نتابع: تاريخ بيت المقدس، تاريخ بيت المقدس -3-
أسطورة الشعب المختار
أسطورة الشعب المختار
لقد أشاع الحاخامات الأوائل أسطورة أن "فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"،
وأن الشعب المختار من الرب سيأتي ليسكنها، وهذا الزعم ترسخ لدى الكثيرين
يعد خطأ فادحًا في نظر الكثير من اليهود غير الصهاينة؛ فالكثيرون في العالم
ينظرون الآن لليهود على أساس أنهم شعب دموي بعد ثورة الاتصالات والإعلام
الذي ينقل للعالم فظائع اليهود في فلسطين ولبنان، ويخلع الصهاينة ثوب
القداسة على نصوص مشكوك في أمرها فلا تحقق لوعد الله لهم بعدما صاروا خراف
بني إسرائيل الضالة، كما ذكر الإنجيل، وإن كان قادة الصهيونية احترفوا
الدفاع ليس عن حق لهم، بل بتضليل إعلامي محكم، والسعي لسنّ قوانين تدين كل
من يمس اليهودية في كافة البلدان الغربية، وأصبح تجاوز الحكومات عن نشر ما
يكذّب الزعم اليهودي مدعاة للابتزاز عبر المحاكم لإدانة "من يجرؤ على
الكلام" وإحقاق الحق.
لقد ترسّخت هذه الأسطورة في الذهنية اليهودية، ومعها عقدة التشتت التي يعانونها، والطبع الانعزالي الذي يعيشونه، مما أدى على حالة نفور عام منهم، ولكنهم لجئوا إلى السيطرة الخفية عن طريق السياسة، الاقتصاد، ونشر العديد من مذاهب الفساد الشاذة.
وعندما احتل الصهاينة فلسطين ظهرت الحاجة لأسطورة أخرى ترافق الأسطورة السابقة، وهي أن "الفلسطينيين قد تركوا الأرض طواعية"، فهم غادروا أرضهم وتركوها لليهود برغبتهم.
وقد قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة في صحيفة الصنداي تايمز في العام 1969: "ليس هناك شعب فلسطيني، فنحن لم نأتِ لطردهم خارج ديارهم والاستيلاء على وطنهم؛ فهم لا وجود لهم".
ومن أجل الإقناع أن فلسطين قبل إسرائيل كانت صحراء، "قامت الجرافات الصهيونية بسحق مئات القرى بمنازلها وحقولها ومدافنها وقبورها"، كما قال البروفسور إسرائيل شاحاك عام 1975.
وقد انهارت هذه الأسطورة الأخيرة الخاصة بترك الفلسطينيين أرضهم طواعية بواسطة المؤرخين الجدد أمثال "بن موريس" الذي أوضح أن "الأوامر أعطيت للضباط الإسرائيليين بطرد السكان الموجودين منذ آلاف السنين بالقوة العسكرية، كما حدث في دير ياسين على سبيل المثال".
وقد أحصى هذا المؤرخ 418 قرية فلسطينية تم محوها عن الخريطة من بين 475 قرية، وبالنسبة لعدد الفلسطينيين الذين تم طردهم من ديارهم فحسب مكاتب الأمم المتحدة كان عددهم 900 ألفٍ وما زال السياسيون الإسرائيليون يرددون أنه يجب ترحيل الفلسطينيين الباقين على هذه الأرض إلى الدول المجاورة؛ لتخلو لليهود الأرض التي وعدهم بها الرب. كما أراد مؤسسو الصهيونية العلمانيون الذين لا يؤمنون بهذا الرب أصلاً، أمثال الصحفي النمساوي اليهودي تيودور هرتزل وبن جوريون وجولدا مائير، وإذا لم يتم الترحيل فلتكن الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي وهذا ما يحدث الآن أمام بصر وسمع العالم كله.
وبالنسبة للأسطورة الأولى وهى أن هذه أرض بلا شعب لشعب بلا أرض فما رأى العالم الآن، هل هي حقيقة؟ أم أنهم ما زالوا يسمعون أو يشاهدون أن هناك فلسطينيين ما زالوا يعيشون على تلك الأرض، وتهب المقاومة في كل مكان، ويسقط الضحايا وعيونهم على الأقصى الذي يحيا في ضمائرهم، وما زالت حملات المقدسيين للصلاة في الحرم القدسي قائمة دلالةً على تمسكهم بثوابتهم، وانصياعهم لنداءات الشيخ رائد صلاح مرابط أرض الإسراء.
القدس تحت الاحتلال
احتلال القدس حيث كانت أعين الصهيونية تتجه على القدس كعاصمة أبدية لدولة الكيان الغاصب؛ لذا كان السياسيون يرددون هذا القول الذي لا يعد غريبًا لمن قرأ الأحداث، وهي الورقة التي ترجح فرص الأحزاب للاتجاه إلى الحكومة لدى الكيان الصهيوني فلم تكن العبارة التي رددها "بيريتس" حين رأس حزب العمل: "ستكون القدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية". كان يردد مقولات آباء الحركة الصهيونية، وهذا ما يردده المسئولون الإسرائيليون دائمًا في خطاباتهم وتصريحاتهم اليومية الموجهة للشعب اليهودي أو للعالم أجمع على اختلاف توجهاتهم من حمائم وصقور، محاولين بقدر استطاعتهم ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال، حيث أول وسيلة يمكن أن يستخدمها اليهود لبسط نفوذهم في القدس هي الاستيطان وتهويد المدينة بحيث تصبح الغالبية السكانية من اليهود والعمل على طرد السكان العرب المسلمين، وإيجاد حزام استيطاني محكم لدفع العرب إلى الهجرة من المدينة المقدسة إن أصر على الهوية المقدسية، فإن قبل بالهوية الإسرائيلية صار يخضع للقوانين التي تبيح القدس حاضرًا ومستقبلاً.
لم تكن القدس في معزل عن أحلام الصهاينة منذ وطئت أرجلهم أرض فلسطين رغم قلة تواجدهم هناك فحسب الإحصاءات، فلم يكن عدد اليهود في فلسطين يتجاوز 56 ألفًا مقابل 644 ألف فلسطيني، أي بنسبة 8% إلى 92% من العرب، ولم تتعدَّ نسبة الأراضي التي يملكها اليهود 2% من أرض فلسطين، وبدأت أول موجة هجرة يهودية إلى فلسطين العام 1882، وبلغ عدد المهاجرين اليهود حتى عام 1903 حوالي 20 ألفًا، وبعد احتلال بريطانيا لفلسطين في أكتوبر 1917 أعطى اللورد بلفور في 2 نوفمبر 1917 وعده لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.
أرض لمن لا يستحق
وعقب الحرب أصدرت الأمم المتحدة -الشرعية الدولية الزائفة- قرارها بتقسيم فلسطين في 29 من نوفمبر 47 إلى دولتين: فلسطينية ويهودية اقتطع لها 54% من أرض فلسطين، وبلغ عدد الفلسطينيين 2.065 مليون نسمة مقابل 650 ألف يهودي، أي بنسبة 69% إلى 31%، ونشأت معظم الزيادة اليهودية بسبب الهجرة التي تدعمها وتحميها قوات الاحتلال البريطاني الذي وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وأصبح اليهود يمتلكون بموجب عقود ملكية 5.66% فقط من مساحة فلسطين إلا أنهم استولوا بالقوة خلال فترة الانتداب على ما مجموعة 11% منها، بما في ذلك 191 قرية و7 مدن، وطردوا نصف لاجئي 1948.
ثم أعلن الصهاينة قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين في 15 من مايو 1948 عقب إعلان بريطانيا إنهاء الانتداب عليها، وبدأت الحرب بين العصابات الصهيونية وبين الفلسطينيين والجيوش العربية التي لم تكن مستعدة لهذه الحرب؛ وكان وجودها صوريًّا مما سبب هزيمتها، ودارت الحرب حول المدينة المقدسة لتقتطع الأردن جزءًا من القدس القديمة، وتحتل القوات الصهيونية أطرافها، والكثير من الأحياء القديمة.
سيطر الصهاينة على 77.4% من أراضي فلسطين، وأدى قيام الكيان الصهيوني والمذابح الصهيونية التي ارتكبت ضد الفلسطينيين، إلى إحداث حركة نزوح ضخمة أبقت على 160.000 فلسطيني فقط في الأراضي المحتلة عام 48، مقابل أكثر من مليون يهودي، كما هاجر إلى فلسطين خلال الأشهر الستة الأولى لقيام الكيان الصهيوني 101.828 يهوديًّا .
كانت هزيمة العرب -على اختلاف أهوائهم وتوجهاتهم- ضربةً قاصمة لكافة الاتجاهات، وإن دلّ على شيء فإنما يدل على سقوط أقنعة القومية التي كان يتغنى بها العرب، فلم يكن كافيًا الاحتلال لأرض فلسطين ما عدا الضفة والقطاع، ولم يكن كافيًا العدوان الثلاثي (إنجلترا، فرنسا، إسرائيل)، كانت صدمة أن ترفض الولايات المتحدة تمويل بناء السد العالي بصدور بلاغ في العام 1956جون فوستردالاس، فيعلن جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، تقوم دولة إسرائيل بضرب سيناء في 29 من أكتوبر 1956 وكأنها في مهمة تدريبية على الحرب الهجومية، وربما كان هذا هو سر هجومها، وتبدأ ضربات موجعة من الأسطولين الفرنسي والبريطاني لمدينة بورسعيد وبورفؤاد في 5 من نوفمبر ولمدة أسبوع كامل بدأت عمليات إنزال جوي، ومقاومة شرسة غير منظمة، كان الهدف اجتياح بورسعيد والإسماعيلية، ثم السويس.
استمر ضرب بورسعيد سبع أيام بالبوارج الحربية، وبالطائرات الإنجليزية والفرنسية، وبإحراق الأحياء، واستمر العدوان الثلاثي، ورغم الحرب غير المتكافئة إلا أن المقاومة صمدت رغم كثرة الضحايا، كانوا عاقدين العزم على إسقاط عبد الناصر أو كما يقول مايكل آدمز مراسل الجارديان: كان رئيس الوزراء البريطاني إيدن يعتقد أن عبد الناصر ديكتاتور، تمامًا مثل (هتلر) و(موسيليني) قبل الحرب، لقد دعا إيدن إلى قطع الطريق أمام عبد الناصر درءًا للشر الذي سيلحق بالمنطقة، واستعادة القناة التي لا حق له فيها!! حتى كان التدخل الأمريكي كدولة عظمى سياسيًّا لإيقاف الحرب؛ لأنّ عينها كانت على ثروات المنطقة كميراث متنازع عليه بين الدول الاستعمارية، وكانت تطمع أن تكون لها السيادة عقب غروب شمس الاستعمار القديم.
يتبع
لقد ترسّخت هذه الأسطورة في الذهنية اليهودية، ومعها عقدة التشتت التي يعانونها، والطبع الانعزالي الذي يعيشونه، مما أدى على حالة نفور عام منهم، ولكنهم لجئوا إلى السيطرة الخفية عن طريق السياسة، الاقتصاد، ونشر العديد من مذاهب الفساد الشاذة.
وعندما احتل الصهاينة فلسطين ظهرت الحاجة لأسطورة أخرى ترافق الأسطورة السابقة، وهي أن "الفلسطينيين قد تركوا الأرض طواعية"، فهم غادروا أرضهم وتركوها لليهود برغبتهم.
وقد قالت جولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل السابقة في صحيفة الصنداي تايمز في العام 1969: "ليس هناك شعب فلسطيني، فنحن لم نأتِ لطردهم خارج ديارهم والاستيلاء على وطنهم؛ فهم لا وجود لهم".
ومن أجل الإقناع أن فلسطين قبل إسرائيل كانت صحراء، "قامت الجرافات الصهيونية بسحق مئات القرى بمنازلها وحقولها ومدافنها وقبورها"، كما قال البروفسور إسرائيل شاحاك عام 1975.
وقد انهارت هذه الأسطورة الأخيرة الخاصة بترك الفلسطينيين أرضهم طواعية بواسطة المؤرخين الجدد أمثال "بن موريس" الذي أوضح أن "الأوامر أعطيت للضباط الإسرائيليين بطرد السكان الموجودين منذ آلاف السنين بالقوة العسكرية، كما حدث في دير ياسين على سبيل المثال".
وقد أحصى هذا المؤرخ 418 قرية فلسطينية تم محوها عن الخريطة من بين 475 قرية، وبالنسبة لعدد الفلسطينيين الذين تم طردهم من ديارهم فحسب مكاتب الأمم المتحدة كان عددهم 900 ألفٍ وما زال السياسيون الإسرائيليون يرددون أنه يجب ترحيل الفلسطينيين الباقين على هذه الأرض إلى الدول المجاورة؛ لتخلو لليهود الأرض التي وعدهم بها الرب. كما أراد مؤسسو الصهيونية العلمانيون الذين لا يؤمنون بهذا الرب أصلاً، أمثال الصحفي النمساوي اليهودي تيودور هرتزل وبن جوريون وجولدا مائير، وإذا لم يتم الترحيل فلتكن الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي وهذا ما يحدث الآن أمام بصر وسمع العالم كله.
وبالنسبة للأسطورة الأولى وهى أن هذه أرض بلا شعب لشعب بلا أرض فما رأى العالم الآن، هل هي حقيقة؟ أم أنهم ما زالوا يسمعون أو يشاهدون أن هناك فلسطينيين ما زالوا يعيشون على تلك الأرض، وتهب المقاومة في كل مكان، ويسقط الضحايا وعيونهم على الأقصى الذي يحيا في ضمائرهم، وما زالت حملات المقدسيين للصلاة في الحرم القدسي قائمة دلالةً على تمسكهم بثوابتهم، وانصياعهم لنداءات الشيخ رائد صلاح مرابط أرض الإسراء.
القدس تحت الاحتلال
احتلال القدس حيث كانت أعين الصهيونية تتجه على القدس كعاصمة أبدية لدولة الكيان الغاصب؛ لذا كان السياسيون يرددون هذا القول الذي لا يعد غريبًا لمن قرأ الأحداث، وهي الورقة التي ترجح فرص الأحزاب للاتجاه إلى الحكومة لدى الكيان الصهيوني فلم تكن العبارة التي رددها "بيريتس" حين رأس حزب العمل: "ستكون القدس عاصمة أبدية للدولة اليهودية". كان يردد مقولات آباء الحركة الصهيونية، وهذا ما يردده المسئولون الإسرائيليون دائمًا في خطاباتهم وتصريحاتهم اليومية الموجهة للشعب اليهودي أو للعالم أجمع على اختلاف توجهاتهم من حمائم وصقور، محاولين بقدر استطاعتهم ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال، حيث أول وسيلة يمكن أن يستخدمها اليهود لبسط نفوذهم في القدس هي الاستيطان وتهويد المدينة بحيث تصبح الغالبية السكانية من اليهود والعمل على طرد السكان العرب المسلمين، وإيجاد حزام استيطاني محكم لدفع العرب إلى الهجرة من المدينة المقدسة إن أصر على الهوية المقدسية، فإن قبل بالهوية الإسرائيلية صار يخضع للقوانين التي تبيح القدس حاضرًا ومستقبلاً.
لم تكن القدس في معزل عن أحلام الصهاينة منذ وطئت أرجلهم أرض فلسطين رغم قلة تواجدهم هناك فحسب الإحصاءات، فلم يكن عدد اليهود في فلسطين يتجاوز 56 ألفًا مقابل 644 ألف فلسطيني، أي بنسبة 8% إلى 92% من العرب، ولم تتعدَّ نسبة الأراضي التي يملكها اليهود 2% من أرض فلسطين، وبدأت أول موجة هجرة يهودية إلى فلسطين العام 1882، وبلغ عدد المهاجرين اليهود حتى عام 1903 حوالي 20 ألفًا، وبعد احتلال بريطانيا لفلسطين في أكتوبر 1917 أعطى اللورد بلفور في 2 نوفمبر 1917 وعده لليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين.
أرض لمن لا يستحق
وعقب الحرب أصدرت الأمم المتحدة -الشرعية الدولية الزائفة- قرارها بتقسيم فلسطين في 29 من نوفمبر 47 إلى دولتين: فلسطينية ويهودية اقتطع لها 54% من أرض فلسطين، وبلغ عدد الفلسطينيين 2.065 مليون نسمة مقابل 650 ألف يهودي، أي بنسبة 69% إلى 31%، ونشأت معظم الزيادة اليهودية بسبب الهجرة التي تدعمها وتحميها قوات الاحتلال البريطاني الذي وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وأصبح اليهود يمتلكون بموجب عقود ملكية 5.66% فقط من مساحة فلسطين إلا أنهم استولوا بالقوة خلال فترة الانتداب على ما مجموعة 11% منها، بما في ذلك 191 قرية و7 مدن، وطردوا نصف لاجئي 1948.
ثم أعلن الصهاينة قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين في 15 من مايو 1948 عقب إعلان بريطانيا إنهاء الانتداب عليها، وبدأت الحرب بين العصابات الصهيونية وبين الفلسطينيين والجيوش العربية التي لم تكن مستعدة لهذه الحرب؛ وكان وجودها صوريًّا مما سبب هزيمتها، ودارت الحرب حول المدينة المقدسة لتقتطع الأردن جزءًا من القدس القديمة، وتحتل القوات الصهيونية أطرافها، والكثير من الأحياء القديمة.
سيطر الصهاينة على 77.4% من أراضي فلسطين، وأدى قيام الكيان الصهيوني والمذابح الصهيونية التي ارتكبت ضد الفلسطينيين، إلى إحداث حركة نزوح ضخمة أبقت على 160.000 فلسطيني فقط في الأراضي المحتلة عام 48، مقابل أكثر من مليون يهودي، كما هاجر إلى فلسطين خلال الأشهر الستة الأولى لقيام الكيان الصهيوني 101.828 يهوديًّا .
كانت هزيمة العرب -على اختلاف أهوائهم وتوجهاتهم- ضربةً قاصمة لكافة الاتجاهات، وإن دلّ على شيء فإنما يدل على سقوط أقنعة القومية التي كان يتغنى بها العرب، فلم يكن كافيًا الاحتلال لأرض فلسطين ما عدا الضفة والقطاع، ولم يكن كافيًا العدوان الثلاثي (إنجلترا، فرنسا، إسرائيل)، كانت صدمة أن ترفض الولايات المتحدة تمويل بناء السد العالي بصدور بلاغ في العام 1956جون فوستردالاس، فيعلن جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، تقوم دولة إسرائيل بضرب سيناء في 29 من أكتوبر 1956 وكأنها في مهمة تدريبية على الحرب الهجومية، وربما كان هذا هو سر هجومها، وتبدأ ضربات موجعة من الأسطولين الفرنسي والبريطاني لمدينة بورسعيد وبورفؤاد في 5 من نوفمبر ولمدة أسبوع كامل بدأت عمليات إنزال جوي، ومقاومة شرسة غير منظمة، كان الهدف اجتياح بورسعيد والإسماعيلية، ثم السويس.
استمر ضرب بورسعيد سبع أيام بالبوارج الحربية، وبالطائرات الإنجليزية والفرنسية، وبإحراق الأحياء، واستمر العدوان الثلاثي، ورغم الحرب غير المتكافئة إلا أن المقاومة صمدت رغم كثرة الضحايا، كانوا عاقدين العزم على إسقاط عبد الناصر أو كما يقول مايكل آدمز مراسل الجارديان: كان رئيس الوزراء البريطاني إيدن يعتقد أن عبد الناصر ديكتاتور، تمامًا مثل (هتلر) و(موسيليني) قبل الحرب، لقد دعا إيدن إلى قطع الطريق أمام عبد الناصر درءًا للشر الذي سيلحق بالمنطقة، واستعادة القناة التي لا حق له فيها!! حتى كان التدخل الأمريكي كدولة عظمى سياسيًّا لإيقاف الحرب؛ لأنّ عينها كانت على ثروات المنطقة كميراث متنازع عليه بين الدول الاستعمارية، وكانت تطمع أن تكون لها السيادة عقب غروب شمس الاستعمار القديم.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق