بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-11-24

سُنَّة ذبح الأضحية بعد صلاة العيد


سُنَّة ذبح الأضحية بعد صلاة العيد

يختبرنا الله عز وجل بأنواع العبادات المختلفة، وهي عبادات تعتمد على اليقين في أنها من عند الله، وبالتالي لا بُدَّ أن تُفْعَل بالطريقة التي أرادها الله عز وجل وعَلَّمنا إياها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]، وقد كان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أن يذبح أضحية عيد الأضحى بعد الصلاة وليس قبلها؛ فقد روى البخاري عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ، فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ». فَقَامَ أَبُو بُرْدَةَ بْنُ نِيَارٍ، وَقَدْ ذَبَحَ، فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي جَذَعَةً. فَقَالَ: «اذْبَحْهَا وَلَنْ تَجْزِيَ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ». قَالَ مُطَرِّفٌ: عَنْ عَامِرٍ، عَنِ البَرَاءِ رضي الله عنه: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلاَةِ تَمَّ نُسُكُهُ، وَأَصَابَ سُنَّةَ المُسْلِمِينَ».

فتَبَيَّن لنا من هذا الحديث أن الذبح الذي يُعَدُّ من النسك والعبادة هو الذبح الذي بعد الصلاة، أما الذي تمَّ قبل الصلاة فهو مجرَّد لحم صالح للأهل ليس فيه أجر الأضحية؛ مع أن الفارق بين توقيت الذبح قد لا يتجاوز ساعة واحدة، ومع أن المذبوح قد يكون واحدًا؛ بل قد يكون المذبوح قبل الصلاة أكبر وأسنَّ من المذبوح بعدها، كما في حالة الحديث الذي بين أيدينا، ومع ذلك فالأضحية الصحيحة والمقبولة من الله هي التي ذُبِحَت في التوقيت الذي حددَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكل هذا لنعلم أن الدين قائم على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس على ما قد نراه أحيانًا منطقيًّا من وجهة نظرنا.

وكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أيضًا أنه لا يبدأ أكله يوم عيد الأضحى إلا بعد عودته من الصلاة والذبح، وحينها يأكل من ذبيحته، فقد روى الترمذي -وقال الألباني: صحيح- عن بُرَيْدَةَ بْنِ حُصَيْبٍ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ: "كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لاَ يَخْرُجُ يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَطْعَمَ، وَلاَ يَطْعَمُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ". وفي رواية أحمد بإسناد حسن قال صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ، وَلاَ يَأْكُلُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ". فلنحرص على هذا الهدْي النبوي.
د. راغب السرجاني

سُنَّة دعاء التهجد

سُنَّة دعاء التهجد

يعجز العقل أن يتخيَّل عظمة هذه اللحظات الخالدة في عمق الليل، التي يتنزَّل فيها ربُّ السموات والأرض إلى السماء الدنيا يُخاطب عباده!
فقد روى البخاري ومسلم -واللفظ لمسلم- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟".

وفي هذه الأجواء الطاهرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب قدميه قائمًا لله عز وجل يُصَلِّي صلاة التهجد، وكان من سُنَّته صلى الله عليه وسلم أنه يستفتح هذه الصلاة بدعاء خاشع يُناجي به ربَّه مناجاة العبد المحتاج، والذي يبحث عن الإجابة والعطاء والمغفرة؛ فقد روى البخاري عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أنه يَقُولُ:
كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: "اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، أَنْتَ الحَقُّ، وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَقَوْلُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ الحَقُّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ".

فلنحرص على صلاة التهجد في هذا الوقت الشريف، ولنبدأ تهجُّدنا بهذه المناجاة الخاشعة.
د. راغب السرجاني

جدار الفصل العنصري... آمال لن تتحقق ؟!


جدار الفصل العنصري... آمال لن تتحقق ؟!

أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم أن اليهود لا يقاتلوننا إلا من وراء جدر محصنة قال تعالى: (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) ( سورة الحشر، آية 14 ) .

وهذا من أعظم الذم ، فهم لا يثبتون على قتال المسلمين ، ولا يعزمون عليه ، إلا إذا كانوا متحصنين في القرى أو من وراء الجدر والأسوار، معتمدين على حصونهم وجدرهم لا شجاعة بأنفسهم ، فبأسهم من وراء الحيطان والحصون وإن خرجوا منها فهم أجبن خلق الله .
ولولا الحصون ما اجترءوا على أفعالهم التي نراها ، فهم في كل زمان ومكان جبناء لا يقدرون على المواجهة المباشرة ، إلا أن يكونوا في قرى محصنة لها استعدادات قتالية من خلف الخنادق والحصون والحيطان ، وتاريخ اليهود وحاضرهم شاهد على ذلك .

فطبيعة المستعمرات اليهودية التي أقاموها في فلسطين قبل إعلان قيام الكيان اليهودي وإلى الآن هي قلاع محصنة ذات أسوار محاطة بأسلاك شائكة، وجدر إلكترونية ، ونقاط مراقبة، ودوريات تدور حولها على مدار الساعة ، فكل مستعمرة صممت لتكون بمنزلة قلعة حصينة ، وقرية محصنة !!.
ثم بنوا خط بارليف بينهم وبين مصر، على أمل أن يحقق لهم الأمن والطمأنينة !!، واستمروا في بناء الجدر والأسيجة على الحدود مع الدول المجاورة ...
وبزعم منع "عمليات التسلل الإرهابية" إلى مناطق 48 ، ووقف العمليات ضد الكيان اليهودي ، شرعوا ببناء جدار يبلغ ارتفاعه 8 أمتار وطوله 750 كيلومتراً، من جدران أسمنتية مرتفعة وأسلاك شائكة مكهربة وأجهزة للمراقبة، يفرض إغلاقا كاملا على مناطق الضفة والقطاع وشرقي القدس ، بوصفه "سياج أمني" ، يقتطع 75% من موارد المياه بالضفة الغربية ونحو 23% من أخصب أراضيها، بتكلفة مليار دولار .
فما سر الحصون والجدر ؟ ولماذا يحرصون ألا يكون قتالهم لأعدائهم مواجهة ؟ ولماذا لا يقاتلون إلا عبر الطائرات والصواريخ والدبابات المحصنة بالدروع ؟! ولماذا يواجهون الأطفال العزل بالأعيرة الرشاشة ، ولماذا يهابون الحجر وهم المدججون بالعتاد والمداد ؟!

سؤالٌ لم أجد له جواب إلا أنهم :
أولا : حريصون على الحياة - أية حياة ولو كانت حياة ذل ومهانة - قال تعالى واصفا حبهم للحياة : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) (سورة البقرة، آية96).
ثانياً : الرهبة والخوف في صدورهم من المسلمين أشد من رهبتهم من الله سبحانه، قال تعالى :"لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون"( سورة الحشر، آية 13 ) .
ومع هذا أيظن اليهود أن الجدار سيحصنهم ويحميهم ؟! لا إنهم واهمون فلن يتحقق لهم الأمن والأمان ، ولن تحميهم الجدر ، ولا الحصون والقلاع ، والواقع شاهد على ذلك .

فإن أردتم الحياة يا يهود فاخرجوا من أرضنا وديارنا إلى شتات الأرض كما كنتم ... فاسدون مفسدون ... وليعود "الأشكناز" إلى ديارهم ، و" السفارد" إلى مأواهم ، و"الفلاشا" إلى قارتهم ... ويعود أهل فلسطين إليها ... الذين ما زالوا يحملون مفاتيح بيوتهم ، يقاتلون من أجلها رغم القلاع والحصون والطائرات والمدرعات ... وتكالب القريب والبعيد ...فإن فلسطين لن تكون إلا لأهلها المسلمين ، وستقوم الساعة على ذلك هذا ما أخبرنا عنه الله تبارك وتعالى ... روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ، فيقتلهم المسلمون ، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر ، فيقول الحجر أو الشجر : يا مسلم يا عبد الله ! هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله ، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود) .
والحمد لله رب العالمين ،،،
عيسى القدومي

المشروع الصهيوني بين بناء الجدار وهدم الأقصى

المشروع الصهيوني بين بناء الجدار وهدم الأقصى
د. عيسى القدومي

المسجد الأقصى عنوان الصراع :
المسجد الأقصى كان وما زال عنوان الصراع مع اليهود الغاصبين، ومقياس التهدئة والتصعيد ، والشعلة والفتيل لتصاعد الأحداث ، وكثير من الأحداث الجسام على أرض فلسطين اشتعلت شرارتها من المسجد الأقصى المبارك ، مروراً بأحداث البراق في عام 1929م عندما حاول اليهود السيطرة على حائط البراق ، وحرق المسجد الأقصى ، وأحداث النفق أسفل منه ، إلى اقتحام المجرم شارون ساحات المسجد الأقصى المبارك في 28/9/2000 م واشتعال أحداث فلسطين التي مازالت مستمرة بتصعيد وتخطيط يهودي ويليها تهديدات المتطرفين باقتحام المسجد الأقصى .

إن هذه المخططات لم تكن الأولى ضد المسجد الأقصى ولن تكون الأخيرة، فمنذ زمن بعيد بيّت اليهود النوايا للنيل من القدس وبالأخص المسجد الأقصى المبارك ، وتعددت محاولاتهم في ذلك وتواصلت، فقد أصدرت سلطات الاحتلال القوانين والأنظمة لضمها إلى الكيان الصهيوني رغم أنها مدينة محتلة لا يجوز ضمها مخالفة بذلك القانون الدولي والمعاهدات والاتفاقيات الدولية واتخذت الإجراءات لطمس معالمها الإسلامية والحضارية ، مع أن العالم قد أجمع بقرارات دولية على عدم شرعية أو قانونية ما تقوم به حكومة الكيان اليهودي ، إلا أنها ماضية في تهويد مدينة القدس .

من المحرض على اقتحام المسجد الأقصى ؟
من أهم التحديات الكبيرة التي تواجه الأمة العربية والإسلامية وبالأخص من يعيش على أرض فلسطين ، هي كيف التغلب على الرواية الصهيونية للأحداث والتي تشوه حقيقة ما يجرى في القدس .

ولكي نعرف حقيقة ما جرى وما يجري في القدس لابد أن نعود إلى تصريحات قادة الاحتلال التي سبقت ممارسات الجماعات اليهودية المتطرفة ، فمنذ عام 2003م تصاعدت وتيرة التصريحات حول المسجد الأقصى ، وتلاه التهديدات والمخططات لاقتحام المسجد الأقصى ، وبدأ المصلون المسلمون في المسجد الأقصى يلاحظون كثافة اليهود الذين يدخلون إلى ساحات المسجد الأقصى ويقومون بتصويره تحت حماية أمنية مشددة ، بل والتمادي بدخول مسجد قبة الصخرة ، والعبث بالمصاحف !! . مستندين بتلك الممارسات على قرار وزير الأمن الداخلي اليهودي تسامى هانجيي " بالسماح لليهود دخول ‏‏ساحة المسجد الأقصى سواء وافق المسلمون أم لا " ليعطى كل الممارسات من متطرفي اليهود الطابع الرسمي والقانوني المدعوم من قيادة قوات الاحتلال .

وازداد الأمر تصعيدا وتحدياً في 17/2/2003م بكشف قائد شرطة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس المحتلة الجنرال ميكي ليفي عن نية قوات الشرطة القيام بإجراءات لفتح المسجد الأقصى أمام المصلين اليهود ، وأضاف ليفي " أن الظروف نضجت لإعادة فتح المسجد الأقصى أمام الزوار اليهود والسياح "!! .

وتزامن تصريح ليفي مع الكشف عن مجموعات من اليهود يزيد عددها على الثلاثين شخصاً تدخل المسجد الأقصى بترتيبات سرية بشكل شبه يومي ، خاصة إلى المسجد المرواني.

وزادت قوات الاحتلال من تواجدها في القدس تحت ذريعة " الخشية من رد فعل الفلسطينيين بسبب تصريحات وزير الأمن الداخلي اليهودي ، ومنعت المصلين المسلمين الذين تقل أعمارهم عن 40 سنة من أداء صلاة الجمعة بالمسجد الأقصى ، وشددت إجراءاتها الأمنية علي المصلين خارج المسجد.

مما يعني أن ما يجري الآن من محاولة للاعتداء على المسجد يدخل ضمن السياسة الرسمية ولا يجب أن يُلقى أدنى مسؤولية على من يسمونهم بالمتطرفين والمتعصبين ، لأن الموقف حكومة الاحتلال الجوهري من المسجد الأقصى هو هدمه وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه .

وتتتالى الأحداث :
ومنذ بداية عام 2005م أخذت تصريحات المسئولين في الكيان اليهودي في الآونة الأخيرة منحنى خطيراً يكشف عن اقتراب موعد تنفيذ المخطط الخبيث لهدم المسجد الأقصى ، وتعالت التحذيرات من المؤسسة الأمنية وكذلك المؤسسة السياسية للاحتلال والتي صرحت بأن المسجد الأقصى في خطر .

ويحاول الإعلام اليهودي أن يصوّر عبر مقالات وتقارير ينشرها تباعاً في صحفه اليومية وملاحقه السياسية الأسبوعية ، بأن جهاز المخابرات الصهيونية "الشاباك" يسارع الزمن في محاولة التعرف على شخصيات أو مجموعات يهودية متطرفة تخطط للقيام بعملية تفجير ونسف المسجد الأقصى المبارك ، مشيرين إلى أن خطط من هذا النوع يزداد احتمال وقوعها يوما بعد يوم، كلما اقترب موعد تنفيذ خطة شارون بالانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة ، وتخلص هذه التقارير وعبر تحليلات كاتبيها أو على لسان رجال المخابرات بأن احتمال الوصول إلى مخططي مثل هذا الهجوم على المسجد الأقصى يكاد يكون مستحيلا ، بمعنى أن تنفيذ اعتداء تفجيري على المسجد الأقصى بات مفروغا منه ؟!

وتحت عنوان "معركة ذهنية حول الحرم القدسي" كتب " يهودا ليطاني " مقالاً في صحيفة "يديعوت أحرونوت" يوم 3/3/2005 م ، محذراً الجماعات اليهودية المتطرفة من خطورة مخططاتهم الحالية الرامية إلى تفجير وهدم المسجد الأقصى المبارك والتي تراقبها بدقة – حسب زعمه – الجهات الأمنية في الكيان اليهودي ، وتعمل للحيلولة دون تنفيذ مخططاتهم ... واصفا المعركة بين المتطرفين - اليهود والجهات الأمنية – بالمعركة الذهنية لأنها بين طرفين وهم " المجاهيل " من جهة ، و" الشاباك " – المخابرات الداخلية - من جهة أخرى !!

وقد صرح قبل ذلك رئيس "جهاز الأمن العام" : " إنه إذا كان الحظر على رئيس الوزراء "ارئيل شارون " يماثل ست درجات حسب مقياس ريختر ، فإن الحظر على المسجد الأقصى يوازي سبع درجات " !!

وأضاف : " أن احتمالات الاعتداء قد تكون غير عادية ، وستكون كما قال إما عن طريق صواريخ موجهة عن بعد ، أو بطائرات محملة بالمتفجرات يقودها يهود ، أو عن طريق الطائرات الموجهة ". وصرح كذلك وزير الأمن الداخلي اليهودي بأن المسجد الأقصى في خطر.

ويصف المراقبون هذه المخاطر بأنها تكبر مع اقتراب موعد تنفيذ خطة الانسحاب من قطاع غزة ، إذ يظن هؤلاء الذين يقفون خلف هذه المخططات ، أن لا حدث يمكن أن يوقف مشروع الانسحاب إلا الاعتداء على المسجد الأقصى .

وتكمن الخطورة أن فئات ليست قليلة منهم تتحدث عن هذا العام ، أي عام 2005 م ، لأنه كما يقولون الحد الزمني الأقصى ، الذي يمهل الله بني إسرائيل بضرورة بناء الهيكل ، وإلا فإن غضب الرب سينزل عليهم !! كما يزعمون . وتلك الجماعات لا يخفى على المعنيين أنها كبيرة جداً وممولة من جهات داخلية وخارجية بشكل واضح وهي تتنافس في ما بينها على تنفيذ عملية هدم الأقصى من أجل بناء الهيكل !!

فالقرار اليهودي بهدم الأقصى متخذ منذ التفكير في إنشاء الدولة اليهودية وزرعها شوكة في جسد أرضنا العربية والإسلامية ‏،‏ لكن الإعلان عنه أصبح أكثر وضوحاً وتحديداً‏،‏ خاصة أن الوزراء وغيرهم من المسئولين اليهود يتحدثون عن تهديد مجموعات متطرفة بهدم الأبنية المقامة في جبل الهيكل‏ ، وهذا تأكيد على تجاهل وجود المسجد الأقصى والإشارة إليه بعبارة جبل الهيكل يعني أنه لاحقوق لأحد غير اليهود على القدس .

حكومة شارون اعتبرت أن خطوة تنفيذ هدم الأقصى قد حانت - بإخراج مسرحي هزيل من نوع مجموعات متطرفة - وكأن حكومة الكيان اليهودي حكومة معتدلة‏ - وطائرة بدون طيار وهي تتوهم أن الأمر بعد ذلك لن يتعدي بيانات الشجب والتنديد العربية .

و"فجأة ستسمعون صوت الانفجار" :
في ملحق أسبوعي لصحيفة هآرتس اختارت أن يكون غلاف ملحقها وعلى صفحة كاملة صورة قبة الصخرة تحت عنوان بارز "وفجأة ستسمعون صوت الانفجار" في إشارة إلى تفجير ونسف المسجد الأقصى ، والجهات والمجموعات التي تتداول فيما بينها هذه المخططات، والكشف عن معتقداتها ودوافعها وعلى رأسها مجموعة ما يسمى " الدردعيم الجدد " والتي يمكن أن تُنبت الإرهابي – حسب قولهم – الذي سيشعل النار في المنطقة .

" مؤتمر بناء "الهيكل" وملامح المعتدي القادم !!
ففي 21/12/2004 م عقد مؤتمر قام بتنظيمه المجموعات اليهودية الفاعلة لبناء الهيكل الثالث وألقيت في المحاضرات ومخططات لنسف الأقصى ، وقد اطلع جهاز المخابرات الداخلي على أوراق المؤتمر والمشاركات والتوصيات ، ولم يلقي القبض على أي منهم ، وشاعت كلمة الراب يسرائيل ارئيل التي ألقاها هناك والتي مفادها: " بأن سبب تكرار "قدر" الانسحاب من منطقة أخرى يعود إلى إهمال الاهتمام بالهيكل وتساءل : " كيف يمكن أن يرتاح ويطمئن بالنا مع تقادم السنين في حين لم نقدم شيئا من أجل بناء الهيكل بيت الرب ، والرب يريد منا أن نبدأ بالعمل ، إذا علينا أن نبدأ بالعمل ".

وممن تحدثوا أيضا في المؤتمر المذكور الراب يسرائيل روزان - رئيس معهد "تسومت" مفترق طرق ، وينتمي إلى حزب "المفدال" المتدين المتطرف - والذي ربط في محاضرته بين الانسحاب من غزة وضعف الشعب وبين ضعف العمل من أجل الهيكل ، إلا أن روزان لم يتحدث عن إزالة المسجد الأقصى ، بل عن تنظيم إقامة الشعائر اليهودية داخل المسجد الأقصى، ولكن تحليله كان مطابقا للراب يسرائيل أريئل : " عندما يكون ضعف في القلب ، في جبل الهيكل ، سيأثر ذلك سلبا على سائر الجسد" وأكد روزان أن الاهتمام بالهيكل يجب أن تأخذ المؤسسة الرسمية الدولة دورا فعالا فيه وليس على المستوى الشخصي فحسب.

وصرح علناً الحاخام "مردخاي الياهو" - حاخام الكيان اليهودي - الأكبر قال في مجلة "من ينابيع الخلاص" " أن حجر الشرب الموجود في "جبل الهيكل" (المسجد الأقصى) يبعث القوة والقدرة في نفس من يمتلكه" . ثم سكت، ولم يُفصل مقصده !!

وعضو من حركة "شبيبة التلال" اليهودية يعلن أن من يريد تنفيذ أوامر التوراة فعليه أن يطمح إلى هدم الأقصى ونسفه ، ومن ثم تسويته بالأرض بواسطة الجرافات الكبيرة " البلدوزرات " ويقول: " هل من الممكن أن يصلي أحدهم باتجاه الهيكل ثلاث مرات في اليوم ومن ثم لا يدعو إلى تفجير الحرم القديم؟!".

شعارهم : " فليبنى الهيكل وليهدم الأقصى" :
" مسيرة الأبواب " مسيرة تنظمها مجموعات يهودية على رأس كل شهر عبري يتجمعون بالقرب من ساحة البراق ، وتقوم بمسيرة حول أسوار المسجد الأقصى وبوابته الرئيسية، يشارك فيها المئات وأحيانا الآلاف ، يرفعون خلال مسيرتهم شعارات " فليبن الهيكل .. وليهدم المسجد " و " فليبنى الهيكل .. وليحرق المسجد"، وتوزع الكتب والأدبيات حول أهمية بناء الهيكل الثالث ، من منطلقات عقائدية ، مع العلم أن جهاز المخابرات الصهيوني هو الذي أعطى الموافقة لتلك المسيرات ، وكذلك دخول اليهود إلى المسجد الأقصى.

كما أن حركة 'السلام الآن' نشرت على موقعها على الإنترنت تقريراً تُحذر فيه من مغبة ترك الحكومة 'الحبل على الغارب' للمتطرفين اليهود لتنفيذ مخططهم، الذي وصفته بالجنوني، مؤكدة على أنه سيؤدي إلى إحراق المنطقة بأكملها، ويخرج المارد الإسلامي.

وكذلك حديث الوزير الصهيوني للأمن الداخلي "جدعون عزرا" للتليفزيون العبري صباح الأحد 10/4/2004م وتطمينه بتواجد قوات شرطة كفيلة بحماية "جبل الهيكل" وليس المسجد الأقصى ! فالفكرة راسخة في عقول المسؤولين الحكوميين قبل المتطرفين ، فكيف لا تكون هذه التهديدات نتاج خطط مشتركة ؟!

جدار فاصل ... وتهويد حاصل :
وعندما ننظر إلى التسلسل الزمني للأحداث من عام 1947م حتى عام 2005 ، سنجد أننا نعيش في إطار عملية تهويد متواصلة للمسجد الأقصى وللقدس ،لم تتوقف للحظةٍ واحدة سواء كان هناك صدامات أو حروب أو انتفاضة أو عملية سلام أو وضع سلام أو شبه سلام كما كان قائماً بعد أوسلو ، في جميع الأحوال لم يتغير السلوك اليهودي تجاه القدس ، سواء كان في الحكم حزب الليكود أم حزب العمل فإن السياسة نفسها لم تتغير ولن تتغير .

فهذا الجدار الذي يتم إنشاؤه داخل أراضي الضفة الغربية ليقتطع أجزاء واسعة من الأراضي وليحاصر ويطوق مدن وقرى عديدة في طريقه وإحاطتها بالجدار من كل الجهات لتبدوا على شكل ومعازل وسجون . ومن ضمنها القدس التي أصبحت الآن محاصرة بهذا الجدار الذي يدمر حياة الناس ويمنع تواصلهم ، ( 278 ) ألف نسمة في منطقة القدس فصلوا الآن عن مدينتهم وعن الضفة الغربية ، وعن المعاهد العلمية وعن الجامعات وعن المستشفيات ، وعن إمتدادهم الإسلامي والفلسطيني .

أليس هذا الجدار أشد خطورة على القدس والمسجد الأقصى من ممارسات وأفعال اليهود المتطرفين ؟!

لماذا هذا الاجتراء على المسجد الأقصى ؟
الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك فعلا لم يعد مطروحا للنقاش كونه سيكون أو لا يكون ، بقدر ما أن السؤال هو كيف ومتى سيكون ؟! فبالتالي فان الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك هو مرتبط أصلا بقناعات الجماعات اليهودية والتي تدعمها أحزاب سياسية تحت قبة البرلمان اليهودي التي تؤمن بضرورة بناء الهيكل الثالث على أنقاض المسجد الأقصى المبارك.

ولماذا هذا الاجتراء على المسجد الأقصى ؟ وفي هذا الوقت بالذات !ولماذا تصعد الأحداث في فلسطين بالاعتداء على المقدسات ؟! على الرغم من كل صيحات التنديد والتحذير من محاولة الاحتلال اليهودي المساس بالمسجد الأقصى ، أو السماح لليهود بدخوله ، وتحميلهم عواقب هذه الممارسات ، والذي يشهد عليها التاريخ منذ أن دخل أول مغتصب يهودي أرض فلسطين ، إلى يومنا هذا.
ومع ذلك فاليهود قادة وشعبا وأحزابا ومؤسسات سائرون في مخططاتهم واستفزازاتهم ، وما زالت الاعتداءات مستمرة على المسجد الأقصى ، والمساجد في فلسطين ، فهي ممارسات مدروسة ومحسوبة النتائج ومفضوحة الأهداف لكل من عرف تاريخ اليهود وافتعالهم للأحداث لينالوا أهدافاً أخرى يرجونها ، فالحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن اليهود يصعدون ويعملون على استمرار الأحداث في فلسطين ، بجعل القدس والمسجد الأقصى بؤرة الصراع ، ومنطلق الأحداث!! .

ومما سبق نخلص الآتي :
أن دفاعنا عن القدس والمسجد الأقصى هو دفاع عن كل شبر من أرض فلسطين فالقدس عنوان وبوابة فلسطين ، وأن ما يحدث من قرارات واعتداءات يهودية للمساس بإسلامية المسجد الأقصى ، وحقوق المسلمين فيه ، هي شعلة لأحداث جديدة تشمل كل فلسطين والعالم الإسلامي .
يجب الحذر على صعيد الأمة الإسلامية والعالم العربي والشعب الفلسطيني ألا تنطوي علينا هذه الحيل الإعلامية الرخيصة الذي يشرف عليها بعض الصحفيين العبريين محاولين أن يبيضوا وجه المؤسسة الصهيونية من الآن !!
إذا كان أمر التهديدات قد بدا في السنوات الماضية أنه مجرد بالونات اختبار، فإنه من المنطقي القول أن بالونات الاختبار يعقبها تنفيذ المخطط ربما في موعد حددوه.. وربما لم يحددوه.. ما دام الصمت مستمراً.
والمسؤول الأول والأخير هي "قيادة الاحتلال" على أي اعتداء كان في الماضي ، وعلى أي محاولات لتفجير المسجد الأقصى وعلى اقتحامات مازالت متواصلة حتى الآن في وجه النهار للمسجد الأقصى ، أو عن أي اعتداء قد يقع بعد وقت قصير أو بعد وقت بعيد" .
فالكيان اليهودي اليوم وأكثر من أي وقت مضى مرتبط كمصير بمجموعة من المتطرفين تسعى لتحديد مصير هذا الكيان عبر تنفيذ نبوءات وفلسفات لتحيل الوضع الراهن إلى ذر الرمال في العيون أمام المستقبل المجهول , الذي سيغير وبالقطع وجه المنطقة بالكلية ويعيد تشكيلها من جديد كـ " شرق أوسط جديد " !!
وفي مثل هدا الوضع يمكن أن نتوقع كل شيء ولكن من الواضح أن حدوث أي مكروه للمسجد الأقصى المبارك سيفجر المنطقة بالكلية , ولن يجدي الكيان اليهودي ولا مؤسساتها عندئذ نفعا , فـإن سمح لهذه الفئات التي تتلقى القبول والدعم من المؤسسة الرسمية بشكل أو بآخر , فإن الكيان اليهودي سيكون أمام حرب دينية , وعندها لن يستطيع أن يتجاوز هذه الأزمة .
والكيان اليهودي يعمل على التسليم المطلق لممارساته على أرض فلسطين والكف عن أية مطالبة بالحقوق وفي مقدمتها حقنا في المسجد الأقصى ، ولعل الأيام القادمة ستشهد أحداثا كبيرة ، نسأل الله تعالى أن يرد كيد اليهود ، ويرحم إخواننا على أرض فلسطين، وأن يحفظ المسجد الأقصى من دنس اليهود ومن كل ظالم جحود .
والحمد لله رب العالمين ،،،

الجدار و أكذوبة الدولة الفلسطينية.


الجدار و أكذوبة الدولة الفلسطينية.

على الرغم من أن المجتمع الدولي والدول الراعية للسلام في المشرق الإسلامي تعرف يقيناً استحالة قيام دولة فلسطينية في ظل الجدار الذي يقيمه اليهود في المناطق التي احتلوها في عام 1967 م ، إلا أن المشروع الدولي في إقامة دولة فلسطينية مجاورة لدولة الصهاينة مازال يُظهر للجميع أنه يعمل لتحقيق ذلك .

فكيف تقام دولة فلسطينية في ظل جدار ابتلع بداخله التجمعات الاستعمارية الرئيسية في الضفة والقدس، ونابلس والخليل ، وعزل الضفة عن غور الأردن والبحر الميت ، والتف حول أريحا لتصبح جزيرة بداخله ، وقسم مدن الضفة إلى شمال الضفة ووسطها وجنوبها ، وبات قطاع غزة منفصلا عنها ، وأصبحت القدس بذلك خارج اللعبة ؟!

فخلاصة القول:
إن انتظارنا ولادة دولة فلسطينية في ظل ممارسات اليهود التي فرضت واقعاً جديداً على الأرض بجدارها الفاصل هي أشبه بانتظارنا ولادة امرأة عجوز جاوزت سنينها 88 !!

وبالتالي يمكن تلخيص الأهداف اليهودية من وراء إقامة الجدار بما يلي :
1- ضم أجزاء كبيره من الأراضي الفلسطينية بدون سكانها إلى الكيان اليهودي بشكل نهائي .
2- منع إقامة أي كيان سيادي فلسطيني على أي جزء من أرض فلسطين .
3- ضم الكثير من المستعمرات القريبة أصلاً من "الخط الأخضر" إلى "الكيان الصهيوني" ، بدلاً من تفكيكها وإنهاء وجودها .
4- خلق وقائع مادية ملموسة على الأرض لتستخدمها في أي مفاوضات قادمة للحل النهائي ، بحيث لا يمكن لأي طرف إمكانية التغيير في تلك الوقائع أو استبدالها ، ومنهم الفلسطينيون .
5- ضمان السيطرة التامة على عبور الأشخاص والبضائع سواء على المعابر بين "إسرائيل" والأراضي الفلسطينية أو تلك المعابر على الحدود مع الدول الأخرى .

خاصة وإنها سوف تطال أكثر من حوالي 700 ألف مواطن يعيشون في هذه المناطق ، ويكسبون معيشتهم على الزراعة أراضيهم ، وما هي أحوالهم المعيشية عندما يفقدون مصدر رزقهم الوحيد ؟؟!

جـــدار ومشاهد تتكرر:
مشهدٌ مأساويٌ أصبح يتكرر بشكل يومي مع مسار الجدار : زوجة فلاح فلسطيني في قرية مامن القرى التي وقعت ضمن مسار الجدار الفاصل تمسك بأغصان الزيتون وتتشبث بها بكل قوتها في محاولة لم تجدي نفعاً لمقاومة الجنود الذين يقتادونها في نهاية المشهد مع زوجها وأولادها عنوه إلى خارج الأرض لتبدأ الجرافات هديرها الذي يشبه صوت الموت .

واقع الجدار:
· جدار وفق أهواء المخطط اليهودي .
· جدار يزيد ويعمق المأساة في المنطقة .
· جدار يفرض المزيد من المعاناة لأهل فلسطين .
· جدار يحول التجمعات السكانية الفلسطينية إلى مناطق عسكرية .
· جدار يبتلع الأرض ويحول أهلها للاجئين في وطنهم .
· جدار يرسخ سياسة التنكيل والقمع وتقييد الحركة .
· جدار يعطي الشرعية لكل جندي بإطلاق الرصاص على كل شخص يتواجد بمحاذاته .
· جدار يستلهم مقولة بن غوريون "الحد الأقصى من الأرض والحد الأدنى من العرب " .

جدار جريمة:
· جريمة تاريخية كبرى تضاف للسجل المقيت لجرائم العُتاة على مر التاريخ .
· ابتلع بضربة واحدة أكثر مما ابتلعه الزحف الاستيطاني طيلة العقود السابقة .
· نموذج للوحشية والطمع والتهام الأراضي وإنهاء حق العيش للغير .
· أخر المستجدات واختراعات الصهاينة " الجدار العنصري " .
· وهو مرحلة جديدة من القهر الصهيوني للشعب الفلسطيني .
· فأين العالم المتحضر !! من اغتصاب أرض وطرد شعب واقتراف المجازر البشعة .

ولهذا فإن كان هناك قانون فإن أقل المطالب تلخص بالآتي :
1- وقف بناء جدار الفصل العنصري .
2- هدم ما تم بناؤه .
3- إرجاع الأرض لأصحابها .
4- تعويض الخسائر التي تسبب بها الجدار .
5- تنفيذ القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في لاهاي والذي ينص على أن الجدار غير قانوني ويتعين هدمه .

والتاريخ يؤكد لنا أنه لم يصمد جدار عبر العصور المختلفة .

أي تسوية مع هذا الجدار ؟!
لو كانت التسويات والاتفاقات والمفاوضات لها جدوى لما كان هناك جدار ، فقد وقع اتفاقات "أوسلو" ، "وواي ريفر" و"تفاهمات شرم الشيخ" ، و"كامب ديفيد" ، و"خطة خارطة الطريق" ... وها هو الجدار حقيقة على الأرض لا يمكن التعامي عنها ، وادعاء إمكانية التسوية معها أكذوبة ما بعدها أكذوبة ، فأية تسوية ، وأية تهدئة ستكون عندما يسجن شعب بأكمله وعلى أرضه ؟ وتسور أرضه ويقتطع أكثر من نصف مساحتها ؟! وأي حل مع إلغاء إمكانيات الوجود الإسلامي على هذه الأرض!!

أكبر مشروع في تاريخ الكيان اليهودي:
هذا المشروع يعد من أكبر المشاريع في تاريخ "الكيان اليهودي" ، وحسب إحصائين أجريا مؤخرا ًفإن أغلبية اليهود تؤيد إقامة السور ، فقد أيدت نسبة 69% من الصهاينة الانفصال وإخلاء المستوطنات ، فيما وافقت نسبة 79% على بناء السور من دون شروط مسبقة .

جدار واحتلال ... آمال لن تتحقق ؟!
أخبر الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم أن اليهود لا يقاتلوننا إلا من وراء جدر محصنة قال تعالى: (لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ) ( سورة الحشر، آية 14 ) .

وهذا من أعظم الذم ، فهم لا يثبتون على قتال المسلمين ، ولا يعزمون عليه ، إلا إذا كانوا متحصنين في القرى أو من وراء الجدر والأسوار، معتمدين على حصونهم وجدرهم لا شجاعة بأنفسهم ، فبأسهم من وراء الحيطان والحصون وإن خرجوا منها فهم أجبن خلق الله .

ولولا الحصون ما اجترءوا على أفعالهم التي نراها ، فهم في كل زمان ومكان جبناء لا يقدرون على المواجهة المباشرة ، إلا أن يكونوا في قرى محصنة لها استعدادات قتالية من خلف الخنادق والحصون والحيطان ، وتاريخ اليهود وحاضرهم شاهد على ذلك .

فطبيعة المستعمرات اليهودية التي أقاموها في فلسطين قبل إعلان قيام الكيان اليهودي وإلى الآن هي قلاع محصنة ذات أسوار محاطة بأسلاك شائكة، وجدر إلكترونية ، ونقاط مراقبة ، ودوريات تدور حولها على مدار الساعة ، فكل مستعمرة صممت لتكون بمنزلة قلعة حصينة ، وقرية محصنة !!.

فما سر الحصون والجدر ؟ ولماذا يحرصون ألا يكون قتالهم لأعدائهم مواجهة ؟ ولماذا لا يقاتلون إلا عبر الطائرات والصواريخ والدبابات المحصنة بالدروع ؟! ولماذا يواجهون الأطفال العزل بالأعيرة الرشاشة، ولماذا يهابون الحجر وهم المدججون بالعتاد والمداد ؟!

سؤالٌ لم أجد له جواب إلا أنهم :
أولا : حريصون على الحياة - أية حياة ولو كانت حياة ذل ومهانة - قال تعالى واصفاً حبهم للحياة : (وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ) (سورة البقرة، آية96).

ثانياً : الرهبة والخوف في صدورهم من المسلمين أشد من رهبتهم من الله سبحانه، قال تعالى :"لأنتم أشد رهبة في صدورهم من الله ذلك بأنهم قوم لا يفقهون"( سورة الحشر، آية 13 ) .

من سيهدم الجدار ؟!
أيظن اليهود أن الجدار سيحصنهم ويحميهم ؟! لا إنهم واهمون فلن يتحقق لهم الأمن والأمان ، ولن تحميهم الجدر ، ولا الحصون والقلاع ، والواقع شاهد على ذلك .

لأن من سنن الله تعالى أن تكون العاقبة للمتقين طال الزمان أو قصر ، فالنصر والتمكين لدين الله قادم لا محالة بنا أو بغيرنا قال تعالى : ( هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون ) التوبة 33

حكاية فلسطين .. وقصة جدار


حكاية فلسطين .. وقصة جدار

هذا الجدار لم يتم إنشاؤه على الحدود ما بين الضفة الغربية والمناطق التي احتلت في 48 بل أنشأ داخل أراضي الضفة الغربية ليقتطع أجزاء واسعة من الأراضي وليحاصر ويطوق مدن وقرى عديدة .

· وحتى يصبح الاحتلال قادر على تطويق قطاع غزة من جميع الجهات ومن كل الجوانب تم شق ممر بعرض 500 متر على امتداد الحدود الجنوبية في قطاع غزة مع مصر على امتداد مناطق رفح وجنوبي المستعمرات في قطاع غزة وأدى ذلك إلى هدم 2200 منزل بالكامل في رفح .

· مما أدى إلى ترك ما لا يقل عن 18 ألف فلسطيني في هذه المنطقة من رجال ونساء وأطفال وشيوخ دون مأوى .

· منذ بدأت الانتفاضة وحتى الآن هدمت إسرائيل 60701 منزلاً إما بصورة كاملة أو بصورة جزئية منها 42470 منزل في الضفة الغربية و 18311 منزل في قطاع غزة .

· القدس أصبحت الآن محاصرة بهذا الجدار " 278 " ألف نسمة في منطقة القدس فصلوا الآن عن مدينتهم ، والنتيجة هي فصل سكان القدس ومحيط القدس عن المعاهد العلمية وعن الجامعات وعن المستشفيات .
· ومن المذهل أن نعرف أن هناك ( 763 ) حاجزاً أنشأها الكيان اليهودي في سائر أرجاء الأراضي المحتلة :
1. ففي السنة الأولى للانتفاضة كان هناك (123) حاجزاً في مناطق الضفة والقطاع .
2. وعندما جاء " ميتشل " بمشروعه تحولت إلى (240 ) حاجزا .ً
3. وعندما جاء "أنطوني زني " بمشروعه أصبح عدد الحواجز (333 ) .
4. وعندما تقدم الأوروبيون والأمريكيون بخارطة الطريق قفز عدد الحواجز إلى (763) حاجزاً .

2014-11-23

إشكاليات جدار الفصل العنصري الصهيوني.


إشكاليات جدار الفصل العنصري الصهيوني.

مسار الجدار: الجدار يأخذ مسارين:
أحدهما: غربي الضفة الغربية ويمتد على مسافة طولها 300كلم ( أنجز أكثر من نصفها تقريباً) ، ويهدف لعزل الضفة عن " الكيان اليهودي ".
الثــاني: شرقي الضفة ، وطوله 700كلم ، وهو يهدف لعزل الضفة عن غور الأردن والبحر الميت .

وخطورة هذا الجدار:
أولاً : يرسم واقع سياسي جديد ، يحاول الكيان الصهيوني من خلاله استباق نتيجة التفاوض على الحدود مع الفلسطينيين ، من طرف واحد .

ثانياً : أن هذا الجدار لا يأخذ مساراً طوليا مستقيما بل يتوغل في عمق أراضي 67م لضم المستعمرات والأراضي المحيطة . ليغير الواقع السياسي والجغرافي والديمغرافي في الضفة الغربية .

ثالثاً : يشكل عائقا حيويا أمام التواصل الطبيعي بين المدن الفلسطينية.

رابعاً : إن هذا الجدار لا يقدم كثيرا في مسألة حماية "إسرائيل" ، كما بينت التجربة ، وبالعكس من ذلك فإنه سيجعل المقاومة ، بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، مستمرة وربما أكثر ضراوة حتى بعد قيام الدولة الفلسطينية المفترضة ، في حال بقاؤه في مساره الحالي .

خامساً : ثمة هدف سياسي على غاية من الأهمية لهذا الجدار ، وهو يتمثل بإبقاء الكيان الفلسطيني ( المفترض ) تحت رحمة السيطرة الإسرائيلية ، من مختلف النواحي ، ولا سيما لجهة منع التواصل بينه وبين دول الجوار ( الأردن وربما مصر أيضا ) .

سادساً : ربما أن "إسرائيل" تحاول من وراء التهديد الذي يمثله هذا الجدار الفاصل ، خلق المزيد من الضغوط على القيادة الفلسطينية لإجبارها على التجاوب مع التصورات الإسرائيلية المتعلقة بحل قضايا ( اللاجئين والقدس والحدود ) ، المعنى المقصود ، أنه من المؤكد أن لهذا الجدار وظيفة تفاوضية بالنسبة لإسرائيل التي اعتادت على خلق مثل هذه الوقائع في سياق صراعها التفاوضي مع الفلسطينيين .

على ذلك فإن معضلة الجدار هي معضلة عملية التسوية ذاتها ، فإسرائيل تتصرف في كل القضايا (اللاجئين والقدس والمستوطنات والحدود والأحوال المعيشية والأمنية ) ، وكأن ليس ثمة شريك لها ، أو كأن التسوية شأن يخصها وحدها !

يجعل الكيان الفلسطيني المفترض أشبه بدويلة معازل ( بانتوستانات ) متفرقة، وغير قابلة للحياة .

إنه اسم لمشكلة إنسانية هي الأحدث في سلسلة المشكلات التي ينتجها الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية . قبل ((الجدار)) أنتج الاحتلال مشكلة ((المستوطنات)) ثم مشكلة ((الأسرى)) ، وها هو اليوم يقدم أحدث إنتاجه على شكل الجدار .

وإليكم الآن عرضاً لنتائج إقامة هذه المناطق الأمنية الشاسعة في الغرب والشرق :

1- عزل الفلسطينيين وقطع أي احتكاك مادي مع مصر والأردن ، وبذلك يصبحون رهائن محتجزون في المنطقة التي تسيطر عليها "إسرائيل " والمستوطنون .

2- عزل الفلسطينيين بعضهم عن بعض وعن عرب "إسرائيل" وذلك بالحدود التي تستند إلى الكتل والجبهات الاستيطانية .

3- ربط الأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع بعدد صغير من الجسور والأنفاق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية .

فبالعودة إلى الجدار وما يمثله واقعياً ؟ فهو عبارة عن كتل أسمنتية ضخمة يصل ارتفاعها 8م يعتليها سياج حديدي ، ومكون أيضاً من شبكة حواجز متعددة الأصناف ( أوتاد حادة ، قنوات ، جدران فولاذية ، صخور كبيرة ، كاميرات تصوير ، وأجهزة التقاط حساسة ) . ويصل عرضه في بعض المناطق لحوالي 2 كلم ، ويمتد هذا السياج عبر مراحله الأولى والثانية والثالثة ليحيط بكافة الأراضي الفلسطينية من كل جانب ، فهو بمثابة رسم للحدود التي تفترضها "إسرائيل" ، وسيكون في هذا السياج عدة معابر بين "إسرائيل " والأراضي الفلسطينية وتحت سيطرة إسرائيل .

وهي حتى الآن تكاد الدولة الوحيدة في العالم التي لم تعين حدودها

إن خطة الفصلة التي تقوم حكومة شارون بتطبيقها الآن ، إنما تهدف إلى السيطرة التامة على نحو 50% من مساحة الضفة الغربية ،

إحاطة كافة الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس بهذا الجدار الفاصل تحت ما يسمى تحقيق عنصر الأمن للمواطن الإسرائيلي .

بعد كل هذه السيطرة لن يتبقى للفلسطينيين إلا جزء يسير من أرضهم ، وهو أقل بكثير مما هو مطروح في خطة خارطة الطريق الهادفة لإقامة دولة فلسطينية تتمتع بحدود متواصلة وقابلة للحياة , رغم أن هذه الخطة لا تمثل خيار الفلسطينيين , ولا برنامجهم الوطني . وبالتالي يمكن تلخيص الأهداف الإسرائيلية من وراء إقامة الجدار بما يلي :

1- ضم أجزاء كبيرة من الأراضي الفلسطينيية بدون سكانها إلى إسرائيل بشكل نهائي .

2- منع اقامة أي كيان سيادي فلسطيني على الأرض الفلسطينية .

3- ضم الكثير من المستوطنات القريبة أصلا من (( الخط الأخضر )) إلى "إسرائيل" ، بدلاً من تفكيكها وانهاء وجودها .

4- العمل على خلق بؤر بين "إسرائيل " والدول العربية المجاورة ، تستخدمها لخلق حالات من التوتر بهدف التوسع على حساب أراضي تلك الدول تحقيقا لأهدافها التوسعية ، وتحقيق حلم ( إسرائيل الكبرى ) .

5- خلق وقائع مادية ملموسة على الأرض لتستخدمها في أي مفاوضات قادمة للحل النهائي، بحيث لايمكن لاي طرف امكانية التغيير في تلك الوقائع أو استبدالها ، ومنهم الفلسطينيون الذين سيكون من الصعب عليهم رسم معالم الدولة الفلسطينية بشكل منفرد . كما ستستخدم "إسرائيل" خطه الفصل كخطوة رد غير دراماتيكية في حال حاول الفلسطينيون إعلان دولتهم من جانب واحد.

6- ضمان "إسرائيل" سيطرتها التامة على عبور الأشخاص والبضائع سواء على المعابر بين "إسرائيل" والأراضي الفلسطينية أو تلك المعابر على الحدود مع الدول الأخرى .

التساؤل المهم الذي يبرز هنا ، في ما إذا انجزت كافة مراحل الجدار : ماذا ستكون طبيعة السيناريوهات السياسية بعد ذلك ؟؟! في الوقت الذي تكون فيه "إسرائيل" ثبتت على الأرض ، وضمن سياسة الأمر الواقع جميع خططها وتصوراتها للمستقبل ، وتكون بذلك قد حددت معالم الدولة الفلسطينية المستقبلية بشكل منفرد ، كما وتكون حددت للفلسطينيين وللعالم اجمع مسارا وحيدا للحل نابع من الرؤية الإسرائيلية فقط . وما هي الآثار الإقتصادية والإجتماعية الناجمة عن تطبيق هذه الخطة على الأراضي الفلسطينية ؟؟! خاصة وإنها سوف تطال أكثر من حوالي 700 ألف مواطن يعيشون في هذه المناطق ، ويكسبون معيشتهم على الزراعة أراضيهم ، وما هي أحوالهم المعيشية عندما يفقدون مصدر رزقهم الوحيد ؟؟!

وهذا الجدار لم يخطط له وفق حدود الرابع من حزيران / يونيو ، والحدود الدولية التي أقرت ، إنما وفق أهواء المخطط الإسرائيلي الذي دخل في تخبط سراديب الظلام بعد ان فقد البوصلة السياسية . وعليه فإن هذا الجدار سيؤدي إلى ضم حوالي 20% من أراضي الضفة الغربية ، وبضمنها العديد من المستوطنات الى "إسرائيل"

هذا الجدار يزيد ويعمق المأساة في المنطقة ، ويخلق المزيد من الفوضى للعرب في الداخل والفلسطينيين الذين يسعون لتوفير لقمة الخبز لأولادهم . الممارسات السلطوية على أرض الواقع في المنطقة أقل ما يمكن وصفها بالجرائم النكراء التي تهدف إلى تحويل التجمعات السكنية العربية إلى مناطق عسكرية وترسيخ سياسة التنكيل والقمع وتقييد حركة أبناء الأقلية العربية . والأخطر أن هذا الجدار يعطي الشرعية لكل جندي بإطلاق الرصاص الحي في كل إتجاه ، وكل شخص يتواجد بمحاذاة الجدار ، فليس صدفة أن قتلوا في الفترة الأخيره ثلاثة من أبناء الأقلية العربية بالرصاص الإسرائيلي عند تواجدهم بالقرب من منطقة حدود الرابع من حزيران / يونيو .

وهو أن هذا السياج هو المرحلة الأولى في مخطط تهجير ( ترانسفير) منظم ، والذي يستلهم مقولة بن غوريون بشأن (( الحد الأقصى من الأرض والحد الأدنى من العرب )) . ويعني ذلك بالنسبة للضفة الغربية تطويق الديموغرافية الفلسطينية وعزلها في عشرات الكانتونات الصغيرة المفتقرة إلى أدنى تواصل جغرافي ، داخل قبضة استيطانية وعسكرية جدرانها تبدأ من الشرق بالشريط الاستيطاني والعسكري المتوغل- ككتلة واحدة – بعمق في الضفة على الامتداد من غور بيسان حتى شمالي البحر الميت ، ثم الجنوب حيث شريط متقدم ليتصل بالقدس الكبرى ، وليحقق التواصل الاستيطاني بينها وبين منطقة الخليل وجبالها ، وأخيرا شريط قوسي متوغل من الشمال حتى أطراف مدينة نابلس ومحافظاتها ، وممتد على طول ((الخط الأخضر )) ماراً بجنين ثم منحرفاً نحو الجنوب متجاوزا طولكرم وقلقيلية بحيث يتوغل ما وراء مناطق التجمعات الفلسطينية ، وفقا للخارطة الاستيطانية القائمة .

هي أنه (( سوراً هجومياً وليس دفاعياً وحسب )) . إن فكرة رفع سور في وجه هجمات المقاومة الفلسطينية هي أحد الأغراض الآنية والمباشرة لهذا الإجراء ، بيد أن ترحيل الفلسطينيين هو الغرض الأكبر والنهائي .

أصبح مشهداً مأساوياً يتكرر بشكل يومي زوجة فلاح فلسطيني في قرية ما من القرى التي أوقعها حظها ضمن مسار الجدار الفاصل تمسك بأغصان الزيتون وتتشبث بها بكل قوتها في محاولة لم تجدي أبداً لمقاومة الجنود الذين يقتادونها في نهاية المشهد مع زوجها واولادها عنوه الى خارج الأرض لتبدأ الجرافات هديرها الذي يشبه صوت الموت .

إحدى النساء الفلسطينيات اللاتي كانت واحدة من مئات كررن المشهد السابق ( الذي ينتظر آلافاً أخريات ) تقول : (( تمنيت الموت على أن أرى ما رأيت .. إنه منظر لن أنساه .. أرضي التي جبلناها بالعرق والدم والجهد ورزقتنا دوما بخيراتها تغتصب وتصادر على مرأى ومسمع من العالم ، ليس لسبب سوى كونها أرض يمتلكها فلاحون فلسطينييون بسطاء .. أي ضمير أو عداله ترضى بذلك ؟ )).

إحصاءات مهمة حول جدار الفصل العنصري الصهيوني.


إحصاءات مهمة حول جدار الفصل العنصري الصهيوني.

· يلتهم أكثر من 58 % من أراضي فلسطين.

· استولى على 75 % من مياه الضفة الغربية .

· استولى على 23 % من أخصب الأراضي الخصبة في الضفة الغربية .

· يحاصر 875 ألف فلسطيني في القرى والمدن .

· يحاصر 78 مدينة وقرية بين جدارين وبوابات.

· يبقى أقل من 11 % في حوزة الفلسطينيين من فلسطين التاريخية .

· يفصل أكثر من 100 قرية وبلدة فلسطينية عن أراضيها الزراعية .

· يفرض على أكثر من 400 ألف فلسطيني يقيمون شرق الجدار إلى عبور بعض الحواجز للوصول إلى مزارعهم أو أماكن عملهم.

· يعد أكبر سجن مساحة في التاريخ المعاصر .

· يضم أكثر عدداً من المساجين .

· أسواره أطول بثلاثة أضعاف من جدار برلين .

· وأعلى من جدار برلين بمرتين .

· جدرانه مصنوعة من خرسانة مسلحة .

· ارتفاع الجدار من 8 إلى 9 متر .

· يمتد إلى مسافة 750 كيلو متر .

· تقدر تكلفة بناء الكيلو المتر الواحد منها بمليون دولار .

· جدرانه تسجن بداخلها ما يقارب الثلاثة ملايين من البشر .

· وسيؤدي الجدار إلى عزل بلدات بكاملها في الضفة الغربية عن الأسواق والخدمات الطبية والمدارس.

· ووفق تقرير الأمم المتحدة فإن 11% فقط من مسار الجدار يسير بمحاذاة الخط الأخضر الذي يفصل بين الضفة الغربية والمناطق التي احتلت في عام 1948م ، والباقي يتغلغل في داخل أراضي 1967م .

وحسب المصادر اليهودية ، فإن الخطط المعدة للجدار الفاصل في حال إتمامها فإنها ستقسم الضفة الغربية إلى ثلاثة أقسام :

1- منطقة أمنية شرقية على طول التلال شرقي غور الأردن بمساحة 1237 كم2، أي ما يعادل 21.9% من مساحة الضفة الغربية وتضم 40 مستوطنة إسرائيلية.

2- منطقة أمنية غربية بمساحة 1328 كم2، أي ما يعادل 23.4% من مساحة الضفة الغربية. وهذا يعني أن كلتا المنطقتين ستضمان 45.3% من مساحة الضفة الغربية.

3- المنطقة الثالثة والتي تبلغ مساحتها 54.7% من مساحة الضفة ستقسم إلى ثمانية مناطق شبه منفصلة.

مصادر تمويل التصنيع النووي الصهيوني؟

مصادر تمويل التصنيع النووي الصهيوني؟

يعتمد الصهاينة بشكل كبير على الأموال في بناء قدراتهم النووية، ولعدم إمكانية تسويق الكثير من ثروتها الطبيعية فقد اعتمدوا على ثلاث مصادر تمويل خارجية، أولها: جمع التبرعات عن طريق اليهود الأثرياء المنتشرين في جميع أنحاء العالم، وتقدر المخابرات الأمريكية حجم تلك التبرعات بمئات الملايين سنوياً، معظمها عن طريق حملات تنظيمية ضخم، ففي عام 1960م تشكلت لجنة مكونة من ثلاثين مليونيرا يهوديا لتعمل على جمع التبرعات بشكل سري خصيصا لبرنامج الكيان الصهيوني النووي واستطاعت هذه اللجنة أن تجمع ما يزيد على 40 مليون دولار لتأسيس مفاعل ديمونا.

أما المصدر الثاني فيصل مباشرة من خلال المساعدات والقروض الأمريكية والتي تزيد عن بلايين الدولارات على شكل قروض ومساعدات معظمها من أجل معدات وتجهيزات عسكرية، فعلى سبيل المثال: تلقى الصهاينة ما بين عام 1974م-1989م قرضا وصل إلى 16.4 بليون دولار، غير أنه لم يكن قرضاً في الحقيقة، وإنما مساعدة أطلق عليها مصطلح «القرض» لأن المساعدات تخضع عادة لموافقة الكونجرس، أما القروض فلا.

أما المصدر الثالث فهو بيع الأسلحة لدول مختلفة، ونجد أنها تعرض بيع: الطائرات الحربية والموجهة (بدون طيار)، والصواريخ، والغواصات، وبنادق القتال، وأجهزة الإنذار الإلكترونية الدقيقة، بل ويعمل هذا الكيان على تدريب القوات العسكرية وعناصر الحماية الخاصة لعدد من الدول والأنظمة.

سخاء أمريكي بلا حدود

لم يكن الكيان الصهيوني وحيداً حينما بدأ بناء مفاعله النووي فقد تلقى الدعم والمساعدات من دول عده، كما كان للحكومة الأمريكية نصيب الأسد من ذلك، فقد اعتمدت بشكل كلي على أجهزة الولايات المتحدة الالكترونية، بما في ذلك أجهزة الحاسب الآلي، فقد أكد الخبراء بأن فك الرموز الرياضية الخاصة بتطوير المفاعل قد يستغرق خمسة أعوام على الحاسبات الصهيونية في مقابل الثواني التي تتطلبها الحاسبات الأمريكية، فهذه الأنواع من الحاسبات مهمة جداً، وتعمل على توفير الزمن بشكل كبير من خلال تبسيط عمليات معقدة، وفي أحوال كهذه يكون للدقيقة قيمتها، وتوفير الزمن يعني اختبارات وتجارب أكثر نجاحا وكفاءه، ولأهمية هذه الأجهزة، فقد طلب الصهاينة تزويدهم بجهاز Cray-25 وذلك عام 1988م، من أجل مساعدتهم في مختلف أبحاثهم النووية، وبينما كان مجلس الأمن يبحث في أوراق الطلب، استطاعت شركات أمريكية جمع المساعدات، وشراء الأجهزة المطلوبة وشحنها فورا لتل أبيب.

وقد انعكست قوة العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني على آلاف الزيارات التي قام بها علماء صهاينة للولايات الممتحدة بهدف جمع إحصاءات علمية تنفي السلطات الأمريكية تزويده بها حتى الآن، كما أنشأ شمعون بيريز S . Peres (1923) LAKAM ، وهي منظمة علمية مهمتها الرئيسية جمع أي كمية من المعلومات السرية وغير السرية من أي بقعة، وبأية وسيلة، ويتم ذلك في الغالب من خلال ملاحق إعلامية يبعثها الصهاينة إلى مختلف سفارتهم في الغرب بما في ذلك طبعاً الولايات المتحدة الأمريكية، وتشجع هذه المنظمة الطلبة اليهود في الانخراط في الأبحاث العلمية في الخارج، والعمل كأجهزة مخابرات وعين للدولة على جديد المخترعات والمكتشفات، وفي محاولة من الولايات المتحدة لنفي هذه الحقيقة فإنها تؤكد على أن مثل هذه الأنشطة بسيطة جدا وسطحية للغاية، ولا يمكنها أن تفيد في بناء تطوير أية مفاعلات نووية، وذلك تعليل ضعيف، فإن أي خبير في الذرة يعرف تماما بأن تطوير المفاعلات النووية يبدأ من مبادئ علمية أولية، وأن مواد هذه المفاعلات متوفرة للجميع، بغض النظر عن واقع التطبيق، ولم تنحصر زيارات الخبراء الصهاينة للولايات المتحدة على المختبرات العلمية فقط، ولكن إلى المختبرات الخاصة بالتجارب النووية أيضا، حيث قام ستة منهم من مفاعل ديمونا بتل أبيب، بزيارة مدنية لوس أنجلوس، وحضر اثنان آخران نيابة عن برنامج الكيان الصهيوني النووي إلى مؤتمر عن فصل النظائر الكهرومغناطيسية، إضافة إلى زيارة 75 عالماً إلى مختبر في ليفرمور، و60 في لوس الاموس، و53 في سانديانا، وكلها مختبرات لأسلحة نووية، ومعظم هؤلاء جاء بموجب اتفاقية عقدتها وزارة العلوم الصهيونية مع وزارة الطاقة الأمريكية لمدة خمس سنوات عام 1987م، وتدعو الاتفاقية - التي تعتبر أكثر الاتفاقات التي عقدتها وزارة الطاقة مع دولة أجنبية شمولا ودقة - إلى التعاون في كافة مجالات الفيزياء النووية، والانشطار النووي، وكل ما له علاقة بتطوير الأسلحة النووية.

ولا يمانع الصهاينة من تجنيد العملاء والجواسيس بهدف الحصول على المعلومات العسكرية والعلمية والصناعية من الشركات والمصانع الأمريكية أو غيرها.

ولعل من أشهر القضايا التي كانت مثاره، عملية تجنيد العالم الأمريكي جوناثان بولارد J.Pollard (1945) ، لكي يعمل على نقل التقنيه النووية الأمريكية والمعلومات العسكرية الهامة إلى الكيان الصهيوني، ويقبع هذا العالم اليوم وراء القضبان بعد أن حكم عليه في عام 1986 بالسجن المؤبد.

السوق بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991

ساهم انهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 في دعم التصنيع النووي الصهيوني. فقد كشفت شهادة العالم الروسي بابلوكوف أمام لجنة الأمن القومي في الكونجرس الأمريكي عام 1998 أسرارا مهمة عن فقدان وسرقة التقنية النووية السوفيتية، ومنها مثلاً نحو 132 قنبلة نووية صغيرة ADMS، عثر منها على 28 واحدة فقط. بجانب مئات السرقات العلمية والتقنية من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. كما أقدمت شركة الاستثمار الافريقية الصهيونية AII في مايو عام 1999 على شراء 67٪ من أسهم المجمع الصناعي والكيمائي في كازاخستان، ويعالج هذا المجمع كمية من اليورانيوم تتراوح ما بين 130-150 ألف كجم.

مخاطر بيئية

منذ نهاية الحرب العالمية الثانية (1939-1945) شهدت منطقة الشرق الأوسط عدد من العمليات العسكرية التي كانت تهدف إلى منع أنشطة نووية: فقد تلقى العراق هجمات من جانب إيران في العام 1980، ثم من جانب الصهاينة في العام 1981 حينما قصفت مفاعل تموز ثم تم تدميره في يونيو 1981، ثم من جانب الولايات المتحدة طيلة الفترة من العام 1991 إلى العام 2003، بينما وجهت العراق ضربات إلى إيران أثناء الفترة من العام 1948 إلى العام 1987 وقصفت مفاعل بوشهر، ثم وجهت ضربة إلى الكيان الصهيوني في العام 1991 (نحو 37 صاوخاً). وقصف الصهاينة سوريا في عام 2007 بزعم تشييد مفاعل نووي. إلا أن كل تلك الاعمال والغارات لم تسفر عن عواقب إشعاعية Radiological أو كيميائية Chemical ذات قيمة، إما لأن المنشآت التي تعرضت للضربات كانت تحت الإنشاء، أو لأنها كانت تحتوي على كميات ضئيلة من المواد النووية، أو لأن العناصر المشعة أبعدت من المنشأة قبل توجيه الضربة، أو لأن المهاجمين عجزوا عن إصابة أهدافهم بدقة.

بيد أن الأمر يختلف تماماً في حالة شن هجوم ناجح على مفاعل ديمونا أو المنشآت الاخرى مثل: منشأة نهال، ومنشأة حيفا. إذا في ضوء التهديد الإشعاعي المحتمل، هل تتجاوز العوائد المترتبة على الاستمرار في تشغيل ذلك المفاعل المخاطر التي قد تنجم عن تفجيره.

إن الغبار الذري المنبعث من المفاعل والذي يتجه نحو الأردن يشكل خطراً بيئياً وحيوياً، كما أن التأثير الناتج عن انفجاره قد يغطي دائرة نصف قطرها قد يبلغ جزيرة قبرص مع باقي المناطق ضمن الدائرة.

وبجانب ذلك فإن التخلص من النفايات النووية الكثيرة تحيطه الكثير من السرية، رغم وجود نظام معالجة للنفايات، وقد يزعم البعض في أنها تدفن في صحراء النقب وفي البحر الأحمر.

إن مفاعل ديمونا فريد من نوعه، فهو المفاعل النووي الأضخم حجماً في المنطقة والوحيد الذي ينتج المواد الداخلة في تصنيع الأسلحة النووية. ومنذ بدأت تشغيل المفاعل في منتصف الستينيات، أنتج العناصر الكافية لتصنيع ما يفوق 200 سلاح نووي. وقد كان بن غوريون، أول رئيس وزراء صهيوني، قد افتتح هذه المنشأة النووية للتعويض عن ضعف الكيان الصهيوني على المستوى الإستراتيجي، وجيشه الوليد، وعدم استعداد الغرب للدخول في تحالف رسمي للدفاع عن الدولة اليهودية.

إن هذا المفاعل ليس كمفاعل تشرنوبيل، فهو يولد 5٪ فقط من طاقة ذلك المفاعل السوفيتي الشهير. إلا أن هذا المفاعل. علاوة على وقوده النووي المستهلك، والبلوتونيوم المستخرج منه، والنفايات النووية الناتجة عنه. يفرض خطر انتشار الإشعاع النووي في البيئة المحيطة إذا ما تعرض لهجوم عسكري.

يعترف المسؤولون الصهاينة ضمناً بوجود هذا الخطر. فقد وزعت السلطات الصهيونية في عام 2004 أقراص يوديد البوتاسيوم على سكان المدن القريبة في يورهام، وديمونة، وأروار. وتعمل تلك الأقراص على منع امتصاص الغدة الدرقية لليود -131 المشع، وهو أول المخاطر التي يواجهها من يتعرضون للإشعاعات النووية، إلا أن هذه الأقراص لن تمنع العديد من العواقب الصحية الخطيرة الناتجة عن التعرض إلى عناصر مشعة أخرى. واعتماداً على كمية القدرة التي يولدها وعوامل الطقس وحجم الإشعاع النووي فقد لا تظل العواقب الاشعاعية محصورة داخل الكيان الصهيوني.

كما وابدت مجموعة من السكان المحليين قلقها الصحي والأمني في عام 2006 نتيجة العيش بالقرب من المفاعل.

قد تنتشر العناصر الملوثة الخفيفة والمواقع العالية الإشعاع في المراكز الحضرية الصهيونية والفلسطينية والأردنية. وبصرف النظر عن التأثيرات الصحية، فلابد أن يؤدي التلوث إلى ترويع أهل المناطق السكنية المتأثرة، فيدفعهم إلى النزوح المؤقت أو الانتقال بشكل دائم إلى مناطق أخرى، ولسوف يترتب على ذلك عواقب اقتصادية بعيدة الأمد.

ظل الصهاينة لعقود من الزمان يتعاملوا مع هذا الخطر من خلال نشر الدفاعات الجوية القوية، والتهوين من قدرة أعدائها على ضرب ديمونا. ويجادل الصهاينة في عدم قدرة أي من القوى الجوية العربية في بلوغ ديمونا.

وقد يبدو ذلك صحيحاً، فرغم نجاح طائرات الاستطلاع المصرية في الطيران بالقرب من ديمونا أثناء العامين 1965 و1967 دون وقوع حوادث، إلا أن الكيان الصهيوني أثناء حرب 1967 أسقط إحدى طائراته الميراج حينما ضل قائدها المسار فوجد نفسه فوق المنشأة. وفي العام 1973 أسقطت دفاعات ديمونا طائرة مدنية ليبية كانت على مسار مؤدي إلى المفاعل، فقتلت 108 من المدنيين.

إلا أن حرب الخليج التي اندلعت في العام 1991 قضت علي كل ما تبقى من الأمان والارتياح الذي كان الصهاينة يستمدوه من الماضي. فقد قصفت صواريخ سكود العراقية مدينة تل أبيب، وكاد تلك أحد الصواريخ يصيب مفاعل ديمونا. كما دلل نجاح «حزب الله» في قصب شمال إسرائيل في العام 2006 على ضعف الكيان الصهيوني في مواجهة الهجمات الصاروخية. ورغم أن نظام الصواريخ الدفاعية البالستية «أرو» (السهم)، الذي يحيط الآن بمفاعل ديمونا، قد يكون متفوقاً عن نظام باتريوت الأمريكي الذي أثبت فشله في العام 1991، فإن صواريخ سكود السورية الأكثر تطوراً وصواريخ شهاب 3 الإيرانية تشكل تحدياً أعظم مقارنة بقذائف صدام.

لقد أنتج مفاعل ديمونا كل البلوتونيوم الذي قد يكون الصهاينة في حاجة إليه لتأمين بقائهم. فضلاً عن ذلك فقد تعرض المفاعل. وهو واحد من أقدم المفاعلات في العالم، إلى العديد من الحوادث الصغيرة وعلامات التدهور، الأمر الذي يرفع من احتمالات وقوع حوادث أشد خطورة، والخلاصة هنا: إن لم يكن بوسع الكيان الصهيوني أن يضمن سلامة المفاعل ضد المخاطر فيتعين عليه أن يبادر إلى إغلاقه فوراً.

وأخيراً ورغم رفض الحكومات الصهيونية الاعتراف بوجود البرنامج النووي، بالإضافة إلى عدم توقيعها على اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية، فقد اعترف رئيس وزراء الكيان الصهيوني السابق شمون بيرس في عام 1998 بتطوير الكيان الصهيوني قوة نووية.

كما وأوشك رئيس الوزراء الصهيوني ايهود اولمرت (1945) E.Olmertt أن يعترف في 11/12/2006 بأمتلاك هذا الكيان للأسلحة النووية. ففي حديث لقناة تلفازية المانية (Sat.1) قال اولمرت: «أن الكيان الصهيوني لايهدد أي دولة بأي شيء، بينما تهدد فيه إيران علناً ودون مواربه لازالة الكيان الصهيوني عن الخارطة». وتابع: «إن الايرانيين يطمعون للحصول على أسلحة نووية مثل: الولايات المتحدة وفرنسا والكيان الصهيوني وروسيا».

وبعد تلك التصريحات الواضحة، سارع الصهاينة بنفيها رغم قولهم: «أن الكيان الصهيوني لن يكون البادئ في نشر أسلحة نووية في الشرق الأوسط».

إن وضع منشأت الكيان الصهيوني النووي الحالي وسريتها المطبقة تشكل خطر داهم وقاتل وغير معروف الأبعاد والنتائج على كل دول المنطقة، ولابد من التحرك السريع لتلافي وتجنب الكارثة. وقد قدرت مجموعة جينز Jeans الاعلامية البريطانية المتخصصة في شئون الدفاع في أبريل من عام 2009 أن عدد الرؤؤس النووية التي لدى الكيان الصهيوني هي ما بين 200-300 رأساً.

ويبدو أن بعض تلك الأوضاع قد بدأت في التغير، وبخاصة في دعوة الكيان الصهيوني في الانضمام إلى «معاهدة الحد من انتشار السلاح النووي»، وهو ما قامت به مساعدة وزيرة الخارجية الامريكية روزغو تمرلر R. Gottemoeller ، وطالبت الكيان صراحة الانضمام إلى تلك المعاهدة، وهو ما آثار حفيظة الصهاينة، حتى أن صحيفة «يديعوت احرونوت» الصهيونية في 6/5/2009 اعتبرت أن واشنطن قد «القت قنبلة»، وأنها المرة الأولى التي يشير فيها مسؤول رسمي أمريكي صراحة إلى ترسانة الصهاينة النووية.

ووصل الامر في عهد الرئيس الأمريكي بيل كليتون B. Clinton (1946) ، إلى شفير حدوث أزمة، نتيجة مطالبه الكيان الصهيوني بتجميد نشاطه في تخصيب اليورانيوم، وتم تسوية ذلك فيما بعد.

وتستند سياسة التعتيم النووي الصيهوني إلى تفاهمات غير مكتوبه من العام 1969، بين رئيس الحكومة الصهيوني، غولدا مائيرا، والرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون R. Nixon (1913-1994) ، وتقضي بأن يحافظ الصهاينة على التعتيم في الشأن النووي ولا ينفذوا تجارب نووية، فيما تمتنع الحكومة الأمريكية عن ممارسة ضغوط عليهم للانضمام إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. وقد عمل رؤساء الحكومات الصهيونية المتعاقبة على تجديد تلك التفاهمات.

ويمكن القول في نهاية المطاف أن المجتمع الدولي يضغط كثيراً على دول عدة مثل إيران وكوريا الشمالي وغيرها بهدف كبح جماحها النووي، ومراقبة نشاطها وأعمالها النووية، إلا أن ذلك يجب أن يحدث تماماً وبدون أي تردد أو تأخير مع الكيان الصهيوني.
-----------------------------------

أهم المصادر :

1 - الموسوعة العسكرية.

2 - الموسوعة البريطانية B.E.

3 - شبكة الانترنت.

4 - الصحف والدوريات المحلية.


مركز مفاعل النقب للأبحاث النووية

مركز مفاعل النقب للأبحاث النووية

تقع هذه المنشأة في صحراء النقب Negev، على بعد نحو 13كم جنوب شرق مدينة ديمونا وتبعد عن غرب الأردن نحو 25 كم، وعن شرق مصر نحو 75 كم، وعن جنوب القدس نحو 85كم، وقد بدأ تشيدها في سنة 1958، بمساعدة فرنسية وفق اتفاق سري، وتم تشيد المجمع بسرية تامة، وبعيداً عن رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية IAEA. وبداعي السرية تم إبلاغ الجانب الفرنسي بأن أجزاء المفاعل الضخمة، مثل خزان المفاعل، هي جزء من محطة تقطير متجهة إلى أمريكا اللاتينية.

ومن الواضح أن الغاية من بناء مفاعل ديمونا Dimona (IRR-2) هي لتصنيع الأسلحة النووية، ولا يختلف على ذلك معظم الخبراء العسكريين. ولعل ما يدعم الرأي، ورغم سرية التجارب التي يجريها الصهاينة على الأسلحة النووية، ما يعتقد أنه انفجاراً داخلياً Implosion قد حدث في صحراء النقب في 02/11/1966. كما أن هناك ما يدل على إجراء اختبار تجريبي في جنوب المحيط الهندي في 22/09/1969، بالتعاون مع جنوب أفريقيا، ورغم نفي ذلك، إلا أن وزير خارجية جنوب أفريقيا عزيز ديلي A. Daily قد أكد ذلك فيما بعد في 20/4/1997 في تصريح لصحيفة هأرتز Haaretz الصهيونية.

وكان المفاعل قد بدأ العمل في الفترة ما بين عامي 1962و1964، وبإنتاج ومعالجة البلوتونيوم، بجانب تخصيب اليورانيوم، وإجراء الأبحاث والتصاميم النووية، ويبدو أن الجيش الصهيوني قد حصل على أول سلاح نووي قبل وقوع حرب عام 1967 (الأيام الستة).

قدرات مفاعل ديمونا

لقد تظافرت عدة عوامل داخلية وخارجية في تحقيق متطلبات تشغيل مفاعل ديمونا النووي، والذي يعتبر مفاعل ماء ثقيل، ومنها:

1 - مفاعل ذري: حينما بدأ العمل به كان له قدرة تعادل نحو 24MWt ميغاوات حراري. وحالياً تعادل قدرته ما بين 40 إلى 150MWt. وبذلك فأنه يعتبر الأكبر في منطقة الشرق الأوسط. ورغم أن قوة مفاعل بوشهر الإيراني، في حال تشغيله، ستبلغ 20 ضعف المفاعل الصهيوني، إلا أن الأخير سيظل المصدر الوحيد لإنتاج البلوتونيوم والتريتيوم الضروريين للأسلحة النووية.

ويمكن للمفاعل النووي عادة أن ينتج من كل 1 ميغاوات حراري نحو 1جم من البلوتونيوم Plutonium . ويمكنه أن ينتج 1كجم من البلوتونيوم (4MWt × 250 يوماً) سنوياً.

وبأمكان كل 20Mwt أن تنتج نحو 5 كجم من البلوتونيوم في العام الواحد، وذلك ما يعادل إنتاج قنبلة ذرية واحدة في العام.

2 - اليورانيوم Uranium : يدخل ضمن الصناعة الضرورية للتنقية والتحويل والتخصيبchment Enri من خلال الطرد المركزي والليزر. وهناك مصادر عديدة له، ويبدو أن الصهاينة قد حصلوا عليه في البداية من المصادر التالية:

أ - من الانتاج المحلي في صحراء النقب، كأحد النواتج الثانوية By- Products من من مصانع الفوسفات المقامة بجوار البحر الميت، والتي تعمل في انتاج الاسمدة. وبحلول عام 3591 أكمل الصهاينة عملية استخلاص اليورنيوم الذي عثر عليه في صحراء النقب.

ب - انتاج محلي من شركة كيماويات الفوسفات Chemicals of Phosphates في حيفا، التي كانت تعرف سابقاً باسم التخصيب والكيماويات المحدودة Fertilizers and Chemicals.Ltd .

جـ - استيراد نحو 10000 كجم من جنوب أفريقيا، وهو الحد الأقصى الذي تسمح به هيئة الطاقة الدولية IAEA. علاوه على كميات متفق عليه مع الحكومة الفرنسية.

3 - الماء الثقيل Heavy Water : وهو مادة أساسية وهامة لإنتاج البلوتونيوم في مفاعل ديمونا. ولقد طور الصهاينة طريقه جديدة لإنتاجه. كما أنهم اشتروا من بريطانيا في عام 1958 نحو 20000 كجم من الماء الثقيل الفائض من شحنه كان مصدرها النرويج. وفي مرات عدة ظهرت في مجلات علمية بالخارج إعلانات عن استعداد الصهاينة لبيع الماء الثقيل، مما يدل على وجود فائض منه.

4 - البلوتونيوم Plutonium : في عام 1986 أشار الفني فنوفو إلى أن معدل إنتاج البلوتونيوم قد بلغ نحو 04 كجم/ سنوياً. وهناك أبحاث متعددة ومستمرة في منشأة ديمونا النووية في إنتاج واستخلاص البلوتونيوم، وطرق فصله كيميائياً. ومن المعلوم أن الوقود الذي تحضر هيئة الطاقة الذرية الصهيونية IAEC لمفاعلاتها Reactors هو اليورانيوم الطبيعي Natura U.، مخلوطاً بنحو 3٪ من البلوتونيوم، ومما يدعم الحقائق العلمية في صناعة الأسلحة النووية.

وبجانب ما سبق تتوفر في منشأت ديمونا النووية أيضاً:

- منشأة لتخليق الوقود Fuel Fabrication.

- منشأة لنشاطات ليثيوم الهيدروجين الثقيل Lithium deuteride.

- مصنع معالجة النفايات، مع منشأة عاليه الكفاءة لتخزين النفايات النووية.

لقد ثبت أن الكيان الصهيوني يمتلك بجانب مركز صحراء النقب النووي (ديمونا)، عدد من المواقع والمنشآت المرتبطه بالتصنيع النووي العسكري، ونجد أهمها:

كفر زكاريا Kfor Zekharya (Moshav Zekharya)

يقع هذا الموقع في «مرتفعات اليهودية» Jdean Hills ، حيث أقيمت وسائل الدفاع النووية الاستراتيجية، وأهمية هذا الموقع أنه بطبيعته يصلح لبناء المخازن تحت سطح الأرض، حيث تكثر في هذه المنطقة الصخرية العديد من المغاور الجوفية، وقد بوشر بإعداد هذا الموقع الاستراتيجي عام 1791م وبات استخدامه ممكنا في السبعينيات.

أما القسم القديم من هذا المرفق فيتكون من أربعة مبان مقواة بالخرسانة، تقود بدورها إلى المستودعات الجوفية، وهي المستودعات التي كانت لعدة سنوات خلت تخزن فيها صواريخ «أريحا -1) النقالة، وما تزال تستخدم حتى الآن في تخزين القنابل التي تعمل بقوة الجاذبية Gravity bomb والتي تحملها المقاتلات إف -4 وإف -16 المتمركزة على بعد كيلومترات قليلة شمال تل نوف، وإلى الجنوب من هذه المباني هناك عدة طرق تقود إلى المخازن الجوفية ومجموعة من خمس منصات صاروخية أرض - جو.

وفي جنوب شرقي هذا الموقع توجد القاعدة الصاروخية الإحدث التي تم بناؤها ما بين أواخر الثمانينات وأوائل التسعينيات لتخزين صواريخ أريحا -2 الحديثة، وقد أظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية الروسية عام 1989م، وجود مخازن صاروخية، ولكنها لم تظهر السياج المحيط بالقاعدة نفسها.

وفي عام 1991 أحيطت القاعدة بمحيط واق رغم أن عدة مخازن محصنة فيها كانت ما تزال قيد الإنشاء، كما بينت الصور الملتقطة عامي 1992-1993 استمرت عملية الإنشاء وإقامة المزيد من المخازن المحصنة.

موقع بير يعقوب Beersheeba

يضم موقع بير يعقوب الموجود على بعد 15 كم شمالي زكاريا، منصات صواريخ أريحا -2 الحديثة، وهي تنقل إليه عبر سكة حديد، وهذه القاعدة شأن جميع المرافق النووية الصهيونية، ذات محيط واسع، ومخفية عن الأنظار بسياج كثيف من الأشجار.

وبدراسة صور الأقمار الصناعية، تبين أنه ليس هناك أي تغيير يذكر في المباني السطحية، بينما التقارير قد أفادت أن الموقع يحتوي على مرافق واسعة مبنية تحت سطح الأرض، وأهمية هذا الموقع باتت مثيرة للجدل لأن إنتاج صاروخ أريحا 2- يتم فيه، وكذلك مصانع صواريخ السهم Arrow أرض - جو، التي تم بناؤها بمساعدة مالية وتقنية أمريكية.

وفي حين يتم بناء الصواريخ في بير يعقوب، يتم بناء الرؤوس النووية الضرورية لها في مصنع يوديفات Yodefat المتعارف عليه باسم القسم Division 20-20 وتملكه شركة رفائيل لصناعة الصواريخ في الجليل، وفي هذا المصنع يتم أيضاً تصنيع صواريخ أخرى بما في ذلك صاروخ بوباي Popeye والذي استخدمته القوات الأمريكية في حرب الخليج في عام 1991.

ولما كان الصهاينة ينتجون عددا محدودا من الأسلحة النووية سنويا، فإنه لا يستخدم سوي جزء ضئيل من هذا المصنع للأمور النوووية، بينما الجزء الأكبر منه مخصص لإنتاج الصواريخ المختلفة، ولإجراء البحوث في شئون المواصلات المتفوقة والبصريات، وعلى الرغم من أن معظم الأسلحة النووية ذات طبيعة إستراتيجية، إلا أن عددا كبيرا منها أيضا تكتيكي صرف ويخزن قرب منطقة عيلبون شرقي الجليل.

ويبدو أن وجود الأسلحة الإستراتيجية في سفوح «مرتفعات اليهودية» في قبل الكيان الصهيوني، يعني أن موقعها الأكثر تحصينا داخل الدولة العبرية، وهذه المنطقة ستكون أخر ما يقع في أيدي عدو محتمل، ويشير ذلك بوضوح إلى أن الخيار النووي لن يكون سلاح الضربة الأولى، وأنه لن يلجأ إليه إلا في حال تعرض الكيان الصهيوني للفناء المحتم.

لقد أظهرت وسائط النقل بين المواقع النووية صورة واضحة عن كيفية استخدام الوسائل النووية، وعلى سبيل المثال فإن القنابل الذرية تم تخزينها في منطقة زكاريا Zekharya، في حين لايوجد طريق مباشر يربط بين المخازن الجوفية ومطار تل نوف Tel Nof، مما يعني أن القنابل الذرية لن تنقل برا، وربما استخدمت المروحيات في نقلها لأسباب تتعلق بكسب الوقت والسلامة العامة.

وإذا كان الصهاينة يسعون لبناء إستراتيجية ردع متوازنة، فينبغي عندئذ أن يكون لديهم عدد مماثل إن لم يكن أكبر من القنابل الذرية، ولذلك ستكون هناك ضرورة لعشرات قذائف المدفعية والألغام الأرضية ووسائل التدمير الخاصة التي ترفع العدد النهائي لأسلحتها الإستراتيجية إلى ما يفوق 200 سلاح نووي.

وبجانب ما سبق فهناك أيضاً عدد من المواقع والمنشآت المساندة المفترضة في فلسطين المحتلة (2005) وهي:

- عبلبون Eilabun، ويستخدم الموقع لتخزين الأسلحة النووية.

- منشأة يودفات Yodefat، لتجميع الأسلحة النووية.

- تيروش Tirosh، وهي أيضاً للتخزين.

- مركز نهال سورغ Nhal Soreq للابحاث النووية قرب بيريعقوب، وقد أنشئ في عام 1955. ويخضع للرقابة الدولية IAEA. ويعمل بقدره تعادل 5MWt.

- قاعدة حيفا البحرية (3SSG). وتخزن بها الرؤؤس الحربية لإطلاق صواريخ كروز العابرة (SLCMs). وتحوي نحو 20 صاروخاً.

ولابد من الإشارة هنا إلى أن قدرات الصهاينة الصاروخية تكمن في ثلاثة أنواع من الصواريخ، جرى تطويرها بداخل الكيان، وهي: اريحا - 1، واريحا -2، واريحا -3. ويبلغ مدى الصاروخ الأول 500 كم، ويحمل رأساً حربياً زنة 450 كجم، وبأمكانه حمل رأس نووي زنة 20000 كجم. ويبلغ مدى الثاني 1500 كم، وقد دخل الخدمة الفعلية في عام 1990، وبأمكانه حمل رأس نووي زنة الف مليون كجم. فيما يتراوح مدى الثالث، والذي يعتبر عابراً للقارات، من 4800 إلى 6500 كم، وقد دخل الخدمة في السنة المنصرمة 2008، وله قدره على حمل رأس نووي بوزنه يفوق سابقه.

وتجدر الإشارة إلى أن الاحتياطات الأمنية للمرافق السابقة، تتميز عن بقية المرافق العسكرية التقليدية، ويبدو الحرص واضحا في إخفائها ضمن غطاء حرجي وسط الصحاري الجرداء، مما يجعلها مرئية من الفضاء.

ماهي مخاطر التصنيع النووي الصهيوني؟


ماهي مخاطر التصنيع النووي الصهيوني؟

نظراً لما لعبته عوامل عديدة، سياسية وتاريخيه وغيرها، وكان من أهمها تواطئ الدول الاستعمارية، ومساندتها في ظهور «الكيان الصهيوني» في أرض فلسطين وهو ما مثل حاله شاذة في منطقه الشرق الأوسط. وقد عمد هذا الكيان من ظهوره في عام 1948 على تعزيز وتكريس قدراته وإمكاناته العدوانية، لكي يتمكن من البقاء. وفي سبيل ذلك، اتجه لتصنيع وإنتاج السلاح النووي، كخيار إستراتيجي له للبقاء. وهو اليوم يتصدر القائمة بامتلاكه للسلاح النووي، رغم عدم تأكيده أو نفيه ذلك.

ومن المعروف أن «معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية» المبرمة في عام 1996. تحظر إجراء التفجيرات النووية في جميع أنحاء العالم لأي هدف، وهي معلقة إلى الآن (2009)، بعد تبني الأمم المتحدة لها، وكانت 180 دولة قد وقعت عليها، ولا تزال بحاجة إلى التصديق عليها من قبل 8 دول تملك قدرات نووية، بجانب الكيان الصهيوني، لكي تصبح سارية المفعول.

وقد بدأ ذلك البرنامج النووي منذ العام 1948، وذلك بالإفادة من خبرات عدد من العلماء الطبيعيين Physics اليهود الذين هاجرون إلى فلسطين من أوروبا هرباً من النازية، وأهمهم أرنست ديفيد برغمان (1903- 1975) D.E.Bergmann، رئيس الأبحاث العلمية في وزارة الدفاع، والذي إنشاء في عام 1952 الوكالة الذرية الصهيونية IAEC. وكذلك من دعم علمي فرنسي كبير في الخمسينات والستينات، علماً أن فرنسا كانت المصدر الأساسي للسلاح الصهيوني آنذاك، ولقد عمدت على دعم ذلك الكيان نتيجة لوجود جالية من اليهود في فرنسا، علاوة على أن العرب كانوا أيضاً عدو مشترك، ففرنسا لا تنسى كم العداء الذي واجهته أثناء استعمارها لشمال أفريقيا العربي، ولعل ذلك ما أكد عليه وزير الدفاع الفرنسي لوريس مانورري L. Maunoury في عام 1955، حينما قال لشمون بيرز S.Peres (1923) بأننا نواجه عدواً مشتركاً. ولذا كانت الاستخبارات الصهيونية تنقل إلى باريس معلومات عن الحركات الاستقلالية المناهضة للاستعمار الفرنسي في أفريقيا.

وفي نهاية عام 1956 وافقت فرنسا على تزويد الصهاينة بمفاعل أبحاث بقدرة 18MWt، إلا أن أزمة السويس قد أعاقت تنفيذ ذلك. وفي 3/10/1957 تم في ديمونا توقيع اتفاق سري وبدون أن يكتب على أن يزود الفرنسيون الصهاينة بمفاعل بقدرة 24MWt. وقد باشر في بنائه نحو 1500 عامل يهودي مع عدد من العلماء الفرنسيين. وتلي ذلك أن ترسخت على أعلى المستويات علاقات تقنيه وعسكرية ساهمت في تنامي العمل في الصناعة النووية، إضافة إلى استضافة خبراء يهود في المختبرات الفرنسية العلمية الخاصة، وإرسال خبراء في المقابل لمتابعة بناء وتطوير مفاعل ديمونا Dimona، والذي أحاطه الصهاينة بالسرية التامة، لدرجة أن بن غورين (1895-1969) B. Gurion نفسه كذب على أعضاء «الكنيست»، حينما أعلن أن ديمونا مجرد مختبر لتطوير التقنيه.

ويعتبر شمعون بيريز، المستشار المقرب من دايفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء صهيوني، العقل المدبر للبرنامج النووي في الكيان الصهيوني. وقد تسارع التعاون الصهيوني - الفرنسي بعد حرب العام 1956، وأسفر عن بناء مفاعل تحت الأرض في منطقة ديمونا في صحراء النقب، وترافق ذلك مع جملة ادعاءات صهيونية حول الهدف الحقيقي من وراء الإنشاءات، تراوحت بين القول إنها منجم لاستخراج المنغنيز ووصفها بأنها مصنع للنسيج.

وفي نفس العام كشفت صحيفة الديلي اكسبريس D. Express عما يقوم به الصهاينة في مفاعل ديمونا، وأنهم ربما كانوا يصنعون قنبلة نووية.

وانتهى التعاون بين الكيان وفرنسا مع وصول الجنرال شارل ديغول (1890-1970) DeGaulle.C إلى السلطة في فرنسا في العام 1960. وقد استنكرت الولايات المتحدة المشروع الصهيوني في العام نفسه. وتفاقم الخلاف الصهيوني - الأمريكي حول المفاعل مع رفض الصهاينة إخضاع المشروع للمراقبة الدولية.

بيد أن تل أبيب اضطرت إلى استقبال مفتشين دوليين بين العامين 1962 و1969 لامتصاص نقمة واشنطن، غير أن المفتشين لم يسمح لهم بزيارة سوى الإنشاءات السطحية. وزعم ذلك تواصل تعاون الصهاينة مع جنوب أفريقيا. وذلك مما مكنهم في بلوغ مرحلة تخصيب البلوتونيوم في العام 1965.

وحينما اكتشفت الاستخبارات الأمريكية C.I.A حقيقية الهدف من إنشاء المفاعل في بدايات عام 1960، وتحديداً في عام 1958 حينما رصدت طائرات الاستطلاع U-2 المفاعل، طلبت من حليفها الصهيوني أن ينصاع للرقابة الدولية، ورغم موافقة الكيان الصهيوني على ذلك، إلا إنه وافق تحت شرط أن تتولى الإدارة الأمريكية عمل ذلك عوضاً عن الوكالة الدولية، مع إبلاغها مسبقاً بأي عملية تفتيش.

وعمل الصهاينة وبطرق ملتوية على خداع فرق التفتيش المختلفة، وفي نهاية المطاف تم إبلاغ الجانب الأمريكي بعدم جدوى عمليات التفتيش، وفي عام 1969 أيقنت الحكومة الأمريكية بأن الصهاينة قد يكون في حوزتهم سلاح نووي، وبذلك تم إيقاف عمليات التفتيش تماماً.

وفي العام 1968 تمكن الصهاينة من انتاج القنبلة النووية، بسبب إصرار ليفي اشكول (1969-1895) L. Eshkol، رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك، وقد تأجل الإعلان عن تلك الخطوه لتجنب إغضاب الولايات المتحدة التي أصبحت أبرز حلفاء ذلك الكيان بعد حرب عام 1967. ومع تقهقر الصهاينة في المراحل الأولى من حرب رمضان عام 1973، أعلنت غولدا مائير G . Meir (1898-1969) ، رئيسة وزراء الكيان الصهيوني، حالة التأهب النووي Full scal alert في قرار سري. وتم تركيب نحو 13 قنبلة نووية بقدرات تعادل نحو 20 ميغا كجم من المواد المتفجرة، وتجهيز مقاتلات F-4 الأمريكية وصواريخ أريحا في منطقة كفر زكريا Kfar Zekharya بقنابل نووية تمهيداً لضرب القاهرة ودمشق في حال تواصل الهجوم العسكري على الكيان الصهيوني.

وقد دفع ذلك التطور الولايات المتحدة إلى عمل جسر جوي سريع بكل أنواع الأسلحة التقليدية لقلب نتيجة المعركة على الأرض، ومنع الصهاينة من التفكير في استخدام السلاح النووي.

لقد عملت الحكومات الأمريكية المتعاقبة منذ أنشئ مفاعل ديمونا على توفير كل المساعدات والمعلومات التقنية الأمريكية له، والتي قد يكون مصدر بعضها الكونجرس الذي استثنى الصهاينة من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وعلاوة على ذلك فحينما طلب تقريراً إضافي في عهد حكومة الرئيس الأمريكي السابق ريجان R . Reagan (1911-2004) ، عن الدول التي تمتلك رؤوساً نووية أو كيميائية أو حيوية كان هناك استثناء اضافي شمل عدد من الدول بجانب الكيان الصهيوني. وحينما بدأت فكرة حصار بعض الدول المصنعة للسلاح النووي عام 1992، تحرك اللوبي اليهودي، داخل الكونجرس حتى استثنى الصهاينة مرة اخرى من أي التزامات، وفي عام 1992 أيضاً وعلى أثر سياسة ريجان المتعاطفة، كانت معظم معدات وتقنيات الصهاينة النووية تحمل حتم «صنع في أمريكاU.S.A» إلى جانب الزيارات المكوكية المتكررة لخبراء أمريكا في مجال الطاقة الذرية للكيان الصهيوني لمساعدته في تطوير برنامجه النووي.

وشهد شاهداً من أهلها

في عام 1986 نشر الفني السابق في مفاعل ديمونا موردخان فعنونو M. Vanunu ، عبر وسائل الأعلام بعض الأدلة الخاصة على البرنامج النووي الصهيوني، واثبت وجود المفاعل النووي ومعمل معالجة البلوتونيوم في منطقة ديمونا في صحراء النقب، ومن خلال عرضه لمجموعة من الصور القريبة الدالة، وعرضها للصحافة، بخلاف صور الأقمار الصناعية ضعيفة الدقة بالنسبة لكشف الاسرار النووية، رغم أنها قد أظهرت الشكل الخارجي العام وكيف يحمي ويخفي الصهاينة المواقع النووية. وأظهرت تحليلات صور مرافق ديمونا ثلاث ملاحظات مميزه للمرافق النووية الصهيونية وهي:

أولاً: إحاطتها بتمويه مكثف، فالموقع العسكري التقليدي في الكيان الصهيوني يموه عادة، ولكن ليس بهذا العدد الكبير من الطرق المخصصة للدوريات العسكرية، والمحيطات الدائرية الواسعة حول الموقع، والسياجات التي أنشئت لحماية موقع ديمونا.

ثانياً: تكثيف المساحات المشجرة Heavy Vegetation، وهي عبارة عن صفوف من الأشجار الكثيفة التي تحول دون رؤية الموقع النووي، يذكر أن المرافق العسكرية التقليدية تموه جميعها بمساحات مكسوة بالأشجار، لكنها عادة أقل كثافة من تلك المحيطة بالمواقع النووية السرية، ولاسيما في المناطق الجرداء.

ثالثاً: توسيع الدائرة المحيطة بالموقع، وهو أمر ملفت للنظر في بلد مكتظ بالسكان مثل الكيان الصهيوني.

ونتيجة لكشف موردخان فعنونو M. Vanunu لتلك الأسرار، سارع الصهاينة عبر عملائهم من الموساد في اختطافه من إيطاليا ونقله إلى فلسطين. وجرت محاكمته سراً بتهمة الخيانة والتجسس، وحكم عليه بالسجن 18 عاماً، منها 12 عاماً في حبس انفرادي. وخلال فترة اعتقاله اظهرت صحيفة الصندي تايمز S. Times الانجليزية، أن الكيان الصهيوني يشكل سادس أكبر ترسانة نووية متنوعة في العالم، ويمتلك مواد لنحو 02 قنبلة هيدروجينه أو 200 قنبلة انشطارية، يمكن تركيبها في قذائف مواجهة أو صواريخ بعيده من نوع اريحا أو طائرات حربية أو حتى في غواصات نووية رأسيه في ميناء حيفا.

وفي ربيع عام 2004 تم إطلاق فعنونو، ووضعته السلطات هناك تحت عدد من القيود الصارمة. وفي عام 2005 أعيد اعتقاله بعد خرقه شروط بقاءه حراً.
داود الشراد

أطماع دولة الإحتلال الصهيوني في المياه العربية

أطماع دولة الإحتلال الصهيوني في المياه العربية

المياه حلم صهيوني قديم لا يقل ارتباط قيام دولة اليهود به عن حلمهم في بناء الهيكل . فالعلم الإسرائيلي وهو تلك المساحة البيضاء يحددها شريطان متوازيان باللون وتسبح بينهما نجمة داود - يرمزان إلى نهر النيل و الفرات و هما حدود وطنهم الحلم عندما يغرق غلاتهم بالأوهام - فقد كتبوا على صدر جدار الكنيست - حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل .

ولم يكن الهدف الاقتصادي البحت هو موجة تخطيطهم لمستقبل المياه العربية فما من نهر أو بحيرة ماء في فلسطين و جنوب سورية و لبنان - إلا وترتبط في مخيلتهم بنص توراتي وفهم تلمودي لمعركة حربية خاضها أحد قادتهم ضد (الجوييم) الأمم الأخرى . فالمياه لا يقل وهجها الديني عن حجارة الهيكل وأعمدته .

لقد ارتبط البحر الميت ونهر الأردن والليطاني ووادي اليرموك والشريعة بأحلامهم التوسعية من وجهة نظر دينية بحتة ولهذا سعى ساستهم وفلاسفتهم إلى ربط - الأيديولوجية اليهودية بمرتكز جغرافي يعتمد على المياه كإحدى وسائل تغيير معالم الأرض وطبيعتها الجغرافية.

(ليس ممكنًا تغيير وجه التاريخ بواسطة مكبرات الصوت أما تغيير الجغرافيا فيكفيه التحكم بالمياه خصوصًا عندما تكون مهدورة كما في جنوب لبنان) - نوام شوسكي .

ويقول - الياهو بن اليسار - (إن العرب استوطنوا الشرق الأوسط وأذعنوا لخريطته الجغرافية والجيولوجية وعندما توغلنا نحن في الأراضي الجديدة كان لابد من تغيير المكان وتثمير الطبيعة بشكل خلاق فأية استعادة للتاريخ لا تتم إلا من خلال الضغط الشديد على الجغرافيا).

ويأتي الحديث عن المياه - في وقت بدأ العالم يدرك فيه أهمية المياه في التقنية والحياة بل هو الحياة نفسها فقد أصبح الماء حديث البشر في الثمانينات حيث قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن عقد الثمانينات هو العقد الدولي لتوفير مياه الشرب والمرافق الصحية - في عالم اليوم يموت سنويًا 25 مليون إنسان بسبب نقص المياه أو تلوثها - وتطالعنا إحصائيات العالم بأرقام مذهلة فمقابل كل لتر من الماء نستهلكه لحاجات الآدمي نحتاج إلى 12 لتر ماء لأغراض الزراعة كما يحتاج إنتاج لتر نفط واحد إلى 12 لترًا من الماء أيضًا . فالماء ليس ضروريًا للشرب بالري الزراعي بل أصبح أساسيًا في الصناعة والتنمية . إننا نضع أنفسنا على بداية نهاية المقولة الاقتصادية - إن الماء سلعة حرة لا ثمن لها أو هو طيبة مبذولة بوفرة لا تعرف الندرة الاقتصادية . فلا عجب أن تكون المياه شكلًا متميزًا للصراع العربي الإسرائيلي عبر تاريخه الذي استغرق نصف القرن المنصرم .

إن مطامع اليهود التوسعية كانت وما زالت تحلم بالوصول إلى السيطرة على ثلاث مناطق زراعية هامة وهي :

1 - سهل حوران الكبير الممتد شمالًا و جنوبًا بين الزرقاء - و دمشق و يضم بين ثناياه - البلقاء الأردنية و جبال اللجاة و إلى أن يتصل هذا السهل غربًا بالغور الانهدامي - و الجولان و الحمة - و مجرى اليرموك و الشريعة و هو ما يجسده - وادي الأردن .

2 - جبل الشيخ وهو أبو مياه فلسطين و لا بد لتحقيق أمن دولة يهود من السيطرة عليه لتأمين موارد المياه الضرورية لقيام الحياة في دولة يهود .

3 - جنوب لبنان بكل ما يحتويه من ينابيع و أنهار حيث تشكل هذه المنطقة منبع مياه فلسطين كلها فمن سفوح جبل الشيخ والحرمون تذوب الثلوج وتتفجر الينابيع التي يجري منها نهر الأردن و الليطاني وغيرهما من الأودية التي شهدت منذ نشوب الحرب اللبنانية الصراع المر للسيطرة اليهودية على هذه المياه .

وهذا الاهتمام الشديد يعود في نظر دولة يهود إلى اعتبار ديني أولًا واقتصادي ثانيًا بالإضافة إلى أثر هذه المناطق في أمن دولة يهود خلال حدودهما الآتية وأطماعها المستقبلية .

وليس جديدًا على دولة يهود اهتمامها بالمياه اللبنانية فمنذ عام 1919م طالب هربرت صموئيل - أول مندوب بريطاني على فلسطين - بإدخال ضفتي نهر الليطاني ضمن حدود الوطن القومي الذي تحدث عنه وعد بلفور - بالإضافة إلى منابع الأردن قرب راشيا وتقول المذكرة الصهيونية المقدمة لمؤتمر فرساي - (إن حدود فلسطين تتبع منابع المياه في سلسلة جبال لبنان حتى جسر - القرعون - فالبيرة - وتتبع الخط الفاصل بين حوض وادي القرن ووادي التيم - ثم إلى اتجاه جنوبي يتبع الخط الفاصل بين المنحدرات الشرقية والغربية لجبل الشيخ) [1] .

وادي الأردن :

هو الجزء المنخفض من الأرض الفاصلة بين فلسطين غربًا وشرق الأردن وسورية شرقًا ويتصل شمالاً بالحدود السورية واللبنانية وينتهي جنوبًا - بوادي العربة - الممتد إلى خليج العقبة وفي الطرف الشمالي- ترتفع الأرض في جبل حرمون 1300 قدم عن سطح الحر لتنخفض تدريجيًا حتى 1286 قدمًا تحت سطح البحر عند البحر الميت وينقسم الوادي إلى ثلاثة أقسام :

1- القسم الشمالي - وفيه منابع النهر حتى بحيرة الحولة .

2- الأوسط ويشمل بحيرة طبرية وجنوبها بقليل .

3- الجنوبي حتى البحر الميت .

وفي القسم الشمالي يوجد عدة روافد للأردن من أهمها نهر الحاصباني و نهر بانياس و نهر دان ويسير نهر الأردن من مياه روافده الثلاثة مارًا ببحيرة الحولة التي جففت ثم يصب في بحيرة طبرية التي تقع للشرق من مرتفعات حطين التي شهدت هزيمة الصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبي كما شهدت مرور المسيح عليه السلام في نهر الأردن - و بعد طبرية يلتقي النهر برافده - اليرموك - الذي يأخذ مياهه من وادي الحرير والرقاد السوريين و يشكل اليرموك حدًا بين سورية والأردن . وفي الأرض الأردنية يرفد الأردن روافد متعددة صغيرة . حتى يصب أخيرًا في البحر الميت .

و في زمن الانتداب البريطاني تعرض الأردن لمشاريع متعددة تخدم أهداف اليهود المستقبلية وبعد سيطرة الإنجليز على امتياز البوتاس في البحر الميت أوفدت بريطانيا مهندسًا انجليزياً خبيرًا للقيام بأعمال المساحة المائية في فلسطين 1937م (أيو نيدس) الذي قدم مشروعًا مصنفًا رفضه اليهود بشدة تمهيدًا لمشروع - لودر ملك Lowder milk - اليهودي الأمريكي الذي قدم عام 1939 مشروعًا يهوديًا للاستيلاء على مياه الأردن من المنبع إلى المصب مع الاستيلاء على روافده وعلى مياه الليطاني كما اقترح تجفيف الحولة و إحداث بحيرة صناعية قرب الناصرة لضخ المياه إلى النقب .

وفي عام 1943م جاء يهودي أمريكي آخر هو - هيز - فقدم مشروعًا بتحويل الفائض من أنهار الحاصباني و اليرموك و بانياس بقنوات و خزانات إلى مرج ابن عامر و النقب كما اقترح حفر قناة تصل البحر المتوسط بالبحر الميت لتوليد الطاقة الكهربائية و بالرغم من موت المشروع في زمنه إلا أن إجراءات إسرائيل الحالية تؤكد احتفاظها بتلك الأفكار والاستفادة منها .
بعد عام 1948- قيام دولة يهود :

أوفدت أمريكا بعد عام 1949م لجنة يرأسها - جوردون كلاب - تسمى لجنة الاستقصاء الاقتصادي في الشرق الأوسط - درست وأبرزت المستودعات اليهودية السابقة التي قدمها - لودر ملك - سابقًا - وحاولت الأمم المتحدة بوحي الصهيونية تنسيق مشروعات عربية يهودية بهدف استغلال المياه وتأمين وكالة غوث اللاجئين التي تدعي شئون الشعب المشرد واستمرت دولة يهود تنفذ مشروعاتها فبدأت بتجفيف - الحولة - وأصبحت أرضها صالحة للزراعة ثم ظهر مستودع اليرموك 1952 - برعاية - بنجرا الأمريكي - والذي يتضمن بناء سد المقارن - على اليرموك الذي عرف في الأردن بسد خالد بن الوليد - الذي دمره اليهود بعد حرب 1967م .

وفشل مشروع - بنجر - ليظهر مشروع - إريك جونستون - 1953 - الذي رفضه العرب لأسباب فنية و بدلًا من اقتراح تخزين مياه اليرموك في طبرية - نفذ مشروع سد - خالد بن الوليد - و إنشاء سدود أخرى على روافد الأردن اللبنانية .

وفي حين تعثرت المشاريع العربية للاستفادة من الأردن وروافده - وضعت دولة يهود مشروعها المسمى مشروع السنوات السبع 1953 -1960 - يتضمن تأمين 520 مليون متر مكعب من مياه الأردن وروافده - على الشكل التالي :

120 مليون م 3 - تجفيف وري الحولة .

320 مليون م 3 - مياه محولة عند جسر بنات يعقوب قبل بحيرة طبرية لتصل إلى النقب (مشروع النقب الأردن) .

80 مليون م 3 - مياه محولة بقنوات مسحوبة من طبرية إلى سهل بيان .

وجرى على مشروع السبع سنوات عدة تعديلات زادت في سرقة المياه العربية وبالرغم من منع سورية تحويل ممر النهر عند جسر بنات يعقوب حيث تقع المنطقة في أرض محايدة و لكن دولة يهود مضت في مشروعها حتى بدأت بالتنفيذ عام 1963 و كان ذلك سبب انعقاد أول قمة عربية لمنع تحويل مجرى النهر و لا شك أن دولة يهود تعلم أن مياه الدنيا لا تكفي لإرواء النقب و لكنها تسعى لاستصلاح بعض أرضه وبناء مستعمرات تضم بعض المستوطنين اليهود وتهدف أولًا لحرمان العرب من مياهم [2] .

مياه جنوب لبنان :

تتضارب الأنباء عن تحويل مياه الليطاني وجرها إلى دولة يهود وإذا لم يكن ذلك حاصلًا فهو في طريقه إلى الحصول - فالجنوب اللبناني أصبح منطقة عسكرية ملغمة ويسعى اليهود إلى ضخ مياه الليطاني والحاصباني باتجاه منطقة الجليل شمالي فلسطين - فالاجتياح اليهودي عام 1982 تحت شعار - حماية أمن الجليل كان يسعى في إطار الأمن للحصول على المياه اللازمة لتحويل دولة يهود إلى دولة صناعية توفر المياه لإكثار المساحة الخضراء .

لقد شاهد المواطنون الجرافات والبلدوزرات تحفر في تخوم - قرى بدياس ورحال وجوبا والقاسمية وفي حركة نشطه لضخ مياه الليطاني والحاصباني في أقنية تحت الأرض فهناك نفق يقذف بالمياه في مرحلتها الأولى إلى مرج ابن عامر ومن ثم يصار إلى إيصالها إلى النقب .

لتمكين مليوني يهودي جديد من إعمار النقب ورفد العنصر البشري لدولة الكيان الصهيوني ( في فندق شيراتون تل أبيب لوحة علقت على أحد الجدران تمثل قبائل إسرائيلية قديمة على ضفاف الليطاني) وقد حققت إسرائيل حلمها المرسوم خلال عام 1982 م وهي تسعى الآن إلى تفريغ الجنوب اللبناني من سكانه لتتمكن من جر مياه الليطاني وتحطيم سد - القرعون - الذي بني للاستفادة من مياه النهر وتأمين مياه الشرب للبقاع والجنوب اللبناني - كما يسعى ساسة إسرائيل لإقامة بحيرة صناعية كبيرة في شمال فلسطين تغذيها مياه الليطاني وتجر مياهها إلى صحراء النقب في المستقبل و قد بدأ فعلاً بحفر قناة بشكل نفق قرب بحيرة - القرعون - ما بين دير ميماس و كفر كلا الحدودية بهدف جر مياه الليطاني .

إن زراعة صحراء النقب . هو قميص عثمان الذي يتذرع به اليهود للأوساط الغربية بحجة أنهم يحيون الصحراء ولكن الدراسات الجادة تؤكد أن زراعة النقب وهم وخيال يحتاج إلى كميات هائلة من المياه ولكن لا ييأس اليهود من زراعة ولو أمتار معدودة من هذه الصحراء الشاسعة .

قناة البحرين :

طرحت في إسرائيل فكرة تتمثل في شق قناة تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الميت وتقام على جوانب القناة محطات حرارية لتوليد الكهرباء وتبلغ كلفة المشروع 1.4 مليار دولار وتقوم الفكرة على الاستفادة من الفرق بين مستوى سطح البحر المتوسط والميت حيث ثبت أن المتوسط يرتفع بمستواه عن البحر الميت بما يقرب 402م مما يسهل إقامة مجمع لتوليد الطاقة الكهربائية في بعض الأماكن - حيث يبلغ الانحدار ما يقارب 1300 قدم وهذا المشروع الخطير لو نفذ فعلًا فسيكون كارثة مدمرة للاقتصاد الأردني حيث يبدأ الغمر التدريجي لمنشآت البوتاس الأردنية والأراضي الزراعية المحيطة .

خطوط عريضة:

* لقد ارتبطت بحار وأنهار فلسطين بأحلام اليهود التوسعية من وجهة نظر دينية بحته .

* ما زالت مطامع اليهود تحلم بالوصول إلى السيطرة على ثلاث مناطق زراعية : سهلية وجبلية داخل فلسطين وخارجها .

* الاجتياح اليهودي للبنان كان يسعى للحصول على المياه اللازمة لتحويل دولة يهود إلى دولة صناعية .

إن مشروع القناة بين البحر المتوسط والبحر الميت ، أمر خطير لو نفذ ، فسيكون كارثة مدمرة للاقتصاد والأراضي في الأردن .

الأبعاد الإستراتيجية لنهب المياه الفلسطينية

الأبعاد الإستراتيجية لنهب المياه الفلسطينية

قطرة المياه ، ذات الأبعاد الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وفي فلسطين تحديدا ، تشكل أهمية بالغة ، لدرجة أن الكيان الصهيوني أدرجها ضمن قضايا الحل النهائي خلال مفاوضاته مع السلطة الفلسطينية ، لكن ممارسات الاحتلال على الأرض توضح نية مبيتة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم من خلال تجفيف منابع المياه للأماكن التي يقطنون فيها .

فبالنسبة للكيان الصهيوني فإن مسألة المياه تدخل في صميم الأمن القومي، بل هي مسألة وجود بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فلم ينصرف أصحاب القرار والمخططون الصهاينة يوماً عن البحث في وضع المخططات ورسم السياسات بهدف السيطرة على أكبر حجم ممكن من المياه العربية سواء في فلسطين أو في الدول العربية، وتبعاً لذلك فإن المياه هي التي حددت جغرافية الكيان وتوسعاته منذ عام 1948 مروراً بعدوان الخامس من يونيو/حزيران في عام 1967 وصولاً إلى اللحظة السياسية الراهنة، الأمر الذي يفسر مسار الجدار العازل منذ البدء في إنشائه في صيف عام 2002، حيث يلتهم أكثر من 50% من أراضي الضفة الفلسطينية البالغة مساحتها الكلية خمسة آلاف وثمانمائة كيلومتر مربع.

فالمستوطنون الصهاينة يستولون على عدد متزايد من ينابيع المياه الفلسطينية في الضفة الغربية ويلجؤون إلى منع أو تحديد وصول الفلسطينيين إلى منافذ المياه في الأراضي الفلسطينية الأمر الذي أكده تقرير للأمم المتحدة (1) ذكر أنه يوجد حاليا 65 نبعا في الضفة الغربية بالقرب من المستوطنات الصهيونية، عدد منها تم الاستيلاء عليها بالكامل ومنع الفلسطينيين من دخولها بينما تظل الينابيع الباقية عرضة لخطر استيلاء المستوطنين عليها نتيجة ما يقومون به من جولات منتظمة وأعمال دورية.

التقرير أكد أيضا أنه في غالبية الأحيان يتم منع الفلسطينيين من الوصول إلى مناطق الينابيع التي تم الاستيلاء عليها من خلال أعمال الترويع والتهديد من قبل المستوطنين الصهاينة حيث يبدأ المستوطنون بتحويل مناطق الينابيع إلى مناطق سياحية من خلال بناء البرك ومناطق التنزه ووضع طاولات وحتى تغيير الأسماء ووضع لافتات لأسماء الينابيع بالعبرية, ولعل هذا ما أكده ما جاء الناشط الإسرائيلي في مجال حقوق الإنسان درور أيتكيس في تصريح له لوكالة روتيرز حين قال :" غير المستوطنون مؤخرا اسم عين (السجمة) الواقعة في قرية نحالين ببيت لحم إلى عين (إسحق), وهذا يعد تصرفا نمطيا يحدث لكل عيون الماء التي تتعرض للاستيلاء, حيث يغلق المدخل أمام الفلسطينيين ثم يغير الاسم إلى اسم عبري ( 2 ) ".

وهذا ديدنهم ففي مقال خاص لمركز بيت المقدس للدكتور محمود المشهدي معقبا على تحريف اليهود للكلمات والمعاني قال : لقد أخبرنا القرآن الكريم أن اليهود "يحرفون الكلم عن مواضعه" و"يحرفون الكلم عن بعد مواضعه" فالأولى في حق اليهود الأوائل والثانية فيمن كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أي حرفوها بعد أن وضعها الله مواضعها وعرفوها وعملوا بها زماناً .

فهذه الصفة ثابتة وملازمة لهم لا تنفك عنهم ، فهم بالأمس يأمرهم أن يقولوا (راعنا) بمعنى المراعاة والانتظار إلا أنهم لووا ألسنتهم واستخدموا هذه الالكلمة بمثابة استهزاء وسخرية وإتهام لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالرعونة وحاشاه ذلك، مما جعل القرآن بنهى المسلمين عن هذه اللفظة المحتملة لأكثر من معنى واستخدام غيرها في قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظروا واسمعوا....." وكذلك أمرهم الله تعالى أن يدخلوا بيت المقدس بخضوع وتواضع منحنين سجداً ويدعون الله تعالى بأن يحط عنهم خطاياهم . إلا أنهم دخلوا الباب يزحفون على أستاههم وقالوا حنطة في شعيرة . قال تعالى "وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغداً واخلوا الباب سجداً وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين فبدل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون" وهم اليوم يتعاملون معنا من خلال هذه الصفة فيغيرون ويبدلون ويتلاعبون بالألفاظ حسبما يرون لهم ويتمشى مع طبائعهم الشريرة ( مقال للمشهدي – مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية( 3)

ولعل هذا الأمر تؤكده إحصائيات رسمية (4) بإشارتها إلى شح المياه في المدن والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية بمجملها, بل إن المستوطن الصهيوني بات يستهلك ستة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني صاحب الحق بالمصادر الطبيعية الذي تشكل له الينابيع أكبر مصدر مائي للري ومصدرا مهما للاستهلاك المنزلي الأمر الذي اضطر الكثير من المزارعين إلى ترك زراعة الأرض والبحث عن مصدر رزق آخر.

كما أن حصة بعض الفلسطينيين في بعض مناطق الضفة الغربية أقل بكثير مما وضعته منظمة الصحة العالمية التي تعطي الفرد مائة لتر في اليوم على أقل تقدير، لكن حال بعض اللاجئين في مناطق ج بالضفة الغربية تنطبق على نفس أحوال اللاجئين في مخيمات اللجوء في الكونغو والسودان فيما يتعلق بأوضاع المياه بالنسبة للأفراد (5) .

وعلى الرغم من ندرة المياه في فلسطين بشكل عام مقارنة بالنمو السكاني المرتفع فإن أزمة المياه بين الفلسطينيين أخذت منحى خطيرا بعد عام 1967، واتسعت الأزمة المائية لتشمل عدداً من الدول العربية، خاصة بعد سيطرة الكيان على مياه نهر الأردن والحاصباني وغيره، وفي سوريا بانياس وجبل الشيخ، كما سيطر على جميع الأحواض المائية في فلسطين.

فقد استطاع الكيان الصهيوني عبر مخططات وسياسات دؤوبة من السيطرة على 81% من حجم مصادر المياه الفلسطينية خلال الفترة (1967-2009)، حيث تشير الدراسات (6) إلى أن حجم الموارد المائية المتاحة للفلسطينيين في المنطقتين نحو (750) مليون متر مكعب سنوياً.

وعلى الرغم من وجود اتفاقية تقضي بتحويل الكيان لثمانين مليون متر مكعب من المياه في السنة للفلسطينيين، إلا أن الاحتلال تنصل منها.

وفي حين يحتاج فلسطينيو الضفة إلى 150 مليون متر مكعب سنويا من المياه، فلا يتوفر لهم سوى 50% منها (7), ومع الارتفاع المستمر لمجموع سكان الضفة والقطاع الذي وصل إلى أكثر من أربعة ملايين فلسطيني ، سيزداد الطلب على المياه، لاسيما أن الأوضاع التي خلفتها سياسات الاحتلال الصهيوني أدت إلى حدوث مشكلة صحية بسبب تلوث مصادر المياه نتيجة للسحب الزائد للمياه الذي يؤدي إلى دخول المياه العادمة إلى المياه المستعملة.

وتقع 4 ينابيع من الضفة الغربية التي تمثل ما نسبته 6% من إجمالي الينابيع في المنطقة (ب) وهي المنطقة التي تخضع للسيطرة المدنية الفلسطينية وتحت السيطرة الأمنية الإسرائيلية بالقرب من حدود منطقة (ج) بينما تقع بقية الينابيع في المنطقة( ج) التي تشكل نحو 60% من مساحة الضفة الغربية وهي خاضعة رسميا للسيطرة الأمنية والمدنية الإسرائيلية وذلك حسب سلطة المياه الفلسطينية.

إن السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه في أدت إلى جفاف جزء من الآبار الفلسطينية وتقليص كميات المياه التي يمكن استخراجها من أبار وينابيع أخرى في المنطقة, كما أن مجموع كميات المياه التي استخرجها الفلسطينيون في العام 2008 يصل إلى 31 مليون متر مكعب فقط، وهي كمية تقل بـ44% من الكمية التي استخرجها الفلسطينيون في المنطقة قبل "اتفاقية أوسلو" في العام 1995 (8) .

وتوزع التأثير السلبي لسرقة الاحتلال واستيلائه المستمر على مصادر المياه الفلسطينية على شتى مناحي الحياة اليومية للفلسطينيين, وتعدت تداعياته إلى ما هو أبعد من ذلك, ولعل النقاط (9) التي حاولنا إجمالها قد تمثل غيضا من فيض ذلك التأثير, وهي كالتالي:

تآكل سبل معيشة المزارعين المعتمدة على الزراعة, كون الينابيع هي المصدر الوحيد الأكبر للري، ومصدرا هاما لسقي الماشية, وقد أدى فقدان الوصول إلى الينابيع والأرض القريبة منها، إلى تقليص دخل المزارعين المتأثرين بهذا الأمر، إذ أصبح لزاماً عليهم إما التوقف عن زراعة الأرض، أو مجابهة الانخفاض في إنتاجية محاصيلهم.
وبالقدر نفسه، وإن يكن بدرجة أقل، فإن الينابيع تعد مصدر مياه للاستهلاك المنزلي أيضاً, سيما وأن البيوت غير متصلة بشبكات المياه، أو تصلها المياه بطريقة غير منتظمة.
زعزعة سيطرة الفلسطينيين على المنطقة (ج) في الضفة الغربية، حيث يحتفظ الكيان لنفسه هناك بسيطرة شاملة، وهذا بسبب التفاعل المكاني بين الينابيع المُستولى عليها، وبنى تحتية أخرى للمستوطنات في المنطقة كالبؤر الاستيطانية والمناطق الصناعية,كما أن وجود المستوطنين المسلحين في نقاط عدة يرهب المواطنين، ويؤدي عملياً إلى تحويل المكان الواقع بين تلك النقاط إلى مكان غير متاح للفلسطينيين.
لعب وضع اليد على الينابيع وتطويرها كمناطق جذب للسائحين دوراً هاماً في تعزيز سيطرة المستوطنين على المكان، على نحو يتجاوز بكثير الأماكن التي تم الاستيلاء عليها, وهذا ناجم عن الموقع الاستراتيجي للعديد من الينابيع نسبة إلى أماكن أخرى طوّرها المستوطنون في المنطقة نفسها.

إلا أن ذلك كله لم يمنع الكيان الصهيوني من أن يتهم تقرير الأمم المتحدة وغيره من التقارير الصادرة بهذا الشأن بأنها مشوهة ومنحازة وتحوي الكثير من الأخطاء, هذا الأسلوب الذي لم يعد غريبا على قوم تعودوا على الكذب والافتراء وسرقة حقوق الناس دون وجه حق يؤكد لنا حقيقة هذا الكيان المسخ الذي مافتئ يحارب كل ما هو مسلم وعربي بكل ما أوتي من قوة كيف لا وهم يعتبرون أن حدود دولتهم الكبرى من النيل إلى الفرات ما يوضح لنا بشكل قاطع أن أطماعهم المائية والجغرافية تتجاوز حدود فلسطين .

ولكن الأهم هنا هو أن الكيان الصهيوني سيستمر في مخططاته من أجل السيطرة على مزيد من مياه المنطقة العربية، حيث تشير الدراسات إلى أن إسرائيل تستهلك حالياً أكثر من 90% من المياه المتجددة سنوياً لأغراض الاستهلاك المختلفة المنزلية والزراعية والصناعية .

وفي ضوء احتمال اجتذاب أعداد محتملة من المهاجرين اليهود في السنوات القادمة وزيادة الطلب على المياه، من المحتمل أن ترتفع نسبة العجز المائي عندهم لتصل إلى مليار متر مكعب سنوياً، وبالتالي سيبحث الكيان عن خيارات للسيطرة على مصادر مائية عربية لتلبية حاجاته المائية (10) .

مما تقدم يتضح أن سياسات الكيان المائية إزاء الفلسطينيين في الضفة والقطاع والانفجار السكاني الرهيب مع قلة الخدمات ، جعلت شبح العطش والجوع يلوح بالأفق بين الفلسطينيين، في وقت أدارت فيه إسرائيل ظهرها لكافة القرارات والاتفاقيات الدولية وفي المقدمة منها اتفاقية جنيف لعام 1949, وهو ما يطرح تساؤلات ملحة حول الدور الحقيقي الذي يقع على عاتق الأمم المتحدة التي تتشدق بالديمقراطية وحقوق الإنسان, وحول طبيعة هذا الدور في ظل ازدواجية المعايير الواضحة التي تنتهجها هذه المنظمة, خاصة عندما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني لتذهب تلك الشعارات الرنانة أدراج الرياح.

وفي الوقت الذي غابت فيه أية خطة مواجهة حقيقية فلسطينية وعربية للحد من سرقة إسرائيل لمزيد من المياه العربية، تكثف اللجان الإسرائيلية المسئولة عن المياه نشاطها لمعركتها القادمة مع الفلسطينيين، حيث يندرج النشاط المذكور ضمن سياسة إستراتيجية لا تنفصل عن السياسة الاستيطانية الهادفة إلى بسط السيطرة على أكبر مساحة من الأرض وعلى كافة مصادر المياه وأقل عدد من السكان الفلسطينيين (11) .

ولكن يبقى السؤال الأهم ما هو الدور المنوط بالعرب والمسلمين تجاه هذه الهجمة من أجل إيقاف عملية النهب الجائرة لهذا المورد الطبيعي بكافة الوسائل والأساليب، لأنّ ذلك النهب يهدد أجيالنا ووجودنا.
-----------------------------------
المصادر

(1) تقرير مكتب تنسيق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الي الفلسطينية (اوتشا) لعام 2011 .
(2) وكالة روترز للأنباء بتاريخ .
(3) مقال للشيخ محمود المشهدي سرقة الحقوق والأسماء نهج يهودي خاص بمركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية .
(4) الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني, مسح البيئة, عام 2009 .
(5) تقرير البنك الدولي حول الشرق الأوسط بالانجليزية وتم ترجمة الفقرات من قبل مركز بيت المقدس . أبريل, 2009 .
(6) دراسة لمركز الدراسات الاستراتيجية في جامعة تل أبيب, عام 2009 .
(7) إحصائيات سلطة المياه الفلسطينية. عام 2011 .
(8) منظمة بتسليم الإسرائيلية, تقرير شامل, أيار 2011 .
(9) تقرير (أوتشا) –مصدر سابق- .
(10) منظمة بتسليم -مصدر سابق- .
(11) نبيل السهلي, مقال, الجزيرة نت , يناير 2010 .

أكاذيب أشاعها اليهود

أكاذيب أشاعها اليهود

أسامة شحادة
كعادته دوماً أهداني الصديق العزيز د. عيسى القدومي كتابه الأخير "أكاذيب أشاعها اليهود" وهو في الأصل جزء من رسالته للدكتوراه، والكتاب صدر عن مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية مطلع عام 2014، ويقع في 420 صفحة.

ويقوم الكتاب على حصر الشبهات والأكاذيب التي يروجها اليهود حول أحقيّتهم في القدس وفلسطين، وشبهاتهم حول تدني مكانة القدس في الإسلام، ومزاعمهم أن المسجد الأقصى ليس في القدس.

لكنه قبل سرد الشبهات وتفنيدها قدم بمقدمات مهمة أُلخّصها في قضيتين:

أولاً: كشف منهج التزييف الذي يمارسه اليهود والذي كان من نتائجه هذه المزاعم والأكاذيب التي فندها الكتاب، ومنهج اليهود في التزييف يقوم على طريقتين: قلب الحقائق باختراع الأكاذيب وترويجها، والسكوت وإهمال الحقائق المتعارضة مع مصالحهم.

وقد بين الله عز وجل لنا في القرآن الكريم جريمة اليهود بتحريف التوراة فقال تعالى: (وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) [آل عمران، 78]، ومن تجرأ على كلام الله تعالى بالتحريف والتزوير فجرأته على تزوير التاريخ والواقع ستكون أكثر وأكبر.

وبخلاف الشبهات والأكاذيب التي زوروا بها التاريخ فإنهم عمدوا للواقع فزوّره من خلال هدم مئات القرى الفلسطينية وتسويتها بالتراب، والبناء على أنقاضها مستعمرات ومستوطنات بأسماء عبرية، ومبالغة في التزوير يقومون ببنائها بأحجار بيوت الفلسطينيين بدون استخدام الإسمنت لخلق وهم وانطباع بقِدم هذه المستوطنات لدى العابرين من أمم الأرض لزيارة فلسطين!!

ثانياً: استعرض د. القدومي كتابات وجهود المشككين بمكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، وهم أربعة أصناف:

1-المستشرقون اليهود، وهذا جانب يغفل عنه كثير من الناس، فاليهود كان لهم منذ نشأة الإسلام جهود خبيثة لضرب الإسلام وتشويهه، سواء بشكل مباشر، كما يتضح ذلك حين سأل كفار قريش كعباً بن الأشرف اليهودي: من أفضل نحن أم محمد؟ فأجابهم: إنكم يا كفار قريش أفضل من محمد وأصحابه، فأنزل الله تعالى قوله: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا) [النساء، 51]، أو بشكل غير مباشر كما قال تعالى: (وقالت طائفة من أهل الكتاب آمِنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون) [آل عمران، 72]، ثم رأينا دور عبدالله بن سبأ اليهودي وأمثاله في الاندساس بين صفوف المسلمين وتأليب الناس في مصر والعراق على الخليفة الثالث عثمان بن عفان، حتى قتلوه، ثم بدأ ابن سبأ بنشر بعض العقائد اليهودية بين المسلمين لكنه كساها حلة إسلامية، فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي بن أبى طالب بالخلافة من بعده كما أوصى موسى بن عمران ليوشع، ومن هنا نشأت وبدأت مسيرة فرقة الشيعة.

ولا يزال اليهود لليوم يمارسون هذا الدور المعادي للإسلام عبر جحافل المستشرقين اليهود، الذين يتخصصون في التراث والتاريخ الإسلامي ويمارسون دورهم الخبيث عبر جامعات إسرائيل العبرية أو الجامعات الغربية، ولهم تحقيقات لبعض كتب التراث الإسلامي، ودراسات ومقالات ومواقع إنترنت.

ومن أمثلة هؤلاء اليهود المستشرقين:

* د. بوهل المتخصص في النحو العربي وتاريخ اللغة، وهو يهودي يحمل الجنسية الدنماركية، وله كتاب عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وترجمة معاني بعض أجزاء من القرآن الكريم للغة الدنماركية.

* د. إسحاق حسون، وهو محقق كتاب "فضائل بيت المقدس" لأبي بكر الواسطي سنة 1969، وقد حصل على درجة الدكتوراه بهذا التحقيق من الجامعة العبرية.

* الباحثة حوا لاتسروس يافه، تعمل في الجامعة العبرية وهي متخصصة في الدراسات الإسلامية، اهتمت بدراسة الخليفة الفاروق منذ الثمانينات، ولها أبحاث وكتب عدة حول الإسلام وتاريخ القدس، وقد أورد د. عيسى أسماء أخرى للمستشرقين اليهود لا يسع المقام استعراضهم.

وأغلب أبحاث هؤلاء اليهود وغيرهم تدور حول القدس فلهم اهتمام كبير بدراسة التراث الإسلامي حولها، لكنه يتقصدون إخراج منتج يزعم أن المسجد الأقصى لا قيمة له في الإسلام وأن الأمويين هم من جعل للقدس هذه المكانة لتكون بديلاً عن مكة!!

وهؤلاء الباحثون لا يقتصر عملهم على الجانب الأكاديمي بل كثير منهم ينخرط في مؤسسات الدولة السياسية والأمنية، فالمستشرق يتسحاق أورون والباحث تسفي لنير ترأس كل منهما مركز البحوث السياسية بوزارة الخارجية، أما المستشرق تسفي البيلغ أصبح حاكماً عسكرياً خمس مرات، وشغل كل من يهوشفاط هو كابي و شلومو غازيت منصب رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية، وهكذا.

وقد وضعت الدولة الإسرائيلية تحت تصرفهم إمكانات غير محدودة، مما جعلهم ينتجون دراسات وأبحاث كثيرة لصالح إسرائيل، وهي على نوعين: نوع لاستخدام إسرائيل وتحتوي على حقائق وتوصيات لكيفية التعامل مع الفلسطينيين والعرب والمسلمين بمختلف شرائحهم.

والنوع الثاني للدعاية لإسرائيل في الداخل والخارج، وهذه تحشى بالأكاذيب والافتراءات بحرفية وإتقان عاليين.

2- من المشكّكين في مكانة القدس والمسجد الأقصى، عدد من العلمانيين سماهم المؤلف "العلمانيين الجدد"، وقد كشف العدوان الإسرائيلي على غزة في 2014 عددا كبيرا من هؤلاء العلمانيين. وهم في الحقيقة يرددون شبهات ومزاعم اليهود، ولعل المنطلق لهم في ذلك هو كرههم للتيار الإسلامي، بل كرههم للإسلام نفسه بدافع من منطلقاتهم الإلحادية وخاصة الماركسيين منهم، وهؤلاء موجودون دوما لكن حين تضعف الأمة يمكنهم المجاهرة بوقاحتهم، ويكفي أن وزارة الخارجية الإسرائيلية تحتفي بمقالاتهم وتعيد نشرها على موقعها الإلكتروني، وهم عابرون لكل الجنسيات العربية بل منهم فلسطينيون عملاء مثل شاكر النابلسي، الذي فسر الغاية من استقبال النبي صلى الله عليه وسلم لبيت المقدس في الصلاة بزعزعة مكانة مكة الاقتصادية بتحويل العرب عنها!! في استخفاف بمكانة بيت المقدس الدينية عبر تاريخ البشرية كله من لدن آدم مرورا بعشرات الأنبياء عليهم السلام جميعاً.

3- ومن المشككين بمكانة الأقصى والقدس عند المسلمين الماسونية والماسونيون، وقد صرح أمين القدس الأسبق السيد روحي الخطيب أنه تلقى من بعض الماسونيين الأمريكان رسالة في ستينيات القرن الماضي يقترحون فيها شراء أرض المسجد الأقصى أو بعضه لإقامة الهيكل المزعوم، ولا تزال هناك جهود ماسونية محمومة لإعادة بناء الهيكل منها إنشاء "غرفة القدس الماسونية" سنة 1995 في جوار الأقصى لهذه الغاية.

4-من المشككين في مكانة الأقصى بعض الفرق الباطنية المنسوبة للإسلام، ففرقة القاديانية أو الجماعة الأحمدية – التي أصدر المؤتمر الإسلامي قرارا بخروجها عن ملة الإسلام والتي تجعل من مؤسسها ميرزا غلام أحمد نبياً بعد النبي محمد عليه الصلاة والسلام وتكفّر من لم يؤمن به-، تزعم أن المسجد الأقصى ليس في القدس بل هو مسجد الميرزا في بلدة قاديان في الهند!!

أما البهائية والتي تفوقت على القاديانية حيث لم تكتفِ بنسبة النبوة لمؤسسها بل تجاوزت ذلك فجعلته الإله المعبود! وجعلوا من قبره في مدينة عكا القبلة والمسجد الأقصى!

ولذلك يحظى القاديانيون والبهائيون بدعم ورعاية دولة إسرائيل على أعلى المستويات.

أما الدروز فمشاركتهم في الجيش اليهودي قضية معروفة بل تعد الكتيبة الدرزية من أشرس كتائب الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وقد كان مرافقو شارون في اقتحام الأقصى من الدروز كما كان قائد اقتحام حي الشجاعية في غزة قبل أسابيع درزيا أيضاً، لكن هناك من الدروز من يدعو لرفض الدخول في الجيش الإسرائيلي.

ويبقى عندنا الشيعة الذين يجعلون المسجد الأقصى في السماء وليس في القدس في الأرض، بناء على روايات شيعية في كتبهم، ولا تزال هذه الروايات متداولة في كتبهم الحديثة، بل إن أحد هذه الكتب نال جائزة الدولة الإيرانية التقديرية، وسلم الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد بنفسه المؤلف الجائزة!!

أما الشبهات التي رصدها د. عيسى في أطروحته والتي استغرقت نصف الكتاب تقريبا، فقد قسمها لثلاثة أقسام:

1-شبهات ومزاعم اليهود الدينية في القدس والمسجد الأقصى، وتتمثل في الزعم أن المسلمين بنوا المسجد الأقصى على أنقاض الهيكل المزعوم، وأن حائط المبكى هو الجزء الباقي من الهيكل، وأن لليهود حقا دينيا في القدس والأقصى وأن القرآن يؤكد حق اليهود بالقدس، وأن تحويل القبلة من بيت المقدس لمكة أنهى ارتباط الإسلام والمسلمين بالقدس.

2-شبهات ومزاعم اليهود التاريخية في القدس والمسجد الأقصى، وتتمثل في زعمهم أن لهم حقا تاريخيا في القدس والأقصى، وأن لليهود تاريخا عريقا هناك، وأن فلسطين كانت أرضا بلا شعب، وأن فلسطين والقدس باعهما الفلسطينيون والعرب واشتراهما اليهود.

3- شبهات ومزاعم اليهود حول مكانة القدس والمسجد الأقصى عند المسلمين، وتتمثل في زعمهم أن علماء المسلمين أنكروا قداسة القدس وحذروا من الأحاديث المكذوبة في فضل الأقصى، وأنهما لم يكن لهما دور حضاري ثقافي في التاريخ الإسلامي، وأن الأمويين هم الذين أسبغوا القداسة على القدس، وأن المسجد الأقصى مسجد في السماء وليس في الأرض.

وقد أطال المؤلف النفس في الرد على هذه الشبهات والمزاعم، ويجب على كل دارس ومهتم أن يطالع الكتاب ويدرس الردود العلمية والموضوعية على هذه المزاعم اليهودية، خاصة في هذه المرحلة التي اشتعل فيها الصراع مجدداً مع اليهود، مما يلزم معه حشد كل الطاقات الشعبية خلف المقاومة، وذلك بعد سنوات طويلة استطاعت إسرائيل فيها حجب الوعي بحقيقة القضية الفلسطينية عن عقول كثير من الشعوب والأجيال العربية بمن فيهم الفلسطينيون، وذلك عبر خيارات سياسية سلمية أسقطت كل البدائل الأخرى، وعبر سياسات تعليمية وإعلامية أعلت من شأن الترفيه والمتعة والجري خلف المظاهر الاستهلاكية والعادات الوافدة، فأفرزت جيلا فقد بوصلة الوعي بقضية فلسطين، ولكن والحمد لله لم يفقد كليا العاطفة تجاه فلسطين.

ومن هنا يجب على كل المخلصين والشرفاء العمل على رفع وتوجيه العواطف الجياشة من الشباب العربي والمسلم نحو فلسطين لتصبح حالة وعي وإدراك وانتماء ومشاركة إيجابية، خاصة وأنها الحالة العاطفية التي تجمع بين عواطف التضامن مع الشهداء والجرحى والمهجرين وبين عواطف العزة والانتصار والبطولة والشرف