اختلاف المفاهيم: ’’رسالة إلى بني إسرائيل’’
بني إسرائيل هم أبناء يعقوب علية السلام، ويعقوب هو ابن إسحاق ابن إبراهيم عليهم السلام جميعاً ، وإسحاق اخو إسماعيل ، وهو جد نبينا محمد صلى الله عليه وسلام، وإسماعيل جد العرب وإسحاق في التوراة معناه الذي يضحك وأمه سارة، وهو الولد الثاني لإبراهيم الذي بشرته به الملائكة، وهو جد اليهود والنصارى، وعلى هذا الأساس فأن العرب وبني إسرائيل أبناء عمومه، وها نحن نوجه هذا الخطاب لكم بكل شرائحكم .
إلى حاخامات اليهود ...
انظروا إلى ما في أيديكم من نسخ التوراة والتلمود وما في مدارسكم ومناهجكم، وما احتوت عليه من القبح، وقارنوا بينها وبين دين الإسلام، ليتبين ويتضح ما يجب إيثاره، وما يتعين اختياره، وهذه دعوة بالتي هي أحسن . فإذا وصلت بكم الحال إلى العناد والمكابرة الظاهرة فتوقعوا العقوبات الصوارم ، فهذه طريقتكم التي كنتم عليها، وأنكم لم تخالفوا الدين جهلاً وضلالاً أو لقيام شبهة أوجبت لكم التوقف، وإنما ذلك جحود ومكابرة وعناد .
وانظروا مع ذلك في الأسباب التي منعتكم من متابعة الهدى، وأنها رياسات وأغراض نفسية ، مثلما حصل النزاع السياسي بين كبير حاخامات السفارديم في تل أبيب عام 1968 ( عوفاديا ) وبين زعيم الأشكناز الحاخام شلومو غورني وصدور الفتاوى الشاذة من الطرفين لتأييد أو مخالفة الزعماء السياسيين ؟ مثل الوعد بدخول الجنة بعد التصويت في الانتخابات كما حصل عام 2009 من الحاخام الشرقي وفتوى أن إعصار كاترينا كان بسبب أن الله عاقب جورج بوش السابق بسبب دعمه لخطة الانسحاب الإسرائيلي من غزة ؟ وأنكم لما آثرتم الباطل على الحق طبع الله على قلوبكم وختم عليها، وسد عليكم طريق الهدى عقوبة لكم على إعراضهم وتوليكم الشيطان، وإعراضكم عن الرحمن، وأنه ولاكم ما توليتم لأنفسكم .
وهذه المعاني الجزيلة مبسوطة في القرآن في مواضع كثيرة، فتأملوا وتدبروا القرآن تجدوها واضحة جلية، وهو مترجم إلى العبرية لديكم .
وانظروا إلى صحة القلب الكاملة بشيئين: كمال علمه ومعرفته ويقينه، وكمال إرادته وحبه لما يحبه الله ويرضاه .
فالقلب الصحيح: هو الذي عرف الحق واتبعه، وعرف الباطل واجتنبه، فإن كان علمه شكاً وعنده شبهات تُعارض ما أخبر الله به من أصول الدين وفروعه، كان علمه منحرفاً وكان مرض قلبه قوة وضعفاً بحسب هذه الشكوك والشبهات . وإن كانت إرادته ومحبته مائلة لشيء من معاصي الله، كان ذلك انحرافا في إرادته ومرضاً .
وقد يجتمع الأمران فيكون القلب منحرفاً في علمه وفي إرادته.
وانظروا إلى زعمكم :
{ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }، [ البقرة: 111 ]، ثم ذكر البرهان الذي من أقامه وأتى به فهو المستحق للجنة فقال:
{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}، [ البقرة: 112 ] .
واعلموا أن أهل الشر والفساد نوعان:
أحدهما: المبطلون في عقائدهم وأديانهم ومذاهبهم الذين يدعون إليها، ففي القرآن من الاحتجاج على هؤلاء وإقامة الحجج والبراهين على فساد قولهم شيء كثير، لا يأتي مبطل يقول إلا وفي القرآن بيانه بالحق الواضح والبرهان الجلي، ففيه الرد على جميع المبطلين من الدهريين والماديين والمشركين والمتمسكين بالأديان المبدلة والمنسوخة من اليهود والنصارى والأميين { وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً }، [ الفرقان: 33 ]، يذكر الله حجج هؤلاء ويرفضها ويبدي من الأساليب المتنوعة في إفسادها ما هو معروف، وتفصيل هذا بالجملة لا يحتمله هذا الموضع.
النوع الثاني: من المقاومين للأديان ويسعون لخراب الدنيا والسياسات والحقوق كالملحدين والصهاينة الذين انتشر شرهم وتفاقم أمرهم وسرت دعايتهم في طبقات الخلق سريان النار في العشب الهشيم .
كذبة كبرى في الدين أورثتكم الطرد:
وحول عجينة الفطير التي يصنعها اليهود في العيد، خبز الفطير المفروض على اليهود في فصحهم قد جرت العادة أن يدخلوا في عجينته دماً بشرياً يأخذونه من ضحية يقتلونها من أمة أخرى غير اليهود، ويستحسن أن تكون الضحية من المسيحيين أو المسلمين. وهذه العادة جلبت عليهم مشاكل كثيرة في الشرق والغرب، فقد كان الحي اليهودي الذي يسكنون فيه يهاجم، وينتشر فيه القتل والتنكيل بمجرد اختفاء طفل أو شخص من مجتمع غير يهودي مجاور في عيد الفصح، ومن ذلك ما يروى من قتل اليهود للطفل المسيحي هيوج من مدينة لنكولن بانجلترا في موسم الفصح سنة 1255م، وسجلّ هذه التهم يطول تـتبعه، كالذي قيل إنه حدث في لندن سنة 1257م، وفي بفورتسهايم بألمانيا سنة 1261م، وفي فورثامبتون سنة 1279م، وفي ميونخ بألمانيا سنة 1258م….
أباطيل التوراة كيف انطلت على العقلاء فيكم :
فالتوراة لم تسجل إلا بعد موت موسى؛ بحوالي ثمانمائة سنة أو يزيد، فظلت تتناقل شفاها طيلة هذه المدة، وتتعرض خلالها لا للتنقيح والتهذيب فحسب ولكن للحذف والإضافة حسب هوى كهان اليهود ومقاصدهم.
وطفحت بذلك التوراة المزعومة بقصص وتاريخ زاخر بالتخريف والأساطير والأباطيل؛ لأن التوراة قبل التحريف تكاد تكون قد اختفت من كتب اليهود.
ومن ذلك أنهم :
ما تركوا بقعة في فلسطين من جبل ولا نهر ولا حجر ولا سهل ولا وادٍ؛ إلا زعموا أن الرب ذكره في كتبهم، فزعموا له اسماً غير اسمه، وأطلقوا مصطلحاً لم يكن يعرف به، ويدعون أنها مقدسة بين ليلة وضحاها! وذلك ليوهموا العالم أن تلك الأماكن وتلك المسميات لها دلالات دينية في التوراة المحرفة.
الحاخامات والكذب والافتراء بادعاء الحروب المقدسة :
ويعتبرون الجيش الذي يقوم بذلك مقدساً، كما قال الحاخام (تسفي يهودا كوك) - الزعيم الروحي لجماعة (غوش أمونيم) -: «إن الجيش الإسرائيلي كله مقدس؛ لأنه يمثل حكم شعب الله على أرضه».
وجعل قادة اليهود من الحاخامات، الحرب أساساً من الأسس لاستمرار هذا الكيان المغتصب؛ فقد أعلن الحاخام العسكري للكيان اليهودي - (موشيه جورن)- أن: «الحروب الثلاث التي جرت بين (إسرائيل) والعرب خلال السنوات 1948م، 1956 م، 1967م هي في منزلة الحرب المقدسة، فأولها لتحرير أرض إسرائيل، والثانية لاستمرار دولة إسرائيل، أما الثالثة فقد كانت لتحقيق نبوءات إسرائيل» .
وأفتى الحاخام الأكبر بعد احتلال فلسطين في 1967 م: بتكفير كل من يتخلى عن شبر واحد أو ذرة واحدة من (أرضنا الموعودة)! -على حد زعمه-. وصرح وزير الشؤون الدينية في الكيان اليهودي (زراخ فارها فتيغ) بقوله: «ها قد عدنا إلى أرضنا، ومن الآن إلى الأبد».
وأعلن حاخام إسرائيل الأكبر، (إسحق نسيم) غداة الخامس من يونيو 1967 م بأن: «أرض إسرائيل هي ميراثٌ مُقدسٌ لدى كل يهودي».
كذبة كبرى أخرى ( القتل بدون شبهة ) :
(الهالاخاه)- وهي النظام القانوني لليهودية الحاخامية - المستمدة من التلمود البابلي والمصنفة حسب الشرائع التلمودية تصنيفاً يسهل قراءتها والرجوع إليها ، حيث تنص على ( لا بل ينبغي قتلهم؛ إذ ينبغي عدم الثقة بالعربي في أي ظرف من الظروف، حتى وإن أعطى انطباعاً بأنه متمدن؛ ففي الحرب يسمح لقواتنا وهي تهاجم العدو بل إنها مأمورة (بالهالاخاه) بقتل حتى المدنيين الطيبين، أي المدنيين الذين يبدون طيبين في الظاهر ).
عقوبة الجاني من اليهود ؟
وحقيقة القانون اليهودي (الجنائي) لا يعاقب اليهود المتسببين في قتل مدنيين فلسطينيين معاقبة حقيقية، بل تكون شكلية فقط، وهذا مبني على تعاليم تلمودية التي نصها في الموسوعة التلمودية: «أن اليهودي الذي يقتل -أحد الأغيار- يكون قد ارتكب معصية غير قابلة لعقوبة صادرة عن محكمة» ، والقرآن الكريم اكد هذه الحقيقة بقولة تعالى "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (ال عمران 75).
تخلص أوربا من اليهود :
وأعلن ذلك وبكل وضوح وجرأة "مارتن لوثر" مؤسس البروتستانتية الذي ضخ الروح الجديدة لخدمة اليهود لكنه أعلنها وبعد فوات الأوان فقال : هذه نصيحتي بإيجاز إلى أمرائنا الحكام الكرام وسادتنا الأجلاء والصفوة المراده ، وهي أن نتخلص جميعاً من عبء اليهود الشيطاني المتغطرس المتحكم .
وبمكر شديد سعى الغرب إلى إعادة تصدير اليهود ، وما يحملون معهم من وباء وانحطاط في الأخلاق ، إلى المشرق الإسلامي وتحديداً إلى فلسطين .
حتى الصهيونية التي تغنوا بها كانت مرحلة زمنية وليست عقيدة راسخة في قلوب أصحابها ، ولقد عبر عن حالهم "بن غوريون" أول رئيس لحكومة اليهود فقال :(ان الحركة الصهيونية كانت دعائم لإقامة البيت القومي ، وإنه بعد إقامة الدولة ، يجب فكها ).
نعم هو مقلب وورطة وأزمة تاريخية لن تنفك عن اليهود ما بقوا في فلسطين ، وفخ وقعوا فيه ولن يخرجوا منه بسلام ، ففلسطين المحاطة بعمقها التاريخي الإسلامي والعربي ، بالنسبة لليهود فخ ، فامتداد فلسطين الديموغرافي مع من حولها من دول تحيط بها يطلق عليها دول الطوق وغيرها عرفت بأصالتها العربية ، وأصوليتها الإسلامية منذ فجر التاريخ البشرية والاسلام ، ولقد أتي اليهود على أمة كانت في لحظة ضعف من أمرها ، ولم يدركوا أن هذه الأمة ليس كل أمرها غفلة ؟
حقائق لا يمكن إنكارها :
قال تعالى " ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" ال عمران 112 ، وبالدعم الأمريكي لدولة اليهود منذ لحظة الاعلان عن تأسيس ما يسمى بدولة إسرائيل عام 1948م ، فقد وافق الرئيس الأمريكي حينذاك (ترومان) وبطلب من بن غوريون على قرض عاجل وميسر بقيمة (135) مليوم دولار لاستيعاب المزيد من المغتصبين الجدد ؟؟
وقد ذكرت صحيفة "كريتسان ماينس" الأمريكية ، أن إسرائيل كلفت أمريكا منذ عام 1973م 1600م ما يقارب بليون دولار ؟
كيف لليهودِ اليوم التجلد والصمود في وجه الفلسطينيين بعد أن دانوا برسالة الاسلام، وتسلَّحوا بالقرآن وما تمتعوا به من جلد وعنفوان عُرِفوا به في القرآن على لسان بني اسرائيل لما قالوا عنهم : (إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) (22) المائدة) ، وعرفهم التاريخ بالعماليق, إن الفلسطينيين اليوم هم من يصدق فيهم قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (الناس معادن كمعادن الفضة والذهب . خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ..). صحيح مسلم رقم: 2638
وهذا مصداق قول ربنا فيهم : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) ) الحشر ، فهذا وزير خارجية الكيان اليهودي الأسبق "شلومو بن عامي" يقول معلقا على الأحداث التي تلت اقتحام شارون للمسجد الأقصى المبارك : " إن الفلسطينيين قد أثبتوا أنهم مقاتلون أشداء لا يمكن الاستخفاف بهم مطلقاً ، وقال :" لقد علمنا ما كان يجب أن نعلمه منذ زمن , وأن تصميم الشعب الفلسطيني على رفض العيش تحت الاحتلال سيدفع أبناءه إلى الاستبسال من أجل التخلص من واقع بائس " وهذه نخبة من أقوال قادة ورؤساء من ملل الأرض وأجناسها المختلفة، يؤكدون فيها جلادة هذا الشعب :
وقال الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة: إن فلسطين لا تحتاج إلى رجال , فرجالها أهل ثبات وحق , ولكنّ فلسطين تحتاج إلى سلاح.
قال هتلر حاكم ألمانيا النازية المتوفى عام 1945: أعطني جنديا فلسطينيا وسلاحا ألمانيا , وسوف اجعل أوروبا تزحف على أناملها.
وقال هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي من عام 1973 الى عام 1977 :لم أجد في حياتي أعند من رجال فلسطين ، وقال فيديل كاسترو رئيس كوبا منذ العام 1959: اليهود حمقى لأنهم احتلوا دولة شعبها لا يكل ولا يمل.
وقال أحمد بن بله وهو أول رؤساء الجزائر عام 1962: فلسطين لن تنكسر ما دام فيها هذا الشعب الجبار.
وقال الملك فيصل بن عبدالعزيز أحد ملوك الدولة السعودية المتوفى عام 1975: فلسطين عائدة والقدس عائد ورجالها خير رجال .
حقيقة تاريخية متى دخل اليهود ارض فلسطين ؟
إنّ أرض فلسطين ميراث الأنبياء الشرعي لأتباعهم المؤمنين ، قال تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) ) الأنبياء. و قال تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ) النور.
لقد أخبر المولى عز وجل عن توجَّه إبراهيم وابن أخيه لوط عليهما السلام لما خرجا من أرض الكلدانيين في العراق يفرون بدينهم إلى الأرض المقدسة ( فلسطين ) ، قال تعالى : ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)) الأنبياء. وحينها لم يكن إسرائيل ( يعقوب ) عليه السلام، ولا بنيه قد جاءوا بعد إلى فلسطين.
ثم جاءت بعد ذلك المحاولات اليائسة لبني إسرائيل لدخول الأرض المقدسة حال وجودهم في التية مع نبيَّا الله موسى وهارون عليهما السلام عقوبة من الله تعالى لبني إسرائيل , وحرمانهم من دخول الأرض المقدسة أربعين سنة، بسبب تعنتهم، ورفضهم دخولها، واضطرابهم على أنبيائهم، وتقلبهم المستمر بين الكفر والإيمان.
ونبي الله موسى ومن غير كلل ولا ملل يأمرهم رهبة، ويحثهم رغبة على دخول الأرض المقدسة، لكن دون جدوى كما أخبر سبحانه وتعالى على لسان موسى عليه السلام: : ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) ) المائدة.
وقالوا وبكل عناد مجددين رفضهم دخول الأرض المقدسة, كما أخبر سبحانه وتعالى عنهم : (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) ) المائدة.
وحال الله بينهم وبين الأرض المقدسة لما عصوا أوامر نبيهم حتى قبض الله روح موسى وأخيه هارون عليهما السلام في التيه في سيناء في بلاد مصر ، وخلفه يوشع بن نون، فحبست له الشمس حتى دخل الأرض المقدسة فاتحاً بإذن الله ومعه نفر قليل من بني إسرائيل، كما جاء ذلك في حديث البراء بن عازب): كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوزه معه الاَّ مؤمن بضعة عشر وثلاث مائة) اخرجه البخاري
حقيقة لابد أن يعرفها علماء اليهود :
لا بد أن يفهم اليهود ومن دون عناد، أو تكبر أن الإسلام دين جميع الأنبياء، وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم شريعة ناسخة وخاتمة لسائر الشرائع السابقة ( اليهودية والنصرانية ) قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) ) آل عمران.
وقد أخبر المولى عز وجل اليهود حاسما الموقف, وقاطعا الطريق عليهم في دعواهم الكاذبة في يهودية أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، قال تعالى : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) ) آل عمران.
وقد أقر جميع الأنبياء بالإسلام، كما أخبر المولى جل في سلطانه على لسان أنبيائه الكرام ـ عليهم الصلاة والسلام ـ تصريحهم بالإسلام، وإن تعددت شرائعهم ، فقال سبحانه على لسان كل نبي تصريحه بالإسلام :
- عن يعقوب عليه السلام: قال تعالى : (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ( 133 )) البقرة.
- وعن موسى عليه السلام: قال تعالى : (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)) يونس.
- وفي قصة سليمان وملكة سبأ في سورة النمل قال تعالى على لسان ملكة سبأ ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)) النمل.
هذا ما جاء في كتاب ربنا، ونحن نؤمن به جملةً وتفصيلاً، ولا نفرق بين أحد من رسله, فينبغي لهم أن يذعنوا إلى ذلك كما أخبر ربنا تبارك وتعالى: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) )آل عمران.
قال تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46))العنكبوت.
د. عبد الرحمن الجيران/ عضو مجلس الأمة الكويتي
بني إسرائيل هم أبناء يعقوب علية السلام، ويعقوب هو ابن إسحاق ابن إبراهيم عليهم السلام جميعاً ، وإسحاق اخو إسماعيل ، وهو جد نبينا محمد صلى الله عليه وسلام، وإسماعيل جد العرب وإسحاق في التوراة معناه الذي يضحك وأمه سارة، وهو الولد الثاني لإبراهيم الذي بشرته به الملائكة، وهو جد اليهود والنصارى، وعلى هذا الأساس فأن العرب وبني إسرائيل أبناء عمومه، وها نحن نوجه هذا الخطاب لكم بكل شرائحكم .
إلى حاخامات اليهود ...
انظروا إلى ما في أيديكم من نسخ التوراة والتلمود وما في مدارسكم ومناهجكم، وما احتوت عليه من القبح، وقارنوا بينها وبين دين الإسلام، ليتبين ويتضح ما يجب إيثاره، وما يتعين اختياره، وهذه دعوة بالتي هي أحسن . فإذا وصلت بكم الحال إلى العناد والمكابرة الظاهرة فتوقعوا العقوبات الصوارم ، فهذه طريقتكم التي كنتم عليها، وأنكم لم تخالفوا الدين جهلاً وضلالاً أو لقيام شبهة أوجبت لكم التوقف، وإنما ذلك جحود ومكابرة وعناد .
وانظروا مع ذلك في الأسباب التي منعتكم من متابعة الهدى، وأنها رياسات وأغراض نفسية ، مثلما حصل النزاع السياسي بين كبير حاخامات السفارديم في تل أبيب عام 1968 ( عوفاديا ) وبين زعيم الأشكناز الحاخام شلومو غورني وصدور الفتاوى الشاذة من الطرفين لتأييد أو مخالفة الزعماء السياسيين ؟ مثل الوعد بدخول الجنة بعد التصويت في الانتخابات كما حصل عام 2009 من الحاخام الشرقي وفتوى أن إعصار كاترينا كان بسبب أن الله عاقب جورج بوش السابق بسبب دعمه لخطة الانسحاب الإسرائيلي من غزة ؟ وأنكم لما آثرتم الباطل على الحق طبع الله على قلوبكم وختم عليها، وسد عليكم طريق الهدى عقوبة لكم على إعراضهم وتوليكم الشيطان، وإعراضكم عن الرحمن، وأنه ولاكم ما توليتم لأنفسكم .
وهذه المعاني الجزيلة مبسوطة في القرآن في مواضع كثيرة، فتأملوا وتدبروا القرآن تجدوها واضحة جلية، وهو مترجم إلى العبرية لديكم .
وانظروا إلى صحة القلب الكاملة بشيئين: كمال علمه ومعرفته ويقينه، وكمال إرادته وحبه لما يحبه الله ويرضاه .
فالقلب الصحيح: هو الذي عرف الحق واتبعه، وعرف الباطل واجتنبه، فإن كان علمه شكاً وعنده شبهات تُعارض ما أخبر الله به من أصول الدين وفروعه، كان علمه منحرفاً وكان مرض قلبه قوة وضعفاً بحسب هذه الشكوك والشبهات . وإن كانت إرادته ومحبته مائلة لشيء من معاصي الله، كان ذلك انحرافا في إرادته ومرضاً .
وقد يجتمع الأمران فيكون القلب منحرفاً في علمه وفي إرادته.
وانظروا إلى زعمكم :
{ وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ }، [ البقرة: 111 ]، ثم ذكر البرهان الذي من أقامه وأتى به فهو المستحق للجنة فقال:
{ بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}، [ البقرة: 112 ] .
واعلموا أن أهل الشر والفساد نوعان:
أحدهما: المبطلون في عقائدهم وأديانهم ومذاهبهم الذين يدعون إليها، ففي القرآن من الاحتجاج على هؤلاء وإقامة الحجج والبراهين على فساد قولهم شيء كثير، لا يأتي مبطل يقول إلا وفي القرآن بيانه بالحق الواضح والبرهان الجلي، ففيه الرد على جميع المبطلين من الدهريين والماديين والمشركين والمتمسكين بالأديان المبدلة والمنسوخة من اليهود والنصارى والأميين { وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً }، [ الفرقان: 33 ]، يذكر الله حجج هؤلاء ويرفضها ويبدي من الأساليب المتنوعة في إفسادها ما هو معروف، وتفصيل هذا بالجملة لا يحتمله هذا الموضع.
النوع الثاني: من المقاومين للأديان ويسعون لخراب الدنيا والسياسات والحقوق كالملحدين والصهاينة الذين انتشر شرهم وتفاقم أمرهم وسرت دعايتهم في طبقات الخلق سريان النار في العشب الهشيم .
كذبة كبرى في الدين أورثتكم الطرد:
وحول عجينة الفطير التي يصنعها اليهود في العيد، خبز الفطير المفروض على اليهود في فصحهم قد جرت العادة أن يدخلوا في عجينته دماً بشرياً يأخذونه من ضحية يقتلونها من أمة أخرى غير اليهود، ويستحسن أن تكون الضحية من المسيحيين أو المسلمين. وهذه العادة جلبت عليهم مشاكل كثيرة في الشرق والغرب، فقد كان الحي اليهودي الذي يسكنون فيه يهاجم، وينتشر فيه القتل والتنكيل بمجرد اختفاء طفل أو شخص من مجتمع غير يهودي مجاور في عيد الفصح، ومن ذلك ما يروى من قتل اليهود للطفل المسيحي هيوج من مدينة لنكولن بانجلترا في موسم الفصح سنة 1255م، وسجلّ هذه التهم يطول تـتبعه، كالذي قيل إنه حدث في لندن سنة 1257م، وفي بفورتسهايم بألمانيا سنة 1261م، وفي فورثامبتون سنة 1279م، وفي ميونخ بألمانيا سنة 1258م….
أباطيل التوراة كيف انطلت على العقلاء فيكم :
فالتوراة لم تسجل إلا بعد موت موسى؛ بحوالي ثمانمائة سنة أو يزيد، فظلت تتناقل شفاها طيلة هذه المدة، وتتعرض خلالها لا للتنقيح والتهذيب فحسب ولكن للحذف والإضافة حسب هوى كهان اليهود ومقاصدهم.
وطفحت بذلك التوراة المزعومة بقصص وتاريخ زاخر بالتخريف والأساطير والأباطيل؛ لأن التوراة قبل التحريف تكاد تكون قد اختفت من كتب اليهود.
ومن ذلك أنهم :
ما تركوا بقعة في فلسطين من جبل ولا نهر ولا حجر ولا سهل ولا وادٍ؛ إلا زعموا أن الرب ذكره في كتبهم، فزعموا له اسماً غير اسمه، وأطلقوا مصطلحاً لم يكن يعرف به، ويدعون أنها مقدسة بين ليلة وضحاها! وذلك ليوهموا العالم أن تلك الأماكن وتلك المسميات لها دلالات دينية في التوراة المحرفة.
الحاخامات والكذب والافتراء بادعاء الحروب المقدسة :
ويعتبرون الجيش الذي يقوم بذلك مقدساً، كما قال الحاخام (تسفي يهودا كوك) - الزعيم الروحي لجماعة (غوش أمونيم) -: «إن الجيش الإسرائيلي كله مقدس؛ لأنه يمثل حكم شعب الله على أرضه».
وجعل قادة اليهود من الحاخامات، الحرب أساساً من الأسس لاستمرار هذا الكيان المغتصب؛ فقد أعلن الحاخام العسكري للكيان اليهودي - (موشيه جورن)- أن: «الحروب الثلاث التي جرت بين (إسرائيل) والعرب خلال السنوات 1948م، 1956 م، 1967م هي في منزلة الحرب المقدسة، فأولها لتحرير أرض إسرائيل، والثانية لاستمرار دولة إسرائيل، أما الثالثة فقد كانت لتحقيق نبوءات إسرائيل» .
وأفتى الحاخام الأكبر بعد احتلال فلسطين في 1967 م: بتكفير كل من يتخلى عن شبر واحد أو ذرة واحدة من (أرضنا الموعودة)! -على حد زعمه-. وصرح وزير الشؤون الدينية في الكيان اليهودي (زراخ فارها فتيغ) بقوله: «ها قد عدنا إلى أرضنا، ومن الآن إلى الأبد».
وأعلن حاخام إسرائيل الأكبر، (إسحق نسيم) غداة الخامس من يونيو 1967 م بأن: «أرض إسرائيل هي ميراثٌ مُقدسٌ لدى كل يهودي».
كذبة كبرى أخرى ( القتل بدون شبهة ) :
(الهالاخاه)- وهي النظام القانوني لليهودية الحاخامية - المستمدة من التلمود البابلي والمصنفة حسب الشرائع التلمودية تصنيفاً يسهل قراءتها والرجوع إليها ، حيث تنص على ( لا بل ينبغي قتلهم؛ إذ ينبغي عدم الثقة بالعربي في أي ظرف من الظروف، حتى وإن أعطى انطباعاً بأنه متمدن؛ ففي الحرب يسمح لقواتنا وهي تهاجم العدو بل إنها مأمورة (بالهالاخاه) بقتل حتى المدنيين الطيبين، أي المدنيين الذين يبدون طيبين في الظاهر ).
عقوبة الجاني من اليهود ؟
وحقيقة القانون اليهودي (الجنائي) لا يعاقب اليهود المتسببين في قتل مدنيين فلسطينيين معاقبة حقيقية، بل تكون شكلية فقط، وهذا مبني على تعاليم تلمودية التي نصها في الموسوعة التلمودية: «أن اليهودي الذي يقتل -أحد الأغيار- يكون قد ارتكب معصية غير قابلة لعقوبة صادرة عن محكمة» ، والقرآن الكريم اكد هذه الحقيقة بقولة تعالى "ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ " (ال عمران 75).
تخلص أوربا من اليهود :
وأعلن ذلك وبكل وضوح وجرأة "مارتن لوثر" مؤسس البروتستانتية الذي ضخ الروح الجديدة لخدمة اليهود لكنه أعلنها وبعد فوات الأوان فقال : هذه نصيحتي بإيجاز إلى أمرائنا الحكام الكرام وسادتنا الأجلاء والصفوة المراده ، وهي أن نتخلص جميعاً من عبء اليهود الشيطاني المتغطرس المتحكم .
وبمكر شديد سعى الغرب إلى إعادة تصدير اليهود ، وما يحملون معهم من وباء وانحطاط في الأخلاق ، إلى المشرق الإسلامي وتحديداً إلى فلسطين .
حتى الصهيونية التي تغنوا بها كانت مرحلة زمنية وليست عقيدة راسخة في قلوب أصحابها ، ولقد عبر عن حالهم "بن غوريون" أول رئيس لحكومة اليهود فقال :(ان الحركة الصهيونية كانت دعائم لإقامة البيت القومي ، وإنه بعد إقامة الدولة ، يجب فكها ).
نعم هو مقلب وورطة وأزمة تاريخية لن تنفك عن اليهود ما بقوا في فلسطين ، وفخ وقعوا فيه ولن يخرجوا منه بسلام ، ففلسطين المحاطة بعمقها التاريخي الإسلامي والعربي ، بالنسبة لليهود فخ ، فامتداد فلسطين الديموغرافي مع من حولها من دول تحيط بها يطلق عليها دول الطوق وغيرها عرفت بأصالتها العربية ، وأصوليتها الإسلامية منذ فجر التاريخ البشرية والاسلام ، ولقد أتي اليهود على أمة كانت في لحظة ضعف من أمرها ، ولم يدركوا أن هذه الأمة ليس كل أمرها غفلة ؟
حقائق لا يمكن إنكارها :
قال تعالى " ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" ال عمران 112 ، وبالدعم الأمريكي لدولة اليهود منذ لحظة الاعلان عن تأسيس ما يسمى بدولة إسرائيل عام 1948م ، فقد وافق الرئيس الأمريكي حينذاك (ترومان) وبطلب من بن غوريون على قرض عاجل وميسر بقيمة (135) مليوم دولار لاستيعاب المزيد من المغتصبين الجدد ؟؟
وقد ذكرت صحيفة "كريتسان ماينس" الأمريكية ، أن إسرائيل كلفت أمريكا منذ عام 1973م 1600م ما يقارب بليون دولار ؟
كيف لليهودِ اليوم التجلد والصمود في وجه الفلسطينيين بعد أن دانوا برسالة الاسلام، وتسلَّحوا بالقرآن وما تمتعوا به من جلد وعنفوان عُرِفوا به في القرآن على لسان بني اسرائيل لما قالوا عنهم : (إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) (22) المائدة) ، وعرفهم التاريخ بالعماليق, إن الفلسطينيين اليوم هم من يصدق فيهم قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه أبو هريرة قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (الناس معادن كمعادن الفضة والذهب . خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا ..). صحيح مسلم رقم: 2638
وهذا مصداق قول ربنا فيهم : (لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) ) الحشر ، فهذا وزير خارجية الكيان اليهودي الأسبق "شلومو بن عامي" يقول معلقا على الأحداث التي تلت اقتحام شارون للمسجد الأقصى المبارك : " إن الفلسطينيين قد أثبتوا أنهم مقاتلون أشداء لا يمكن الاستخفاف بهم مطلقاً ، وقال :" لقد علمنا ما كان يجب أن نعلمه منذ زمن , وأن تصميم الشعب الفلسطيني على رفض العيش تحت الاحتلال سيدفع أبناءه إلى الاستبسال من أجل التخلص من واقع بائس " وهذه نخبة من أقوال قادة ورؤساء من ملل الأرض وأجناسها المختلفة، يؤكدون فيها جلادة هذا الشعب :
وقال الملك عبد العزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية الثالثة: إن فلسطين لا تحتاج إلى رجال , فرجالها أهل ثبات وحق , ولكنّ فلسطين تحتاج إلى سلاح.
قال هتلر حاكم ألمانيا النازية المتوفى عام 1945: أعطني جنديا فلسطينيا وسلاحا ألمانيا , وسوف اجعل أوروبا تزحف على أناملها.
وقال هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي من عام 1973 الى عام 1977 :لم أجد في حياتي أعند من رجال فلسطين ، وقال فيديل كاسترو رئيس كوبا منذ العام 1959: اليهود حمقى لأنهم احتلوا دولة شعبها لا يكل ولا يمل.
وقال أحمد بن بله وهو أول رؤساء الجزائر عام 1962: فلسطين لن تنكسر ما دام فيها هذا الشعب الجبار.
وقال الملك فيصل بن عبدالعزيز أحد ملوك الدولة السعودية المتوفى عام 1975: فلسطين عائدة والقدس عائد ورجالها خير رجال .
حقيقة تاريخية متى دخل اليهود ارض فلسطين ؟
إنّ أرض فلسطين ميراث الأنبياء الشرعي لأتباعهم المؤمنين ، قال تعالى : (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (105) ) الأنبياء. و قال تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) ) النور.
لقد أخبر المولى عز وجل عن توجَّه إبراهيم وابن أخيه لوط عليهما السلام لما خرجا من أرض الكلدانيين في العراق يفرون بدينهم إلى الأرض المقدسة ( فلسطين ) ، قال تعالى : ( وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ (71)) الأنبياء. وحينها لم يكن إسرائيل ( يعقوب ) عليه السلام، ولا بنيه قد جاءوا بعد إلى فلسطين.
ثم جاءت بعد ذلك المحاولات اليائسة لبني إسرائيل لدخول الأرض المقدسة حال وجودهم في التية مع نبيَّا الله موسى وهارون عليهما السلام عقوبة من الله تعالى لبني إسرائيل , وحرمانهم من دخول الأرض المقدسة أربعين سنة، بسبب تعنتهم، ورفضهم دخولها، واضطرابهم على أنبيائهم، وتقلبهم المستمر بين الكفر والإيمان.
ونبي الله موسى ومن غير كلل ولا ملل يأمرهم رهبة، ويحثهم رغبة على دخول الأرض المقدسة، لكن دون جدوى كما أخبر سبحانه وتعالى على لسان موسى عليه السلام: : ( يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21) ) المائدة.
وقالوا وبكل عناد مجددين رفضهم دخول الأرض المقدسة, كما أخبر سبحانه وتعالى عنهم : (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24) ) المائدة.
وحال الله بينهم وبين الأرض المقدسة لما عصوا أوامر نبيهم حتى قبض الله روح موسى وأخيه هارون عليهما السلام في التيه في سيناء في بلاد مصر ، وخلفه يوشع بن نون، فحبست له الشمس حتى دخل الأرض المقدسة فاتحاً بإذن الله ومعه نفر قليل من بني إسرائيل، كما جاء ذلك في حديث البراء بن عازب): كنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم, نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوزه معه الاَّ مؤمن بضعة عشر وثلاث مائة) اخرجه البخاري
حقيقة لابد أن يعرفها علماء اليهود :
لا بد أن يفهم اليهود ومن دون عناد، أو تكبر أن الإسلام دين جميع الأنبياء، وشريعة محمد صلى الله عليه وسلم شريعة ناسخة وخاتمة لسائر الشرائع السابقة ( اليهودية والنصرانية ) قال تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) ) آل عمران.
وقد أخبر المولى عز وجل اليهود حاسما الموقف, وقاطعا الطريق عليهم في دعواهم الكاذبة في يهودية أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام ، قال تعالى : ( مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (67) ) آل عمران.
وقد أقر جميع الأنبياء بالإسلام، كما أخبر المولى جل في سلطانه على لسان أنبيائه الكرام ـ عليهم الصلاة والسلام ـ تصريحهم بالإسلام، وإن تعددت شرائعهم ، فقال سبحانه على لسان كل نبي تصريحه بالإسلام :
- عن يعقوب عليه السلام: قال تعالى : (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون ( 133 )) البقرة.
- وعن موسى عليه السلام: قال تعالى : (وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ (84)) يونس.
- وفي قصة سليمان وملكة سبأ في سورة النمل قال تعالى على لسان ملكة سبأ ( قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)) النمل.
هذا ما جاء في كتاب ربنا، ونحن نؤمن به جملةً وتفصيلاً، ولا نفرق بين أحد من رسله, فينبغي لهم أن يذعنوا إلى ذلك كما أخبر ربنا تبارك وتعالى: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) )آل عمران.
قال تعالى : (وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46))العنكبوت.
د. عبد الرحمن الجيران/ عضو مجلس الأمة الكويتي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق