من الذاكرة الفلسطينية: الحاجة ’’أم حافظ’’: خرجنا من بيوتنا خوفاً على أعراضنا وحياتنا
لبابة ذوقان - نابلس
رغم ما تعانيه الحاجة أم حافظ من مرض ألزمها الفراش منذ عدة أسابيع؛ إلا أنها بدت تصف حكاية النكبة التي عاشتها وهي ابنة خمسة عشر عاماً، وكأن ما حصل، في الأمس القريب، حكاية يخيل لك، وأنت تسمعها، أنك تتابع قصة فيلم من "أفلام هوليود".
تفاصيل صغيرة كانت كافية لتنقل للأجيال والأحفاد ويحفظوا معها حقهم الذي سُلبوه. ومن على فراش مرضها في بيتها الكائن في "مخيم عسكر" للاجئين الفلسطينيين، شرق مدينة نابلس، شمال الضفة المحتلة؛ تحاملت الحاجة أم حافظ (79 عاماً) على أوجاعها ومرضها، وبدأت تروي لـ"العودة" قصتها عندما هاجرت برفقة عائلتها من بيسان جنوب فلسطين المحتلة إلى مدينة نابلس، وكأنها تريد أن تقول: إن كل ألم ووجع يهون أمام ألم الهجرة والنكبة.
إننا الآن في بيسان عام 1948. لم تكن "أم حافظ" قد تجاوزت عامها الخامس عشر عندما أنجبت ابنتها البكر (خولة). كانت تعيش هي وزوجها (المرحوم خليل حافظ) حياة بسيطة؛ حيث كان يعمل موظفاً في المحكمة الشرعية هناك؛ ليعول أسرته ووالدته وإخوته.
لكن حياتهم الهادئة لم تستمر طويلاً؛ حيث انقلبت حياتهم إلى خوف دائم من العصابات الصهيونية التي جاءت إلى فلسطين لاحتلالها.
إقامة "الكُبَّانِيَّات" حول المدن:
تصف الحاجة أم حافظ تلك الأيام قائلة: "كنا نعيش في بيسان؛ لكن حول المدينة؛ بدأ اليهود بإقامة المستوطنات التي كنا نطلق عليها "الكُبَّانِيَّات"؛ وكانت تشكل هذه الكُبَّانِيَّات خطراً علينا، وخاصة عندما يحل المساء؛ حيث يطلقون النار باتجاه بيوت الفلسطينيين. وكان الثوار، بدورهم، يحملون أسلحتهم وبنادقهم البسيطة، ويتجهون صوب تلك المستوطنات، ويشتبكون مع اليهود بالرصاص والقنابل".
وتتابع: "كان شقيق زوجي يخرج مع الثوار حينها كل مساء؛ كان يحمل بندقيته ويذهب باتجاه اليهود، ويطلق النار عليهم. كان الثوار مصرين على طرد اليهود من أرضنا، لكنهم لا يملكون السلاح الكافي".
الحفاظ على العرض
تصمت الحاجة قليلاً، وتعضّ على أوجاعها التي ألمّت بها نتيجة اشتداد مرضها، وربما أيضاً للألم الذي يرافق تلك الذكريات، وتقول: "كانت الاشتباكات بين الثوار واليهود عبارة عن مناوشات ليلية؛ لكن بعد فترة؛ وصلتنا أخبار المجازر في دير ياسين، والفظائع التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وكان أكثر ما أخاف الأهالي حينها ليس القتل، بل حوادث الاغتصاب التي شاع نبؤها آنذاك".
وتابعت: "عندما كثر الحديث عن قرب اليهود ونيتهم اقتحام بيسان، وقتل العرب، واغتصاب الفتيات، قررت والدتي الهرب إلى مدينة نابلس، حيث كان لنا بيت هناك. وفي أحد الأيام؛ جاءت إلى والدي وقالت لحماتي: "أنا أخاف على بناتي؛ فهن جميلات؛ واليهود يرتكبون الفظائع وأخشى عليهن وعلى عرضهن؛ وأريد أن آخذهن وأذهب لنابلس".
وهذا ما حدث؛ حيث استقلت الأم وابنتاها وحفيدتها "خولة" -التي كان عمرها 11 شهراً- سيارة أجرة تعمل على خط بيسان - نابلس بعد أن حزمن أمتعتهنّ، وبقي زوج السيدة أم حافظ في بيسان، برفقة والدته؛ حيث "لم يتمكن من الذهاب معهن؛ لطبيعة عمله في المحكمة الشرعية، وبقي الاتصال مقطوعاً بيننا، ولا نعلم عن بعضنا أي شيء، حتى هجروا من بيسان".
وتقول: "وصلنا إلى بيتنا في البلدة القديمة في نابلس. وبعد مرور ما يقارب شهرين؛ اشتدت الحرب، وسقطت البلاد كاملاً، وشُرد الناس من بيسان واللد والرملة ويافا وحيفا وصفد؛ وجاء زوجي وعائلته إلى نابلس".
الهروب حفاة
وتكمل وصفها حال من خرجوا من بلادهم تحت نيران القصف والقنابل، وتقول: "وصل زوجي وعائلته وعشرات العائلات من بيسان وباقي المناطق: قسم منهم جاء إلى مناطق الضفة؛ وقسم هرب باتجاه إربد في الضفة الشرقية. لقد خرجوا من بيوتهم لا يحملون شيئاً معهم، خرجوا بملابسهم التي يرتدونها فقط، وفي ذلك الوقت؛ تعرض الكثير من المنازل للسرقة والنهب، فأهلها تركوها، وفيها كل ما يملكون من نقود وجواهر وأثاث وكل شيء". ولاشتداد حالة الرعب من الموت القادم إليهم، ولعلمهم بأن القاتل لا يحمل في قلبه أي مشاعر إنسانية؛ تعددت قصص الأمهات اللواتي هربن من بيوتهن ونسين أطفالهن الرضع فيها من شدة الخوف الذي ألم بهن.
وتروي "أم حافظ" قصة إحدى النساء: امرأة أنساها الخوف ابنتها الرضيعة في البيت عندما هرب الناس لدى هجوم العصابات الصهيونية عليهم، وقالت: "كانت هذه المرأة هاربة مع أطفالها وعائلتها، وعندما قطعوا مسافة لا بأس بها؛ التفتت حولها وصارت تصرخ باسم ابنتها التي نسيتها في البيت، فأصرت على العودة إلى البيت وحدها؛ تحت القصف وإطلاق النار العشوائي باتجاه البيوت والأهالي العزل، وعندما وصلت إلى البيت وجدت ابنتها تبكي وحدها؛ فحملتها وعادت مسرعة حيث مكان اختباء العائلة في الجبال القريبة".
وتشير الحاجة أم حافظ إلى أن كثيراً من الأطفال الرضّع توفوا في أحضان أمهاتم، وهم في رحلة الهروب التي كانت في شهر حزيران، وقالت: كانت حرارة الطقس عالية جداً، والشمس فوق رؤوس الناس، ولا شيء يقيهم من حرارة الشمس، ولا من نيران اليهود ورصاصهم، وكثير من الأطفال، وخاصة الرضع، توفوا خلال الطريق بسبب الحرارة المرتفعة.
ومن القصص التي ترويها الحاجة عن رحلة الهجرة، والتي تشير إلى مدى الصدمة التي عاشها اللاجئون لعدم تمكنهم من العودة إلى بيوتهم: "كان الناس على يقين من أنهم سيعودون إلى بيوتهم؛ حتى إن بعض النسوة كنّ قبل الخروج من منازلهن يطهين الطعام، ومنهن من كانت تخبز الخبز، وعندما هجمت العصابات الصهيونية؛ تركن ما في أيديهن وغطين الخبز بأغطية خفيفة قائلات: "اتركوه حتى نعود في المساء".
وتضيف: "أهالي يافا واللد والرملة كانوا من أكثر الناس الذين عانوا خلال الهجرة؛ حيث خرج معظمهم وهم حفاة ولا يحملون معهم أي شيء، خرجوا بملابسهم التي عليهم فقط؛ كانوا يعتقدون أن رحلتهم لن تتجاوز يوماً أو يومين، ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية مرة أخرى".
الهروب إلى الجبال:
لكن مع اشتداد الحرب والقصف؛ أُجبر الناس على اللجوء إلى مناطق الشمال؛ حيث أُخليت المدارس من الطلبة وحوِّلت إلى مساكن مؤقتة للاجئين.
وتتابع أم حافظ قائلة: "بعد وصول اللاجئين؛ استمر القصف علينا، وكانت الطائرات تكثف من قصفها ونيرانها أثناء الليل؛ ما دفعنا للجوء إلى المغر والكهوف في الجبال المحيطة بنابلس؛ حيث مكثنا فيها مدة طويلة. وكانت عائلتي تتقاسم المغارة مع عشرين عائلة أخرى، كل عائلة اتخذت لها جانباً في الكهف، وحاولوا صنع سواتر لكل عائلة".
وتتابع: "خلال النهار؛ كان القصف يتوقف لعدة ساعات، نقوم خلالها من شباب ونساء بالنزول لبيوتنا في البلدة القديمة، ونحضر الطعام، ونخبز الخبز؛ ونجلب ما نريده من ملابس أو مياه، وما شابه، ونعود إلى المغارة مرة أخرى؛ بينما يبقى كبار السن والأطفال داخل الكهوف بانتظارنا".
وبعد أن هدأت الأوضاع وتوقفت الغارات الليلية؛ تمكنّا من العودة إلى بيوتنا، بينما توزع اللاجئون على المدارس.
وجاءت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين -التي تكفلت بتوفير المؤن لهم وتوزيع البطاقات عليهم- ووفرت لهم الطحين، والحليب، والسكر، والحمص، والعدس، والمواد التموينية الأولية التي تحتاجها كل عائلة، وهكذا، حتى أُنشئت المخيمات، وسكن الأهالي في خيم مؤقتة، ومن ثم بناء البيوت لهم في مساحات محدودة في مختلف مناطق الضفة؛ وخارج فلسطين (في الأردن وسوريا ولبنان).
المصدر: مجلة العودة ـ العدد 59/ شهر 8/2012
لبابة ذوقان - نابلس
رغم ما تعانيه الحاجة أم حافظ من مرض ألزمها الفراش منذ عدة أسابيع؛ إلا أنها بدت تصف حكاية النكبة التي عاشتها وهي ابنة خمسة عشر عاماً، وكأن ما حصل، في الأمس القريب، حكاية يخيل لك، وأنت تسمعها، أنك تتابع قصة فيلم من "أفلام هوليود".
تفاصيل صغيرة كانت كافية لتنقل للأجيال والأحفاد ويحفظوا معها حقهم الذي سُلبوه. ومن على فراش مرضها في بيتها الكائن في "مخيم عسكر" للاجئين الفلسطينيين، شرق مدينة نابلس، شمال الضفة المحتلة؛ تحاملت الحاجة أم حافظ (79 عاماً) على أوجاعها ومرضها، وبدأت تروي لـ"العودة" قصتها عندما هاجرت برفقة عائلتها من بيسان جنوب فلسطين المحتلة إلى مدينة نابلس، وكأنها تريد أن تقول: إن كل ألم ووجع يهون أمام ألم الهجرة والنكبة.
إننا الآن في بيسان عام 1948. لم تكن "أم حافظ" قد تجاوزت عامها الخامس عشر عندما أنجبت ابنتها البكر (خولة). كانت تعيش هي وزوجها (المرحوم خليل حافظ) حياة بسيطة؛ حيث كان يعمل موظفاً في المحكمة الشرعية هناك؛ ليعول أسرته ووالدته وإخوته.
لكن حياتهم الهادئة لم تستمر طويلاً؛ حيث انقلبت حياتهم إلى خوف دائم من العصابات الصهيونية التي جاءت إلى فلسطين لاحتلالها.
إقامة "الكُبَّانِيَّات" حول المدن:
تصف الحاجة أم حافظ تلك الأيام قائلة: "كنا نعيش في بيسان؛ لكن حول المدينة؛ بدأ اليهود بإقامة المستوطنات التي كنا نطلق عليها "الكُبَّانِيَّات"؛ وكانت تشكل هذه الكُبَّانِيَّات خطراً علينا، وخاصة عندما يحل المساء؛ حيث يطلقون النار باتجاه بيوت الفلسطينيين. وكان الثوار، بدورهم، يحملون أسلحتهم وبنادقهم البسيطة، ويتجهون صوب تلك المستوطنات، ويشتبكون مع اليهود بالرصاص والقنابل".
وتتابع: "كان شقيق زوجي يخرج مع الثوار حينها كل مساء؛ كان يحمل بندقيته ويذهب باتجاه اليهود، ويطلق النار عليهم. كان الثوار مصرين على طرد اليهود من أرضنا، لكنهم لا يملكون السلاح الكافي".
الحفاظ على العرض
تصمت الحاجة قليلاً، وتعضّ على أوجاعها التي ألمّت بها نتيجة اشتداد مرضها، وربما أيضاً للألم الذي يرافق تلك الذكريات، وتقول: "كانت الاشتباكات بين الثوار واليهود عبارة عن مناوشات ليلية؛ لكن بعد فترة؛ وصلتنا أخبار المجازر في دير ياسين، والفظائع التي ارتكبتها العصابات الصهيونية، وكان أكثر ما أخاف الأهالي حينها ليس القتل، بل حوادث الاغتصاب التي شاع نبؤها آنذاك".
وتابعت: "عندما كثر الحديث عن قرب اليهود ونيتهم اقتحام بيسان، وقتل العرب، واغتصاب الفتيات، قررت والدتي الهرب إلى مدينة نابلس، حيث كان لنا بيت هناك. وفي أحد الأيام؛ جاءت إلى والدي وقالت لحماتي: "أنا أخاف على بناتي؛ فهن جميلات؛ واليهود يرتكبون الفظائع وأخشى عليهن وعلى عرضهن؛ وأريد أن آخذهن وأذهب لنابلس".
وهذا ما حدث؛ حيث استقلت الأم وابنتاها وحفيدتها "خولة" -التي كان عمرها 11 شهراً- سيارة أجرة تعمل على خط بيسان - نابلس بعد أن حزمن أمتعتهنّ، وبقي زوج السيدة أم حافظ في بيسان، برفقة والدته؛ حيث "لم يتمكن من الذهاب معهن؛ لطبيعة عمله في المحكمة الشرعية، وبقي الاتصال مقطوعاً بيننا، ولا نعلم عن بعضنا أي شيء، حتى هجروا من بيسان".
وتقول: "وصلنا إلى بيتنا في البلدة القديمة في نابلس. وبعد مرور ما يقارب شهرين؛ اشتدت الحرب، وسقطت البلاد كاملاً، وشُرد الناس من بيسان واللد والرملة ويافا وحيفا وصفد؛ وجاء زوجي وعائلته إلى نابلس".
الهروب حفاة
وتكمل وصفها حال من خرجوا من بلادهم تحت نيران القصف والقنابل، وتقول: "وصل زوجي وعائلته وعشرات العائلات من بيسان وباقي المناطق: قسم منهم جاء إلى مناطق الضفة؛ وقسم هرب باتجاه إربد في الضفة الشرقية. لقد خرجوا من بيوتهم لا يحملون شيئاً معهم، خرجوا بملابسهم التي يرتدونها فقط، وفي ذلك الوقت؛ تعرض الكثير من المنازل للسرقة والنهب، فأهلها تركوها، وفيها كل ما يملكون من نقود وجواهر وأثاث وكل شيء". ولاشتداد حالة الرعب من الموت القادم إليهم، ولعلمهم بأن القاتل لا يحمل في قلبه أي مشاعر إنسانية؛ تعددت قصص الأمهات اللواتي هربن من بيوتهن ونسين أطفالهن الرضع فيها من شدة الخوف الذي ألم بهن.
وتروي "أم حافظ" قصة إحدى النساء: امرأة أنساها الخوف ابنتها الرضيعة في البيت عندما هرب الناس لدى هجوم العصابات الصهيونية عليهم، وقالت: "كانت هذه المرأة هاربة مع أطفالها وعائلتها، وعندما قطعوا مسافة لا بأس بها؛ التفتت حولها وصارت تصرخ باسم ابنتها التي نسيتها في البيت، فأصرت على العودة إلى البيت وحدها؛ تحت القصف وإطلاق النار العشوائي باتجاه البيوت والأهالي العزل، وعندما وصلت إلى البيت وجدت ابنتها تبكي وحدها؛ فحملتها وعادت مسرعة حيث مكان اختباء العائلة في الجبال القريبة".
وتشير الحاجة أم حافظ إلى أن كثيراً من الأطفال الرضّع توفوا في أحضان أمهاتم، وهم في رحلة الهروب التي كانت في شهر حزيران، وقالت: كانت حرارة الطقس عالية جداً، والشمس فوق رؤوس الناس، ولا شيء يقيهم من حرارة الشمس، ولا من نيران اليهود ورصاصهم، وكثير من الأطفال، وخاصة الرضع، توفوا خلال الطريق بسبب الحرارة المرتفعة.
ومن القصص التي ترويها الحاجة عن رحلة الهجرة، والتي تشير إلى مدى الصدمة التي عاشها اللاجئون لعدم تمكنهم من العودة إلى بيوتهم: "كان الناس على يقين من أنهم سيعودون إلى بيوتهم؛ حتى إن بعض النسوة كنّ قبل الخروج من منازلهن يطهين الطعام، ومنهن من كانت تخبز الخبز، وعندما هجمت العصابات الصهيونية؛ تركن ما في أيديهن وغطين الخبز بأغطية خفيفة قائلات: "اتركوه حتى نعود في المساء".
وتضيف: "أهالي يافا واللد والرملة كانوا من أكثر الناس الذين عانوا خلال الهجرة؛ حيث خرج معظمهم وهم حفاة ولا يحملون معهم أي شيء، خرجوا بملابسهم التي عليهم فقط؛ كانوا يعتقدون أن رحلتهم لن تتجاوز يوماً أو يومين، ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية مرة أخرى".
الهروب إلى الجبال:
لكن مع اشتداد الحرب والقصف؛ أُجبر الناس على اللجوء إلى مناطق الشمال؛ حيث أُخليت المدارس من الطلبة وحوِّلت إلى مساكن مؤقتة للاجئين.
وتتابع أم حافظ قائلة: "بعد وصول اللاجئين؛ استمر القصف علينا، وكانت الطائرات تكثف من قصفها ونيرانها أثناء الليل؛ ما دفعنا للجوء إلى المغر والكهوف في الجبال المحيطة بنابلس؛ حيث مكثنا فيها مدة طويلة. وكانت عائلتي تتقاسم المغارة مع عشرين عائلة أخرى، كل عائلة اتخذت لها جانباً في الكهف، وحاولوا صنع سواتر لكل عائلة".
وتتابع: "خلال النهار؛ كان القصف يتوقف لعدة ساعات، نقوم خلالها من شباب ونساء بالنزول لبيوتنا في البلدة القديمة، ونحضر الطعام، ونخبز الخبز؛ ونجلب ما نريده من ملابس أو مياه، وما شابه، ونعود إلى المغارة مرة أخرى؛ بينما يبقى كبار السن والأطفال داخل الكهوف بانتظارنا".
وبعد أن هدأت الأوضاع وتوقفت الغارات الليلية؛ تمكنّا من العودة إلى بيوتنا، بينما توزع اللاجئون على المدارس.
وجاءت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين -التي تكفلت بتوفير المؤن لهم وتوزيع البطاقات عليهم- ووفرت لهم الطحين، والحليب، والسكر، والحمص، والعدس، والمواد التموينية الأولية التي تحتاجها كل عائلة، وهكذا، حتى أُنشئت المخيمات، وسكن الأهالي في خيم مؤقتة، ومن ثم بناء البيوت لهم في مساحات محدودة في مختلف مناطق الضفة؛ وخارج فلسطين (في الأردن وسوريا ولبنان).
المصدر: مجلة العودة ـ العدد 59/ شهر 8/2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق