بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-06-22

المرأة الفلسطينية وتكنولوجيا المعلومات

المرأة الفلسطينية وتكنولوجيا المعلومات

مقدمة:
تلعب المعلوماتية والاتصالات دوراً أساسياً في تطور الشعوب ورفع المستوى العلمي المعرفي والاقتصادي، وتحسين نوعية الحياة لكافة دول العالم والمساهمة في تواصل الشعوب.

إن توفر المعلوماتية فرصة سانحة أمام شعبنا الفلسطيني الذي عانى سنوات طويلة من الحرمان المتواصل للحاق بركب ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي تعتبر الركيزة الأساسية لإقامة وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

كما تلعب المعلوماتية في فلسطين دوراً مميزاً وفريداً من نوعه؛ نظراً لاستمرار الاحتلال الإسرائيلي وتحويل المناطق الفلسطينية إلى كانتونات معزولة بإقامته للحواجز العسكرية وفرضه للحصار واغلاقات مستمرة؛ مما حال دون تنقل الناس والبضائع بحرية. هذا، على الرغم من السيطرة الصهيونية على كل مناحي الحياة الفلسطينية وتردي الأوضاع السياسية والاقتصادية فقد تمكنت فلسطين من إنجاز ما يلي:
• استعادة السيطرة الجزئية على قطاع الاتصالات.
• توفير بنية تحتية جديدة وحديثة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

لذلك، فإن استخدام وسائل الاتصال وخدمات المعلوماتية أصبحت عصب فلسطين ووسيلة أساسية من وسائل الاتصال والتعامل بين الشعب الفلسطيني.

* معوقات تطور قطاع الاتصالات والمعلوماتية الفلسطيني:
ليس من الممكن التطرق إلى هذا الموضوع دون ذكر تأثير الحصار الصهيوني المستمر لقطاع الاتصالات في فلسطين من خلال:

1. احتلال الأراضي واستمرار السيطرة على طيف الترددات الفلسطيني.

2. تعطيل الإدخال والإفراج عن البضائع والأجهزة المخصصة لتطوير شبكات الاتصالات لتكنولوجيا المعلومات.

3. رفض دولة الإحتلال الصهيوني ربط مناطق القدس المحتلة بالشبكة الفلسطينية؛ الأمر الذي يحول دون فصل الشبكة الفلسطينية عن الشبكة الصهيونية.

4. بالرغم من الاتفاقيات الموقعة مع دولة الإحتلال الصهيوني؛ وكذلك توصيات وقرارات الاتحاد الدولي للاتصالات بتخصيص الرمز الفلسطيني 970، إلا أن دولة الإحتلال الصهيوني ما زالت تمنع النفاذ المباشر إلى الشبكة الدولية.

5. تمّ الاتفاق في عام 1999 مع المملكة الأردنية الهاشمية وجمهورية مصر العربية على مشروع مايكروي وكوابل الألياف الضوئية لربط فلسطين مع الخارج، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعت ذلك.

6. إعاقة استيراد وحجز أجهزة اتصالات وتكنولوجيا المعلومات ومنع إدخالها لفترة تزيد عن العامين.

7. التغلغل الغير مشروع في سوق الاتصالات الفلسطيني من قبل الشركات الصهيونية التي تلجأ إلى إطلاق تردداتها في المناطق الفلسطينية، إذ يبلغ حجم سيطرة الشركات الصهيونية على السوق الفلسطيني المتعلق بخدمات الهاتف المحمول على سبيل المثال لا الحصر 56% من حجم المشتركين الفلسطينيين (باستثناء المشتركين في القدس الشرقية).

8. بيع وتسويق أجهزة الهاتف المحمول الصهيونية في مناطق السلطة في منافسة غير عادلة وبدون أي ترخيص أو استثمار أو ضرائب، بينما لا يمكن تسويق الأجهزة الفلسطينية في دولة الإحتلال الصهيوني. لقد عمدت دولة الإحتلال الصهيوني على تغيير أرقام الهاتف المحمول الصهيوني إلى 7 أرقام وتمنع بالمقابل وصول الأجهزة الملائمة لتوفير تلك الزيادة فلسطينياً علاوة على تعطيل الأجهزة الخاصة بشركة الهاتف المحمول (جوال) الفلسطينية؛ ما حال دون تمكن الشركة من توسيع شبكتها وتطوير خدماتها خلال الثمانية أشهر الأخيرة.

إن الاحتلال الصهيوني احتلال شمولي لا يتوانى في السعي وبشكل دائم إلى السيطرة على كل مناحي الحياة الفلسطينية بما فيها اقتصادنا الوطني مانعاً تطور هذا الاقتصاد وازدهاره معززاً ذلك بتدميره المنهجي للبنية التحتية لا سيما خلال اجتياح المناطق الفلسطينية في الثلث الأول من العام 2002. فقد دخلت دولة الإحتلال الصهيوني بواسطة العنف والتكسير وتفجير الأبواب إلى كافة المؤسسات الحكومية والمدنية والمنظمات الأهلية والجامعات، وقامت بالتخريب والتدمير المتعمد كما قامت بسرقة الذاكرة والأقراص الصلبة للحواسب وعدد كبير من الأجهزة، إضافة إلى تدمير أبراج الاتصالات وتكسير أجهزة البث والاستوديوهات للإذاعات والتلفزيونات الخاصة والحكومية بواسطة الهراوات الثقيلة. كما تعمّدت دبابات الجيش تحطيم أعمدة وأبراج الاتصالات والكهرباء، واحتلت مكاتب شركة جوال وأطلقت النار على الهوائيات. هذا بالإضافة إلى تدمير بعض المقاسم العاملة تدميراً كاملاً علاوة على احتلال مكاتب وزارة الاتصالات مرتين، وتدمير محتويات وأجهزة الوزارة بالكامل، وتدمير كافة الطرود البريدية الواردة من أرجاء العالم.

يضاف إلى هذا كله تجريف أجهزة البث التابعة لصوت فلسطين (إذاعة الشرق الأدنى سابقاً)، والتي تعد من أقدم الإذاعات في العالم وتدمير برج الاتصال الخاص بها والذي يعد بدوره ثاني أقدم أبراج الاتصالات في الشرق الأوسط، حيث أنشئ إبان الانتداب البريطاني قبل سبعين عاماً بارتفاع 240 متراً. لهذا؛ فإن تلك التصرفات تتناقض وبشكل صارخ مع ادعاءات دولة الإحتلال الصهيوني كدولة تسعى لتشجيع ورفع مستوى تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدى الشعوب.

إن دولة الإحتلال الصهيوني تفرض التجارة الغير متكافئة لكونها الطرف المهيمن على الوضع الفلسطيني، بل تعمل ودون أي توقف على خدمة المصالح التجارية لشركاتها، وذلك على حساب الشركات الفلسطينية، مانعة بذلك إمكانية توفر أي شكل من أشكال التطور في فلسطين على كافة الأصعدة.
إن مسودة إعلان المبادئ الخاصة بهذه القمة وما صاحبها من تعديلات صهيونية مقترحة، تؤكد من حيث المضمون على الحاجة إلى السعي إلى تطوير تكنولوجيا المعلومات في العالم ورفع مستوى الشعوب وتحسين وضعها العلمي والاقتصادي، وإدخالها إلى عالم المعلوماتية، وتحقيق الاندماج الشامل مع بقية العالم المتطور. وما ادعاء دولة الإحتلال الصهيوني على لسان وزير اتصالاتها بأنها تسعى إلى رفع مستوى هذه التكنولوجيا ومساعدة شعوب دول العالم على الوصول إلى الأهداف النبيلة المعلنة من قبل هذه القمة، فما هو إلا طمس للحقيقة، إذ أن الممارسات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني تؤكد عكس ذلك.

* التحديات التي تواجه المرأة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات:
بالرغم من أهمية دور تكنولوجيا المعلومات في توفير فرص عمل للمرأة، إلا إنه ما زال هناك العديد من التحديات التي تحد من إمكانية نجاح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في خلق فرص عمل للمرأة في الدول النامية بصفة عامة ومنها فلسطين، ومن أهم هذه التحديات:
• الفجوة الرقمية بين الجنسين: بخلاف الفجوة الرقمية بين الدول النامية والمتقدمة، تعاني الدول النامية من فجوة رقمية بين الجنسين، أي محدودية نصيب المرأة بصفة عامة من التطور التكنولوجي واستخدام تكنولوجيا المعلومات، تبلغ نسبة الإناث من مستخدمي الإنترنت في الدول النامية حوالي 4% فقط، أما في دولة فلسطين تبلغ النسبة 23% إناث، وذكور 40%.

• محدودية المستوى التعليمي: حيث تتركز النسبة العظمى من تعليم الفتيات في التعليم المتوسط، وكذلك تركز نسبة كبيرة من الفتيات في العلوم النظرية وليس العلوم التطبيقية وعلوم الحاسب الآلي وخاصة المتطورة منها؛ ما يؤدي إلى محدودية مساهمة المرأة في مجالات تكنولوجيا المعلومات.

• محدودية القدرات المادية: حيث تعود محدودية نصيب المرأة من التقدم التكنولوجي إلى الانخفاض النسبي في مستوى المعيشة ومستويات الدخل بين الجنسين.

• الفجوة اللغوية: حيث أن معظم العلوم التكنولوجية وبالأخص علوم تكنولوجيا المعلومات تعتمد على اللغة الإنجليزية والتي قد لا تتقنها الإناث؛ ما يشكل عائقاً أساسياً أمام إتقان مهارات ومتطلبات عصر تكنولوجيا المعلومات بالقدر الذي يساعد على تنمية دور المرأة في استخدام والاستفادة من تكنولوجيا المعلومات.

• هنالك تحيز في طبيعة نظام التعليم الحالي يؤدي على نحو ما إلى تحديد الاختيار المسبق من جانب الإناث لمجالات الآداب والعلوم الإنسانية.

• تمثل الثقافة الاجتماعية والأفكار النمطية الثابتة عن أدوار الجنسين عقبات بالنسبة لتعليم الفتيات في مجال العلوم والتكنولوجيا.

التوصيات:
باستعراض مبدئي لوضع المرأة بصفة عامة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وباستعراض التحديات والمعوقات التي تحد من مشاركتها إلى حد ما في هذه المجالات، تمّ تحديد بعض القضايا الأساسية التي يتحتم مواجهتها والتصدي لها:

- قصور البيانات الخاصة بالمرأة:
حتى يمكن النهوض بالوضع الحالي للمرأة في التكنولوجيا والعلوم، ينبغي علينا لأغراض تتعلق بوضع السياسات، تحسين نظم جمع البيانات المصنفة على أساس الجنس تتيح فهم القضايا الأساسية المتعلقة بكل من الإناث والذكور في مجال العلوم والتكنولوجيا، وتسمح بتحديد عناصر البيانات الضرورية لتوضيح العلاقة بين مستوى تعليم وتدريب المرأة في العلوم والتكنولوجيا ودورها في سوق العمل والاقتصاد. والبيانات التي ترصد مشاركة المرأة في مجال العلوم والتكنولوجيا متاحة إلى حد ما في القطاع الحكومي فقط، أما في القطاع الخاص فتكاد تكون معدومة.

- قلة عدد النساء في دوائر صنع القرار بميدان العلم والتكنولوجيا:
يجب زيادة عدد النساء في دوائر صنع السياسات واتخاذ القرارات في مجالات العلوم والتكنولوجيا، وفي الهيئات الاستشارية للسياسات. ويتعين على متخذي القرارات تفهم التأثيرات والتداعيات المترتبة على قراراتهم بالنسبة لقضايا المرأة، حيث أن للمراة قدرات وأولويات خاصة، كما أن لها وجهات نظر خاصة بالنسبة لعملية التنمية. وعلى ذلك ينبغي تضمين كل من وجهات نظر الرجال والنساء على حد سواء في تحديد أولويات البحث وفي تصميم وتنفيذ التكنولوجيا وبرامج التنمية.

- قلة مشاركة المرأة في تصميم التكنولوجيا:
غالباً ما تؤدي التصميمات الفنية للتكنولوجيات سواء كانت بسيطة أو متقدمة - والتي من المفترض أنها تستهدف تحقيق الفائدة للجميع- إلى إفادة الرجل بدرجة أكبر من المرأة، ويترتب على قلة مشاركة المرأة في تصميم التكنولوجيا، إنتاج تكنولوجيات لا تستجيب بالشكل الصحيح والملائم لاحتياجات المرأة، وكما أن المتخصصات والخبيرات في مجال التكنولوجيا تحديد القضايا والإسهام في حل المشكلات التي تنشأ عن التأثير المختلف لاستخدام التكنولوجيا على الجنسين، حيث يمكن لهؤلاء العالمات المشاركة في الجوانب المتعلقة بتصميم التكنولوجيا الملائمة، خاصة تلك التي من شأنها تخفيف أعباء العمل عن المرأة وتساعدها على أن تكون فاعلية وإنتاجية، ليس فقط في مراكز الإنتاج، ولكن في المنزل أيضاً.
• الاستمرار في تطوير البيئة القانونية والتنظيمية لضبط وتنظيم وحماية العمل والتعامل في قطاع التكنولوجيا بما يتلاءم مع المستجدات في مجال استخدام تقنيات ونظم المعلومات الإلكترونية.
• تأهيل الموارد البشرية واكسابها القدرة على الاستخدام الأمثل لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
• تعميم ثقافة المعلوماتية، وتعزيز القدرة على امتلاك واستخدام التقنيات الحديثة لدى كافة فئات وطبقات المجتمع، ومحو الأمية الحاسوبية.
• التوظيف الأمثل للتقنيات الحديثة، وتسخيرها لخدمة أغراض التنمية الشاملة، ومحاربة الفقر والبطالة، ورفع مستوى المعيشة، وتقديم الخدمات الحكومية للمواطنين بشكل سهل، سريع، وآمن.
• زيادة وتحسين وتشجيع صناعة المحتوى المحلي بما يخدم القضايا الأساسية للمجتمع الفلسطيني وبلغات مختلفة وتشجيع استخدام اللغة العربية.
• نشر وتشجيع ثقافة البرمجيات المجانية (open source) خاصة التي يمكن استخدامها للتطوير.
• تسهيل الوصول إلى المعلومات والمعرفة واستخدام الانترنت بشكل سريع وآمن لجميع شرائح المجتمع.

إعداد: رزان بيضا.

المعابر التي تربط الأراضي الفلسطينية المحتلة مع الدول المجاورة والضفة وغزة معاً


المعابر التي تربط الأراضي الفلسطينية المحتلة مع الدول المجاورة والضفة وغزة معاً

تشكل الممرات البرية والمائية لأي دولة في العالم عاملا استراتيجيا مهما لتوطيد العلاقات التجارية والسياسية والاقتصادية وغيرها مع أي دولة، لكن في الأراضي الفلسطينية المحتلة ورغم قلة المعابر مع الدول المجاورة نجد ثمة قيود تحول دون حرية كافية في الحركة والتنقل عبر الخارج، بفعل السياسات الصهيونية الممنهجة منذ سنوات طويلة.

معبران بريان فقط ما يربطان فلسطين مع الدول المجاورة وهما معبر رفح البري الذي يربط قطاع غزة مع مصر، ومعبر الكرامة بين الأردن والضفة الغربية المحتلة، فضلا عن معابر أخرى أوجدتها الظروف الاستثنائية والمتمثلة بوجود الاحتلال الإسرائيلي على الأرض، والتي تشكل عائقًا كبيرًا أمام حركة الفلسطينيين.

تقسم المعابر الفلسطينية إلى قسمين:
أولا: المعابر مع الدول المجاورة،.
ثانيا: معابر داخلية.

أولا: المعابر مع الدول المجاورة:


1-معبر رفح البري
معبر رفح البري بين قطاع غزة ومصر، وهو معبر حدودي بين الأراضي الفلسطينية المحتلة ومصر، وتحديدًا عند مدينة رفح الواقعة على حدود قطاع غزة وبشبه جزيرة سيناء المصرية.
وتم تشييد المعبر بعد الاتفاق المصري الصهيوني للسلام سنة 1979 والانسحاب الإسرائيلي من سيناء سنة 1982، حيث ظلت تديره هيئة المطارات الصهيونية إلى غاية 11 سبتمبر 2005، ورفعت دولة الإحتلال الصهيوني سيطرتها عن قطاع غزة، وبقي مراقبون أوروبيون لمراقبة الحركة على المعبر.

وأعيد فتح المعبر في 25 نوفمبر 2005، ظلت الحركة على المعبر لغاية 25 يونيو 2006 بعدها أغلقته دولة الإحتلال الصهيوني معظم الأوقات (86% من الأيام) لدوافع أمنية، ويبقى مغلقا حتى في وجه الصادرات الغذائية، في يونيو 2007، أغلق المعبر تماما بعد بسط حركة حماس سلطتها على قطاع غزة.

وفي مايو 2011 قررت الحكومة المصرية برئاسة الدكتور عصام شرف فتح معبر رفح بشكل دائم ابتداءً من السبت 28\5\2011 بعد إغلاق دام حوالي أربع سنوات من طرف النظام السابق.

ويبقى التفاؤل الحذر يراود الفلسطينيين في القطاع بانفراج قريب لأزمة فتح المعبر بعد الاتفاق الذي وقع بين فتح وحماس في الثالث والعشرين من إبريل الجاري، لاسيما وأن المعبر هو المنفذ الرئيسي لما يقارب المليوني فلسطيني في قطاع غزة.

2-معبر الكرامة
ويقع هذا المعبر على نهر الأردن في منطقة أريحا ليسهل انتقال المسافرين بين فلسطين والعالم عبر المملكة الأردنية الهاشمية ويستقبل سنويا أكثر من 75000 مسافر بالإضافة إلى حركة التبادل التجاري من وإلى فلسطين.

ثانيا: معابر داخلية:

1- معبر المنطار ويعرف إسرائيليا باسم (كارني)
ويقع شرق مدينة غزة، هو أهم المعابر في القطاع وأكبرها من حيث عبور السلع التجارية بين القطاع ودولة الإحتلال الصهيوني ، وهو من أكثر المعابر إغلاقا فلم يفتح إلا 150 يوما طوال سنة 2007، كما أنه أكثرها خضوعًا للتفتيش وخصوصًا تفتيش البضائع الفلسطينية. وتشترط دولة الإحتلال الصهيوني تفتيشًا مزدوجًا لكل ما يمر عبر معبر المنطار (كارني) فيفتشه طرف فلسطيني ثم تقوم شركة صهيونية متخصصة بتفتيشه، بمعنى أن كل حمولة تفرغ وتعبأ مرتين، مما يعرض أي بضاعة لإمكانية التلف فضلًا عن إضاعة الكثير من الوقت.

2- معبر بيت حانون ويعرف إسرائيليا باسم (إيريز)
ويقع شمال مدينة قطاع غزة، وهو المخصص لعبور الحالات المرضية الفلسطينية المطلوب علاجها في دولة الإحتلال الصهيوني أو الضفة الغربية أو الأردن. ويمر منه الدبلوماسيون والصحافة والبعثات الأجنبية والعمال وتجار القطاع الراغبون في الدخول بتصاريح إلى دولة الإحتلال الصهيوني، كما تمر منه الصحف والمطبوعات.
وتتعمد سلطات الاحتلال إذلال كل فلسطيني عند مروره من معبر بيت حانون حتى ولو كان مريضًا، وذلك بأن يفرض عليه السير على الأقدام مسافة تزيد عن الكيلومتر حتى يتمكن من الوصول إلى الجانب الصهيوني من المعبر. ويبقى الفلسطينيون ساعات طويلة حتى يسمح لهم بالمرور.

3- معبر العودة ويعرف إسرائيليا باسم (صوفا)
ويقع شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، وهو معبر صغير ومخصص للحركة التجارية، وأغلبها مواد البناء التي تعبر باتجاه قطاع غزة فقط، فلا تعبر منه أي مواد نحو دولة الإحتلال الصهيوني، ويعمل أحيانًا عن معبر المنطار (كارني).
ويكثر إغلاق معبر العودة وخضوعه لمزاج الأمن الصهيوني المرابط به، وإجراءات التفتيش فيه معقدة جدًا، فالأمن الصهيوني يتعمد إفراغ الشاحنات القادمة من دولة الإحتلال الصهيوني في ساحة كبيرة وتفتش تفتيشا يستمر ساعات طويلة قبل إخلاء سبيلها.

4- معبر الشجاعية ويعرف إسرائيليًا باسم (ناحال عوز)
أيضا يقع شرق مدينة غزة، هو معبر حساس فمنه يمر الوقود نحو القطاع. ويقع تحت إشراف شركة صهيونية يناط بها توريد الوقود نحو غزة. والمعبر عبارة عن مكان تتصل به من الجانبين أنابيب كبيرة يفرغ فيها الوقود القادم من دولة الإحتلال الصهيوني.
ودأبت سلطات الاحتلال على إغلاق معبر الشجاعية (ناحال عوز) يومين كل أسبوع، مما دفع بالعاملين في محطة توليد الكهرباء بغزة لاقتطاع كميات صغيرة وتخزينها لتغطية اليومين الذين يتوقف فيهما التزويد.

5- معبر كرم أبو سالم ويعرف إسرائيليًا باسم (كيرم شالوم)
ويقع على نقطة الحدود المصرية الفلسطينية الصهيونية، والمخصص للحركة التجارية بين القطاع وبين دولة الإحتلال الصهيوني، ويستخدم أحيانا لعبور المساعدات إلى القطاع كما يمر منه بعض الفلسطينيين حين يتعذر عليهم استعمال معبر رفح القريب منه.
ويخضع الفلسطينيون عند مرورهم من معبر كرم أبو سالم لإذلال وإهانة وتعقيد وابتزاز الأمن والاستخبارات الإسرائيليين.

6- معبر القرارة ويعرف إسرائيليا باسم (كيسوفيم)
ويقع بين منطقة خان يونس ودير البلح، ومخصص للتحرك العسكري الصهيوني حيث تدخل منه الدبابات والقطع العسكرية كلما قررت دولة الإحتلال الصهيوني اجتياح القطاع، حيث أغلق بشكل كامل منذ انسحاب دولة الإحتلال الصهيوني من غزة عام 2005.

7- معبر قلنديا
ويقع جنوب مدينة رام الله على الطريق التي تصلها بمدينة القدس المحتلة، وهو مصدر معاناة للفلسطينيين, وأداة لتمزيق أوصال الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويعد المعبر من أكبر الحواجز العسكرية التي أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي عقب الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت نهاية سبتمبر/أيلول 2000. ويتعين على كل فلسطيني يرغب في التوجه إلى القدس المحتلة أو أن يَقدُم منها إلى وسط الضفة الغربية، المرور من هذا الحاجز حيث يخضع للتفتيش، ويستغرق عبوره أحيانا عدة ساعات.

8- معبر طيبة
ويقع المعبر جنوب مدينة طولكرم الواقعة شمالي الضفة الغربية، مكان يقصده آلاف العمال الفلسطينيين الذين يجتازون الحاجز يوميا بهدف دخول دولة الإحتلال الصهيوني للعمل هناك، بيد أن السياسات المشددة من قبل السلطات الصهيونية تشكل عائقا أمام الوصول لأماكن عملهم في الوقت المحدد.

2014-06-21

المرأة الفلسطينية في المهجر


المرأة الفلسطينية في المهجر
* مقدمة:
إن الوجود الفلسطيني في الشتات خارج أرض الوطن، ارتبط بالظروف السياسية والحروب التي سببها الاحتلال الإسرائيلي. وتعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين من أهم قضايا اللجوء في العالم، وأوسعها انتشاراً. حيث ارتبطت القضية الفلسطينية منذ أحداث النكبة 1948 بقضية عودة اللاجئين والمهجرين. وقد تمسّك الفلسطينيون بتعبير"لاجئ" وذلك حرصاً على المحافظة على حق العودة إلى الوطن الذي اقتلعوا منه غصباً.
وتقدر أعداد اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين بنحو سبعة ملايين إنسان، وهذه الأعداد في ازدياد مستمر، فهذا التزايد للفلسطينيين خارج أرض الوطن له تبعات اجتماعية خطيرة، تتأرجح بين أزمة الانتماء والتمسك بالثقافة الفلسطينية من جهة، وأزمة الصراع مع الذات في التعايش ضمن حدود ثقافة مغايرة. وهذا الأمر يختلف بطبيعة الحال حسب ثقافة الجهة المستقبلة للمهاجر/ة.
ووضْع الفلسطينيين كعرب وكمسلمين يعيشون في بلاد أوروبا، يختلف عن وضعهم في البلاد العربية. لكن المشاكل والإرهاصات تتوحد عندما يكون الحديث عن وضع المرأة الفلسطينية المهاجرة التي تجمع بين جميع الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها الأسرة الفلسطينية في المهجر، وبين الأزمة النوعية النشئة عن كونها أنثى؛ فتفرض عليها عزلة اجتماعية واقتصادية وسياسية تفصلها عن المحيط الذي تعيشه.

سنركز هذه الورقة على أوضاع المرأة الفلسطينية اللاجئة في مخيمات الشتات الفلسطيني، وكذلك المرأة الفلسطينية في بلاد المهجر. إلا أنه من الصعب إحصاء وتتبع جميع الحالات؛ لذلك سنكتفي بمراجعة الدراسات التي تحدثت عن أوضاع النساء في الشتات والمهجر. وقد اعتمدت الورقة مراجعة لأهم الدراسات والتقارير التي تتحدث عن وضع المرأة الفلسطينية في المهجر، ومخيمات الشتات.
تهدف هذه الورقة إلى الخروج بتوصيات لاتخاذ سياسات تضمن تحسين ظروف وأوضاع المرأة الفلسطينية التي اقتضت الظروف السياسية والاقتصادية تواجدها خارج حدود الوطن، سواء كان ذلك في المخيمات الفلسطينية، أو في والبلاد الغربية والعربية المضيفة.

* أنواع الهجرة التي تعرضت لها المرأة الفلسطينية:
تعد نكبة 1948 وما نتج عنها من تهجير قسري وإقصاء للفلسطينيين، أهم أنواع التهجير الذي تعرض له الرجل والمرأة الفلسطينيين على السواء؛ فقد فرض عليهم العيش في مستوى اقتصادي واجتماعي متدن. سواء كان ذلك في مخيمات الشتات في البلاد العربية المجاورة، أو في مناطق أخرى في أرجاء العالم.
وقد كانت المرأة الفلسطينية في هذه العملية عنصرًا تابعًا في عملية الهجرة، وليست عنصرًا أساسيًا؛ فهي تتبع الأسرة التي يمثلها الرجل الذي يكون الزوج أو الأب أو غيره.

ولا يمكن أن ننكر أن المرأة وبسبب النكبة ظلّت تحمل إلى جانب الرجل تبعات هذه القضية ما ينوف عن الخمسين عاماً، وتشهد على ذلك أرشيفات التاريخ الشفوي التي تم جمعها ورصدها حول عملية التهجير الممنهج التي تعرض لها الشعب الفلسطيني. إلا أن دورها السياسي بقي في الظل، بسبب تبعيتها للرجل وكونها تعيش في مجتمع أبوي.
أما النوع الثاني من الهجرة، فكان شبه طوعي، واقتصر على الرجال، وذلك من أجل تحسين الوضع الاقتصادي وإيجاد فرص عمل خارج الوطن.

مراحل الهجرة شبه الطوعية:

- المرحلة الأولى:

بدأت منذ أواخر القرن الثامن عشر، حيث هاجر القليل من الفلسطينيين إلى أمريكا للدراسة والعمل، وأمريكا اللاتينية للعمل والتجارة وهي الهجرة الأقدم قبل النكبة، وكانت المرأة تلحق بالرجل. حيث جرت العادة أن يذهب الرجل لإيجاد فرص عمل، وبعد أن يستقر يعود إلى أرض الوطن كي يتزوج من أهل بلده أو إحدى قريباته ويعود معها إلى حيث يقيم.

- المرحلة الثانية:
بدأت خلال فترة الانتداب البريطاني، وتضاعفت بعد أحداث 1948. وتحولت إلى هجرة قسرية بسبب الاحتلال. ومن ثم بعد أن استقرت الأوضاع نوعاً ما؛ وبسبب ما أنتجه الشتات من تدني الوضع المعيشي وتفشي الفقر بسبب فقدان الملكية والمدخرات خاصة لأهل المخيمات؛ برز نوع آخر من الهجرة في الستينات والسبعينات، وكانت وجهتها بلدان الخليج العربي من أجل العمل، وركزت على الفئات المتعلمة والعمال المهرة. وهنا شاركت المرأة الفلسطينية بشكل بسيط عن طريق العمل خاصة في قطاع التعليم، حيث توجهت العديد من النساء الفلسطينيات إلى الكويت والبحرين والمغرب للعمل كمعلمات لفترة محددة، ثم عدن إلى الوطن. وقد جاء تهجير الفلسطينيين من أجل العمل، كنوع من المساعدة من قبل الدول العربية ولتخفيف من وطأة الفقر الذي يسببه الاحتلال. وهكذا تمّ تصدير النخبة من المجتمع الفلسطيني إلى البلدان العربية لأهداف اقتصادية، وكانت محصلة الشتات الفلسطيني، سوء الأوضاع الاقتصادية في المدن والمخيمات. ولم تبرز قضية المرأة بشكل خاص، بل كانت جزءًا من معاناة كبيرة شملت المرأة والرجل معاً.

* الواقع الديمغرافي للفلسطينيين في الشتات:
بالاستناد إلى إحصاءات اللاجئين للعام 2002، التي قدرت أعداد اللاجئين والمهجرين الفلسطينيين بنحو سبعة ملايين شخص، أي حوالي ثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني. إلا أنه من الصعب التحقق من دقة أعداد الفلسطينيين الذين يعيشون في أوروبا، لأنهم يصنفون ضمن جنسيات متعددة ضمن لوائح المهاجرين. ويقدر عدد الفلسطينيين في أوروبا 191.000 شخص موزعين على ألمانيا، واسكندنافيا، المملكة المتحدة، اسبانيا، فرنسا، اليونان وبلدان أخرى. في حين نجد أن أعداد الفلسطينيين اللاجئين المسجلين لدى وكالة الغوث الدولية في المناطق الخمس (المخيمات) الأردن وسورية ولبنان، قطاع غزة والضفة الغربية بلغ 4.14 مليون نسمة حسب إحصاءات نهاية عام 2003. بالاضافة إلى أعداد أخرى من حملة الجنسيات العربية في الأردن والبلاد العربية الأخرى، وهم الفلسطينيون الذين هاجروا من أجل العمل واستقروا قبل 1967، وتقلدوا مناصب هامة. وبالتالي حصلوا على جنسيات البلاد التي ذهبوا إليها، مثل: السعودية، أو الأردن.

* واقع المرأة الاقتصادي والاجتماعي:
لقد أثّر التهجير الذي تعرض له الشعب الفلسطيني منذ 1948 على الواقع الاجتماعي والاقتصادي للأسر الفلسطينية. ولفهم ذلك، لا بد من التعرض إلى نبذة عن المتغيرات الاجتماعية التي رافقت عملية التهجير وأثرها على واقع المرأة الاجتماعي.
وقد لاحظت الأدبيات أن التحولات الاجتماعية والاقتصادية للأسر الفلسطينية في الخارج ارتبطت بأوضاع الدول التي لجأت إليها. فعند مراجعة العديد من الأدبيات والدراسات الميدانية، والأبحاث السوسيولوجية المقارنة، التي بحثت الأوضاع الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين وفلسطينيو الشتات، يظهر أن الأجيال التي أنجبت في الخارج قد تأثرت بهذه التحولات، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الأسرية والعائلية. فمن هذه المتغيرات الاجتماعية العلاقات بين أفراد العائلة، فأصبحت أضعف وذلك بسبب التباعد الجغرافي بين البلدان. خاصة عندما اضطرت العائلات الفلسطينية إلى السفر للعمل، فضعفت الصلات العائلية بسبب البعد المكاني والانشغال بأعباء المعيشة.

كما لاحظت الدراسات تغيراً عملياً على نظام تعدد الزوجات، الذي استبدل بنظام الطلاق والزواج مرة أخرى. كما تراجع نظام الزواج الداخلي وخصوصاً بين الأقارب من الدرجة الأولى. و لم يعد نظام الزواج بعرب آخرين مرفوضاً، في حين لا زال الزواج بغير العرب لا يلقى قبولاً بين أواسط المهاجرين خاصة في أوروبا وأمريكا.
وبطبيعة الحال، ضعفت السلطة الأبوية على الأسرة؛ ما أثّر على واقع المرأة الاجتماعي بسبب مشاركتها في العمل وفي تحمل أعباء الأسرة.

إن هذه التحولات الاجتماعية عكست أثرها بطبيعة الحال على واقع المرأة الفلسطينية. إن الذي لا يمكن تجاهله، هو أن ظروف المرأة تباينت تبعاً لمكان وحالة اللجوء. فلن يخفى عن الجميع الظروف الصحية والاجتماعية، أوالاقتصادية الصعبة التي تعاني منها النساء الفلسطينيات في المخيمات خاصة في لبنان إبان الحرب الأهلية التي خلّفت وراءها المزيد من النساء الفقيرات والمعيلات لأسرهن. وهذا امتدّ أثره حتى اليوم، حيث يشير التركيب النوعي للسكان الفلسطينيين في لبنان أنه مجتمع فتي، إلا أن عدد النساء هو الأعلى من الذكور، أي أن نسبة الجنس تميل لصالح الإناث عنها للذكور، حيث بلغت 99 ذكر لكل مائة أنثى لنفس العام، وذلك حسب إحصاءات العام 2000.
ولا يكاد الوضع يتغير أينما توجهنا في المخيمات؛ فالمعاناة واحدة. وحتى اليوم وبالرغم من الإجراءات والمساعدات التي تقدمها وكالة الغوث (الأنروا)، إلا أنها لا تحد من المشاكل إلا اليسير، فما تزال أوضاع المرأة الصحية صعبة وفي ترد؛ لقصر حجم المساعدات أمام زيادة أعداد اللاجئين المطردة بسبب الخصوبة المرتفعة، حيث تفيد الإحصاءات الرسمية أن معدل الخصوبة لدى النساء في المخيمات تصل إلى 3.5 مولود لكل إمراة في الفئة العمرية (25-29). ويقابل هذه الخصوبة المرتفعة أوضاع صحية صعبة يعيشها كل من المرأة والطفل معاً.

ويعد ارتفاع نسب وفيات الأطفال الرضع والأطفال دون الخامسة، من أهم المؤشرات التي تقيس صحة كل من الأم والطفل. حيث وجد أن معدل وفيات الأطفال الرضع في مخيمات الأردن يصل إلى 24.9%، ووفيات الأطفال دون الخامسة 27.4% (بين الأعوام 1994-1998). إلا أن هذه النسب ترتفع في لبنان لتصل إلى 32% بين الرضع، 37% للأطفال دون الخامسة. ويعد سوء التغذية والفقر والجهل والظروف البيئية السيئة التي تعيشها المرأة الفلسطينية من أهم الأسباب لذلك. وليس قصر حجم مساعدات الأنروا هو السبب الوحيد، بل السياسات والقوانين التي اتبعتها الدول المضيفة ولا سيما في لبنان وسوريا ساهمت إلى حدٍ ليس ببعيد بتردي أوضاع اللاجئين ولاسيما النساء.
وليس بعيداً عن الأوضاع الصحية الصعبة ظروف المعيشة والوضع الاقتصادي للأسر. حيث تعد مؤشرات الظروف المعيشة، مثل: الدخل والمسكن من أهم الدلائل التي تعكس الواقع الاقتصادي للأسر الفلسطينية في المهجر خاصة في مخيمات اللاجئين. حيث تشير الإحصاءات العامة أن 80% من الأسر الفلسطينية في لبنان أفادت بأنها تعاني من فرص عمل سيئة جداً. وأن 50% من الأسر لها مصدر دخل واحد فقط. حيث أن 70% من الأسر تعاني ظروف سكانية غير صحية خاصة في فترة الشتاء. في حين تعتبر أوضاع الأسر الفلسطينية خارج المخيمات أفضل نوعاً ما بسبب ما يتاح لها من فرص عمل خاصة للفئات المتعلمة والمقيمة في دول الخليج العربي وأمريكا وأوروبا.

وترتبط الظروف المعيشية لفلسطينيي الشتات في فرص العمل المتاحة لهم، حيث أن العمل هو مصدر الدخل الرئيسي. حتى أن العائد لهم لا يكاد يكفي إلا القليل، ولا يسمح لهم بأي محاولة للتطوير الدخل. ولفهم واقع المرأة الاقتصادي في المهجر يجب التركيز على واقع قوى العمل والبطالة للأسر الفلسطينية في خارج الوطن خاصة في المخيمات. فتقارير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (unrwa) تورد نسبًا عالية من العمال غير المهرة المشاركين في القوى العاملة، ونقص كبير في الادخارات وانعدام في شبكات الأمان. وهذا يعكس أن نسبة الفلسطينيين المساهمين في القوى العاملة للدول المضيفة قليلة جداً.

وتتركز القوى العاملة الفلسطينية في المخيمات على تقديم مهن خدماتية في مجالات البناء والخدمات العامة كالنظافة العامة (عمال تنظيف)، ويقل تواجدهم في المجالات الإدارية والحرفية. وكثيراً ما خضع الفلسطينيون إلى ظروف قانونية صعبة في البلدان المضيفة. ففي لبنان مثلاً يمنع الفلسطينيون من العمل في المؤسسات الحكومية، وحصر عملهم في مختلف القطاعات وفق قانون عمل الأجانب، ولا يوجد استثناء لهم، بل يخضعون إلى ضرورة الحصول على إجازة عمل.

إن ظروف العمل القاسية التي يعاني منها الفلسطينيون في الشتات خاصة في المخيمات، عكست أثرها على فرص النساء في العمل. وبالتالي خلقت ظروف عمل صعبة ومعيقات أمام عمل المرأة، وبطالة مرتفعة بين صفوف النساء الشابات.
وقد لاحظت الدراسات وتقارير وكالة الغوث أن نسبة اللاجئات الفلسطينيات العاملات في قطاع الخدمات، تفوق نسبة النساء المشاركات في القوى العاملة للبلد المضيف؛ وقد يعود ذلك إلى توظيف النساء في قطاعات محددة ضمن الخدمات العامة كالصحة والتعليم في داخل المخيمات؛ فلا يسمح لهن بالعمل خارج حدود المخيم. وهذا يفسر ارتفاع معدلات البطالة بين النساء اللاجئات على وجه الخصوص. ولا غريب إذا علمنا أن معدلات البطالة الخاصة بين الأجيال الشابة في المخيمات تفوق معدلاتها في خارج المخيمات، فعلى سبيل المثال: تبلغ معدلات البطالة بين الفئات الشابة داخل المخيمات اللاجئين في الأردن 16%، في حين تبلغ البطالة بين النساء لهذه الفئة 30% للعام 2000، في حين تبلغ معدلات البطالة بين النساء في سوريا 37% لنفس العام. وبشكل عام تشكل ربات البيوت داخل المخيمات ما نسبته 70%؛ ما يستثنيهن من القوى العاملة؛ لهذا كانت النساء هن الأكثر فقراً وبطالة في المجتمع الفلسطيني في الشتات.

وليست الظروف المحيطة بالعمل والفرص المتاحة هي التي تؤثر على مشاركة المرأة في المهجر في العمل، بل تلعب القيود الاجتماعية دوراً مهماً على عمل المرأة خارج البيت، خاصة لدى الجاليات العربية في الدول غير العربية. حيث أثبتت الدراسات التي أجريت حديثاً على أوضاع النساء الفلسطينيات في أوروبا من حيث فرص العمل المتاحة، بأن 50% من النساء الراغبات في العمل لا يمتلكن تصريح عمل، بسبب افتقارهن إلى إقامة مضمونة (وهو شرط مسبق للحصول على عمل). كما أن فرص اشتراك النساء المتزوجات والمؤهلات للعمل كانت محدودة بسبب المفاهيم الاجتماعية الشرقية لدى الرجل حول أهمية عمل المرأة. فقد ذكرت إحدى المشاركات في الدراسة: "أرغب بالعمل لكن زوجي لا يسمح لي بذلك ويقول لي بأن دور المرأة هو القيام بإدارة منزلها وتنشئة الأطفال".
وهكذا نجد بأن المعيقات أمام عمل المرأة الفلسطينية وتطورها في بلاد المهجر عديدة ومتنوعة، ولكنها ترتبط بشكل مباشر بوضع المرأة نفسها وبنقص مؤهلاتها التي تسمح لها باقتحام سوق العمل. ونلاحظ التباين بوضوح بين الواقع العملي للمرأة اللاجئة في المخيم، والمرأة غير اللاجئة المقيمة في البلاد العربية أو في العالم الغربي.

ولكي نفهم الفرص المتاحة أمام المرأة في الشتات لاقتحام سوق العمل الرسمي، يجب التركيز على فرص التعليم العالي المتاحة للنساء الفلسطينيات، إذ أن التعليم هو من أهم الوسائل المؤدية إلى تمكين النساء في سوق العمل.
وقد لاحظت الدراسات ارتفاع معدلات الالتحاق بالتعليم الإلزامي لدى الذكور والإناث في مخيمات اللاجئين. وذلك بسبب البرامج التي اتبعتها الوكالة في المخيمات، حيث يعدّ البرنامج التربوي التعليمي الخاص من أضخم البرامج بوكالة الغوث الدولية، إذ يحتل 50% من الميزانية الكلية للوكالة. وبالرغم من ذلك، لا زالت هناك أميّة، حيث تشير الإحصاءات الرسمية أن معدلات الأمية في المخيمات في لبنان لدى النساء في الفئة العمرية (20-24)، 17.8%، وتزداد في الفئة العمرية (25-29) لتشكل 27.9%. هذا وبسبب صعوبة الالتحاق بالتعليم الجامعي لدى اللاجئين/ت، فإن معدلات الالتحاق في التعليم الجامعي والعالي ما زالت منخفضة خاصة لدى النساء.

كما أن فرص التعليم المهني والتدريب التقني خارج برامج الوكالة هي محدودة أمام الفلسطينيين. كما تقلص معظم برامج التعليم التقني في الوكالة بسبب اعتمادها على التمويل من التبرعات والمساهمين المحليين. كما أن برامج التعليم التقني للنساء محدودة جداً، وجل البرامج تقدم مهن يعدها المجتمع مهن ذكورية لا مجال للنساء في تعلمها، وانحصرت البرامج التي تقدم للنساء على برامج التوعية الاجتماعية اتجاه حقوق المرأة، بالإضافة إلى الظواهر الخاصة بوضعية المرأة الفلسطينية، مثل: الزواج المبكر، والعنف ضد المرة والطفل، والإدمان، والتدخين وغيرها.
وهكذا نجد أن انخفاض معدلات التعليم لدى اللاجئين الفلسطينيين بشكل عام، والتعليم العالي عند النساء في المخيمات بشكل خاص، يحد من فرص العمل المتاحة لدى النساء بشكل خاص.

أما بالنسبة إلى التعليم لدى النساء في المهجر؛ شهدت الدراسات التي أجريت على مستوى التعليم لدى النساء الفلسطينيات في المهجر خاصة في أوروبا، تدني مستوى التعليم. فقد لوحظ أن انخفاض مستوى التعليم لدى الفلسطينيات اللاتي قدمن مهاجرات إلى ألمانيا، كذلك للواتي نشأن وترعرعن في ألمانيا. وهذا بالتالي أثّّر على فرص العمل المتاحة لهن ومستوى الأجر. كما أظهرت دراسة أجريت على مستوى التعليم بين النساء لدى الجاليات الفلسطينية في ألمانيا سنة 1999 أن: 13% من نساء العينة هن أميات، 66% منهن أنهين التعليم الأساسي، وأن %10 فقط حصلن على شهادات جامعية.

ولعل من أهم المشاكل التي تواجه النساء في مجال التعليم في المهجر، وضعية الإقامة، أي الوضع القانوني، وذلك أن العديد من النساء يأتين إلى أوروبا لاحقات بأزواجهن وفي كثير من الأحيان لا يتمتعن بحقوق الإقامة. خاصة وأن الرجل العربي يأتي إلى أوروبا ويتزوج بامرأة أجنبية للحصول على الإقامة والجنسية، وكثيراً ما يفشل هذا الزواج، ثم يتزوج مرة أخرى بعربية بعقد في بلده أو في بلد إسلامي ويأتي بها إلى أوروبا، وهنا المرأة الفلسطينية بهذا الوضع، غير معترف بها لدى السلطات بأنها زوجة خاصة، إذا لم يحصل طلاق مع الزوجة الأجنبية. وبالتالي تكون المرأة غير قادرة على المطالبة بحقوقها- خاصة بالعمل- في حالة عدم الحصول على تصريح إقامة دائم.

وهكذا نجد بأن وضعية المرأة الفلسطينية في الشتات اختلفت وتنوعت حسب حالة اللجوء. ولكن المعيقات بدت واحدة في معظمها، وعلى رأسها أن المرأة الفلسطينية وبعد تقديم العديد من التضحيات المستمرة، لا تزال تعد في واجهة المجتمع الأضعف والأدنى. ولا تزال تبعيتها للرجل مستمرة بالرغم من الجهود العديدة التي بذلت للتغيير، إلا أن القيم الاجتماعية لا تزال هي الأقوى. ولا نستطيع أن نغفل دور الاحتلال المسبب الوحيد لحالة التشرذم الفلسطينية. وهو أهم معيق أمام التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

* أهم التوصيات التي خرجت بها الورقة التالي:
1. التواصل مع الكفاءات النسائية في بلاد المهجر والتعرف بهن للاستفادة من خبراتهن وقدرتهن في المجتمع الفلسطيني، من خلال التنسيق مع الجمعيات النسوية خارج الوطن.
2. تشكيل رابطة بين المؤسسات النسوية في فلسطين والمؤسسات النسائية الفلسطينية في الشتات، بهدف: معرفة المزيد عن واقع المرأة الفلسطينية الاجتماعي ومشاكلها في الخارج.
3. متابعة قضايا ومشاكل المرأة الفلسطينية في المهجر والشتات عبر توفير خدمات إرشادية، واستشارات قانونية، وعبر القنصليات والممثليات الفلسطينية في الخارج.
4. إيجاد سياسات وطنية تأخذ بعين الاعتبار مشاكل المرأة وقضاياها في المهجر، وذلك بالتنسيق بين وزارة المرأة وبعض الوزارات ذات الصلة، مثل: (وزارة الشباب والرياضة، أو وزارة العمل) والممثليات الفلسطينية في الخارج بهدف تطوير الفرص النسائية في الخارج ودمجها في الحياة العامة.
5. إيجاد آلية تعمل على التنسيق بين الجاليات العربية في أوروبا وأمريكا والعالم العربي؛ بهدف توثيق الصلة ومحاولة دمجهن في قضايا المرأة الفلسطينية، واخراجهن من دائرة العزلة التي تعيشها النساء في المهجر خاصة في البلدان غير العربية.
6. اتخاذ آلية تسعى إلى دفع وتشجيع رؤوس الأموال الفلسطينية والعربية في الخارج في المساهمة في تقليص فقر النساء الفلسطينيات خاصة معيلات الأسر في المخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا والأردن وفي الضفة الغربية وقطاع غزة. وذلك بتوفير فرص عمل عن طريق مساعدتهن على خلق مشاريع صغيرة يمكن الاستفادة منها في البلد المضيف.
7. رفع مستوى المعرفة القانونية والحقوقية لدى النساء في المهجر، وتوفير الدعم لهن في هذا المجال.
8. تشكيل لجان مرأة تابعة للممثليات والسفارات الفلسطينية في الخارج، تهدف إلى العمل مع النساء في مختلف القضايا، وتمكنهن من المطالبة بحقوقهن في حالة التعرض للأذى بالتنسيق مع وزارة شؤون المرأة.
9. تطوير وتعزيز دور الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في الشتات. وتوفير الموارد اللازمة لمشاريع تأهيل وتدريب النساء في المخيمات. ودعم برامج المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تديرها النساء، حتى يسهم ذلك في تحسين ظروف المرأة المعيشية.
10. التركيز على مشاريع لم الشمل ووحدة الأسر الفلسطينية بالضغط على إسرائيل، والزامها بتطبيق ما ورد في الاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية الخاص بحق العودة ولم الشمل.
11. مطالبة دول الأعضاء في الأمم المتحدة بالتزاماتهم في الاستمرار بتمويل (الأونروا)، لتتمكن من تقديم خدمات الصحة والتعليم وتحسينها في مخيمات اللاجئين إلى حين العودة.
12. السعي بمختلف الوسائل لتنفيذ القرار الدولي الصادر عن الأمم المتحدة رقم 194 الذي يؤكد حق العودة للاجئين الفلسطينيين.
13. الضغط على الدول المضيفة بخصوص تحسين الظروف القانونية المتعلقة بالحقوق المدنية للاجئين الفلسطينيين، مثل: حق التنقل، وحق العمل، والتعليم وغيره.

* المصادر والمراجع:
1. "المرأة الفلسطينية الواقع الديمغرافي".
2. دراسات وتقارير. "المرأة الفلسطينية خارج الأراضي المحتلة".

* كتب وتقارير:
1. سرحان، باسم. تحولات الأسرة الفلسطينية في الشتات. بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية.
2. المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين - بديل. مسح شامل لعام 2002. اللاجئون والمهجرون الفلسطينيون. بيت لحم: مركز بديل، 2003.
3. شبلاق، عباس. الفلسطينيون في أوروبا اشكاليات الهوية والتكيف. القدس: مركز الدراسات المقدسية، 2005.
4. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. كتاب فلسطين الإحصائي السنوي رقم (5). رام الله: الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2004.
5. مستقبل اللاجئين الفلسطينيين وفلسطيني الشتات. عمان: مركز دراسات الشرق الأوسط، 2002.
6. Susan, Martin.. Refugee Women .. London: Zed Books Ltd

* اعداد:
- سيرين الشخشير/ رئيسة قسم البحوث الاجتماعية – وزارة شؤون المرأة.

المرأة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي

المرأة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي

تواجه المرأة الفلسطينية تحديات كثيرة تستنزف حياتها ومن أبرز التحديات التي تواجه المرأة الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي وتبعاته التي صقلت المرأة الفلسطينية ماسة فريدة تخوض ميادين الكفاح، وتسد ثغرات الوطن، لاسترداد حقوق شعبها المنكوب، وتحقيق حلم العودة والتحرير؛ علاوة على نضالها الاجتماعي الذي تخوضه للحصول على حقوقها الإنسانية، ولتحديد ما يلقى على عاتقها من واجبات في مشوارها نحو تحقيق مستقبل أفضل.

ويعج السجل الفلسطيني بأسماء نساء فلسطينيات تركن بصمات واضحة في الوعي الشعبي الفلسطيني، بدءاً من الأمهات المهجرات اللواتي شهدن النكبة الفلسطينية وعشن آثارها؛ فشكلن أعمدة الحياة والبقاء الفلسطيني في خيام اللاجئين؛ فقد اضطرتهنّ الظروف الجديدة إلى العمل في مختلف أوجه النشاط الاجتماعي والاقتصادي لسدّ رمق أبنائهن؛ لكي يعيشوا حياة العزة والكرامة والثورة، ولكي ينرن لهم طريق الخلاص والحرية.

وشكلت المرأة الفلسطينية في زمن الثورة الفلسطينية المعاصرة مثلًا أعلى، ونموذجًا يحتذى؛ فقد كانت خنساء عصرها التي دفعت بزوجها وأبنائها إلى أداء واجبهم الوطني، فزاوجت بذلك بين عبء الجهاد والمقاومة، وعبء الصبر؛ فضلًا عن معاناتها في تربية أبنائها.

واندفعت هذه المرأة العظيمة بعزيمتها العظيمة إلى مشاركة رجال فلسطين في ميادين الجهاد والكفاح؛ فارتقت شهيدة، وسقطت جريحة، وذاقت مرارة الأسر، وظلام السجون، وجور السجان، وبرودة الزنازين. وسجل التاريخ أسماء نجوم فلسطينية كان لهن أثرًا عظيمًا في قهر القهر؛ فكن منابع عطاء، ورفعن اسم فلسطين عاليًا، كشادية أبو غزالة، وفاطمة البرناوي، وليلى خالد، وعفيفة بنورة، ودلال المغربي.

وكان للمرأة الفلسطينية الأثر العظيم في كل المفاصل التاريخية للحركة الوطنية الفلسطينية؛ فكان حضورها في كافة ثورات الشعب الفلسطيني وانتفاضاته باهرًا؛ فقد اندفعت إلى مقدمة صفوف المقاومين وقاومت أعداء الحياة بروحها؛ وتقطعت سياط الجلاد على جسدها، وكانت سياجاً اجتماعياً واقتصادياً غذى استمرار الصمود والمقاومة الشعبية.

وللنساء اللاتي فقدن أزواجهن معاناة يعجز عن تحملها الكثير من الرجال، فقد أصبحن لعوائلهن أباء وأمهات، يقاسين صعوبة الحصول على لقمة العيش، يزاوجن بين أعباء النهار وهموم الليل؛ ويسهرن على راحة أبنائهن ومتطلبات الحياة التي لا تعرف الأعذار.

وقد شكلت المرأة الفلسطينية جمعيات ومؤسسات عديدة لإغاثة أسر الشهداء وكفالة أبنائهم، وللاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، وللنهوض بالوضع التعليمي للأسرة الفلسطينية؛ ما رفع شأن الإنسان الفلسطيني وأكسبه الاحترام العالمي كشعب متحضر.
ولا شك أن الواقع المعيشي للمرأة الفلسطينية صعب في كل أماكن عيشها؛ إلا أنه يتفاوت من دولة إلى أخرى؛ فالمرأة التي تعايش الاحتلال يوميًا تتعرض لتحديات عظيمة جدًا، وتستحق أن يُرفَع الجور عنها، وأن تسن القوانين وتؤخذ القرارات لإنصافها؛ وأن يكون لها حضورها في مواقع اتخاذ القرار.

واعترافًا منها بما تعانيه المرأة الفلسطينية من عذابات تحت الاحتلال؛ اعتمدت الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة (45 عضو) مشروع قرار بعنوان "حالة المرأة الفلسطينية وتقديم المساعدة إليها".

وكانت نتيجة التصويت التي جرت في اختتام دورتها السابعة والخمسين والتي عقدت بمقر الأمم المتحدة في نيويورك من 4 آذار/مارس إلى 15 آذار/مارس 2013 كالتالي: (25) لصالح القرار، (2) ضد (الولايات المتحدة، إسرائيل)، (10) إمتناع عن التصويت (اليابان، فنلندا، جمهورية كوريا، اسبانيا، استونيا، ألمانيا، إيطاليا، بلجيكا، هولندا، جورجيا).

ويعيد القرار تأكيد أن الإحتلال الإسرائيلي لا يزال يشكل العقبة الرئيسية التي تحول بين النساء الفلسطينيات وتقدمهن وإعتمادهن على النفس ومشاركتهن في تنمية مجتمعهن.

ويهيب القرار بالمجتمع الدولي الى مواصلة تقديم المساعدات والخدمات الملحة والمساعدات الطارئة بصفة خاصة للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية الخطيرة التي تعاني منها النساء الفلسطينيات وأسرهن والمساعدة في إعادة بناء المؤسسات الفلسطينية ذات الصلة.

ويطالب بأن تمتثل إسرائيل، السلطة القائمة بالإحتلال، إمتثالاً تاماً لأحكام ومبادئ وصكوك القانون الدولي ذات الصلة، من أجل حماية حقوق النساء الفلسطينيات وأسرهن، ويحث المجتمع الدولي على مواصلة إيلاء إهتمام خاص لتعزيز وحماية حقوق الإنسان للنساء والفتيات الفلسطينيات، وعلى تكثيف تدابيره الرامية إلى تحسين الظروف الصعبة التي تواجه النساء الفلسطينيات وأسرهن في ظل الإحتلال الإسرائيلي.

أن هذا القرار يعد نصر هام للمرأة الفلسطينية المناضلة على الصعيد الوطني والاجتماعي، ولأدوارها المتعددة التي تقوم بها على الرغم من الظروف الصعبة التي تواجهها.

وبناء على ما تقدم يمكن استعراض أبرز انتهاكات قوات الاحتلال ألإسرائيلي بحق المرأة الفلسطينية على النحو التالي:

-استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي للمرأة الفلسطينية بالقتل.
لم تمنع المواثيق الدولية ولا الأعراف ولا الأخلاق الإنسانية الاحتلال عن ممارسة ساديته وغطرسته في ممارسة نهمه للجريمة؛ فكانت المرأة الفلسطينية ميدانًا واسعًا وهدفًا لا يتحرج من النيل منه؛ فوقعت في كثير من الأحيان ضحية لاستهدافه المباشر.

ولا تتوفر إحصائيات دقيقة عن حوادث إصابات أو استشهاد النساء، من حيث الفئة العمرية أو مكان الاستهداف أو نوعية الإصابة أو وسيلة الاعتداء، لكن ثمة إحصائية نشرتها مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان بمناسبة يوم المرأة العالمي 2010م في تقرير لها، أنه بلغ عدد النساء اللاتي استشهدن خلال انتفاضة الأقصى 460 امرأة، منها 318 امرأة من قطاع غزة، و139 امرأة من الضفة الغربية، و3 نساء من فلسطينيي 48.

وأوضح تقرير لمنظمة العفو الدولية، أن النساء الفلسطينيات اللاتي استشهدن أو أصبن باعتداءات إسرائيلية، تعرضن لهذه الاعتداءات وهن في منازلهن أو بالقرب منها، أو في أثناء تنقلهن بين المدن والقرى. كما ذكر التقرير أنه في بعض الحالات لقيت النساء حتفهن تحت أنقاض منازلهن التي دمرها الجيش الإسرائيلي فوق رؤوسهن. كما قتلت عدة فتيات على يد قوات الاحتلال داخل الفصول الدراسية.

ونفت عدة تقارير دولية (منها تقارير الأمم المتحدة الخاصة بحالة المرأة الفلسطينية وتقارير منظمة العفو الدولية) ما تدعيه قوات الاحتلال الإسرائيلي من أن جنودها لا يستهدفون المدنيين الفلسطينيين؛ إذ إن الغارات الجوية وإطلاق النار يتم (بحسب شهادة المراقبين الدوليين والصحفيين الأجانب) بصورة متهورة وعشوائية ودون أي مبرر، على مناطق سكنية مكتظة.

وأكدت هذا مجموعة من الشهادات التي أوردها تقرير لمنظمة العفو الدولية، منها استهداف فتيات على طريق المدرسة أو على مقاعد الدراسة مثل: رغدة الأعسر، وغدير مخيمر، ورانيا أدام، وإيمان الهمص؛ وكذلك شهادات عن نساء استهدفن وهن في منازلهن، مثل: سوزان حجو وابنتها الشهيدة إيمان حجو ووالدتها (جدة الطفلة).

أما بخصوص مكان الإصابة؛ فذكرت إحصائية "مركز إعلام ومعلومات المرأة الفلسطينية" أن 49% من الشهيدات تم استهدافهن في جميع أنحاء جسدهن (44.9% من الشهيدات في الضفة الغربية و53.7% من الشهيدات في قطاع غزة)؛ مقابل 20.5% استشهدن نتيجة إصابتهن في الرأس والرقبة ( 13.8% في الضفة الغربية و28.1% في قطاع غزة)؛ و8.1% في الصدر والبطن (8.7% في الضفة الغربية، و7.4% في قطاع غزة).

وتجدر الإشارة إلى أن قوات الاحتلال تحتجز في "مقابر الأرقام" جثامين لنساء فلسطينيات، دون مراعاة لحرمة الأموات أو لمشاعر ذويهن. ومن بين هؤلاء اللاتي ما تزال جثامينهن عند قوات الاحتلال: آيات الأخرس، ودارين أبو عيشه، ووفاء إدريس وهنادي جرادات، وهبة ضراغمة.

المرأة الفلسطينية ضحية لرصاص الاحتلال وقصف طائراته وقذائف مدافعه وهرواته "الجريحات"
لم تسلم المرأة الفلسطينية من بطش أيادي الإجرام التي لم ترع حرمة الدم الفلسطيني، فأشاعت ثقافة العنف بين جنودها، حتى غدوا مخلوقات تحاكي أفلام الرعب في بطشها، مدفوعين بنهم السيطرة والسادية، لا يفهمون لغة الرحمة ولا قوانين الإنسان. وقد وضعت سلطات الاحتلال القوانين التي تشرع الجريمة بحق شعب مسالم أعزل؛ فأراقوا دماءه، وانتهكوا حرماته؛ ولم تفرق بنادقهم بين نسائه ورجاله.

لم تسلم المرأة الفلسطينية من بطش أيادي الإجرام التي لم ترع حرمة الدم الفلسطيني، فأشاعت ثقافة العنف بين جنودها، حتى غدوا مخلوقات تحاكي أفلام الرعب في بطشها، مدفوعين بنهم السيطرة والسادية، لا يفهمون لغة الرحمة ولا قوانين الإنسان. وقد وضعت سلطات الاحتلال القوانين التي تشرع الجريمة بحق شعب مسالم أعزل؛ فأراقوا دماءه، وانتهكوا حرماته؛ ولم تفرق بنادقهم بين نسائه ورجاله.

ونتيجة لهذا النهج الاحتلالي الإحلالي وقعت المرأة الفلسطينية ضحية لرصاص الاحتلال وقصف طائراته وقذائف مدافعه، فجرحت العديد من النساء الفلسطينيات اللاتي لا يمكن الإحاطة بوصف معاناتهن المتواصلة، حيث فقدت العديد منهن أبصارهن، أو استقرت رصاصات القتل في أجسادهن، أو بترت أطرافهن.

تعرض المرأة الفلسطينية للأعتقال وسوء المعاملة "الأسيرات":
على مدار سنوات الصراع الطويلة مع إسرائيل، دخلت السجون الإسرائيلية أكثر من 15.000 امرأة وشابة فلسطينية، ولم تميز إسرائيل بين كبيرة في السن أو قاصرة (أقل من 18 عاماً). وقد حدثت أكبر عملية اعتقالات بحق النساء الفلسطينيات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م؛ إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوف النساء إلى 3000 أسيرة فلسطينية.

على مدار سنوات الصراع الطويلة مع إسرائيل، دخلت السجون الإسرائيلية أكثر من 15.000 امرأة وشابة فلسطينية، ولم تميز إسرائيل بين كبيرة في السن أو قاصرة (أقل من 18 عاماً). وقد حدثت أكبر عملية اعتقالات بحق النساء الفلسطينيات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987م؛ إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوف النساء إلى 3000 أسيرة فلسطينية.

وخلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت عام 2000م؛ وصل عدد حالات الاعتقال بحق النساء الفلسطينيات إلى ما يقارب 900 امرأة.

ومنذ منتصف عام 2009م تراجع عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال؛ إذ بلغ عددهن 36 أسيرة فلسطينية؛ بعد أن تم الإفراج عن 21 أسيرة فلسطينية، مقابل شريط فيديو سلمته حركة حماس لإسرائيل عن الجندي الإسرائيلي الأسير "جلعاد شاليط" يوم 1/10/2009م. واستقر هذا العدد خلال عام 2010م، ليعود من جديد إلى التراجع في أعقاب عملية تبادل الأسرى المبرمة بين المجموعات الآسرة للجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" من جهة، والحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى، والتي تمت في 18 تشرين الأول عام 2011م؛ حيث أسفرت عن أطلاق سراح 27 أسيرة فلسطينية، وبذلك تقلص عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى تسع أسيرات، لم تشملهن صفقة التبادل في المرحلة الأولى، سرعان ما أرتفع هذا العدد باعتقال خمس أسيرات أفرج عن ثلاث أسيرات منهن خلال فترة وجيزة، ليرتفع عدد الاسيرات إلى 11 أسيرة حتى تاريخ 23 كانون الأول 2011، وهو موعد إتمام المرحلة الثانية من صفقة التبادل، لتفرج سلطات الاحتلال عن ست أسيرات، وتبقي خمسًا منهن رهن الاعتقال.

وفي مطلع عام 2012 اعتقلت سلطات الاحتلال 22 امرأة فلسطينية، أفرج عن غالبيتهن بعد أيام من اعتقالهن، كما أفرج عن بعض الأسيرات بعد إنهاء فترة الحكم، ليستقر العدد بتاريخ 17 نيسان 2012 على خمس أسيرات.

وحتى مطلع شهر نيسان 2013 تحتجز نادي سلطات الاحتلال الإسرائيلي في سجن \"هشارون\" 12 أسيرة منهن 7 أسيرات محكومات 5 منهن موقوفات في ذات السجن أقدمهن الأسيرة لينا جربوني من عرابة الداخل والتي اعتقلت بتاريخ 18 نيسان 2002 وتقضي فترة حكم بـ17 سنة، ولينا احمد جربوني من عرابة البطوف (الأراضي المحتلة عام 48)، معتقلة منذ 18/4/2002 وتقضي حكماً بالسجن لمدة 17 سنة، ومنار الزواهرة من بيت لحم، و معتقلة منذ 13/9/2012 وتقضي حكماً بالسجن لمدة سنة، وإنعام الحسنات من بيت لحم، و معتقلة منذ 13/8/2012 وتقضي حكماً بالسجن لمدة سنتين، وأسماء البطران من الخليل، معتقلة منذ 27/8/2012 وتقضي حكماً بالسجن لمدة 10شهور، وهديل ابو تركي من الخليل، معتقلة منذ 26/7/2012 وتقضي حكماً بالسجن لمدة سنة، سلوى حسان من الخليل، معتقلة منذ 19/10/2011 وتقضي حكماً بالسجن لمدة 21 شهر، وانتصار محمد الصياد من القدس، معتقلة منذ 22/11/2012 وتقضي حكماً بالسجن لمدة عامين ونصف، وآلاء الجعبة من الخليل، معتقلة منذ 12/7/2011 وهي موقوفة، وآيات يوسف محفوظ من الخليل، معتقلة منذ 4/2/2013 وهي موقوفة، ونوال سعيد السعدي من جنين، معتقلة منذ 5/11/2012 وهي موقوفة، ومنى حسين قعدان من جنين، ومعتقلة منذ 13/11/2012 وهي موقوفة، وألاء محمد ابو زيتون معتقلة منذ 9/2/2013 وهي موقوفة.

وينص القانون الدولي في عدة اتفاقيات على وجوب معاملة الأسرى بكرامة، خاصة بالنسبة للأسيرات. ومن أبرز هذه الاتفاقيات: اتفاقيات جنيف، واتفاقية مناهضة التعذيب، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ إلا أن إسرائيل كانت وما تزال تنتهك هذه الحقوق، وتعامل النساء الاسيرات معاملة مهينة وقاسية، وتحتجزهن في ظروف صعبة، وتحرمهن في أغلب الأحيان من الرعاية الصحية، ومن الغذاء الكافي، ومن حقهن في حضانة أولادهن، أو حتى رؤيتهم؛ بالإضافة إلى أساليب التحقيق والتعذيب المهينة، التي تتم أحيانا على يد محققين أو سجانين رجال؛ بخلاف ما ينص عليه القانون الدولي من وجوب توكيل الإشراف المباشر عليهن إلى نساء سجّانات، دون الاحتكاك بهن من قبل السجانين الذكور، وعدم جواز تفتيشهن إلا من قبل إمرأة، وضرورة فصل الفتيات القاصرات عن النساء البالغات.

وذكر تقرير الأمم المتحدة أن السجينات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية يتعرضن للعنف خلال مرحلتي التحقيق والحبس، كما أبلغت اللجنة الخاصة بوضع المرأة في الأمم المتحدة: أن إحدى السجينات الحوامل أجبرت على الجلوس مقيدة اليدين على كرسي صغير معصوبة العينين، وضربت على وجهها، وأن بعض السجينات وضعن في السجن وهن مقيدات في أَسِرَّتِهن.

وذكر "صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة"، أن ثماني أسيرات فلسطينيات حوامل وضعن حملهن أثناء وجودهن بالسجن، وأن هناك 131امرأة غير مسموح لهن برعاية أطفالهن، وأن ست سجينات حرمن من الزيارات العائلية، وأن ثماني نساء أفادت الفحوصات الطبية بأنهن يعانين من مشاكل نفسية حادة.

كما أفاد تقرير لمنظمة العفو الدولية أن النساء الفلسطينيات خلال استجوابهن يتعرضن للضرب أو الصفع أو اللكم، وأنه تم تقييدهن بكراس في وضع غير مريح، ووجهت إليهن تهديدات، وأن المحققين الذكور جلسوا على مسافة قريبة جدًا منهن ولامست أجسادهم أجسادهن، وشعرن بأن القصد الواضح من وراء ذلك هو تخويفهن وإشعارهن بالحرج.

كما تعرضت المعتقلات لتهديدات بتدمير منازل عائلاتهن، وإصدار أحكام طويلة بالسجن عليهن، واعتقال أفراد عائلاتهن المسنين والأولاد الصغار.

ولا تتوقف قائمة الانتهاكات الإسرائيلية الطويلة بحق الأسيرات عند هذا الحد؛ بل إن صورة معاناة الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية هي صورة قل نظيرها في سجون العالم كله، فأشكال التعذيب والمعاملة القاسية تشمل: أساليب التفتيش العاري، والتحرش الجنسي، والتهديدات بالاغتصاب، والاقتحام المفاجئ للغرف ليلا من قبل السجانين الذكور، وتمزيق المناديل(أغطية الرأس) والجلابيب؛ ووضع السجينات في ظروف صحية صعبة مع منعهن من الزيارات في أغلب الأوقات.

هذا بجانب وضعهن مواليدهن داخل السجن في ظروف قهرية صعبه تفتقر للحد الأدنى من الرعاية الطبية، حيث تنقل الأسيرات الحوامل من السجن إلى المستشفى في ظروف صعبة تفاقم المعاناة، تحت حراسة عسكرية وأمنية مشددة، مكبلات الأيدي والأرجل بالأصفاد المعدنية، ويقيدن في الأسرة بالسلاسل الحديدية أيضا، حتى لحظة دخولهن لغرف العمليات. وتتم الولادة من دون السماح لعائلات الحوامل بالحضور والوقوف إلى جانبهن.

وتستمر معاناة الأسيرة الحامل إلى ما بعد مرحلة الولادة؛ حيث يعاد تقييدها بالسلاسل في السرير الذي ترقد عليه، ويعامل مولدوها الجديد كأسير؛ لا كطفل رضيع يحتاج إلى توفير رعاية خاصة؛ فيحرم من راحة وعناية صحية فائقة وغذاء وحليب ومطاعيم ضرورية وغيرها.

فيحتجز هؤلاء المواليد مع أمهاتهم في ظروف الاعتقال المزرية نفسها، ويحرمون من أبسط حقوق الطفولة، ويتعرضون لأقسى أنواع القهر والحرمان التي تتعرض لها أمهاتهم عندما يقمعن وتقتحم غرفهن ويتم رشهن بالغاز أو المياه الباردة، بالإضافة لانتشار الحشرات وندرة المياه الساخنة وانعدام التهوية؛ ما يعرض الأطفال للمرض في غياب الرعاية الصحية.

وفي أحيان كثيرة؛ تقدم إدارة السجن على مصادرة حاجياتهم الخاصة وألعابهم القليلة التي يرسلها لهم الصليب الأحمر؛ وفي أحيان أخرى تعاقب الأسيرات على بكاء أطفالهن وصراخهم.

الاحتلال وممارساته على المرأة الفلسطينية في النواحي الاجتماعية والاقتصادية:
تعيش المرأة الفلسطينية في الأراضي المحتلة حياة تمتزج فيها صعوبات الحياة اليومية وأعباؤها بمعاناتها جراء ممارسات الاحتلال الجائرة، التي تشمل: سياسة إغلاق صارمة، ومنع تجول، وتعطيل للعملية التعليمية، وهدم منازل، ومصادرة أراض، وتجريف مزروعات، وهجمات مستمرة، وغارات تستهدف في معظم الأحيان المناطق السكنية، وتتحكم بكل تفاصيل الشؤون المدنية والحياتية للفلسطينيين في الأراضي المحتلة بذرائع أمينة مختلقة.

الحصار والقيود المفروضة على حرية الحركة:
زادت قوات الاحتلال في السنوات الأخيرة من القيود المفروضة على تنقلات الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، فصار الوطن سجنًا كبيرًا؛ فإلى جانب الحواجز ونقاط التفتيش التي يفوق عددها 560 حاجزًا في الضفة الغربية، وإغلاق المعابر الرئيسية لقطاع غزة، والإغلاقات المتكررة، ومنع التجول؛ تابعت سلطات الاحتلال بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية حتى صدور القرار الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الذي ينص على عدم قانونية هذا الجدار؛ فضاعف معاناة الشعب الفلسطيني بكل شرائحه، وأدى إلى حرمانه من حقوق إنسانية جوهرية أخرى، كالحق في العمل، والحق في الحصول على الرعاية الطبية، والحق في التعليم.

وقد عد تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا نظام الإغلاق الإسرائيلي (الجدار، والحواجز، والتصاريح، وغيرها) سببًا أساسيا من أسباب الفقر والأزمة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما أكدت لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في أيار/مايو 2003 أنها تتابع بقلق بالغ" الأوضاع المعيشية المستهجنة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، الذين يعانون استمرار الاحتلال وما يترتب عليه من تدابير الاغلاق، وحظر التجول المطول، والحواجز المقامةعلى الطرق، ونقاط التفتيش الأمنية، وانتهاك لحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وبخاصة الوصول إلى أعمالهم وأراضيهم، والحصول على الماء والرعاية الصحية والتعليم والغذاء.

إن نسبة النساء الفلسطينيات اللاتي سقطن شهيدات على المعابر من مجمل النساء اللاتي استشهدن بعد اندلاع انتفاضة الأقصى وحتى تاريخ 28/2/2005 بلغت 18. 1%.

وذكر المقرر الخاص المعني بحقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل منذ سنة 1967، بأن الاحتلال والجدار ينتهكان حقوق المرأة، وأن النساء الفلسطينيات يتعرضن بصورة روتنية إلى المضايقة والتخويف وسوء المعاملة عند نقاط التفتيش والبوابات، كما يتعرضن للإذلال أمام أسرهن، ويتعرضن للعنف الجنسي من قبل الجنود والمستوطنين. وبسبب ذلك تضطر العديد من الفتيات والنساء إلى ترك تعليمهن العالي أو عملهن؛ حيث تمانع العديد من العائلات في ترك بناتها يتعرضن للتجربة المهينة المتمثلة في الانتظار عند نقاط التفتيش أو حواجز نقاط العبور وتفتيشهن، أو تعرضهن لتحرش الجنود الإسرائيليين، أو اضطرارهن إلى السير مسافات طويلة لتفادي مثل هذه التجارب.

تشتيت شمل العائلة:
أدت ممارسات الاحتلال وسياسته المتعمدة في الإغلاق الدائم إلى تشتيت شمل العديد من العائلات؛ وتفرض مثل هذه السياسات على المرأة قيودا تحد من حريتها في زيارة أهلها وأقاربها، في الخارج؛ إذ تخشى ألا تتمكن من العودة إلى عائلتها، أو من المكوث طويلا على الحدود، بما يعنيه ذلك من نفقات إضافية، آخذين بعين الاعتبار نسب الفقر والبطالة العالية، التي تنتج أيضًا عن ممارسات الاحتلال.

كما تبرز في هذا المجال معاناة فلسطينيي الأراضي المحتلة سنة 1948 وشرقي القدس، حيث أصدر الكنيست الإسرائيلي في تموز/ يوليو 2003 قانونًا يمنع جمع شمل عائلات المواطنين الإسرائيليين المتزوجين من فلسطينيي الأراضي المحتلة سنة 1967 (الضفة الغربية وقطاع غزة)؛ مرسخا بذلك ما كانت تمارسه سلطات الاحتلال رسميا منذ مطلع 2002، وبصورة غير رسمية منذ مدة أطول بكثير، حسب تقرير لمنظمة العفو الدولية؛ فقد أدى هذا القانون إلى منع لم شمل آلاف العائلات ممن تنطبق عليهم هذه الحالة.

أما النساء الفلسطينيات المتزوجات من رجال فلسطينيين من داخل أراضي 1948 أو القدس، واللاتي رفضت طلباتهن لجمع شمل عائلاتهن، فلا يملكن في سبيل الحفاظ على عائلاتهن من التفكك إلا العيش مع أزواجهن بصورة "غير قانونية"؛ فيصبحن "أسيرات منازلهن" لا يمكنهن الخروج والتنقل بحرية؛ حتى لا يقبض عليهن، ويطردن إلى مناطقهن في الضفة الغربية أو قطاع غزة وينفصلن عن أزواجهن وأطفالهن.

وتشير بعض الدراسات الاجتماعية إلى أن البطالة في صفوف معيلي الأسر تجُرُّ أزمة اجتماعية وعائلية؛ إذ تخلق قلبًا لأدوار الأبوين يترتب عليه زيادة في مستوى العنف الأسري؛ فقد ذكر تقرير "المركز النسائي للمساعدة القانونية والإرشاد" أن فرض القيود على تنقل الرجال، يضطر العديد من النساء إلى الخروج من (شرنقتهن المنزلية التي تحميهن) للبحث عن وظائف لإعالة أسرهن؛ في حين يبقى أزواجهن الذكور في المنزل! وقد أخل هذا القلب القسري والفجائي باستقرار العلاقات الأسرية في العديد من العائلات؛ نتيجة تنازع السيطرة على العائلة بين الزوج والزوجة.

هدم المنازل ومصادرة الأراضي وتجريف المزروعات:
انتهجت إسرائيل منذ احتلالها للأرضي الفلسطينية عام 1967، سياسة هدم المنازل أو إغلاقها؛ بذرائع متعددة، منها: الذرائع الأمنية، أو قرب هذه المنازل من المستعمرات، أو وقوعها بمحاذاة الطرق الالتفافية، أو بدعوى البناء دون ترخيص؛ عقابًا لرجال المقاومة، ولإلحاق الضرر بأقاربهم، كوسيلة ردع لغيرهم تثنيهم عن الاشتراك في المقاومة.

ويعد المنزل المملكة الصغيرة للمرأة؛ فهي تقوم على شؤونه، وتسعى لجعله مكانًا مثاليًا تربي فيه أبناءها وتؤدي فيه دورها كزوجة وأم؛ لذا تعد سياسة هدم المنازل اعتداء مباشرًا على المرأة الفلسطينية، تهدم حلمها، وتشتت أسرتها، وتوقع على عاتقها عبئًا جديدًا.

وقد انتهج الاحتلال سياسة هدم البيوت دون تحذير مالكيها مسبقًا، وغالبا ما تكون في الليل، وقد تعطى مهلة لإخلاء المنزل لا تتجاوز بضع دقائق؛ ولهذا سجلت حالات نساء جرحن خلال مغادرتهن منازلهن، كما سجلت حالات استشهاد نساء هدمت منازلهن فوق رؤوسهن.
وقد توسعت إسرائيل في السنوات التي تلت اندلاع انتفاضة الأقصى في انتهاج هذه السياسة. وزاد جدار الفصل العنصري الطين بلة؛ فقد تسارعت عمليات الهدم، وقفزت أرقام مساحات الأرض التي صادرتها قوات الاحتلال.

وشدد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالسكن الملائم، في أكثر من مرة، على ما تلحقه عمليات هدم المنازل من أذى بالنساء والأطفال والمسنين، وما تؤدي إليه من زيادة العبء الاقتصادي والنفسي على النساء الفلسطينيات.
ويشير تقرير إحصائي صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى وجود 29 ألف و314 أسرة تعيش في مساكن تعرضت لهدم كلي أو جزئي على يد الاحتلال خلال الفترة من 28/9/2000 حتى 15/6/2006، منها 15 ألف و267 أسرة في الضفة الغربية و14 ألف و47 أسرة في قطاع غزة.

وبسبب الفقر والأوضاع المعيشية الصعبة؛ تضطر العائلات التي فقدت منازلها إلى الانتقال للعيش مع الأقارب، الذين عادة لا يملكون مكانًا كافيًا لإيواء عائلة أخرى؛ ما يسبب ازعاجًا وضيقًا نفسيًا لهذه الأسر.

ويشير تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أنه في حين ستحتاج 454 ألف و697 أسرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى بناء وحدات سكنية جديدة خلال السنوات العشر المقبلة؛ فإن 117 ألفًا و909 أسر فقط ستكون قادرة على تحقيق ذلك.

من المعروف أن الأسرة الفلسطينية تعتمد على الزراعة كمصدر من مصادر العيش الأساسي؛ والمرأة تلعب دورا بارزا في هذا القطاع، فهي تقف إلى جانب زوجها في فلاحة الأرض وخدمتها، ورعاية المواشي والإشراف عليهن؛ لهذا تتسبب سياسة مصادرة الأراضي وتجريفها من قبل سلطات الاحتلال في فقد المرأة مصدر عيش أسرتها، وتوقعها في أزمة اقتصادية ونفسية عظيمة.

ورغم ادعاء الحكومة الإسرائيلية بأن الجدار لن يؤثر على ملكية الأراضي ولا على إمكانية وصول السكان إلى مصادرة رزقهم؛ إلا أنها صادرت أكثر من 230كم من أخصب أراضي الضفة الغربية (نحو 15% من جميع الأراضي الزراعية بالضفة الغربية).

كما إن الجدار حال بين الفلسطينيين والوصول إلى 95% من مواردهم المائية الضرورية للزراعة المروية، ونتيجة ذلك فقدت أكثر من سبعة آلاف أسرة فلسطينية مصدر رزقها. ونبه تقرير لمكتب العمل الدولي إلى الضرر الذي يلحق بالنساء نتيجة ذلك؛ حيث تشكل النساء غالبية القوى العاملة في الزراعة.

سياسة اعاقة تقديم الخدمات الطبية:
عانت المرأة الفلسطينية من الناحية الصحية الأمرين جراء ممارسات الاحتلال؛ لتعذر تأمين المرافق الطبية والرعاية الصحية اللازمة، وتعذر وصول المرأة إليها؛ نتيجة وقوع بعض المناطق الفلسطينية خلف الجدار الفاصل، خارج سيطرة السلطة الوطنية الفلسطينية.

كما أن سياسات الاحتلال وممارسات جنوده غير الإنسانية على الحواجز وبوابات الجدار وإغلاقها المتكرر حالت دون وصول الخدمات الطبية في الوقت المناسب؛ ما أثر على الصحة النفسية والإنجابية للمرأة وسلامة المولود.

وذكر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة سنة 2006، المتعلق بتقديم المساعدة إلى الشعب الفلسطيني، أن إغلاق الأراضي المتواصل في قطاع غزة والضفة الغربية ومنع التنقل بينهما، شل قدرة نظام الصحة الفلسطيني على العمل بالمستوى المطلوب.

كما أشارت منظمة الصحة العالمية أن الأزمة المالية التي تفاقمت منذ فوز حماس في الانتخابات وتشديد الحصار على الحكومة الفلسطينية، أدت إلى تهديد الخدمات الصحية وتوقفها عن غالبية الشعب الفلسطيني وخاصة النساء؛ وعجزها عن توفير الأدوية والأجهزة والمستلزمات الطبية الضرورية لتلبية حاجة المستشفيات الفلسطينية؛ ما اضطر المرضى الفلسطينيين الذين يعانون أمراضًا مستعصية للجوء إلى المستشفيات المصرية أو الإسرائيلية أو دول أخرى، خاصة مرضى السرطان، ولا سيما النساء.

وبحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني ومنظمة العمل الدولية، فقد شكل تقييد حرية التنقل عن طريق تدابير الإغلاق عقبة رئيسية أما وصول الفلسطينيين للخدمات الصحية، حيث أشارت 52.5% من الأسر إلى تدابير الإغلاق، و53.6% من الأسر إلى نقاط التفتيش العسكرية، و16% من الأسر في الضفة الغربية إلى الجدار؛ بوصفها عقبات أمام الحصول على الخدمات الصحية والريفية، خاصة بالنسبة للنساء في القرى المعزولة بنقاط التفتيش عن المدن التي توجد فيها المستشفيات؛ كما تؤدي هذه القيود إلى تأـخر وصول الكوادر الطبية وأطقم الإسعاف إلى الحالات المستعجلة، ومن بينها الولادات؛ نتيجة اضطرار سيارات الإسعاف إلى سلوك طرق التفافية طويلة؛ ونقل المرضى من سيارة إسعاف إلى أخرى.

وتتأثر المرأة الفلسطينية الحامل، خاصة عند مرحلة الوضع بهذه السياسة، حيث اضطرت الكثير من الحوامل إلى وضع مواليدهن على الحواجز، في بيئة تفتقد لأدنى مقومات النظافة والرعاية الصحية والطبية المطلوبة للأم والمولود.

وأشار تقرير "مسألة الفلسطينيات الحوامل اللاتي يلدن عند نقاط التفتيش الإسرائيلية" الذي رفعته المفوضية السامية لحقوق الانسان في الأمم المتحدة بتاريخ 23/2/2007، إلى أن الفترة 2000-2006 شهدت تسجيل 69 حالة من حالات النساء الفلسطينيات الحوامل، اللاتي ولدن عند نقاط التفتيش الإسرائيلية وفقا لبيانات مركز المعلومات الصحية التابع لوزارة الصحة الفلسطينية. ومن بين هذه الحالات، توفي 35 وليدًا عند نقاط التفتيش؛ لعدم حصول الأمهات على الرعاية العاجلة اللازمة لحالتهن، وتوفيت خمس نساء عند الولادة، كما أصيبت ست نساء حوامل بجروح عند نقاط التفتيش؛ نتيجة تعرضهن للضرب واطلاق النيران والغازات السامة على يد الجنود الإسرائيليين.

وأشار التقرير ذاته إلى أنه نتيجة لنقاط التفتيش؛ تتعرض نحو 10% من النساء الحوامل اللاتي رغبن في الولادة بالمستشفى للانتظار مدة تتراوح بين ساعتين وأربع ساعات، قبل الوصول إلى المرافق الصحية؛ وتحتاج نحو 6% من النساء الحوامل إلى أكثر من أربع ساعات للوصول إلى تلك المرافق؛ في حين أنه قبل انتفاضة الأقصى كان معدل الفترة الزمنية اللازمة للوصول إلى المرافق الصحية تتراوح بين 15- 30 دقيقة. وأدت الخشية من مواجهة مثل هذه المشاكل إلى تفضيل عدد كبير من النساء الفلسطينيات الحوامل الولادة في المنزل؛ حيث زادت حالات الوضع في المنازل بنسبة 8.2%.

وتشتد معاناة النساء اللاتي يسكن في القرى والمناطق الريفية وقرى الضفة الغربية التي يحاصرها جدار الفصل العنصري من هذه المشكلة؛ إذ تستغرق الرحلة ساعات طويلة، وتصبح في الليل مستحيلة.

وأشارت "اليونسف" في تقريرها المتعلق بالعمل الإنساني لسنة 2006 إلى أن الحصار الذي يعاني منه قطاع غزة أدى إلى نقص في المعدات الأساسية اللازمة لصحة الأم والرضيع؛ وإلى أن حالات الولادة المبكرة ونقص وزن المواليد المتصلة بالحالة الصحية للأم، ونوعية الخدمات الصحية المقدمة للأمهات في فترة النفاس وللمواليد، تسبب في 46% من وفيات الرضع في القطاع الذي يعاني الحصار ونقص المواد الغذائية؛ حيث يشير التقرير السنوي الصادر عن "دائرة الصحة وتنمية المرأة" في القطاع إلى ارتفاع نسبة انتشار فقر الدم بين النساء أثناء الحمل وقبل الولادة؛ إذ بلغت 69% بين النساء اللواتي شملهن برنامج الزيارات المنزلية التابع لمشروع صندوق الأمم المتحدة للسكان، في القطاع سنة 2006.

وكان للاحتلال الإسرائيلي في مصادرته للموارد المائية، وإلقائه مخلفات المستوطنات في الأراضي الفلسطينية دورًا كبيرًا في تفاقم المشاكل الصحية وسوء التغذية كمًا ونوعًا عند النساء الفلسطينيات بشكل عام، وعند الحوامل والمرضعات والأطفال بشكل خاص.

تجدر الإشارة أيضا إلى أن تزايد العنف والعزل والقيود على التنقل التي يمارسها الاحتلال على الأراضي الفلسطينية والتدهور الاقتصادي الخطير، أسباب أدت إلى ضغوط ومعاناة نفسية صعبة عند المرأة الفلسطينية، وولدت لديها شعورًا بانعدام الأمن والأمان.
وأشار مسح قام به الجهاز المركزي للاحصاء الفلسطيني في سنة 2001 إلى أن أكثر من نصف النساء اللواتي شملهن البحث قد أفدن بالتعرض لنوبات بكاء، وأن ثلثهن صرخن بأنهن يفكرن أكثر مما ينبغي بالموت؛ فيما اشارت 46% إلى شعورهن باليأس والإحباط؛ و24% إلى احساسهن بالغضب ومعاناة الانهيار العصبي.

وتشير العديد من التقارير إلى أنه وفي مثل هذه الأوضاع الصعبة، خاصة الفقر المتزايد: تتجه عدة نساء فلسطيينات، بشكل متزايد، إلى إهمال صحتهن؛ إذ أنهن إزاء المصاعب التي يواجهنها، يشعرن بالعجز عن ايلاء الأهمية الضرورية لوضعهن الشخصي، ويركزن على العناية باطفالهن والأفراد الآخرين في عائلاتهن، قبل الاهتمام بأنفسهن.

انتهاك حق المرأة بالتعليم:
تدهور التعليم، مثل مناحي الحياة الأخرى؛ بسبب الممارسات الإسرائيلية والإغلاقات المتكررة؛ فقد كانت المدارس والمؤسسات التعليمية، في الكثير من الأحيان، عرضة للاستهداف المباشر أو التدمير، أو تم تحويلها إلى مراكز اعتقال مؤقت. وكان لنقاط التفتيش والحواجز أثرها السلبي الأشد على الطالبات؛ فقد اضطرت العديد من الأسر إلى منع بناتها من الذهاب للمدرسة؛ تجنبا للإهانات المتكررة التي يتعرضن لها من جنود الاحتلال على حواجز التفتيش، وساعات الانتظار الطويلة. وقد اضطرت العديد من الفتيات إلى ترك المرحلة الثانوية والتعليم العالي لمساعدة أسرهن في تأمين مدخول مادي في ظل ارتفاع البطالة وازدياد الفقر، إلى جانب دفع بعض الأسر الفقيرة بناتهن للزواج المبكر للتخلص من العبء المادي الملقى عليهم في ظل الظروف الاقتصادية المتردية في الأراضي الفلسطينية.
وتشير الدراسات إلى أن اكتمال بناء جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية سيؤدي إلى إلحاق الضرر بـ 170 طالبًا وطالبة، نصفهم من الفتيات في 320 مدرسة. وذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية سببين رئيسين يجعلان الواقع المذكور أعلاه أكثر صعوبة على الطالبات الإناث منه على الطلبة الذكور، وهما: أولا- تدهور الوضع الاقتصادي وازدياد الفقر؛ إذ إن العائلات اللاتي لا تستطيع تسديد مصاريف التعليم الجامعي لعدة أولاد، تعطي الأولوية في التعليم الجامعي للأبناء الذكور؛ لأنه يتوقع منهم أن يتمكنوا من إعالة عائلتهم عندما يتزوجون. ثانيًا- إن بعض العائلات، خاصة في المناطق الريفية أو فئات المجتمع المحافظة، لا تسمح لبناتها بالعيش بعيدا عن المنزل؛ خشية تعرضهن للأخطار المحتلمة في حال ذهابهن إلى الجامعات يوميًا، كالاضطرار إلى المبيت عند نقطة التفتيش وعدم التمكن من العودة إلى المنزل ليلاً، وهذا أمر تكرر حدوثه عند العديد من الفلسطينيين.

الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود، للكاتب آلان هارت -3-

نتابع: الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود للكاتب آلان هارت
العرض العام:
يقع الكتاب الثالث الصادر عن دار كلاريتي للنشر في 392 صفحة، ويعتبر استكمالا للكتابين السابقين. وفي هذه الأجزاء الثلاثة يعرض الكاتب لتاريخ الصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي وما شهده من تقلبات وانعطافات حادة منذ العام 1948 وحتى الوقت الحاضر.
ويُعتبر هارت من أكثر الكتّاب والصحافيين الغربيين اطلاعا على تاريخ وصراع الشرق الأوسط على مدار العقود الأربعة الماضية، وقد أصدر في العام 1984 كتابا عن الرئيس ياسر عرفات بعنوان "عرفات: إرهابي أم صانع سلام"، حاول من خلاله التدليل على حقيقة أن عرفات يريد السلام، ويبحث عن تسوية تحقق قدرا من العدالة لشعبه، وتضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقد أفرد هارت مساحة خاصة في كتابه الجديد لمناقشة الدور الذي لعبه عرفات في إعادة القضية الفلسطينية إلى واجهة الاهتمام في العالم، بعدما حاولت إسرائيل والأوساط الصهيونية والمتحالفة معها إغلاق ملف القضية الفلسطينية بعد العام 1948.
عرف هارت خلال سيرته المهنية الطويلة كمراسل صحافي ومعد للبرامج في هيئة الإذاعة البريطانية العديد من زعماء المنطقة عن قرب، وأجرى حوارات معهم، وقام أحيانا بدور الوسيط بين الرئيس عرفات وبعض القادة الإسرائيليين لتقريب وجهات النظر وجسر الفجوة في مواقف الطرفين لتحقيق السلام.

يعالج هارت في الجزء الثالث ما طرأ على الصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي من تحوّلات منذ العام 1967 ويصل إلى نتائج منها أن الدول الغربية الكبرى مارست سياسة الكيل بمكيالين في الشرق الأوسط، حيث تغاضت عن احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، وعن مصادرة واستيطان الأراضي الفلسطينية، كما قامت بحماية إسرائيل بالمعنى المادي والدبلوماسي، وبالتالي خلقت سابقة خطيرة في العلاقات الدولية، فأصبحت إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم القادرة على انتهاك القانون الدولي والإفلات من العقاب.
وفي السياق نفسه يخلص هارت إلى خلاصة مفادها أن إدارة الرئيس باراك أوباما مُطالبة بالتدخل لتمكين الفلسطينيين من الحصول على قدر من العدالة وتحقيق المصير، وفي ذلك ما يخدم مصلحة الولايات المتحدة، والسلم والاستقرار في العالم. وإذا لم يتحقق ذلك فإن الدولة الإسرائيلية لن تتوّرع عن إلحاق المزيد من المآسي بالفلسطينيين.
في الجزء الثاني من الكتاب يحاول هارت تفنيد المزاعم الإسرائيلية، والدعاية الصهيونية، حول تعرّض إسرائيل لمخاطر تهدد وجودها، ويسرد في هذا السياق مسعى الرئيس الأميركي أيزنهاور لاحتواء إسرائيل، وكذلك محاولة الرئيس الأميركي جون كينيدي غير الناجحة للحيلولة دون حصول إسرائيل على أسلحة نووية. وفي جميع الأحوال يخلص هارت إلى حقيقة أن وجود إسرائيل لم يكن عرضة للخطر في يوم من الأيام.
وقد حاول هارت في الجزء الأوّل من السلسلة وضع خطوط عامة للعوامل الرئيسة التي وسمت الصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي بميسمها، ومنها استغلال الصهيونية لخوف اليهود بعد الهولوكوست، والحق المشروع للفلسطينيين في الحصول على العدل والإنصاف، وغضب العرب من انحياز الولايات المتحدة لإسرائيل، وفساد الأنظمة القائمة في الشرق الأوسط.

الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود، للكاتب آلان هارت -2-


نتابع: الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود
المجلد الثانى.. داوود يتحول إلى جالوت
اسم المؤلف: آلان هارت
الناشــــــــر: كلاريتى برس
مكان النشـر: الولايات المتحدة الأمريكية
لغة النشــــر: اللغة الإنجليزية
سنة النشـــر: عام 2009
أعد العرض: د. على السيد
مراجعة فنية وإشراف: د. حسن الحملى

العرض العام
يقع الكتاب فى 291 صفحة من القطع المتوسط وهوعبارة عن أحد عشر فصلاً.
يستعرض المجلد الثانى لكتاب الصهيونية القصة الكاملة والمفصلة للدعاية الصهيونية المغرضة والمضللة والتى لا أساس لها من الصحة والتى تصور إسرائيل منذ إنشائها بأنها دولة محاطة بالأعداء من كل جانب وأن أعداءها ينوون إفناءها والإلقاء بسكانها من اليهود فى البحر، وأما القصة الحقيقية فتتلخص فى أن الجيوش العربية لم تكن لديها القوة الكافية لهزيمة إسرائيل بعد إعلانها الاستقلال من جانب واحد عام 1948. هذا علاوة على أن الأنظمة العربية لم تكن تهدف إلى كسب الحرب بقدر ما كانت تمارس عملية دعائية الأمر الذى كان بمثابة هدية قدمت للصهيونية.

ويستعرض الكاتب أيضاً كيف أن الصهيونية العالمية تمكنت من تضليل قادة كل من بريطانيا وفرنسا بالإضافة إلى الصقور فى الولايات المتحدة وإيهامهم بأن الرئيس عبد الناصر عدو للغرب وذلك فى الوقت الذى كان يسعى فيه للتوصل إلى تسوية للخلافات مع إسرائيل منذ وصوله إلى السلطة، ورغم أنه كان يرغب فى أن يحدث توازن فى علاقة أمريكا مع مصر وأن تصبح مثل علاقتها مع إسرائيل.

ويأخذنا الكاتب فى هذا المجلد إلى قصة كفاح "أيزنهاور" لاحتواء الصهيونية والمحاولة غير الناجحة "لكينيدى" لمنع إسرائيل من امتلاك القنبلة النووية، وهو الأمر الذى لم تعترف به كل من إسرائيل والولايات المتحدة حتى يومنا هذا.

ولعل الجزء الأهم فى هذا المجلدهو ما يسطره من تفاصيل مثيرة للانتباه والتى تأسر القارئ بشكل جذاب وهى نوضح كيفية هزيمة العقل والمنطق فى عموم إسرائيل. ويتلخص فى الإجابة عن سؤال هو: ما هى الرؤية المستقبلية للصهاينة بخصوص الوضع فى الأراضى التى تحت سيطرتهم حالياً وما حولها؟ وبخصوص الدول والشعوب المجاورة؟، والإجابة هى: الحرب على مدى العمر والتاريخ، والعيش بحد السيف، والتوسع على حساب أراضى الدول المجاورة إلى نهاية الأجيال من الإسرائيليين لتحقيق الحلم الصهيونى وإنشاء إسرائيل الكبرى.
يتبع

الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود، للكاتب آلان هارت -1-


الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود، للكاتب آلان هارت
الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود
ثلاثة مجلدات صدرت من سلسلة الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود، صدر الجزء الأوّل منها في نيسان (أبريل) 2009 بعنوان "الصهيونية العدو الحقيقي لليهود: المسيح الدجّال" وصدر الجزء الثاني في تشرين الثاني (نوفمبر) 2009 بعنوان "الصهيونية العدو الحقيقي لليهود: ديفيد أصبح غولياث".
والجزء الثالث الصادر عن دار كلاريتي للنشر في 392 صفحة، يعتبر استكمالا للكتابين السابقين. وفي هذه الأجزاء الثلاثة يعرض الكاتب لتاريخ الصراع الفلسطيني والعربي ـ الإسرائيلي وما شهده من تقلبات وانعطافات حادة منذ العام 1948 وحتى الوقت الحاضر.
عرض المجلد الأول.. المسيخ الدجال
اسم المؤلف: آلان هارت
الناشــــــــر: كلاريتى برس
مكان النشـر: الولايات المتحدة الأمريكية
لغة النشــــر: اللغة الإنجليزية
سنة النشـــر: عام 2009
أعد العـرض: د. على السيد
مراجعة فنية: هدى فؤاد
إشــــــــراف: د. حسن الحملى
نبذة عن المؤلف:
آلان هارت.. مراسل تليفزيونى سابق، ومقدم برنامج "بانوراما الـ بى بى سى"، تخصص فى شئون الشرق الأوسط، له العديد من المؤلفات من بينها: "الصهيونية.. العدو الحقيقى لليهود"، وقال فى مقالة نشرها حول هذا الكتاب: "لن يتمكن أى رئيس أمريكى من كسر سيطرة اللوبى اليهودى على الكونجرس الأمريكى إلا إذا عرف الشعب الأمريكى حقائق التاريخ".
وخلال أكثر من ثلاثة عقود ظل آلان هارت على علاقة وثيقة بكبار شخصيات جبهتى النزاع الإسرائيلى الفلسطينى وعلى رأسهم جولدا مائير وياسر عرفات.
وفى عام 1984، نشر كتاباً بعنوان: "عرفات.. إرهابى أم صانع سلام؟"، وفى هذا الكتاب يقول للقراء: إن زعيم منظمة التحرير الفلسطينية كان مستعداً وقادراً وراغباً فى إقامة سلام على أسس وشروط يمكن أن تقبلها أية حكومة إسرائيلية عاقلة.

كما اشترك على مستوى القيادة فى العملية السرية للتوصل إلى اتفاق سلام، حيث قام بدور الوسيط بين عرفات وشيمون بيريز زعيم المعارضة الإسرائيلية فى الوقت الذى كان يعتقد فيه أن شيمون بيريز سوف يفوز على بيجين فى الانتخابات ويصبح رئيساً للوزراء.
كما كانت تربطه علاقة صداقة بشاه إيران، وقد حاول مساعدة الشاه بعد عزله فى أن يستقر فى إنجلترا بعد خروجه من إيران، لكنه لم يتمكن من ذلك.

العرض العام
يقع الكتاب فى 321 صفحة من القطع المتوسط وهوعبارة عن مقدمة واثنى عشر فصلاً.

يبدأ الكاتب مقدمة كتابه بنداء يناشد فيه الشعب الأمريكى بالصحوة والتيقن بأن أسوأ رئيس لهم كان جورج بوش الابن، ولو كان قد قدر للأمريكيين أن يعوا حقيقة الصراع فى الشرق الأوسط لكان من الممكن تفادى ما يحدث الآن فى هذه المنطقة من العالم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكان من الممكن للشعب الأمريكى ممارسة كافة الضغوط على الكونجرس والبيت الأبيض لإنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى العربية منذ زمن طويل.

ويلفت الكاتب الانتباه إلى الحقيقة الماثلة التى تؤكد أن العرب والمسلمين لا يكرهون أمريكا كما تدعى أجهزة الإعلام، وإنما يكرهون السياسة الخارجية للولايات المتحدة، والازدواجية فى هذه السياسة بوجه عام، علاوة على التأييد المطلق للدولة العبرية التى تتجاهل قرارات الأمم المتحدة ولاتبدى إلا كل احتقار للقانون الدولى ومقررات حقوق الإنسان، وهو ما يبدو ظاهراً للعيان فى استمرارها لاحتلال الأراضى العربية وممارساتها القمعية، وإلحاق العقاب الجماعى بالشعب الفلسطينى، ولجوئها لإرهاب الدولة المتمثل فى تعذيب المواطنين العرب العزل.
ويرى الكاتب أنه كان من الممكن للولايات المتحدة أن تكسب احترام وصداقة العرب، وكذلك العالم الإسلامى لو أنها مارست الضغوط على إسرائيل وأجبرتها على الانسحاب من الأراضى العربية المحتلة التى استولت عليها إبان حرب عام 1967، وسمحت للفلسطينيين بإقامة دولتهم المستقلة لتعيش جنباً إلى جنب مع الدولة العبرية وتكون القدس عاصمة للدولتين.
ويؤكد الكاتب أنه كان من الممكن للرئيس الأمريكى أن يكون أكثرجدية فى الضغط على الدول العربية بالنسبة لـ"دمقرطة" أنظمتها الأمر الذى كان سيؤدى إلى احترام الدول العربية لأمريكا واعتبارها نموذجاً يحتذى به كما كانت الحال عندما كان الرئيس وودرو ويلسون يقطن البيت الأبيض.
ويشير الكاتب إلى ما قاله جون ميرشيمر وستيفى والت فى كتابهما "اللوبى الإسرائيلى وسياسة الولايات المتحدة الخارجية" أن الانحياز الكامل وغير المشروط للدولة العبرية ليس فى مصلحة الولايات المتحدة كما أنه ليس فى مصلحة أى فرد فى هذا العالم بمن فيه اليهود الذين يعيشون فى كل بقعة فيه، إلا أن مؤلف هذا الكتاب يرى أن اللوبى الصهيونى وليس الإسرائيلى هو الذى يحرك السياسة الخارجية الأمريكية.

ويتحسر الكاتب على جهل المواطن الأمريكى العادى بحقائق الأمور فى مسألة الصراع العربى الإسرائيلى والتأثير الهائل الذى يمارسه اللوبى الصهيونى على الإدارة الأمريكية، والأدهى من ذلك جهل اليهود الأمريكيين بحقائق هذا الصراع، فهم بحاجة ملحة لمعرفة أن الإرهاب الصهيونى كان مسئولاً عن التطهير العرقى الذى تعرض له العرب الفلسطينيون، وأن بقاء إسرائيل لم يكن أبداً معرضاً للخطر من جانب القوة العسكرية العربية مجتمعة.

ويرى الكاتب أن زعم الصهاينة بأن يهود إسرائيل يعيشون فى ظل تهديد دائم لوجودهم لا يعدو إلا أن يكون غطاء للدعاية التى يمكن أن تُمَكِن إسرائيل - كدولة صهيونية لا يهودية - من الاستمرار فى عدوانها على العرب، ووصف هذا العدوان بأنه دفاع عن النفس، والادعاء بأنها الضحية فى حين أنها المعتدية الآثمة التى تقهر العرب وتقمعهم بصفة دائمة.
ويستشف الكاتب أن إطالة أمد الصراع العربى الإسرائيلى فى فلسطين يمكن أن يثير موجة من العداء للسامية فى ربوع العالم الغربى حيث يعيش معظم اليهود، ويخلص الكاتب إلى أن التخلص من خطر انتشار العداء للسامية يكمن فى سرد حقائق التاريخ كما هى على مستوى العالم للتدليل على أن كل مانراه له أسبابه ودوافعه، علاوة على تبيان الفرق بين اليهودية والصهيونية.. فمعرفة هذا الفرق هو المفتاح الوحيد للفهم الكامل لهذا الصراع وحقيقته، وما الذى يتوجب عليهم عمله لحل هذا الصراع، والحاجة الملحة لحله لإقرار العدل والسلام فى منطقة الشرق الأوسط.
ويستمر الكاتب فى تفسير معنى اليهودية الذى يقصد به الدين اليهودى، ويؤكد الكاتب أن كل اليهود ليسوا متدينين، فاليهودية مثلها مثل الإسلام والمسيحية تضم مجموعة من القيم والمبادئ الأخلاقية. ويشير الكاتب إلى كتاب كتبه "هاجوميير" وعنوانه "نهاية اليهودية"، أن هذه القيم والمبادئ قد وضعت اليهود فى طليعة من قاموا وسعوا فى مجال تقديم كل ما من شأنه دعم كل ماهو إنسانى وبنَّاء فى الأنشطة الاجتماعية وذلك خلال حقب تاريخية ممتدة. ويتحسر الكاتب فى كتابه على خيبة أمله وفزعه لما يراه من انهيار أخلاقى فى المجتمع الإسرائيلى المعاصر والجمهور اليهودى فى العالم قاطبة، ويقارن السياسات الإسرائيلية الحالية بالمراحل الأولى لموجات الاضطهاد النازى لليهود فى ألمانيا، ويرى أن هناك ضرورة ملحة للتنبؤ بالنتائج الممكنة لمثل هذه السياسة التى تهدف إلى قهر الفلسطينيين فى وطنهم وتهميشهم.

ويرى الكاتب أن تعريف الصهيونية لابد وأن يبدأ بالتعرف على أن هناك ما يمكن أن يسمى بـ"الصهيونية الروحية" و"الصهيونية السياسية"، بمعنى أن اليهود ينظرون إلى القدس على أنها عاصمتهم الروحية ومن ثم، فإن اليهود المتدينين ينظر إليهم على أنهم صهاينة روحانيون، وأما الصهيونية السياسية فهى الموضوع الرئيسى لهذا الكتاب.
ويستطرد الكاتب فيقول: إن المد اليهودى القومى الحالى فى شكله الاستعمارى الطائفى الذى سعى إلى أنشاء وطن قومى لليهود فى قلب العالم العربى عن طريق الإرهاب والتطهير العرقى لا يعدو إلا أن يكون شكلاً من أشكال السخرية والاحتقار للقيم والمثل الأخلاقية لليهودية، واليهودية تصر على أن عودة اليهود للعيش فى أرض أجدادهم القديمة لابد وأن تنتظر المجىء الثانى للمسيح أو المخلص المنتظر، أما الصهيونية فترى أنه لاداعى للانتظار.. فالصهيونية فى حد ذاتها هى المسيح أو المخلص المنتظر نفسه.
ويشدد الكاتب على أن الصهيونية السياسية لم تحظ باهتمام الكثير من اليهود فى العالم وكانت تلقى معارضة منهم، وذلك قبل اقتراف النازى للفظائع فى حق اليهود فى ألمانيا.
ويستطرد الكاتب قائلاً: إن مؤيدى إسرائيل - سواء أكانوا على صواب أم خطأ - يدمجون كلاً من اليهودية والصهيونية معاً حتى يتمكنوا من الادعاء بأن الانتقاد الذى يوجه إلى دولة إسرائيل الصهيونية هو مظهر من مظاهر العداء للسامية.

وغالباً - بل على الأرجح - نجد أن الانتقادات التى توجه إلى دولة إسرائيل هذه الأيام، والتى تدخل فى دائرة العداء للسامية، لا تعدو كونها شكلاً من أشكال الابتزاز الذى يهدف إلى إسكات وطمس كل نقد، وحظر مناقشة سياسات الدولة العبرية وما تقترفه الصهيونية من أخطاء، وإخفاء ما يجب أن يعرفه الجميع عنها.
والحقيقة أن اليهودية والصهيونية السياسية نقيضان ومتعارضان تماماً والتعرف على الفارق بينهما هو المفتاح لفهمهما الكامل:
1- بناءً على كل الحقائق: لماذا من الممكن أن يعارض الإنسان الصهيونية بمشروعها الاستعمارى دون أن يكون معادياً للسامية بأى شكل من الأشكال؟.
2- لماذا يعد من الخطأ أن نلوم جميع اليهود فى كل مكان على الجرائم التى ترتكبها القلة القليلة من الصهاينة المتشددين فى فلسطين التى أصبحت إسرائيل الصغرى ثم إسرائيل الكبرى بعد ذلك؟.

ومن الجدير بالملاحظة هنا فى هذا السياق أن كل العرب تقريباًَ والمسلمين يدركون الفرق بين اليهودية والصهيونية، كما يمكن القول - بدون أى تردد وخوف من أن يكون هناك تناقض عند الجهر - بأن العرب والمسلمين كانوا من أكبر من قدموا الحماية والمأوى لليهود عند تعرضهم للاضطهاد وبحثهم عن مأوى يلجأون إليه، ومن ثم فإن المشروع الصهيونى الاستعمارى هو الذى سمم العلاقة بين العرب واليهود، ونتيجة لذلك فإن المسلمين فى العالم الإسلامى يلقون باللوم على جميع اليهود على الجرائم التى ارتكبتها الصهيونية. والحاجة ماسة لأن يعرف كل اليهود الفرق بين اليهودية والصهيونية، فالكثير من اليهود لا يدركون هذا الفرق.

ويستطرد الكاتب قائلاً: إنه اكتشف من خلال حواراته مع الكثير من اليهود، إن لم يكن غالبية اليهود، أنهم لا يعرفون ما هى الصهيونية بالمعنى الأيديولوجى والممارسات الصهيونية فى فلسطين منذ أوائل القرن العشرين حتى يومنا هذا.

ويرى الكاتب أن هناك سببين رئيسيين لانعدام هذا الوعى بين اليهود، فقد نجح الصهاينة من خلال الدعاية الكبيرة التى روجوها فى الإعلام الغربى على وجه العموم فى إنكار النكبة التى حلت بالفلسطينيين من جراء التطهير العرقى الذى تم فى عام 1948 على أرض فلسطين، وتنكر الصهيونية هذا التطهير.
أما السبب الآخر فيرجع إلى أن الكثير من اليهود فى العالم لا يريدون معرفة حقائق التاريخ فيما يتصل بخلق دولة الإحتلال الصهيونية، كما أنهم لا يريدون الاعتراف بمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، كما أن الكثير من الأمريكيين لا يريدون معرفة ما حدث تماماً مثلما لا يريدون معرفة ما حدث للهنود الحمر الذين كانوا يعيشون فى أمريكا، وما حدث لهم على أيدى آبائهم وأجدادهم.

وينتقل الكاتب إلى مناقشة أهمية أن يعرف كل اليهود الفرق بين اليهودية والصهيونية، ويستطرد قائلاً: إن مارد المعاداة للسامية قد استيقظ فى كثير من دول العالم الغربى حيث يعيش معظم اليهود، ويرجع استيقاظ هذا المارد إلى سلوك دولة إسرائيل الصهيونية ورؤية اليهود أنهم أقوم أخلاقاً من بقية البشر، وأنهم أفضل الخلائق وأطهرها، كما أنهم شعب الله المختار الأمر الذى أدى بدولة الإحتلال إلى ارتكاب آثام وجرائم لا تغتفر.

ولقد استشعر الكثير من خيرة المفكرين اليهود بأن الصهيونية ستثير موجة من معاداة السامية إذا ما امتد المد الصهيونى وذلك فى فترة ما قبل الفظائع التى ارتكبها النازى ضد اليهود فيما يعرف بـ"المحرقة". وقد تجددت هذه المخاوف عندما نشر "يوهو شافات هاركابى" عام 1986 كتابه الشهير "ساعة إسرائيل الحاسمة" الذى تحدث فيه عن خطر سلوك دولة الإحتلال وأثره فى انبعاث المعاداة للسامية مرة أخرى، وكما نعرف فقد كان هذا الكاتب يشغل وظيفة مدير الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية.

وإذا كانت إسرائيل ستكون عاملاً فى بعث المعاداة للسامية مرة أخرى، فإن الكاتب يرى أن هذا المارد بعد المحرقة وبسببها كان يمكن أن يظل نائماً إذا لم يكن للقوى الكبرى يد فى دعم الصهيونية كما ذكر بلفور من قبل عندما أشار إلى كل من بريطانيا وأمريكا.

ويناقش الكاتب الأسباب التى تدفعه إلى الاعتقاد بأن موجة العداء للسامية ستتجدد مرة أخرى.. إذ يرى أن تزايد أحداث تدنيس المعابد اليهودية وانتهاك قدسية مقابر اليهود والرموز اليهودية الأخرى، علاوة على الإساءات اللفظية والهجمات على اليهود، لا تعدو إلا أن تكون مؤشرات لظهور موجة جديدة من المعاداة للسامية مرة أخرى. والأدهى من ذلك أن الذى يدعو إلى التشاؤم هو تزايد أعداد الأوروبيين والأمريكيين الذين بدأوا ينظرون بسلبية إلى اليهود ويتحدثون عنهم وراء الأبواب المغلقة وموائدهم.

ويرى الكاتب أيضاً أنه كلما اتضح أن دولة الإحتلال الصهيونية هى العقبة أمام سلام بأى شروط يقبلها العرب والمسلمون، تنامى خطر الكراهية لليهود واشتعلت أحداث المعاداة للسامية بدرجة تتسم بالعنف، وأن موجة العداء للسامية إذا ما بدأت فإنها ستبدأ من الولايات المتحدة، ويشاركه هذا الرأى الكثير من أبرز الشخصيات اليهودية فى كل من أوروبا والولايات المتحدة.
إلا أن الكاتب يعقب على رؤيته فيقول: إن ما سيحدث فى الواقع مستقبلاً سوف يتوقف بدرجة كبيرة على ما إذا كانت الغالبية العظمى من اليهود الذين يعيشون فى دول العالم المسيحى والدول التى يعيش فيها جاليات كبيرة من اليهود على استعداد لإدراك أن الصهيونية هى العدو الحقيقى لليهود، ومن ثم فإذا كان فى إمكانهم فهم هذه الحقيقة، وهم يستطيعون ذلك، فإنه يمكنهم التوقف عن السكوت عما تفعله إسرائيل والابتعاد عن الصهيونية وعن سلوك إسرائيل الصهيونية وآثامها، فالسكوت عن هذه الجرائم لا يعد الطريق الأمثل لدحض هذا الاتهام أو إبعاد التهمة عنهم تماماً.

وعلى أية حال فإن تجاهل حقائق التاريخ، وعدم التفريق بين اليهودية والصهيونية، يمكن أن يلقى باللوم على كل اليهود بسبب جرائم القلة منهم.
يتبع

آلان هارت، يسأل: هل تُطَلِّق اليهودية الصهيونية؟


آلان هارت، يسأل: هل تُطَلِّق اليهودية الصهيونية؟

المقال مترجم عن?... Judaism and Zionism: A divorce in the making
للكاتب Alan Hart


في أكتوبر عام 2001، أدلى الحاخام اللندني البارز الدكتور ديفيد جولدبرج، الذي يحظى باحترامٍ واسع، بما اعتبرتُه أهم تصريحٍ ليهوديّ منذ تأسيس دولة الإرهاب الصهيوني (وليس اليهودي) والتطهير العرقي قبل 53 عامًا، قائلاً: “إن الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين أثار لدى كثير من اليهود شكوكًا بشأن دعمهم اللامشروط لإسرائيل، وربما يكون الوقت قد حان لليهودية والصهيونية أن يذهب كل منهما في طريقه”.

التقرير الذي قرأتُ فيه تصريحات جولدبرج كتبه أندرو جونسون في الإندبندنت أون صنداي، تحت عنوان “خلاف بين اليهود البريطانيين بعد انتقاد حاخام للاستعمار الإسرائيلي”، وأشار فيه إلى أن ما قاله الحاخام أثار نقاشًا حماسيًّا على صفحات جويش كرونيكل؛ المدافعة عن إسرائيل، ظالمة أو مظلومة.

وكان من دواعي سروري أن تحدثتُ مرة واحدة مع الحاخام جولدبرج على غداءٍ ثنائيّ، وكنتُ عرفتُ من بحثي أنه أول يهودي بارز في المملكة المتحدة يدعو للاعتراف بالحقوق المشروعة للفلسطينيين، في مقالٍ نشرته التايمز عام 1978، وكان أول حاخامٍ يدشن جلسة حوار بين اليهودية والمسيحية والإسلام عندما افتتح مسجد ريجنت بارك في العام ذاته، كما أنه كاتب له مؤلفات عدة حول الشعب اليهودي وتاريخه ودينه والذات المنقسمة بين إسرائيل والنفسية اليهودية.

وكتب عنه آفي شلايم، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أوكسفورد: “في أعقاب انتصارها في حرب يونيو 1967، فقدت إسرائيل بوصلتها الأخلاقية، وأصبح العديد من يهود الشتات يعانون من الرؤية الأخلاقية الانتقائية لإسرائيل. بيدَ أن الحاخام ديفيد جولدبرج كان استثناءً مثيرًا للإعجاب؛ حيث تعامل مع سلوك إسرائيل حيال الفسطينيين بلا هوادة ووضعه تحت المجهر. وبعد النقد، جاءت المطالبة البليغة بالصهيونية الأخلاقية: صهيونية تعتمد على القيم اليهودية”.

لكن مع احترامي للحاخام جولدبرج (وآفي شلايم)، أعتقد أن هذا الأمر مستحيل؛ فمنذ البدء أكدت الآلة الصهيونية على الخدعة الكبرى والهراء الدعائيّ القائل بأن فلسطين “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، ولذلك يمكنني القول – دون خوف من التناقض – أن الصهيونية، التي تأسست على إدراك أنكَ قد تضطر للجوء إلى التطهير العرقي لتحقيق أهدافك، لم تكن تمتلك أبدًا بوصلة أخلاقية.

ويمكن التكهن أيضًا بأن اكتشاف أغلبية كبيرة من اليهود الإسرائيليين للبوصلة الأخلاقية سوف يعني نهاية الصهيونية في فلسطين التي أصبحت إسرائيل، وبالتالي نهاية الصهيونية. لماذا؟

لأن هذا الاكتشاف سيمثل اعترافًا بالخطأ الذي ارتكبته الصهيونية بحق الفلسطينيين، وقبولاً بضرورة تصحيح الخطأ، لكن الصهيونية لن تقوم بذلك أبدًا.. أبدًا. وحتى لو سمح الحاخام جولدبرج لنفسه ببعض التمني أن تصبح الصهيونية مرتكزة على القيم اليهودية (أفترض أنه يعني القيم اليهودية التقدمية، الإصلاحية، الحديثة) فإن هذا لا ينتقص من أهمية بيانه الشجاع والأكثر عمقًا؛ بأن الوقت حان كي تذهب اليهودية والصهيونية كلٌ في سبيله.

لكن لماذا يجب أن تفك اليهودية ارتباطها بالصهيونية؟
جزء من الإجابة هو أن مصداقية اليهودية تقوضت بازدراء الصهيونية لقيمها ومبادئها الأخلاقية، وبهذا المعنى يمكن القول إن الصهيونية تشكل تهديدًا لبقاء اليهودية. كما لوحظ أن مؤسسي الصهيونية كانوا علمانيين، واهتمامهم الوحيد باليهودية كان منحصرًا في استغلالها دينيًّا.

أما الجزء الآخر من الإجابة القصيرة فألمحتُ إليه في عنوان كتابي “الصهيونية: العدو الحقيقي لليهود”، وهي الرسالة التي يؤكدها اليوم ارتفاع المد العالمي المناهض للإسرائيلية، الذي يعتبر أحد مظاهر القلق والغضب من غطرسة الدولة الصهيونية (لا اليهودية)، وليس أحد مظاهر معاداة السامية (التحيز ضد اليهود لمجرد أنهم يهود)، كما يعتبره نتنياهو وذوي النزعة الفاشية الجديدة، ويرجع ذلك إلى أن المزيد والمزيد من أتباع كل الأديان والمعتقدات، بما في ذلك عدد قليل – لكنه متزايد – من اليهود، بدأوا يرون إسرائيل على حقيقتها؛ “ظالمة وليست مظلومة”.

إن الخطر الذي يواجهه اليهود حول العالم هو أن تتحول معاداة الإسرائيلية إلى معاداة للسامية؛ ما يمهد الطريق أمام محرقةٍ ثانيةٍ، وهو الخطر الذي حذر منه يهوشافاط حراكابي – أطول من شغل منصب مدير في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلي – في كتابه الصادر عام 1988 “ساعة إسرائيل المصيرية”؛ حيث كتب: “أي خلل في السلوك الإسرائيلي من المرجح أن يتحول إلى دليلٍ تجريبي على صحة معاداة السامية، وحينها ستصبح مفارقة مأساوية؛ أن تتحول الدولة اليهودية، المفترض أنها كانت تهدف إلى إيجاد حل لمشكلة معاداة السامية، لتصبح عاملاً مهمًّا في ظهور معاداة السامية، ويجب على إسرائيل أن تدرك أن سوء تصرفها لن تدفع ثمنه وحدها، بل سيشاركها تسديد الفاتورة جميع اليهود في أنحاء العالم”.

ووجه “حراكابي” رسالة أخرى لليهود حول العالم، شجعهم فيها على التعبير عن آرائهم بصراحة، دون خشية الاختلاف مع إسرائيل. أما تحفُّظ القيادة اليهودية الأمريكية – بدافع الخوف من الإدانة وربما النبذ – فليس في صالحهم، فهم بدلاً من أن يصرحوا بقلقهم، يتصرفون كمدافعين عن سياسات وسلوكيات يرفضها كثير منهم سرًّا، وبذلك يتخلون عن مسئولياتهم كقادة في أمريكا، ومستشارين مؤثرين في إسرائيل. إن الخرس ليس حيادًا، بل تأييدًا لسياسات الليكود الحالية. ولو كان “حراكابي” على قيد الحياة اليوم لاقترحتُ عليه تحديث النص ليضع “سياسات الليكود” بدلاً من “سياسات اليمينيين الفاشيين الجدد، والمتعصبين الدينيين العنصريين”.

كما أشار بيتر بينارت إلى أن “الجماعات الأمريكية، مثل آيباك ورابطة مكافحة التشهير، التي كرست الكثير من الوقت والطاقة والموارد لتعزيز ما يرونه مصالح إسرائيل – وهم يخطئون في تحديد ذلك كثيرًا – تجاهلت إلى حد كبير حقيقة نمو العنصرية والتطرف الديني في إسرائيل”، رغم ما أوضحه “حراكابي” في الفصل المعنون “اليهودية الوطنية”، من أن الدين ظل هامشيًّا في إسرائيل، ولم يحاول التأثير في السياسة الصهيونية أو توجيهها حتى بعد حرب 1967.

ويرى كثير من يهود أوروبا وأمريكا أن الصهيونية لا تعني أكثر من ممارسة اليهود من كل مكان حقهم في العودة إلى أرض الأجداد التي منحهم الله إياها (لن أتطرق هنا لحقيقة أن إسرائيل/ فلسطين ليست موطنًا لأسلاف معظم اليهود في العالم اليوم)، أو بعبارة أخرى: ليس لدى يهود أوروبا وأمريكا أدنى فكرة أن الصهيونية هي عملية تطهيرٍ عرقيٍّ قائمة.

وفي رأيي ثمة سبب آخر يدفع معظم اليهود للصمت؛ وهو إيمانهم بإمكانية حدوث المحرقة الثانية، ومن ثمَّ فهم يرون إسرائيل ملجأً أخيرًا، وبوليصة تأمين. من أجل ذلك هم يقولون لأنفسهم: لا تفعلوا شيئًا، أو تقولوا كلمة، يمكن أن تساعد أعداء إسرائيل، بما يهدد سياستكم التأمينية.

المفارقة – ربما الأكثر مأساوية في تاريخ البشرية حتى الآن – تكمن في حقيقة (ربما يجب أن أقول احتمالية) أنهم إذا استمروا في دعم إسرائيل بلا قيد أو شرط، وواصلوا السكوت على سياساتها القمعية، فإن يهود العالم، خاصة في أوروبا وأمريكا، سوف يعرضون أنفسهم للاتهام بالتورط في جرائم الصهيونية، ما من شأنه تحويل مناهضة السامية إلى مناهضة لليهودية، هذا جوهر القضية، الذي يحتم على يهود العالم، لمصلحتهم الشخصية، أن ينأوا بأنفسهم بعيدًا عن الوحش الصهيوني.

س: هل يستحيل أن يفعلوا ذلك بأعداد كبيرة تكفي لتذهب كل من اليهودية والصهيونية في طريقين منفصلين؟

ج: المصلحة الشخصية والضرورة الأخلاقية كافيتان لضمان الإجابة بـ”نعم”. لكن هل فات الوقت كي يتخلص معظم يهود العالم من تأثير الدعاية الصهيونية ويعدلوا مع الفلسطينيين؟

أنا لا أدعي معرفة الإجابة على هذا السؤال.. بل أكتفي بطرحه.

المرأة الفلسطينية والإعلام

المرأة الفلسطينية والإعلام

رغم خوض المرأة الفلسطينية دورها النضالي والسياسي والاجتماعي جنباً إلى جنب مع الرجل في كافة مراحل القضية الفلسطينية، إلا أن دورها الإعلامي المهني تأخر في الظهور، رغم أن تاريخ الإعلام الفلسطيني يعود إلى سنوات ما قبل الانتداب البريطاني على فلسطين؛ ولعل ذلك يعود إلى القيود الاجتماعية التي فرضتها العادات والتقاليد الفلسطينية؛ فلم يكن العمل الصحفي في تلك الفترة للنساء عملاً مقبولاً اجتماعياً كالتدريس والتمريض؛ لأن العمل الصحفي يتطلب خروج المرأة واختلاطها بالرجل؛ فاقتصر العمل الإعلامي على عدد محدود من النساء الفلسطينيات، ممن شجعهن أزواجهن على خوض غمار هذا الميدان، أمثال: "منامة الصيداوي؛ وسائدة نصار، التي كانت تساعد زوجها الصحفي نجيب نصار في تحرير صحيفة الكرمل؛ وماري بولس؛ إضافة إلى أسمى طوبي؛ وسميرة عزام؛ كما قامت بعض النساء الفلسطينيات في تلك الفترة بالكتابة بأسماء مستعارة؛ خوفاً من التعرف عليهن من قبل أسرهن أو المجتمع المحيط.

ولا تشير الدراسات التاريخية، إلا فيما ندر، إلى مساهمات المرأة الفلسطينية الإعلامية ما بعد الثلاثينات وحتى منتصف الستينات، حيث تشكل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية عام 1965، والذي تفرعت عنه عدة لجان متخصصة، منها: اللجنة الثقافية والإعلام، التي صدر عنها مجلة "الفلسطينية"، كلسان حال الاتحاد؛ كما صدر عن الاتحاد أيضاً "صوت المرأة الفلسطينية"، وهي نشرة صدر العدد الأول منها في 25 نيسان 1967، ولم ينتظم صدورها؛ إلا أن العمل الإعلامي للاتحاد العام للمرأة الفلسطينية لم يتوقف؛ فصدر عنه مجلة "الفلسطينية الثائرة" في عمان عام 1970، ثم مجلة الفلسطينية عام 1988، وكان من أبرز اللواتي كتبن فيها فريال عبد الرحمن وفتحية العسال وعبلة الدجاني وفيحاء عبد الهادي.

وقد عانى الإعلام الفلسطيني خلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي، من معيقات كبيرة، كان سببها الأساسي سياسة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي قمعت حرية الرأي والتعبير، ولم تسمح بصدور الصحف بحرية، وضيقت الخناق على الصحفيين. وعلى الرغم من هذه السياسة، برزت بعض الأطر النسوية التي أخذت على عاتقها توعية المرأة الفلسطينية إعلامياً وسياسياً وثقافياً، وصدرت مجلة "صمود" عن اتحاد لجان العمل النسائي الفلسطيني؛ ومجلة "المرأة" الصادرة عن مركز الدراسات في القدس؛ و"زيتونة بلدنا"؛ وغيرها من الإصدارات الإعلامية النسوية؛ كما برزت العديد من الشخصيات النسائية في مجال الإعلام، أمثال: "عصام بعد الهادي، وفدوى اللبدي، وفريال عبد الرحمن، وفتحية العسال، وفيحاء عبد الهادي، وسهام أبو غزالة، وإلهام أبو غزالة، وعبير شحادة، وحليمة جوهر، وسحر الوزني، وصبحية عوض، ومها الكردي، وميسون الوحيدي، ونائلة صبري، وفاتنة القباني، وحياة البط، وسهير فتحي جرار، ويولاند النصاربة، ومارلين الياس، ووداد البرغوثي، وعطاف عليان، وغيرهن العديد.

وخلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى"1987ـ1993"، وصل عدد كبير من الإعلاميين الأجانب إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكان لابد للإعلاميين الفلسطينيين مساعدتهم، خاصة في ظل الأوضاع الأمنية المتردية، وبعد أن قامت الوحدات الإسرائيلية الخاصة بالتنكر على هيئة صحافيين؛ فشاركت بعض النساء في هذا العمل، وخاصة طالبات الجامعات اللواتي تحدثن لغات أجنبية، حيث اتخذن العمل الإعلامي مهنة لهن في وقت لاحق.

كما برزت في تلك الفترة إعلاميات فلسطينيات في مجال المراسلة والتصوير الصحافي والتلفزيوني، على سبيل المثال: رولا أمين، التي بدأت عملها كمصورة تلفزيونية لشبكة cnn في الضفة الغربية.

كما برزت أيضاً المصورة الصحافية رولا الحلواني التي تعمل في وكالة رويتر؛ وبرزت المصورة والمخرجة بثينة خوري؛ والمصورة التلفزيونية سهير إسماعيل؛ وغيرهن الكثيرات من الإعلاميات الفلسطينيات.

ولعل أبرز الأدوار الإعلامية التي تبوأتها المرأة الفلسطينية، دور الناطقة بلسان الوفد الفلسطيني إلى مفاوضات السلام، الذي شكلته منظمة التحرير الفلسطينية في مدريد مع إسرائيل، والذي قامت به الدكتور حنان عشراوي، وأبدعت في أدائه، والذي توقف بعد أن ألغي دور الوفد المفاوض نتيجة لوجود قناة تفاوضية سرية تمخض عنها اتفاق أوسلو عام 1993.

وبعد أن وقعت منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية اتفاق أوسلو عام 1993، الذي تمخض عنه ولادة السلطة الوطنية الفلسطينية، تعزز دور المرأة الفلسطينية، وتبوأت بعض المناصب الوزارية والإدارية في مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، الأمر الذي جاء مكملاً لما كانت قد بدأت به المنظمات غير الحكومية من توظيف النساء فيها بشكل ملحوظ.

وقد ساهم تشكيل وزارة الإعلام الفلسطينية، كوزارة لرعاية ومتابعة الشؤون الإعلامية، في تفعيل العمل الإعلامي الفلسطيني النسوي؛ حيث منحت وزارة الإعلام عدة تراخيص لصحف ومجلات نسائية، منها: "صوت النساء"، ومجلة ينابيع الصادرة عن جمعية المرأة العاملة.
وبصدور صحف "الأيام" و"الحياة" بالإضافة إلى صحيفة "القدس"، ازدادت الفرص للأقلام النسائية الفلسطينية في الكتابة، وفتح المجال للمراسِلات والمصوِرات الصحافيات للعمل في الصحف.

كما كان لإنشاء هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، ("صوت فلسطين"، و"تلفزيون فلسطين") وترخيص عدد كبير من محطات التلفزة، والإذاعة المحلية الخاصة، دوراً كبيراً في بروز عدد من الإعلاميات الفلسطينيات كمذيعات ومراسلات ومصورات وإداريات.
مع انتشار المحطات الفضائية العربية، واهتمامها بالشأن الفلسطيني؛ أتيحت الفرصة لعدد من الإعلاميات الفلسطينيات في العمل مع هذه الفضائيات العربية كمراسلات من فلسطين، برزن بشكل جلي وواضح خلال انتفاضة الأقصى الحالية.

لا شك أن المتابع للمشهد الإعلامي الفلسطيني اليوم، يجد فيه مساحة واسعة لمشاركة المرأة الإعلامية في كافة المجالات الإذاعية والتلفزيونية والإلكترونية، عدى عن أنها تقوم بكافة المهام؛ فنجدها مراسلة تنقل الحدث وتتعرض لنيران الاحتلال؛ ومصورة، ومذيعة، ومقدمة برامج، ومحررة، ومخرجة. وهذا يؤكد على تطور مشاركتها الإعلامية بشكل لافت.

إن زيادة عدد العاملات في الحقل الإعلامي، وتزايد إقبال الطالبات على كليات الإعلام بالجامعات الفلسطينية، يدل على تطور مشاركة المرأة الفلسطينية في صناعة المشهد الإعلامي في فلسطين؛ حيث تشير إحصائيات غير رسمية في سنة 2011 وفق ما جاء في مؤتمر الاعلاميات الفلسطينيات الاول الذي نظمته مؤسسة فلسطينيات إلى أن 55% من طلبة كليات الصحافة والإعلام هن من الاناث وهذا يبشر بارتفاع نسبة المشاركة التي تقدر بنسبة 17% في الاعوام القادمة.

ويعود اتساع المشاركة الإعلامية للمرأة الفلسطينية إلى عدة أسباب، تتمثل في: التغير التدريجي للنظرة السلبية المجتمعية لعمل المرأة في مجال الإعلام؛ ووجود مؤسسات إعلامية تتوفر فيها بيئة محافظة تضمن للمرأة العمل في أجواء اجتماعية وثقافية مقبولة؛ وإثبات المرأة جدارتها في خوض غمار العمل الإعلامي، ألا أنه وبالرغم اتساع المشاركة الإعلامية للمرأة الفلسطينية؛ إلا أنها لم تصل إلى مراكز اتخاذ القرار بهذه المؤسسات، بما يتناسب مع حجم مشاركتها فحسب بيان جهاز الاحصاء المركزي الفلسطيني بمناسبة يوم المرأة العالمي لعام 2012 هناك 10% من رؤساء التحرير في إطار وسائل الاعلام في الأراضي الفلسطينية، من النساء؛ مقابل 90% من الرجال. ومن جانب آخر لم تساهم هذه المشاركة الآخذة بالاتساع بتخصيص مساحات ثابتة لمعالجة قضايا المرأة، ولم تتوغل في العديد من القضايا التي تمس احتياجاتها، كالمشكلات التي تتعرض لها في مجال العمل، وفي مجال التشريعات القائمة؛ ولم تعمل على تغيير تلك الصورة النمطية عنها؛ فصورة المرأة في الإعلام الفلسطيني لازالت نمطية، وتنحصر في مشهد أم الشهيد، وزوجته، وابنته، والضحية للاحتلال والمجتمع؛ صورة هدفها استدرار العطف بشكل عام، وتكرس نموذج المرأة الضعيفة، التي تحتاج للحماية، العاجزة عن اتخاذ قرارات صائبة؛ ما يشكل تغييبًا لصورتها كمرأة متعلمة قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، بشهادة واقع العديد من النساء المتميزات، اللامعات، في الميادين الوطنية، والمجتمعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية.

ومما لا شك فيه أن الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام، وخاصة المرئية والمسموعة، في تفعيل صورة المرأة، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالدور الذي تمارسه في المجتمع، سواء كان هذا الدور سلبياً يساعد على تكريس العادات والمفاهيم التقليدية، أو إيجابياً من حيث مساهمته في هذه العادات والتقاليد وتحفيز الأفراد لامتلاك وعي مغاير ومستنير حول قضايا المرأة.