بحث هذه المدونة الإلكترونية

2009-09-05

3/15 زوال إسـرائيل عام 2022م، نبوءة أم مصادفة رقميـة.

عرض كتـــاب/ زوال إسـرائيل عام 2022م، نبوءة أم مصادفة رقميـة. -3-
:: في تفسـيــر النّبــوءة  ::

 لماذا أُنزلت النبوءة مرة أخرى بعد نزولها الأول في التوراة، قبل الإسراء بما يقارب 1800 سنة ؟ نقول: لو كانت النبوءة قد تحققت كاملة قبل الإسلام، لوجدنا صعوبة في فهم ذلك. ولكن عندما تكون المرّة  الأولى قد تحققت قبل الإسلام - وهذا ما حصل في الواقع - والثانية تتحقق في مستقبل المسلمين، فإن الأمر عندها يكون مفهوما، سيّما وأننا نعيش زمن تحقق الثانية، بل إنّ التفسير المنسجم مع ظاهر النص القرآني ليؤكّد ذلك:
 (وَقَضَيْنا إلى بَني إسرائيلَ في الكتابِ لَتُفْسِدُنَّ في الأرضِ مرتينِ وَلَتَعْلُنَّ عُلواً كبيراً. فَإِذا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعثْنا عَلَيْكُم عِباداً لنا أُولي بَأْسٍ شَديد فَجَاسوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعولاً).[1]
         (وَقَضَينا إلى بَني إسرائيل): وإسرائيل هو (يعقوب) عليه السلام، وأبناء  إسرائيل هم الأسباط الإثنا عشر، وما تناسل منهم. والقضاء هنا يخصهم بصفتهم مجتمعاً، وهذا يستفاد من قوله تعالى: " إلى بني إسرائيل ". (في الكتاب): أي التوراة، ويؤكّد هذا قوله تعالى في الآية الثانية من السّورة: "وءاتَيْنا موسى الكتابَ وجعلناهُ هُدىً لِبني إسرائيل". والمعروف أنّ التوراة نزلت لبني إسرائيل. وكان كل رسولٍ يُبعث إلى قومه خاصّة، وبُعث محمد، صلى الله عليه وسلم، إلى الناس كافة.

         (لتُفْسِدُنَّ في الأرضِ): واضح أنّ الكلام هو إخبار بالمستقبل. وبما أنّ الكتاب هو التوراة، فالنبوءة تتحدث عن المستقبل بعد زمن التوراة، وليس بعد نزول القران الكريم. وورود النبوءة في القران الكريم بصيغة الاستقبال، لانّ الكلام حِكاية لما ورد في التوراة، كقوله تعالى في حكاية قول ابن آدم مخاطباً أخاه: "قالَ لأَقْتُلَنّك".

         (في الأرض): الإفساد في جُزء من الأرض هو إفساد في الأرض. والفساد هو خروج الشيء عن وظيفته التي خُلق لها، وهو درجات؛ منه الصغير، ومنه الكبير.

         (مرتين): هذا يؤكّد أنّ الإفساد هو إفساد مجتمعي، وفي زمان ومكان معينين. أما الإفساد الفردي فهو متكرر في كل لحظة.

         (وَلَتَعْلُنَّ عُلواً كَبيراً): فهو إفساد عن علو وتجبّر. وقد يكون الإفساد عن ضعفٍ وذِلّة. أما الإفساد المنبأ به فهو عن علوٍ كبير. والعلو يفسرهقول الله تعالى: (إن فِرْعَونَ علا في الأرضِ وجعلَ أهْلها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفةً مِنْهُم يُذَبّحُ أَبناءَهُم وَيَسْتَحيي نِساءَهُم إنهُ كانَ مِنَ المُفْسِدين)  [2]

فإفساد المجتمع  الإسرائيلي سيكون  عن علو، واستكبار، وغطرسة، وإجرام.

         (فإذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما): فإذا حصل الإفساد من قبل المجتمع الإسرائيلي في الأرض المقدّسة، وتحقّقت النبوءة‏ بحصول ذلك، عندها تكون العقوبة.

:: عبـاداّ لنـــا ::

         (بعثنا عليكم عباداً لنا): ذهب بعض المعاصرين  إلى القول بأنّ العباد هم من المؤمنين، بدليل قوله تعالى: (عباداً لنا).وقد ألجأهم هذا إلى القول بأنّ المرّة الأولى هي التي  تم فيها إخراج اليهود من المدينة المنورة، في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم، ودخول عمر بن الخطاب القدس فاتحاً، وهذا بعيد عن ظاهر النص القرآني. ولا ضرورة لمثل هذا التأويل لأنّ عبارة (عباداً لنا) تحتمل المؤمنين وغير المؤمنين، مع وجود القرائن الكثيرة التي تدل على أنهم من غير المؤمنين. وإليك توضيح ذلك :

         1) لم يرد تعبير (عباداً لنا) في القرآن الكريم إلا في هذا الموضع فقط. وأهل اللغة من المفسرين القدماء لم  يقولوا بأنّ عباداً لنا تعني مؤمنين. بل ذهبوا إلى القول إنهم من المجوس.

         2) إذا صحّت رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الجند، والتي أخرجها ابن سعد في الطّبقات، فستكون دليلاً على فهم الصحابة للآية الكريمة. يقول رضي الله عنه: "ولا تقولوا إنّ عدوّنا شرٌ منا فلن يُسَلّط علينا وإن أسأنا. فرب قومٍ سُلّط عليهم شرٌ منهم، كما سُلّط على بني إسرائيل لما أتوا مساخط الله كفرة المجوس، فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً". لاحظ قوله رضي الله عنه: "كفرة المجوس فجاسوا خلال الديار" فهو يجزم بأنهم كفرة، واستشهد بالمرّة الأولى، وهذا يوحي بأنّ المرّة الثانية لم تحدث بعد؛ إذ كان الأَولى أن يستشهدَ بالمرّة الثانية، لأنها أقرب في الزمان، وأدْعى إلى الاعتبار.

         3) نقرأ في القران الكريم: " ذَلِكَ يُخَوّفُ اللهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فاتقونِ " ]الزمر:16 [.

" أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ في ما كانُوا فيهِ    يَخْتَلِفون " ]الزمر46[ .
" نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا " [الشورى 42].

" إِن اللهَ بِعِبَادِهِ لَخَبيرٌ بَصير " [فاطر 31 ].
" ءَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُم عِبادِي هؤلاءِ أَمْ هم ضَلّوا السّبيل " [الفرقان 17]

لاحظ الكلمات:(عباده.. عبادي.. عبادك.. عبادنا) في الآيات السابقة والتي تؤكد أن المقصود عموم البشر.

         4) التخصيص في قوله تعالى: " عباداً لنا " يقصد به إبراز صفة قادمة، وهي هنا: " أُولي بأسٍ شديدٍ ". فإذا قلتَ: ولدي ذكيّ، فهمنا أنك تقصد الحديث عن ولدك. أما إذا قلت: ولدٌ لي ذكيّ، فهمنا أنك تقصد الحديث عن ذكاء ولدك بالدرجة الأولى.

         5) ودليل أخر من حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ فقد أخرج مسلم في صحيحه، في كتاب الفتن - باب ذِكْر الدّجّال - عند الحديث عن يأجوج ومأجوج: "... فبينما هو كذلك، إذ أوحى اللهُ إلى عيسى عليه السلام: أني قد أخرجتُ عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم " لاحظ: " عباداً لي ".

         ( عباداً لنا أولي بأسٍ شديد ): لا يتوهم أحد أنّ الوصف البأس الشديد لا يكون إلا في المسلمين، فقد جاء في سورةالفتح:"…سَتُدعونَ إلى قومٍ أولي باسٍ شديد …" [1]
 _________________
الفتح: 16

ليست هناك تعليقات: