن في مدينة رام الله، ولم أذهب معهم؛ لقد بقيت مع عائلتي الصغيرة في مدينة نابلس، والآن أصبحت عائلتي "ثمانية أفراد": خمسة أولاد وثلاث بنات، ومن ثم انتقلت للسكن في مخيم عسكر شرق نابلس، ثم توظفت في الأشغال العامة في المخيم، وبقيت على ذلك الوضع حتى هذه اللحظة".

بين الماضي والحاضر وبهدف استمرار التواصل وعدم الانقطاع عن الأهل والأصحاب والجيران بعد التشتت والهجرة، أنشأ أهالي قرية قالونيا المهجرة جمعية خيرية في مدينة البيرة القريبة من مدينة رام الله، وهو مكان يجتمع فيه أهالي القرية المهجرة في المناسبات والأعياد، إضافة إلى أن تلك الجمعية تضم الكثير من الأنشطة المتنوعة الثقافية والاجتماعية، ومن ثم إحياء حق العودة وتاريخ القرية وحاضرها في نفوس الجيل الجديد، إضافة إلى تكريم طلبة المدارس والمتخرجين من الجامعات.

"بالأول، لا يوجد فلوس وكان يوجد هدات بال؛ أما الآن؛ فيوجد فلوس، ولا يوجد هدات بال"، هكذا تحدث "أبو سليمان" عن الأوضاع الاقتصادية قديماً؛ مقارنة بالظروف الحالية التي يعيشها، وقال: "أبنائي سافروا إلى الخارج: منهم من سافر إلى السعودية، ومنهم من سافر إلى أميركا للعمل وتحقيق فرص أفضل للحياة؛ وبقيت أنا وزوجتي في المخيم ولا ينقصنا أي شيء؛ لأن أولادي يرسلون إلينا الأموال باستمرار، لكن الآن لم يعد هناك طعم للحياة".

وكان للسياسة نصيب من حوار "العودة" مع أبو سليمان؛ حيث تحدث بلغته البسيطة عن حق الفلسطينيين بإقامة الدولة، وعن استحقاق الدولة على حدود عام 1967 الذي تسعى السلطة الفلسطينية إليه منذ سنوات، وتندّر بمثل شعبي يقال "العور ولا العمى"؛ وتابع: "لقد عشت مع الإسرائيليين كثيراً، وأنا أعرفهم. لن يخرجوا من هذه البلاد إلا بالقوة فقط؛ إنهم لا يسمحون لي بزيارة قريتي إلا من خلال حصولي على تصريح منهم!"، وأضاف: "لو أعطونا حدود 67 شو استفدت أنا؟ سوف تبقى عيني على بلاد لا تنسى.

تلك الكلمات كانت كفيلة بأن تُدمع عيني أبو سليمان، حيث لم ولن ينسى بلدته المقدسية "قولونيا"، التي وصفها برائحة ورد "الكولونيا" الذي لن يفارقه إلا بعد موته (كما قال).

المصدر: مجلة العودة / العدد62/ شهر 11/2012

من الذاكرة الفلسطينية: أبو نبيل لو عاد بي الزمن لفضلت الموت على اللجوء


من الذاكرة الفلسطينية: أبو نبيل لو عاد بي الزمن لفضلت الموت على اللجوء

نابلس - لينا الحاج محمد وهبة أبو غضيب
ستة ملايين لاجئ في فلسطين والمهجر يعيشون ذكرى البحث عن وطنهم المفقود وأرضهم المسلوبة.... في ثالث يوم رمضان من عام 1948، الاستعداد إلى صوم يوم جديد تحول إلى الصوم عن بيتهم وأرضهم 64 عاماً على التوالي.

التجاعيد تحت عينيه، والسواد يغمرهما، والدموع تترقرق في عينيه، والرجفة لا تفارق يديه اللتين جار عليهما الزمان، ليرسم له واقعاً مريراً؛ لكن رغم كل ذلك؛ ما زالت ذاكرة أبو نبيل الطيراوي (79 عاماً) من مخيم بلاطة (شرق مدينة نابلس، شمال الضفة الغربية) تنبض بتفاصيل يوم الرحيل ورحلة اللجوء.

وما إن بدأت "العودة" بسؤاله عمّا عاشه خلال أيام النكبة عام 48، بدأت ذاكرته تروي قصة الهجرة بتفاصيلها، وكأنها حدثت بالأمس القريب. حكاية عاشها أبو نبيل، وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره؛ حيث كان يسكن مع عائلته في قرية "طيرة دندن" قضاء مدينة اللد؛ لينتهي بهُم الحال للعيش في حيّ بلاطة البلد بجانب مخيم بلاطة في نابلس، وهو أكبر مخيمات الضفة الغربية.

تنهيدة وابتسامة بسيطة رسمت على وجه أبو نبيل في بداية حديثه عن بلده الطيرة، القرية التي وصفها بـ"جنة فلسطين الخالدة"؛ بطقسها الجميل، وأراضيها وبياراتها الخضراء، وحياة مثالية بأوضاع مالية ممتازة، وأراضٍ مزروعة بالقمح والذرة والصبار والزيتون كان يملكها والد أبو نبيل الذي كان يعمل تاجر مواشٍ في الطيرة.

بداية الحكاية
يقول الشيخ الهرم لـ"العودة": كانت بداية خروج جزء من أهل القرية لما سمعوه عن وحشية اليهود في دير ياسين غربي القدس المحتلة، فيما بقيت أنا وعائلتي وباقي أهل البلد في القرية، حتى فاجأتنا العصابات اليهودية ثالث أيام شهر رمضان قبل أذان الفجر، حيث دخلوا القرية من منطقة الغرب؛ فاستيقظ الناس مذعورين على صوت إطلاق نار كثيف كالمطر، لم يتوقف للحظة ولم يميز بين كبير وصغير".

يتابع وصف ذلك المشهد وكأنه يراه أمامه، ويقول: "خرجنا من البيت كلنا حفاة ومن دون وعي، ولم يكن بحوزة والدي سوى مبلغ صغير من المال، إضافة إلى المرتينة (بندقية تحوي 20 طلقة)، تاركين وراءنا كل ما نملك من أراضٍ وأثاث ومواشٍ".

ولشدة الذعر والهلع الذي انتشر بين الناس لدى هجوم العصابات الصهيونية؛ أشار أبو نبيل إلى أن عدداً من العائلات خرجوا تاركين أطفالهم في البيوت، ولم يتذكروا أطفالهم إلا بعد قطع مسافة كبيرة، وبعدما حلّ القصف على كل حجر في القرية، ومنهم من ضاعوا عن أطفالهم وتفرقوا ولم يستطيعوا رؤيتهم أبداً".

ويضيف: "اتجهنا نحو جبال القرية، لكني لم أستطع أن أبقى بعيداً عن المنزل وأترك الخراف التي كنت أعتني بها وألاعبها وأسرح بها في الأراضي والجبال لترعى. لم أستطع أن أتركها وحيدة هناك، فقررت العودة إلى المنزل لأخذ الخراف، لكن القصف اشتد أكثر من كل نواحي القرية وازدادت الاشتباكات بين الثوار في القرية والعصابات اليهودية، حينها أجبرت على ترك الخراف وسط القرية وهربت مسرعاً؛ وأثناء طريقي، رأيت امرأة تجمع القمح فصرخت عليها بذعر: ماذا تفعلين؟ هل جننت وصوت القصف فوق رأسك؟ اهربي قبل أن تقتلي، فتركت ما بيدها واتجهنا نحو الجبل. لقد كان كل ما يدور في عقلي هو اللحاق بوالدي ومحاولة تجاهل صوت القصف المرعب".

ويشير أبو نبيل إلى أن كبار السن في قريته لم يستطيعوا الهرب مع أهالي القرية، وبقوا في بيوتهم، وقال: "كانوا نحو 20 مسناً، منهم امرأة واحدة ومسن ضرير، وعند وصول اليهود إلى القرية جمعوهم وأرسلوهم إلى مدينة اللد، لكنهم أصروا على العودة إلى قريتهم مشياً على الأقدام، وأثناء عودتهم؛ تغلب مرض المرأة المسنة عليها وفارقت الحياة قبل أن ترى بلدتها ومنزلها مرة أخرى، وقاموا بدفنها في الطريق، واستمروا في سيرهم إلى أن وصلوا إلى أطراف القرية. وقبل استنشاقهم رائحة أرضهم؛ فجأة غطى الرصاص رؤوسهم، وكان آخر ما استنشقوه رائحة دمائهم العطرة التي روت أرضهم.

الأرض فراشنا والسماء غطاؤنا
التقى أبو نبيل بأهله وأكملوا طريقهم إلى دير طريف (جانب قرية الطيرة)، وعلى كتفه أخوه الأصغر البالغ من العمر 4 سنوات. وعندما حلّ الظلام؛ منهم من نام داخل الكهوف؛ ومنهم من نام تحت شجر الزيتون، ووصف حالهم حينها قائلاً: "لقد افترشنا الأرض وكانت السماء غطاءنا. وعند بدء نهار جديد، بدأنا بالسير لثلاثة أيام متتالية، شهدنا خلالها قصصاً مؤلمة لوفاة عدد من الأطفال بسبب التعب والحر والجوع والعطش، ولولا مساعدات الفلاحين وسكان القرى لمات الكبار أيضاً من الجوع والعطش. كان الأهالي يعملون المستحيل لتدبير القليل من الطعام والماء لصغارهم، حتى وصلنا إلى قرية "دير عمار" غرب مدينة رام الله".

أما عائلة "أبو نبيل"، فقد أنقذها ذلك المبلغ الصغير الذي كان يحمله والده بجيبه عند خروجه من منزلهم، فبدأ بشراء المواشي وذبحها وتعليقها على شجر الزيتون ليبيعها لأهالي القرى.

ويشير إلى أنه "في ذلك الوقت عمّ قرية الطيرة هدوء نسبي، فأرسلني والدي إلى القرية مع حمار حتى يجلب لهم ما يستطيع إحضاره من المنزل. كنت أشعر بخوف ورعب شديدين، لكن رائحة زهور برتقال البيارات التي تملأ المكان كانت تهدئ من روعي قليلاً".

ويتابع وصف مشهد دخوله القرية بشيء من التأثر والانفعال، وكأن ما حدث لا يزال يراود خياله بكل لحظة: "أثناء دخولي القرية رأيت ما تقشعر له الأبدان؛ كنت أخطو خطوة وأرجع للخلف خطوتين، متردداً وخائفاً ينتابني شعور غريب، ولكني أكملت الطريق، وإذ بي أنظر تحت قدمي أدوس جثة شيخ من القرية؛ فيما كان هناك نساء وأطفال تغطيهم الدماء في كل مكان".

أثناء الحديث؛ تأثر أبو نبيل وصمت لوهلة والدموع بعينيه، مختصراً حديثه بأنه استطاع إحضار 100 كيلو طحين وطعام يكفيهم، متردداً على القرية لثلاثة أيام على التوالي، حتى حان موعد إكمال هجرتهم ليصلوا إلى نابلس، ويسكنوا داخل "حي بلاطة البلد" قرب مخيم بلاطة؛ بعد شهرين.

خيام المخيم أبشع ما رآه أبو نبيل
وبعد سنوات قليلة، توفي والد أبو نبيل، بينما كبر هو وتزوج وأصبح لديه طفل، فاضطر إلى أن يسكن هو وزوجته وابنه في خيمة داخل مخيم بلاطة؛ بعد حدوث بعض المشاكل العائلية بينه وبين زوجة أبيه. ويضيف: "الخيمة كانت الحل الأخير لي، لكني لم أستطع تحمل وضع الحياة فيها من دون مرافق صحية، ولا حتى مكان للطبخ، وكلما هبّت الرياح لا تبقى أي خيمة في مكانها. كانت ظروف الحياة فيها مزرية وبشعة وصعبة لا تحتمل؛ وكانت زوجتي صغيرة بالعمر وأنا أخاف عليها من هذا المسكن، فانتقلت للسكن عند عمي حتى جاءت الأونروا وقدمت مساعدات، وبنت لنا بيوتاً محل الخيام التي كنا نطلق عليها اسم وحدات".

وعاد أبو نبيل ليسكن وأسرته في وحدته داخل المخيم، وأكمل عمل والده في تجارة المواشي؛ حتى أصبح يمتلك ملحمة لبيع اللحوم.

عاش أهل المخيم فترة من الاستقرار النسبي لم تدم؛ حيث اقتحم اليهود مخيم بلاطة عام 1967؛ فهرب الأهالي مرة أخرى من بيوتهم؛ خوفاً من القتل، وخشية على أعراضهم، وتوجهوا نحو قرية "بيت فوريك" (شرق مخيم بلاطة). ويذكر أبو نبيل موقفاً حينها، قائلاً: "حملت زوجتي العجين الذي كانت تحضره لتخبزه قبيل الاقتحام، لكنه لم يفِ بغرضهم وتعفن في الطريق ورمته وهي تبكي بشدة، حيث لم يبق معها ما تطعمه لأطفالنا".

ويشير أبو نبيل إلى أنه لدى عودتهم إلى المخيم بعد أيام، قرر أن يشتري منزلاً خارج المخيم ويسكن فيه؛ حيث سكن في منطقة بلاطة البلد.

أبو نبيل: الدول العربية سبب في ضياع أوطاننا

وعند سؤال "العودة" أبو نبيل عن وصف شعوره وهو بعيد عن أرضه وبلده الأصلي، كان رده بعصبية، منقلبة نبرة صوته، يظهر بعيونه الندم لخروجه من بلده ومتمنياً لو مات هناك ولم يخرج منها لما رآه وعاشه من واقع مر بقي في ذاكرته 79 عاماً.

ويقول: "أنا أقول لأحفادي: إننا نحن من تركنا أرضنا لليهود، ونحن السبب في توطنهم في فلسطين، ونحن من بعناهم أراضينا وكروم العنب والزيتون والبيارات. كانوا أقل عدداً منا، إلا بعض الفلسطينيين استسلموا للملايين التي دفعوها اليهود لهم، وبنوا مستعمراتهم فيها".

اشتد غضب أبو نبيل وارتجفت يداه وتساءل: "ألم نكن السبب في استيلائهم على باقي أراضي فلسطين؟ فعند بيعك بلاطة أرض واحدة لعدو حقير فأدرك أنك ستبيع باقي أرضك وبلا إحساس، فأصبحوا اليهود يمتدون ويتوسعون أكثر في بنائهم نحو باقي الأراضي حولهم وبعدوانية بشعة، والسبب في حالنا هي الدول العربية؛ التي وقفت في مكانها ولم تساعدنا، مع أنها تمتلك القدرة في المساعدة"

المصدر: مجلة العودة/ العدد ـ 60 / شهر 9/ 2012

2014-05-05

لمحة عن قرى وبلدات قضاء حيفا، تاريخ الاحتلال ومعلومات عامة,


لمحة عن قرى وبلدات قضاء حيفا، تاريخ الاحتلال ومعلومات عامة,
البلده تاريخ الأحتلال البعد من مركز المحافظه الرقم على الخارطه تعداد السكان في 1948 تقدير لتعداد الاجئين
 في 1998
ملكية العرب للاراضي ملكية اليهود للاراضي المغتصبات الصهيونيه
أُم الزينات 15 أيار، 1948 20 كم جنوب شرقي حيفا 18 1,705 10,472 18,684 51 Elyaqim
أُم السحالي           N/A 0  
أُم الشوف 12 أيار، 1948 29 كم جنوب حيفا 39 557 3,419 6,320 0 Giv'at Nili
أُم القطف           N/A 0  
إبطن   16 كم شمال شرقي حيفا       1 0  
إجزم 24 تموز، 1948 19 كم جنوب حيفا 17 3,445 21,157 23,619 0 Kerem Maharal
إعبلين 11 آب، 1948 22 كم شرق حيفا       16,019 0  
ابو زريق 12 نيسان، 1948 24 كم جنوب شرقي حيفا 24 638 3,918 4,401 0 None
ابو شوشة 9 نيسان، 1948 26 كم جنوب شرقي حيفا 28 835 5,129 5,883 0 Mishmar ha-'Emeq occupies part of village lands.
برة قيسارية 15 أيار، 1948 32 كم جنوب غربي حيفا 45     1 0 Or 'Aqiva & Qesarya
بسمة طبعن           N/A 0  
البطيمات 1 أيار، 1948 31 كم جنوب شرقي حيفا 41 128 784 3,832 4,724 Even Yitzchaq
بلد الشيخ 25 نيسان، 1948 7 كم جنوب شرقي حيفا 4 4,779 29,349 5,844 285 Nesher township
بيت لحم 1 نيسان، 1948 21 كم جنوب شرقي حيفا   429 2,636 7,439 0  
بريكة 5 أيار، 1948 29 كم جنوب حيفا 37 336 2,066 1,864 9,384 None
بُويشات           N/A 0  
جبع 24 تموز، 1948 18 كم جنوب حيفا 14 1,322 8,121 4,759 0 Geva' Karmel
جسر الزرقه           2,531 526  
الجلمة 1 أيار، 1948 14 كم جنوب شرقي حيفا 9     1 0 Currently, an Israeli military base occupies the village.
حجاجره           N/A 0  
حلف           N/A 0  
الحميرة           N/A 0  
خبْيزة 12 أيار، 1948 29 كم جنوب شرقي حيفا 40 336 2,066 2,828 2,024 None
خربة أم العلق           N/A 0  
خربة البرج 15 شباط، 1948 34 كم جنوب حيفا 44     15 4,933 Binyamina
خربة الدامون 30 نيسان، 1948 10 كم جنوب شرقي حيفا 8 394 2,422 1,904 0 None
خربة السركس 15 نيسان، 1948 42 كم جنوب حيفا 50 751 4,609 1 0 Gan Shemu'el & Talmey EI'azar
خربة الشونة 15 آذار، 1948 32 كم جنوب حيفا 42     1 0 Binyamina and Nachalat Jabotinsky
خربة الكساير 16 نيسان، 1948 13 كم شرق حيفا 2     1 0 The Palestinian Arab town of Shefa 'Amr.
خربة الماقوره           N/A 0  
خربة المنارة 21 أيار، 1948 19 كم جنوب حيفا 16     1 0 'Ofer & Kerem Maharal
خربة المنصورة 28 نيسان، 1948 18 كم جنوب شرقي حيفا 13 223 1,368 1 0 The Palestinian Druze town of Daliyat al-Karmil occupies some of the village lands.
خربة رأس علي           N/A 0  
خربة سعْسع 28 نيسان، 1948 15 كم شرق حيفا 5 151 926 1 0 None
خربة قمبازة 15 أيار، 1948 21 كم جنوب حيفا 22     1 0 Some of village lands are being used by the Israeli army as military training ground and the rest are occupied by the settlement of Kerem Maharal.
خربة لِد العوادين 9 نيسان، 1948 32 كم جنوب شرقي حيفا 29 13,572 4,559 13,218 0 ha-Yogev
الخريبه           N/A 0  
خوالد           N/A 0  
دار الحنّون           N/A 0  
دالية الروحة 1 آذار، 1948 24 كم جنوب شرقي حيفا 27 325 1,995 178 9,614 Ramot Menashe & Daliyya
دالية الكرمل           19,741 1,736  
الريحانية 30 نيسان، 1948 25 كم جنوب حيفا 25 278 1,710 1,885 0 Ramat ha-Shofet & 'En ha-'Emeq
الزبيدات           N/A 0  
سركيس           N/A 0  
السنديانة 12 أيار، 1948 29 كم جنوب حيفا 36 1,450 8,905 9,706 864 Avi'el
السوامير 22 أيار، 1948 22 كم جنوب حيفا 21     1 0 En Ayyala & 'Ofer
شفا عمرو 16 تموز، 1948 20 كم شمال شرقي حيفا   4,211 25,859 58,725 7,621  
صبارين 12 أيار، 1948 28 كم جنوب حيفا 35 1,972 12,110 19,840 4,209 Ramot Menashe & 'Ammiqam
الصُرفند 16 تموز، 1948 19 كم جنوب غربي حيفا 15 336 2,066 3,486 0 kibbutz Neve-Yam, Tzerufa, & Geva' Karmel
صفصافا           N/A 0  
الضُميري 10 نيسان، 1948         775 612  
طبعون           N/A 0  
طبعون المدمرة           N/A 0  
الطنطورة 21 أيار، 1948 24 كم جنوب حيفا 26 1,728 10,614 11,758 2,051 Kibbutz Nachsholim and Dor.
الطيرة 16 تموز، 1948 7 كم جنوب حيفا 6 6,113 37,542 23,940 6,553 ha-Chotrim, Tirat Karmel, Megadim, Kefar Gallim, & Beyt Tzvi
عاره           N/A 0  
عتليت 15 أيار، 1948 12 كم جنوب غربي حيفا 11 174 1,069 15 5,262 'Atlit and Newe Yam
عرب الفقراء/الشيخ حلو 10 نيسان، 1948 42 كم جنوب غربي حيفا 49 360 2,208 15 2,513 Currently, the Israeli city of Chadera is occupying village lands.
عرب المفجر 5 شباط، 1949 23 كم جنوب حيفا       N/A 0  
عرب النفيعات 10 نيسان، 1948 45 كم جنوب حيفا 51 951 5,841 7,466 7,466 Mikhmoret
عرب ظهرة الضميري 1 نيسان، 1948 41 كم جنوب حيفا 48     N/A 0 None
عرعره           29,537 0  
عسفيا           16,811 1,476  
عمريّه           N/A 0  
عين حوض 15 تموز، 1948 14 كم جنوب حيفا 10 754 4,630 6,656 0 Nir 'Etziyon and 'En Hod
عين غزال 24 تموز، 1948 21 كم جنوب حيفا 20 2,517 15,458 14,628 424 'En Ayyala and 'Ofer
الغبية التحتا 8 نيسان، 1948 28 كم جنوب شرقي حيفا 30     11,607 0 Midrakh 'Oz
الغبية الفوقا 8 نيسان، 1948 28 كم جنوب شرقي حيفا 32     11,607 0 Mishmar ha-'Emeq
فُريديس   20 كم جنوب حيفا       4,220 132  
قصُقصُ           N/A 0  
قنْير 25 نيسان، 1948 35 كم جنوب حيفا 43 870 5,343 10,826 50 Regavim
قيسارية 15 شباط، 1948 37 كم جنوب غربي حيفا 46 1,114 6,839 20,959 874 Sedot Yam , Or 'Aqiva, & the Qesarya.
قِيرة وقامون 1 آذار، 1948 23 كم جنوب شرقي حيفا 23 476 2,921 711 0 Yoqne'am, Yoqne'am 'Illit, & Kibbutz ha-Zore'a.
الكبابير           N/A 0  
كبارة 30 نيسان، 1948 30 كم جنوب شرقي حيفا 38 139 855 1,070 3,487 Ma'yan Tzevi, Ma'agan Mikha'el, & Beyt Chananya
كعبيّه           N/A 0  
كفر قرع           14,543 3,544  
كفر لام 16 تموز، 1948 21 كم جنوب غربي حيفا 19 394 2,422 5,104 0 'En Ayyala and ha-Bonim
الكفرين 12 نيسان، 1948 29 كم جنوب شرقي حيفا 34 1,067 6,554 9,981 0 Currently, an Israeli military training camp occupies some of the village.
المزار 15 تموز، 1948 18 كم جنوب شرقي حيفا 21 244 1,496 4,432 856 'En Karmel
المناره 1 آذار، 1948         N/A 0  
منشيّة زبده/السعدية           N/A 0  
المنصوره           N/A 0  
المنْسي/عرب بنيها 12 نيسان، 1948 30 كم جنوب شرقي حيفا 33 1,392 8,548 7,611 0 Midrakh 'Oz
النغْنغية 12 نيسان، 1948 28 كم جنوب شرقي حيفا 31 1,311 8,050 11,607 0 None
هوشة 16 نيسان، 1948 13 كم شرق حيفا 3 464 2,850 N/A 0 Usha, Arab township of Shefa 'Amr, and Ramat Yochanan.
وادي عارة 27 شباط، 1948 38 كم جنوب حيفا 47 4,267 1,638 7,846 1,949 'En 'Iron, Kibbutz Barqay, & Ma'anit
والدهيم/أُم العمد 1 نيسان، 1948 18 كم جنوب شرقي حيفا       9,194 0  
وعرة السرّيس 16 نيسان، 1948 11 كم شرق حيفا 1 220 1,354 1 0 Arab township of Shafa 'Amr & Qiryat Atta.
ياجور 25 نيسان، 1948 9 كم جنوب شرقي حيفا 7 708 4,345 344 486 Yagur & Nesher
Jeida           N/A 0