عرض كتـــاب/ زوال إسـرائيل عام 2022م، نبوءة أم مصادفة رقميـة. -12-
:: فلمّــا قضينا عليه المـــوت ::
هل اتّفق المؤرخون على أنّ تاريخ وفاة سليمان عليه السّلام هو 935ق.م؟! إذا أراد القارئ إجابة سريعة فبإمكانه أن يرجع إلى " المنجد في اللغة العربية والأعلام"[1] ثم إنّ الكثير من كتب التاريخ تذكر أنّ وفاته، عليه السّلام، كانت سنة 935 ق.م. في المقابل نجد أنّ هناك مراجع أخرى تذكر أنّ وفاته، عليه السلام، كانت سنة 930 ق.م، أو 926 ق.م. واليوم لا يسهل البت أو الترجيح، بل قد يستحيل. ونظراً للعلاقات الرّياضيّة اللافتة، والناتجة عن اعتبار سنة 935 ق.م هي سنة الوفاة، فقد رأينا أن نرجع إلى القرآن الكريم للتحقق من ذلك، ولم يكن ذلك متيسّراّ، بل لم يكن ليخطر بالبال، قبل أن تظهر إرهاصات الإعجاز العددي في القرآن الكريم. وإليك عزيزي القارئ صورة جُزئيّة عن مسلكنا في ترجيح الاحتمالات، بعد الإلمام بالأنماط العدديّة في القرآن الكريم:
لم يتحدث القران الكريم عن وفاة سليمان عليه السّلام إلا في الآية (14) من سورة سبأ: " فَلَمّا قَضَيْنا عَلَيْهِ المَوْتَ مَا دَلّهم عَلى مَوْتِهِ..". حرف الفاء في كلمة (فلمّا) هو حرف ترتيب وتعقيب، وهو هنا حلقة الوصل بين الحديث عن أوج ملك سليمان عليه السّلام في الآية (13)، والحديث عن موته في الآية (14). وكلمة (لمّا) هي التي تُحدّد زمن الموت. على ضوء ذلك إليك هذه الملاحظات العدديّة:
عدد الحروف من بداية سورة سبأ، إلى نهاية الآية (13)، أي قبل الحديث عن موته عليه السّلام، هو 934 حرفاً، ثم تاتي الفاء - والتي هي حرف ترتيب وتعقيب - ملتصقة بكلمة (لمّا) التي تحدد زمن الوفاة، فيكون المجموع هو (935) حرفاً. والمدهش هنا أنّ هذا هوتاريخ وفاة سليمان عليه السّلام.
بعد الحديث عن وفاة سليمان عليه السّلام في الآية (14) من سورة سبأ، تتحدث الآيات التي تليها مباشرة عن قصّة سبأ: " لقد كان لسبأ في مَسْكَنهم ءاية..." ويستمر الكلام عنها حتى الآية (21). وإذا أحصينا الحروف بعد حرف الفاء من قوله تعالى: " فلما قضينا عليه الموت " إلى آخر الآية (21) سنجد أنّ العدد هو (570) حرفاً. وإذا رجعنا إلى المنجد في اللغة والأعلام نجد أنّ آخر انهدام لسد مأرب هو العام 570م،[2] أي أنّ نهاية سبأ كانت في العام 570م. وإذا كانت الحروف الـ (570) بعد حرف الفاء قابلت (570) سنة بعد الميلاد، فإن الـ (935) حرفا التي سبقت تقابل الـ (935) سنة قبل الميلاد. وبهذا نكون قد رجّحنا أنْ تكون وفاته عليه السلام سنة 935ق.م. فتأمّل!!
قلنا إنّ الآية (13) من سورة سبأ تتحدث عن أوج ملك سليمان، عليه السلام، ثمّ يكون الكلام عن وفاته في الآية (14)، وبعد ذلك مباشرة يكون الكلام عن قصة سبأ في الآيات: (15 – 21). واللافت هنا أنّ الكلام حول سبأ جاء بعد الكلام عن وفاة سليمان، عليه السلام، ومعلوم أنّ سلطان سليمان، عليه السلام، قد امتد ليشمل مملكة سبأ في اليمن.[3] وعليه فإنّه من المتوقّع أن تنشقّ بلاد اليمن بعد وفاة سليمان، عليه السّلام، كما حصل في الأرض المقدّسة. ومن المتوقّع أيضاً أن تسري عدوى الإفساد من فلسطين إلى اليمن، ويعزز القول بهذا الأمور الآتية:
أولاً: يلاحظ أنّ الآية 18 من سورة سبأ تتحدث عن علاقة بلاد سبأ في اليمن بالأرض المباركة: (وجَعَلْنا بَيْنَهُم وَبَيْنَ القرى التي بَارَكْنا فيها قُرى ظَاهِرَة...).ثمّ يكون الكلام في الآية 19 عن إفساد السّبئيين وتشتيتهم.
ثانياً: لا يُتصوّر تماسك الأطراف مع تهاوي وتفتت القلب.
ثالثاً: جاء الكلام عن إفساد السّبئيين، في سورة سبأ، بعد الكلام حول وفاة سليمان عليه السّلام.
رابعاً : يختتم الكلام حول الملك العظيم لسليمان عليه السلام، في سورة سبأ، بقوله تعالى في الآية (13): "...اعملوا ءالَ داودَ شُكراً، وقليلٌ من عباديَ الشّكور". وفي هذا مدح لآل داود، عليهم السّلام، وتعريضٌ بالمفسدين.
رابعاً : يختتم الكلام حول الملك العظيم لسليمان عليه السلام، في سورة سبأ، بقوله تعالى في الآية (13): "...اعملوا ءالَ داودَ شُكراً، وقليلٌ من عباديَ الشّكور". وفي هذا مدح لآل داود، عليهم السّلام، وتعريضٌ بالمفسدين.
خامساً: جاء الكلام حول إفساد السّبئيين وتمزيقهم في الآية (19) من سورة سبأ، وتختم بقوله تعالى: "...إنّ في ذلك لآياتٍ لكلّ صَبّارٍ شكورٍ " واللافت هنا أنّ الآيتين: (13و19) قد خُتمتا بكلمة (شكور). مع العلم بأنّ هذه الكلمة، كصفة للبشر، لم تتكرر في القرآن الكريم إلا (6) مرّات. وعلى ضوء ذلك، إليك هذه الملاحظات العدديّة:
1) عدد كلمات كل آية من الآيتين: (13 و19) من سورة سبأ هو (19) كلمة.ولا يوجد آية أخرى في السّورة عدد كلماتها 19.
2) عدد حروف كل من الآيتين هو (84) حرفاً. وهذا التساوي في عدد الحروف والكلمات يلفت الانتباه.
3) إذا ضربنا عدد الحروف في عدد الكلمات، يكون الناتج هو:
19×84) = 1596. وبما أنّ الآية 13 من سورة سبأ تتحدث عن أوج ملك سليمان، عليه السلام، قبل الحديث عن وفاته في الآية 14. وبما أنّ الآية 19 تتحدث عن إفساد السّبئيين وتمزيقهم، والذي يحتمل أن يكون مواكباً لإفساد بني إسرائيل وتمزيق دولتهم. وبما أنّ العدد 1596 مشترك بين الآيتين، فهناك احتمال أن يكون هذا العدد يشير إلى بداية ملك سليمان عليه السّلام، وعلاقته بالإسراء. والذي عزز لدينا هذا الافتراض الملاحظات الآتية:
أ) مَلك سليمان عليه السلام (40) سنة، وذلك وفق ما جاء في العهد القديم[4]. وعليه فإذا أضفنا هذا العدد إلى عدد السنين من وفاته، عليه السلام، إلى سنة الإسراء، يكون الناتج: (1556+ 40) = 1596.
ب) عدد كلمات آيات قصة سبأ هو: (111) كلمة. واللافت هنا أنّ هذا هو عدد آيات سورة الإسراء.
ج) المفاجأة هنا أنّ عدد الآيات من بداية سورة الإسراء، إلى الآية 19 من سورة سبأ، هو (1596) آية. فتأمّل!!
إستناداً إلى ما سبق ذكره يمكن أن نقول: إنّ سليمان عليه السّلام قد توفي سنة 935ق.م، الموافق 1556 قبل الإسراء. واللافت هنا أنّ مجموع أرقام كلّ من العددين هو (17)، ولا ننسى أنّ هذا هو ترتيب سورة الإسراء في المصحف، وأنّ عدد كلمات السّورة هو 1556كلمة. وإذا جمعنا أرقام العددين معاً يكون الناتج: (17+17) = 34 وهذا ترتيب سورة سبأ في المصحف.
[1]ط7، 1973- المطبعة الكاثوليكية-بيروت.
[2]جاء في المنجد: " مأرب: عاصمة المملكة السبئية...اشتهرت بالسّد المعروف باسمها...ينسب خرابه إلى السّيل العَرِم بين 542-570 ".
[3]راجع الآيات: (15-44) من سورة النمل.
[4]سفر الملوك الأول، الإصحاح الحادي عشر: "... وكانت الأيام التي ملك فيها سليمان في أورشليم علىكل إسرائيل أربعين سنة". ونحن هنا نستأنس ولا نجزم، لأننا نعلم أنّ العهد القديم ليس بحجة في التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق