المرأة الفلسطينية والسياسة، الدور.. والواقع.. والعوائق
مقدمة:
يعيش المجتمع الإنساني منذ وجوده على الأرض من النساءفي صراع مع البيئة من أجل الاستمرار في العيش وتوفير سبل البقاء؛ فاكتشف الإنسان الزراعة، وزادت حاجة الإنسان ومتطلباته نتيجة للكثافة السكانية الهائلة التي تسعى إلى تسخير البيئة؛ ما أدى إلى استغلال قسم كبير من الموارد البيئية عبر توجه الإنسان نحو الصناعة، التي جعلت من الإنسان سيدًا مسيطراً وفي حالة تنافس مستمر مع بني جنسه ومع غيره من الكائنات؛ من أجل استغلال موارد البيئة، يدفعه إليه ميلاً غريزياً في حب الاستئثار والتملك، وكان نتيجة لذلك أن طغى منطق القوة على طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، في علاقة صارت أقرب إلى الصراع. وذلك في عدة حقول، شملت: الدور، والمناصب، والمشاركة في القرارات، وغيرها من الأمور؛ ما حتم ضرورة بحث هذا الأمر.
المشاركة السياسية:
تعدّ المشاركة السياسية مؤشراً هاماً يدلّ على مدى ارتقاء الشعب على سلم الديمقراطية، وعلى مدى تقدمه، واستعداده لمواجهة تحديات الحياة بشكل جماعي لا يستثني أيًا من أفراده؛ وذلك لارتباط المشاركة السياسية بمفهوم التنمية السياسية، الذي ينعكس على التنمية المستدامة بشكل عام. والمشاركة السياسية موجودة في كافة المجتمعات، إلا أن هذا الوجود يتباين بين مجتمع وآخر؛ فتنخفض في المجتمعات المتخلفة، أو ما يطلق عليها دول العالم الثالث، وتزداد في دول العالم المتقدمة.
ومن الواضح أن هناك عوامل عديدة تحد من المشاركة السياسية، أهمها: الفقر، والأمية. وبدون مواجهة هذين الداءين بالطرق العلمية المخططة والمنظمة؛ سيبقى المجتمع يعاني الضعف في السير على طريق التنمية السياسية، والعجز عن توفير الموارد الاقتصادية (رحال، 2004، ص1–2).
المظهر الأساسي للحياة الديمقراطية في الدولة هي المشاركة السياسية، العلاقة بينهما طردية، إن وجدت الديمقراطية، توجد المشاركة السياسية، والعكس صحيح. ترتبط المشاركة السياسية بصراع الإنسان من أجل الحصول على الحرية. وللحصول على ذلك لا بد من القيام بمجموعة من النشاطات السياسية التي تؤثر وتضغط على المسؤولين وصناع القرار، لتترجم هذه النشاطات إلى تحقيق أماني وطموحات كان يطمح الإنسان لها (التقشبندي ومخادمة، 2002، ص46-47).
تميز الدراسات بين نوعين من النشاطات:
1) نشاطات تقليدية، تهتم بالأساس بعملية التصويت في الانتخابات، والمشاركة في الحملات الانتخابية، وحضور الندوات والمؤتمرات السياسية.
2) نشاطات غير تقليدية، كالانضمام للحركات الاجتماعية والسياسية، والخروج بالمظاهرات، والتمرد أمام النظام (غلوم، 1977، ص12).
المشاركة السياسية، إذاً هي نشاط سياسي يقوم به المواطنون، يرمز إلى دورهم في إطار النظام السياسي. تهدف الأنشطة التي يقوم بها أفراد المجتمع إلى اختيار ممثليهم وحكامهم، والمساهمة في صناعة القرار سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فالدخول في مناقشات سياسية، وحضور المؤتمرات والندوات المتعلقة بالسياسة، والاتصال بالمسؤولين السياسيين، أو الانضمام إلى الأحزاب السياسية، كل ذلك يجعل من الفرد نشيط سياسي في مجتمعه (سيد، المشاركة السياسية في الفقه السياسي المعاصر، ص151 – 154).
إلا أن هذا النشاط قد يكون عمل فردي أو جماعي، منظم أو غير منظم، مرحلي أو مستمر، يكتسب شرعية أو غير شرعي، قد تكون نتائجه إما سلبية أو إيجابية، إلا أنه في النهاية يهدف إلى الضغط والتأثير على الإدارة السياسية العامة لاختيار ممثلية على كافة المستويات، (الحكومية، المحلية أو الوطنية) (العربي، المفاهيم السياسية المعاصرة، ص175).
هناك دراسات عديدة ركزت على تفسير الوضع الاقتصادي والاجتماعي وعلاقته بالمشاركة السياسية، ومن أبرز الكتاب الذين ساهموا أو بحثوا في هذا الموضوع: الموند وفيربا، فيشير الموند. إلا أن المشاركة السياسية تحركها أساساً موارد الأفراد، وتتمثل هذه الموارد بالوقت والمال والمهارات وتوجهات الأفراد تجاه أنفسهم واتجاه النظام السياسي. ينطلق الموند من افتراض مؤداه أن أفراد الطبقة العليا مشاركون في العملية السياسية أكثر من أفراد الطبقة الدنيا، يفسر ذلك بأنهم يعيشون في بيئات اجتماعية تجعلهم ينظرون إلى المشاركة الإيجابية نحو السياسة.
أما فيربا، فقد توصل إلى أن المشاركة السياسية ذات علاقة طردية مع مستوى التعليم، فالأفراد الذين ينتمون إلى مستويات عالية من التعليم يكونون أكثر مشاركة في الحياة السياسية من الأفراد ذوي المستويات التعليمية المنخفضة.
أما فيما يتعلق بمشاركة النساء والرجال في المشاركة السياسية، فأوضح كل من أندروسون وكوك، أن السبب في التباين بين مشاركة الجنسين تعود بالأساس إلى التركيب الاجتماعي، ومسؤوليات الأسرة. فضلاً عن بعض النواحي الديمغرافية (سيد، المشاركة السياسية في الفقه السياسي المعاصر، ص157 – 158).
ويلاحظ من دراسة أجريت لتحديد اتجاهات الجمهور الأردني حول المرأة والرجل والكفاءة في المشاركة السياسية: أن 59.3% من الذكور يعتقدون أن الرجل لديه قدرة التأثير على الآخرين أكثر من المرأة. بينما أجاب 48.0% من الإناث أن الرجال أكثر قدرة. ويرى 72.0% من الذكور أن القدرة الخطابية عند الرجل أقوى من المرأة، بينما يعتقد 56.6% من الإناث ذلك. ويشير أغلب أفراد العينة البالغة 1000 أسرة، بنسبة 78.0% أن الرجل لديه القدرة على العمل السياسي أكثر من المرأة (شتيوي، ودغستاني، 1998، ص14-48).
إن هذا التباين بين الرجال والنساء، يقودنا إلى دراسة واقع المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية.
* الدور:
منذ بداية القرن العشرين والمرأة الفلسطينية تشارك في معركة الاستقلال السياسي والاجتماعي. وكانت الجمعيات الخيرية النواة الأولى لهذه المشاركة، الذي يضمن لها الاندماج في قضايا المجتمع الحياتية. إلا أن الظروف التي مرّت بها فلسطين، من: حروب، ودمار، وقتل، وتشريد، بلورت اتجاهاً سياسياً للمرأة تمثل بالمظاهرات، والاعتصامات، وتقديم عرائض الاحتجاج.
يذكر أن أول نشاط سياسي قامت به المرأة الفلسطينية هو: مظاهرة احتجاج في العفولة ضد بناء أول مستوطنة عام 1893. وشاركت في نشاطات أخرى، كان أهمها: معركة البراق عام 1929، وفيها استشهدت تسعة نساء برصاص الجيش البريطاني. هذا الحدث أدّى إلى زيادة نضالها لتغيير أوضاعها السياسية، والاقتصادية، التي ألمّت بها نتيجة الاعتقال، والقتل، والضرب، وهدم البيوت، التي نفذتها سلطات الانتداب البريطاني. وعقد أول مؤتمر نسائي فلسطيني في مدينة القدس عام 1929، وشكلت فيه لجنة تنفيذية، سميت: "اللجنة التنفيذية لجمعية السيدات العربيات"، في نفس العام أُنشئ "الاتحاد النسائي العربي في القدس، وآخر في نابلس". في الفترة الممتدة من عام 1948-1967، حيث شهد المجتمع الفلسطيني النكبة، وآثارها المدمرة على كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
نشطت المؤسسات النسوية في توفير دور للأيتام، وإغاثة الأسر المنكوبة، كالغذاء، والماء، والمسكن، والملبس؛ لهذا تأسس عام 1965 تنظيم شعبي نسائي تحت اسم "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية"، وكان هدفه تنظيم الوضع الاجتماعي والسياسي بين صفوف النساء في الوطن المحتل (إسماعيل، 2002، ص 2-5).
وبعد تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية؛ ونتيجة لوعيها لمدى أهمية مشاركة المرأة في العمل السياسي والاجتماعي والعسكري؛ تجاوزت المرأة دورها الاجتماعي، ليشمل العمل الوطني، بالمشاركة بعمليات عسكرية في الأرض المحتلة. حيث ضمت الأجهزة العسكرية عدداً من النساء اللواتي يتدربن على السلاح والمقاومة إلى جانب الرجل.
وحتى نهاية عام 1967 كان ما يقارب 68 جمعية نسائية تعمل في مجال الأعمال الخيرية، والإغاثة النسائية، مبتعدة عن العمل السياسي. إلا أن النقلة النوعية للمرأة حدثت في عام 1978، حيث تم تشكيل الأطر النسوية بقرار من الفصائل الفلسطينية، وهدف هذا القرار: إلى تأطير النساء عبر الأحزاب في كافة مناحي سكناهم (المدينة، الريف، المخيم)، وتكمن أهمية هذا القرار في تأطير شرائح المجتمع كافة دون الاهتمام بشرائح على حساب أخرى.
ونشطت النساء في مجالات الحياة المختلفة: السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والصحية، والوطنية. ولعل أهم نشاط كان في عام 1987، والتي ظهرت خلالها بصورة واضحة في نضالها من خلال المظاهرات، والتعرض للضرب والسجن، والمشاركة في بعض العمليات المسلحة؛ فظهرت قيادات نسوية في عدد من الأحزاب اليسارية، وأخريات أعضاء في باقي الأحزاب. وبعد اتفاق أوسلو وتوقيعة في عام 1993، تغير الوضع الفلسطيني على الساحتين: الخارجية، والداخلية. ومن مؤشرات ذلك: قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أرض الضفة الغربية وقطاع غزة ممثلة للشعب الفلسطيني.
وقامت السلطة ببناء المؤسسات، واعتماد القوانين، وإجراء الانتخابات، وانتشرت مؤسسات المجتمع المدني المتعلقة بالمرأة وحقوقها ومطالبها وتوفير الحماية لها في المجالات النفسية، والصحية، والسياسية (نزال، 2004، ص28).
لكن رغم أهمية الدور الذي لعبته المرأة من خلال الجمعيات والاتحاديات، ورغم التضحيات التي قدمتها في ظل النضال الفلسطيني، إلا أن مجالها في مؤشرات المشاركة السياسية وتمثيلها فيه مازال ضعيفاً، وفيما يلي توضيح ذلك بالأرقام:
* الواقع:
تشارك المرأة بنسبة 7.5% في مؤسسة المجلس الوطني الفلسطيني، وهي أعلى هيئة في منظمة التحرير الفلسطينية، بمعنى أن هناك 56 عضواً من النساء من أصل 744 عضواً. أما المجلس المركزي، فهناك خمس نساء من أصل 124 عضواً. أما اللجنة التنفيذية، فيبلغ عدد النساء فيها صفر.
ومن المؤشرات الأخرى على مشاركة المرأة السياسية، مشاركتها في طاقم شؤون المفاوضات إلى مدريد، الذي ضم 66 امرأة من أصل 366 مشاركاً. وبعد تطور هذا الوضع وإجراء الانتخابات في عام 1996 فازت خمس نساء في المجلس التشريعي، بنسبة 5.6% من مجموع الفائزين والفائزات، وارتفع عدد النساء في المجلس التشريعي إلى 17 امرأة، بمعدل 12.8% خلال انتخابات 2006.
وعلى صعيد اللجنة التنفيذية في السلطة الفلسطينية؛ هناك وزيرتان من أصل 24 وزيراً في الحكومة الفلسطينية التاسعة، ووزيرة واحدة في الحكومة العاشرة التي شكلت بتاريخ آذار 2006.
شكلت النساء 0.5% من نسبة المعينين في المجالس البلدية والقروية ولجان المشاريع، وذلك في عام 1997، وارتفعت النسبة في عام 2000 إلى 1.8%. إلى أن وصلت إلى معدل 18% في عام 2004 و2005 بعد إجراء أربع مراحل من الانتخابات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بفضل الكوتا التي عملت عليها وزارة شؤون المرأة مع مؤسسات المجتمع المدني.
تعد مشاركة النساء في المجتمع المدني الأكبر، إذ تتراوح بين 25.5% في المؤسسات والمراكز القيادية للأحزاب والفصائل الفلسطينية المختلفة.
على صعيد وجود المرأة في القطاع العام؛ تشكل الوكيلات المساعدات 6%، والمدير العام بنسبة 11%. ولغاية كانون ثاني 2005؛ بلغ عدد القاضيات 11 قاضية بنسبة 9.2% من مجموع القضاة.
على صعيد الحياة السياسية العامة؛ أصبح وضع المرأة أفضل نسبياً من وضعها في صنع القرار.إن هذا الواقع يظهر تمايزًا وفروقًا واضحة بين النساء والرجال، رغم التضحيات التي قدمتها النساء، وأيضاً رغم القوانين الدولية الموضوعة حول النساء والرجال التي لا تميز على أساس الجنس أو اللون.
* القوانين:
تكفل القوانين الدولية المنظمة للفعل السياسي الحق لكل الأفراد بالمشاركة السياسية، بغض النظر عن خصائصهم الديمغرافية (الجنس، اللون، العرق). فتنص المادة "25"، الصادرة عن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن:
"لكل مواطن الحق في المشاركة في تسيير الحياة العامة مباشرة، أو عن طريق ممثلين مختارين".
كما تنص المادة (7) من اتفاقية سيداو، على أنه: "على جميع دول الأطراف اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد".
وتنص المادة (8) من نفس الاتفاقية، على أن: "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل، دون تمييز فرص تمثيل حكومتها على المستوى الدولي، والاشتراك في أعمال المنظمات الدولية (اتفاقية سيداو، 1979، 2).
أما الدستور الفلسطيني فقد نصت المادة (9) منه، على أن: "الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء، لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس، أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي، أو الإعاقة" (الدستور الفلسطيني المعدل، 12).
* العوائق:
هناك عوائق عديدة واجهت المرأة في سعيها للوصول إلى المواقع العليا في صناعة القرار، أهمها:
- قانون الانتخابات العام:
عزز هذا القانون العشائرية والعائلية على حساب التعددية السياسية، إذ يعتمد هذا القانون على نظام الدوائر المتعددة التي تفسح المجال لسيطرة الأحزاب الكبيرة وتهميش الأحزاب الصغيرة، وإبعادها عن العملية السياسية. وفي ظل ذلك لا تسطتيع المرأة منافسة الرجل نظراً لتهميشها الاجتماعي والعشائري المتمثل بعدم السماح لها بترشيح نفسها أمام الرجل، وعدم دعمها من حيث المال. يذكر أن هذا القانون قد تغيرللانتخابات التشريعية عام 2006 (بتاريخ 25/01/2006)، إذ طبق القانون المختلط الذي يجمع بين التمثيل النسبي والأغلبية، وارتفع عدد أعضاء المجلس التشريعي من 88 عضواً إلى 132 عضواً.
- الثقافة المجتمعية السائدة:
إن العقلية البطريركية في المجتمع الفلسطيني والمتمثلة بسيطرة الرجل على صنع القرار في البيت، وبالتالي في كافة مناحي الحياة، بالإضافة إلى النظرة الدونية للمرأة باعتبارها عاطفية، وليس لها القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة، وأنها لا تستطيع مخاطبة الجماهير العريضة كالرجل، كل هذه الأمور حددت من مشاركة المرأة في صنع القرار.
- أسباب اقتصادية:
تعدّ الفقر، والبطالة المتفشية بين صفوف النساء، من أهم الأسباب التي تعيق النساء وتحول دون دخولهن المعترك السياسي، فقد زادت نسبة النساء المعيلات للأسر إلى 11%، وما زالت نسبة مشاركة المرأة العاملة منخفضة إلى درجة كبيرة عن الرجل، إذ تبلغ نسبتها 16.4%؛ بينما للرجال 83.6%.
إن المطلوب هو رفع مشاركة المرأة في القوى العاملة ليصبح لها دخل ثابت ومستقل، لكي تكون قادرة على مواجهة الأزمات السياسية المختلفة كالدعاية الانتخابية، أو رسوم الترشيح وما إلى ذلك.
- توصـيـات:
• العمل مع النساء اللواتي نجحن في الانتخابات، ومساعدتهن على تطوير أدائهن الشعبي والاستمرار بالتواصل مع المؤسسات الشعبية؛ لتوطيد ثقة المجتمع بهن وبجدارتهن في تولي المواقع القيادية، سواء في المجالس المحلية أو في البرلمان.
• الاهتمام ببرامج التوعية، وقيام المؤسسات الأهلية بدورها في تقديم المساعدات في استخراج الأوراق الرسمية والقيد والجداول، ومساندة المرشحات والتواصل في تدريب المرشحات والقيادات النسائية على مهارات الانتخاب، والممارسة البرلمانية ممثلة في المجالس المحلية.
• اعتماد المجلس التشريعي نظام الكوتا (نظام الحصص)، وتطبيقها كإجراء مؤقت، يتوقف الاستمرار بتطبيقه على مدى نجاح تغيير وضع المرأة في المجتمع.
• العمل مع الأحزاب لتوسيع مشاركة المرأة في صنع القرار من خلال مراسلاتهم، وعقد ورش العمل معهم.
• دعوة المؤسسات الحكومية والأهلية للنظر للمرأة كما تنظر للرجل عند التعيين والترقيات.
إن تطبيق هذه التوصيات سيمكن النساء من عبور الخطوة الأولى على طريق صنع القرار.
* خاتمة:
هدفت هذه الورقة إلى التعرف على المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، من حيث دورها وواقعها السياسي. ويتضح من خلال مناقشة هذه الورقة أن أفراد المجتمع لديهم ثقافة هجينة، بمعنى: أنهم يؤيدون مشاركة المرأة في أمور عديدة كالتصويت في الانتخابات، وترشح نفسها لعدد من المناصب، وهذا نتيجة تأثرهم بالثقافات الأخرى. لكن هناك عددًا كبيرًا يعارضون مشاركتها في أمور أخرى، كمشاركتها في صنع القرار، وهذا دليل على عدم الوعي الكافي لدور المرأة.
المراجع والمصادر:
• نزال، ريما كتانة، 2004، المرأة الفلسطينية بين المشاركة السياسية الحقيقة والإشراك التجميلي، الحوار المتمدن، ع 827، (عن الانترنت).
• إسماعيل، دنيا الأمل، 2004، المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية بين الشكل والمضمون، مجلة تسامح، ع2. رام الله- فلسطين.
• رحال، عمر، 2004، المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، مجلة تسامح، ع2، مؤسسة مفتاح، رام الله- فلسطين.
• العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
• شتيوي وداغستاني، 1998، المشاركة السياسية للمرأة الأردنية، عمان، دار الأمل للنشر.
• أحمد، سيد أبو ضيف، 2002، المشاركة السياسية في الفقة السياسي المعاصر، ع3، مج30.
• العربي، سويلم، 1987، المفاهيم السياسية المعاصرة ودول العالم الثالث، دراسة تحليلية نقدية، المركز الثقافي العربي، المغرب.
• التقشبندي، بارعة ومخادمة، ذياب، 2002، المشاركة السياسية لطلبة الجامعات الأردنية (دراسة ميدانية لطلبة العلوم السياسية في الجامعات الأردنية، جامعة العلوم التطبيقية)، دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية، مج29، ع1.
• غلوم، علي يوسف وآخرون، 1997، المشاركة السياسية في الكويت، مجلة العلوم الاجتماعية، مج25، ع4.
إعداد:
- أمين عاصي/ مدير دائرة الدراسات والسياسات - وزارة شؤون المرأة.
مقدمة:
يعيش المجتمع الإنساني منذ وجوده على الأرض من النساءفي صراع مع البيئة من أجل الاستمرار في العيش وتوفير سبل البقاء؛ فاكتشف الإنسان الزراعة، وزادت حاجة الإنسان ومتطلباته نتيجة للكثافة السكانية الهائلة التي تسعى إلى تسخير البيئة؛ ما أدى إلى استغلال قسم كبير من الموارد البيئية عبر توجه الإنسان نحو الصناعة، التي جعلت من الإنسان سيدًا مسيطراً وفي حالة تنافس مستمر مع بني جنسه ومع غيره من الكائنات؛ من أجل استغلال موارد البيئة، يدفعه إليه ميلاً غريزياً في حب الاستئثار والتملك، وكان نتيجة لذلك أن طغى منطق القوة على طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة، في علاقة صارت أقرب إلى الصراع. وذلك في عدة حقول، شملت: الدور، والمناصب، والمشاركة في القرارات، وغيرها من الأمور؛ ما حتم ضرورة بحث هذا الأمر.
المشاركة السياسية:
تعدّ المشاركة السياسية مؤشراً هاماً يدلّ على مدى ارتقاء الشعب على سلم الديمقراطية، وعلى مدى تقدمه، واستعداده لمواجهة تحديات الحياة بشكل جماعي لا يستثني أيًا من أفراده؛ وذلك لارتباط المشاركة السياسية بمفهوم التنمية السياسية، الذي ينعكس على التنمية المستدامة بشكل عام. والمشاركة السياسية موجودة في كافة المجتمعات، إلا أن هذا الوجود يتباين بين مجتمع وآخر؛ فتنخفض في المجتمعات المتخلفة، أو ما يطلق عليها دول العالم الثالث، وتزداد في دول العالم المتقدمة.
ومن الواضح أن هناك عوامل عديدة تحد من المشاركة السياسية، أهمها: الفقر، والأمية. وبدون مواجهة هذين الداءين بالطرق العلمية المخططة والمنظمة؛ سيبقى المجتمع يعاني الضعف في السير على طريق التنمية السياسية، والعجز عن توفير الموارد الاقتصادية (رحال، 2004، ص1–2).
المظهر الأساسي للحياة الديمقراطية في الدولة هي المشاركة السياسية، العلاقة بينهما طردية، إن وجدت الديمقراطية، توجد المشاركة السياسية، والعكس صحيح. ترتبط المشاركة السياسية بصراع الإنسان من أجل الحصول على الحرية. وللحصول على ذلك لا بد من القيام بمجموعة من النشاطات السياسية التي تؤثر وتضغط على المسؤولين وصناع القرار، لتترجم هذه النشاطات إلى تحقيق أماني وطموحات كان يطمح الإنسان لها (التقشبندي ومخادمة، 2002، ص46-47).
تميز الدراسات بين نوعين من النشاطات:
1) نشاطات تقليدية، تهتم بالأساس بعملية التصويت في الانتخابات، والمشاركة في الحملات الانتخابية، وحضور الندوات والمؤتمرات السياسية.
2) نشاطات غير تقليدية، كالانضمام للحركات الاجتماعية والسياسية، والخروج بالمظاهرات، والتمرد أمام النظام (غلوم، 1977، ص12).
المشاركة السياسية، إذاً هي نشاط سياسي يقوم به المواطنون، يرمز إلى دورهم في إطار النظام السياسي. تهدف الأنشطة التي يقوم بها أفراد المجتمع إلى اختيار ممثليهم وحكامهم، والمساهمة في صناعة القرار سواء كان بشكل مباشر أو غير مباشر؛ فالدخول في مناقشات سياسية، وحضور المؤتمرات والندوات المتعلقة بالسياسة، والاتصال بالمسؤولين السياسيين، أو الانضمام إلى الأحزاب السياسية، كل ذلك يجعل من الفرد نشيط سياسي في مجتمعه (سيد، المشاركة السياسية في الفقه السياسي المعاصر، ص151 – 154).
إلا أن هذا النشاط قد يكون عمل فردي أو جماعي، منظم أو غير منظم، مرحلي أو مستمر، يكتسب شرعية أو غير شرعي، قد تكون نتائجه إما سلبية أو إيجابية، إلا أنه في النهاية يهدف إلى الضغط والتأثير على الإدارة السياسية العامة لاختيار ممثلية على كافة المستويات، (الحكومية، المحلية أو الوطنية) (العربي، المفاهيم السياسية المعاصرة، ص175).
هناك دراسات عديدة ركزت على تفسير الوضع الاقتصادي والاجتماعي وعلاقته بالمشاركة السياسية، ومن أبرز الكتاب الذين ساهموا أو بحثوا في هذا الموضوع: الموند وفيربا، فيشير الموند. إلا أن المشاركة السياسية تحركها أساساً موارد الأفراد، وتتمثل هذه الموارد بالوقت والمال والمهارات وتوجهات الأفراد تجاه أنفسهم واتجاه النظام السياسي. ينطلق الموند من افتراض مؤداه أن أفراد الطبقة العليا مشاركون في العملية السياسية أكثر من أفراد الطبقة الدنيا، يفسر ذلك بأنهم يعيشون في بيئات اجتماعية تجعلهم ينظرون إلى المشاركة الإيجابية نحو السياسة.
أما فيربا، فقد توصل إلى أن المشاركة السياسية ذات علاقة طردية مع مستوى التعليم، فالأفراد الذين ينتمون إلى مستويات عالية من التعليم يكونون أكثر مشاركة في الحياة السياسية من الأفراد ذوي المستويات التعليمية المنخفضة.
أما فيما يتعلق بمشاركة النساء والرجال في المشاركة السياسية، فأوضح كل من أندروسون وكوك، أن السبب في التباين بين مشاركة الجنسين تعود بالأساس إلى التركيب الاجتماعي، ومسؤوليات الأسرة. فضلاً عن بعض النواحي الديمغرافية (سيد، المشاركة السياسية في الفقه السياسي المعاصر، ص157 – 158).
ويلاحظ من دراسة أجريت لتحديد اتجاهات الجمهور الأردني حول المرأة والرجل والكفاءة في المشاركة السياسية: أن 59.3% من الذكور يعتقدون أن الرجل لديه قدرة التأثير على الآخرين أكثر من المرأة. بينما أجاب 48.0% من الإناث أن الرجال أكثر قدرة. ويرى 72.0% من الذكور أن القدرة الخطابية عند الرجل أقوى من المرأة، بينما يعتقد 56.6% من الإناث ذلك. ويشير أغلب أفراد العينة البالغة 1000 أسرة، بنسبة 78.0% أن الرجل لديه القدرة على العمل السياسي أكثر من المرأة (شتيوي، ودغستاني، 1998، ص14-48).
إن هذا التباين بين الرجال والنساء، يقودنا إلى دراسة واقع المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية.
* الدور:
منذ بداية القرن العشرين والمرأة الفلسطينية تشارك في معركة الاستقلال السياسي والاجتماعي. وكانت الجمعيات الخيرية النواة الأولى لهذه المشاركة، الذي يضمن لها الاندماج في قضايا المجتمع الحياتية. إلا أن الظروف التي مرّت بها فلسطين، من: حروب، ودمار، وقتل، وتشريد، بلورت اتجاهاً سياسياً للمرأة تمثل بالمظاهرات، والاعتصامات، وتقديم عرائض الاحتجاج.
يذكر أن أول نشاط سياسي قامت به المرأة الفلسطينية هو: مظاهرة احتجاج في العفولة ضد بناء أول مستوطنة عام 1893. وشاركت في نشاطات أخرى، كان أهمها: معركة البراق عام 1929، وفيها استشهدت تسعة نساء برصاص الجيش البريطاني. هذا الحدث أدّى إلى زيادة نضالها لتغيير أوضاعها السياسية، والاقتصادية، التي ألمّت بها نتيجة الاعتقال، والقتل، والضرب، وهدم البيوت، التي نفذتها سلطات الانتداب البريطاني. وعقد أول مؤتمر نسائي فلسطيني في مدينة القدس عام 1929، وشكلت فيه لجنة تنفيذية، سميت: "اللجنة التنفيذية لجمعية السيدات العربيات"، في نفس العام أُنشئ "الاتحاد النسائي العربي في القدس، وآخر في نابلس". في الفترة الممتدة من عام 1948-1967، حيث شهد المجتمع الفلسطيني النكبة، وآثارها المدمرة على كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
نشطت المؤسسات النسوية في توفير دور للأيتام، وإغاثة الأسر المنكوبة، كالغذاء، والماء، والمسكن، والملبس؛ لهذا تأسس عام 1965 تنظيم شعبي نسائي تحت اسم "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية"، وكان هدفه تنظيم الوضع الاجتماعي والسياسي بين صفوف النساء في الوطن المحتل (إسماعيل، 2002، ص 2-5).
وبعد تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية؛ ونتيجة لوعيها لمدى أهمية مشاركة المرأة في العمل السياسي والاجتماعي والعسكري؛ تجاوزت المرأة دورها الاجتماعي، ليشمل العمل الوطني، بالمشاركة بعمليات عسكرية في الأرض المحتلة. حيث ضمت الأجهزة العسكرية عدداً من النساء اللواتي يتدربن على السلاح والمقاومة إلى جانب الرجل.
وحتى نهاية عام 1967 كان ما يقارب 68 جمعية نسائية تعمل في مجال الأعمال الخيرية، والإغاثة النسائية، مبتعدة عن العمل السياسي. إلا أن النقلة النوعية للمرأة حدثت في عام 1978، حيث تم تشكيل الأطر النسوية بقرار من الفصائل الفلسطينية، وهدف هذا القرار: إلى تأطير النساء عبر الأحزاب في كافة مناحي سكناهم (المدينة، الريف، المخيم)، وتكمن أهمية هذا القرار في تأطير شرائح المجتمع كافة دون الاهتمام بشرائح على حساب أخرى.
ونشطت النساء في مجالات الحياة المختلفة: السياسية، والاجتماعية، والثقافية، والصحية، والوطنية. ولعل أهم نشاط كان في عام 1987، والتي ظهرت خلالها بصورة واضحة في نضالها من خلال المظاهرات، والتعرض للضرب والسجن، والمشاركة في بعض العمليات المسلحة؛ فظهرت قيادات نسوية في عدد من الأحزاب اليسارية، وأخريات أعضاء في باقي الأحزاب. وبعد اتفاق أوسلو وتوقيعة في عام 1993، تغير الوضع الفلسطيني على الساحتين: الخارجية، والداخلية. ومن مؤشرات ذلك: قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أرض الضفة الغربية وقطاع غزة ممثلة للشعب الفلسطيني.
وقامت السلطة ببناء المؤسسات، واعتماد القوانين، وإجراء الانتخابات، وانتشرت مؤسسات المجتمع المدني المتعلقة بالمرأة وحقوقها ومطالبها وتوفير الحماية لها في المجالات النفسية، والصحية، والسياسية (نزال، 2004، ص28).
لكن رغم أهمية الدور الذي لعبته المرأة من خلال الجمعيات والاتحاديات، ورغم التضحيات التي قدمتها في ظل النضال الفلسطيني، إلا أن مجالها في مؤشرات المشاركة السياسية وتمثيلها فيه مازال ضعيفاً، وفيما يلي توضيح ذلك بالأرقام:
* الواقع:
تشارك المرأة بنسبة 7.5% في مؤسسة المجلس الوطني الفلسطيني، وهي أعلى هيئة في منظمة التحرير الفلسطينية، بمعنى أن هناك 56 عضواً من النساء من أصل 744 عضواً. أما المجلس المركزي، فهناك خمس نساء من أصل 124 عضواً. أما اللجنة التنفيذية، فيبلغ عدد النساء فيها صفر.
ومن المؤشرات الأخرى على مشاركة المرأة السياسية، مشاركتها في طاقم شؤون المفاوضات إلى مدريد، الذي ضم 66 امرأة من أصل 366 مشاركاً. وبعد تطور هذا الوضع وإجراء الانتخابات في عام 1996 فازت خمس نساء في المجلس التشريعي، بنسبة 5.6% من مجموع الفائزين والفائزات، وارتفع عدد النساء في المجلس التشريعي إلى 17 امرأة، بمعدل 12.8% خلال انتخابات 2006.
وعلى صعيد اللجنة التنفيذية في السلطة الفلسطينية؛ هناك وزيرتان من أصل 24 وزيراً في الحكومة الفلسطينية التاسعة، ووزيرة واحدة في الحكومة العاشرة التي شكلت بتاريخ آذار 2006.
شكلت النساء 0.5% من نسبة المعينين في المجالس البلدية والقروية ولجان المشاريع، وذلك في عام 1997، وارتفعت النسبة في عام 2000 إلى 1.8%. إلى أن وصلت إلى معدل 18% في عام 2004 و2005 بعد إجراء أربع مراحل من الانتخابات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وذلك بفضل الكوتا التي عملت عليها وزارة شؤون المرأة مع مؤسسات المجتمع المدني.
تعد مشاركة النساء في المجتمع المدني الأكبر، إذ تتراوح بين 25.5% في المؤسسات والمراكز القيادية للأحزاب والفصائل الفلسطينية المختلفة.
على صعيد وجود المرأة في القطاع العام؛ تشكل الوكيلات المساعدات 6%، والمدير العام بنسبة 11%. ولغاية كانون ثاني 2005؛ بلغ عدد القاضيات 11 قاضية بنسبة 9.2% من مجموع القضاة.
على صعيد الحياة السياسية العامة؛ أصبح وضع المرأة أفضل نسبياً من وضعها في صنع القرار.إن هذا الواقع يظهر تمايزًا وفروقًا واضحة بين النساء والرجال، رغم التضحيات التي قدمتها النساء، وأيضاً رغم القوانين الدولية الموضوعة حول النساء والرجال التي لا تميز على أساس الجنس أو اللون.
* القوانين:
تكفل القوانين الدولية المنظمة للفعل السياسي الحق لكل الأفراد بالمشاركة السياسية، بغض النظر عن خصائصهم الديمغرافية (الجنس، اللون، العرق). فتنص المادة "25"، الصادرة عن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أن:
"لكل مواطن الحق في المشاركة في تسيير الحياة العامة مباشرة، أو عن طريق ممثلين مختارين".
كما تنص المادة (7) من اتفاقية سيداو، على أنه: "على جميع دول الأطراف اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد".
وتنص المادة (8) من نفس الاتفاقية، على أن: "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتكفل للمرأة على قدم المساواة مع الرجل، دون تمييز فرص تمثيل حكومتها على المستوى الدولي، والاشتراك في أعمال المنظمات الدولية (اتفاقية سيداو، 1979، 2).
أما الدستور الفلسطيني فقد نصت المادة (9) منه، على أن: "الفلسطينيون أمام القانون والقضاء سواء، لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس، أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي، أو الإعاقة" (الدستور الفلسطيني المعدل، 12).
* العوائق:
هناك عوائق عديدة واجهت المرأة في سعيها للوصول إلى المواقع العليا في صناعة القرار، أهمها:
- قانون الانتخابات العام:
عزز هذا القانون العشائرية والعائلية على حساب التعددية السياسية، إذ يعتمد هذا القانون على نظام الدوائر المتعددة التي تفسح المجال لسيطرة الأحزاب الكبيرة وتهميش الأحزاب الصغيرة، وإبعادها عن العملية السياسية. وفي ظل ذلك لا تسطتيع المرأة منافسة الرجل نظراً لتهميشها الاجتماعي والعشائري المتمثل بعدم السماح لها بترشيح نفسها أمام الرجل، وعدم دعمها من حيث المال. يذكر أن هذا القانون قد تغيرللانتخابات التشريعية عام 2006 (بتاريخ 25/01/2006)، إذ طبق القانون المختلط الذي يجمع بين التمثيل النسبي والأغلبية، وارتفع عدد أعضاء المجلس التشريعي من 88 عضواً إلى 132 عضواً.
- الثقافة المجتمعية السائدة:
إن العقلية البطريركية في المجتمع الفلسطيني والمتمثلة بسيطرة الرجل على صنع القرار في البيت، وبالتالي في كافة مناحي الحياة، بالإضافة إلى النظرة الدونية للمرأة باعتبارها عاطفية، وليس لها القدرة على اتخاذ القرارات الحاسمة، وأنها لا تستطيع مخاطبة الجماهير العريضة كالرجل، كل هذه الأمور حددت من مشاركة المرأة في صنع القرار.
- أسباب اقتصادية:
تعدّ الفقر، والبطالة المتفشية بين صفوف النساء، من أهم الأسباب التي تعيق النساء وتحول دون دخولهن المعترك السياسي، فقد زادت نسبة النساء المعيلات للأسر إلى 11%، وما زالت نسبة مشاركة المرأة العاملة منخفضة إلى درجة كبيرة عن الرجل، إذ تبلغ نسبتها 16.4%؛ بينما للرجال 83.6%.
إن المطلوب هو رفع مشاركة المرأة في القوى العاملة ليصبح لها دخل ثابت ومستقل، لكي تكون قادرة على مواجهة الأزمات السياسية المختلفة كالدعاية الانتخابية، أو رسوم الترشيح وما إلى ذلك.
- توصـيـات:
• العمل مع النساء اللواتي نجحن في الانتخابات، ومساعدتهن على تطوير أدائهن الشعبي والاستمرار بالتواصل مع المؤسسات الشعبية؛ لتوطيد ثقة المجتمع بهن وبجدارتهن في تولي المواقع القيادية، سواء في المجالس المحلية أو في البرلمان.
• الاهتمام ببرامج التوعية، وقيام المؤسسات الأهلية بدورها في تقديم المساعدات في استخراج الأوراق الرسمية والقيد والجداول، ومساندة المرشحات والتواصل في تدريب المرشحات والقيادات النسائية على مهارات الانتخاب، والممارسة البرلمانية ممثلة في المجالس المحلية.
• اعتماد المجلس التشريعي نظام الكوتا (نظام الحصص)، وتطبيقها كإجراء مؤقت، يتوقف الاستمرار بتطبيقه على مدى نجاح تغيير وضع المرأة في المجتمع.
• العمل مع الأحزاب لتوسيع مشاركة المرأة في صنع القرار من خلال مراسلاتهم، وعقد ورش العمل معهم.
• دعوة المؤسسات الحكومية والأهلية للنظر للمرأة كما تنظر للرجل عند التعيين والترقيات.
إن تطبيق هذه التوصيات سيمكن النساء من عبور الخطوة الأولى على طريق صنع القرار.
* خاتمة:
هدفت هذه الورقة إلى التعرف على المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، من حيث دورها وواقعها السياسي. ويتضح من خلال مناقشة هذه الورقة أن أفراد المجتمع لديهم ثقافة هجينة، بمعنى: أنهم يؤيدون مشاركة المرأة في أمور عديدة كالتصويت في الانتخابات، وترشح نفسها لعدد من المناصب، وهذا نتيجة تأثرهم بالثقافات الأخرى. لكن هناك عددًا كبيرًا يعارضون مشاركتها في أمور أخرى، كمشاركتها في صنع القرار، وهذا دليل على عدم الوعي الكافي لدور المرأة.
المراجع والمصادر:
• نزال، ريما كتانة، 2004، المرأة الفلسطينية بين المشاركة السياسية الحقيقة والإشراك التجميلي، الحوار المتمدن، ع 827، (عن الانترنت).
• إسماعيل، دنيا الأمل، 2004، المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية بين الشكل والمضمون، مجلة تسامح، ع2. رام الله- فلسطين.
• رحال، عمر، 2004، المشاركة السياسية للمرأة الفلسطينية، مجلة تسامح، ع2، مؤسسة مفتاح، رام الله- فلسطين.
• العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
• شتيوي وداغستاني، 1998، المشاركة السياسية للمرأة الأردنية، عمان، دار الأمل للنشر.
• أحمد، سيد أبو ضيف، 2002، المشاركة السياسية في الفقة السياسي المعاصر، ع3، مج30.
• العربي، سويلم، 1987، المفاهيم السياسية المعاصرة ودول العالم الثالث، دراسة تحليلية نقدية، المركز الثقافي العربي، المغرب.
• التقشبندي، بارعة ومخادمة، ذياب، 2002، المشاركة السياسية لطلبة الجامعات الأردنية (دراسة ميدانية لطلبة العلوم السياسية في الجامعات الأردنية، جامعة العلوم التطبيقية)، دراسات، العلوم الإنسانية والاجتماعية، مج29، ع1.
• غلوم، علي يوسف وآخرون، 1997، المشاركة السياسية في الكويت، مجلة العلوم الاجتماعية، مج25، ع4.
إعداد:
- أمين عاصي/ مدير دائرة الدراسات والسياسات - وزارة شؤون المرأة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق