ما وراء المصطلحات الصهيونية.. الماشيح و المشيحانية
ورد في مشاركة سابقة ان مفسروا الشريعة اليهودية دائما ما يقومون بتحريف و تغيير المصطلحات و المسميات اليهودية الشرعية كي تخدم نزواتهم ومصالحهم الدنيوية وان كانت هذه المصطلحات لها علاقة في امور غيبية وعقائدية فلا يترددون في استغلال المصطلحات كي تخدم فكرتهم وان كانت عن طريق الكذب وتأليف الاساطير و التمادي في الافتراءات على الله فلا تجدهم الا افاكين محترفين في قول الباطل وتزوير الحقائق.
ان من عقائد اليهود التي أُلفوا حولها الأساطير و صيغة لها عشرات الكتب والمواضيع ، وجيش لها المئات ( في الحد الأدنى) من مفكرين وادباء في التاريخ المعاصر كي يطوروا مصطلح الماشيح ، وقد استغلت الصهيونية المعاصرة هذا المصطلح لتخدم فكرتها في احتلال فلسطين وجيَرتها وتبنتها حتى تكون من الركائز التي تقوم عليها الفكرة الصهيونية وهي إقامة الدولة الصهيونية أو الدولة اليهودية في فلسطين، وكي تكون الإطار الذي يتيح لليهود أن يحققوا من خلاله هويتهم الدينية والإثنية في هذه البقعة من العالم . ولذلك عملوا على ان تكون الصهيونية هي الهوية العالمية التي تضم كل اليهود، في كل زمان ومكان.
وانطلاقاً من هذا التصور، ما فتأت الدولة الصهيونية تطلب من اليهود العودة إلى فلسطين و الاستقرار فيها على أحسن تقدير، أو إلى الالتفاف حولها ودعمها في أسوء الأحوال. وباسم هذه الهوية اليهودية المزعومة تقوم الدولة الصهيونية بضم الأراضي وطرد أصحابها الأصليين ( الفلسطينيين).
الماشيح:
تعتبر من عقائد اليهود التي يرتبطون بها بشكل وثيق ، وينتظرون حصولها منذ زمن بعيد قد تصل الى عهد المسيح عليه السلام وما قبله، ويبذل لها اليهود آحادا وجماعات الغالي والنفيس للتعجيل في تحقيق هذه النبوءة.
وكلمة ماشيح تعني ( المسيح ) وعقيدتهم تسمى بالمشيحانية ، ويرجع اصل الكلمة الى (مشح) وتعني باللغة العربية ( مسح) ، ويرجع هذا المسمى في اصله الى عادات الشعوب الغابرة التي كانت تمسح وتخضب راس الملك الجديد عند تنصيبه على ملكه بالزيت كناية عن مباركة الآلهة له ولملكه ، او كناية عن حلول روح الاله في جسد الملك ( الحلولية ) فيحصل على القدسية التي يدين له شعبه فيها ، فيصل الى تقديس شعبه له.
المشيحانية:
يعتقد اليهود بان هذا المسيح هو مرسل من عند الله وهو حاليا موجود في السماء ينتظر الاذن من الله للنزول ، ويعتقد اليهود بانه من نسل نبي الله داو عليه السلام، (غير انهم لا يرون في نبوة داود ولا ابنه سليمان بل يعتقدون انهم فقط ملوك ، وهي مخالفة صريحة لنص القران ، قال تعالى( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وعيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) فكان عليه السلام من الانبياء الذين ملكوا الارض كما قال تعالى (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ).
اعتقادهم:
ويعتقدون ان هذا المسيح سيأتي ليغير مجرى حياتهم من الضلال والشتات الى الطريق القويم، فهو من سينهي شقائهم وشتاتهم، وهو من سيقضي على اعدائهم ، ويعود بهم الى صهيون ( فلسطين ) و عاصمتهم القدس ، وسيعيد بناء الهيكل ( كما في زعمهم) ويحكم بشريعتهم ، فينشر العدل ويمتد حكمه إلى1000 عام ، تزدهر فيه الارض وتخرج خيراتها، ويطلق اليهود على هذه الفترة بالفردوس الارضي، او (العقيدة الاسترجاعية).ولقد استهوت العقيدة المشيحانية ( بكل ما تحتويه من خرافات و احلام وردية ) كل من اليهود المتدينون واليهود العلمانيون ( الصهاينة ) ، وليس من المستغرب ان يرى (هرتزل) وهو احد مؤسسي الكيان الصهيوني انه يرى في الهجرة وبناء هذا الكيان المغتصب في فلسطين ما هو الا اداة لتعجيل ظهور الماشيح المخلص.
عقيدة عدم الانتماء:
رسخت هذه العقيدة عدم الانتماء لأي وطن أو هوية أو شعب أو مجتمع بعينه ، وكانت رافدا جديدا خدمت الاثنية الدينية و الصهيونية لتحويل انظار يهود العالم الى ارض فلسطين، فهي الارض التي سينزل بها الماشيح ، وهي الفردوس ، وهي ارض الانتقام من الاعداء وارض العدل والرخاء.
لذلك لن تجد لأي يهودي انتماء لأرضه التي ولد بها ، او للوطن الذي تكفل به ، أو للجيش الذي سهر على حمايته ، أو حتى للعقار الذي تاجر به أو للأرض التي زرعها ، او لتاريخ اجداده في تلك البقعة. فهي ترسخ في عقولهم عدم الانتماء لمجتمعاتهم التي يعيشون بها وانفصالهم عن الأغيار ، ففي اعتقادهم أن هذه مرحلة لا بد منها ثم مرده إلى فلسطين ليعيش في كنف الماشيح، ولهذا فان الصهيونية عندما اختارت هذه الفكرة أو العقيدة لتبنيها ، ما اختارتها إلا لأنها لم ولن تجد أفضل منها كفرة كي تسيطر بها على عقول ووجدان اليهود في العالم، وتجعلهم مطواعين تخضعهم لها في تنفيذ أوامرها ومتطلباتها التي تخدم قضية الانتقال واحتلال دولة فلسطين. وفي كتابات هرتزل ألمح الى هذه العقيدة.
المتدينين و الملحدين:
ان الغريب في الامر ان هذه العقيدة استطاعت ان توحد طرفين متناقضين في الاعتقاد و الايمان ، فقد اتفق على هذه العقيدة كل من اليهود المتدينين واليهود الملحدين ، فبعد ان طال زمن الماشيح ولم يظهر بدا الكثير استهجان هذه الفكرة خاصة الملحدين واصحاب الثروات و المثقفين ، على عكس المتدينين فقد تبعهم في هذه العقيدة فقراء اليهود حيث تعلقت عقولهم ووجدانهم في هذه العقيدة علها تكون لهم خلاص مما هم فيه من الفقر ، ولذلك قامت الصهيونية بالعمل على الاتحاد بين عقيدة المتدينين والملحدين فخرجت بفكرة جديدة تقول ان هذا العصر الذي نحن فيه هو عصر الماشيح و ان لم يكن حاضرا معهم ، فهم سكنوا فلسطين وجاوروا قدس الاقداس ، ويعيشون في رغد ، وخضعت الارض لهم سواء في خيراتها أو فيما وصلوا له من تقدم علمي وتكنولوجي، وبالتالي اصبح وجود الماشيح أو عدمه لا يؤثر، في هدف الصهيونية وهو هجرة اليهود الى فلسطين والاستيطان بها.
وفي النهاية لم تستطع في تاريخ اليهود كله اي حركة مشيحانية ان تتمكن من السيطرة على يهود العالم بجميع طوائفهم و انتماءاتهم و اعراقهم ، كما حدث في عصرنا هذا مع الحركة الصهيونية التي استطاعت ان تسيطر على يهود من خلال هذه الفكرة ، والتي كانت على حساب احتلال دولة فلسطين وتقتيل أو تشريد شعبها .
آخر الزمان ...
فان اسم المسيح عند اليهود هو مشابه للاسم الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في احاديث اخر الزمان و احداث الساعة ، وقد ذكر بان اول من يتبعه يهود اصفهان، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب .. ألا إنّه أعور ، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه : " ك . ف . ر" متفق عليه.
بهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه عن المسيح الدجال .فقال له أصحابه : يا رسول الله ؛ أكثرْتَ الحديث عنه ، فخفنا ، حتى ظنناه قريباً منا ، وكأنه سيطلع علينا بعد قليل من ناحية هذا النخيل . قال صلى الله عليه وسلم : غيرَ الدجال أخوفني عليكم ، إذا خرج فيكم فأنا حجيجه دونكم – أكفيكم مؤونته - ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه – فكل منكم مسؤول عن نفسه - ، والله خليفتي على كل مسلم ... حتى سؤل عليه الصلاة و السلام، فمن يتبعه؛ يا رسول الله ؟ .
قال : يتبع الدجالَ - من يهود أصفهان – سبعون ألفاً عليهم الطيالسة " ثياب اليهود المزركش بالأخضر " . رواه مسلم
فالدجال اذا هو نفسه المشيح الذي ينتظره اليـهود حول العالم ، وسيجول في الأرض، الا انه لن يستطيع دخول اربعة اماكن منها المدينة المنورة كما ورد في الحديث ( وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا أربع مساجد : مكة و المدينة والطور ومسجد الأقصى ) ، إلا أن بعض الأحداث ستدور حولها ، وهذا احد اهم الاسباب التي تدغدغ مشاعر اليهود وإيمانهم به ، وذلك لجوار المدينة المنورة من منجم سليمان " مهد الذهب " اذ يعتبرونه داخل إطـار حدود مملكة إسرائيل كما يعلنون ذلك ويذكرونه في تاريخ القبائل اليهودية كبني قريظة وبني قينقاع وغيرهم، وبالإشارة الى الحديث فلن يدخلها ،كما انه لن يدخل المسجد الأقصى ( المكان الذي يحلمون في بناء هيكلهم المزعوم ).
سراب وليس حقيقة:
وهذا الحلم سيكون كابوسا على اليهود حين يقتل الدجال في فلسطين على يد عيسى بن مريم ، فينطبق عليهم قول الله تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) فكأن أحلامهم أصبحت سراب ليس لها من الحقيقة شيء إلافي وجدانهم ، فخسروا الدنيا و الاخرة.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يخرج الدجال في خفقة من الدين و إدبار من العلم ...... ":
( فذكر الحديث و فيه ) :" ثم ينزل عيسى بن مريم فينادي من السحر ، فيقول : أيها الناس ! ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث ؟فيقولون: هذا ( رجل ) جني . فينطلقون ، فإذا هم بعيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم ، فتقام الصلاة ، فيقال له : تقدم يا روح الله ! فيقول : ليتقدم إمامكم ، فيصلي بكم ، فإذا صلى صلاة الصبح خرجوا إليه. قال : فحين يرى الكذاب ينماث - أي يذوب - كما ينماث الملح في الماء ، فيمشي إليه فيقتله ، حتى إن الشجر و الحجر ينادي : يا روح الله هذا يهودي ، فلا يترك ممن كان يتبعه أحدا إلا قتله ".رواه أحمد
كتبه: ياسردرويش احمد
ورد في مشاركة سابقة ان مفسروا الشريعة اليهودية دائما ما يقومون بتحريف و تغيير المصطلحات و المسميات اليهودية الشرعية كي تخدم نزواتهم ومصالحهم الدنيوية وان كانت هذه المصطلحات لها علاقة في امور غيبية وعقائدية فلا يترددون في استغلال المصطلحات كي تخدم فكرتهم وان كانت عن طريق الكذب وتأليف الاساطير و التمادي في الافتراءات على الله فلا تجدهم الا افاكين محترفين في قول الباطل وتزوير الحقائق.
ان من عقائد اليهود التي أُلفوا حولها الأساطير و صيغة لها عشرات الكتب والمواضيع ، وجيش لها المئات ( في الحد الأدنى) من مفكرين وادباء في التاريخ المعاصر كي يطوروا مصطلح الماشيح ، وقد استغلت الصهيونية المعاصرة هذا المصطلح لتخدم فكرتها في احتلال فلسطين وجيَرتها وتبنتها حتى تكون من الركائز التي تقوم عليها الفكرة الصهيونية وهي إقامة الدولة الصهيونية أو الدولة اليهودية في فلسطين، وكي تكون الإطار الذي يتيح لليهود أن يحققوا من خلاله هويتهم الدينية والإثنية في هذه البقعة من العالم . ولذلك عملوا على ان تكون الصهيونية هي الهوية العالمية التي تضم كل اليهود، في كل زمان ومكان.
وانطلاقاً من هذا التصور، ما فتأت الدولة الصهيونية تطلب من اليهود العودة إلى فلسطين و الاستقرار فيها على أحسن تقدير، أو إلى الالتفاف حولها ودعمها في أسوء الأحوال. وباسم هذه الهوية اليهودية المزعومة تقوم الدولة الصهيونية بضم الأراضي وطرد أصحابها الأصليين ( الفلسطينيين).
الماشيح:
تعتبر من عقائد اليهود التي يرتبطون بها بشكل وثيق ، وينتظرون حصولها منذ زمن بعيد قد تصل الى عهد المسيح عليه السلام وما قبله، ويبذل لها اليهود آحادا وجماعات الغالي والنفيس للتعجيل في تحقيق هذه النبوءة.
وكلمة ماشيح تعني ( المسيح ) وعقيدتهم تسمى بالمشيحانية ، ويرجع اصل الكلمة الى (مشح) وتعني باللغة العربية ( مسح) ، ويرجع هذا المسمى في اصله الى عادات الشعوب الغابرة التي كانت تمسح وتخضب راس الملك الجديد عند تنصيبه على ملكه بالزيت كناية عن مباركة الآلهة له ولملكه ، او كناية عن حلول روح الاله في جسد الملك ( الحلولية ) فيحصل على القدسية التي يدين له شعبه فيها ، فيصل الى تقديس شعبه له.
المشيحانية:
يعتقد اليهود بان هذا المسيح هو مرسل من عند الله وهو حاليا موجود في السماء ينتظر الاذن من الله للنزول ، ويعتقد اليهود بانه من نسل نبي الله داو عليه السلام، (غير انهم لا يرون في نبوة داود ولا ابنه سليمان بل يعتقدون انهم فقط ملوك ، وهي مخالفة صريحة لنص القران ، قال تعالى( إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وعيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ ۚ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا) فكان عليه السلام من الانبياء الذين ملكوا الارض كما قال تعالى (وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ ).
اعتقادهم:
ويعتقدون ان هذا المسيح سيأتي ليغير مجرى حياتهم من الضلال والشتات الى الطريق القويم، فهو من سينهي شقائهم وشتاتهم، وهو من سيقضي على اعدائهم ، ويعود بهم الى صهيون ( فلسطين ) و عاصمتهم القدس ، وسيعيد بناء الهيكل ( كما في زعمهم) ويحكم بشريعتهم ، فينشر العدل ويمتد حكمه إلى1000 عام ، تزدهر فيه الارض وتخرج خيراتها، ويطلق اليهود على هذه الفترة بالفردوس الارضي، او (العقيدة الاسترجاعية).ولقد استهوت العقيدة المشيحانية ( بكل ما تحتويه من خرافات و احلام وردية ) كل من اليهود المتدينون واليهود العلمانيون ( الصهاينة ) ، وليس من المستغرب ان يرى (هرتزل) وهو احد مؤسسي الكيان الصهيوني انه يرى في الهجرة وبناء هذا الكيان المغتصب في فلسطين ما هو الا اداة لتعجيل ظهور الماشيح المخلص.
عقيدة عدم الانتماء:
رسخت هذه العقيدة عدم الانتماء لأي وطن أو هوية أو شعب أو مجتمع بعينه ، وكانت رافدا جديدا خدمت الاثنية الدينية و الصهيونية لتحويل انظار يهود العالم الى ارض فلسطين، فهي الارض التي سينزل بها الماشيح ، وهي الفردوس ، وهي ارض الانتقام من الاعداء وارض العدل والرخاء.
لذلك لن تجد لأي يهودي انتماء لأرضه التي ولد بها ، او للوطن الذي تكفل به ، أو للجيش الذي سهر على حمايته ، أو حتى للعقار الذي تاجر به أو للأرض التي زرعها ، او لتاريخ اجداده في تلك البقعة. فهي ترسخ في عقولهم عدم الانتماء لمجتمعاتهم التي يعيشون بها وانفصالهم عن الأغيار ، ففي اعتقادهم أن هذه مرحلة لا بد منها ثم مرده إلى فلسطين ليعيش في كنف الماشيح، ولهذا فان الصهيونية عندما اختارت هذه الفكرة أو العقيدة لتبنيها ، ما اختارتها إلا لأنها لم ولن تجد أفضل منها كفرة كي تسيطر بها على عقول ووجدان اليهود في العالم، وتجعلهم مطواعين تخضعهم لها في تنفيذ أوامرها ومتطلباتها التي تخدم قضية الانتقال واحتلال دولة فلسطين. وفي كتابات هرتزل ألمح الى هذه العقيدة.
المتدينين و الملحدين:
ان الغريب في الامر ان هذه العقيدة استطاعت ان توحد طرفين متناقضين في الاعتقاد و الايمان ، فقد اتفق على هذه العقيدة كل من اليهود المتدينين واليهود الملحدين ، فبعد ان طال زمن الماشيح ولم يظهر بدا الكثير استهجان هذه الفكرة خاصة الملحدين واصحاب الثروات و المثقفين ، على عكس المتدينين فقد تبعهم في هذه العقيدة فقراء اليهود حيث تعلقت عقولهم ووجدانهم في هذه العقيدة علها تكون لهم خلاص مما هم فيه من الفقر ، ولذلك قامت الصهيونية بالعمل على الاتحاد بين عقيدة المتدينين والملحدين فخرجت بفكرة جديدة تقول ان هذا العصر الذي نحن فيه هو عصر الماشيح و ان لم يكن حاضرا معهم ، فهم سكنوا فلسطين وجاوروا قدس الاقداس ، ويعيشون في رغد ، وخضعت الارض لهم سواء في خيراتها أو فيما وصلوا له من تقدم علمي وتكنولوجي، وبالتالي اصبح وجود الماشيح أو عدمه لا يؤثر، في هدف الصهيونية وهو هجرة اليهود الى فلسطين والاستيطان بها.
وفي النهاية لم تستطع في تاريخ اليهود كله اي حركة مشيحانية ان تتمكن من السيطرة على يهود العالم بجميع طوائفهم و انتماءاتهم و اعراقهم ، كما حدث في عصرنا هذا مع الحركة الصهيونية التي استطاعت ان تسيطر على يهود من خلال هذه الفكرة ، والتي كانت على حساب احتلال دولة فلسطين وتقتيل أو تشريد شعبها .
آخر الزمان ...
فان اسم المسيح عند اليهود هو مشابه للاسم الذي ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في احاديث اخر الزمان و احداث الساعة ، وقد ذكر بان اول من يتبعه يهود اصفهان، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب .. ألا إنّه أعور ، وإن ربكم عز وجل ليس بأعور ، مكتوب بين عينيه : " ك . ف . ر" متفق عليه.
بهذا بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه عن المسيح الدجال .فقال له أصحابه : يا رسول الله ؛ أكثرْتَ الحديث عنه ، فخفنا ، حتى ظنناه قريباً منا ، وكأنه سيطلع علينا بعد قليل من ناحية هذا النخيل . قال صلى الله عليه وسلم : غيرَ الدجال أخوفني عليكم ، إذا خرج فيكم فأنا حجيجه دونكم – أكفيكم مؤونته - ، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيجُ نفسه – فكل منكم مسؤول عن نفسه - ، والله خليفتي على كل مسلم ... حتى سؤل عليه الصلاة و السلام، فمن يتبعه؛ يا رسول الله ؟ .
قال : يتبع الدجالَ - من يهود أصفهان – سبعون ألفاً عليهم الطيالسة " ثياب اليهود المزركش بالأخضر " . رواه مسلم
فالدجال اذا هو نفسه المشيح الذي ينتظره اليـهود حول العالم ، وسيجول في الأرض، الا انه لن يستطيع دخول اربعة اماكن منها المدينة المنورة كما ورد في الحديث ( وإنه لا يبقى شيء من الأرض إلا وطئه وظهر عليه إلا أربع مساجد : مكة و المدينة والطور ومسجد الأقصى ) ، إلا أن بعض الأحداث ستدور حولها ، وهذا احد اهم الاسباب التي تدغدغ مشاعر اليهود وإيمانهم به ، وذلك لجوار المدينة المنورة من منجم سليمان " مهد الذهب " اذ يعتبرونه داخل إطـار حدود مملكة إسرائيل كما يعلنون ذلك ويذكرونه في تاريخ القبائل اليهودية كبني قريظة وبني قينقاع وغيرهم، وبالإشارة الى الحديث فلن يدخلها ،كما انه لن يدخل المسجد الأقصى ( المكان الذي يحلمون في بناء هيكلهم المزعوم ).
سراب وليس حقيقة:
وهذا الحلم سيكون كابوسا على اليهود حين يقتل الدجال في فلسطين على يد عيسى بن مريم ، فينطبق عليهم قول الله تعالى (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) فكأن أحلامهم أصبحت سراب ليس لها من الحقيقة شيء إلافي وجدانهم ، فخسروا الدنيا و الاخرة.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يخرج الدجال في خفقة من الدين و إدبار من العلم ...... ":
( فذكر الحديث و فيه ) :" ثم ينزل عيسى بن مريم فينادي من السحر ، فيقول : أيها الناس ! ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث ؟فيقولون: هذا ( رجل ) جني . فينطلقون ، فإذا هم بعيسى بن مريم صلى الله عليه و سلم ، فتقام الصلاة ، فيقال له : تقدم يا روح الله ! فيقول : ليتقدم إمامكم ، فيصلي بكم ، فإذا صلى صلاة الصبح خرجوا إليه. قال : فحين يرى الكذاب ينماث - أي يذوب - كما ينماث الملح في الماء ، فيمشي إليه فيقتله ، حتى إن الشجر و الحجر ينادي : يا روح الله هذا يهودي ، فلا يترك ممن كان يتبعه أحدا إلا قتله ".رواه أحمد
كتبه: ياسردرويش احمد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق