بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008-09-07

فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي قِيَامِ اللّيْلِ


[ هَلْ كَانَ قِيَامُ اللّيْلِ عَلَيْهِ فَرْضًا ]
قَدْ اخْتَلَفَ السّلَفُ وَالْخَلَفُ فِي أَنّهُ هَلْ كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ أَمْ لَا ؟ وَالطّائِفَتَانِ احْتَجّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
وَمِنَ اللّيْلِ فَتَهَجّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ [ الْإِسْرَاءُ 79 ] قَالُوا : فَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْوُجُوبِ قَالَ الْآخَرُونَ أَمَرَهُ بِالتّهَجّدِ فِي هَذِهِ السّورَةِ كَمَا أَمَرَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : يَا أَيّهَا الْمُزّمّلُ قُمِ اللّيْلَ إِلّا قَلِيلًا [ الْمُزّمّلُ 1 ] . وَلَمْ 312يَجِئْ مَا يَنْسَخُهُ عَنْهُ وَأَمّا قَوْلُهُ تَعَالَى : نَافِلَةً لَكَ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ التّطَوّعَ لَمْ يَخُصّهُ بِكَوْنِهِ نَافِلَةً لَهُ وَإِنّمَا الْمُرَادُ بِالنّافِلَةِ الزّيَادَةُ وَمُطْلَقُ الزّيَادَةِ لَا يَدُلّ عَلَى التّطَوّعِ قَالَ تَعَالَى : وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً [ الْأَنْبِيَاءُ 72 ] أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْوَلَدِ وَكَذَلِكَ النّافِلَةُ فِي تَهَجّدِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ زِيَادَةً فِي دَرَجَاتِهِ وَفِي أَجْرِهِ وَلِهَذَا خَصّهُ بِهَا فَإِنّ قِيَامَ اللّيْلِ فِي حَقّ غَيْرِهِ مُبَاحٌ وَمُكَفّرٌ لِلسّيّئَاتِ وَأَمّا النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَدْ غَفَرَ اللّهُ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخّرَ فَهُوَ يَعْمَلُ فِي زِيَادَةِ الدّرَجَاتِ وَعُلُوّ الْمَرَاتِبِ وَغَيْرِهِ يَعْمَلُ فِي التّكْفِيرِ . قَالَ مُجَاهِدٌ : إنّمَا كَانَ نَافِلَةً لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِأَنّهُ قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخّرَ فَكَانَتْ طَاعَتُهُ نَافِلَةً أَيْ زِيَادَةً فِي الثّوَابِ وَلِغَيْرِهِ كَفّارَةً لِذُنُوبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي تَفْسِيرِهِ حَدّثَنَا يَعْلَى بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ حَدّثَنَا الْحَجّاجُ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ مَا سِوَى الْمَكْتُوبَةِ فَهُوَ نَافِلَةٌ مِنْ أَجْلِ أَنّهُ لَا يَعْمَلُ فِي كَفّارَةِ الذّنُوبِ وَلَيْسَتْ لِلنّاسِ نَوَافِلُ إنّمَا هِيَ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَاصّةً وَالنّاسُ جَمِيعًا يَعْمَلُونَ مَا سِوَى الْمَكْتُوبَةِ لِذُنُوبِهِمْ فِي كَفّارَتِهَا . حَدّثَنَا مُحَمّدُ بْنُ نَصْرٍ حَدّثَنَا عَبْدُ اللّهِ حَدّثَنَا عَمْرٌو عَنْ سَعِيدٍ وَقَبِيصَةَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنْ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : وَمِنَ اللّيْلِ فَتَهَجّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ . قَالَ لَا تَكُونُ نَافِلَةَ اللّيْلِ إلّا لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ
وَذُكِرَ عَنْ الضّحّاكِ قَالَ نَافِلَةً لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ خَاصّةً . وَذَكَرَ
سُلَيْمُ بْنُ حَيّانَ حَدّثَنَا أَبُو غَالِبٍ حَدّثَنَا أَبُو أُمَامَةَ قَالَ إذَا وَضَعْتَ الطّهُورَ مَوَاضِعَهُ قُمْتَ مَغْفُورًا لَك فَإِنْ قُمْتَ تُصَلّي كَانَتْ لَك فَضِيلَةً وَأَجْرًا فَقَالَ رَجُلٌ يَا أَبَا أُمَامَةَ أَرَأَيْت إنْ قَامَ يُصَلّي تَكُونُ لَهُ نَافِلَةً ؟ قَالَ لَا إنّمَا النّافِلَةُ لِلنّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ نَافِلَةً وَهُوَ يَسْعَى فِي الذّنُوبِ وَالْخَطَايَا ؟ تَكُونُ لَهُ 313فَضِيلَةً وَأَجْرًا
قُلْتُ وَالْمَقْصُودُ أَنّ النّافِلَةَ فِي الْآيَةِ لَمْ يُرَدْ بِهَا مَا يَجُوزُ فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ كَالْمُسْتَحَبّ وَالْمَنْدُوبِ وَإِنّمَا الْمُرَادُ بِهَا الزّيَادَةُ فِي الدّرَجَاتِ وَهَذَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْمُسْتَحَبّ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ
نَافِلَةً لَكَ نَافِيًا لِمَا دَلّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ الْوُجُوبِ وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَيَانٍ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِ خَصَائِصِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ .
[ مُثَابَرَتُهُ عَلَيْهِ سَفَرًا وَحَضَرًا ]
وَلَمْ يَكُنْ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَدَعُ قِيَامَ اللّيْلِ حَضَرًا وَلَا سَفَرًا وَكَانَ إذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ صَلّى مِنْ النّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً . فَسَمِعْت شَيْخَ الْإِسْلَامِ
ابْنَ تَيْمِيّةَ يَقُولُ فِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنّ الْوِتْرَ لَا يُقْضَى لِفَوَاتِ مَحَلّهِ فَهُوَ كَتَحِيّةِ الْمَسْجِدِ وَصَلَاةِ الْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَنَحْوِهَا لِأَنّ الْمَقْصُودَ بِهِ أَنْ يَكُونَ آخِرُ صَلَاةِ اللّيْلِ وِتْرًا كَمَا أَنّ الْمَغْرِبَ آخِرُ صَلَاةِ النّهَارِ فَإِذَا انْقَضَى اللّيْلُ وَصَلّيْت الصّبْحَ لَمْ يَقَعْ الْوِتْرُ مَوْقِعَهُ . هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ .
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد
وَابْنُ ماجه مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِي ّ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ مَنْ نَامَ عَنْ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلّهِ إذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَر وَلَكِنْ لِهَذَا الْحَدِيثِ عِدّةُ عِلَلٍ .
أَحَدُهَا : أَنّهُ مِنْ رِوَايَةِ
عَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَهُوَ ضَعِيفٌ . 314الثّانِي : أَنّ الصّحِيحَ فِيهِ أَنّهُ مُرْسَلٌ لَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ التّرْمِذِيّ : هَذَا أَصَحّ يَعْنِي الْمُرْسَلَ .
الثّالِثُ أَنّ
ابْنَ مَاجَهْ حَكَى عَنْ مُحَمّدِ بْنِ يَحْيَى بَعْدَ أَنْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الصّحِيحُ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا قَالَ فَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنّ حَدِيثَ عَبْدِ الرّحْمَنِ وَاهٍ .
[ عَدَدُ رَكَعَاتِهِ فِي الْقِيَامِ ]
وَكَانَ قِيَامُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِاللّيْلِ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً أَوْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ كَمَا قَالَ
ابْنُ عَبّاسٍ وَعَائِشَةُ فَإِنّهُ ثَبَتَ عَنْهُمَا هَذَا وَهَذَا فَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْهَا : مَا كَانَ رَسُولُ اللّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَة وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْهَا أَيْضًا كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي مِنْ اللّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلّا فِي آخِرِهِن وَالصّحِيحُ عَنْ عَائِشَةَ الْأَوّلُ وَالرّكْعَتَانِ فَوْقَ الْإِحْدَى عَشْرَةَ هُمَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيّنًا عَنْهَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِعَيْنِهِ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي ثَلَاثَ 315عَشْرَةَ رَكْعَةً بِرَكْعَتَيْ الْفَجْر ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي " صَحِيحِهِ " . وَقَالَ الْبُخَارِيّ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي بِاللّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمّ يُصَلّي إذَا سَمِعَ النّدَاءَ بِالْفَجْرِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمّدٍ قَالَ سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَقُولُ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ اللّيْلِ عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَيُوتِرُ بِسَجْدَةٍ وَيَرْكَعُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً فَهَذَا مُفَسّرٌ مُبَيّنٌ .
وَأَمّا
ابْنُ عَبّاسٍ فَقَدْ اُخْتُلِفَ عَلَيْهِ فَفِي " الصّحِيحَيْنِ " عَنْ أَبِي جَمْرَةَ عَنْهُ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً يَعْنِي بِاللّيْلِ لَكِنْ قَدْ جَاءَ عَنْهُ هَذَا مُفَسّرًا أَنّهَا بِرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ . قَالَ الشّعْبِيّ : سَأَلْتُ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَبّاسٍ وَعَبْدَ اللّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِاللّيْلِ فَقَالَا : ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً مِنْهَا ثَمَانٍ وَيُوتِرُ بِثَلَاثٍ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْر
وَفِي
" الصّحِيحَيْنِ " عَنْ كُرَيْبٍ عَنْهُ فِي قِصّةِ مَبِيتِهِ عِنْدَ خَالَتِهِ مَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ صَلّى ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمّ نَامَ حَتّى نَفَخَ فَلَمّا تَبَيّنَ لَهُ الْفَجْرُ صَلّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَفِي لَفْظٍ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ أَوْتَرَ ثُمّ اضْطَجَعَ حَتّى جَاءَهُ الْمُؤَذّنُ . فَقَامَ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمّ خَرَجَ يُصَلّي الصّبْحَ
316فَقَدْ حَصَلَ الِاتّفَاقُ عَلَى إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً .
[ مَجْمُوعُ الرّكَعَاتِ الّتِي كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا أَرْبَعُونَ رَكْعَةً وَتَدْخُلُ فِيهَا رَكَعَاتُ فَرِيضَةِ ]
وَاخْتُلِفَ فِي الرّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ هَلْ هُمَا رَكْعَتَا الْفَجْرِ أَوْ هُمَا غَيْرُهُمَا ؟ فَإِذَا انْضَافَ ذَلِكَ إلَى عَدَدِ رَكَعَاتِ الْفَرْضِ وَالسّنَنِ الرّاتِبَةِ الّتِي كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا جَاءَ مَجْمُوعُ وِرْدِهِ الرّاتِبِ بِاللّيْلِ وَالنّهَارِ أَرْبَعِينَ رَكْعَةً كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا دَائِمًا سَبْعَةَ عَشَرَ فَرْضًا وَعَشْرُ رَكَعَاتٍ أَوْ ثِنْتَا عَشْرَةَ سُنّةً رَاتِبَةً وَإِحْدَى عَشْرَةَ أَوْ
ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً قِيَامُهُ بِاللّيْلِ وَالْمَجْمُوعُ أَرْبَعُونَ رَكْعَةً وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَعَارِضٌ غَيْرُ رَاتِبٍ كَصَلَاةِ الْفَتْحِ ثَمَانُ رَكَعَاتٍ وَصَلَاةِ الضّحَى إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَصِلَاتِهِ عِنْدَ مَنْ يَزُورُهُ وَتَحِيّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُوَاظِبَ عَلَى هَذَا الْوِرْدِ دَائِمًا إلَى الْمَمَاتِ فَمَا أَسْرَعَ 317الْإِجَابَةَ وَأَعْجَلَ فَتْحَ الْبَابِ لِمَنْ يَقْرَعُهُ كُلّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ أَرْبَعِينَ مَرّةً . وَاَللّهُ الْمُسْتَعَانُ .
فَصْلٌ فِي سِيَاقِ صَلَاتِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِاللّيْلِ وَوِتْرِهِ وَذِكْرِ صَلَاةِ أَوّلِ اللّيْلِ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا : مَا صَلّى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الْعِشَاءَ قَطّ فَدَخَلَ عَلَيّ إلّا صَلّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ سِتّ رَكَعَاتٍ ثُمّ يَأْوِي إلَى فِرَاشِه وَقَالَ ابْنُ عَبّاسٍ لَمّا بَاتَ عِنْدَهُ صَلّى الْعِشَاءَ ثُمّ جَاءَ ثُمّ صَلّى ثُمّ نَامَ ذَكَرَهُمَا أَبُو دَاوُد .
وَكَانَ إذَا اسْتَيْقَظَ بَدَأَ بِالسّوَاكِ ثُمّ يَذْكُرُ اللّهَ تَعَالَى وَقَدْ تَقَدّمَ ذِكْرُ مَا كَانَ يَقُولُهُ عِنْدَ اسْتِيقَاظِهِ ثُمّ يَتَطَهّرُ ثُمّ يُصَلّي رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ كَمَا فِي "
صَحِيحِ مُسْلِمٍ " عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا قَامَ مِنْ اللّيْلِ افْتَتَحَ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَأَمَرَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة َ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ إذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ اللّيْلِ فَلْيَفْتَتِحْ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ .
وَكَانَ يَقُومُ تَارَةً إذَا انْتَصَفَ اللّيْلُ أَوْ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ أَوْ بَعْدَهُ بِقَلِيلٍ وَرُبّمَا كَانَ يَقُومُ إذَا سَمِعَ الصّارِخَ وَهُوَ الدّيكُ وَهُوَ إنّمَا يَصِيحُ فِي النّصْفِ الثّانِي وَكَانَ يَقْطَعُ وِرْدَهُ تَارَةً وَيَصِلُهُ تَارَةً وَهُوَ الْأَكْثَرُ وَيَقْطَعُهُ كَمَا قَالَ
ابْنُ عَبّاسٍ فِي حَدِيثِ مَبِيتِهِ عِنْدَهُ أَنّهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ اسْتَيْقَظَ فَتَسَوّكَ وَتَوَضّأَ 318وَهُوَ يَقُولُ إِنّ فِي خَلْقِ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللّيْلِ وَالنّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [ آلُ عِمْرَانَ 190 ] . فَقَرَأَ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ حَتّى خَتَمَ السّورَةَ ثُمّ قَامَ فَصَلّى رَكْعَتَيْنِ أَطَالَ فِيهِمَا الْقِيَامَ وَالرّكُوعَ وَالسّجُودَ ثُمّ انْصَرَفَ فَنَامَ حَتّى نَفَخَ ثُمّ فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ بِسِتّ رَكَعَاتٍ كُلّ ذَلِكَ يَسْتَاكُ وَيَتَوَضّأُ وَيَقْرَأُ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ ثُمّ أَوْتَرَ بِثَلَاثٍ فَأَذّنَ الْمُؤَذّنُ فَخَرَجَ إلَى الصّلَاةِ وَهُوَ يَقُولُ اللّهُمّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي سَمْعِي نُورًا وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللّهُمّ أَعْطِنِي نُورًا رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَبّاسٍ افْتِتَاحَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ فَإِمّا أَنّهُ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً وَإِمّا أَنْ تَكُونَ عَائِشَةُ حَفِظَتْ مَا لَمْ يَحْفَظْ ابْنُ عَبّاسٍ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِمُلَازَمَتِهَا لَهُ وَلِمُرَاعَاتِهَا ذَلِكَ وَلِكَوْنِهَا أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِقِيَامِهِ بِاللّيْلِ وَابْنُ عَبّاسٍ إنّمَا شَاهَدَهُ لَيْلَةَ الْمَبِيتِ عِنْدَ خَالَتِهِ وَإِذَا اخْتَلَفَ ابْنُ عَبّاسٍ وَعَائِشَةُ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ قِيَامِهِ بِاللّيْلِ فَالْقَوْلُ مَا قَالَتْ عَائِشَةُ .
[ أَنْوَاعُ صَلَاةِ الْقِيَامِ ]
وَكَانَ قِيَامُهُ بِاللّيْلِ وَوِتْرُهُ أَنْوَاعًا فَمِنْهَا هَذَا الّذِي ذَكَرَهُ
ابْنُ عَبّاسٍ .
النّوْعُ الثّانِي : الّذِي ذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ أَنّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ صَلَاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمّ يُتَمّمُ وِرْدَهُ إحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُسَلّمُ مِنْ كُلّ رَكْعَتَيْنِ وَيُوتِرُ بِرَكْعَة
النّوْعُ الثّالِثُ
ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً كَذَلِكَ .
النّوْعُ الرّابِعُ
يُصَلّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ يُسَلّمُ مِنْ كُلّ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ يُوتِرُ بِخَمْسٍ سَرْدًا مُتَوَالِيَةً لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ إلّا فِي آخِرِهِنّ
النّوْعُ الْخَامِسُ تِسْعُ رَكَعَاتٍ يَسْرُدُ مِنْهُنّ ثَمَانِيًا لَا يَجْلِسُ فِي شَيْءٍ مِنْهُنّ إلّا فِي الثّامِنَةِ يَجْلِسُ يَذْكُرُ اللّهَ تَعَالَى وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ ثُمّ يَنْهَضُ وَلَا يُسَلّمُ ثُمّ 319يُصَلّي التّاسِعَةَ ثُمّ يَقْعُدُ وَيَتَشَهّدُ وَيُسَلّمُ ثُمّ يُصَلّي رَكْعَتَيْنِ جَالِسًا بَعْدَمَا يُسَلّمُ .
النّوْعُ السّادِسُ يُصَلّي سَبْعًا كَالتّسْعِ الْمَذْكُورَةِ ثُمّ يُصَلّي بَعْدَهَا رَكْعَتَيْنِ جَالِسًا .
النّوْعُ السّابِعُ أَنّهُ كَانَ يُصَلّي مَثْنَى مَثْنَى ثُمّ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا يَفْصِلُ بَيْنَهُنّ . فَهَذَا رَوَاهُ
الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللّهُ عَنْ عَائِشَةَ أَنّهُ كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثٍ لَا فَصْلَ فِيهِنّ وَرَوَى النّسَائِيّ عَنْهَا : كَانَ لَا يُسَلّمُ فِي رَكْعَتَيْ الْوِتْر وَهَذِهِ الصّفَةُ فِيهَا نَظَرٌ فَقَدْ رَوَى أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبّانَ فِي " صَحِيحِهِ " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ سَبْعٍ وَلَا تَشَبّهُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَالَ الدّارَقُطْنِيّ : رُوَاتُهُ كُلّهُمْ ثِقَاتٌ قَالَ مُهَنّا : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ إلَى أَيّ شَيْءٍ تَذْهَبُ فِي الْوِتْرِ تُسَلّمُ فِي الرّكْعَتَيْنِ ؟ قَالَ نَعَمْ . قُلْتُ لِأَيّ شَيْءٍ ؟ قَالَ لِأَنّ الْأَحَادِيثَ فِيهِ أَقْوَى وَأَكْثَرُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الرّكْعَتَيْنِ . الزّهْرِيّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنّ 320النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَلّمَ مِنْ الرّكْعَتَيْنِ وَقَالَ حَرْبٌ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الْوِتْرِ ؟ قَالَ يُسَلّمُ فِي الرّكْعَتَيْنِ . وَإِنْ لَمْ يُسَلّمْ رَجَوْتُ أَلّا يَضُرّهُ إلّا أَنّ التّسْلِيمَ أَثْبَتُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللّهِ إلَى أَيّ حَدِيثٍ تَذْهَبُ فِي الْوِتْرِ ؟ قَالَ أَذْهَبُ إلَيْهَا كُلّهَا : مَنْ صَلّى خَمْسًا لَا يَجْلِسُ إلّا فِي آخِرِهِنّ وَمَنْ صَلّى سَبْعًا لَا يَجْلِسُ إلّا فِي آخِرِهِنّ وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ زُرَارَةَ عَنْ عَائِشَةَ يُوتِرُ بِتِسْعٍ يَجْلِسُ فِي الثّامِنَة . قَالَ وَلَكِنّ أَكْثَرَ الْحَدِيثِ وَأَقْوَاهُ رَكْعَةٌ فَأَنَا أَذْهَبُ إلَيْهَا . قُلْت : ابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولُ ثَلَاثُ قَالَ نَعَمْ قَدْ عَابَ عَلَى سَعْدٍ رَكْعَةً فَقَالَ لَهُ سَعْدٌ أَيْضًا شَيْئًا يَرُدّ عَلَيْهِ .
النّوْعُ الثّامِنُ مَا رَوَاهُ
النّسَائِيّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنّهُ صَلّى مَعَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي رَمَضَانَ فَرَكَعَ فَقَالَ فِي رُكُوعِهِ سُبْحَانَ رَبّي الْعَظِيمِ مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا ثُمّ جَلَسَ يَقُولُ رَبّ اغْفِرْ لِي رَبّ اغْفِرْ لِي مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا . ثُمّ سَجَدَ فَقَالَ سُبْحَانَ رَبّيَ الْأَعْلَى مِثْلَ مَا كَانَ قَائِمًا فَمَا صَلّى إلّا أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ حَتّى جَاءَ بِلَالٌ يَدْعُوهُ إلَى الْغَدَاةِ وَأَوْتَرَ أَوّلَ اللّيْلِ وَوَسَطَهُ وَآخِرَهُ . وَقَامَ لَيْلَةً تَامّةً بِآيَةٍ يَتْلُوهَا وَيُرَدّدُهَا حَتّى الصّبَاحَ وَهِيَ إِنْ تُعَذّبْهُمْ فَإِنّهُمْ عِبَادُكَ [ الْمَائِدَةُ 118 ] .
321وَكَانَتْ صَلَاتُهُ بِاللّيْلِ ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ . أَحَدُهَا - وَهُوَ أَكْثَرُهَا : صَلَاتُهُ قَائِمًا . الثّانِي : أَنّهُ كَانَ يُصَلّي قَاعِدًا وَيَرْكَعُ قَاعِدًا .
الثّالِثُ أَنّهُ كَانَ يَقْرَأُ قَاعِدًا فَإِذَا بَقِيَ يَسِيرٌ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَامَ فَرَكَعَ قَائِمًا وَالْأَنْوَاعُ الثّلَاثَةُ صَحّتْ عَنْهُ .
وَأَمّا صِفَةُ جُلُوسِهِ فِي مَحَلّ الْقِيَامِ فَفِي "
سُنَنِ النّسَائِيّ " عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي مُتَرَبّعًا قَالَ النّسَائِيّ : لَا أَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ غَيْرَ أَبِي دُوَادَ يَعْنِي الْحَفْرِيّ وَأَبُو دَاوُد ثِقَةٌ وَلَا أَحْسَبُ إلّا أَنّ هَذَا الْحَدِيثَ خَطَأٌ وَاَللّهُ أَعْلَمُ .




2008-08-28

لماذا أغلقت السلطات الإسرائيلية مؤسسة الأقصى؟

لماذا أغلقت السلطات الإسرائيلية مؤسسة الأقصى؟
تقرير: عبير صراص – إذاعة هولندا العالمية
اقتحمت قوات الشرطة الإسرائيلية يوم أمس مبنى مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية في مدينة أم الفحم الإسرائيلية بأمر من وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك. وقامت الشرطة بإغلاق المؤسسة بعد أن صادرت ممتلكاتها من الحواسيب والملفات والأموال ومجموعة من الوثائق والمخططات المتعلقة بالمسجد الأقصى والأوقاف الإسلامية في الأراضي المقدسة.
وعقب الاقتحام عقد رئيس الحركة الإسلامية داخل إسرائيل الشيخ رائد صلاح مؤتمرا صحفيا أكد فيه على مواصلة الحركة الدفاع عن المقدسات الإسلامية رغم العقبات التي يفرضه الاحتلال في طريقها. وذكر الشيخ صلاح في المؤتمر أن سبب المداهمة له علاقة بما كشفته المؤسسة في مؤتمر عقدته قبل أسبوعين في مدينة أم الفحم من معلومات وأدلة عن المخططات الإسرائيلية لتهويد مدينة القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية هناك ومن بينها خطة إسرائيلية لبناء كنيس يهودي في حي المغاربة المحاذي لحائط المبكى (حائط البراق)، وبناء جسر عسكري يصل إلى داخل الحرم القدسي.
لكن الشرطة الإسرائيلية عزت، في تصريح رسمي، سبب الإغلاق إلى صلة المؤسسة بحركة المقاومة الإسلامية حماس، وقالت أن المؤسسة تقوم بنشاطات مشتركة مع حماس. إلا أن الشيخ صلاح نفى أي علاقة لمؤسسة الأقصى بحركة حماس.
الكشف عن الخطة
من بين الذين شاركوا في المؤتمر قبل أسبوعين المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية في بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس الذي أكد لإذاعة هولندا العالمية أن الوثائق المصادرة تحتوي أيضا على وثائق تتعلق بالمقدسات المسيحية لأن مؤسسة الأقصى كانت تجمع التقارير الميدانية الهندسية لجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية. وردا على إغلاق المؤسسة قال المطران: نحن نستنكر إغلاق المؤسسة غير القانوني وغير الإنساني لا سيما أن مؤسسة الأقصى معنية بمساعدة الأسر الفقيرة إلى جانب اهتمامها بترميم المقدسات والمقابر الإسلامية والمسيحية.
وقال المطران إن المؤسسة أبرزت الكثير من الوثائق والإثباتات خلال المؤتمر الذي شارك به. وتؤكد هذه الوثائق بأن قوات الإحتلال في مدينة القدس تسعى لإبتلاع الأوقاف الإسلامية والمسجد الأقصى. وحسب ما قاله المطران فإن هذه الوثائق التي وصفها بالخطيرة قد صُورت ووزعت على المشاركين في المؤتمر وعلى وسائل الإعلام.
المطران عطاالله حنا
مؤامرة ضد القدس
وأضاف المطران أن هنالك مؤامرة خطيرة جدا لطالما حذرت الشخصيات الفلسطينية منها وهي مؤامرة تستهدف المسجد الأقصى وكنيسة القيامة. وأضاف اليوم تستهدف إسرائيل المسجد الأقصى وغدا تستهدف كنيسة القيامة مشيرا إلى أن قوات الاحتلال لا تفرق بين الأوقاف المسيحية والإسلامية وإلى ضرورة الوقوف معا ضد الانتهاكات التي تتعرض لها المدينة وسكانها العرب بأكملهم.
رسالة تهديد
الهدف من هذه المداهمة كما يرى المطران عطا الله حنا واضح وهو بعث رسالة لكل من يدافع عن الحق العربي الفلسطيني في هذه الديار، وهو يهدف لضرب المؤسسات الوطنية وابتزازها وإرغامها على الصمت والوقوف مكتوفة الأيدي أمام ما تقوم به سلطات الإحتلال بحق المدينة ومقدساتها، وخاصة لأن الشيخ رائد صلاح كان في الآونة الأخيرة مهتما بأوضاع المسجد الأقصى والانتهاكات التي يتعرض لها.
واعتبر المطران إغلاق المؤسسة الإسلامية تهديدا لجميع المؤسسات المسيحية كذلك لأن قوات الإحتلال الإسرائيلي في اعتقاده لا تميز بين المؤسسات المسيحية والإسلامية ويريدون أن نسير جميعنا على ما ترسمه لنا إسرائيل.
تعمل مؤسسة الأقصى منذ أعوام على جمع تلك الوثائق والتقارير والتي تقوم بعملية مسح كامل لجميع المقدسات الإسلامية والمسيحية في جميع أرجاء فلسطين. وكانت المؤسسة قد تأسست في العام 1998 بتصريح من السلطات الإسرائيلية. عقدت المؤسسة مؤخرا مهرجانا كبيرا في مدينة أم الفحم بعنوان الأقصى في خطر. حضر المؤتمر الآلاف من فلسطينيي الداخل وعدد من الوفود الأجنبية.
يذكر أن دائرة الآثار الإسرائيلية تقوم بحفريات متواصلة بالقرب من الحرم القدسي والمسجد الأقصى لكن هذه الحفريات تهدف للتنقيب عن الآثار اليهودية حسب ما صرحت به مسبقا أوسنات جويز المتحدثة باسم هيئة الآثار الإسرائيلية.
ودانت جهات عربية وإسلامية من بينها منظمة المؤتمر الإسلامي عملية إغلاق المؤسسة. وقال الأمين العام للمنظمة أكمل الدين إحسان اوغلي في بيان أصدرته المنظمة: ما قام به الاحتلال (الإسرائيلي) اعتداء سافر على مؤسسة فلسطينية تعنى بالحفاظ على المقدسات الإسلامية والمسيحية والتاريخ والتراث في فلسطين وإمعاناً في المخطط الرامي إلى تهويد مدينة القدس والاستيلاء على مقدساتها.

2008-08-14

مستقبل الطاقة والماء.. إلى أين؟

مستقبل الطاقة والماء.. إلى أين؟
إن التعريف السائد للطاقة هو" القدرة على القيام بعمل ما". فكل عمل، فكريا كان أم ماديا، يحتاج لإنجازه إلى كمية ملائمة من الطاقة، وتطورت مصادر الطاقة مع تطور وسائل العمل التي ابتكرها الإنسان لسد احتياجاته المادية والمعنوية عبر تاريخه الطويل.
في البدء كان الإنسان يعتمد على قوته البدائية لإنجاز أعماله اليومية, ثم استخدم الطاقة الحيوانية واستغل حركة الرياح في تحريك السفن وإدارة بعض طواحين الهواء، كما اعتمد على مساقط المياه في إدارة بعض الآلات البدائية.
وعرف الفحم منذ أن اكتشف النار، فاستخدمه كمصدر للطاقة في إدارة المحرك البخاري, ثم اكتشف بعد ذلك النفط والغاز الطبيعي وغيره من مصادر الطاقة الحديثة.
وفي عصرنا الحاضر، ومع تطور وسائل الإنتاج، أصبحت مصادر الطاقة في العالم عديدة ومتنوعة، منها مصادر ناضبة وأخرى متجددة أو دائمة, ومنها مصادر يعتمد عليها حاليا ومصادر تعد للمستقبل وتجري دراسة تطويرها وإقامة مشاريع تجريبية لها.
من أهم التأثيرات البيئية المرتبطة باستخدامات الطاقة ما يعرف بظاهرة الاحتباس الحراري التي ارتبطت بظاهرة ارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض نتيجة لزيادة تركيز بعض الغازات في الغلاف الجوي وأهمها غاز ثاني أكسيد الكربون.
ولاستخدام الطاقة المتجددة أثر معروف في الحفاظ على البيئة و على المصادر التقليدية نتيجة لما تحققه من خفض انبعاث تلك الغازات حيث من المتوقع أن تبلغ الإنبعاثات الناتجة عن الوقود التقليدي حوالي 190 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون عام 2017 بالإضافة إلى الغازات الأخرى.
ويمكن القول أن الطاقة تلعب دوراً رئيسياً في تحقيق النمو الاقتصادي وتحريك عجلة التنمية، وهو ما جعلها تحتل أولوية تنموية في مختلف الخطط والاستراتيجيات. ولم تعد خطط وبرامج الاستثمار في الطاقة مقصورة على حدود البلدان، بل تطورت وتوسعت اهتماماتها بفعل ظاهرة العولمة، وأصبحت تشكل إحدى القواسم المشتركة بين البلدان، وعلى مستوى الأقاليم وتشير التقديرات بأن استغلال مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة سيعمل على توفير إنتاج الطاقة الكهربائية جراء استخدام السخانات الشمسية والخلايا الكهروضوئية، وتوفير إجمالي إنتاج الطاقة الكهربائية فيما لو تم إنشاء مزارع الرياح لإنتاج الكهرباء، بالإضافة إلى توفير من إجمالي الوقود بمختلف أنواعه، وخاصة المستخدم للطهي عبر الاستفادة من الكتلة الحيوية لإنتاج غاز الميثان، وانخفاض نسبة تلوث الهواء جراء محطات الكهرباء العاملة بوقود الديزل والمازوت.
وبذلك يمكن تقسيم مصادر الطاقة إلى نوعين من المصادر: مصادر الطاقة الناضبة ومصادر الطاقة الدائمة أو المتجددة وسيكون حديثنا عن الطاقة الجديدة والمتجددة
مصادر الطاقة الطبيعية:
هي المصادر التي تتمتع بطابع التجدد والديمومة، أي أن مخزونها غير قابل للنفاد مهما استهلك منه. ونميز هنا بين نوعين من هذه المصادر:
1ـ مصادر تحتاج إلى مستوى تكنولوجي في متناول الغالبية من دول العالم، وهي قيد الاستخدام.
2ـ ومصادر تتطلب مستوى تكنولوجيا رفيعة لا يملكها العالم حتى وقتنا الحاضر، وهي ما تزال في مرحلة التجارب والأبحاث.
أهم هذه المصادر هي: الطاقة الشمسية، والطاقة المائية، والطاقة الهوائية، وطاقة الحرارة الجوفية والطاقة العضوية, الطاقة النووية.
أولا: الطاقة الشمسية
إن استخدام الشمس كمصدر للطاقة هو من بين المصادر البديلة للنفط التي تعقد عليها الآمال المستقبلية لكونها طاقة نظيفة لا تنضب, لذلك نجد دولا عديدة تهتم بتطوير هذا المصدر وتضعه هدفا تسعى إلى تحقيقه.
وتستخدم الطاقة الشمسية حاليا في تسخين المياه المنزلية وبرك السباحة والتدفئة والتبريد كما يجري في أوروبا وأمريكا وإسرائيل, اما في دول العالم الثالث فتستعمل لتحريك مضخات المياه في المناطق الصحراوية الجافة.
وتجري الآن محاولات جادة لاستعمال هذه الطاقة مستقبلا في تحلية المياه وإنتاج الكهرباء بشكل واسع.
ويتوقع أنصار الطاقة الشمسية أن يصبح إنتاج هذا المصدر تنافسيا خلال الأعوام القادمة، لكن استثماره في المجال التطبيقي ما زال بحاجة إلى تطوير، واستعمالاته التجارية محدودة، ولا يعتبر أسلوبا اقتصاديا إلا في مجالات تسخين المياه والتدفئة. أما في مجال توليد الكهرباء فإن إنشاء وحدات توليد الطاقة الكهربائية بالوسائل التقنية المستعملة يعتبر مكلفا ولا يتناسب مع أسعار الكهرباء الحالية. إذ أن الكلفة الاستثمارية لوحدة طاقتها من 10الى 30ميغاواط تزيد على 3000 دولار لكل كيلو واط، كما أن كلفة إنتاج الكهرباء تعادل ضعف الكلفة في المحطات الحرارية التقليدية.
ثانيا: الطاقة المائية( الكهربائية)
يعود تاريخ الاعتماد على المياه كمصدر للطاقة إلى ما قبل اكتشاف الطاقة البخارية في القرن الثامن عشر. حتى ذلك الوقت، كان الإنسان يستخدم مياه الأنهار في تشغيل بعض النواعير التي كانت تستعمل لإدارة مطاحن الدقيق وآلات النسيج ونشر الأخشاب. أما اليوم، وبعد أن دخل الإنسان عصر الكهرباء، بدأ استعمال المياه لتوليد الطاقة الكهربائية كما نشهد في دول عديدة مثل النرويج والسويد وكندا والبرازيل. ومن اجل هذه الغاية، تقام محطات توليد الطاقة على مساقط الأنهار، وتبنى السدود والبحيرات الاصطناعية لتوفير كميات كبيرة من الماء تضمن تشغيل هذه المحطات بصورة دائمة. وتشير التوقعات المستقبلية لهذا المصدر من الطاقة الى زيادة تقدر بخمسة اضعاف الطاقة الحالية بحلول عام 2020.
وبالإضافة إلى الطرق المعروفة لتوليد الكهرباء من الطاقة المائية، تسعى بعض الدول كبريطانيا وفرنسا واليابان إلى الاستفادة من الطاقة الموجودة في العوامل المائية الطبيعية مثل المد والجزر، وقوة تلاطم أمواج البحر، وتفاوت درجة الحرارة في البحار الاستوائية بين سطح المياه والأعماق, غير أن هذه المصادر لم تثبت جدواها الاقتصادية والتقنية حتى الآن، ولا يتوقع أن يكون لها دور يذكر في ميدان الطاقة مستقبلا.
ثالثا: الطاقة الهوائية ( طاقة الرياح)
سيرد شرح تفصيلي لاحقاً
رابعا: طاقة الحرارة الجوفية ( Geothermal)
الحرارة الجوفية هي طاقات حرارية دفينة في أعماق الأرض وموجودة بشكل مخزون من المياه الساخنة أو البخار والصخور الحارة, لكن الحرارة المستغلة حاليا عن طريق الوسائل التقنية المتوافرة، هي المياه الساخنة والبخار الحار، بينما حقول الصخور الحارة ما زالت قيد الدرس والبحث والتطوير.
وحتى الآن، ليس هناك دراسات شاملة حول حجم ومدى امكان استغلال هذه الموارد، إذ أن نسبة استخدامها لا تزال ضئيلة. وتبقى زيادة مساهمة هذا المصدر في تلبية احتياجات الإنسان رهنا بالتطورات التكنولوجية وأعمال البحث والتنقيب التي ستجري مستقبلا. وتستعمل هذه الطاقة لتوليد الكهرباء، كما يمكن استعمالها في مجالات أخرى كالتدفئة المركزية والاستخدامات الزراعية والصناعية والأغراض الطبية, وتجفيف المحاصيل في صناعة الورق والنسيج. وفي الاتحاد السوفيتي السابق تستعمل لإذابة الجليد عن الطرقات. وتستخدم الينابيع الساخنة في الجزائر لأغراض طبية وسياحية.
ويواجه هذا المصدر من الطاقة صعوبات ومشاكل مختلفة تحدّ من إمكان تطويره والاستفادة منه، وأولاها صعوبة البحث والتنقيب، ومشكلة الحفر العميق لجهة تعرُّض الأدوات المستعملة لدرجات من الحرارة العالية تقلّل من فاعليّتها، بالإضافة إلى معرفتنا المحدودة بحركة المياه وتياراتها في باطن الأرض، ثمّ مشكلة التلوُّث الحراري وخروج الغازات غير القابلة للتكثيف تحت الظروف نفسها التي يتكثَّف فيها البخار كغاز أول أوكسيد الكربون والأمونيا والميثانول وغيرها من الغازات السامّة التي تشكّل خطراً على حياة الإنسان والحيوان.
خامساً: الطاقة العضوية (Bio Mass)
يُقصد بالطاقة العضوية، الطاقة التي يمكن استنباطها من الموادّ النباتية والحيوانية والنفايات بعد تحويلها إلى سائل أو غاز بالطرق الكيماوية أو التحلل الحراري, كما يمكن الاستفادة منها عن طريق إحراقها مباشرة واستخدام الحرارة الناتجة في تسخين المياه أو إنتاج البخار الذي يمكن بواسطته تشغيل الطوربينات وتوليد الطاقة الكهربائية.
ويُعتبر هذا النوع من الطاقة غير تجاري، ويُستعمل على نطاق ضيِّق في الدول النامية وبعض الدول الصناعية، وهو يُعتمد بصورة أساسية على الأخشاب والنفايات وبقايا النباتات وفضلات الحيوانات. لكنَّ النوع الذي يحظى بالأهمِّية من بين مصادر الطاقة العضوية، هو إنتاج كحول "الأيثانول" من بعض المنتوجات الزراعية كقصب السكَّر والشمندر السكَّري والذُرة. ويُستعمل هذا الكحول كوقود للسيارات بعد مزجه بالبنزين، كما هو حاصل في البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية.
ويرى البعض "أن هذا النوع من الطاقة مُكلف ويحتاج إلى طاقة لإنتاجه قد تعادل ما ينتج منه أو تزيد. وسيكون ذلك على حساب المحصول الزراعي للغذاء، لأن 10% من احتياجات البنزين قد تكون على حساب نصف محصول الذرة. وإذا ناسب ذلك البرازيل في الوقت الحاضر نظراً لاعتبارات زيادة العمالة وزيادة الأرض الزراعية غير المُستغلة، فمن الصعب تعميم هذا المصدر وتوسيعه. وفي الولايات المتحدة يُقدَّر أن إنتاج مليون برميل يومياً من الكحول يتطلّب زراعة 90 مليون فدّان، أي ثلث الأرض المزروعة حالياً، وإذا أخذنا بعين الاعتبار مصادره من الأخشاب، فإن زيادته ستكون على حساب الغابات، يُضاف إلى ذلك كلفة نقله وتخزينه العالية. ولذلك يبقى هذا المصدر محدود الإمكانات ومحصوراً في بعض المناطق".
المطلب الثاني: مصادر الطاقة الدائمة في مرحلة التجارب والأبحاث
إضافة إلى المصادر الرئيسية للطاقة الناضبة منها والمتجدِّدة والتي هي حالياً قد الاستعمال، هناك بعض المصادر الأخرى التي لا تزال في مرحلة البحث والتجارب والدراسات. وإذا ما تمّ تطويرها تكنولوجياً واقتصادياً بنجاح استطاعت أن تشكَّل مصدراً غير محدود للطاقة في المدى البعيد. من بين هذه المصادر الانصهار النووي والهيدروجين.
أولاً: الانصهار النووي (Fussion)
الطاقة النوويّة مستمدَّة من الانشطار النووي (Fussion) والتي تعمل بها المفاعلات النوويّة الحالية وهي تعتمد على اليورانيوم (Uranium) كوقود أساسي لها، وتُعتبر بذلك طاقة ناضبة لأن قاعدة احتياطيها مورد ناضب سوف يُستنفد عاجلاً أم آجلاً.
وتُعتبر إمدادات هذا المصدر غير محدودة الإمكانات وغير ناضبة بالنسبة إلى حاجة المفاعلات، وهي تلقى اهتماماً كبيراً في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الصناعية الكبرى حيث تجري الأبحاث المستفيضة للاستفادة منها في القرون القادمة. ولا يُتوقَّع لهذا المصدر أن يصبح قيد الاستخدام في وقت قريب قبل أن يتمّ اكتشاف التقنيات المطلوبة وإثبات نجاحها.
ثانياً: الهيدروجين
إن الاهتمام الواسع بالهيدروجين كمصدر أساسي للطاقة في المستقبل، وكبديل لوسائل الوقود التقليدية المعروفة، وخصوصاً النفط والغاز، نابع من كونه يتمتّع بمزايا عديدة تجعل منه وقوداً مثالياً بالمقارنة مع أنواع المتوافرة والبديلة. ومن هذه المزايا:
1 ـ الهيدروجين عنصر قابل للاحتراق ذو محتوى حراري عالٍ ولا ينتج من احتراقه أي غازات سامّة أو ملوِّثة.
2 ـ إنه مصدر غير ناضب ومتوافر بكميات هائلة في الطبيعة، وخصوصاً في مياه البحار والمحيطات، وهو دائم ومتجدِّد، إذ إن احتراقه يولّد الماء النقي الذي يمكن أن يُستخلص منه الهيدروجين مرّات متتالية وغير محدودة.
3 ـ سهولة نقله وتخزينه، أي ان الهيدروجين يمكن نقله بشكل سائل أو غاز، سواء في صهاريج أو عبر شبكات الأنابيب، وهذا ما يجعل منه وقوداً مقبولاً للاستهلاك. وبذلك يمكن استعمال أنابيب الغاز الموجودة حالياً دون الحاجة إلى إنشاء أنابيب جديدة خاصّة. وبالإمكان، كذلك خزن الهيدروجين في خزّانات لفترات طويلة واستعماله عند الحاجة وبالمقادير المطلوبة دون أن يؤثّر ذلك في خصائصه.
4 ـ يمكن استخدام الهيدروجين في البيوت السكنية بدلاً من الغاز الطبيعي وبصورة خاصّة لأغراض الطبخ والتسخين والتدفئة، كما يمكن استعماله كوقود مستقبلي لمختلف وسائط النقل دون إجراء تغييرات جذرية في أجهزة المحرّكات المعمول بها حالياً. هذا بالإضافة إلى استعمالاته في صناعة الأسمدة الكيمائية وتوليد الطاق الكهربائية.
وإذا كان الهيدروجين يتمتَّع بكل هذه المزايا، فإنه بالمقابل يواجه الكثير من المشاكل والصعوبات الأساسية التي لم يتمّ التوصّل بعد إلى حلّها ضمن التكنولوجيا الحالية. وأهمّ هذه الصعوبات صعوبة فصله عن الماء لأن ذلك يحتاج إلى طاقة كبيرة، فهناك طرق عدّة لفصل الهيدروجين عن الماء، إمّا بواسطة التحليل الكهربائي الذي تُستخدم فيه كمِّيات من الطاقة أكثر من الطاقة المنتجة، وإما بالطرق الحراراية ـ الكيمائية، وهي طرق معقّدة ومكلفة وتحتاج إلى درجة حرارة تبلغ 2000 م.
هذه الطرق لا تزال في مرحلة الدراسات وتتطلِّب المزيد من أعمال البحث والتجارب، ولذلك لا يمكننا الحكم مسبقاً على إمكان نجاحها أو فشلها.
الملخص:
نستنتج من كلّ ما تقدّم أن النفط سوف ينتهي عاجلاً أم آجلاً، والعالم مدعوّ الآن، أكثر من أي وقت مضى، للإسراع في تطوير مصادر الطاقة البديلة وحلّ مشاكلها قبل أن يواجه أزمة طاقة مقبلة. إلاّ أن ما نشهده اليوم هو تباطؤ ملحوظ في هذا المضمار لا سيّما بعد الهبوط المستمر لأسعار النفط في الأسواق العالمية، مما يؤثِّر سلباً في برامج تطوير هذه البدائل بسبب إحجام العديد من الدول والشركات عن توظيف استثماراتها في هذا الحقل لعدم قدرة الطاقة البديلة على منافسة أسعار النفط. لقد كان الاعتقاد السائد حتى سنوات مضت أن الطاقة النوويّة وغيرها من المصادر البديلة ستستحوذ على دور متزايد في تلبية الاحتياجات العالمية من الطاقة.
لكنّ انخفاض أسعار النفط جعل تطوير الطاقة النووّية واستخراج الوقود السائل الصناعي من الفحم، كما هو الحال بالنسبة للطين الصفحي أو رمال القار، أقلَّ جاذبية، ولذا يجري خفض أنشطته أو تأجيلها إلى أجل غير مسمّى.
وقد حذّرت دراسة قُدِّمت إلى مؤتمر الطاقة الدولي الحادي عشر الذي عُقد في الهند عام 1983 من الآثار السلبية التي يمكن أن تترتب على أيّ خفض حادٍّ ودائم في أسعار النفط، باعتبار أن ذلك سيؤدّي إلى خفض الإنتاج والاحتياطي وإعاقة جهود البحث عن مصادر بديلة للطاقة.
وعلى افتراض أن العالم قد تمكّن من تطوير المصادر البديلة ووضع الحلول المناسبة للمشاكل التي تعانيها، فإن التحوُّل من النفط إلى تلك المصادر ليس بالأمر السهل كما يتراءى للبعض، بل يحتاج إلى تغيير جذري في نمط الحياة ككل، مع ما يستلزم ذلك من وقت طويل وضخامة في الاستثمارات. ففي حديث لوزير الطاقة الأمريكي الأسبق جيمس شيلنجر حول التخلُّص من التبعية للنفط واعتماد الطاقة البديلة:
"إن الحلّ الوحيد الحقيقي هو أن نبدِّل مجموع منشآتنا الصناعية على أسس تكنولوجية وطاقية مختلفة تماماً. وهذا يتطلّب أن نعيد تماماً في عشر سنوات بناء مصانعنا ومبانينا، وبيوتنا، ووسائل نقلنا .... بعيداً من التبعيّة للنفط. ولكن من يملك القدرة على المبادرة إلى استثمار بهذه الضخامة؟".
وعليه فإن النفط يبقى أفضل مصادر الطاقة حالياً ولا يمكن الاستغناء عنه في المستقبل المنظور، نظراً لتعدُّد أغراض استعماله وأسهلها استخداماً، إضافةً إلى ميزته الفريدة التي تجمع بين الفاعليّة وإنخفاض الكلفة وعدم التأثير في البيئة. هذه العناصر الثلاثة لم تتوافر مجتمعة إلاّ في النفط.
ومن هنا جاء قول الوزير السعودي السابق للبترول والثروة المعدنية، الشيخ أحمد زكي اليماني: "إنه لن يكون هناك بديل للنفط لفترة طويلة قادمة. ويخطئ من يعتقد أن الطلب على النفط سينخفض. فسيبقى النفط أكثر شعبية من الفحم والطاقة النوويّة أو الشمسية لأنه أنظف من الفحم وأقل كلفة وخطراً من الطاقة النوويّة
وهنا اوضح بعض المفاهيم كرد علمي على السيد الوزير: ان الطاقه الريحيه او الهوائيه من الطاقات المتجدده لانها موجوده باستمرار على كوكبنا ولانها لا تتغير مع مرور الزمن ولا تتناقص. والرياح بطبيعتها مكونه من تنقل كتل الهواء الحار والبارد: فالكتل الحاره والمسخنه في نصف الكره المعرض لاشعة الشمس تميل الى التنقل نحو المناطق الغير المشععه خالقه بها تيارات متفاوتة الشده .
ومنذ القديم والانسان يحاول تفهم اتجاهات الريح لتمكن من استغلال احسن للطاقه الحركيه التي تولدها . وهكا فقد فهم الانسان القديم ان الاطواف الخشبيه التي تطفو على صفحة مجاري الانهار فوق امواج الابحار كانت مدفوعه بقوة الرياح التي يعترضها اي حاجز،ومن هناك تولدت فكرة الشراع المساعد على تسيير المراكب عبر العصور ، أي منذ عهد الفراعنه الى عصرنا هذا . وما لبث الانسان ان ادرك فيما بعد ان الطاقه التي تنتجها الريح.

استغل الانسان منذ القديم الطاقه الريحيه . فقد تجلت له قوة الرياح فبادر الى استغلالها لعدة اغراض الى ان توصل الى استعمالها في تسيير المراكب الشراعيه الاولى. وفيما بعد تبين ان الريح التي تحرك شفرات الطاحونه قد توظف في استعمالات اخرى كضخ الماء وطحن القمح .وكانت الطواحين الهوائيه في البدايه تستعمل لتجفيف المناطق المستنقعيه، اذ كانت تعمل وفق الية جد بسيطه : فهناك ارعة شفرات مروحيه عموديه تقام على البرج او ساريه لمواجهة الريح وتشغيل نظام امتصاص الماء الذي يحول اتجاهه نحو المجموعه من القنوات لصرفه بعيدا عن المستنقع .
وفيما بعد تم تحسين طواحين الهواء على يد الاوروبيون وخاصة الهولانديي خلال القرن الخامس العشر، حيث استعملت لطحن القمح وتوليد لطاقه الاليه لتشغيل المناشر وغيرها من الاجهرة المعده لانجاز مختلف الاعمال. ومع مرور الزمن تطورت اساليل استغلال للريح تدريجيا بفصل انظمة الطواحين البرجيه ذات القمه الموجهة التي تزود بشفرات عريضه. وتقوم هذه الأنظمه بمعاكسة الريح باستمرار مما يضاعف من قوة المطحنه ومن مردوديتها. ومع ظهور الالات البخاريه ، تقهقر استعمال الطواحين الهوائيه بسرعه ما عدا في بلدان التي استمرت مده طويله تحظى باهميتها القتصاديه قيل ان تندثر.
وبظهور ازمة الطاقه البتروليه، شرعت بلدان كثيره في تعميق الدراسات العلميه حول قوة الرياح وامكانياتها في توليد الطاقه الكهربائيه. ويعد هذا التطور نهجا جديدا لخلق طاقه اضافيه كفيله بتغطية الحاجيات في عدة ميادين كالفلاحه والاناره والتسخينوغيرها.ونظام تحويل قوة الريح الى طاقه ، غاية في البساطه، فهو يشبه في مجمله النظام الطواحين الهوائيه: فهناك شفرات اليه تدفعها الريح، وبواسطة انظمه الية ملائمه، تقوم بتشغيل دوارات متصله بمحولات للتيار تمكن من استعمال الطاقه المولده.ولكي يتم استعمال طاقة الريح ، لابد من توفر بعض الخصائص في الريح ذاتها ، ومنها ما يلي :

1-ان تكون الريح دوريه وغير ظرفيه في مكان محدد بدقه.
2-ان تكون قارة ودائما في نفس الاتجاه.
3-ان تكون ذات شحنه طاقيه كافيه تخولها سرعتها التي يجب ان تتراوح ما بين 5و 30 كلم/س.وتتناسب الطاقه التي تنتجها المولدات الريحيه مع نوع البنيه التي تقام لاستقبالها ومع سرعة الريح .
ولذلك فالاماكن التي تكون ملائمه لاقامة مثل تلك المولدات يجب ان تتوفر لها بدورها ظروف محدده منها ما يلي :
1- ان تكون ذات رياح دوريه وقارة وبطاقه متوسطه .
2- ان تكون مجرده من الحواجز الضخمه التي قد تعرقل اندفاع الهواء.
3- ان تكون الارضيه خاليه من الحفر والمتحفضات وان لا تكون وراءها ممرات جبيله او تلال او حذبات.
4- يجب ان تقام الشفرات الالية على ارتفاع متوسط بحيث تتجنب الحواجز الضغيره.
ومع تطور التقنيات الحديثه المتزايد ن سوف يصبح للطاقه الريحيه دور فعال في سد الحاجيات الطاقيه لو استعملت على نطاق واسع وخاصة في البلدان التي تتميز بتضاريس ملائمه لهذا الاستعمال .لقد شهد تطور طواحين الهواء نقلة نوعية في المانيا خلال الفترة الممتدة بين عامي 1980 حتى 2000 وذلك من حيث الحجم و بالتالي قدرة الانتاج.
فمن قطر للمروحه ب15 م وارتفاع 30 م و استطاعة 30 كيلوواط عام 1980 الى قطر 70 م وارتفاع100م و استطاعة 1500 ك واط عام 2000مشاريع في بحر الشمال لاستغلال طاقة الرياح.محطات استغلال طاقة الرياح في بحر الشمال: بعد النجاح في استغلال طاقة الرياح على البر من أجل توليد الكهرباء اتجهت بعض الحكومات الاوروبية لنصب طواحين الهواء في البحار بسسب قوة الرياح هناك. مشاريع ألمانية ودنماركية طمحة أولت أوروبا مزيدا من الاهتمام لبناء محطات توليد الطاقة الكهربائية عن طريق استغلال طاقة الرياح ليس فقط على الأرض وانما في داخل البحار.

فالجاذبية الاقتصادية لمثل هذه المشاريع لا يمكن تجاهلها وخصوصا على ضوء الارتفاع المتزايد لأسعار الوقود ولكون الطاقات التقليدية وراء عدد كبير من المشاكل البيئية. ولذلك تستثمر الحكومات الأوروبية حاليا مبالغ طائلة في سبيل إنتاج طاقات بديلة لتوفير ما يحتاجه الإنسان والاقتصاد دون الإضرار بالطبيعة. وتعمل ألمانيا بشكل خاص كل ما في جهدها من أجل الاستثمار في هذا المجال الذي ينظر إليه الخبراء على انه القطاع الأفضل مستقبليا للحصول على طاقات بديلة شيدت العشرات من محطات استغلال طاقة الرياح في كل من ألمانيا وفرنسا والسويد.

ومن المنتظر أن تصل سعة إنتاج الطاقة في هذه المحطات الى 10000 ميجاوات. وتتوقع الوكالة الأوروبية ان يصل انتاج الطاقة بهذه المحطات الى 80000 ميجاوات بحلول سنة 2020 . يذكر أن الخبراء الالمان قاموا بوضع خطة مكونة من ثلاث مراحل لاستغلال طاقة الرياح:
الأولى انتاج 500 ميجاوات بحلول سنة 2007 . أما الثانية تصل سعتها 2000 الى 2500 ميجاوات سنة 2010، وذلك من أجل الوصول الى الهدف المنشود المتمثل في إنتاج 20 الف الى 25 الف ميجاوات بحلول سنة 2030 في المرحلة الثالثة والأخيرة. وعلى الرغم من ترحيبه بهذا المشروعن ابدى هيرمان ألبير المسؤول عن محطات استغلال طاقة الرياح الصغيرة والمتوسطة بالوكالة الفدرالية الألمانية مخاوفه من أن يكون بناء طواحين الهواء في البحار على حساب تلك المقامة على البر في القرى والارياف. ويطالب المسؤول بالاستمرار في دعم المشاريع البرية وتطوير البحوث العلمية بهذا الشأن.
وقد بلغت الطاقة الإجمالية لمزارع طواحين الهواء العاملة في الصين مجتمعة إلى 000،6 ميجاواط في نهاية عام .2007 ويشارك بنك آركابيتا في هذا المشروع مع مجموعة تانتي، وهي مجموعة شركات هندية متعددة الأنشطة، تملك بالمشاركة مع عائلة تانتي 66% من شركة سوزلون أنرجي Suzlon Energy، إحدى أكبر الشركات العالمية المنتجة للمولدات التوربينية للطاقة الكهربائية بواسطة الرياح. وتتيح هذه الشراكة توفير رأس المال والخبرات الفنية.
إن هذه المراوح بشروطها ممكنة الانجاز في منطقة كحمص حيث الريح موجودة و بقوة وبعض الأماكن المرتفعة المكشوفة على طول الساحل السوري و جباله ويمكن زرع توربينات تحت مياه البحر للاستفادة من التيار العميق في مناطق كالشقيفات المعروفة بتياراتها ومن الممكن استخدام برامج النمذجة القائمة على العناصر المتهية و التي تستخدم في التصميم لوضع نموذج موافق لظروف مناطق سوريا الحبيبة و معرفة الجدوى منها و تصميم قواعد مناسبة.

كما يجب دراسة جدوى تحلية مياه البحر و مدى امكانيتهاو باي مصادر طاقة متوفرةهي ممكنة و كفكرة مشروع يمكن انشاء اقنية فرعية من البحر و خلق فروق مناسيب لتحريك عنفات مولدة.ولعل المشكلة الاساسية التي تواجه الطاقة الهوائية تكمن في كونها لا تتوافر الا في بعض المواقع وفي عدم استقرار قوتها وصعوبة حفظ الطاقة الكهربائية التي يمكن توليدها. فالمعروف ان هذه الطاقة ليست ثابتة بل تتغير وفقا لاختلاف سرعة الهواء وبالتالي يتغير انتاج المولد الكهربائي، مما يساهم في تغيير انتاج الكهرباء. هذا من جهة، ومن جهة اخرى فإن طلب المستهلك للكهرباء هو ايضا متغير وفقا لحاجاته المتنوعة.

المراجع
دير شبيغل الالمانيةالشرق الاوسطbbcمقالات علمية جامعة هنوفر
المهندس سومر ع غ

2008-08-02

39 فلم لـ: ضحد الدعاية الصهيونة

39 فلم لـ: ضحد الدعاية الصهيونية
السلام والدعايه وأرض الميعاد : الاعلام والصراع الاسرائيلى الفلسطينى المدة: 79 دقيقة و 14 ثانية
التطهير العرقي لفلسطين: مقابلة مع المؤرخ الإسرائيلي الدكتور إلان بابه اجراها جورج كلويه المدة: 26 دقيقة و 8 ثانية
محاضرة من داكترة في جامعة شيكاغو يشرحون هيمنة اللآبي الصهيوني على السياسة الخارجية الأمريكية المدة: 84 دقيقة و 32 ثانية
تقرير عن هيمنة اللوبي الصهيوني(إيباك) على السياسة الأمريكية الخارجية المدة: 10 دقائق و 13 ثانية
الدم والدين: خلع القناع عن الدولة الصهيونية والديموقراطية - جوناثن كوك المدة: 27 دقيقة و ثانيتين
مراسل ال سي أن أن الكبير ولف بليزر يظهر قناعه الصهيوني وولائه للدولة اليهودية. لاحظ رد الدكتور اليهودي (نورمن فينكيلستين) عليه المدة: 7 دقائق و 16 ثانية
حقائق عن دولة إسرائيل المدة: 9 دقائق و 57 ثانية
الرد على الخرافة الشائعة في الغرب التي تقول ان العرب واليهود دائما يقاتلون بعضهم البعض المدة: دقيقة و 56 ثانية
الدكتور عزمي بشارة يتحدى الديمقراطية اليهودية في إسرائيل المدة: 29 دقيقة و 30 ثانية
الحقيقة وراء الصهيونية وإستغلالها للدين اليهودي المدة: 6 دقائق و 42 ثانية
الدكتور نورمن فينكسلستن يحد كتاب الصهيوني الأمريكي الكبير دورشويتز - الجزء الأول المدة: 59 دقيقة
الدكتور نورمن فينكسلستن يحد كتاب الصهيوني الأمريكي الكبير دورشويتز - الجزء الثاني المدة: 48 دقيقة و 23 ثانية
لقاء مع الدكتور نورمن فينكسلستن يتحدث فيه عن كتابية الجديدين المدة: 43 دقيقة و 26 ثانية
الدكتور نورمن فينكيستين يحاور بن أمي المدة: 55 دقيقة و 8 ثانية
الدكتور نورمن فينكلستين وإستغلال الصهاينة واليهود للمحرقة النازية - التلفزيون اللبناني المدة: 10 دقائق و 19 ثانية
الدكتور إلان بابه يقدم كتابه الجديد: التطهير العرقي لفلسطين المدة: 39 دقيقة و 45 ثانية
هذه هي فلسطين المغتصبة المدة: 14 دقيقة و 42 ثانية
محاضرة للدكتور جف هلبر (إسرائيلي معادي لسياسة هدم البيوت) عن نشوء الحركة الصهيونية وسياسة هدم البيوت وجدار الفصل العنصري المدة: 52 دقيقة و 55 ثانية
محاضرة من جمعية سبيل عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وحلول محتملة للصراع. المدة: 28 دقيقة و 22 ثانية
سرد منذ البداة لجرائم الحرب الصهيونية المدة: 65 دقيقة و 49 ثانية
الدكتور سلمان ابو ستة يقدم شهادة تاريخ شفوي يسرد فيها كيف اصبح لاجئ المدة: 28 دقيقة و 28 ثانية
الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي للمبتدئين - أرونضاتي روي المدة: 10 دقائق
الجدار الحديدي وتأثير زئيف جابوينسكي على تكوين السياسة الصهيونية منذ 1923 المدة: 51 دقيقة و 45 ثانية
الإرهاب الصهيوني على طريقة الإرجون ونسف فندق الملك داود المدة: 11 دقيقة و ثانيتين
فلم وثائقي (صادر من قناة الجزيرة الأنجليزية) عن إقتلاع أكثر من نصف مليوم شجرة زيتون في الضفة الغربية المدة: 24 دقيقة و 41 ثانية
الدكتور رشيد الخالدي يعطي مُحاضرة عن مناسبة 40 سنة منذ الإحتلال وعن 60 سنة منذ النكبة المدة: 66 دقيقة و 19 ثانية
الدكتور فينكيلستن يعطي مُحاضرة عن التطهير العرقي لفلسطي المدة: 109 دقيقة و 20 ثانية
لماذا رفض الفلسطينيون العرض الإسرائيلي في كامب ديفد المدة: 3 دقائق و 35 ثانية
كيف إستطاعت هوليود على تشوية سمعة العرب المدة: 5 دقائق و 20 ثانية
سكوت ريتر يفسر هيمنت اللوبي الصهيوني على السياسة الأمريكية الخارجية المدة: 3 دقائق و 14 ثانية
فقط إذا عرفت أمريكا!!! المدة: 5 دقائق و 36 ثانية
مذيعة ال سي أن أن تستجوب الناطقة الإسرائيلية بطرية فريد من نوعها في العالم الغربي المدة: 4 دقائق و 19 ثانية
Israeli soldiers greeting palestinean women in bethlehem
Nobel Peace Prize Winner shot by Israeli army in Palestine during a peaceful demonstration
Media Slanders Bigoted & Biased News Against Muslims المدة: 9 دقائق و 29 ثانية
Lecture Mohammed Omer about Gaza المدة: 65 دقيقة و 20 ثانية
Not Through Annapolis: Noam Chomsky Says Path to Mideast Peace Lies in Popular Organizing Against U.S.-Israeli 'Rejectionism' المدة: 60 دقيقة
Unbiased Coverage:The Israel-Palestine Conflict المدة: 18 دقيقة و 58 ثانية
Rabbis against the existence of Israel, great argument against the myth that 'Palestine is a for Jews' المدة: 10 دقائق

2008-07-20

الجذور التاريخيه لكارثة اللجوء الفلسطيني
الإطـار التاريخي لقضيــة اللاجئين الفلسطينيين

أولاً: بدايـة قضيـة اللاجئيـن
ثانياً- أسباب اللجوء الفلسطيني
ثالثاً- بداية جهود الإغاثة الدولية


تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين بحق من أفجع المآسي في تاريخ البشرية وأوضحها انتهاكاً لحقوق الإنسان وأعمقها جرحاً في الضمير الانسانى، فلم يشهد التاريخ الحديث عملية استبدال كاملة للسكان الأصليين وأصحاب الأرض الشرعيين بأجناس دخلاء من مختلف أقطار العالم، كما جرى في فلسطين منذ بداية القرن العشرين، بفعل الاستعمار البريطاني والصهيوني، حيث إنقلبت المعادلة الديمجرافية رأساً على عقب بشكل أحال الأقلية اليهودية إلى أكثرية ساحقة، وأفرز في الآن ذاته ظاهرة فريدة من نوعها من حيث التصنيفات السكانية، ألا وهى ظاهرة اللاجئين الفلسطينيين.

أولاً: بدايـة قضيـة اللاجئيـن
إن الحديث عن نكبة فلسطين والتهجير الُمخطط له والمنظم لأكثر من 80% من فلسطيني أرض
فلسطين عام 1948م، إنما تُشكل أكبر مأساه وكارثة حدثت لأي شعب من شعوب الكون، فالاحتلال والتهجير كانا ثمرة نشاط عدائي لآيديولوجيا العنصرية الصهيونية والتي خططت ودبرت لفكرة استيطان فلسطين.

كما أن هذه الفكرة لم تبدأ بعملية التهجير الواسعة النطاق والتي اندلعت في أعقاب حرب عام 1948م، بل سبقت تلك الفترة بكثير، حيث إن استيطان فلسطين ما بين فترة عام 1878-1948 كان يمثل العامل الأساسي لميلاد دولة إسرائيل، وكان ذلك العمل نتيجة المبادأة الجماعية لثلاثة أجيال من الرواد، بدأوا بتأسيس مستعمرة " بتاح تكفا " أي"فاتحة الأمل " أول مستعمرة يهودية في فلسطين. ويقول دافيد بن جوريون "ما كنا نستطيع أن نحقق أهدافنا ونقيم دولتنا الحاضرة لولا الاعتقاد الراسخ بضرورة العودة إلى أرض الآباء، ولولا المعونة والتأييد المادي والسياسي والأدبي لليهودية العالمية فمبدأ إقامة دولة يهو دية في فلسطين كان معناه تهجير شعب فلسطين بأكمله أو على الأقل غالبيته، ففي عام1905م تآمر الصهاينة مع بعض الاقطاعين من لبنان لشراء أراضى من قرية المطلة في الجليل الأعلى، وتهجير سكانها من أرضهم، كما أن هناك حوالي 70 ألف فلاح فلسطيني تم طردهم وهدم قراهم قبل اندلاع حرب عام 1948م.

فمنذ إعلان زعماء اليهود قيام الحركة الصهيونية عام 1882م، أعلنوا في ذلك الحين بأن أرض فلسطين هي حق للشعب اليهودي، وأن بالإمكان نقل أهل فلسطين العرب إلى الأقطار العربية المجاورة، لهذا سعت الصهيونية على الحصول على إذن رسمي بتنفيذ الأطماع في فلسطين، التي كانت جزء من أملاك الدولة العثمانية آنذاك، وبعد المباحثات التي جرت بين زعماء الصهيونية والحكومة البريطانية، أصدر وزير خارجية بريطانيا بلفور بتاريخ 2 نوفمبر 1917م تصريحه الشهير الذي عرف باسمه، الذي أعطى بموجبه وعدا لليهود بإنشاء وطن قومي لهم
في فلسطين وأصبح وعد بلفور أمر واقع مع دخول القوات البريطانية عام1917 م، عندئذٍ ُفتحت أبواب الهجرة اليهودية وإنشاء المستوطنات.

حدث كل ذلك قبل أن يتقرر الإنتداب البريطاني على البلاد رسميًا وفق قرار مؤتمر سان ريمو عام 1920م ومع تزايد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، شعرت بريطانيا في عام 1947م بأن اليهود أصبحوا أقوياء، وأن بوسعهم الاعتماد على أنفسهم، فقامت برفع قضية انتدابها على فلسطين إلى منظمة الأمم المتحدة، والتي أنشئت عام 1945، وبعد المشاورات العديدة في نيويورك وفلسطين اعتمدت الجمعية العامة قرار رقم "181" (د 2 )، في 29 – نوفمبر 1947م المتضمن حكماً مستقبليًا لفلسطين وهو مخطط تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب وفي اليوم التالي لصدور القرار، أعلنت اللجنة العربية العليا التي عارضت القرار بشدة عن إضراب عام لمدة ثلاثة أيام اعتباراً من 1 / 12 / 1947م، وبذلك أعطت إشارة البدء بالعصيان المدني في مختلف قرى ومدن فلسطين.

مع تلك الظروف غير المستقرة التي اشتد فيها الصراع بين العرب واليهود، قررت بريطانيا سحب قواتها من فلسطين في 15 – مايو /أيار 1948م، وإنهاء حالة الإنتداب، لكنها تخلت عن التزاماتها الأدبية والقانونية وبدأت انسحابها قبل هذا التاريخ بخمسة أشهر، تاركةً أسلحتها ومواقعها العسكرية لتسيطر عليها العصابات الصهيونية، فوجد عرب فلسطين أنفسهم ولأول مرة في تاريخهم أمام واقع مرير وحقيقة مرة وهي الدولة اليهودية.... في وقت حصل فيه اليهود على ما لم يكونوا قد حصلوا عليه عبر تاريخهم، فقد حصلوا على قرار يمنحهم دولة ذات سيادة.

وفى اليوم التالي لجلاء القوات البريطانية دخلت الجيوش العربية فلسطين من كافة الجهات بناء على قرار الجامعة العربية، بقوات بلغ تعدادها قرابة 20 ألف جندي، بالإضافة إلى جيش الإنقاذ المكون من المجاهدين والمتطوعين العرب بقيادة "فوزي القاوقجى" الذي كان منتشرًا في شمال فلسطين، وتولى الملك عبد الله ملك الأردن القيادة العامة للجيوش، وكانت خطة الجيوش العربية تقضى بأن تلتقي الجيوش ( السورية -اللبنانية -العراقية -الأردنية ) في منطقة العفولة وسط فلسطين ونجحت الجيوش العربية في تحقيق بعض الانتصارات وحصار اليهود، كما استطاع الجيش المصري التقدم في ميدانه والسيطرة على المستعمرات المهمة، واستمر زحفه حتى وصل جنوب القدس، وعلى أثر شدة الحصار، تقدمت بريطانيا إلى مجلس الأمن بطلب وقف القتال لمدة أربع أسابيع ووافق مجلس الأمن في 29مايو على مطلب بريطانيا كانت هذه الهدنة والتي أعقبتها تُمثل نقطة تحول في معركة فلسطين إذ استغلها اليهود في الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة التي من خلالها استطاعوا السيطرة على معظم أراضى فلسطين، و قررت اللجنة السياسية لمجلس الجامعة العربية قبول طلب مجلس الأمن في2/حزيران 1948م لاعتبار وقف القتال وسيلة لإيجاد حل سلمى. " في وقت استمرت إسرائيل في توسيع حدودها، حيث تجاوزت المساحة المخصصة لها حسب خطة التقسيم والمقررة ب55% من أرض فلسطين مقابل 45% للدولة العربية ( في وقت كان عدد السكان اليهود 660000 ألف مقابل 1250000 عربي ) ومع توقيع اتفاقيات الهدنة لعام 1949م، كانت إسرائيل قد احتلت ما يقرب من 80% من فلسطين، علمُا بأنة عشية الحرب كان اليهود لا يملكون سوى 5% من مجمل الأرض في فلسطين .

ويمكن القول إن قرار التقسيم رقم 181 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة – والذي انتزع من الفلسطيينين حق تقرير تسوية مصيرهم- كان يشكل انحداراً في السياسة الدولية الخاصة بالأمم المتحدة والتي تضمن ميثاقها ( حق الشعوب في تقرير مصيرها )، فكيف يمكن تقسيم فلسطين دون مشاركة سكانها. كما أن واضعي مخطط التقسيم عللوا اقتراحهم بضرورة إعطاء اليهود أرضاً نتيجة اضطهادات ألمانيا الهتلرية التي كانوا ضحيتها... إن هذا الأمر يبرر اعتبار الفلسطينيين مسئولين عن هذه الاضطهادات ولا يمكن قبول أن يصبحوا ضحية جديدة بسبب قرارات الأمم المتحدة.

ثانياً- أسباب اللجوء الفلسطيني

يمكن القول من خلال ما سبق أن قضية اللاجئين قد بدأت بالظهور على أرض الواقع مع بداية ولادة الدولة اليهودية، لتبدأ هجرة الفلسطينيين من ديارهم هجرة قسرية بهدف النجاة بالنفس والهروب من إرهاب العصابات الصهيونية والتي رغبت في تثبيت أقدامها في فلسطين على أنقاض سكانها من بعد طردهم، ويمكن ذكر بعض الأساليب التي قام بها الصهاينة والتي أدت إلى اللجوء الفلسطيني وترك كل ما يملكون من خيرات وثروات، ليصبحوا فيما بعد مجردين من كل ما ُيملك.

لقد اعتمد الصهاينة أعمال الإرهاب باعتبارها سلاحاً قمعياً لمعارضي إنشاء الدولة اليهودية، وبهدف حمل العرب على الفرار من فلسطين، فقد أخذوا يواجهون المدنيين بوسائل الإرهاب التي طوروها وأتقنوها، فعمدوا إلى نسف المنازل وإلقاء القنابل على جموع المدنيين في الأماكن العامة، واغتيال الأفراد وتدمير القرى بكاملها، علاوةً على أعمال السلب والنهب للممتلكات العامة والخاصة كما نجحوا في إخلاء القرى والمدن الفلسطينية من خلال ارتكاب المجازر والمذابح وفي مقدمتها:

- مجزرة بلدة الشيخ في 30/12 / 1947م حيث قامت عصابات الهاغاناه بعملية دموية في بلدة الشيخ أدت إلى قتل ما يقرب من 100 مواطن، خلال نصف ساعة.

- مجزرة قرية سعسع في 15 / 2 / 1948م، اقترفتها سرية للبلماخ إحدى العصابات الصهيونية بقيادة "موشيه كالمان" عندما اقتحمتها وشرعت بإطلاق النار من دون تمييز، في جميع الاتجاهات، فقتل العشرات، ودمرت العديد من المنازل نتيجة تفجيرها بواسطة العبوات الناسفة .

- مجزرة دير ياسين، 9 /4 /1948م، كانت قرية دير ياسين الواقعة غرب مدينة القدس، هي الموقع الذي نفذت فيه المذبحة الأكثر بشاعة ضد المدنيين الفلسطينيين – وهى المذبحة التي أصبحت العامل الأكثر إسهامًا في الهجرة الجماعية، والتي ارتكبت على يد عصابتي "الارغون "وشتيرن " والتي ذبح فيها أكثر من 250 فلسطيني معظمهم من النساء والأطفال والقرويين العزل، كذلك ُمثل بأجسادهم، (وُقطعت أوصالهم، وُبقرت بطون النساء الحوامل....)

- مجزرة قرية أبو شوشة:14 / 5 /1948 م التي شنتها وحدة من عصابات "جفعاتى " على قرية شوشة الواقعة شرق مدينة الرملة، بهدف طرد أهلها، حيث ارتكبوا مذبحة رهيبة راح ضحيتها ستين شخصاً من النساء والشيوخ والأطفال - مجزرة قرية الخصاص في مساء 18 /12 /1948م، حيث شنت "الهاغانا" هجوما عليها، بواسطة سيارتان محملتان بالصهاينة دخلت القرية، وهى تطلق النيران، وتقذف بالقنابل اليدوية على المدنيين، نتج عن ذلك مقتل عشرة مدنيين، وفى اليوم التالي قتل خمسة أطفال نتيجة نسفهم لمنزل مختار القرية.

- مجزرة قبية: 15 /10 /1953م حيث قامت الفرقة 101 التابعة للجيش الاسرائيلى بقيادة "ارائيل شارون " وقوامها 600 جندي بتطويق القرية الواقعة شمال القدس وارتكاب المذبحة، وقصفها بصورة مركزة ودون تمييز، ثم دخلوا القرية واطلقو النار بكثافة على سكانها علاوة على عملية نسف المنازل، وأسفرت المذبحة عن 69 قتيلا بينهم نساء وأطفال وشيوخ، ونسف 41 منزل ومسجدًا وخزان مياه القرية .

ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى تشريد الفلسطينيين من ديارهم سياسة الطرد المباشرة من خلال دفعهم إلى اللجوء للدول المجاورة، كما كانت القيادة الصهيونية قد شرعت في تنفيذ الخطة " د " أو " دالت " بالعبرية، والتي وضعت تفاصيلها قيادة "الهاغاناة "، وأقرتها هيئة الأركان العليا في 10 آذار / مارس 1948م. وكانت هذه الخطة الأكثر تعبيراً عن استراتيجية تفريغ المدن من سكانها عن طريق محاصرة البلدة أو المدينة على هيئة حرف " د " أو حدوة حصان مما يعنى وجود منطقة خالية من القوات الصهيونية، ليستطيع من خلالها الفلسطينيين الإفلات من إرهاب الصهاينة، وقد وصل مجموع عمليات الطرد قبيل خروج القوات البريطانية إلي ثمانية عشر عملية تمت خلال الفترة بين كانون الأول / ديسمبر 1947م وحتى 8 أيلول / مايو 1948م .

ومن الأمثلة على سياسة " الطرد المباشر " الحالات الموثقة لعملية الطرد الكبير لبلدتي اللد والرملة في 12- 13 تموز 1948 م – وهما عمليتا طرد ضخمتان تشكل 10% تقريبا من كامل الهجرة الجماعية حيث ُطرد قرابة 60000 فلسطيني و نُفذ أمر الطرد بأمر من (بن غوريون وثلاثة من الضباط الكبار، هم:يغئال ألون – اسحق رابين – موشية ديان )، كما طرد سكان قرية صفصف، وسعسع، وكفر برعم، وعرب الشمالينا، وقيسارية، وغيرها من القرى المجاورة وممن صدر فيهم قرار الطرد، سكان بلدتي المجدل والفالوجة، وقد كان عدد سكان المجدل العربية الواقعة على شاطئ البحر، بين يافا وغزة عشرة ألاف نسمة تقريبا في بداية 1948م وبقى فيها نحو 2700 فلسطيني عند احتلالها، وقد تم طردهم نهائيا في صيف عام 1950م، بأمر من قائد المنطقة الجنوبية، "يغئال ألون " .

على أن عمليات الطرد هذه لم تتوقف حتى بعد توقيع اتفاقيات الهدنة، بل استمرت إلى فترة لاحقة، حيث ذكر الجنرال "وليام رايلى ": رئيس منظمة الهدنة الدولية في تقريره للأمم المتحدة عام 1951م:أنه "بالإضافة إلى طرد البدو، طرد الإسرائيليون منذ شهر مارس 1950 م أكثر من ألف عربي عبر الخطوط الفاصلة إلى قطاع غزة....
ولقد شكلت الحرب النفسية أحد أهم الأسباب الرئيسية الأخرى لتهجير عرب فلسطين، وذلك من خلال تسريب أخبار المجازر على نطاق محلى كي تصل أخبار القتل الجماعي والاغتصاب والهدم إلى آذان السكان الفلسطينيين، وخاصة الريف المحافظ، وذلك كي تزرع في نفوس السكان حالة من الهلع والذعر ليقوموا بإخلاء قراهم حفاظًا على أرواحهم، وقد ساهمت الأخبار الصادرة من قبل المنظمات الصهيونية بشأن مسالك الطرق الآمنة التي يمكن للسكان أن يسلكوها، في زيادة نسبة الهاربين من المجازر. ففي القدس جالت مجموعة من " الأرغون " بالسيارات المصفحة، مخترقة شوارع الطالبية،وهى تذيع إنذارا للعرب بضرورة الرحيل ،وجاء في النداءات : " إذا لم تتركوا بيوتكم ، فان مصيركم سيكون مثل مصير دير ياسين .. انج بنفسك، فان الطريق إلى أريحا مفتوح...، "وفى طبريا قام اليهود بتوزيع كميات كبيرة من المنشورات بالعربية، تحذر الناس وتخيفهم من الحرب وعواقبها وتدعوهم للرحيل، كي يكونوا بأمان .

وأثناء القتال المندلع بين السكان الفلسطينيين وعصابات اليهود، كانت هناك محطة إذاعية تابعة للهاغانا، أخذت تذيع الشائعات الكاذبة لإضعاف معنويات عرب فلسطين، زاعمة أن وباء التيفوس والهواء الأصفر سينتشران في المدن والقرى خلال شهري ابريل ومايو،وان المعركة الجدية ستبدأ فور انسحاب الإنجليز ،وان الطرق الرئيسية سوف تغلق بعد أيام معدودة .

ولا يمكن تجاهل الدور البريطاني المميز والمسبب لهجرة الفلسطينيين من ديارهم فمنذ إصدار بريطانيا لوعد بلفور في 2 /نوفمبر 1917م، وهى تعمل جاهدة بكافة الوسائل على تمكين اليهود من استملاك الأراضي في فلسطين، وَأثر ذلك على عملية تهجير الفلسطينيين والاستيلاء على أرضهم، ولقد بات أمر الأراضي في فلسطين إبان الانتداب في يد بريطانيا إذ مكنت اليهود من الاستيلاء على مجموعة من الأراضي في فلسطين ُقدرت بحوالى 1.588.360 دونم
حتى عام 1945م.

كما يعود الفضل في عمليات التهجير لسلطات الانتداب البريطاني في تقوية الوجود اليهودي من الناحية العسكرية وإمكانيات التسلح، وكان الصهاينة قد شرعوا بتأسيس جيش منذ عام 1942م بلغ قوامه خمسة عشر ألف جندي مع أوائل عام 1948م، ثم قفز العدد إلى ستين ألف ويزيد في شهري أيار / مايو من العام نفسه، فيما كانت القوات البريطانية تقوم بنزع سلاح الفلسطينيين بغية عدم تمكينهم من الدفاع عن أنفسهم أمام هجمات العصابات الصهيونية .

ولا يمكن إخفاء دور السياسة البريطانية في مناهضة الاحتلال اليهودي وتسهيل أمر استيلائهم على المدن العربية الكبرى وتسهيل نقل وترحيل الفلسطينيين من مدنهم كما جرى في طبريا و حيفا، وكذلك عدم قيامهم بواجب حماية الفلسطينيين المدنيين، في الوقت الذي كانت قواتهم تحمى اليهود من هجمات العرب، ولولا مؤامراتهم المكشوفة المعروفة في حادث تسليم اللد والرملة ومنطقتها ثم المناطق الأخرى بموجب اتفاقية رودس لليهود، لما حل بالفلسطينيين ذلك التشريد الشنيع .

إن المفعول التراكمي للاحتلال البريطاني لفلسطين َتمثل في كون المجتمع الأهلى عشية حرب 1948 م أضعف بكثير مما كان عليه سنة1936م، وبرغم التفوق العددي للفلسطينيين، فان ميزان القوة كان لصالح اليهود عشية حرب 1948م. كما كان تمزيق الفلسطينيين النتيجة المنطقية لثلاثة عقود من سياسة اللامساواة (عسكريا وسياسيا واجتماعيًا ) كل ذلك كان يمثل عاملا حاسما في بناء الدولة الصهيونية وتدمير الفلسطينيين وتشريدهم .

وقد وجد اللاجئون الفلسطينيون الذين أُجبروا قسرا على الخروج من ديارهم عام 1948م ملاذًا لهم، إما فيما تبقى من الأراضي الفلسطينية (الضفة الغربية وقطاع غزة ) أو أراضى الجوار العربية، خاصة الأردن – سورية – لبنان – مصر، وقد تم وضعهم في نقاط تجمع أطلق عليها فيما بعد باسم المخيمات الفلسطينية والتي بلغ تعدادها 67 مخيما منها 61 مخيماً منظمًا أي تحت إشراف وكالة الغوث، وستة مخيمات غير منظمة، وتم تقدير الفلسطينيين وتوزيعهم في المناطق التي أقاموا فيها بعد انتهاء حرب 1948م، على الشكل الذي يوضحه الجدول التالي .
الجدول رقم ( 1 )
تقدير توزيع الفلسطينيين في المناطق التي أقاموا فيها عام 1949م بالآلاف والنسبة المئوية
منطقة اللجوء لاجئون أصليون المجموع العام النسبة المئوية
داخل فلسطين 470 730 1200 81.8
الضفة الغربية 280 494 774 52.5
قطاع غزة 190 80 270 18.4
الاراضى المحتلة - 156 156 10.6
خارج فلسطين 266 - 266 18.2
لبنان 100 - 100 6.8
سورية 85 - 85 5.8
الأردن 70 - 70 4.8
مصر 7 - 7 0.5
العراق 4 - 4 0.1
المجموع العام 736 730 1466 100%
من الجدول السابق يمكن الاستنتاج بان الهجرة الفلسطينية الواسعة، بهذا الحجم، كانت نتيجة سياسة التهجير القسرية،التي تكونت معه تجمعات فلسطينية في الدول العربية المضيفة، كما أن العودة المتوقعة التي خيمت على أذهان اللاجئين هي التي تبرر هجرة الغالبية العظمى من اللاجئين داخل فلسطين نفسها، لتسهيل عودتهم إلى المناطق التي شردوا منها .

ويمكن تقسيم البلدان المضيفة للاجئين إلى قسمين وهما: بلدان يوجد فيها مخيمات وهى سوريا، والأردن، ولبنان، والضفة والقطاع، وبلدان لا يوجد فيها مخيمات، وهي مصر والعراق. والمخيم: "هو ذلك التجمع الفلسطيني المعروف منذ خمسينات القرن العشرين، باسم مخيم اللاجئين الفلسطينيين، وقد أصبح له على مر السنين حدود مادية
اجتماعية، ونشأ في كل مخيم اقتصاد محلى لتأمين الحاجات الأساسية لسكانه. .

أما بخصوص الحصيلة النهائية لنكبة فلسطين فتتمثل فى أن إسرائيل احتلت 530 مدينة وقرية فلسطينية مساحتها 18643 كيلومتر مربع وهى تعادل 92% من مساحة أراضى اللاجئين الفلسطينيين ، الذين بلغ تعدادهم 960 ألف لاجئاً مع نهاية عام 1949م، حسب تقديرات الأمم المتحدة. كما تشير المصادر الإحصائية التي اهتمت بدراسة أوضاع اللاجئين إلى تقديرات مختلفة لاجمالى أعداد المهجرين منهم، وفيما يلي عرض لخمسة تقديرات لأعداد اللاجئين لعام 1949م.

جدول رقم ( 2 )

تقديرات مختلفة لأعداد اللاجئين الفلسطينيين لعام 1949م
الجهة المقدرة عدد اللاجئين / بالآلاف
وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين 960
جامعة الدول العربية 840 – 940
بعثة الأمم المتحدة 726
المعهد الملكي للشؤون الدولية - لندن 713

يتضح من خلال تلك التقديرات أنها متباينة، ورغم أن تقديرات الأمم المتحدة متقاربة مع تقديرات جامعة الدول العربية إلا أنها غير دقيقة، ويعود السبب في ذلك إلى أن المعلومات التي تعتمد عليها وكالة الغوث هي التي يتقدم بها اللاجئون طواعية ليستفيدوا من خدماتها

أما الذين بقوا داخل فلسطين فكانوا قلة قليلة بلغ عددهم 156000 نسمة تقريبًا من سكان الأراضي التي تعرف بإسرائيل، والجدير بالذكر أيضا أن 13000 فلسطيني تقريبا معظمهم من المدنيين قتلوا على يد القوات الصهيونية /الإسرائيلية في أثناء حرب عام 1948م .

ثالثاً- بداية جهود الإغاثة الدولية

من جهة أخرى، قدمت الدول المضيفة التي لجأ إليها الفلسطينيون المأوى والإغاثة المؤقتة، وخاصة لمن كانوا بدون مأوى وبحاجة ماسة للمساعدة، مع العلم أن جهود الإغاثة كانت فوق طاقة الإمكانيات الاقتصادية والتنظيمية المتوفرة في الدول التي استقر فيها اللاجئون .

وفي استمرار للجهود الأولية الرامية لإغاثة اللاجئين نتيجة لوضعهم الصعب والذي لم يكن يحتمل الانتظار تم عقد اتفاقية في جنيف في 19 ديسمبر 1948م بين مدير وكالة الإغاثة وبين ثلاثة مؤسسات دولية وهي "الكويكرز الأمريكية"، وهيئة فرع الصيب الأحمر، ولجنة الصليب الأحمر الدولية على تقديم مساعدات عاجلة للاجئين يتوقف تقديمها في أغسطس 1949، ولكن وبسبب عدم عودة اللاجئين تم تجديد عمل المؤسسات الثلاثة السابقة .

وعلى هذا تولى الصليب الأحمر رعاية اللاجئين في فلسطين والأجزاء الخاضعة لسيادة شرق الأردن، وأشرفت رابطة جمعيات الصليب الأحمر على اللاجئين في سوريا ولبنان بينما أشرفت لجنة خدمات الأصدقاء الأمريكية (الكويكرز) على لاجئي قطاع غزة الذي كان تحت السيادة المصرية ، والذي اكتظ بمن لجأوا إليه حيث أقاموا في المدارس والزوايا وبقايا أكشاك المعسكرات البريطانية التي كانت قد أنشئت في هذه المنطقة أو تلك، وآوى بعضهم إلى الخرائب والحواكير في أطراف المدينة ينصبون فيها خياماً من الخيش أو ما شابه، إلى أن أقامت بعض الهيئات الدولية الخيام ومد يد العون كالصليب الأحمر والكويكرز، كما ساهمت في ذلك مصر قدر طاقتها .

وقد استمر الوضع على هذا الحال إلى أن تم تشكيل وكالة الغوث الدولية "أنروا "، UNRWA))، بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (302) (د -4 ) الصادر في 8 /ك1 /1949م بهدف توفير المساعدات في مجال الإغاثة والتشغيل بالتعاون مع الحكومات المضيفة. وقد باشرت الوكالة عملها في 1/ أيار 1950م، وقد ساد الاعتقاد بان مهمتها سوف تكون قصيرة ظنًا بأن بعض اللاجئين سيُسمح لهم بالعودة إلى ديارهم، وأن آخرين سوف يتم دمجهم في الأقطار العربية المحيطة. غير أن ذلك لم يحدث ، الأمر الذي دعا الجمعية العامة لتجديد مدة ولاية الانروا كل ثلاث سنوات، وبشكل تلقائي .

ولقد عملت الأونروا على إدخال بعض التحسينات على حياة اللاجئين من خلال منحهم قطع أرض وقروضاً، في إطار سياسة تهدف إلى توطينهم في أماكن إقامتهم، في وقت نظر فيه اللاجئون إلى تلك المشاريع التي طرحتها الأونروا على مدار السنين، بعين الريبة والشك مما عمق نظرة الخيفة والارتياب عند اللاجئ الفلسطيني في سياسة
برامج الوكالة المتعددة .

كما تأثر الدور الذي قامت به تلك الوكالة بظروفها المالية، تأثراً كبيرًا من حيث مستوى الخدمات التي تقدمها للاجئين، ذلك أن تمويلها كان يعتمد على المساعدات الدولية التطوعية، فلم تخصص لها الأمم المتحدة موازنة مالية رغم أنها تابعة لها، وبالطبع فان حجم التبرعات المالية الدولية كان يتأثر بظروف المجتمع الدولي الاقتصادية والسياسية، في
الوقت الذي تزداد فيه أعداد اللاجئين، لذا فقد اقتصر دور الوكالة على عمليات الإغاثة في حدود إمكانياتها وفى رقعة صغيرة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين الموجودين في دول العالم .

كما سعت إسرائيل دوماً من جانبها إلى محاولة تصفية القضية الفلسطينية، بكل ما تنطوي عليه من مطالب وأهداف وحقوق مشروعة للشعب الفلسطيني وسعت بجهود خاصة ومركزة، بهدف اقتلاع تلك المخيمات والتي هي رمز للقضية الفلسطينية سواء القائمة في الأراضي المحتلة، أو تلك القائمة في الدول العربية المحيطة، وذلك تحت ذرائع مضللة مثل " تحسين شروط حياة اللاجئين " أو إعادة إسكانهم ، والتي باءت في النهاية بفشل تلك المحاولات لتبقي
المخيمات رمز للقضية الفلسطينية وتمثيلاً للمطالبة بحق العودة .
الباحث في الدراسات الخاصة بشئون أوضاع اللاجئين الفلسطينيين
علاء محمد أبو دية زقوت