أطماع دولة الإحتلال الصهيوني في المياه العربية
المياه حلم صهيوني قديم لا يقل ارتباط قيام دولة اليهود به عن حلمهم في بناء الهيكل . فالعلم الإسرائيلي وهو تلك المساحة البيضاء يحددها شريطان متوازيان باللون وتسبح بينهما نجمة داود - يرمزان إلى نهر النيل و الفرات و هما حدود وطنهم الحلم عندما يغرق غلاتهم بالأوهام - فقد كتبوا على صدر جدار الكنيست - حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل .
ولم يكن الهدف الاقتصادي البحت هو موجة تخطيطهم لمستقبل المياه العربية فما من نهر أو بحيرة ماء في فلسطين و جنوب سورية و لبنان - إلا وترتبط في مخيلتهم بنص توراتي وفهم تلمودي لمعركة حربية خاضها أحد قادتهم ضد (الجوييم) الأمم الأخرى . فالمياه لا يقل وهجها الديني عن حجارة الهيكل وأعمدته .
لقد ارتبط البحر الميت ونهر الأردن والليطاني ووادي اليرموك والشريعة بأحلامهم التوسعية من وجهة نظر دينية بحتة ولهذا سعى ساستهم وفلاسفتهم إلى ربط - الأيديولوجية اليهودية بمرتكز جغرافي يعتمد على المياه كإحدى وسائل تغيير معالم الأرض وطبيعتها الجغرافية.
(ليس ممكنًا تغيير وجه التاريخ بواسطة مكبرات الصوت أما تغيير الجغرافيا فيكفيه التحكم بالمياه خصوصًا عندما تكون مهدورة كما في جنوب لبنان) - نوام شوسكي .
ويقول - الياهو بن اليسار - (إن العرب استوطنوا الشرق الأوسط وأذعنوا لخريطته الجغرافية والجيولوجية وعندما توغلنا نحن في الأراضي الجديدة كان لابد من تغيير المكان وتثمير الطبيعة بشكل خلاق فأية استعادة للتاريخ لا تتم إلا من خلال الضغط الشديد على الجغرافيا).
ويأتي الحديث عن المياه - في وقت بدأ العالم يدرك فيه أهمية المياه في التقنية والحياة بل هو الحياة نفسها فقد أصبح الماء حديث البشر في الثمانينات حيث قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن عقد الثمانينات هو العقد الدولي لتوفير مياه الشرب والمرافق الصحية - في عالم اليوم يموت سنويًا 25 مليون إنسان بسبب نقص المياه أو تلوثها - وتطالعنا إحصائيات العالم بأرقام مذهلة فمقابل كل لتر من الماء نستهلكه لحاجات الآدمي نحتاج إلى 12 لتر ماء لأغراض الزراعة كما يحتاج إنتاج لتر نفط واحد إلى 12 لترًا من الماء أيضًا . فالماء ليس ضروريًا للشرب بالري الزراعي بل أصبح أساسيًا في الصناعة والتنمية . إننا نضع أنفسنا على بداية نهاية المقولة الاقتصادية - إن الماء سلعة حرة لا ثمن لها أو هو طيبة مبذولة بوفرة لا تعرف الندرة الاقتصادية . فلا عجب أن تكون المياه شكلًا متميزًا للصراع العربي الإسرائيلي عبر تاريخه الذي استغرق نصف القرن المنصرم .
إن مطامع اليهود التوسعية كانت وما زالت تحلم بالوصول إلى السيطرة على ثلاث مناطق زراعية هامة وهي :
1 - سهل حوران الكبير الممتد شمالًا و جنوبًا بين الزرقاء - و دمشق و يضم بين ثناياه - البلقاء الأردنية و جبال اللجاة و إلى أن يتصل هذا السهل غربًا بالغور الانهدامي - و الجولان و الحمة - و مجرى اليرموك و الشريعة و هو ما يجسده - وادي الأردن .
2 - جبل الشيخ وهو أبو مياه فلسطين و لا بد لتحقيق أمن دولة يهود من السيطرة عليه لتأمين موارد المياه الضرورية لقيام الحياة في دولة يهود .
3 - جنوب لبنان بكل ما يحتويه من ينابيع و أنهار حيث تشكل هذه المنطقة منبع مياه فلسطين كلها فمن سفوح جبل الشيخ والحرمون تذوب الثلوج وتتفجر الينابيع التي يجري منها نهر الأردن و الليطاني وغيرهما من الأودية التي شهدت منذ نشوب الحرب اللبنانية الصراع المر للسيطرة اليهودية على هذه المياه .
وهذا الاهتمام الشديد يعود في نظر دولة يهود إلى اعتبار ديني أولًا واقتصادي ثانيًا بالإضافة إلى أثر هذه المناطق في أمن دولة يهود خلال حدودهما الآتية وأطماعها المستقبلية .
وليس جديدًا على دولة يهود اهتمامها بالمياه اللبنانية فمنذ عام 1919م طالب هربرت صموئيل - أول مندوب بريطاني على فلسطين - بإدخال ضفتي نهر الليطاني ضمن حدود الوطن القومي الذي تحدث عنه وعد بلفور - بالإضافة إلى منابع الأردن قرب راشيا وتقول المذكرة الصهيونية المقدمة لمؤتمر فرساي - (إن حدود فلسطين تتبع منابع المياه في سلسلة جبال لبنان حتى جسر - القرعون - فالبيرة - وتتبع الخط الفاصل بين حوض وادي القرن ووادي التيم - ثم إلى اتجاه جنوبي يتبع الخط الفاصل بين المنحدرات الشرقية والغربية لجبل الشيخ) [1] .
وادي الأردن :
هو الجزء المنخفض من الأرض الفاصلة بين فلسطين غربًا وشرق الأردن وسورية شرقًا ويتصل شمالاً بالحدود السورية واللبنانية وينتهي جنوبًا - بوادي العربة - الممتد إلى خليج العقبة وفي الطرف الشمالي- ترتفع الأرض في جبل حرمون 1300 قدم عن سطح الحر لتنخفض تدريجيًا حتى 1286 قدمًا تحت سطح البحر عند البحر الميت وينقسم الوادي إلى ثلاثة أقسام :
1- القسم الشمالي - وفيه منابع النهر حتى بحيرة الحولة .
2- الأوسط ويشمل بحيرة طبرية وجنوبها بقليل .
3- الجنوبي حتى البحر الميت .
وفي القسم الشمالي يوجد عدة روافد للأردن من أهمها نهر الحاصباني و نهر بانياس و نهر دان ويسير نهر الأردن من مياه روافده الثلاثة مارًا ببحيرة الحولة التي جففت ثم يصب في بحيرة طبرية التي تقع للشرق من مرتفعات حطين التي شهدت هزيمة الصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبي كما شهدت مرور المسيح عليه السلام في نهر الأردن - و بعد طبرية يلتقي النهر برافده - اليرموك - الذي يأخذ مياهه من وادي الحرير والرقاد السوريين و يشكل اليرموك حدًا بين سورية والأردن . وفي الأرض الأردنية يرفد الأردن روافد متعددة صغيرة . حتى يصب أخيرًا في البحر الميت .
و في زمن الانتداب البريطاني تعرض الأردن لمشاريع متعددة تخدم أهداف اليهود المستقبلية وبعد سيطرة الإنجليز على امتياز البوتاس في البحر الميت أوفدت بريطانيا مهندسًا انجليزياً خبيرًا للقيام بأعمال المساحة المائية في فلسطين 1937م (أيو نيدس) الذي قدم مشروعًا مصنفًا رفضه اليهود بشدة تمهيدًا لمشروع - لودر ملك Lowder milk - اليهودي الأمريكي الذي قدم عام 1939 مشروعًا يهوديًا للاستيلاء على مياه الأردن من المنبع إلى المصب مع الاستيلاء على روافده وعلى مياه الليطاني كما اقترح تجفيف الحولة و إحداث بحيرة صناعية قرب الناصرة لضخ المياه إلى النقب .
وفي عام 1943م جاء يهودي أمريكي آخر هو - هيز - فقدم مشروعًا بتحويل الفائض من أنهار الحاصباني و اليرموك و بانياس بقنوات و خزانات إلى مرج ابن عامر و النقب كما اقترح حفر قناة تصل البحر المتوسط بالبحر الميت لتوليد الطاقة الكهربائية و بالرغم من موت المشروع في زمنه إلا أن إجراءات إسرائيل الحالية تؤكد احتفاظها بتلك الأفكار والاستفادة منها .
بعد عام 1948- قيام دولة يهود :
أوفدت أمريكا بعد عام 1949م لجنة يرأسها - جوردون كلاب - تسمى لجنة الاستقصاء الاقتصادي في الشرق الأوسط - درست وأبرزت المستودعات اليهودية السابقة التي قدمها - لودر ملك - سابقًا - وحاولت الأمم المتحدة بوحي الصهيونية تنسيق مشروعات عربية يهودية بهدف استغلال المياه وتأمين وكالة غوث اللاجئين التي تدعي شئون الشعب المشرد واستمرت دولة يهود تنفذ مشروعاتها فبدأت بتجفيف - الحولة - وأصبحت أرضها صالحة للزراعة ثم ظهر مستودع اليرموك 1952 - برعاية - بنجرا الأمريكي - والذي يتضمن بناء سد المقارن - على اليرموك الذي عرف في الأردن بسد خالد بن الوليد - الذي دمره اليهود بعد حرب 1967م .
وفشل مشروع - بنجر - ليظهر مشروع - إريك جونستون - 1953 - الذي رفضه العرب لأسباب فنية و بدلًا من اقتراح تخزين مياه اليرموك في طبرية - نفذ مشروع سد - خالد بن الوليد - و إنشاء سدود أخرى على روافد الأردن اللبنانية .
وفي حين تعثرت المشاريع العربية للاستفادة من الأردن وروافده - وضعت دولة يهود مشروعها المسمى مشروع السنوات السبع 1953 -1960 - يتضمن تأمين 520 مليون متر مكعب من مياه الأردن وروافده - على الشكل التالي :
120 مليون م 3 - تجفيف وري الحولة .
320 مليون م 3 - مياه محولة عند جسر بنات يعقوب قبل بحيرة طبرية لتصل إلى النقب (مشروع النقب الأردن) .
80 مليون م 3 - مياه محولة بقنوات مسحوبة من طبرية إلى سهل بيان .
وجرى على مشروع السبع سنوات عدة تعديلات زادت في سرقة المياه العربية وبالرغم من منع سورية تحويل ممر النهر عند جسر بنات يعقوب حيث تقع المنطقة في أرض محايدة و لكن دولة يهود مضت في مشروعها حتى بدأت بالتنفيذ عام 1963 و كان ذلك سبب انعقاد أول قمة عربية لمنع تحويل مجرى النهر و لا شك أن دولة يهود تعلم أن مياه الدنيا لا تكفي لإرواء النقب و لكنها تسعى لاستصلاح بعض أرضه وبناء مستعمرات تضم بعض المستوطنين اليهود وتهدف أولًا لحرمان العرب من مياهم [2] .
مياه جنوب لبنان :
تتضارب الأنباء عن تحويل مياه الليطاني وجرها إلى دولة يهود وإذا لم يكن ذلك حاصلًا فهو في طريقه إلى الحصول - فالجنوب اللبناني أصبح منطقة عسكرية ملغمة ويسعى اليهود إلى ضخ مياه الليطاني والحاصباني باتجاه منطقة الجليل شمالي فلسطين - فالاجتياح اليهودي عام 1982 تحت شعار - حماية أمن الجليل كان يسعى في إطار الأمن للحصول على المياه اللازمة لتحويل دولة يهود إلى دولة صناعية توفر المياه لإكثار المساحة الخضراء .
لقد شاهد المواطنون الجرافات والبلدوزرات تحفر في تخوم - قرى بدياس ورحال وجوبا والقاسمية وفي حركة نشطه لضخ مياه الليطاني والحاصباني في أقنية تحت الأرض فهناك نفق يقذف بالمياه في مرحلتها الأولى إلى مرج ابن عامر ومن ثم يصار إلى إيصالها إلى النقب .
لتمكين مليوني يهودي جديد من إعمار النقب ورفد العنصر البشري لدولة الكيان الصهيوني ( في فندق شيراتون تل أبيب لوحة علقت على أحد الجدران تمثل قبائل إسرائيلية قديمة على ضفاف الليطاني) وقد حققت إسرائيل حلمها المرسوم خلال عام 1982 م وهي تسعى الآن إلى تفريغ الجنوب اللبناني من سكانه لتتمكن من جر مياه الليطاني وتحطيم سد - القرعون - الذي بني للاستفادة من مياه النهر وتأمين مياه الشرب للبقاع والجنوب اللبناني - كما يسعى ساسة إسرائيل لإقامة بحيرة صناعية كبيرة في شمال فلسطين تغذيها مياه الليطاني وتجر مياهها إلى صحراء النقب في المستقبل و قد بدأ فعلاً بحفر قناة بشكل نفق قرب بحيرة - القرعون - ما بين دير ميماس و كفر كلا الحدودية بهدف جر مياه الليطاني .
إن زراعة صحراء النقب . هو قميص عثمان الذي يتذرع به اليهود للأوساط الغربية بحجة أنهم يحيون الصحراء ولكن الدراسات الجادة تؤكد أن زراعة النقب وهم وخيال يحتاج إلى كميات هائلة من المياه ولكن لا ييأس اليهود من زراعة ولو أمتار معدودة من هذه الصحراء الشاسعة .
قناة البحرين :
طرحت في إسرائيل فكرة تتمثل في شق قناة تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الميت وتقام على جوانب القناة محطات حرارية لتوليد الكهرباء وتبلغ كلفة المشروع 1.4 مليار دولار وتقوم الفكرة على الاستفادة من الفرق بين مستوى سطح البحر المتوسط والميت حيث ثبت أن المتوسط يرتفع بمستواه عن البحر الميت بما يقرب 402م مما يسهل إقامة مجمع لتوليد الطاقة الكهربائية في بعض الأماكن - حيث يبلغ الانحدار ما يقارب 1300 قدم وهذا المشروع الخطير لو نفذ فعلًا فسيكون كارثة مدمرة للاقتصاد الأردني حيث يبدأ الغمر التدريجي لمنشآت البوتاس الأردنية والأراضي الزراعية المحيطة .
خطوط عريضة:
* لقد ارتبطت بحار وأنهار فلسطين بأحلام اليهود التوسعية من وجهة نظر دينية بحته .
* ما زالت مطامع اليهود تحلم بالوصول إلى السيطرة على ثلاث مناطق زراعية : سهلية وجبلية داخل فلسطين وخارجها .
* الاجتياح اليهودي للبنان كان يسعى للحصول على المياه اللازمة لتحويل دولة يهود إلى دولة صناعية .
إن مشروع القناة بين البحر المتوسط والبحر الميت ، أمر خطير لو نفذ ، فسيكون كارثة مدمرة للاقتصاد والأراضي في الأردن .
المياه حلم صهيوني قديم لا يقل ارتباط قيام دولة اليهود به عن حلمهم في بناء الهيكل . فالعلم الإسرائيلي وهو تلك المساحة البيضاء يحددها شريطان متوازيان باللون وتسبح بينهما نجمة داود - يرمزان إلى نهر النيل و الفرات و هما حدود وطنهم الحلم عندما يغرق غلاتهم بالأوهام - فقد كتبوا على صدر جدار الكنيست - حدودك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل .
ولم يكن الهدف الاقتصادي البحت هو موجة تخطيطهم لمستقبل المياه العربية فما من نهر أو بحيرة ماء في فلسطين و جنوب سورية و لبنان - إلا وترتبط في مخيلتهم بنص توراتي وفهم تلمودي لمعركة حربية خاضها أحد قادتهم ضد (الجوييم) الأمم الأخرى . فالمياه لا يقل وهجها الديني عن حجارة الهيكل وأعمدته .
لقد ارتبط البحر الميت ونهر الأردن والليطاني ووادي اليرموك والشريعة بأحلامهم التوسعية من وجهة نظر دينية بحتة ولهذا سعى ساستهم وفلاسفتهم إلى ربط - الأيديولوجية اليهودية بمرتكز جغرافي يعتمد على المياه كإحدى وسائل تغيير معالم الأرض وطبيعتها الجغرافية.
(ليس ممكنًا تغيير وجه التاريخ بواسطة مكبرات الصوت أما تغيير الجغرافيا فيكفيه التحكم بالمياه خصوصًا عندما تكون مهدورة كما في جنوب لبنان) - نوام شوسكي .
ويقول - الياهو بن اليسار - (إن العرب استوطنوا الشرق الأوسط وأذعنوا لخريطته الجغرافية والجيولوجية وعندما توغلنا نحن في الأراضي الجديدة كان لابد من تغيير المكان وتثمير الطبيعة بشكل خلاق فأية استعادة للتاريخ لا تتم إلا من خلال الضغط الشديد على الجغرافيا).
ويأتي الحديث عن المياه - في وقت بدأ العالم يدرك فيه أهمية المياه في التقنية والحياة بل هو الحياة نفسها فقد أصبح الماء حديث البشر في الثمانينات حيث قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن عقد الثمانينات هو العقد الدولي لتوفير مياه الشرب والمرافق الصحية - في عالم اليوم يموت سنويًا 25 مليون إنسان بسبب نقص المياه أو تلوثها - وتطالعنا إحصائيات العالم بأرقام مذهلة فمقابل كل لتر من الماء نستهلكه لحاجات الآدمي نحتاج إلى 12 لتر ماء لأغراض الزراعة كما يحتاج إنتاج لتر نفط واحد إلى 12 لترًا من الماء أيضًا . فالماء ليس ضروريًا للشرب بالري الزراعي بل أصبح أساسيًا في الصناعة والتنمية . إننا نضع أنفسنا على بداية نهاية المقولة الاقتصادية - إن الماء سلعة حرة لا ثمن لها أو هو طيبة مبذولة بوفرة لا تعرف الندرة الاقتصادية . فلا عجب أن تكون المياه شكلًا متميزًا للصراع العربي الإسرائيلي عبر تاريخه الذي استغرق نصف القرن المنصرم .
إن مطامع اليهود التوسعية كانت وما زالت تحلم بالوصول إلى السيطرة على ثلاث مناطق زراعية هامة وهي :
1 - سهل حوران الكبير الممتد شمالًا و جنوبًا بين الزرقاء - و دمشق و يضم بين ثناياه - البلقاء الأردنية و جبال اللجاة و إلى أن يتصل هذا السهل غربًا بالغور الانهدامي - و الجولان و الحمة - و مجرى اليرموك و الشريعة و هو ما يجسده - وادي الأردن .
2 - جبل الشيخ وهو أبو مياه فلسطين و لا بد لتحقيق أمن دولة يهود من السيطرة عليه لتأمين موارد المياه الضرورية لقيام الحياة في دولة يهود .
3 - جنوب لبنان بكل ما يحتويه من ينابيع و أنهار حيث تشكل هذه المنطقة منبع مياه فلسطين كلها فمن سفوح جبل الشيخ والحرمون تذوب الثلوج وتتفجر الينابيع التي يجري منها نهر الأردن و الليطاني وغيرهما من الأودية التي شهدت منذ نشوب الحرب اللبنانية الصراع المر للسيطرة اليهودية على هذه المياه .
وهذا الاهتمام الشديد يعود في نظر دولة يهود إلى اعتبار ديني أولًا واقتصادي ثانيًا بالإضافة إلى أثر هذه المناطق في أمن دولة يهود خلال حدودهما الآتية وأطماعها المستقبلية .
وليس جديدًا على دولة يهود اهتمامها بالمياه اللبنانية فمنذ عام 1919م طالب هربرت صموئيل - أول مندوب بريطاني على فلسطين - بإدخال ضفتي نهر الليطاني ضمن حدود الوطن القومي الذي تحدث عنه وعد بلفور - بالإضافة إلى منابع الأردن قرب راشيا وتقول المذكرة الصهيونية المقدمة لمؤتمر فرساي - (إن حدود فلسطين تتبع منابع المياه في سلسلة جبال لبنان حتى جسر - القرعون - فالبيرة - وتتبع الخط الفاصل بين حوض وادي القرن ووادي التيم - ثم إلى اتجاه جنوبي يتبع الخط الفاصل بين المنحدرات الشرقية والغربية لجبل الشيخ) [1] .
وادي الأردن :
هو الجزء المنخفض من الأرض الفاصلة بين فلسطين غربًا وشرق الأردن وسورية شرقًا ويتصل شمالاً بالحدود السورية واللبنانية وينتهي جنوبًا - بوادي العربة - الممتد إلى خليج العقبة وفي الطرف الشمالي- ترتفع الأرض في جبل حرمون 1300 قدم عن سطح الحر لتنخفض تدريجيًا حتى 1286 قدمًا تحت سطح البحر عند البحر الميت وينقسم الوادي إلى ثلاثة أقسام :
1- القسم الشمالي - وفيه منابع النهر حتى بحيرة الحولة .
2- الأوسط ويشمل بحيرة طبرية وجنوبها بقليل .
3- الجنوبي حتى البحر الميت .
وفي القسم الشمالي يوجد عدة روافد للأردن من أهمها نهر الحاصباني و نهر بانياس و نهر دان ويسير نهر الأردن من مياه روافده الثلاثة مارًا ببحيرة الحولة التي جففت ثم يصب في بحيرة طبرية التي تقع للشرق من مرتفعات حطين التي شهدت هزيمة الصليبيين على يد صلاح الدين الأيوبي كما شهدت مرور المسيح عليه السلام في نهر الأردن - و بعد طبرية يلتقي النهر برافده - اليرموك - الذي يأخذ مياهه من وادي الحرير والرقاد السوريين و يشكل اليرموك حدًا بين سورية والأردن . وفي الأرض الأردنية يرفد الأردن روافد متعددة صغيرة . حتى يصب أخيرًا في البحر الميت .
و في زمن الانتداب البريطاني تعرض الأردن لمشاريع متعددة تخدم أهداف اليهود المستقبلية وبعد سيطرة الإنجليز على امتياز البوتاس في البحر الميت أوفدت بريطانيا مهندسًا انجليزياً خبيرًا للقيام بأعمال المساحة المائية في فلسطين 1937م (أيو نيدس) الذي قدم مشروعًا مصنفًا رفضه اليهود بشدة تمهيدًا لمشروع - لودر ملك Lowder milk - اليهودي الأمريكي الذي قدم عام 1939 مشروعًا يهوديًا للاستيلاء على مياه الأردن من المنبع إلى المصب مع الاستيلاء على روافده وعلى مياه الليطاني كما اقترح تجفيف الحولة و إحداث بحيرة صناعية قرب الناصرة لضخ المياه إلى النقب .
وفي عام 1943م جاء يهودي أمريكي آخر هو - هيز - فقدم مشروعًا بتحويل الفائض من أنهار الحاصباني و اليرموك و بانياس بقنوات و خزانات إلى مرج ابن عامر و النقب كما اقترح حفر قناة تصل البحر المتوسط بالبحر الميت لتوليد الطاقة الكهربائية و بالرغم من موت المشروع في زمنه إلا أن إجراءات إسرائيل الحالية تؤكد احتفاظها بتلك الأفكار والاستفادة منها .
بعد عام 1948- قيام دولة يهود :
أوفدت أمريكا بعد عام 1949م لجنة يرأسها - جوردون كلاب - تسمى لجنة الاستقصاء الاقتصادي في الشرق الأوسط - درست وأبرزت المستودعات اليهودية السابقة التي قدمها - لودر ملك - سابقًا - وحاولت الأمم المتحدة بوحي الصهيونية تنسيق مشروعات عربية يهودية بهدف استغلال المياه وتأمين وكالة غوث اللاجئين التي تدعي شئون الشعب المشرد واستمرت دولة يهود تنفذ مشروعاتها فبدأت بتجفيف - الحولة - وأصبحت أرضها صالحة للزراعة ثم ظهر مستودع اليرموك 1952 - برعاية - بنجرا الأمريكي - والذي يتضمن بناء سد المقارن - على اليرموك الذي عرف في الأردن بسد خالد بن الوليد - الذي دمره اليهود بعد حرب 1967م .
وفشل مشروع - بنجر - ليظهر مشروع - إريك جونستون - 1953 - الذي رفضه العرب لأسباب فنية و بدلًا من اقتراح تخزين مياه اليرموك في طبرية - نفذ مشروع سد - خالد بن الوليد - و إنشاء سدود أخرى على روافد الأردن اللبنانية .
وفي حين تعثرت المشاريع العربية للاستفادة من الأردن وروافده - وضعت دولة يهود مشروعها المسمى مشروع السنوات السبع 1953 -1960 - يتضمن تأمين 520 مليون متر مكعب من مياه الأردن وروافده - على الشكل التالي :
120 مليون م 3 - تجفيف وري الحولة .
320 مليون م 3 - مياه محولة عند جسر بنات يعقوب قبل بحيرة طبرية لتصل إلى النقب (مشروع النقب الأردن) .
80 مليون م 3 - مياه محولة بقنوات مسحوبة من طبرية إلى سهل بيان .
وجرى على مشروع السبع سنوات عدة تعديلات زادت في سرقة المياه العربية وبالرغم من منع سورية تحويل ممر النهر عند جسر بنات يعقوب حيث تقع المنطقة في أرض محايدة و لكن دولة يهود مضت في مشروعها حتى بدأت بالتنفيذ عام 1963 و كان ذلك سبب انعقاد أول قمة عربية لمنع تحويل مجرى النهر و لا شك أن دولة يهود تعلم أن مياه الدنيا لا تكفي لإرواء النقب و لكنها تسعى لاستصلاح بعض أرضه وبناء مستعمرات تضم بعض المستوطنين اليهود وتهدف أولًا لحرمان العرب من مياهم [2] .
مياه جنوب لبنان :
تتضارب الأنباء عن تحويل مياه الليطاني وجرها إلى دولة يهود وإذا لم يكن ذلك حاصلًا فهو في طريقه إلى الحصول - فالجنوب اللبناني أصبح منطقة عسكرية ملغمة ويسعى اليهود إلى ضخ مياه الليطاني والحاصباني باتجاه منطقة الجليل شمالي فلسطين - فالاجتياح اليهودي عام 1982 تحت شعار - حماية أمن الجليل كان يسعى في إطار الأمن للحصول على المياه اللازمة لتحويل دولة يهود إلى دولة صناعية توفر المياه لإكثار المساحة الخضراء .
لقد شاهد المواطنون الجرافات والبلدوزرات تحفر في تخوم - قرى بدياس ورحال وجوبا والقاسمية وفي حركة نشطه لضخ مياه الليطاني والحاصباني في أقنية تحت الأرض فهناك نفق يقذف بالمياه في مرحلتها الأولى إلى مرج ابن عامر ومن ثم يصار إلى إيصالها إلى النقب .
لتمكين مليوني يهودي جديد من إعمار النقب ورفد العنصر البشري لدولة الكيان الصهيوني ( في فندق شيراتون تل أبيب لوحة علقت على أحد الجدران تمثل قبائل إسرائيلية قديمة على ضفاف الليطاني) وقد حققت إسرائيل حلمها المرسوم خلال عام 1982 م وهي تسعى الآن إلى تفريغ الجنوب اللبناني من سكانه لتتمكن من جر مياه الليطاني وتحطيم سد - القرعون - الذي بني للاستفادة من مياه النهر وتأمين مياه الشرب للبقاع والجنوب اللبناني - كما يسعى ساسة إسرائيل لإقامة بحيرة صناعية كبيرة في شمال فلسطين تغذيها مياه الليطاني وتجر مياهها إلى صحراء النقب في المستقبل و قد بدأ فعلاً بحفر قناة بشكل نفق قرب بحيرة - القرعون - ما بين دير ميماس و كفر كلا الحدودية بهدف جر مياه الليطاني .
إن زراعة صحراء النقب . هو قميص عثمان الذي يتذرع به اليهود للأوساط الغربية بحجة أنهم يحيون الصحراء ولكن الدراسات الجادة تؤكد أن زراعة النقب وهم وخيال يحتاج إلى كميات هائلة من المياه ولكن لا ييأس اليهود من زراعة ولو أمتار معدودة من هذه الصحراء الشاسعة .
قناة البحرين :
طرحت في إسرائيل فكرة تتمثل في شق قناة تربط البحر الأبيض المتوسط بالبحر الميت وتقام على جوانب القناة محطات حرارية لتوليد الكهرباء وتبلغ كلفة المشروع 1.4 مليار دولار وتقوم الفكرة على الاستفادة من الفرق بين مستوى سطح البحر المتوسط والميت حيث ثبت أن المتوسط يرتفع بمستواه عن البحر الميت بما يقرب 402م مما يسهل إقامة مجمع لتوليد الطاقة الكهربائية في بعض الأماكن - حيث يبلغ الانحدار ما يقارب 1300 قدم وهذا المشروع الخطير لو نفذ فعلًا فسيكون كارثة مدمرة للاقتصاد الأردني حيث يبدأ الغمر التدريجي لمنشآت البوتاس الأردنية والأراضي الزراعية المحيطة .
خطوط عريضة:
* لقد ارتبطت بحار وأنهار فلسطين بأحلام اليهود التوسعية من وجهة نظر دينية بحته .
* ما زالت مطامع اليهود تحلم بالوصول إلى السيطرة على ثلاث مناطق زراعية : سهلية وجبلية داخل فلسطين وخارجها .
* الاجتياح اليهودي للبنان كان يسعى للحصول على المياه اللازمة لتحويل دولة يهود إلى دولة صناعية .
إن مشروع القناة بين البحر المتوسط والبحر الميت ، أمر خطير لو نفذ ، فسيكون كارثة مدمرة للاقتصاد والأراضي في الأردن .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق