بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-09-25

تقرير حال القدس الثاني من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو لعام 2014


تقرير حال القدس الثاني من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو لعام 2014
تقرير حال القدس الثاني من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو لعام 2014
"القدس الدولية" تصدر تقرير حال القدس الثاني لعام 2014:
الاحتلال يشدّد التضييق على الأقصى ويصادق على خطة لتعزيز السيطرة على شرق القدس

أصدرت مؤسسة القدس الدولية تقرير حال القدس الثاني الذي يرصد أبرز تطورات الفصل الثاني من عام 2014. وتناول التقرير أبرز تطورات مشروع التهويد الثقافي والديني والديموغرافي في القدس المحتلة من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو بالإضافة إلى تطوّرات المواقف السياسية العربية والفلسطينية والإسرائيلية والدولية خلال هذه المدّة التي شهدت احتفال دولة الاحتلال بالذكرى السابعة والأربعين لاستكمال احتلال القدس عبر التأكيد أن "القدس قلب الأمة، وقلب الأمة لن يقسم".
وسلّط التّقرير الضّوء على استهداف الاحتلال للأقصى عبر التضييق على المصلين ومصادرة هوياتهم وفرض قيود عمرية على الداخلين ولا سيما في أيام الجمعة وعرض التقرير توصيات "لجنة تْسُور" التي تطالب في جزء منها بتوسيع صلاحية قائد الشرطة في إغلاق أبواب الأقصى كافة وإبعاد المصلّين ومنع دخولهم عندما تدعو الحاجة إلى ذلك ما يساعد على تحديد اتجاهات الاحتلال حيال الأقصى في المدة القادمة.
وعرض التقرير لاحتفال "إسرائيل" بالذكرى السابعة والأربعين لاستكمال احتلال القدس عبر مواقف سياسية أكدت التمسك بالقدس عاصمة موحدة للدولة العبرية وإتباع ذلك بمصادقة الحكومة على خطة لـ "تعزيز التواصل بين سكان شرق القدس وإسرائيل". كما تحدّث التقرير عن الموقف الأسترالي حيال وصف شرق القدس بالمحتلة مع إطلالة على أبرز المواقف الأسترالية المنحازة لدولة الاحتلال.

****************************

الملخص التنفيذي
"القدس قلب الأمة، وقلب الأمة لن يقسم". هكذا ينظر نتنياهو إلى القدس في الذكرى السابعة والأربعين لاستكمال احتلالها، حيث تستغل هذه المناسبة السنوية لتعيد دولة الاحتلال بمكوناتها كافة تلاوة صلاة العاصمة الموحدة للدولة العبرية والتي لا يمكن تقسيمها أو التنازل عنها. وهكذا، لا تنقضي الأيام في القدس إلا لتكشف المزيد من السياسات التهويدية التي يمارسها الاحتلال لبسط سيطرته على المدينة ومقدساتها، فاستمرت اقتحامات الأقصى خلال المدة التي يرصدها التقرير في مقابل تزايد التضييق على المسلمين وفرض قيود عمريّة وزمنية على دخولهم المسجد. أما تقرير "لجنة تْسُور" فأوصى بتوسيع صلاحية قائد شرطة الاحتلال في القدس في ما يتعلق بإغلاق أبواب الأقصى وإبعاد المصلين أو منعهم من دخول المسجد. كما استمر التهويد الديموغرافي عبر البناء الاستيطاني الذي وصفه عضو "الكنيست" من حزب "البيت اليهودي" نفتالي بينت بالعمل الصهيوني الذي لا يمكن الاعتذار عنه بما هو جزء من سياسة الدولة العبرية وعقيدتها. كما شهدت مدة الرصد انتخاب رئيس جديد لدولة الاحتلال في 10/6/2014 خلفًا لشيمون بيريس المنتهية ولايته، والرئيس الجديد روفين روفلين (ليكود) معروف بدعمه للاستيطان وكان قد شارك في اقتحام الأقصى عام 2000 مع شارون وفي حرب احتلال الأقصى عام 1967. وفي أجواء متصلة باحتفال "إسرائيل" بالذكرى السابعة والأربعين لاستكمال احتلال القدس صادقت حكومة الاحتلال على خطة قيمتها حوالي 86 مليون دولار وذلك لتعزيز سيطرتها على شرق القدس.
إذًا، في تطورات التهويد الديني والثقافي فقد تواصلت اقتحامات المتطرفين اليهود للمسجد الأقصى وسجل أكبر اقتحام في 3/6/2014 بمناسبة الاحتفال بما يسمى "عيد نزول التوراة-الشفوعوت" حيث وصل عدد المقتحمين إلى حوالي 400 في وقت منعت الشرطة المسلمين من دخول المسجد. وتكرر خلال مدة الرصد فرض شروط عمرية على المصلين لتمنع الشرطة من هم دون الخمسين أو الخامسة والأربعين من أداء صلاة الجمعة بشكل خاص. كما عمدت الشرطة بشكل متكرر إلى مصادرة هويات المصلين قبل دخولهم إلى المسجد وتحويلها إلى مركز شرطة القشلة، ومن ثم حملهم على استلامها من هناك ضمن ممارساتها الرامية إلى تثبيط المسلمين عن المسجد بسبب ما يتعرّضون له من ضغط من قبل الاحتلال. وفي إطار تهويد الأقصى، عقدت لجنة الداخلية في "الكنيست" في 19/5/2014 جلسة تحت عنوان "الاهتمام بالمبكى الصغير" للتباحث بشأن وقف رباط الكرد (حوش الشهابي) الذي يعتبره الاحتلال جزءًا من حائط البراق المحتل. واعتبرت مضامين الجلسة رباط الكرد مقدسًا يهوديًا، غير تابع للأوقاف الإسلامية، ولا صلاحية للأردن بالتدخل في شؤونه وخلصت إلى الاستمرار بالعمل على توسيع رقعة السيطرة على الوقف وتوسيع ساحة ومساحة الصلوات اليهودية فيه، من خلال أعمال إزالة لمنصوبات حديدية في الموقع.
وفي تطور مشروع التقسيم الزمني للأقصى كان لافتًا خلال مدة الرصد دعم نائب من حزب العمل (اليسار-الوسط) لاقتراح مشروع يقضي بقسيم الأقصى زمنيًا. فقد كشفت "يديعوت أحرونوت" العبرية في 18/5/2014 عن اقتراح مشترك بين حيليك بار وميري ريغف، رئيسة لجنة الداخلية في "الكنيست"، يقضي بالمساواة في العبادة بين المسلمين واليهود كما هي الحال في المسجد الإبراهيمي بالخليل. وقال بار في تعليق على الاقتراح إن "حب الدين اليهودي، والتوراة، والقيم التاريخية والصهيونية، والقدس ومقدساتها، ليس حكرًا على اليمين حتى وإن حاول أحيانًا تصوير الأمر على أنه كذلك" معتبرًا أنه "لم يعد مقبولاً عند صعود نواب من اليمين إلى جبل المعبد للصلاة هناك التهديد باندلاع انتفاضة ثالثة، ولا بد من نظام جديد يحترم فيه كل طرف حقوق الطرف الآخر". إلا أن هذه المحاولة لكسر "احتكار اليمين للدفاع عن أقدس مقدسات اليهود" أثارت ردود فعل من النواب العرب في "الكنيست" ومن اليسار وكذلك من الأردن. كما تلقّى بار تحذيرات من "الشاباك" لجهة أن الاقتراح المقدَّم يمكن أن يؤدي إلى "أحداث شغب" قد تكون في أكثر الأحوال تفاؤلاً شبيهة بانتفاضة الأقصى الثانية. وعلى أثر ذلك أعلن بار سحب دعمه للاقتراح متسائلاً: "إذا كانت المساواة في أوقات الصلاة في المسجد الإبراهيمي بالخليل تسير بشكل جيد فلماذا لا يكون الأمر كذلك في جبل المعبد"؟ ولا شك في أن هذا التراجع لا يعني إلغاء مشروع التقسيم أو العدول عنه إذ يبقى أحد أدوات تعميق السيطرة على الأقصى.
وبموازاة ذلك كان شهر حزيران/يونيو موعدًا لتقديم "لجنة تْسُور" تقريرها لمناقشته في "الكنيست". وكانت لجنة الداخلية أقرّت تشكيل اللجنة في5/3/2014 مهمتها تنفيذ قرارات الحكومة الاسرائيلية بشأن اقتحامات اليهود للمسجد الأقصى وفحص إمكانية "صعودهم" إليه بشكل يومي ولمدة ثلاث ساعات ونصف. ومن توصيات اللجنة عدم تخصيص مكان لصلاة اليهود في الأقصى لأن من شأن ذلك المساس بالوضع القائم، كما أوصت بالسماح للزوار بدخول الأقصى أيام السبت بعد إغلاقه أمام "السياح" عام 2000 في أعقاب الانتفاضة الثانية. ومن التوصيات أيضًا إغلاق المسجد الأقصى أمام جميع الزوار، بمن فيهم المسلمون، في كل مرة تحصل فيها مواجهات وبتوسيع صلاحيات قائد شرطة القدس لجهة إغلاق كامل للمسجد الأقصى، وتوسيع صلاحياته بإصدار أوامر منع وإبعاد مصلّين عن المسجد الأقصى. وهكذا تفتح "لجنة تْسُور" الباب أمام مزيد من الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأقصى والمصلين تبشّر بالمزيد من التضييق والإجراءات المشددة والاعتقالات والإبعاد مع إعطاء الشرطة هامشًا واسعًا في هذا المجال.
أما على صعيد التهويد الديموغرافي، فقد استمرت أعمال البناء الاستيطاني في الوقت الذي وصلت فيه المفاوضات إلى حائط مسدود مع الإشارة إلى أن المشروع الاستيطاني قائم ومستقل بذاته بمعزل عن التطورات السياسية التي يمكن أن تطرأ وإن كانت بعض التطورات تتخذ حجة وستارًا لتمرير بعض المشاريع. فقد أعادت ما تسمى بـ "سلطة الأراضي" في دولة الاحتلال في 1/4/2014 نشر عطاءات لبناء 708 وحدات في مستوطنة "جيلو" وذلك بالتزامن مع لقاء وزير الخارجية الأميركي برئيس حكومة الاحتلال للتّوصل إلى اتفاق يحول دون توقّف المفاوضات. أما في 26/5/2014، فأعطت بلدية الاحتلال في القدس الضوء الأخضر لبناء 50 وحدة جديدة في 5 بنايات في مستوطنة "هار حوما" (جبل أبو غنيم) بالتزامن مع اختتام بابا الفاتيكان زيارة إلى الأراضي المحتلة استمرّت يومين. وفي 4/6/2014، أصدر وزير الإسكان أوري أريئيل عروض مناقصات لبناء 1500 وحدة استيطانية، 1100 وحدة منها في الضفة الغربية و400 وحدة أخرى في شرق القدس المحتلة وذلك بعد الإعلان في 2/6 عن تشكيل حكومة الوفاق الوطني. إلا أن ضغوطًا من سفراء خمس دول أوروبية أدت إلى تأجيل مناقشة المخططات ولم يصادق المجلس الأعلى للتخطيط التابع للإدارة المدنية إلا على مخططات بناء 381 وحدة في مستوطنة "جفعات زئيف" بشرق القدس.
وفي المواقف السياسية، فقد أعاد قادة الاحتلال في الذكرى السابعة والأربعين لاستكمال احتلال القدس تأكيد تمسكهم بالقدس عاصمة موحدة للدولة العبرية، فشدد نتنياهو في الذكرى على أن "القدس قلب الأمة، وقلب الأمة لن يقسَّم". ومثله وزير الإسكان الذي تعهد بأنّ "القدس لن تقسم مرة أخرى، والبناء الاستيطاني لن يتوقّف ولن نطيق أيّ تأخير أو قيود على البناء، وسنبني في القدس وفي الضفة وفي أي مكان من أرضنا". ولم يكن خطاب اليسار ليعتمد لغة أخرى حيث قال عضو "الكنيست" وزعيم حزب العمل يتسحاق هرتسوغ إنه "إن كان لليهود من قلب فالقدس هي قلبهم وهي العاصمة الأبدية للشعب اليهودي ولإسرائيل".
وغير بعيد عن أجواء "القدس الموحدة"، صادقت حكومة الاحتلال في 29/6/2014 على خطة بقيمة 86 مليون دولار تمتد على خمس سنوات وتهدف إلى منع أي تقسيم للقدس في حال أي اتفاق مستقبلي مع السلطة الفلسطينية. ووفقًا لصحيفة "هآرتس" تهدف الخطة إلى تقوية الترابط بين سكان شرقي القدس من الفلسطينيين والبالغ عددهم 300 ألف مواطن، وبين دولة الاحتلال. ومن شأن الخطة تكريس احتلال شرق القدس عبر اعتباره "جزءًا من عاصمة الاحتلال وليس جزءًا محتلاً وفق القرارات الدولية.
أما أستراليا فاحتفلت على طريقتها بذكرى احتلال شرق القدس مع إعلان المدعي العام جورج برانديس في 5/6/2014 أن وصف شرق القدس بالمحتلة تعبير مشحون وله آثار ازدرائية وأن الحكومة الأسترالية لن تعتمد لغة تحقيرية لوصف المناطق الخاضعة للمفاوضات. وفي محاولة لتسويق هذا "الابتكار" قال بيان المدعي العام إن أستراليا تؤيد حلاً سلميًا للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني وتعترف بحق "إسرائيل" في الوجود بسلام ضمن حدود آمنة كما تعترف بتطلعات الشعب الفلسطيني إلى إقامة دولته. إلا أنّ احتجاجات عربية وإسلامية على المستوى الرسمي دفعت وزيرة الخارجية جولي بيشوب إلى توضيح هذا التعديل الذي "لا يتعدى البعد اللغوي". لكن التوضيح الهش لا يلغي تاريخًا من الانحياز الأسترالي لدولة الاحتلال بدأ منذ تصويت أستراليا في الأمم المتحدة على قرار التقسيم توالى من بعدها عبر دعم "إسرائيل" في حرب حزيران/يونيو 1967 ومن ثم التصويت عام 2004 ضد قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يوصي بأن تحترم "إسرائيل" فتوى محكمة العدل الدولية بخصوص جدار الفصل العنصري، وفي 2013 ضد مشروعي قانون في الجمعية العامة للأمم المتحدة أحدهما يدعو "إسرائيل" إلى وقف بناء الجدار العازل والآخر يعكس مخاوف من ممارسات إسرائيل في الأراضي المحتلة وغير ذلك من المواقف.
وفي سياق آخر، اعتمدت لجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو في 23/6/2014 قرارًا بالمحافظة على البلدة القديمة في القدس وأسوارها وقد أيدت القرار 12 دولة مقابل اعتراض 8 دول وامتناع دولة واحدة عن التصويت. وطالب القرار دولة الاحتلال بالوقف الفوري لحفرياتها ولكل انتهاكاتها ضد تراث البلدة القديمة منددًا بالاقتحامات الاستفزازية للمسجد الأقصى. إلا أن تاريخ "إسرائيل" لم يشهد إلا التعنت حيال قرارات اليونسكو والمزيد من الاعتداءات على تراث البلدة القديمة وإرثها التاريخي والثقافي ما يعني أن القرارات بذاتها ليست كافية للجم هذه الممارسات ولا بدّ من آليات لتفعيلها وتطبيقها وإلزام الاحتلال بتنفيذها.
هذه إذًا أبرز ملامح المشهد المقدسي في الربع الثاني من عام 2014 حيث لا يتراجع الاحتلال عن تنفيذ مشروع التهويد ويحشد عبر الكلام والأفعال لتكريس السيطرة على القدس وتكريسها عاصمة موحدة لدولته. أما الأقصى ففي عين العاصفة يصمد بصمود عمّاره ومرابطيه الذين يواجهون المزيد من تضييقات الاحتلال في سعيه إلى إنقاص عددهم وصدّهم عن مسجدهم وإبعادهم عنه. ولكن التطورات التي حملتها الأيام الأولى من شهر تموز/يوليو بعد إقدام مستوطنين على إحراق وقتل الفتى المقدسي محمد أبو خضير قد تمهّد لصفحة جديدة في حركة المقدسيين ضد الاحتلال.

لتحميل التقرير كاملا بصيغة PDF اضغط هنا

لتحميل التقرير بصيغة DOCX إضغط هنا

ليست هناك تعليقات: