الوثيقة الصهيونية لتفتيت الأمة العربية
قراءة وتقديم: محمد سيف الدولة
التقديم:
1 ـ في عام 1982 نشرت مجلة "كيفونيم" التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية، وثيقة بعنوان "استراتيجية إسرائيلية للثمانينات". وقد نُشرت هذه الوثيقة باللغة العبرية، وتم ترجمتها إلى اللغة العربية، وقدمها الدكتور / عصمت سيف الدولة كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين في قضية تنظيم ثورة مصر عام 1988.
2 ـ ولقد رأيت أهمية إعادة نشر هذه الوثيقة الآن للأسباب الآتية:
إن تقسيم العراق كأحد أهداف الحرب الحالية على العراق ( آذار/مارس 2003 ) هو أحد الأفكار الرئيسية الواردة في الوثيقة المذكورة.
إن الخطط الحالية الساعية لفصل جنوب السودان وتقسيمه، هي أيضاً ضمن الأفكار الواردة في الوثيقة.
إن الاعتراف الرسمي (بالأمازيغية) كلغة ثانية، بجوار اللغة العربية في الجزائر هي خطوة لا تبتعد عن التصور الصهيوني عن المغرب العربي.
إن مخطط تقسيم لبنان إلى عدد من الدويلات الطائفية، الذي حاول الكيان الصهيوني تنفيذه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وفشل في تحقيقه، لهو تطبيق عملي لما جاء بهذه الوثيقة بخصوص لبنان.
إن الحديث الدائر الآن في الأوساط الصهيونية حول تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، والتخوفات العربية من استغلال أجواء العدوان على العراق لتنفيذ ذلك، هو من أساسيات الأفكار المطروحة في الوثيقة.
وأخيراً وليس آخراً، إن الأخطار التي تتعرض لها مصر، واردة بالتفصيل في الوثيقة الصهيونية.
3 ـ والحديث عن وثيقة من هذا النوع، ليس حديثاً ثانوياً يمكن تجاهله، فهم ينصون فيها صراحة على رغبتهم في مزيد من التفتيت لأمتنا العربية. كما أن تاريخنا الحديث هو نتاج لمشروعات استعمارية مماثلة. بدأت أفكاراً، وتحولت إلى اتفاقات ووثائق، تلزمنا وتحكمنا حتى الآن:
ـ فمعاهدة لندن 1840 سلخت مصر منذئذٍ وحتى تاريخه عن الأمة العربية. فسمحت لمحمد علي وأسرته بحكم مصر فقط، وحرَّمت عليه أي نشاط خارجها. ولذلك نسمي هذه الاتفاقية "اتفاقية (كامب ديفيد) الأولى."
ـ واتفاقية (سايكس بيكو) 1916 قسَّمت الوطن العربي، هذا التقسيم البائس الذي نعيش فيه حتى الآن، والذي جعلنا مجموعة من العاجزين، المحبوسين داخل حدوداً مصطنعة، محرومين من الدفاع عن باقي شعبنا وباقي أرضنا في فلسطين أو في العراق أو في السودان.
ـ ووعد بلفور 1917 كان المقدمة التي أدت إلى اغتصاب فلسطين فيما بعد. تم تلاه وقام على أساسه، صك الانتداب البريطاني على فلسطين، في 29 أيلول/سبتمبر 1922 ، الذي اعترف في مادته الرابعة "بالوكالة اليهودية" من أجل "إنشاء وطن قومي لليهود". فأعطوا بذلك الضوء الأخضر للهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين.
فلما قوي شأن العصابات الصهيونية في فلسطين، أصدرت لهم الأمم المتحدة ، قراراً بتقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، وهو القرار الذي أعطى "مشروعية" للاغتصاب الصهيوني. وأُنشأ بموجبه الكيان الصهيوني. وهو القرار الذي رفضته الدول العربية في البداية. وظلت ترفضه عشرون عاماً لتعود وتعترف به بموجب القرار رقم 242 الصادر من الأمم المتحدة في 1967 ، الذي ينص على "حق" الكيان الصهيوني في الوجود، و "حقه" أن يعيش بأمان على أرض فلسطين المغتصبة.
وعلى أساس هذا القرار أُبرمت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في 26/03/1979 والتي خرجت بموجبها مصر من الصراع العربي ضد المشروع الصهيوني، لينفرد الكيان الصهيوني بالأقطار العربية الأخرى.
كل ذلك وغيره الكثير، بدأ أفكاراً، وأهدافاً استعمارية، وتحول فيما بعد إلى حقائق.
وبالتالي ليس من المستبعد أبداً أن تتحول الأفكار، التي وردت في الوثيقة الصهيونية المذكورة، إلى أمر واقع ولو بعد حين. خاصة الآن بعد العدوان الأمريكي على العراق، ومخاطر التقسيم التي تخدم ذات التصور الصهيوني عن المنطقة.
4 ـ والوثيقة الصهيونية منشورة في الصفحات التالية بنص كلماتها وفقراتها، مع فرق واحد، هو أنني أخذت ما جاء متفرقاً بالوثيقة بخصوص كل قطر، وقمت بتجميعه في فقرة واحدة، وحاولت ترقيمه وتبنيده، لتسهل متابعته.
5 ـ وأخيراً فإن الهدف الذي رجوته من نشر هذه الوثيقة، هو أن ننظر إلى العدوان علينا في مساره التاريخي. وأن نراه على حقيقته كمخطط، موحد، منتظم، متسلسل، ممتد. وأن نحرر أنفسنا من منطق التناول المجزأ لتاريخنا، الذي يُقسمه إلى حوادث منفصلة عن بعضها البعض.
آملاً في النهاية ألا تقتصر حياتنا على مجموعة من الانفعالات وردود الفعل اللحظية المؤقتة، التي تعلو وقت الشدة، وتخبو في الأوقات الأخرى. فتاريخنا كله ومنذ زمن بعيد، ولزمن طويل آتٍ، هو وقت شدة.
نص الوثيقة الصهيونية
أولاً: نظرة عامة على العالم العربي والإسلامي
1 ـ إن العالم العربي والإسلامي هو بمثابة برج من الورق أقامه الأجانب ( فرنسا وبريطانيا في العشرينيات) ، دون أن توضع في الحسبان رغبات وتطلعات سكان هذا العالم.
2 ـ لقد قُسِّم هذا العالم إلى 19 دولة كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة، والتي تُعادي كل منهما الأخرى، وعليه فان كل دولة عربية إسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقي والاجتماعي في الداخل إلى حد الحرب الداخلية كما هو الحال في بعض هذه الدول.
3 ـ وإذا ما أضفنا إلى ذلك الوضع الاقتصادي يتبين لنا كيف أن المنطقة كلها، في الواقع، بناء مصطنع كبرج الورق، لا يمكنه التصدي للمشكلات الخطيرة التي تواجهه.
4 ـ في هذا العالم الضخم والمشتت، توجد جماعات قليلة من واسعي الثراء وجماهير غفيرة من الفقراء. إن معظم العرب متوسط دخلهم السنوي حوالي 300 دولار في العام.
5 ـ إن هذه الصورة قائمة وعاصفة جداً للوضع من حول دولة (إسرائيل)، وتشكل بالنسبة لها تحديات ومشكلات وأخطار، ولكنها تشكل أيضاً فرصاً عظيمة.
ثانياً ـ مصر
1 ـ في مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين الذين يشكلون الأغلبية في مصر العليا، حوالي 8 مليون نسمة. وكان الرئيس محمد أنور السادات قد أعرب في خطابه في أيار/مايو من عام 1980 عن خشيته من أن تطالب هذه الأقلية بقيام دولتها الخاصة، أي دولة "لبنانية" مسيحية جديدة في مصر...
2 ـ والملايين من السكان على حافة الجوع نصفهم يعانون من البطالة وقلة السكن في ظروف تعد أعلى نسبة تكدس سكاني في العالم.
3 ـ وبخلاف الجيش فليس هناك أي قطاع يتمتع بقدر من الانضباط والفعالية.
4 ـ والدولة في حالة دائمة من الإفلاس بدون المساعدات الخارجية الأمريكية التي خُصصت لها بعد اتفاقية السلام.
5 ـ إن استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطي يجب إذن أن يكون هدفاً أساسيا من الدرجة الأولى اليوم…. إن المصريين لن يلتزموا باتفاقية السلام بعد إعادة سيناء، وسوف يفعلون كل ما في وسعهم لكي يعودوا إلى أحضان العالم العربي، وسوف نضطر إلى العمل لإعادة الأوضاع في سيناء إلى ما كانت عليه....
6 ـ إن مصر لا تشكل خطراً عسكرياً استراتيجياً على المدى البعيد بسبب تفككها الداخلي، ومن الممكن إعادتها إلى الوضع الذي كانت عليه بعد حرب حزيران/يونيو 1967 بطرق عديدة.
7 ـ إن أسطورة مصر القوية والزعيمة للدول العربية قد تبددت في عام 1956 وتأكد زوالها في عام 1967.
8 ـ إن مصر بطبيعتها وبتركيبتها السياسية الداخلية الحالية هي بمثابة جثة هامدة فعلاً بعد سقوطها، وذلك بسبب التفرقة بين المسلمين والمسيحيين والتي سوف تزداد حدتها في المستقبل. إن تفتيت مصر إلى أقاليم جغرافية منفصلة هو هدف (إسرائيل) السياسي في الثمانينات على جبهتها الغربية.
9 ـ إن مصر المفككة والمقسمة إلى عناصر سيادية متعددة، على عكس ما هي عليه الآن، لن تشكل أي تهديد لدولة (إسرائيل) بل ستكون ضماناً للزمن و"السلام" لفترة طويلة، وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا.
10 ـ إن دول مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد منها لن يكون لها وجود بصورتها الحالية، بل ستنضم إلى حالة التفكك والسقوط التي ستتعرض لها مصر. فإذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الأخرى، وإن فكرة إنشاء دولة قبطية مسيحية في مصر العليا إلى جانب عدد من الدويلات الضعيفة التي تتمتع بالسيادة الإقليمية في مصر ـ بعكس السلطة والسيادة المركزية الموجودة اليوم ـ هي وسيلتنا لإحداث هذا التطور التاريخي.
كما إن تفتيت لبنان إلى خمس مقاطعات إقليمية يجب أن يكون سابقة لكل العالم العربي بما في ذلك مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية.
ثالثاً ـ ليبيا
إن الرئيس معمر القذافي يشن حروبه المدمرة ضد العرب أنفسهم انطلاقاً من دولة تكاد تخلو من وجود سكان يمكن أن يشكلوا قومية قوية وذات نفوذ. ومن هنا جاءت محاولاته لعقد اتفاقيات باتحاد مع دولة حقيقية كما حدث في الماضي مع مصر ويحدث اليوم مع سوريا.
رابعاً ـ السودان:
وأما السودان ـ أكثر دول العالم العربي الإسلامي تفككاً ـ فإنها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية أفريقية إلى وثنيين إلى مسيحيين.
خامساً ـ سوريا
1 ـ إن سوريا لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن لبنان الطائفية باستثناء النظام العسكري القوي الذي يحكمها. ولكن الحرب الداخلية الحقيقية اليوم بين الأغلبية السنية والأقلية الحاكمة من الشيعة العلويين الذين يشكلون 12% فقط من عدد السكان، تدل على مدى خطورة المشكلة الداخلية.
2 ـ إن تفكك سوريا والعراق في وقت لاحق إلى أقاليم ذات طابع قومي وديني مستقل، كما هو الحال في لبنان، هو هدف دولة (إسرائيل) الأسمى في الجبهة الشرقية على المدى القصير، وسوف تتفتت سوريا تبعاً لتركيبها العرقي والطائفي إلى دويلات عدة كما هو الحال الآن في لبنان.
3 ـ وعليه فسوف تظهر على الشاطئ دولة علوية.
4 ـ وفي منطقة حلب دويلة سنية.
5 ـ وفي منطقة دمشق دويلة سنية أخرى معادية لتلك التي في الشمال.
6 ـ وأما الدروز فسوف يشكلون دويلة في الجولان التي نسيطر عليها.
7 ـ وكذلك في حوران وشمال الأردن وسوف يكون ذلك ضماناً للأمن والسلام في المنطقة بكاملها على المدى القريب. وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا.
سادساً ـ العراق
1 ـ إن العراق لا تختلف كثيراً عن جارتها ولكن الأغلبية فيها من الشيعة والأقلية من السنة، إن 65% من السكان ليس لهم أي تأثير على الدولة التي تشكل الفئة الحاكمة فيها 20% إلى جانب الأقلية الكردية الكبيرة في الشمال.
2 ـ ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم وأموال البترول، لما كان بالإمكان أن يختلف مستقبل العراق عن ماضي لبنان وحاضر سوريا.
3 ـ إن "بشائر" الفرقة والحرب الأهلية تلوح فيها اليوم، خاصة بعد تولي الإمام الخمينى الحكم، والذي يُعتبر في نظر الشيعة العراقيين زعيمهم الحقيقي وليس الرئيس صدام حسين.
4 ـ إن العراق الغنية بالبترول والتي تكثر فيها الفرقة والعداء الداخلي هي المرشح التالي لتحقيق أهداف (إسرائيل).
5 ـ إن تفتيت العراق هو أهم بكثير من تفتيت سوريا وذلك لأن العراق أقوى من سوريا.
6 ـ إن في قوة العراق خطورة على دولة (إسرائيل) في المدى القريب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أية دولة أخرى.
7 ـ وسوف يصبح بالإمكان تقسيم العراق إلى مقاطعات إقليمية طائفية كما حدث في سوريا في العهد العثماني.
8 ـ وبذلك يمكن إقامة ثلاث دويلات (أو أكثر) حول المدن العراقية.
9 ـ دولة في البصرة، ودولة في بغداد، ودولة في الموصل، بينما تنفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن الشمال السني الكردي في معظمه.
سابعاً ـ لبنان:
أما لبنان فإنها مقسمة ومنهارة اقتصاديا لكونها ليس بها سلطة موحدة، بل خمس سلطات سيادية (مسيحية في الشمال تؤيدها سوريا وتتزعمها أسرة فرنجية، وفي الشرق منطقة احتلال سوري مباشر، وفي الوسط دولة مسيحية تسيطر عليها الكتائب، وإلى الجنوب منها وحتى نهر الليطاني دولة لمنظمة التحرير الفلسطينية هي في معظمها من الفلسطينيين، ثم دولة الرائد سعد حداد من المسيحيين وحوالي نصف مليون من الشيعة.
(ملحوظة من المحرر: كان هذا هو الوضع اللبناني زمن كتابة الوثيقة، ولكن القوى الوطنية اللبنانية نجحت في إعادة الوحدة الوطنية.)
ثامناً ـ السعودية والخليج
1 ـ إن جميع إمارات الخليج وكذلك السعودية قائمة على بناء هش ليس فيه سوى البترول.
2 ـ وفى البحرين يشكل الشيعة أقلية السكان ولكن لا نفوذ لهم.
3 ـ وفي دولة الإمارات العربية المتحدة يُشكل الشيعة أغلبية السكان.
4 ـ وكذلك الحال في عُمان.
5 ـ وفي اليمن الشمالية وكذلك في جنوب اليمن... توجد أقلية شيعية كبيرة.
6 ـ وفي السعودية نصف السكان من الأجانب المصريين واليمنيين وغيرهم، بينما القوى الحاكمة هي أقلية من السعوديين.
7 ـ وأما في الكويت فإن الكويتيين الأصليين يُشكلون ربع السكان فقط.
8 ـ إن دول الخليج والسعودية وليبيا تُعد أكبر مستودع للبترول والمال في العالم، ولكن المستفيد من كل هذه الثروة هي أقليات محدودة لا تستند إلى قاعدة عريضة وأمن داخلي، وحتى الجيش ليس باستطاعته أن يضمن لها البقاء.
9 ـ وإن الجيش السعودي، بكل ما لديه من عتادٍ، لا يستطيع تأمين الحكم ضد الأخطار الفعلية من الداخل والخارج. وما حدث في مكة عام 1980 ليس سوى مثال لما قد يحدث.
10 ـ إن شبه الجزيرة العربية بكاملها يمكن أن تكون خير مثال للانهيار والتفكك كنتيجة لضغوط من الداخل ومن الخارج، وهذا الأمر في مجمله ليس بمستحيل على الأخص بالنسبة للسعودية سواء دام الرخاء الاقتصادي المترتب على البترول أو قل في المدى القريب. إن الفوضى والانهيار الداخلي هي أمور حتمية وطبيعية على ضوء تكوين الدول القائمة على غير أساس.
تاسعاً ـ المغرب العربي:
1 ـ ففي الجزائر هناك حرب أهلية في المناطق الجبلية بين الشعبين الذين يُكونان سكان هذا البلد.
2 ـ كما أن المغرب والجزائر بينهما حرب بسبب المستعمرة الصحراوية الإسبانية بالإضافة إلى الصراعات الداخلية التي تعانى منها كل منهما.
3 ـ كما أن التطرف الإسلامي يهدد وحدة تونس.
عاشراً ـ إيران وتركيا وباكستان وأفغانستان:
1 ـ فإيران تتكون من النصف المتحدث بالفارسية والنصف الآخر تركي من الناحية العرقية واللغوية، وفي طباعه أيضاً.
2 ـ وأما تركيا فمنقسمة إلى النصف من المسلمين السنية أتراك الأصل واللغة، والنصف الثاني أقليات كبيرة من 12 مليون شيعي علوي و 6 مليون كردي سني.
3 ـ وفي أفغانستان خمسة ملايين من الشيعة يُشكلون حوالي ثلث عدد السكان.
4 ـ وفي باكستان السنية حوالي 15 مليون شيعي يُهددون كيان هذه الدولة.
الأردن وفلسطين:
1 ـ والأردن هي في الواقع فلسطينية، حيث الأقلية البدوية من الأردنيين هي المسيطرة، ولكن غالبية الجيش من الفلسطينيين وكذلك الجهاز الإداري. وفي الواقع تُعد عمان فلسطينية مثلها مثل نابلس.
2 ـ وهي هدف استراتيجي وعاجل للمدى القريب وليس للمدى البعيد وذلك لأنها لن تشكل أي تهديد حقيقي على المدى البعيد بعد تفتيتها.
3 ـ ومن غير الممكن أن يبقى الأردن على حالته وتركيبته الحالية لفترة طويلة. إن سياسة دولة (إسرائيل) ـ إما بالحرب أو بالسلم ـ يجب أن تؤدي إلى تصفية الحكم الأردني الحالي ونقل السلطة إلى الأغلبية الفلسطينية.
4 ـ إن تغيير السلطة شرقي نهر الأردن سوف يؤدي أيضاً إلى حل مشكلة المناطق المكتظة بالسكان العرب غربي النهر سواء بالحرب أو في ظروف السلم.
5 ـ إن زيادة معدلات الهجرة من المناطق وتجميد النمو الاقتصادي والسكاني فيها هو الضمان لإحداث التغير المنتظر على ضفتي نهر الأردن.
6 ـ ويجب أيضاً عدم الموافقة على مشروع الحكم الذاتي أو أي تسوية أو تقسيم للمناطق...
7 ـ وأنه لم يعد بالإمكان العيش في هذه البلاد في الظروف الراهنة دون الفصل بين الشعبين بحيث يكون العرب في الأردن واليهود في المناطق الواقعة غربي النهر.
8 ـ إن التعايش والسلام الحقيقي سوف يسودان البلاد فقط إذا فهم العرب بأنه لن يكون لهم وجود ولا أمن دون التسليم بوجود سيطرة يهودية على المناطق الممتدة من النهر إلى البحر، وأن أمنهم وكيانهم سوف يكونان في الأردن فقط.
9 ـ إن التميز في دولة (إسرائيل) بين حدود عام 1967 وحدود عام 1948 لم يكن له أي مغزى.
10 ـ وفي أي وضع سياسي أو عسكري مستقبلي يجب أن يكون واضحاً بأن حل مشكلة عرب فلسطين 48 سوف يأتي فقط عن طريق قبولهم لوجود (إسرائيل) ضمن حدود آمنة حتى نهر الأردن وما بعده.
11 ـ تبعاً لمتطلبات وجودنا في هذا العصر الصعب ( العصر الذري الذي ينتظرنا قريباً).
12 ـ فليس بالإمكان الاستمرار بوجود ثلاثة أرباع السكان اليهود على الشريط الساحلي الضيق والمكتظ بالسكان في هذا العصر الذري.
13 ـ إن إعادة توزيع السكان هو إذن هدف استراتيجي داخلي من الدرجة الأولى، وبدون ذلك لن نستطيع البقاء في المستقبل في إطار أي نوع من الحدود. إن مناطق (يهودا والسامرة) والجليل هي الضمان الوحيد لبقاء الدولة.
14 ـ وإذا لم نشكل أغلبية في المنطقة الجبلية فإننا لن نستطيع السيطرة على البلاد. وسوف نصبح مثل الصليبيين الذين فقدوا هذه البلاد التي لم تكن ملكاً لهم بالأصل وعاشوا غرباء فيها منذ البداية.
15 ـ إن إعادة التوازن السكاني الاستراتيجي والاقتصادي لسكان البلاد هو الهدف الرئيسي والأسمى لدولة (إسرائيل) اليوم.
16 ـ إن السيطرة على المصادر المائية من بئر السبع وحتى الجليل الأعلى، هي بمثابة الهدف القومي المنبثق من الهدف الاستراتيجي الأساسي، والذي يقضى باستيطان المناطق الجبلية التي تخلو من اليهود اليوم.
انتهت الوثيقة
كلمة لابد منها:
الوثيقة نُشرت عام 1982 في مجلة "كيفونيم" التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية، تحت عنوان "استراتيجية إسرائيلية للثمانينات"
وبالتأكيد هناك وثائق تفصيلية اخرى ولازال المخطط ينفّذ - وللأسف - بأيدي وأدوات وتمويل عربي فهؤلاء الحكام العرب الذين يحملون الجنسية العربية (عرب الجنسية) هم اليوم ينفذون المخطط الصهيوني الامبريالي الأمريكي في أشرس مؤامرة عرفها التاريخ العربي في القرن الواحد والعشرين، فبعد غزو العراق وتدمير مؤسساته الاقتصادية والعلمية والعسكرية، بمشاركة (إسرائيل) اللقيطة وحلفائها من الحكام العرب الذين يقفون الآن في الجوقة الأمريكية الصهيونية الأطلسية لمحاربة سورية والمقاومة، التي تقاوم ببسالة شعبها العربي لتحطيم المخطط الذي يراد منه تقسيم الوطن العربي إلى كالخوزات ومشايخ وإمارات تابعة للمحتل الإسرائيلي، وسلب الهوية العربية والوجود القومي للمواطن العربي، وهم يستهدفون سورية العربية لأن المخطط الذي يريده هؤلاء الحكام العرب حلفاء (إسرائيل) يقوم على ثلاثة أهداف رئيسة:
فالأول يستهدف المقاومة العربية الفلسطينية ضد (إسرائيل) وإنهاء وجودها وسيطرة الصهاينة على مقدرات الشعب العربي الفلسطيني.
والثاني يقوم على إخضاع الأقطار العربية لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في أوروبا، وهيمنة الشركات الأمنية والاقتصادية بما فيها شركات النفط الاستعمارية لنهب خيرات العرب.
أما الهدف الثالث فهو تقسيم الوطن العربي وتغيير الخارطة الجغرافية ديموغرافياً، وإثارة النعرات الطائفية والعرقية وسلب شخصية المواطن العربي لكي تُنفذ مخططات الغزاة والمحتلين، وبذلك استطاعت (إسرائيل) أن تجد لها جوقة من العملاء والجواسيس والمرتزقة يسرحون ويمرحون في الوطن العربي، يتآمرون على عروبة العرب وأكبر دليل على ذلك ما يسمى بالربيع العربي (الأمريكي) الذي هيأ لـ (إسرائيل) فرصة العيش بأمان متنكرة لتلك الاتفاقات الدولية والأعراف الإنسانية، فهل يعي الشعب العربي مسؤوليته تجاه هؤلاء الحكام العرب المتحالفين مع (إسرائيل) لتشويه الهوية الإسلامية والعربية؟
قراءة وتقديم: محمد سيف الدولة
التقديم:
1 ـ في عام 1982 نشرت مجلة "كيفونيم" التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية، وثيقة بعنوان "استراتيجية إسرائيلية للثمانينات". وقد نُشرت هذه الوثيقة باللغة العبرية، وتم ترجمتها إلى اللغة العربية، وقدمها الدكتور / عصمت سيف الدولة كأحد مستندات دفاعه عن المتهمين في قضية تنظيم ثورة مصر عام 1988.
2 ـ ولقد رأيت أهمية إعادة نشر هذه الوثيقة الآن للأسباب الآتية:
إن تقسيم العراق كأحد أهداف الحرب الحالية على العراق ( آذار/مارس 2003 ) هو أحد الأفكار الرئيسية الواردة في الوثيقة المذكورة.
إن الخطط الحالية الساعية لفصل جنوب السودان وتقسيمه، هي أيضاً ضمن الأفكار الواردة في الوثيقة.
إن الاعتراف الرسمي (بالأمازيغية) كلغة ثانية، بجوار اللغة العربية في الجزائر هي خطوة لا تبتعد عن التصور الصهيوني عن المغرب العربي.
إن مخطط تقسيم لبنان إلى عدد من الدويلات الطائفية، الذي حاول الكيان الصهيوني تنفيذه في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وفشل في تحقيقه، لهو تطبيق عملي لما جاء بهذه الوثيقة بخصوص لبنان.
إن الحديث الدائر الآن في الأوساط الصهيونية حول تهجير الفلسطينيين إلى الأردن، والتخوفات العربية من استغلال أجواء العدوان على العراق لتنفيذ ذلك، هو من أساسيات الأفكار المطروحة في الوثيقة.
وأخيراً وليس آخراً، إن الأخطار التي تتعرض لها مصر، واردة بالتفصيل في الوثيقة الصهيونية.
3 ـ والحديث عن وثيقة من هذا النوع، ليس حديثاً ثانوياً يمكن تجاهله، فهم ينصون فيها صراحة على رغبتهم في مزيد من التفتيت لأمتنا العربية. كما أن تاريخنا الحديث هو نتاج لمشروعات استعمارية مماثلة. بدأت أفكاراً، وتحولت إلى اتفاقات ووثائق، تلزمنا وتحكمنا حتى الآن:
ـ فمعاهدة لندن 1840 سلخت مصر منذئذٍ وحتى تاريخه عن الأمة العربية. فسمحت لمحمد علي وأسرته بحكم مصر فقط، وحرَّمت عليه أي نشاط خارجها. ولذلك نسمي هذه الاتفاقية "اتفاقية (كامب ديفيد) الأولى."
ـ واتفاقية (سايكس بيكو) 1916 قسَّمت الوطن العربي، هذا التقسيم البائس الذي نعيش فيه حتى الآن، والذي جعلنا مجموعة من العاجزين، المحبوسين داخل حدوداً مصطنعة، محرومين من الدفاع عن باقي شعبنا وباقي أرضنا في فلسطين أو في العراق أو في السودان.
ـ ووعد بلفور 1917 كان المقدمة التي أدت إلى اغتصاب فلسطين فيما بعد. تم تلاه وقام على أساسه، صك الانتداب البريطاني على فلسطين، في 29 أيلول/سبتمبر 1922 ، الذي اعترف في مادته الرابعة "بالوكالة اليهودية" من أجل "إنشاء وطن قومي لليهود". فأعطوا بذلك الضوء الأخضر للهجرة اليهودية إلى أرض فلسطين.
فلما قوي شأن العصابات الصهيونية في فلسطين، أصدرت لهم الأمم المتحدة ، قراراً بتقسيم فلسطين في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1947، وهو القرار الذي أعطى "مشروعية" للاغتصاب الصهيوني. وأُنشأ بموجبه الكيان الصهيوني. وهو القرار الذي رفضته الدول العربية في البداية. وظلت ترفضه عشرون عاماً لتعود وتعترف به بموجب القرار رقم 242 الصادر من الأمم المتحدة في 1967 ، الذي ينص على "حق" الكيان الصهيوني في الوجود، و "حقه" أن يعيش بأمان على أرض فلسطين المغتصبة.
وعلى أساس هذا القرار أُبرمت معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في 26/03/1979 والتي خرجت بموجبها مصر من الصراع العربي ضد المشروع الصهيوني، لينفرد الكيان الصهيوني بالأقطار العربية الأخرى.
كل ذلك وغيره الكثير، بدأ أفكاراً، وأهدافاً استعمارية، وتحول فيما بعد إلى حقائق.
وبالتالي ليس من المستبعد أبداً أن تتحول الأفكار، التي وردت في الوثيقة الصهيونية المذكورة، إلى أمر واقع ولو بعد حين. خاصة الآن بعد العدوان الأمريكي على العراق، ومخاطر التقسيم التي تخدم ذات التصور الصهيوني عن المنطقة.
4 ـ والوثيقة الصهيونية منشورة في الصفحات التالية بنص كلماتها وفقراتها، مع فرق واحد، هو أنني أخذت ما جاء متفرقاً بالوثيقة بخصوص كل قطر، وقمت بتجميعه في فقرة واحدة، وحاولت ترقيمه وتبنيده، لتسهل متابعته.
5 ـ وأخيراً فإن الهدف الذي رجوته من نشر هذه الوثيقة، هو أن ننظر إلى العدوان علينا في مساره التاريخي. وأن نراه على حقيقته كمخطط، موحد، منتظم، متسلسل، ممتد. وأن نحرر أنفسنا من منطق التناول المجزأ لتاريخنا، الذي يُقسمه إلى حوادث منفصلة عن بعضها البعض.
آملاً في النهاية ألا تقتصر حياتنا على مجموعة من الانفعالات وردود الفعل اللحظية المؤقتة، التي تعلو وقت الشدة، وتخبو في الأوقات الأخرى. فتاريخنا كله ومنذ زمن بعيد، ولزمن طويل آتٍ، هو وقت شدة.
نص الوثيقة الصهيونية
أولاً: نظرة عامة على العالم العربي والإسلامي
1 ـ إن العالم العربي والإسلامي هو بمثابة برج من الورق أقامه الأجانب ( فرنسا وبريطانيا في العشرينيات) ، دون أن توضع في الحسبان رغبات وتطلعات سكان هذا العالم.
2 ـ لقد قُسِّم هذا العالم إلى 19 دولة كلها تتكون من خليط من الأقليات والطوائف المختلفة، والتي تُعادي كل منهما الأخرى، وعليه فان كل دولة عربية إسلامية معرضة اليوم لخطر التفتت العرقي والاجتماعي في الداخل إلى حد الحرب الداخلية كما هو الحال في بعض هذه الدول.
3 ـ وإذا ما أضفنا إلى ذلك الوضع الاقتصادي يتبين لنا كيف أن المنطقة كلها، في الواقع، بناء مصطنع كبرج الورق، لا يمكنه التصدي للمشكلات الخطيرة التي تواجهه.
4 ـ في هذا العالم الضخم والمشتت، توجد جماعات قليلة من واسعي الثراء وجماهير غفيرة من الفقراء. إن معظم العرب متوسط دخلهم السنوي حوالي 300 دولار في العام.
5 ـ إن هذه الصورة قائمة وعاصفة جداً للوضع من حول دولة (إسرائيل)، وتشكل بالنسبة لها تحديات ومشكلات وأخطار، ولكنها تشكل أيضاً فرصاً عظيمة.
ثانياً ـ مصر
1 ـ في مصر توجد أغلبية سنية مسلمة مقابل أقلية كبيرة من المسيحيين الذين يشكلون الأغلبية في مصر العليا، حوالي 8 مليون نسمة. وكان الرئيس محمد أنور السادات قد أعرب في خطابه في أيار/مايو من عام 1980 عن خشيته من أن تطالب هذه الأقلية بقيام دولتها الخاصة، أي دولة "لبنانية" مسيحية جديدة في مصر...
2 ـ والملايين من السكان على حافة الجوع نصفهم يعانون من البطالة وقلة السكن في ظروف تعد أعلى نسبة تكدس سكاني في العالم.
3 ـ وبخلاف الجيش فليس هناك أي قطاع يتمتع بقدر من الانضباط والفعالية.
4 ـ والدولة في حالة دائمة من الإفلاس بدون المساعدات الخارجية الأمريكية التي خُصصت لها بعد اتفاقية السلام.
5 ـ إن استعادة شبه جزيرة سيناء بما تحتويه من موارد طبيعية ومن احتياطي يجب إذن أن يكون هدفاً أساسيا من الدرجة الأولى اليوم…. إن المصريين لن يلتزموا باتفاقية السلام بعد إعادة سيناء، وسوف يفعلون كل ما في وسعهم لكي يعودوا إلى أحضان العالم العربي، وسوف نضطر إلى العمل لإعادة الأوضاع في سيناء إلى ما كانت عليه....
6 ـ إن مصر لا تشكل خطراً عسكرياً استراتيجياً على المدى البعيد بسبب تفككها الداخلي، ومن الممكن إعادتها إلى الوضع الذي كانت عليه بعد حرب حزيران/يونيو 1967 بطرق عديدة.
7 ـ إن أسطورة مصر القوية والزعيمة للدول العربية قد تبددت في عام 1956 وتأكد زوالها في عام 1967.
8 ـ إن مصر بطبيعتها وبتركيبتها السياسية الداخلية الحالية هي بمثابة جثة هامدة فعلاً بعد سقوطها، وذلك بسبب التفرقة بين المسلمين والمسيحيين والتي سوف تزداد حدتها في المستقبل. إن تفتيت مصر إلى أقاليم جغرافية منفصلة هو هدف (إسرائيل) السياسي في الثمانينات على جبهتها الغربية.
9 ـ إن مصر المفككة والمقسمة إلى عناصر سيادية متعددة، على عكس ما هي عليه الآن، لن تشكل أي تهديد لدولة (إسرائيل) بل ستكون ضماناً للزمن و"السلام" لفترة طويلة، وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا.
10 ـ إن دول مثل ليبيا والسودان والدول الأبعد منها لن يكون لها وجود بصورتها الحالية، بل ستنضم إلى حالة التفكك والسقوط التي ستتعرض لها مصر. فإذا ما تفككت مصر فستتفكك سائر الدول الأخرى، وإن فكرة إنشاء دولة قبطية مسيحية في مصر العليا إلى جانب عدد من الدويلات الضعيفة التي تتمتع بالسيادة الإقليمية في مصر ـ بعكس السلطة والسيادة المركزية الموجودة اليوم ـ هي وسيلتنا لإحداث هذا التطور التاريخي.
كما إن تفتيت لبنان إلى خمس مقاطعات إقليمية يجب أن يكون سابقة لكل العالم العربي بما في ذلك مصر وسوريا والعراق وشبه الجزيرة العربية.
ثالثاً ـ ليبيا
إن الرئيس معمر القذافي يشن حروبه المدمرة ضد العرب أنفسهم انطلاقاً من دولة تكاد تخلو من وجود سكان يمكن أن يشكلوا قومية قوية وذات نفوذ. ومن هنا جاءت محاولاته لعقد اتفاقيات باتحاد مع دولة حقيقية كما حدث في الماضي مع مصر ويحدث اليوم مع سوريا.
رابعاً ـ السودان:
وأما السودان ـ أكثر دول العالم العربي الإسلامي تفككاً ـ فإنها تتكون من أربع مجموعات سكانية كل منها غريبة عن الأخرى، فمن أقلية عربية مسلمة سنية تسيطر على أغلبية غير عربية أفريقية إلى وثنيين إلى مسيحيين.
خامساً ـ سوريا
1 ـ إن سوريا لا تختلف اختلافاً جوهرياً عن لبنان الطائفية باستثناء النظام العسكري القوي الذي يحكمها. ولكن الحرب الداخلية الحقيقية اليوم بين الأغلبية السنية والأقلية الحاكمة من الشيعة العلويين الذين يشكلون 12% فقط من عدد السكان، تدل على مدى خطورة المشكلة الداخلية.
2 ـ إن تفكك سوريا والعراق في وقت لاحق إلى أقاليم ذات طابع قومي وديني مستقل، كما هو الحال في لبنان، هو هدف دولة (إسرائيل) الأسمى في الجبهة الشرقية على المدى القصير، وسوف تتفتت سوريا تبعاً لتركيبها العرقي والطائفي إلى دويلات عدة كما هو الحال الآن في لبنان.
3 ـ وعليه فسوف تظهر على الشاطئ دولة علوية.
4 ـ وفي منطقة حلب دويلة سنية.
5 ـ وفي منطقة دمشق دويلة سنية أخرى معادية لتلك التي في الشمال.
6 ـ وأما الدروز فسوف يشكلون دويلة في الجولان التي نسيطر عليها.
7 ـ وكذلك في حوران وشمال الأردن وسوف يكون ذلك ضماناً للأمن والسلام في المنطقة بكاملها على المدى القريب. وهذا الأمر هو اليوم في متناول أيدينا.
سادساً ـ العراق
1 ـ إن العراق لا تختلف كثيراً عن جارتها ولكن الأغلبية فيها من الشيعة والأقلية من السنة، إن 65% من السكان ليس لهم أي تأثير على الدولة التي تشكل الفئة الحاكمة فيها 20% إلى جانب الأقلية الكردية الكبيرة في الشمال.
2 ـ ولولا القوة العسكرية للنظام الحاكم وأموال البترول، لما كان بالإمكان أن يختلف مستقبل العراق عن ماضي لبنان وحاضر سوريا.
3 ـ إن "بشائر" الفرقة والحرب الأهلية تلوح فيها اليوم، خاصة بعد تولي الإمام الخمينى الحكم، والذي يُعتبر في نظر الشيعة العراقيين زعيمهم الحقيقي وليس الرئيس صدام حسين.
4 ـ إن العراق الغنية بالبترول والتي تكثر فيها الفرقة والعداء الداخلي هي المرشح التالي لتحقيق أهداف (إسرائيل).
5 ـ إن تفتيت العراق هو أهم بكثير من تفتيت سوريا وذلك لأن العراق أقوى من سوريا.
6 ـ إن في قوة العراق خطورة على دولة (إسرائيل) في المدى القريب أكبر من الخطورة النابعة من قوة أية دولة أخرى.
7 ـ وسوف يصبح بالإمكان تقسيم العراق إلى مقاطعات إقليمية طائفية كما حدث في سوريا في العهد العثماني.
8 ـ وبذلك يمكن إقامة ثلاث دويلات (أو أكثر) حول المدن العراقية.
9 ـ دولة في البصرة، ودولة في بغداد، ودولة في الموصل، بينما تنفصل المناطق الشيعية في الجنوب عن الشمال السني الكردي في معظمه.
سابعاً ـ لبنان:
أما لبنان فإنها مقسمة ومنهارة اقتصاديا لكونها ليس بها سلطة موحدة، بل خمس سلطات سيادية (مسيحية في الشمال تؤيدها سوريا وتتزعمها أسرة فرنجية، وفي الشرق منطقة احتلال سوري مباشر، وفي الوسط دولة مسيحية تسيطر عليها الكتائب، وإلى الجنوب منها وحتى نهر الليطاني دولة لمنظمة التحرير الفلسطينية هي في معظمها من الفلسطينيين، ثم دولة الرائد سعد حداد من المسيحيين وحوالي نصف مليون من الشيعة.
(ملحوظة من المحرر: كان هذا هو الوضع اللبناني زمن كتابة الوثيقة، ولكن القوى الوطنية اللبنانية نجحت في إعادة الوحدة الوطنية.)
ثامناً ـ السعودية والخليج
1 ـ إن جميع إمارات الخليج وكذلك السعودية قائمة على بناء هش ليس فيه سوى البترول.
2 ـ وفى البحرين يشكل الشيعة أقلية السكان ولكن لا نفوذ لهم.
3 ـ وفي دولة الإمارات العربية المتحدة يُشكل الشيعة أغلبية السكان.
4 ـ وكذلك الحال في عُمان.
5 ـ وفي اليمن الشمالية وكذلك في جنوب اليمن... توجد أقلية شيعية كبيرة.
6 ـ وفي السعودية نصف السكان من الأجانب المصريين واليمنيين وغيرهم، بينما القوى الحاكمة هي أقلية من السعوديين.
7 ـ وأما في الكويت فإن الكويتيين الأصليين يُشكلون ربع السكان فقط.
8 ـ إن دول الخليج والسعودية وليبيا تُعد أكبر مستودع للبترول والمال في العالم، ولكن المستفيد من كل هذه الثروة هي أقليات محدودة لا تستند إلى قاعدة عريضة وأمن داخلي، وحتى الجيش ليس باستطاعته أن يضمن لها البقاء.
9 ـ وإن الجيش السعودي، بكل ما لديه من عتادٍ، لا يستطيع تأمين الحكم ضد الأخطار الفعلية من الداخل والخارج. وما حدث في مكة عام 1980 ليس سوى مثال لما قد يحدث.
10 ـ إن شبه الجزيرة العربية بكاملها يمكن أن تكون خير مثال للانهيار والتفكك كنتيجة لضغوط من الداخل ومن الخارج، وهذا الأمر في مجمله ليس بمستحيل على الأخص بالنسبة للسعودية سواء دام الرخاء الاقتصادي المترتب على البترول أو قل في المدى القريب. إن الفوضى والانهيار الداخلي هي أمور حتمية وطبيعية على ضوء تكوين الدول القائمة على غير أساس.
تاسعاً ـ المغرب العربي:
1 ـ ففي الجزائر هناك حرب أهلية في المناطق الجبلية بين الشعبين الذين يُكونان سكان هذا البلد.
2 ـ كما أن المغرب والجزائر بينهما حرب بسبب المستعمرة الصحراوية الإسبانية بالإضافة إلى الصراعات الداخلية التي تعانى منها كل منهما.
3 ـ كما أن التطرف الإسلامي يهدد وحدة تونس.
عاشراً ـ إيران وتركيا وباكستان وأفغانستان:
1 ـ فإيران تتكون من النصف المتحدث بالفارسية والنصف الآخر تركي من الناحية العرقية واللغوية، وفي طباعه أيضاً.
2 ـ وأما تركيا فمنقسمة إلى النصف من المسلمين السنية أتراك الأصل واللغة، والنصف الثاني أقليات كبيرة من 12 مليون شيعي علوي و 6 مليون كردي سني.
3 ـ وفي أفغانستان خمسة ملايين من الشيعة يُشكلون حوالي ثلث عدد السكان.
4 ـ وفي باكستان السنية حوالي 15 مليون شيعي يُهددون كيان هذه الدولة.
الأردن وفلسطين:
1 ـ والأردن هي في الواقع فلسطينية، حيث الأقلية البدوية من الأردنيين هي المسيطرة، ولكن غالبية الجيش من الفلسطينيين وكذلك الجهاز الإداري. وفي الواقع تُعد عمان فلسطينية مثلها مثل نابلس.
2 ـ وهي هدف استراتيجي وعاجل للمدى القريب وليس للمدى البعيد وذلك لأنها لن تشكل أي تهديد حقيقي على المدى البعيد بعد تفتيتها.
3 ـ ومن غير الممكن أن يبقى الأردن على حالته وتركيبته الحالية لفترة طويلة. إن سياسة دولة (إسرائيل) ـ إما بالحرب أو بالسلم ـ يجب أن تؤدي إلى تصفية الحكم الأردني الحالي ونقل السلطة إلى الأغلبية الفلسطينية.
4 ـ إن تغيير السلطة شرقي نهر الأردن سوف يؤدي أيضاً إلى حل مشكلة المناطق المكتظة بالسكان العرب غربي النهر سواء بالحرب أو في ظروف السلم.
5 ـ إن زيادة معدلات الهجرة من المناطق وتجميد النمو الاقتصادي والسكاني فيها هو الضمان لإحداث التغير المنتظر على ضفتي نهر الأردن.
6 ـ ويجب أيضاً عدم الموافقة على مشروع الحكم الذاتي أو أي تسوية أو تقسيم للمناطق...
7 ـ وأنه لم يعد بالإمكان العيش في هذه البلاد في الظروف الراهنة دون الفصل بين الشعبين بحيث يكون العرب في الأردن واليهود في المناطق الواقعة غربي النهر.
8 ـ إن التعايش والسلام الحقيقي سوف يسودان البلاد فقط إذا فهم العرب بأنه لن يكون لهم وجود ولا أمن دون التسليم بوجود سيطرة يهودية على المناطق الممتدة من النهر إلى البحر، وأن أمنهم وكيانهم سوف يكونان في الأردن فقط.
9 ـ إن التميز في دولة (إسرائيل) بين حدود عام 1967 وحدود عام 1948 لم يكن له أي مغزى.
10 ـ وفي أي وضع سياسي أو عسكري مستقبلي يجب أن يكون واضحاً بأن حل مشكلة عرب فلسطين 48 سوف يأتي فقط عن طريق قبولهم لوجود (إسرائيل) ضمن حدود آمنة حتى نهر الأردن وما بعده.
11 ـ تبعاً لمتطلبات وجودنا في هذا العصر الصعب ( العصر الذري الذي ينتظرنا قريباً).
12 ـ فليس بالإمكان الاستمرار بوجود ثلاثة أرباع السكان اليهود على الشريط الساحلي الضيق والمكتظ بالسكان في هذا العصر الذري.
13 ـ إن إعادة توزيع السكان هو إذن هدف استراتيجي داخلي من الدرجة الأولى، وبدون ذلك لن نستطيع البقاء في المستقبل في إطار أي نوع من الحدود. إن مناطق (يهودا والسامرة) والجليل هي الضمان الوحيد لبقاء الدولة.
14 ـ وإذا لم نشكل أغلبية في المنطقة الجبلية فإننا لن نستطيع السيطرة على البلاد. وسوف نصبح مثل الصليبيين الذين فقدوا هذه البلاد التي لم تكن ملكاً لهم بالأصل وعاشوا غرباء فيها منذ البداية.
15 ـ إن إعادة التوازن السكاني الاستراتيجي والاقتصادي لسكان البلاد هو الهدف الرئيسي والأسمى لدولة (إسرائيل) اليوم.
16 ـ إن السيطرة على المصادر المائية من بئر السبع وحتى الجليل الأعلى، هي بمثابة الهدف القومي المنبثق من الهدف الاستراتيجي الأساسي، والذي يقضى باستيطان المناطق الجبلية التي تخلو من اليهود اليوم.
انتهت الوثيقة
كلمة لابد منها:
الوثيقة نُشرت عام 1982 في مجلة "كيفونيم" التي تصدرها المنظمة الصهيونية العالمية، تحت عنوان "استراتيجية إسرائيلية للثمانينات"
وبالتأكيد هناك وثائق تفصيلية اخرى ولازال المخطط ينفّذ - وللأسف - بأيدي وأدوات وتمويل عربي فهؤلاء الحكام العرب الذين يحملون الجنسية العربية (عرب الجنسية) هم اليوم ينفذون المخطط الصهيوني الامبريالي الأمريكي في أشرس مؤامرة عرفها التاريخ العربي في القرن الواحد والعشرين، فبعد غزو العراق وتدمير مؤسساته الاقتصادية والعلمية والعسكرية، بمشاركة (إسرائيل) اللقيطة وحلفائها من الحكام العرب الذين يقفون الآن في الجوقة الأمريكية الصهيونية الأطلسية لمحاربة سورية والمقاومة، التي تقاوم ببسالة شعبها العربي لتحطيم المخطط الذي يراد منه تقسيم الوطن العربي إلى كالخوزات ومشايخ وإمارات تابعة للمحتل الإسرائيلي، وسلب الهوية العربية والوجود القومي للمواطن العربي، وهم يستهدفون سورية العربية لأن المخطط الذي يريده هؤلاء الحكام العرب حلفاء (إسرائيل) يقوم على ثلاثة أهداف رئيسة:
فالأول يستهدف المقاومة العربية الفلسطينية ضد (إسرائيل) وإنهاء وجودها وسيطرة الصهاينة على مقدرات الشعب العربي الفلسطيني.
والثاني يقوم على إخضاع الأقطار العربية لإرادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها في أوروبا، وهيمنة الشركات الأمنية والاقتصادية بما فيها شركات النفط الاستعمارية لنهب خيرات العرب.
أما الهدف الثالث فهو تقسيم الوطن العربي وتغيير الخارطة الجغرافية ديموغرافياً، وإثارة النعرات الطائفية والعرقية وسلب شخصية المواطن العربي لكي تُنفذ مخططات الغزاة والمحتلين، وبذلك استطاعت (إسرائيل) أن تجد لها جوقة من العملاء والجواسيس والمرتزقة يسرحون ويمرحون في الوطن العربي، يتآمرون على عروبة العرب وأكبر دليل على ذلك ما يسمى بالربيع العربي (الأمريكي) الذي هيأ لـ (إسرائيل) فرصة العيش بأمان متنكرة لتلك الاتفاقات الدولية والأعراف الإنسانية، فهل يعي الشعب العربي مسؤوليته تجاه هؤلاء الحكام العرب المتحالفين مع (إسرائيل) لتشويه الهوية الإسلامية والعربية؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق