بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-06-29

ظاهرة قتل النساء في مجتمعنا الفلسطيني


ظاهرة قتل النساء في مجتمعنا الفلسطيني

تشكل ظاهرة قتل النساء في مجتمعنا الفلسطيني خطرًا اجتماعيًا يهدد النسيج المجتمعي، ويصيبه بالتفكك وانعدام الأمان. وتتعدد جذور هذه الظاهرة وخلفياتها ومسمياتها وأشكالها؛ ما يتطلب من الجميع الفلسطيني، ابتداء من قمة الهرم وحتى القاعدة، الوقوف أمامها وتفحصها من كل جوانبها تمهيدًا لمحاربتها والقضاء عليها؛ حيث إن المسؤولية الحقيقية تشمل الجميع الفلسطيني بأفراده بدءا من الفرد والأسرة ومرورا بالمدرسة وانتهاء بقمة هرم السلطة الوطني.

ولم يعد المرور على انتهاكات حقوق المرأة أمرًا مقبولا؛ فليس من العدل النظر إليها وكأنها جزء من الموروث الاعتيادي، يحق للذكر إنهاء حياتها وأكل حقوقها بذرائع تعتمد على الشك، ولا تستند إلى دين ولا قانون؛ ما يحتم ضرورة إيجاد رادع بمستوى الجريمة والانتهاك الذي تتعرض له.

أسباب قتل النساء:
في معظم الحالات التي تقتل فيها النساء يكون موضوع الشرف هو ذريعة القاتل لكي يتهرب من العقاب على جريمته؛ فقد أصبح الشرف قناعًا يخفي السبب الحقيقي الذي يدفع القاتل إلى ارتكاب جريمته.

إن الأسباب الكامنة وراء انتشار ما يسمى بـ"جرائم اشرف" هي:
- غياب القوانين والتشريعات الرادعة بحق كل من تسول له نفسه بارتكاب مثل هذه الجرائم.
- عدم توفر الجرأة لدى النساء للاعتراض؛ بحكم الانصياع للعادات والتقاليد الشعبية.
- عدم توفر الوعي الديني السليم في المجتمع؛ فإن الدين الإسلامي يشدد على ضرورة وجود أربعة شهود ذوي عدل يرون الواقعة بأم أعينهم، رؤية لا يشوبها الشك؛ وإلا اعتبر مجرد الحديث بالأمر قذف للمحصنات يستوجب العقوبة.
- وعدم توفر الوعي الكافي في المجتمع؛ ما يجعل النساء يصمتن مستسلمات؛ بل ومؤيدات لهذه الجرائم التي ترتكب بحقهن؛ فالموروث الشعبي الثقافي الفلسطيني يضع المرأة في موقع الضحية التي يجب أن تكون كبش الفداء الذي يفدي الأطفال والعائلة.

وتدل تفاصيل عمليات قتل النساء أن هناك تنوعًا في الحالة الاجتماعية للنساء المقتولات، وتنوعًا في أشكال القتل، مع وجود قاسم مشترك، وهو: تعرض جميع المقتولات لسلسلة من أعمال التعذيب والتنكيل الجسدي والنفسي التي تنتهي عادة بالقتل. ويرى المهتمون بهذه الظاهرة إن المرسوم الرئاسي (حول تعديل قانون العقوبات) غير كاف؛ فهو بمثابة تغيير على صعيد التوجهات، وليس على صعيد التطبيق الفعلي؛ لأنه يركز ويتفاعل مع مواد في القانون دون أخرى؛ حيث تناول -على سبيل المثال- المادة 338 والمادة82، ولم يتعاط مع بعض المواد، كالمادة 52 التي يوجد فيها إشكاليات كبيرة، والمادة 98 التي تنص على قدرة المجرم على الاستفادة من العذر المخفف حين تكون الجريمة نتيجة ثورة الغضب الشديد.

إحصاءات حول قتل النساء في فلسطين:
السنة
عدد الحالات
2004
5
2005
3
2006
8
2007
8
2008
5
2009
9
2010
6
2011
4
2012
13
2013
26
2014
15 حتى تاريخ 18/5/2014

تشير الإحصاءات إلى استمرار مسلسل قتل النساء في فلسطين بوتيرة متصاعدة وبشكل ملحوظ، لا سيما في الأعوام الأخيرة؛ فمن 5 حالات شهدها العام 2004، إلى 13 حالة في العام 2012؛ وضعفها (26 حالة) في العام 2013؛ في حين شهدت الأشهر الخمسة الأولى من عام 2014، حسب الأحصاءات الرسمية والمؤسسات النسوية ومؤسسات حقوق الإنسان، 15 حالة قتل للنساء؛ ما دفع هذه المؤسسات إلى دق ناقوس الخطر للوقوف عند هذه الظاهرة والعمل على محاصرتها، قبل أن تزهق أرواح المزيد من النساء، وما يتبع ذلك من آثار سلبية على المرأة الفلسطينية؛ بل وعلى المجتمع الفلسطيني ككل.

وعلى ضوء ذلك أصدر الرئيس محمود عباس/ رئيس دولة فلسطين ، قرارا بقانون معدل للمادة 98 من قانون العقوبات رقم 12 لسنة 1960.

ومضمون هذا التعديل هو إلغاء العذر المخفف كما وقع الفعل على إنثى بدوافع ما يسمى "قضايا شرف"، وهذا يعني عدم صلاحية القضاء في الخوض في الأسباب التخفيفية كلما تبين للمحكمة أن الضحية أنثى، وتم ارتكاب الجريمة بدوافع ما يسمى "جرائم شرف".

الحلول للقضاء على هذه الظاهرة:
1- استنكار عمليات العنف والقتل ضد النساء.
2- أخذ الموضوع على محمل الجد من قبل المجتمع والمؤسسات السيادية والمدنية؛ حتى لا يتفاقم الأمر وينهار النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
3- التحرك الحقيقي الفاعل لوضع حد لهذه الظاهرة وعدم الاكتفاء بتسجيل المواقف وترديد الكلمات المؤيدة لحقوق المرأة دون تحويلها إلى قرارات.
4- مطالبة المؤسسات الرسمية والأهلية بالتوجه إلى الأسر الفلسطينية ورفع وعيها حول خطورة هذه الظاهرة وانعكاساتها السلبية على التماسك والبناء الاجتماعي برمته.
5- إعادة النظر في التشريعات والقوانين ذات الصلة، والكفيلة بترسيخ قواعد المساواة الكاملة في الحقوق بين المرأة والرجل، وتوفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وتشريع الأنظمة والقوانين التي من شأنها إنهاء هذه الظاهرة من خلال فرض العقوبة المناسبة لعمليات قتل النساء.
6- أهمية المضي قدمًا بالإنفاذ الفوري للتعديل القانوني القاضي بإلغاء الأسباب المخففة لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بجرائم الشرف أو أية أعذار أخرى، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في إنجاز قانون العقوبات، لما يوفره هذا القانون الجديد من حقوق متساوية للمرأة، ويستبعد كل الأعذار المخففة لجرائم القتل ضد النساء. ويجب التعامل مع هذه الجرائم كجرائم ضد حياة الإنسان، بغض النظر عن الجنس أو المبررات، وإنزال العقوبات الرادعة بحق القتلة المجرمين.
7- ضرورة توجه الإعلاميين والأكاديميين وكل ذوي الاختصاص لعمل حملة مجتمعية ضد هذه الظاهرة بهدف القضاء عليها، واستئصال جذورها الكامنة في ثقافة الإقصاء وثقافة الاستخفاف بحياة النساء.
8- يجب دراسة موضوع قتل النساء دراسة معمقة من جميع الجوانب ومناقشتها من حيث القوانين ورأي الشرع والدين، والإسراع فورًا في تعديل القانون.

القوانين والمراسيم والاتفاقيات حول قتل النساء:
1-اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو" التي تم تبنيها في العام 2009.
2- مبادئ ومضامين الإعلان العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
3- مرسوم رئاسي.

الحلول للقضاء على هذه الظاهرة:
1- استنكار عمليات العنف والقتل ضد النساء.
2- أخذ الموضوع على محمل الجد من قبل المجتمع والمؤسسات السيادية والمدنية؛ حتى لا يتفاقم الأمر وينهار النسيج الاجتماعي الفلسطيني.
3- التحرك الحقيقي الفاعل لوضع حد لهذه الظاهرة وعدم الاكتفاء بتسجيل المواقف وترديد الكلمات المؤيدة لحقوق المرأة دون تحويلها إلى قرارات.
4- مطالبة المؤسسات الرسمية والأهلية بالتوجه إلى الأسر الفلسطينية ورفع وعيها حول خطورة هذه الظاهرة وانعكاساتها السلبية على التماسك والبناء الاجتماعي برمته.
5- إعادة النظر في التشريعات والقوانين ذات الصلة، والكفيلة بترسيخ قواعد المساواة الكاملة في الحقوق بين المرأة والرجل، وتوفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وتشريع الأنظمة والقوانين التي من شأنها إنهاء هذه الظاهرة من خلال فرض العقوبة المناسبة لعمليات قتل النساء.
6- أهمية المضي قدمًا بالإنفاذ الفوري للتعديل القانوني القاضي بإلغاء الأسباب المخففة لجرائم قتل النساء على خلفية ما يسمى بجرائم الشرف أو أية أعذار أخرى، بالإضافة إلى ضرورة الإسراع في إنجاز قانون العقوبات، لما يوفره هذا القانون الجديد من حقوق متساوية للمرأة، ويستبعد كل الأعذار المخففة لجرائم القتل ضد النساء. ويجب التعامل مع هذه الجرائم كجرائم ضد حياة الإنسان، بغض النظر عن الجنس أو المبررات، وإنزال العقوبات الرادعة بحق القتلة المجرمين.
7- ضرورة توجه الإعلاميين والأكاديميين وكل ذوي الاختصاص لعمل حملة مجتمعية ضد هذه الظاهرة بهدف القضاء عليها، واستئصال جذورها الكامنة في ثقافة الإقصاء وثقافة الاستخفاف بحياة النساء.
8- يجب دراسة موضوع قتل النساء دراسة معمقة من جميع الجوانب ومناقشتها من حيث القوانين ورأي الشرع والدين.

ليست هناك تعليقات: