نتابع: الطوائف والمذاهب والجاليات في فلسطين، السامريون
- السامريون
- التاريخ السامري
- الديانة السامرية
- الأعياد السامرية
- الأماكن المقدسة عند السامريين
- العادات والمعتقدات السامرية
- اللغة السامرية
- الفلك
- السامريون والديانات الأخرى
- التعليم السامري
- العائلات السامرية
- السامريون والمجتمع المحلي
- مؤسسات الطائفة السامرية
- السامريون وعملية السلام
- عدد أبناء الطائفة السامرية
- المشاكل التي تواجه الطائفة السامرية
السامريون من هم؟
السامريون هم من أصغر وأقدم الطوائف الدينية في العالم في عصرنا الحاضر. عاشت وما زالت تعيش على أرض فلسطين، السامريون يعتبرون أنفسهم السلالة الحقيقية لبني إسرائيل القدماء الأصليين أتباع سيدنا موسى عليه السلام اللذين حافظوا على نقاءهم العرقي، ينسبون أنفسهم إلى ثلاث أسباط من الأثني عشر سبطا التي ينتسب إليها بنو إسرائيل، وهي سبط لاوي من أبناء سيدنا يعقوب، وسبط منسي وأفرايم أبناء سيدنا يوسف عليه السلام، أما باقي الأسباط فهي التي ينتسب إليها اليهود أو أنها اندثرت أو اعتنقت الديانة المسيحية أو الإسلامية.
لذلك يرى السامريون بأنفسهم بأنهم إشعاع القدماء اللذين لم يغادروا الأراضي المقدسة منذ قدومهم إلى أرض فلسطين قبل ثلاثة آلاف وستمائة وستة وأربعين سنة.
أصل التسمية:
يضع السامريون احتمالين لهذه التسمية، الأول أن كلمة سامري جاءت تحريف للكلمة المنطوقة باللغة العبرية "شامر"، التي تعني "الحارس" أو "المحافظ"، أي أن التسمية أطلقت عليهم لحفاظهم على معتقداتهم في فترة انقسام مملكة بني إسرائيل إلى شمالية وجنوبية، فكانوا هم المحافظون على الديانة العبرية القديمة، والذين بقوا أمناء لها من سائر بني إسرائيل، أما الاحتمال الثاني فإن التسمية تعود إلى أحد الأشخاص من بني إسرائيل، الذي كان يدعى سامري اشترى أرضاً واسعاً في منطقة سبسطية فأطلق عليها "السامرة" ونودي سكانها بالسامريين، ويرجح السامريون في الوقت الحاضر سبب تسميتهم إلى الاحتمال الأول.
التاريخ السامري
من الصعب أن تجد كتابات تتحدث عن السامريين، فهي نادرة وغالبا ما تكون باللغة العبرية القديمة "لغة التوراة"، ومكتوبة بخط اليد، القليل منها ترجم إلى اللغة العربية وبخط اليد أيضا، وتأتي هذه الندرة على الرغم من ازدحام التاريخ السامري بالكثير من القصص التي تروي ما تعرضوا له من محن وتحديات كانت تستهدف عقيدتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل وجودهم نفسه.
معظم الكتابات التاريخية السامرية جاءت متأخرة ويعود السبب في ذلك إلى:
أولا: اعتمادهم في تدوين التاريخ على الكاهن الأكبر في كل الأمور الدينية والدنيوية.
ثانيا: اعتقاد قسم كبير من السامريين أن كتابة التاريخ أمر محرم، باعتباره محاكاة للكتب الدينية، والتوراة بشكل خاص.
ثالثا: اعتماد كهنة ورجال الدين السامريين في صيانة التراث والأدبيات السامرية على حفظ الوقائع والمناسبات المتعلقة بالطائفة عن ظهر قلب وعدم تدوينها بالوقت المناسب.
ومع ذلك فقد دوّن السامريون بعض القليل من تاريخهم خلال القرن الثالث قبل الميلاد، مع بداية العصر اليوناني كما تبين من مخطوطات قديمة وقطع أثرية تم اكتشافها في أماكن مختلفة من العالم.
ومن أهم كتب التراث السامري كتاب "التوليد" للكاهن الأكبر للطائفة في مدينة دمشق عبد المعين ابن عمران عام 1149هـ الموافق 1736م. وفيه يتحدث الكاهن عن توالد الأئمة الكبار وأسماء ورؤساء العشائر السامرية. وقد تمت إعادة كتابته من جديد عام 1346هـ الموافق 1933م، بعد أن أضيفت إليه بعض الحوادث والقصص والمناسبات التي كانت محفوظة في صدور الأئمة.
أما الكتاب الثاني فهو "سفر الأيام" للكاتب السامري أبو الحسن ابن غزال الصوري الذي كتبه في القرن الرابع عشر الميلادي وتناول فيه تاريخ السامريين حتى ولاية هارون الرشيد في زمن الدولة العباسية.
والكتاب الثالث عبارة عن مدونة مسهبة للتاريخ السامري، تم وضعه في القرن التاسع عشر الميلادي من قبل مجموعة من العلماء السامريين، هم: الكاهن خضر بن اسحق، والشيخ فرحان أسعد السراوي، والشيخ أفرا يم سلامة، والشيخ إبراهيم صدقة الصباحي، وقد تمت ترجمته من اللغة العبرية القديمة إلى اللغة الفرنسية.
لمحة موجزة عن التاريخ السامري:
يعتبر السامريون أن تاريخهم قد بدأ منذ بداية الخلق بسيدنا آدم عليه السلام، ويعتبرون سيدنا نوح عليه السلام جدهم العاشر، وسيدنا إبراهيم جدهم العشرين، وصولا إلى سيدنا موسى بن عمران عليه السلام الذي بعثه الله ليحررهم من عبودية فرعون، فقادهم إلى الأراضي المقدسة عام 1798 قبل الميلاد، ليدخلوها بقيادة يهوشع بن نون عام 1638 قبل الميلاد.
وتقول الرواية السامرية أن يهوشع بن نون قام، برفقه العازار بن هارون الكاهن الأعظم، بنصب خيمة الاجتماع على قمة جبل جرزيم، "الجبل الجنوبي لمدينة نابلس" "شكيم"، وذلك بعد ست سنوات من دخول بني إسرائيل الأراضي الكنعانية (المقدسة). وظلت الخيمة على هذا الجبل المقدس مكرسة لكهانة نسل هارون بالوراثة؛ فكهن فيها العازار بن هارون، وابنه فينحاس، وابيشع، وشيشي.
ظل بنو إسرائيل شعباً واحدا،ً بقيادة دينية وسياسية موحدة لأكثر من 260عاماً، يسمونها "سنوات الرضى". ولما آلت خلافة الكاهن الأكبر بعد بقي إلى ولده عزي الذي كان عند موت أبيه في سن الثالثة والعشرين، أي دون سن الثلاثين التي كان تجاوزها شرطا من شروط استلام هذا المنصب الكهنوتي الرفيع بدأت القلاقل التي مهدت لانقسام الشعب. في ذلك الوقت كان الكاهن عاليه، من نسل ايتامار، أخ فينحاس بن هارون، وكيلا على العشور والذبائح والتقدمات، بإشراف وتحت مناظرة الكاهن الأعظم على المذبح، وكانت رئاسة الكهنوت الأعظم منوطة بنسل فينحاس بن هارون، ولما كان عزي الوارث الشرعي قاصراً، طمحت نفس عالي، الوكيل على الذبائح والتقدمات والعشور، إلى رئاسة الكهنوت نظراً لتقدمه في السن وصغر سن عزي. ورفض عالي أن يكون خاضعاً لعزي الذي لم يكن قد استوفى شرط السن، فقال لبطانته وحاشيته: "لست أطيق ذلك على نفسي، فاطلب إليكم أن لا تخضعوا له"، واخذ يستميلهم ويحرضهم على العصيان حتى اجتمع إليه عدد كبير عاهدوه على أن ينقادوا إليه ويأتمروا بأمره وأقسموا له يمين الطاعة والولاء.
وذات يوم قدم عالي على المذبح تقدمة دقيق ونسي أن يضع ملحاً، فوبخه عزي على إهماله فاغتاظ قوم عالي وانتصروا له ونشأ خصام امتد لهيبه واتسع ليشطر بني إسرائيل إلى جماعتين. فانحاز إلى عزي الكاهن من أهل شكيم وجوارها عشرة أسباط، فيما ناصر سبطا يهودا وبنيامين عالي بن يفني.
على أثر هذا الخلاف والخصام، هجر عالي وقومه جبل جرزيم، وذهبوا للإقامة في منطقة تدعى "شيلوه" (جنوب مدينة نابلس في المنطقة المقامة عليها اليوم مستوطنتا عاليه وشيلو)، وبقي عزي في الخيمة في جرزيم.
اخذ عالي يبث دعوته بين بني إسرائيل داعياً إياهم أن يأتوا إلى شيلوه لمشاهدة المعجزات والآيات التي تجري هناك، وكان عالي قد أخذ معه عشرة أدراج من التوراة مكتوبة بخط جده ايتامار الكاهن والتي لم يحدث عليها أي تغيير. ولكنه صنع صندوقاً غشاه بالذهب كتابوت العهد وادعى انه التابوت الحقيقي. ولم يغير عالي شيئاً من شريعة موسى، لكنه بدل مكانها المختار، فبنى بجوار مكان إقامته معبداً وادعى أنه الهيكل المقدس.
على اثر هذا الخلاف الديني بين عزي وابن عموميته عالي على خلفية الكهنوت الأعظم، وانفصال عالي وجماعته واستبداله الجبل المقدس جرزيم بشيلوه، أخذ السامريون بالاعتقاد بأن رب العالمين غضب على بني إسرائيل فأخفى عنهم خيمة الاجتماع الموجودة على جبل جرزيم.
على الرغم من الانقسام الديني للمملكة العبرية، لكنها بقيت موحدة سياسياً في ذلك الوقت، حيث بقي الكاهن الأكبر على جبل جرزيم وبقي الملك "ملك بني إسرائيل" يأتي إلى شكيم ويقف أمام مكان يسمى العمود "نقشت عليه مراسم تنصيب الملك من قبل الكاهن الأكبر" ليمنح مباركة الكاهن والإذن بممارسة السلطة، إلى أن جاء "الملك داود" لينصب ملكاً، وليباركه الكاهن الأكبر ثم يعود إلى سبطه يهوذا الذي ينتسب إليه ليختار مكاناً محصناً في منطقة يبوس، التي كانت تدعى عند اليبوسيين "يابيس" وعند اليهود "إيليا"، فأطلق عليها داود "أورشليم"، ويعتمده مركزا دينيا للمملكة، ولكنه لم يتشدد بالأمر خوفاً من انقسام المملكة. ولكن الرواية السامرية حول الأمر تقضي بأن الكاهن الأكبر استدعى الملك داود؛ وأثناء نومه على جبل جرزيم جاءه ملاك الله وقال له: " يا داود أنا الرب المعبود وهنا مكان السجود" فخاف وعدل عن فكرة بناء الهيكل في أورشليم.
وحين جاء سليمان ( 923 ق.م) إلى جرزيم بعد موت أبيه داوود لينصب ملكاً ويحظى بمباركة الكاهن الأكبر، عاد بعدها إلى أورشليم وبنى الهيكل هناك، وأقام لنفسه عرشاً بداخله على إثني عشر تمثالا من الأحجار الكريمة، ودعا قومه، بدوافع سياسية، إلى الاستنكاف عن الاعتراف بجبل جرزيم مكانا للقداسة، مخالفا بذلك تعاليم التوراة التي تحرم إقامة الهيكل خارج نطاق جبل جرزيم المقدس.
يقول السامريون: بعد وفاة الملك سليمان تولى الحكم ولده رحبعام الملك الذي جاء إلى شكيم ليحصل على إذن ومباركة الكاهن أمام العمود. ولما رفض الملك رحبعام إلغاء الضرائب التي كان قد فرضها والده الملك سليمان لتمويل بناء هيكله في القدس، أو حتى تخفيضها على السكان الشماليين من المملكة العبرية اشترط أهل الشمال مبايعته بتلبية مطالبهم بإلغاء أو تخفيض الضرائب. فعاد إلى أورشليم ليستشير مجلس الشيوخ الذي بدوره وافق على مطالب أهل الشمال، ومجلس الشباب الذي أشار عليه عكس ذلك، فعاد رحبعام من جديد إلى شكيم وقال لأهل الشمال: "أبي أدبكم بالسياط وأنا أؤدبكم بالعقاب". عندها رفض أهل الشمال مبايعته ونصّبوا يربعام ملكاً عليهم، فانقسمت الدولة العبرية إلى مملكتين، المملكة الجنوبية، (مملكة يهودا) التي اتخذت من أورشليم (القدس) عاصمة لها وتمتد من سنجل شمالا حتى حبرون (الخليل) جنوبا، والمملكة الشمالية (مملكة إسرائيل "السامرة") وعاصمتها سبسطية؛ وتمتد إلى الشمال من سنجل. وأصبحت المملكتان متنافستين وأحيانا متعاديتين، وكان لكل منهما أيام ازدهار وأيام انحطاط، وكان ميزان القوى يميل تارة لمصلحة إسرائيل، وأخرى إلى جانب يهودا.
وسرعان ما انقسمت مملكة الشمال إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أتباع سبط لاوي وأفرايم ومنسي ومركزهم جرزيم، حيث حافظوا على أحكام التوراة وأطلقوا على أنفسهم "شامريم" أي المحافظين، ثم حرفت التسمية فأصبحت سامريين.
الثاني: سكنوا فرعته وعبدوا الأوثان فقضى عليهم السامريون.
والثالث: أتباع "يربعام" ومركزهم سبسطية، وقد عبدوا العجل وحاربهم السامريون وقضوا عليهم.
ولم يعين السامريون ملكا عليهم واستكفوا بوجود الكاهن الأكبر.
وجاء الانشقاق الثالث والأخير بين السامريين واليهود، عندما دمر يوحنان هركانوس المكابي هيكل السامريين على قمة جبل جرزيم في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، في عهد المكابيين، في سنة 128 ق.م.
بعد انقسام الدولة العبرية إلى مملكتين، المملكة الجنوبية، والمملكة الشمالية، توالت الحروب بين المملكتين، الى أن زحف نبوخذ نصر بجيوشه وأحتل بلاد الشام وقضى على المملكتين الجنوبية والشمالية وسباهم إلى منطقة حيران في العراق "باستثناء الكهنة وعدد قليل منهم". حيث بقي أهل المملكتين، من سامريين ويهود في السبي سبعين عاماً، ولعدم تمكن الجماعات السكانية الجديدة التي أسكنها الأشوريون في المنطقة من التأقلم فيها أعاد الملك آشور بعض السامريين من السبي.
في عهد الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية تم تدمير بيوت أبناء المملكتين وسبي وقتل أعداد كبيرة منهم مما أدى إلى تناقص عددهم بشكل ملحوظ.
وفي العهد الإسلامي عاش السامريون، كما يؤكدون، في أمن واستقرار وهدوء، حيث كانوا يعيشون في تلك الفترة على شكل قبائل في القرى والمدن المحيطة بنابلس، ومن هذه القبائل قبيلة زهر، وعمران، وزيت، ويهوشع وإبراهيم النور، وإسرائيل، ويوسف، وآل بكر، وياسر بن نون، وحكم، ويردن شريان. وتفيد كتب السامريين ومخطوطاتهم انه لدى انتشار الإسلام في الجزيرة العربية، توجه وفد سامري برئاسة احد حكمائهم ويدعى"صرمصا" إلى النبي محمد عليه السلام، من اجل الحصول على كتاب خطي لضمان أمن السامريين وحمايتهم، فكان له ما أراد، حيث أمر الرسول علي بن أبي طالب بأن يكتب للسامريين عهداً جاء فيه: "إنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أمرت بأن يكتب للسامرة أماناً وذماماً على أنفسهم وعلى ديارهم، وأموالهم، وبيوت عبادتهم، وأوقافهم في كل بلادهم، وان يسري فيهم وفي ذمم أهل فلسطين بالسيرة الحسنة".
ومع بداية حكم هارون الرشيد، وحسب ما يروي السامريون أعتنق معظم السامريين الإسلام، وبعضهم اعتنق المسيحية، وبعضهم هاجر من المنطقة مما أدى إلى تناقص عددهم.
أما في عهد الأتراك فإن السامريين يصفونه بالمرحلة الصعبة، حيث عمل الأتراك على تجنيد رجالهم لصالح الجيش التركي، الأمر الذي أدى إلى مقتل عدد كبير من شبابهم، حتى بلغ عددهم في سنة 1917م حسب مصادرهم 160 نسمة.
وفي عهد الانتداب البريطاني تحسنت أحوال الطائفة بعض الشيء، وزاد تحسنها في عهد الحكم الأردني، حيث أعطيت لهم حرية العبادة وتحسنت أحوالهم المعيشية. وفي أعقاب حرب عام 1967م عرضت عليهم الحكومة الإسرائيلية نقلهم إلى منطقة حولون فرفضوا ذلك وأصروا على البقاء بالقرب من أماكنهم المقدسة في جرزيم .
أ- أركان الديانة السامرية
ترتكز الديانة السامري على خمسة أركان أساسية هي:
أولا: وحدانية الله الواحد الأحد.
ثانيا: نبوة موسى بن عمران كليم الله ورسوله.
ثالثا: التوراة "الأسفار الخمسة الأولى من التوراة/ أسفار موسى"، وهي:
1- سفر التكوين: الذي يتحدث عن خلق العالم، وعن سيدنا آدم وحواء والأنبياء الصالحين، أمثال سيدنا نوح، وإبراهيم، ويعقوب، ويوسف وإخوانه.
2- سفر الخروج: يتحدث عن مولد سيدنا موسى ومعجزاته، وعن أخيه هارون، ونزول الوصايا العشر، والأحكام والشرائع، والحرام والحلال، وعن الهيكل وبنائه الذي يحتوي تابوت العهد، ولباس الكهنة، والمذبح والشعلة التي تنيره.
3- سفر اللاويين: يتحدث عن عائلة الكهنة وتراتبيتهم وواجباتهم والأحكام الخاصة بهم.
4- سفر العدد: يتحدث عن تيه بني إسرائيل في سيناء، وعن الحروب التي خاضوها.
5- سفر تثنية الاشتراع: وهو عبارة عن ملخص للأسفار الأربعة السابقة، بالإضافة إلى خطبة الوداع التي ألقاها سيدنا موسى على قومه، ومباركته بني إسرائيل قبيل وفاته.
رابعا: قدسية جبل جرزيم، قبلة السامريين ومأوى أفئدتهم.
خامسا: الإيمان باليوم الآخر باعتباره يوم الحساب والعقاب، وبالتالي الاعتقاد بوجود الملائكة والجنة والنار.
وكل سامري لا يؤمن بالأركان الخمسة هذه، إيماناً أكيداً ثابتاً وراسخاً غير قابل للشك لا يعتبر سامرياً.
يملك السامريون، حسب اعتقادهم أقدم نسخة مخطوطة للتوراة في العالم، ويعود تاريخها إلى عام 1615 قبل الميلاد، وكاتبها هو ابيشع بن فينحاس بن العازار بن هارون، شقيق موسى عليه السلام. وقد كتبت بعد دخول بني إسرائيل الأراضي المقدسة بثلاث عشرة سنة، وهي مكتوبة باللغة العبرية القديمة. والتوراة السامرية تختلف عن التوراة اليهودية بسبعة ألاف خلاف تتعلق بالكلمات والآيات والسور. وبين دفتي التوراة يجد الإنسان، حسب الاعتقاد السامري، كل ما يحتاجه في هذا الوجود.
ب- شريعة السامريين:
تتركز الشريعة السامرية على الوصايا العشر التي نزلت على سيدنا موسى يوم خاطبه المولى على جبل الطور في سيناء، ويرى السامريون أن ذلك حدث في يوم وسط فصل الصيف، تميز بوجود صواعق، ورعود، وغمام، وضباب، وظلام، ثم اشتعال الجبل بالنار ولمعانه بالنور، وامتداد السنة النار من الجبل إلى عنان السماء، واهتزاز الجبل وارتعاده.
في ذلك اليوم، كما يعتقد السامريون خاطب الله سيدنا موسى الذي كان يردد وصاياه العشر، والتي وردت في التوراة السامرية وهي:
1-لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.
2- لا تحلف باسم الله كذبا.
3- إحفظ يوم السبت لتقدسه.
4- احترم أباك وأمك لتطول أيام حياتك.
5- لا تقتل.
6- لا تزني.
7- لا تسرق.
8- لا تشهد الزور.
9- لا تشتهي زوجة قريبك ولا بيت صاحبك .
10- إحفظ قدسية جبل جرزيم الأبدية المطلقة.
ت- فرائض الديانة السامرية "طقوسهم":
يبلغ عدد الفرائض الموجودة في التوراة السامرية 613 صلاة، منها 365 نواهي و 248 أوامر.
الصلاة:
الصلاة عند السامريين هي للتقرب من الله، وهي عبارة عن تأمل وتشفع وابتهال وتضرع، وتقوم مقام القرابين التي كانت تقدم في الهيكل.
السامريون يصلون يومياً صباحاً عند الفجر ومساءاً عند الغروب، وتتخلل كل منها سبع ركعات، (صلوات السامريين ركوع وسجود).
ولقدسية يوم السبت هناك سبع صلوات، يؤديها السامريون في الكنيس السامري، يؤمهم أحد الكهنة، ولا يجوز للسامري أن يزاول أي عمل يوم السبت مهما كان نوعه، سوى تحضير الطعام البارد.
ويسبق الصلاة الوضوء بغسل الأعضاء المكشوفة، ثلاثا لكل منها، مع قراءة آيات مخصصة من التوراة، على كل عضو تدل على نوعية حركته.
الصلاة
للصلاة نوعان من الشروط :
أولا : شروط الوجوب:
1- إدراك ماهية دعوة الرسول موسى عليه السلام .
2- أن يكون سامريا إسرائيليا؛ أي من بني إسرائيل، أي من نسل يعقوب.
3- أن يكون عاقلا .
4- أن يتجاوز سن البلوغ .
5- أن تكون نسخة من التوراة حاضرة.
6- أن تكون حواسه سليمة .
7- وأن يكون نقيا من النجاسة.
ثانيا : شروط الصحة :
1- طهارة البدن من المنجسات والأمراض.
2- طهارة الثياب.
3- طهارة المكان.
4- ستر العورة.
5- استقبال القبلة.
6- وجود إمام لاوي (من نسل لاوي، أحد أبناء يعقوب).
7- تأدية الصلاة في ميقاتها.
فرائض الصلاة عشر وهي:
ا- النية.
2- التهليل والتكبير.
3- السجود مع قراءة الفاتحة.
4- قراءة الفصل الأول من التوراة.
5- القيام وقراءة ما تيسر من آيات التوراة.
6- السجود ثلاثا مع قراءة آيات صحيحة من التوراة من أول التوراة في أول الأسبوع حتى نهاية التوراة مع نهاية الأسبوع.
7- القيام لسماع تسبيح الإمام وإعلانه عما يستجد من الحوادث الدينية.
8- السجود بالابتهال.
9- التسليم على الأنبياء.
10- انتهاء الصلاة ووجوب سماع تسليم الإمام.
صلوات السبت :
وهي سبع صلوات، وذلك لأن السبت هو اليوم السابع من الأسبوع، ففي ليلة السبت هناك صلاتان اثنتان، في صبيحة يوم السبت صلاتان اثنتان؛ الأولى في الكنيس والثانية في البيت وتتخلل هذه الصلاة قراءة فصل من التوراة. وأما ظهر السبت فهناك أيضا صلاتان، فيما يكتفي السامري مساء السبت بصلاة واحدة.
واجبات الصلاة سبعة، وهي:
صفاء النية، وصفاء الضمير القلب، وانتصاب القامة، والتقريب بين القدمين، وبسط الكفين، والتوجه إلى القبلة، وإتباع الإمام.
ويلبس السامريون اللباس الأبيض أثناء الصلاة ليقوم مقام الطيلسان، ويدل ذلك على مساواة الغني والفقير أمام الله، وصفاء القلب كصفاء اللباس.
وهناك وضوء قبل الصلاة يشمل غسل السبيلين، ثم غسل كل عضو ظاهر ثلاث مرات، مع قراءة آيات مخصصة من التوراة على كل عضو تدل على نوع حركته.
ما يكره عمله في الكنيس:
1- اتخاذها طريقا لقضاء حاجة.
2- النوم والأكل فيها.
3- رفع الصوت بالكلام على صوت الإمام.
4- توقيع العقود كالبيع والشراء.
5- نقش الصور والأشكال على الجدران.
6- إدخال أي شيء نجس أو منجس.
7- البصق.
8- إدخال المجانين.
9- الكتابة على الجدران.
10-السؤال والاستجداء.
الصلوات المعفية من السجود أو الوضوء:
1- صلاة الخسوف والكسوف.
2- صلاة الاستسقاء.
3- صلاة الختان.
4- الصلاة على الميت.
والصلاة مفروضة على الرجال دون النساء.
الصيام:
يصوم السامريون يوماً واحداً في السنة، هو يوم الغفران ولمدة 26 ساعة. والصوم مفروض على الجميع، كباراً وصغاراً بما في ذلك الأطفال. ويسمح للطفل الرضيع تناول حليب أمه الصائمة فقط، فهناك قاعدة عند السامريين تقول: "كل نفس لا تصوم في هذا اليوم تموت".
ويكون الصيام عن كل شيء ابتداء من الأكل والشرب ومرورا بالأعمال المنزلية والعمل والدراسة، ولا يمكن حتى مشاهدة التلفاز، أو القيام بأي نشاطات دنيوية، ويكرس يوم الصوم للصلاة التي تكون عبارة عن ركوع وسجود تتخللها تراتيل دينية باللغة العبرية.
الزكاة:
الزكاة مفروضة على جميع السامريين باستثناء الكهنة منهم، حيث كانت تدفع لهم، والآن يتم استغلالها لإنجاز المشاريع العامة لأبناء الطائفة.
الحج:
يحج السامري ثلاث مرات في السنة هي: حج الفطير، وحج الأسابيع، وحج المظال "العرش". وينعقد الحج عادة وإلزاما على جبل جرزيم، حيث الأماكن المقدسة للسامريين، خاصة هيكل سيدنا موسى، الذي بناه في سيناء ونقله، حسب الرواية السامرية يهوشع بن نون إلى جبل جرزيم، وكذلك مذبح سيدنا اسحق، حيث نوى سيدنا إبراهيم التضحية بابنه اسحق (إسماعيل، حسب الرواية الإسلامية) فدية لله تعالى، الذي افتداه إلهه بكبش.
الأعياد السامرية
لا يوجد للسامرين أعياد وطنية أو قومية فجميع أعيادهم دينية يبلغ عددها سبعة أعياد حسب ما نصت عليه ديانتهم "العهد القديم". وتأتي هذه الأعياد خلال فصلي الربيع والصيف، وتقع ما بين شهر نيسان/ ابريل الذي يعتبر الشهر الأول في التقويم العبري والثاني والعشرين من الشهر السابع الذي يصادف تشرين الأول/اكتوبر. ويستهلون أشهرهم ويعرفون أعيادهم بواسطة حساب قمري خاص بهم يبدأ من عهد ادم إلى هذا اليوم، وهو متوارث بين الكهنة فقط، وأعيادهم هي:
لا يوجد للسامرين أعياد وطنية أو قومية فجميع أعيادهم دينية يبلغ عددها سبعة أعياد حسب ما نصت عليه ديانتهم "العهد القديم". وتأتي هذه الأعياد خلال فصلي الربيع والصيف، وتقع ما بين شهر نيسان/ ابريل الذي يعتبر الشهر الأول في التقويم العبري والثاني والعشرين من الشهر السابع الذي يصادف تشرين الأول/اكتوبر. ويستهلون أشهرهم ويعرفون أعيادهم بواسطة حساب قمري خاص بهم يبدأ من عهد ادم إلى هذا اليوم، وهو متوارث بين الكهنة فقط، وأعيادهم هي:
1-عيد الفسح:
يأتي في اليوم الربع عشر من الشهر العبري الأول، وهو ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر وتحررهم من عبودية فرعون برفقة سيدنا موسى، وتقدم القرابين شكرا لله الذي خلصهم من فرعون، ويقوم السامريون بتنظيم طقوس العيد حسب ما ورد في التوراة، حيث يقدمون القرابين لله تعالى كما قدمها آباءهم وثيابهم محزومة ونعالهم بأرجلهم وعصيهم بأيديهم كرمز للحرية، ويقوم كل بيت سامري بتقديم خروفاً، وإذا لم يستطيع فيشترك مع أحد أخوته أو جيرانه بشرط أن لا تكون الذبيحة مريضة أو مشوهة، ويتم ذلك على قمة جبل جرزيم، وبعد انتهاء الكاهن الأكبر من الصلاة يتوجه إلى مكان مرتفع وهو يتلو صورة من التوراة تنص على أمر الذبح، وتذبح الخراف في لحظة واحدة، ثم يتم تنظيفها وتمليحها ونصبها على عمود، ثم يتم إنزالها في حفرة تشتعل فيها النار ويغلق عليها. وإذا اكتشف أن الذبيحة غير مطابقة للمواصفات فيتم التخلص منها، ثم يتم إخراج الخراف المشوية بعد ثلاث ساعات لتؤكل بسرعة مع الفطير وعشبة المرارة "مرة الطعم" لتذكرهم بالحياة المرة التي عاشوها في مصر.
2- عيد الفطير:
يصادف هذا العيد اليوم التالي من عيد الفسح، وذلك بعد تقديم القرابين لله تعالى، وفي هذا العيد يمتنع السامريون عن تناول أي نوع من الطعام المختمر لمدة سبعة أيام إحياء لذكرى خروج بني إسرائيل من مصر قبل أن يخبزوا عجينهم، فحملوه معهم وخبزوه فطيراً.
3- عيد الصوم، "عيد الغفران":
يصادف اليوم العاشر من الشهر السابع، وفيه يصوم السامريون صغاراً وكباراً عن جميع المأكولات والمشروبات لمدة 26 ساعة، ابتداء من الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر وحتى الساعة الخامسة والنصف عند غروب اليوم التالي، ليكرسوا وقتهم أثناء ذلك للعبادة.
4- عيد السبع أسابيع، "عيد باكورة المزروعات" أو "عيد الحصاد":
وهو ذكرى نزول التوراة، حيث كان في اليوم السادس والأربعين من الأيام الخمسين المفروض عددها على بني إسرائيل، وقد فرض اليوم الخمسون عيداً احتفالاً بذلك، وقد سمي عيد "الأسابيع" لأنه جاء بعد سبعة أسابيع كاملة، ويسمى هذا العيد أيضا عيد "باكورة المزروعات"، وله اسم ثالث هو عيد "الحصيد".
5- عيد رأس السنة العبرية:
يعتبر هذا اليوم بداية السنة العبرية الجديدة، ويصادف الأول من الشهر السابع العبري.
6- عيد العُرش، "المظلة":
هو ذكرى تيه بني إسرائيل في برية سيناء، ويرمز هذا العيد إلى خمسة أمور :
1- ذكرى سكن بني إسرائيل في المدينة المصرية العريش، وقد كانوا يسكنون هناك في العرائش .
2- ذكرى عمودي النور والضباب اللذين كانا يظللان بني إسرائيل في البرية ليلا ونهارا على التوالي.
3- أداة للتسبيح للخالق على مخلوقاته الكثيرة المنوعة الحجم والألوان .
4- أداة غير مباشرة لتعليم الأطفال شؤون دينهم وتجليات قدرة خالقهم، ولماذا يقام العرش، وكل ذلك نتيجة سؤالهم"ما هذا ؟ ولماذا هذا اخضر أو احمر ؟ وما القصد من ذلك ؟" فالأطفال يسألون ويتلقون الإجابات وبهذا تتم العملية التربوية التعليمية .
وفي أيام عيد العُرش يقوم كل سامري بنصب مظلة داخل بيته مكونة من النخيل وأغصان الغار والحمضيات، ويستمر هذا العيد سبعة أيام يحج خلالها السامريون إلى القلعة الموجودة على جبل جرزيم ويزورون المذبح حيث يؤدون الصلاة مع الكاهن.
7- خاتم الأعياد:
يأتي في اليوم الأخير من عيد العرش، ويبارك فيه الكاهن الأكبر أفراد العائلة، ويشكرهم على القيام بواجبهم في الأعياد، وتقام شعائر في الكنيسة يتم فيها إخراج التوراة القديمة التي يزيد عمرها عن 3000 سنة ليبارك المصلين والشعب، ويسمى عيد "فرحة التوراة" أو "ختامة التوراة". ويعتقد السامريون أن أجمل ما يميزهم هو طبيعة أعيادهم وتطبيقهم لها نصاً وروحاً كما وردت في التوراة/ "العهد القديم".
الأماكن المقدسة عند السامريين
جبل جرزيم
الإحداثيات الجغرافية:
جبل جرزيم هو الجبل الجنوبي لمدينة نابلس "شكيم". هذه المدينة التي تقع بين جبلين، الجبل الجنوبي جبل جرزيم الذي يرتفع عن سطح البحر 885 متراً والجبل الشمالي، جبل عيبال الذي يرتفع عن سطح البحر 940 متراً. جبل جرزيم المقدس عند السامريين يحمل اسماً آخر هو جبل الطور، تيمنا بجبل طور سيناء، الذي أنزل الله فيه على سيدنا موسى الوصايا العشر.
يقع جبل جرزيم في منتصف المسافة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الميت. وإلى الشرق من هذا الجبل الذي يقدسه السامريون يقع سهل روجيب.
ولكي يتم تحديد مكان هذا الجبل المقدس والجبل المقابل عيبال، اللذين يحتضنا شكيم "نابلس" جاء في الشريعة سبعة شواهد، قوله: "أما هما في عبر الأردن، وراء طريق غروب الشمس، في أرض الكنعانيين الساكنين في العربة مقابل الجلجال، بجانب بلوطات موره، أمام شكيم". (تثنية إصحاح 11 آية 30)
الموقع الفلكي:
السامريون يملكون حساباً فلكياً يُعرف بحساب الحق "خشبان قشطة"، وهو حساب فلكي قمري متوارث منذ سيدنا آدم وحتى يومنا هذا عبر تسلسل تاريخي (161 سلالة). علماء الفلك السامريون يعرفون أن الحساب الفلكي هذا يجب أن تتخذ قاعدته وانطلاقته من خط عرض جبل جرزيم، لأن هذا الجبل يقع، حسب اعتقادهم، في مركز الأرض المقدسة، ونواة جنة عدن، وضبط هذا الحساب لا يتم إلا من موقعه هذا، وبواسطته يستطيعون أن يتحكموا برؤوس الشهور، بالكسوف والخسوف، بتحديد الأعياد، وعلم الأبراج الفلكية وغيرها. والسنة العبرية مكونة من أثني عشر شهراً قمرياً، وهناك سبع سنوات كبيسة قوام كل منها ثلاثة عشر شهراً. وبناء على حسابات السامريين الفلكية فإن التاريخ السامري بدأ بدخول شعب بني إسرائيلي إلى الأراضي المقدسة عام 1639 قبل ميلاد السيد المسيح.
المكانة التاريخية:
يقول السامريون بأن الله خلق سيدنا آدم من تراب جبل جرزيم المقدس. وكان هذا قبل 6445 سنة، أي عام 4435 ق.م. ومن هنا جاءت قدسية الإنسان. وحسب اعتقاد السامريين فان المكان الذي أنزل الله عليه آدم من الجنة بعدما عصى أوامر ربه يقع إلى الشرق من بلاد ما بين النهرين، حيث بدأ من هناك التكاثر البشري.
في عهد الصديق "فالج"، وترتيبه الخامس عشر بين الصديقين، تم بناء برج بابل. واسم "بابل" يعني، حسب الاعتقاد السامري، أن الله بلبل ألسنة البشر (لغاتهم)، وفرّق شمل تجمعهم السكاني في أقاليم الأرض.
وحسب الرواية السامرية فإن سيدنا إبراهيم، والذي يحتل المكان العشرين بين الازكياء والصديقين، وصل الأراضي الكنعانية "الأراضي المقدسة" ابتداء من مدينة شكيم، وهناك صعد إلى جبل جرزيم وبنى أول مذبح عليه بعد أن أرشده المولى إلى هذا المكان: "واجتاز أبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة موره".... ثم نقل من هناك إلى الجبل شرقي بيت ايل "جرزيم" .... فبنى هناك مذبحاً للرب ودعا باسم الرب". ( تكوين إصحاح 12 آية6-9)
أما رؤيا ذبح الابن التي وقعت لسيدنا إبراهيم، والتي يعتقد اليهود حدوثها في القدس، ويعتقد المسلمون أنها حدثت في مكة، فان السامريين يقولون أنها وقعت على في "موريا"، في محيط شكيم: "وحدث أن امتحن الله إبراهيم قائلا: خذ ابنك، وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض الموريا، وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك" ( تكوين إصحاح 22: الآية 2).
ولما نزح سيدنا يعقوب تاركا أبويه، هاربا من أخيه عيسو، ومتوجها إلى خاله لابان الآرامي، أثناء ترحاله هذا، وبينما هو نائم على جبل جرزيم، رأى في حلمه سلما قاعدته على الأرض ونهايته في السماء، وهنا قال: " ما أرهب هذا المكان ! ما هذا إلا بيت الله، وهذا باب السماء !". ( تكوين إصحاح 28 آية 17)
وعندما رجع سيدنا يعقوب من عند خاله لابان، وكان يسكن في حرّان شمال سوريا، بعد غياب دام ثلاثين سنة قضى منها عشرين سنة عند خاله لابان، وعشر سنوات في مكان قرب نهر الموجب في الأردن، اسماه "سكوت"، بنى مذبحاً على جبل جرزيم، كما وعد رب العالمين: " فأتى يعقوب إلى لوزه، التي في أرض كنعان، " وهي بيت إيل" هو وجميع القوم الذين معه، وبنى هناك مذبحاً، ودعي المكان "بيت إيل".
وتقول الرواية السامرية أنه عندما وصل شعب بني إسرائيل إلى شكيم (نابلس) بقيادة يهوشع بن نون، صعد إلى جبل جرزيم وبنى هيكل سيدنا موسى على قمته، وبعد 260 سنة حدث أول خلاف على قمة هذا الجبل على خلفية الكهنوت الأعظم، وعلى اثر هذا الخلاف اختفى هذا الهيكل عن الوجود. وقد سميت السنوات التي سبقت اختفاء الهيكل "سنوات الرضى" لوجود الهيكل بينهم. ولما تولى الحكم الملك (سيدنا) سليمان وقام ببناء هيكله في القدس، دب الخلاف بين أهل الجنوب المتمثلين بسبط يهودا ومعهم سبط بنياميم (بنيامين)، وأهل الشمال برئاسة سبط افرايم وحلفائهم من الأسباط التسعة الأخرى. ولما تولى الحكم رحبعام ابن سليمان انقسمت دولة العبرانيين إلى مملكتين؛ جنوبية وشمالية. وكان هذا قبل 3150 سنة، ومنذ ذلك التاريخ نشب عداء، مستمر حتى يومنا هذا بين السامريين واليهود تخللته حروب طاحنة بين الطائفتين، وذلك فضلا عن الحروب التي جرت بين السامريين وكل من الأشوريين والبابليين والفرس واليونانيين والبيزنطيين، فقتل من السامريين أعداد كبيرة، ومنع السامريين في عهدهم 150 سنة من الصعود إلى قمة الجبل وحرموا من إقامة شعائرهم الدينية. ولما جاء عهد القائد صلاح الدين الأيوبي الذي ساعده السامريون أثناء حملته ضد الصليبيين، حينئذ حصل السامريون منه على عهد بإقامة الشعائر الدينية، وخاصة عيد الفسح. واستمر هذا العهد نافذا حتى إبان عهد الدولة العثمانية والعهود التي تلتها.
المكانة الدينية:
1- جبل البركة
جبل جرزيم المقدس؛ يردد السامريون اسمه في صلواتهم أيا كانت أوقاتها، وبنغمة موسيقية واحدة: "جبل جرزيم كل أيام حياتنا". وهذا الجبل هو الركن الرابع من أركان الدين السامري الخمس: "اله واحد، نبوة موسى، الشريعة المقدسة، قدسية جبل جرزيم، واليوم الآخر (يوم الدين)".
جبل جرزيم بالنسبة للسامريين هو أقدس بقعة دينية في العالم، ومعنى جرزيم بالعبرية جبل الفرائض، أي المكان الذي يجب أن تقدم عليه القرابين والذبائح والمحرقات والعشور إلى رب العالمين، والذي اختاره المولى كما جاء في الشريعة: " في المكان الذي اختاره الرب إلهكم ليحل اسمه فيه". (سفر التثنية إصحاح 12 آية 11).
المكان الوحيد في العالم الذي ميّزته الشريعة بالقول: "فاجعل البركة على جبل جرزيم". (تثنية، إصحاح 11 آية 29).
2. قدسيته في الشريعة:
جبل جرزيم الذي ذكرته الشريعة المقدسة ثلاث عشرة مرة، وكل اسم من هذه الأسماء له ميزته الخاصة وصفته العظيمة :
1. بيت الله : "ما هذا إلا بيت الله". ( تكوين، اصحاح28 آية 17)
2. باب السماء: "هذا باب السماء" ( تكوين، إصحاح 28 آية 17)
3. بيت إيل: "ودعي اسم المكان بيت إيل" ( تكوين، إصحاح 28 الآية 19
4. لوزه: "ولكن اسم المدينة كان أولا لوزة". ( تكوين، اصحاح28 آية 19)
5. أخص الجبال: "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض الموريا واصعده هناك محرقة على أخص الجبال الذي أقوله". (تكوين، إصحاح 22 الآية2)
6. الله ينظر: "فدعى إبراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرى"، وكلمة يهوه بالعبرية تعني الله. ( تكوين، إصحاح 22 آية 14 )
7. منية الآكام الدهرية:( أشمخ العالم)، "إن منية الآكام الدهرية تكون من ضمن حصة يوسف" ( تكوين، إصحاح 49الآية 26 )، "ومن مفاخر الجبال القديمة ومن نفائس الآكام الدهرية". (تثنية، إصحاح 33 آية 14)
8. جبل ميراثك:"تجيء بهم وتغرسهم في جبل ميراثك".(خروج، إصحاح 15 الآية17
9. "المقدس الذي هيأته يداك يا الله" (خروج، إصحاح 23 الآية 20)
10. بيت يهوه: "أول أبكارك تحضرها إلى بيت الله إلهك" (خروج، إصحاح 23 الآية 19)
11. الجبل الجيد: "دعني أدخل وأرى الأرض الجيدة التي في عبر الأردن هذا الجبل الجيد ولبنان". (تثنية، إصحاح 3 الآية 25)
12. جرزيم: فأجعل البركة على جبل جرزيم واللعنة على جبل عيبال.(تثنية، إصحاح 11 الآية 29)
13. المكان المختار: "المكان الذي اختاره الله إلهك ليحل اسمه فيه" (تثنية، إصحاح 12 الآية 21) وكذلك الآية: "بل في المكان الذي اختاره الله إلهك في أحد أسباطك". (تثنية، إصحاح 12 الآية 14).
3. جبل جرزيم والقدس:
عندما يدور الحديث عن جبل جرزيم، يصفه السامريون بالأزلي والقدسي والمبارك؛ فهو، بالنسبة لهم الجبل الذي اختاره المولى لإقامة هيكله على قمته، ولتسكن الذات الإلهية بين ظهراني شعب بني إسرائيل، كما ورد في الشريعة المقدسة على لسان الله مخاطباً موسى بن عمران قائلا: " فيصنعون لي مقدساً لأسكن في وسطهم ". ( خروج، إصحاح 25 آية 8).
ويضيف السامريون: أما القدس التي لم تذكرها الشريعة، لا من قريب ولا من بعيد، فقد كان يسكنها اليبوسيون إلى أن فتحها الملك داود بن يشي، والد الملك سليمان، وكان هذا في السنة 455 بعد دخول الأراضي المقدسة بقيادة يهوشع بن نون، أي في سنة 1183 قبل الميلاد. وعلى أثر وفاة الملك سليمان، وفي عهد ولده رحبعام انقسمت الدولة العبرية إلى مملكتين، شمالية إسرائيلية سامرية (السامرة)، وجنوبية، هي مملكة يهودا المنشقة عن الدين الأصل كما يعتقد السامريون. فمنح اليهود (سكان مملكة يهودا) القدس مكانة دينية لم يعترف السامريون بها إطلاقاً.
المكانة الاجتماعية:
منذ أكثر من 31 قرناً من الزمان، والسامريون يقيمون على جبل جرزيم شعائرهم الدينية، بصفته جبل البركة، وأقدس بقعة دينية على الأرض بالنسبة لهم. إنه المكان الذي أختاره المولى من أجل هذا الهدف، ومحط إيمانهم ومأوى أفئدتهم. يتوجهون إليه في صلواتهم، واقفين بين يدي رب العالمين، خاشعين وساجدين وراكعين متضرعين إلى المولى أن يؤمن حياتهم ويستجيب لطلباتهم. السامريون يصعدون إلى قمة الجبل ثلاث مرات في السنة من أجل صلاة الحج السامري أثناء الأعياد، ولا يجوز إقامة عيد الفسح في أي مكان في العالم غير هذا الجبل المقدس، الذي يصادف دائماً في شهر نيسان/ ابريل من كل عام، أي في الرابع عشر من الشهر الأول في التقويم العبري السامري. فقد جاء في الشريعة السامرية المقدسة (وهي الأسفار الخمسة الأولى من التوراة): "..فالمكان الذي اختاره الرب إلهكم ليحل أسمه فيه، تحملون إليه كل ما أنا أوصيكم به: محرقاتكم وذبائحكم وعشوركم ورفائع أيديكم وكل خيار نذوركم التي تنذرون للرب". ( تثنية، اصحاح12 الآية 11)
ثانيا: قبور الأنبياء حول نابلس:
وهي قبور الكهنة العازار، ايتامار، فينحاس، ذي الكفل، يهوشع بن نون (في كفل حارس) والسبعين شيخا (في عورتا)، إضافة إلى قبر يوسف في بلاطة (الذي يعتبره المسلمون قبرا لأحد أوليائهم الصالحين).
ثالثا: قبور الأزكياء وزوجاتهم في حبرون (الخليل):
وهم آدم، شيت، آنوش، نوح، إبراهيم، سارة، اسحق، رفقه، يعقوب، ولائقه، ثم قبر راحيل.
رابعا: قبر سيدنا هرون بن عمران:
يقع في جبال موآب عند وادي موسى شرقي الأردن.
خامسا: قبور باقي أولاد سيدنا يعقوب :
وهي منتشرة في الأرض المقدسة منها قبر بنياميم في "كفر سابا"، قبر لاوي في سيلة الظهر، قبر يهودا في طلوزة ، إضافة إلى قبور ثلاثة منهم موجودة في جامع الأنبياء في نابلس .
العادات والتقاليد والمعتقدات السامرية
الطهارة والنجاسة:
إن من يتصفح التوراة يجدها تحث في كل مناسبة على الطهارة وعدم المعاملات والدخول إلى بيوت العبادة بالنجاسة. فالطهارة عند السامريين ركن وأساس في دينهم، فالرجل لا يجوز له أن يخرج من البيت إلا إذا كان طاهر البدن، وعليه الاغتسال بعد عملية الجماع مباشرة، وبعد الاستحلام أثناء النوم، وكذلك إذا لمس من الحيوانات المحرم أكلها أو لمس جثمان ميت. والمرأة التي تكون في فترة الحيض يجب أن تبتعد كلياً عن أعمال بيتها مدة سبعة أيام، والحامل إذا ولدت ذكراً تبتعد 41 يوماً وإذا ولدت أنثى تبتعد 80 يوماً عن التعامل مع الناس، ولا يجوز لها الاعتناء إلا بولدها الرضيع، ولكنها تستطيع مزاولة وظيفتها وتعليمها خارج البيت فقط، كل ذلك حسب أوامر التوراة، ويجب تبديل الثياب والوضوء عند الصلاة، وكذلك الوضوء دائما لدى التقرب من المقدسات أو الدخول إليها.
الختان:
الختان عند السامريين عهد قطعه الله مع سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومنذ ذلك الوقت والسامريون يحافظون على هذا العهد، حيث يختنون المولود الجديد من الذكور في اليوم الثامن لميلاده، ولا يجوز التأخر في هذا الإجراء لأي سبب من الأسباب إلا إذا كان المولود في حاضنة. وفي هذه الحالة يتم احتساب الأيام الثمانية من لحظة خروج الطفل من الحاضنة، وفي حالة مخالفة الموعد المحدد للختان يقتل الطفل حسب الشريعة السامرية.
الزواج:
يحق للسامري أن يتزوج بواحدة، ولا يحل له أن يجمع اثنتين (إلا إذا كانت امرأته عاقرا)، وإذا ظهر له أن امرأته لا تنجب، أو أنها لا تطيعه، أو عرف أن بها مرضاً معدياً فيحق له طلاقها بعد الإثبات، ومن ثم الزواج بغيرها. وللمرأة السامرية الحق في أن تطلق زوجها لدى القاضي الشرعي إذا امتنع عن القيام بواجبه اتجاهها من ناحية الكسوة والفراش وحفظ القرابة. ولا يختلف السامريون عن اليهود في موضوع الزواج واشتراطاته، إلا فيما يتعلق بجواز زواج اليهودي من زوجة أخيه بعد وفاته، كذلك من أخت زوجته بعد وفاتها.
تحظر الديانة السامرية زواج الأخ أو الأخت من ابنة أخيه/ها أو ابنة أخته/ حظرا قطعيا. ويتفق السامريون مع المسلمين في أمور النكاح ، ولكنهم يخالفونهم بعدم جواز زواج من:
1- زوجة العم بعد وفاته .
2- زوجة الأخ بعد وفاته.
3- أخت الزوجة بعد وفاتها .
4- بنت السفاح .
5- الربيبة .
6- بنت الزنا.
يحق للزوجة المطلقة في الديانة السامرية الرجوع إلى زوجها إذا لم تتزوج غيره، ولا يتم الزواج إلا بعقد نكاح جديد وشهود، وكل ذلك يجري في احتفالات دينية يشهدها جميع السامريين إن أمكن أو معظمهم. ولا يمانعون في حضور غيرهم هذه الاحتفالات، ويتم الزفاف بعد قراءة الكتاب الذي يتلى على مسمع من الزوجين والأهل، وتذكر فيه الشروط الزوجية الشرعية، ويسلم بعد قراءته إلى والد الزوجة ليكون مستنداً على الزوج .
وتشمل مراسيم النكاح عند السامريين الأمور التالية :
1- أركان النكاح.
2- شروط النكاح.
3- الشهود لدى عقد النكاح .
4- الوكالة.
5- المحلل والمحرم من النساء .
6- الجمع.
7- المهر.
8- الزواج من أتباع الديانات الأخرى .
9- سبايا الحرب .
10- حقوق الزوج والزوجة.
وللنكاح عند السامريين معان ثلاث :
1- المعنى اللغوي: وهو الوطء.
2- المعنى الأصولي: وهو الشرعي ويكون بعقد.
3- المعنى الفقهي : وهو انتفاع الزوج ببضع الزوجة وسائر بدنها، ولا ينصرف إلى غيرها.
وأما شروط عقد النكاح فهي: أن يكون على امرأة خالية من الموانع، أي أن لا تكون خنثى، أو وثنية أو محرمة حسب الشرع أو العقد على حيوان.
وللنكاح أحكام خمسة هي:
1- الوجوب .
2- الحرمة .
3- الكراهة .
4- لم السنية .
5- الإباحة.
وأركان النكاح هي: الإيجاب والقبول .
وشروط النكاح هي العقل والبلوغ والحرية وعدم جواز نكاح غير السامريات مطلقاً، إلا إذا اعتنقن الديانة السامرية وعلى سنة الله ورسوله .
وتأتي مراسيم يوم الزفاف مشابهة لمراسيم الزفاف عند أبناء مدينة نابلس بشكل عام.
الطلاق:
يمنع الطلاق إلا في حالات خاصة، وهي نادرة وبشروط هي: غير القادرة على القيام بأعمال البيت وتربية أطفالها، الجنون، الخيانة الزوجية، المرض العضال، العاقر، نشير هنا إلى إمكانية الجمع بين زوجتين في حالة كانت الزوجة عاقراً.
طعام السامريين:
السامريون لا يأكلون أي طعام مطبوخ خارج بيوتهم نهائياً، كما أنهم يحرمون على أنفسهم اللحوم المذبوحة على غير طريقة وشريعة السامريين، ولا يجمعون في طعامهم روحين على مائدة واحدة مثل اللبن واللحم أو في وعاء واحد ولا يأكلونهما معاً، وشروط الذبح عندهم هي كما يلي :
1- أن يقوم به عالم سامري يعرف أصول دينه.
2- أن يعرف أمراض الحيوانات.
3- أن يعرف ما حلل وما حرم منها .
4- أن يكون لديه سكين حادة طويلة وبطول 25سم على الأقل.
5- أن يستطيع ذبح الحيوان بجرة واحدة.
6- أن يعرف موضع السكين من رقبة الحيوان .
7- أن يكون طاهر البدن واللباس .
8- أن يتجه إلى جبل جرزيم عند الذبح.
9- أن يقرأ ويسمي على الذبيحة .
10- أن يعفر التراب على الدم بعد ذبحه.
والسامريون يأكلون من الطيور ما كان له حوصلة وغير مشبك الأصابع (كبعض الطيور المائية مثل البط والأوز وغيره)، ومن حيوانات البحر ما كان له زعانف وصراصيف، أي أجنحة وقشور، ومن حيوانات البر ما كان مجتراً ومشقوق الظلف، ويحرم ذبح الحبالى من إناث الحيوان.
الإرث عند السامريين:
بحسب الشرع الإلهي السامري فالبنت لا ترث من الأموال غير المنقولة. وإذا توفي شخص وترك بنات ولم يترك ذكورا فعليهن أن يتزوجن من أبناء عمومتهن. وذلك لكي لا يختل توازن تقسيم الأرض المقدسة، ولكي لا تنشأ مشاكل معقدة بين الناس، وخاصة الأنسباء نتيجة الإرث.
طقوس الوفاة:
عند وفاة السامري يتم توجيهه نحو القبلة، (وهي جبل جرزيم بالنسبة للسامريين)، ويجلس معارف الفقيد حول جثمانه ويأخذون بقراءة التوراة، يتلون التوراة جميعها بنغمة معروفة، ويقفون عند آخر فصل من التوراة، ثم يقترب أقارب الميت منه ويغسلونه ويلبسونه الملابس البيضاء ويكفنونه ويتخلل ذلك قراءة دعوات وابتهالات معينة، ثم يضعونه في النعش ويحملونه إلى مثواه الأخير وسط ترتيل الفصل الأخير من التوراة إلى إن يصلوا اللحد المعين له، فينزلونه ويدفنونه ويقف الكاهن الأكبر، أو من ينوب عنه، فيقرأ على روح الميت الفاتحة، ثم ينصرف القوم إلى بيوتهم، بينما يدعو بعضهم جماعة المتوفى إلى الطعام. ويدوم الحزن سبعة أيام يزار خلالها بيت المتوفى في الصباح وفي المساء مع قراءة الفاتحة.
الميراث:
شرحت التوراة بإسهاب شروط الميراث، حيث يوزع الإرث عند السامريين بين الورثة بالتساوي وتكون حصة البكر الضعف، وللبنت والمرأة السامرية في الأموال المنقولة حقوق الرجل، وأما في الأموال غير المنقولة فلا ترث إذا كان لها أخوة. لكن إذا توفي شخص وترك بنات ولم يترك ذكوراً، فإنهن يرثن بشرط أن يتزوجن من أبناء عمومتهن، كي لا يختل توازن تقسيم الأرض المقدسة.
الموسيقى السامرية:
الموسيقى السامرية هي أنغام ترتل بدون أدوات موسيقية مساعدة، وهذا التقليد متوارث من جيل إلى جيل عبر 135 سلالة. ومن خلال هذا الفولكلور تروى حكاية السامريين عبر التاريخ بأحلى صورها بالموسيقى المجردة والعذبة.
اللباس:
يلبس السامريون كغيرهم من أبناء المجتمع الفلسطيني باستثناء الكهنة اللذين يلبسون الجبة والعمامة الحمراء على الرأس، ويطلقون شعر رؤوسهم ولحاهم، كما أن السامريين يلبسون في أيام السبت صغاراً وكباراً الجبات والطرابيش ذات اللون الأحمر.
الكاهن الأكبر:
يرأس الطائفة السامرية الكاهن الأكبر، وهو من سبط لاوي، أي من عائلة الكهنة والأكبر سناً، ويتولى رئاسة الطقوس الدينية, يساعده في مهامه هذه مجلساً كهنوتياً مكوناً من اثني عشر كاهناً، وهو الذي يقرر كل ما يتعلق بالشؤون الدينية، ويكون الكاهن الأكبر كاهناً لشطري الطائفة، سكان جبل جرزيم ومدينة حولون. أما الشؤون الدنيوية فتديرها لجنتان منتخبتان في كل من جبل جرزيم وحولون، يرأس كل منهما سكرتيراً، وتنتخب اللجان مرة كل سنتين وبطرق ديمقراطية.
اللغة السامرية
اللغة السامرية هي العبرية القديمة، وتتكون من اثنين وعشرين حرفاً، وتقرأ من اليمين إلى اليسار. ويقول السامريون إذا ما استعرضنا لغات العالم أجمع منذ فجر التاريخ وحتى الآن نجد أن اللغة العبرية القديمة والتي ما زال السامريون يحتفظون بها كلغة أصل قراءة وكتابة، هي بحد ذاتها لغة الرموز التي كانت مستعملة من قبل الإنسان الأول، لهذا فإن كل حرف من حروف اللغة العبرية القديمة يرمز لعضو من أعضاء جسم الإنسان. وعلى سبيل المثال لا الحصر أن حرف "ر" يدل باللغة العبرية القديمة على الرأس من حيث اللفظ والرسم، وحرف "ش" يدل على الأسنان من حيث اللفظ والصورة، وحرف "ع" يدل على العين، وحرف "ي" يدل على اليدين، وحرف "ف" يشبه الفم، وحرف "ب" يدل على البيت، وحرف "د" يدل على الباب...الخ.
اللغة العبرية القديمة هي من أقدم لغات العالم، فحسب الرواية السامرية فإنه عندما اخرج رب العالمين سيدنا آدم من الجنة أرسله إلى شرقي نهري دجلة والفرات، وهناك تم تكاثر الجنس البشري، وسيدنا آدم الذي أحتل المكانة الأولى في سلسلة الازكياء والصديقين حيث بعثة الله قبل 6440 سنة، وحتى سلالة الخامس عشر منهم "فالج بن عابر" الذي ولد في سنة 1430 للخليقة كانوا يتكلمون جميعهم لغة واحدة، ألا وهي اللغة العبرية القديمة.
والجدير بالذكر أن السامريين يقولون بأنهم يملكون أقدم نسخة خطية موجودة في العالم يعود تاريخها إلى 3633 سنة خلت، وكاتبها هو ابيشع بن فينحاس بن العازار بن هارون شقيق سيدنا موسى عليه السلام، مكتوبة باللغة العبرية القديمة، وهي محفوظة عند السامريين منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا، في حين، يقول السامريون أن أقدم نسخة خطية لدى اليهود لا يتجاوز عمرها الألف سنة.
وبالنسبة للغة العبرية اليهودية فيرى السامريون أنها لغة آشورية، قام بتغييرها من اللغة العبرية القديمة إلى اللغة الآشورية اليهودي عزرا هسوفير في عهد قائدهم زربابل قبل حوالي 2300 سنة.
الفلك السامري
الحساب الفلكي السامري:
يعتمد السامريون حسابا فلكيا يطلق عليه "حساب الحق"، وهو حساب فلكي قمري متوارث عن سيدنا آدم وحتى يومنا، هذا كما يقولون، مع عائلة الكهنة. وهذا النظام الفلكي مربوط بخط عرض جبل جرزيم.
ومن خلال هذا الحساب الفلكي يتم تحديد السنة العبرية، والمقسمة إلى اثني عشر شهراً قمرياً يتراوح عد أيامها بين الثلاثين أو التسعة والعشرين يوما، وذلك تبعاً للحساب الفلكي المعمول به، حيث يتحدد عد أيام كل شهر وفقاً للترابط بين الشمس والقمر طبقاً لجداول حسابية فلكية دقيقة جدا. فإذا تأخر هذا الترابط أكثر من ست ساعات قبل ظهور القمر، فان هذا اليوم يعتبر بداية للشهر الذي يتكون من ثلاثين يوماً، أما إذا حدث الترابط بعد ست ساعات بعد ظهور القمر فإن بداية الشهر الجديد تحسب من اليوم التالي، وفي هذه الحالة يصبح الشهر الجديد تسعة وعشرين يوماً.
ولقد نصت الشريعة العبرية الموسوية على أن لكل تسع عشرة سنة، سبع سنوات كبيسة، أي "ثلاثة عشر شهرا".
التقويم العبري:
بدأ التقويم السامري بدخول بني إسرائيل الأراضي المقدسة، أي في سنة 2794 للخليقة (1638 قبل الميلاد)، أما التقويم اليهودي فيبدأ منذ الخليقة، وقلما تصادف الأعياد السامرية الأعياد اليهودية، وذلك لأن الأعياد اليهودية تحسب تباعاً بعد عيد الفسح اليهودي من كل عام، فيما يحسب السامريون أعيادهم بالعدّ مع انتهاء السبت الأول من عيد الفسح، وهذا بناء على ما ذكرته الشريعة الموسوية "سفر اللاويين، الإصحاح 23، الآية 15"، حيث جاء فيه: "ثم تحسبون لكم من غد السبت من يوم إتيانكم بحزمة الترديد سبعة أسابيع تكون كاملة، إلى غد السبت السابع تحسبون خمسين يوما"، أما اليهود فإنهم يحيدون عن هذه الآية الدينية، إذ يبدأ العد عندهم غداة عيد الفسح، حتى لا يصادف قبل السبت أو بعده عيد. لهذا لا يجوز عندهم أن يصادف عيد الفسح أيام: الاثنين، الأربعاء، الجمعة، وعيد الحصاد، ولا يجوز أن يأتي أيام: الثلاثاء، الخميس، السبت. أما عيد رأس السنة العبرية فلا يجوز أن يأتي في أيام: الأحد، الأربعاء، الجمعة. ويوم الصوم لا يجوز أن يأتي في أيام: الأحد، الثلاثاء، الجمعة.
البطاقة:
يوزع الكاهن الأكبر البطاقة والتي تعرف "الأجندة السامرية" في مواسم الأعياد، أي عند استقبال عيد الفسح، وكذلك عند استقبال عيد المظال "العرش" مرتين في السنة. ومن خلال هذه البطاقة يستطيع السامري أن يعرف رؤوس الشهور، الأعياد، الخسوف والكسوف، المناسبات الدينية والدنيوية، محدداً فيها اليوم والتاريخ، وحتى الدقيقة والثانية التي يتم فيها ميلاد القمر الجديد. ويذكر أن السامريين يستطيعون تحديد أيام أعيادهم قبل مواعيدها بمئات السنين، وذلك من خلال هذا الحساب الفلكي.
الأبراج:
السامريون لا يؤمنون بالأبراج الفلكية التي تعتمد على تاريخ الميلاد، وهي بالنسبة لهم بدعة مستحدثة لا أساس لها في علم الفلك إطلاقا، فالأبراج الفلكية السامرية مرتبطة باسم الإنسان واسم أمه، وهما الاسمان اللذان يتم من خلالهما التعرف على حالة الإنسان الاجتماعية والعملية والعاطفية وصفاته الشخصية وغيرها، لكن أذا كان الإنسان متزوجا فانه يترك أبويه ويلتصق بزوجته حيث جاء في "سفر التكوين الإصحاح 2 الآية 24": " لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونا جسداً واحداً"، لهذا فان الحساب الفلكي يعتمد هنا على اسم الإنسان واسم زوجته فقط، ويعتقد السامريون بأن رب العالمين حرم على العبرانيين التعامل بالسحر، لهذا فالسامريون يتعاملون بالفلك فقط، من أجل المحبة والوفاق.
الفلك من خلال الشريعة:
جاء في قصة سيدنا إبراهيم وزوجته سارة في الشريعة المقدسة "سفر التكوين الإصحاح 17 الآية 5"، " فلا يدعى اسمك بعد أبرام، بل يكون اسمك إبراهيم"، أما السيدة سارة فبقيت عاقرا فترة زادت على ثلاثة عقود من الزمن، حتى نزل الأمر الإلهي على إبراهيم: "ساراي امرأتك لا تدعو اسمها ساراي بل اسمها سارة"، على أثر هذا التغيير وتوافق الأسماء رزقها الله ولداً وأسمته إسحاق،" سفر التكوين، الإصحاح 17 - الآية 15".
وجاء في الشريعة المقدسة بالنسبة للسامرين، في سياق تناول حادثة مصارعة سيدنا يعقوب للملاك أن الملاك خاطبه قائلا: "أطلقني لأنه قد طلع الفجر" فقال يعقوب: " لا أطلقك إن لم تباركني". فسألهالملاك: "ما اسمك؟" فقال: " يعقوب" فقال: " لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل. "سفر التكوين الإصحاح 32 الآية 26-28".
وتناولت الشريعة ذاتها قصة سيدنا يوسف وتفسيره لأحلام وزراء فرعون مصر، وزير السقاة، ووزير الخبازين، وكذلك تفسيره لأحلام فرعون نفسه، وكما فسر يوسف هكذا كان. ويجيب السامريون على السؤال المتعلق بكيفية تعلم يوسف التفسير، بأن الوحي الإلهي يلعب دوره الكبير في إلهام الإنسان، لكن على الإنسان أن يبذل مجهوداً من أجل أن يحصل على هذا الإلهام، وهذا ما أعلمتنا به التوراة المقدسة، ويقولون أن سيدنا يوسف تعلم تفسير الأحلام من خلال دراسته كتاب "الترقيم"، الذي حصلت عليه أمه راحيل من أبيها لابان، عند رحيلها من حران شمال سوريا متوجهة مع زوجها يعقوب إلى الأراضي الكنعانية. والجدير بالذكر أن هذا الكتاب هو عبارة عن علم فلك قائم بحد ذاته، لذا استطاع يوسف تفسير الأحلام.
السامريون والديانات الأخرى
السامريون واليهودية:
السامريون يصفون اليهود بالكفرة والكوتيين، نسبة إلى "كوت"، وهي مدينة سومرية-أكادية قديمة تعرف اليوم بتل إبراهيم في العراق. ويؤكد السامريون على أن الخلاف بين الديانتين، اليهودية والسامرية كبير وواسع كالفارق بين الأرض والسماء، وأن الخلاف قديم يعود تاريخه إلى عام 1356 قبل الميلاد، ومن ابرز هذه الخلافات:
أولا: التوراة
يقول السامريون أنهم يحتفظون بأقدم نسخة من التوراة يعود تاريخها إلى ما قبل 3633 سنة، وكاتبها هو الحفيد الرابع من نسل هارون، ابيشع بن فينحاس بن العازار بن هارون، شقيق موسى عليه السلام. وقد كتبت بعد دخول بني إسرائيل إلى الأراضي المقدسة بثلاث عشرة سنة، أي بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام بثلاث عشرة سنة، وهي مكتوبة باللغة العبرية القديمة على جلود القرابين، وتتكون من خمسة أسفار فقط هي التي يؤمن بها السامريون. أما التوراة اليهودية فإنها مجرد كتابات تاريخية متعددة الأسفار لا يزيد عمرها عن الألف عام، ويؤكد السامريون أن هناك أكثر من سبعة آلاف خلاف بين كلمة وآية وسورة بين التوراة السامرية والتوراة اليهودية.
ثانيا: المكان المقدس
يعتبر السامريون أن جبل جرزيم هو المكان المقدس حيث تقوم خيمة الاجتماع ومذبح اسحق، وذكرت قدسيته في توراتهم فهو قبلتهم ومكان حجهم، أما القدس فإنها لم تذكر في التوراة القديمة وتقديسها من قبل اليهود واتخاذها قبلة لهم وعاصمة لم تأت من منطلق عقائدي وإنما سياسي فقط.
ثالثا: الأنبياء والرسل
يؤمن السامريون بأن سيدنا موسى هو آخر الأنبياء حيث جاء في توراتهم "ليس بعد موسى نبيا" وهو الرسول الوحيد بين أنبياء بني إسرائيل الستة والعشرين الذين يؤمنون بهم، فيما يعتبرون الذين جاءوا من بعد ذلك ملوكاً مثل داود وسليمان.
وبالنسبة إلى بقية لأنبياء والرسل، فالسامريون يرون أنهم جاءوا لأقوامهم وليس لبني إسرائيل.
رابعا: ظهور المسيح
يعتقد السامريون بأن المسيح سوف يظهر انطلاقا من جبل جرزيم، أما اليهود فأنهم يرون بأن بوادر ظهوره ستكون على جبل صهيون في القدس.
خامسا: الصلاة
الصلاة عند السامريين قراءة الفاتحة وركوع وسجود وطهارة ووضوء، ولكنها عند اليهود فهي غير ذلك.
سادسا: الصوم
في يوم الصوم فإن السامريين جميعاً، بلا استثناء يصومون. حتى الطفل الرضيع لا يدخل جوفه غير حليب الرضاعة من أمه الصائمة فقط، أما اليهود فإنهم لا يفرضون الصوم إلا على من تجاوز سن الصوم، وهو 16 سنة فما فوق. وهذا في رأي السامريين مخالف للشريعة.
سابعا: الأعياد
هناك اختلاف في الأعياد من حيث الزمان والمكان، فمثلا عيد الفسح عند السامريين يأتي في أوقات مخالفة لعيد الفسح عند اليهود، ويحج فيه السامريون خلاله إلى جبل جرزيم. كما أن هناك اختلاف من حيث أسلوب ومراسيم الأعياد مثل عيد المظلة "العرش" فالسامري يبني مظلته داخل بيته واليهودي خارجه، بالإضافة إلى أن لليهود أعيادا إضافية غير الأعياد السبعة السامرية حسب ما جاء في توراتهم مثل عيد الأنوار.
ثامنا: اللغة
يعتبر السامريون أن لغتهم العبرية هي اللغة التوراتية، وهي لغة بني إسرائيل القدماء بأحرفها ألاثني والعشرين حرفاً، وليست اللغة العبرية الحديثة، الأمر الذي يؤكد حسب رأي السامريين محافظتهم على العقيدة الصحيحة بخلاف اليهود.
السامريون والمسيحية:
ورد ذكر السامريين في العهد الجديد مرات عديدة، وكان موقف المسيح إزاءهم ايجابياً، وأن أهم ما يجمع الديانتين السامرية والمسيحية هو النزوع نحو المحبة والسلام. يطلق المسيحيون على بعض مؤسساتهم الخيرية اسم "السامري الصالح" تيمناً بالسامري الرحيم الذي أنقذ مريضا من الموت على طريق القدس أريحا(لوقا 1: 25).
والمرأة السامرية التي سقت المسيح ماء الحياة عند بئر يعقوب قرب شكيم ( يوحنا 5: 41).
وكذلك نكران الجميل والاعتراف به بخصوص قصة "العشرة البرص" ( لوقا 17: 11-18).
السامريون والإسلام:
يرى السامريون بأن الإسلام هو أقرب الديانات إلى السامرية من حيث الوحدانية والطهارة، وصلوات السامريين ركوع وسجود يسبقها وضوء اليدين والفم والأنف والوجه والأرجل.
وينوّه السامريون إلى ما جاء في القرآن الكريم بخصوصهم، مثل: "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون". سورة الأعراف، الآية 158.
وتذكر كتب التاريخ السامري، انه لدى انتشار الإسلام في الجزيرة العربية، توجه وفد سامري برئاسة احد حكمائهم ويدعى"صرمصا" إلى النبي محمد عليه السلام، من اجل الحصول على كتاب خطي لأمن السامريين وحمايتهم، فكان له ما أراد، حيث أمر الرسول علي بن أبي طالب بأن يكتب للسامريين عهداً جاء فيه: "أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أمرت أن يكتب للسامرة أماناً وذماماً على أنفسهم وعلى ديارهم وأموالهم وبيوت عبادتهم وأوقافهم في كل بلادهم، وأن يسري فيهم وفي ذمم أهل فلسطين بالسيرة الحسنة".
التعليم عند السامريين
يوجد نوعان من التعليم لدى أبناء الطائفة السامرية؛ المدني الديني، حيث يتلقى أبناء الطائفة السامرية في جبل جرزيم تعليمهم الأساسي في المدرسة الحكومية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، ويعمل على تدريسهم معلمون فلسطينيون من غير أبناء الطائفة السامرية، ثم ينتقل التلاميذ إلى مدارس مدينة نابلس لتلقي تعليمهم الإعدادي والثانوي، ومنهم من يتابع المرحلة الجامعية في جامعة النجاح الوطنية التي يعتبرون وجودها خيرا لهم، فهي قريبة من حيهم وأماكنهم المقدسة، علماً بأنهم لا يحبذون السفر إلى خارج البلاد لمواصلة تحصيلهم العلمي لأسباب تخص أسلوب حياتهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم.
كذلك الحال بالنسبة للسامريين الذين في حولون فإنهم يدرسون في المدارس والجامعات الإسرائيلية حسب المناهج المعتمدة هناك.
من جهة أخرى، يحرص السامريون على تعليم أولادهم منذ نعومة أظفارهم المعتقدات الدينية واللغة العبرية القديمة، ويتم ذلك من قبل أحد أبناء الطائفة في ساعات المساء وأيام السبت، ويستخدمون في ذلك مباني المدرسة التي يتعلمون فيها خلال الفترة الصباحية، أو تتم عملية التعليم في المنازل على شكل كتاتيب، إلا أن التعليم الديني ما زال بدون مناهج محددة على الرغم من محاولات مركز الدراسات السامرية بالتعاون، مع أكاديميين من جامعة النجاح الوطنية لوضع مناهج خاصة بذلك.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أبناء الطائفة السامرية يتجنبون دراسة الطب، لأن معتقدهم الديني لا يبيح لهم ممارسة الجراحة التي يرون فيها تدنيسا للجسد الآدمي.
العائلات السامرية
هناك خمس عائلات سامرية هي:
أولا: عائلة الكهنة
وهي من سلالة هارون شقيق سيدنا موسى عليه السلام من سبط لاوي. تتولى مهمة القيام بالطقوس الدينية للطائفة، ومنها يكون الكاهن الأكبر، الذي يتوارث منصبه الأكبر سناً في هذه العائلة.
ثانيا: عائلة الطيف
عائلة الطيف من سبط افرايم بن يوسف عليه السلام.
ثالثا: عائلة السراوي
تنحدر من سبط افرايم.
رابعا: عائلة المفرجي "مفرج و يوشع"
تنحدر من سبط افرايم.
خامسا: عائلة صدقة
تنحدر من سبط منسي بن يوسف عليه السلام.
إضافة إلى هذه العائلات الخمس، هناك أيضا عائلة المطري التي تعود بأصولها إلى سبط بنياميم. وهذه العائلات هي العائلات السامرية الوحيدة التي كانت تتواجد حتى عام 1035م، ولكنها كانت متفرقة. فعائلة الكهنة كانت تسكن قرية عورتا شرق نابلس، وعائلتي إلطيف وسراوي كانتا في دمشق، وعائلة مفرجي كانت تسكن صرفند، وعائلة صدقة كانت تسكن في نابلس، وعائلة المطري كانت تسكن في غزة، فعمل كاهنهم الأكبر في عورتا على جمع شملهم فسكنوا جميعاً حارة الياسمينة في مدينة نابلس، باستثناء عائلة المطري التي بقيت تسكن غزة فانقرضت.
انتقلت العائلات السامرية من حارة الياسمينة إلى حي الغرور المحاذي لشارع جامعة النجاح الوطنية في عام 1927م في أعقاب الزلزال الذي ضرب المدينة وهدم منازلهم، وبقيت هذه العائلات تسكن هذا الحي حتى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى حيث انتقل معظمهم للسكن على قمة جبل جرزيم بجوار أماكنهم المقدسة، في حين انتقلت أسرتان منهم إلى حولون في الثلاثينيات من القرن الماضي، ثم لحقت بهما أسر أخرى في سنة 1948م. وبعد عام 1967م انتقل عدد آخر من سامريي جرزيم (نابلس) إلى حولون في إطار عمليات جمع الشمل ليعيشوا في حي خصص لهم من قبل الحكومة الإسرائيلية، فزاد عدد المنتقلين من نابلس إلى هذا الحي في حولون حتى أصبح عددهم يساوي تقريبا عدد المتواجدين في نابلس، وشهد عام 1967م انتقال أول أسرة من عائلة الكهنة إلى حولون.
السامريون والمجتمع المحلي
يصف السامريون علاقتهم بالمجتمع الفلسطيني بأنها علاقة عضوية، ويعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني المتكامل. تربطهم بغيرهم من السكان من أبناء الديانات الأخرى علاقات طيبة يسودها الاحترام المتبادل، ويشاركونهم مقاعدهم الدراسية والوظائف العامة والخاصة ونشاطهم التجاري، فأبناء الطائفة السامرية يمتلكون عدة حوانيت ومحال تجارية في مدينة نابلس يؤمها المواطنون للتسوق من كافة أنحاء فلسطين. وفي المقابل هناك عدد لا بأس به من أبناء المجتمع الفلسطيني من خارج الطائفة السامرية يسكنون كمستأجرين في بيوت داخل الحي السامري في المدينة، كما يمتلك آخرون بعض المنازل المقامة على جبل جرزيم وتربطهم بالسامريين علاقة جوار حسنة.
لا فرق في المجتمع الفلسطيني بين مسلم وسامري ومسيحي؛ فالجميع متساوون أمام القانون، توحدهم هوية وطنية واحدة وينظرون، بعضهم إلى بعض نظرة احترام شامل ومتبادل. يواسون بعضهم في الأحزان ويتشاركون في الأفراح والاحتفال بالأعياد الدينية وطقوسها.
مؤسسات الطائفة السامرية
لجنة الخدمات:
مقرها المركز الجماهيري وسط الحي السامري. ينتخب أعضاؤها من قبل أبناء الطائفة السامرية كل سنتين بناء على قرار من الكاهن الأكبر، وبإشراف مندوب عن محافظة نابلس. وتتولى هذه اللجنة مهمة إدارة شؤون الطائفة اليومية الدنيوية كتقديم الخدمات وتحسين البنى التحتية. وهذه اللجنة مكونة من:
سكرتير اللجنة: المشرف على جميع أعمال اللجنة، والناطق الرسمي باسمها وباسم الطائفة عموما.
نائب السكرتير: يتولى مهمة التنسيق مع الجهات الخارجية.
مسؤول العلاقات العامة: المشرف العام على ربط اللجنة بالمؤسسات الأخرى في الداخل والخارج.
أمين الصندوق: وهو المشرف العام على نادي الطائفة التابع للجنة والذي يقع تحت سلطة وزارة الشباب والرياضة، وهو المسؤول عن روضة الاطفال وقاعة الأفراح ومركز اللياقة البدنية.
المتحف السامري:
أقيم المتحف السامري عام 1997م على قمة جبل جرزيم وسط الحي السامري. ويشرف على ساحة المذبح الذي تقام فيه شعائر عيد الفسح عند الطائفة. ويقوم على خدمة المتحف مديره ومؤسسه "الكاهن حسني السامري"، وهو أحد كهنة الطائفة السامرية، يعاونه آخرون من أفراد الطائفة.
أسس المتحف بمساعدة الرئيس الراحل ياسر عرفات المادية والمعنوية، والمتحف هو أول متحف سامري في تاريخ الطائفة ، ويحتوي على مخطوطات تسلسل التاريخ السامري من سيدنا آدم وحتى الكاهن الأكبر الحالي، وهو تسلسل لا وجود له في أي مكان غير هذا المتحف. وهناك أيضا شجرة الأنبياء "الأزكياء والصديقين" التي تضم 26 اسماً ابتداء بسيدنا آدم حتى سيدنا موسى عليهما السلام. ويبلغ عدد الكهنة منذ اليعازار ابن هارون حتى الكاهن الأكبر الحالي 135 كاهناً أعظم، وذلك وفقاً لرواية الكاهن حسني الذي أكد أنه يستطيع أن يقول أنه يأتي في المرتبة 162 من النسب ابتداءً من سيدنا آدم عليه السلام. ويقول السامريون أن المتحف ينطوي على حقائق تاريخية تتعلق بالسامريين لم تكن معروفة سابقاً، كما يحتوي على وثائق ومستندات وكتب عبرية وتاريخية وعلمية قديمة، وعلى أحجار وعملات معدنية وأسرجة وأواني فخارية وزجاجية أثرية قديمة، وعلى مجسمات توضح الأماكن المقدسة السامرية. ويمكن للزائرين أن يروا بين أروقته موجودات سامرية لا تقدر بثمن إذا ما تم حساب عمرها الموغل في القدم، تساعد على الاطلاع على الفلكلور السامري القديم. ويساهم المتحف بتزويد الطلبة والأساتذة الجامعيين والباحثين وعلماء الآثار وغيرهم بكل المعلومات التي يرغبون في الحصول عليها.
جمعية الأسطورة السامرية:
هي جمعية ثقافية اجتماعية فنية أسسها مجموعة من الشباب السامري. وتتلخص أهداف الجمعية بالحفاظ على تراث وثقافة وتاريخ الطائفة السامرية، ونشر الثقافة والتاريخ السامري في العالم من خلال عقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات. كما تسعى الجمعية إلى إزالة المعتقدات الخاطئة عن الطائفة السامرية بوصفها طائفة يهودية، وتعميم وجهة النظر السامرية حول السلام والتواصل والاتصال بين جميع فئات المجتمع، كما تعمل على مساعدة الشباب السامري في الدراسة وبعض الأنشطة الأخرى.
نادي الشباب السامري:
هو نادي ثقافي اجتماعي رياضي، يضم في عضويته عددا من أبناء الطائفة السامرية ذكورا وإناثاً. وهذا النادي مسجل في وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية، ويضم فريقا لكرة السلة. ويمتلك النادي ملعباً لممارسة الأنشطة الرياضية المتنوعة.
مركز الدراسات السامرية:
تأسس المركز عام 1993م من قبل عدد من الشباب والشابات السامريين. ويقع مقره في الحي السامري القديم في مدينة نابلس أسفل الكنيسة السامرية.
أسس المركز بهدف العمل على تدوين التاريخ السامري حسب الطرق العلمية الحديثة، وحفظ وتصوير المخطوطات القديمة، وتزويد الباحثين والدارسين بمعلومات عن الطائفة السامرية، وتعليم اللغة العبرية القديمة لأبناء الطائفة.
المدرسة:
تابعة لوزارة التربية والتعليم في السلطة الوطنية الفلسطينية. يدرس فيها، إلى جانب أبناء الطائفة السامرية غيرهم من أبناء مدينة نابلس القاطنين بجوار الحي السامري، وتعتمد المدرسة المنهاج المدرسي الفلسطيني المقرر لباقي المدارس الفلسطينية، وفي ساعات المساء تستخدم المدرسة لتدريس أبناء الطائفة اللغة العبرية والمعتقدات الدينية من قبل أحد أبناء الطائفة.
الكنيسة:
تمتلك الطائفة السامرية ثلاث كنائس لممارسة طقوس العبادة "الصلاة". وتتوزع هذه الكنائس على النحو التالي: واحدة في الحي السامري القديم داخل مدينة نابلس، والثانية في الحي السامري في حولون، ثم الكنيسة المقامة وسط الحي السامري على جبل جرزيم.
السامريون وعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية
يؤيد أبناء الطائفة السامرية في نابلس وحولون عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويتمنون لها النجاح والتقدم السريع، إلا أنهم يتطلعون إلى المستقبل ببعض الخوف، حيث يخشون أن تؤدي هذه العملية للفصل بين شقي الطائفة (في نابلس وفي حولون الواقعة في أراضي ال48)، الأمر الذي دفع بعدد منهم إلى توجيه رسائل إلى بعض الجهات المعنية، سواء المشاركة أو الراعية لعملية السلام، أو لأي جهة يمكن أن تؤثر لضمان التواصل بين أبناء الطائفة من خلال تسهيل تنقلهم في كافة الظروف والأوقات سواء حققت العملية السلمية أهدافها أو أنها منيت بالفشل.
وقد حدد زعماء الطائفة السامرية سبعة مبادئ توجه جهودهم لتأمين مستقبل الطائفة السامرية في أي واقع سياسي:
1- تأمين حق المرور بحرية في كل الأوقات وبدون قيد ومن كل مكان بين شقي الطائفة سواء في حالة تطور العلاقات أو ترديها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
2- تأمين بطاقة خاصة للسامرين لتميزهم وتسهيل مرورهم بين ولاية الطرفين.
3- تأمين عدم إلحاق الأذى من الناحية الاقتصادية بأي من أبناء الطائفة بسبب التغييرات السياسية.
4- تأمين حرية العمل والتعليم وممارسة المهن بدون قيود.
5- تأمين الموارد المادية للطائفة السامرية لدعم تواجدها وتطوير الأماكن المقدسة لديها.
6- مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بممارسة ضغوطها على كافة الأطراف المشاركة في العملية السلمية للاستجابة للمطالب سالفة الذكر.
7- أن يتم تضمين المطالب السابقة في أي اتفاقية سلام يتم التوصل إليها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
يقول السامريون بأنهم يبتعدون عن الخوض في غمار السياسة، وحتى الحديث في شؤونها، أو إبداء أي مواقف حولها خوفاً من انعكاس ذلك سلباً على شؤونهم وحفاظاً على علاقاتهم الودية مع الجميع لذلك يتكتمون على مواقفهم السياسية دائما.
عدد الطائفة السامرية
ملخص الجداول الإحصائية المتعلقة بالطائفة السامرية:
العام العدد
1850 اقل من 70 نسمة
1913 175 نسمة 98 ذكور و 77 إناث
1917 146 نسمة 85 ذكور و75 إناث
1922 163 نسمة 95 ذكور و68 إناث
1931 175 نسمة 88 ذكور و87 إناث
1944 257 نسمة 124 ذكور و133 إناث
1967 354 نسمة منهم 154 في حولون
1972 450نسمة منهم 210 في حولون
1996 588 نسمة مناصفة بين حولون ونابلس
1998 604 نسمة 329 ذكور و275 إناث، منهم 296 في نابلس و308 في حولون
2010 740 نسمة نصفهم في نابلس والنصف الآخر في حولون.
المشاكل التي تواجه الطائفة السامرية
أولا: قلة عددهم
لا يتجاوز عدد أفراد الطائفة السامرية عدة مئات وهذا الأمر يشكل مصدر قلق دائم عند أبناء الطائفة لجهة قدرتهم على البقاء وديمومة عقيدتهم، لذلك فهم ينزعون إلى التكاثر من خلال تحفيز النسل من جهة، ولا يميلون إلى مغادرة مكاني إقامتهم في نابلس أو حولون بغرض الإقامة بشكل دائم.
ثانيا: ارتفاع عدد الذكور مقارنة بالإناث
تبلغ نسبة الذكور إلى الإناث ذكرين لكل أنثى، الأمر الذي خلق أزمة حقيقية لدى الطائفة السامرية بسبب هذا النقص الكبير في عدد الإناث في ظل صعوبة الزواج من خارج الطائفة، بالرغم من فتوى الكاهن الأكبر بجواز الزواج من فتيات من خارج الطائفة بشرط اعتناقها ديانة الطائفة، واقتصر ذلك على بعض الحالات، وقد أدت هذه المشكلة إلى انتشار ظاهرة زواج البدل، حيث يحاول الأهل ضمان عروس لابنهم من خلال اشتراط أن تكون لمن يتزوج ابنتهم أخت أو قريبة لتزويجها له، وإن اضطرهم هذا لإعلان خطبة فتيات صغيرات ينتظرن سنوات حتى يكبرن ليتزوجن ممن تمت خطبتهن إليه. وتبقى حالات الزواج خارج دائرة البدل نادرة، ومقتصرة تقريبا على بعض الأسر التي لم تنجب أطفالا ذكور مع غياب احتمالات إجراء مبادلة من قبل أحد المقربين الخال أو العم ببنت الأخت أو الأخ.
وقد أدى هذا النقص في عدد الإناث مقارنة بعدد الذكور إلى حرمان نسبة لا بأس بها من الزواج وبروز بعض المشاكل الاجتماعية.
ثالثا: وجود الطائفة في منطقتين منفصلتين
تعيش الطائفة السامرية في منطقتين منفصلتين، الأولى في نابلس، على قمة جبل جرزيم، والثانية في حولون، الأمر الذي جعل أبناء الطائفة يعيشون في حالة قلق دائم على استمرار التواصل بينهم. من جهة أخرى أحدث هذا الواقع بعض الاختلاف في أسلوبي الحياة والثقافة بين شطري الطائفة، سواء تلك التي تعيش في المجتمع الفلسطيني، أو شقيقتها التي تسكن تحت الحكم الإسرائيلي، وذلك تبعا للاختلاف السياسي والثقافي بين النظامين.
رابعا: ضيق مساحة الأراضي التي تملكها الطائفة
تعاني الطائفة السامرية من نقص في مساحة الأراضي المملوكة لأبناء الطائفة السامرية في مدينة نابلس، الأمر الذي ينذر بأزمة سكنية مستقبلية حادة ستواجه أبناء الطائفة في حال ازدياد عددهم. ويحاول بعض أبناء الطائفة شراء أراضي مجاورة لحيهم لتفادي الأزمات على هذا الصعيد مستقبلا.
خامسا: سرقة أسفار التوراة
بتاريخ 21 آذار 1995م، وقبيل دخول السلطة الوطنية الفلسطينية، أثناء وجود الحكم العسكري الإسرائيلي تعرضت الكنيسة السامرية في مدينة نابلس لعملية سطو أسفرت عن سرقة أسفار من التوراة. وبالرغم من سعي جهات عدة، فلسطينية وإسرائيلية وأردنية لاسترجاعها، إلا أنها ما زالت بيد سارقيها، ولم تكشف حتى الآن ملابسات عملية السرقة، الأمر الذي يؤرق أبناء الطائفة السامرية ويدفعهم لبذل كل الجهود في محاولة لاستعادتها.
سادسا: عدم توفر مشروع صرف صحي في الحي السامري على جبل جرزيم
يمتاز الحي السامري المتربع على قمة جبل جرزيم بالتنظيم، فمبانيه حديثة العهد وتمتاز بالتناسق والترتيب وحسن التوزيع، وهناك شبكة طرق حديثة، وهناك شبكة هاتف تتبع شركة الاتصالات الفلسطينية، وتوفر بلدية نابلس للحي خدمات الكهرباء والماء وجمع النفايات، إلا أن الحي يفتقر إلى شبكة صرف صحي عامة، حيث تصرف المياه العادمة في حفر امتصاصية بجانب البيوت مما يؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة والحشرات في المنطقة، مما يسبب انتشار الأمراض.
سابعا: غياب المنهاج الديني في المدارس
إن غياب المنهاج التعليمي الديني في المدارس السامرية يعكس نفسه سلبا على العملية التعليمة الدينية برمتها، مما دفع بمركز الدراسات السامرية إلى الاندفاع نحو وضع أسس لهذا المنهاج بالتعاون مع بعض الأكاديميين والمحاضرين في جامعة النجاح الوطنية. لكن المشروع لم ير النور بعد وبقي التدريس مقتصرا على الكتاتيب، وهي الصيغة الدارجة منذ سنوات طويلة.
ويتولى عملية التدريس شخصان من أبناء الطائفة، أحدهما يعلم الأطفال اللغة العبرية القديمة "لغة التوراة القديمة"، والآخر يعلمهم المعتقدات والطقوس الدينية.
ثامنا: ترميم المقدسات
تواجه الطائفة السامرية عراقيل تحد من قدرتها على ترميم أماكنها المقدسة على جبل جرزيم، سواء كانت مادية أو عراقيل تضعها دائرة الآثار الإسرائيلية كونها تقع في المنطقة c الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية حسب اتفاقيات أوسلو.
تاسعا: عدم وجود حملة شهادات عليا
تعاني الطائفة السامرية من غياب حملة الشهادات العليا، ويعود السبب في ذلك إلى عدم قدرة أبناء الطائفة على السفر إلى الخارج لأسباب تتعلق بعقائدهم الدينية، وتتوقف عملية التعليم عند حصول السامري على الشهادة الجامعية الأولى، وحديثاً بدأ البعض منهم يحصل على درجة الماجستير بعدما بدأت جامعة النجاح الوطنية تمنح هذه الشهادة.
عاشرا: الحاجز العسكري الإسرائيلي
تضرر السامريون جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، شأنهم شأن باقي الفلسطينيين، فقد أضحت الطائفة السامرية رهينة حاجز عسكري للجيش الإسرائيلي يخنق حركتهم ويضيق حرية دخولهم وخروجهم إلى مدينة نابلس، متنفسهم الوحيد نحو العالم الخارجي، ويحول دون ممارسة أنشطتهم اليومية المعتادة، علما بأن الحاجز يغلق ويفتح في ساعات محددة وبأوامر عسكرية مشددة. ففي الصباح يندفع طلبة المدارس والجامعات للالتحاق بمقاعدهم الدراسية وكذلك التجار الذين يضطرون لإغلاق محلاتهم التجارية في المساء مبكراً للعودة إلى منازلهم قبل إغلاق الجنود لبوابة الحاجز.
من جهة أخرى يحظر على غير أبناء الطائفة السامرية عبور الحاجز دون المرور بإجراءات أمنية معقدة، وقد حال ذلك دون وصول الزوار لجبل جرزيم وتحديداً المجموعات السياحية التي كانت تأتي لزيارة المتحف السامري.
حادي عشر: الحفريات الإسرائيلية في جبل جرزيم:
تجري دائرة الآثار الإسرائيلية منذ عدة سنوات عمليات حفر وتفتيش عن الآثار في منطقة جبل الطور، وقد تمكن اسحق ميجن، خبير الآثار الإسرائيلي الذي يشرف على الحفريات من اكتشاف آثار رومانية وبيزنطية وإسلامية وسامرية.
وتجري هذه الحفريات عادة بالقرب من الأماكن المقدسة السامرية الأمر الذي يثير حفيظة أبناء الطائفة السامرية باعتبارها تلحق الضرر بمقدساتهم في الوقت الذي لا يستطيعون منعها.
- السامريون
- التاريخ السامري
- الديانة السامرية
- الأعياد السامرية
- الأماكن المقدسة عند السامريين
- العادات والمعتقدات السامرية
- اللغة السامرية
- الفلك
- السامريون والديانات الأخرى
- التعليم السامري
- العائلات السامرية
- السامريون والمجتمع المحلي
- مؤسسات الطائفة السامرية
- السامريون وعملية السلام
- عدد أبناء الطائفة السامرية
- المشاكل التي تواجه الطائفة السامرية
السامريون من هم؟
السامريون هم من أصغر وأقدم الطوائف الدينية في العالم في عصرنا الحاضر. عاشت وما زالت تعيش على أرض فلسطين، السامريون يعتبرون أنفسهم السلالة الحقيقية لبني إسرائيل القدماء الأصليين أتباع سيدنا موسى عليه السلام اللذين حافظوا على نقاءهم العرقي، ينسبون أنفسهم إلى ثلاث أسباط من الأثني عشر سبطا التي ينتسب إليها بنو إسرائيل، وهي سبط لاوي من أبناء سيدنا يعقوب، وسبط منسي وأفرايم أبناء سيدنا يوسف عليه السلام، أما باقي الأسباط فهي التي ينتسب إليها اليهود أو أنها اندثرت أو اعتنقت الديانة المسيحية أو الإسلامية.
لذلك يرى السامريون بأنفسهم بأنهم إشعاع القدماء اللذين لم يغادروا الأراضي المقدسة منذ قدومهم إلى أرض فلسطين قبل ثلاثة آلاف وستمائة وستة وأربعين سنة.
أصل التسمية:
يضع السامريون احتمالين لهذه التسمية، الأول أن كلمة سامري جاءت تحريف للكلمة المنطوقة باللغة العبرية "شامر"، التي تعني "الحارس" أو "المحافظ"، أي أن التسمية أطلقت عليهم لحفاظهم على معتقداتهم في فترة انقسام مملكة بني إسرائيل إلى شمالية وجنوبية، فكانوا هم المحافظون على الديانة العبرية القديمة، والذين بقوا أمناء لها من سائر بني إسرائيل، أما الاحتمال الثاني فإن التسمية تعود إلى أحد الأشخاص من بني إسرائيل، الذي كان يدعى سامري اشترى أرضاً واسعاً في منطقة سبسطية فأطلق عليها "السامرة" ونودي سكانها بالسامريين، ويرجح السامريون في الوقت الحاضر سبب تسميتهم إلى الاحتمال الأول.
التاريخ السامري
من الصعب أن تجد كتابات تتحدث عن السامريين، فهي نادرة وغالبا ما تكون باللغة العبرية القديمة "لغة التوراة"، ومكتوبة بخط اليد، القليل منها ترجم إلى اللغة العربية وبخط اليد أيضا، وتأتي هذه الندرة على الرغم من ازدحام التاريخ السامري بالكثير من القصص التي تروي ما تعرضوا له من محن وتحديات كانت تستهدف عقيدتهم وعاداتهم وتقاليدهم، بل وجودهم نفسه.
معظم الكتابات التاريخية السامرية جاءت متأخرة ويعود السبب في ذلك إلى:
أولا: اعتمادهم في تدوين التاريخ على الكاهن الأكبر في كل الأمور الدينية والدنيوية.
ثانيا: اعتقاد قسم كبير من السامريين أن كتابة التاريخ أمر محرم، باعتباره محاكاة للكتب الدينية، والتوراة بشكل خاص.
ثالثا: اعتماد كهنة ورجال الدين السامريين في صيانة التراث والأدبيات السامرية على حفظ الوقائع والمناسبات المتعلقة بالطائفة عن ظهر قلب وعدم تدوينها بالوقت المناسب.
ومع ذلك فقد دوّن السامريون بعض القليل من تاريخهم خلال القرن الثالث قبل الميلاد، مع بداية العصر اليوناني كما تبين من مخطوطات قديمة وقطع أثرية تم اكتشافها في أماكن مختلفة من العالم.
ومن أهم كتب التراث السامري كتاب "التوليد" للكاهن الأكبر للطائفة في مدينة دمشق عبد المعين ابن عمران عام 1149هـ الموافق 1736م. وفيه يتحدث الكاهن عن توالد الأئمة الكبار وأسماء ورؤساء العشائر السامرية. وقد تمت إعادة كتابته من جديد عام 1346هـ الموافق 1933م، بعد أن أضيفت إليه بعض الحوادث والقصص والمناسبات التي كانت محفوظة في صدور الأئمة.
أما الكتاب الثاني فهو "سفر الأيام" للكاتب السامري أبو الحسن ابن غزال الصوري الذي كتبه في القرن الرابع عشر الميلادي وتناول فيه تاريخ السامريين حتى ولاية هارون الرشيد في زمن الدولة العباسية.
والكتاب الثالث عبارة عن مدونة مسهبة للتاريخ السامري، تم وضعه في القرن التاسع عشر الميلادي من قبل مجموعة من العلماء السامريين، هم: الكاهن خضر بن اسحق، والشيخ فرحان أسعد السراوي، والشيخ أفرا يم سلامة، والشيخ إبراهيم صدقة الصباحي، وقد تمت ترجمته من اللغة العبرية القديمة إلى اللغة الفرنسية.
لمحة موجزة عن التاريخ السامري:
يعتبر السامريون أن تاريخهم قد بدأ منذ بداية الخلق بسيدنا آدم عليه السلام، ويعتبرون سيدنا نوح عليه السلام جدهم العاشر، وسيدنا إبراهيم جدهم العشرين، وصولا إلى سيدنا موسى بن عمران عليه السلام الذي بعثه الله ليحررهم من عبودية فرعون، فقادهم إلى الأراضي المقدسة عام 1798 قبل الميلاد، ليدخلوها بقيادة يهوشع بن نون عام 1638 قبل الميلاد.
وتقول الرواية السامرية أن يهوشع بن نون قام، برفقه العازار بن هارون الكاهن الأعظم، بنصب خيمة الاجتماع على قمة جبل جرزيم، "الجبل الجنوبي لمدينة نابلس" "شكيم"، وذلك بعد ست سنوات من دخول بني إسرائيل الأراضي الكنعانية (المقدسة). وظلت الخيمة على هذا الجبل المقدس مكرسة لكهانة نسل هارون بالوراثة؛ فكهن فيها العازار بن هارون، وابنه فينحاس، وابيشع، وشيشي.
ظل بنو إسرائيل شعباً واحدا،ً بقيادة دينية وسياسية موحدة لأكثر من 260عاماً، يسمونها "سنوات الرضى". ولما آلت خلافة الكاهن الأكبر بعد بقي إلى ولده عزي الذي كان عند موت أبيه في سن الثالثة والعشرين، أي دون سن الثلاثين التي كان تجاوزها شرطا من شروط استلام هذا المنصب الكهنوتي الرفيع بدأت القلاقل التي مهدت لانقسام الشعب. في ذلك الوقت كان الكاهن عاليه، من نسل ايتامار، أخ فينحاس بن هارون، وكيلا على العشور والذبائح والتقدمات، بإشراف وتحت مناظرة الكاهن الأعظم على المذبح، وكانت رئاسة الكهنوت الأعظم منوطة بنسل فينحاس بن هارون، ولما كان عزي الوارث الشرعي قاصراً، طمحت نفس عالي، الوكيل على الذبائح والتقدمات والعشور، إلى رئاسة الكهنوت نظراً لتقدمه في السن وصغر سن عزي. ورفض عالي أن يكون خاضعاً لعزي الذي لم يكن قد استوفى شرط السن، فقال لبطانته وحاشيته: "لست أطيق ذلك على نفسي، فاطلب إليكم أن لا تخضعوا له"، واخذ يستميلهم ويحرضهم على العصيان حتى اجتمع إليه عدد كبير عاهدوه على أن ينقادوا إليه ويأتمروا بأمره وأقسموا له يمين الطاعة والولاء.
وذات يوم قدم عالي على المذبح تقدمة دقيق ونسي أن يضع ملحاً، فوبخه عزي على إهماله فاغتاظ قوم عالي وانتصروا له ونشأ خصام امتد لهيبه واتسع ليشطر بني إسرائيل إلى جماعتين. فانحاز إلى عزي الكاهن من أهل شكيم وجوارها عشرة أسباط، فيما ناصر سبطا يهودا وبنيامين عالي بن يفني.
على أثر هذا الخلاف والخصام، هجر عالي وقومه جبل جرزيم، وذهبوا للإقامة في منطقة تدعى "شيلوه" (جنوب مدينة نابلس في المنطقة المقامة عليها اليوم مستوطنتا عاليه وشيلو)، وبقي عزي في الخيمة في جرزيم.
اخذ عالي يبث دعوته بين بني إسرائيل داعياً إياهم أن يأتوا إلى شيلوه لمشاهدة المعجزات والآيات التي تجري هناك، وكان عالي قد أخذ معه عشرة أدراج من التوراة مكتوبة بخط جده ايتامار الكاهن والتي لم يحدث عليها أي تغيير. ولكنه صنع صندوقاً غشاه بالذهب كتابوت العهد وادعى انه التابوت الحقيقي. ولم يغير عالي شيئاً من شريعة موسى، لكنه بدل مكانها المختار، فبنى بجوار مكان إقامته معبداً وادعى أنه الهيكل المقدس.
على اثر هذا الخلاف الديني بين عزي وابن عموميته عالي على خلفية الكهنوت الأعظم، وانفصال عالي وجماعته واستبداله الجبل المقدس جرزيم بشيلوه، أخذ السامريون بالاعتقاد بأن رب العالمين غضب على بني إسرائيل فأخفى عنهم خيمة الاجتماع الموجودة على جبل جرزيم.
على الرغم من الانقسام الديني للمملكة العبرية، لكنها بقيت موحدة سياسياً في ذلك الوقت، حيث بقي الكاهن الأكبر على جبل جرزيم وبقي الملك "ملك بني إسرائيل" يأتي إلى شكيم ويقف أمام مكان يسمى العمود "نقشت عليه مراسم تنصيب الملك من قبل الكاهن الأكبر" ليمنح مباركة الكاهن والإذن بممارسة السلطة، إلى أن جاء "الملك داود" لينصب ملكاً، وليباركه الكاهن الأكبر ثم يعود إلى سبطه يهوذا الذي ينتسب إليه ليختار مكاناً محصناً في منطقة يبوس، التي كانت تدعى عند اليبوسيين "يابيس" وعند اليهود "إيليا"، فأطلق عليها داود "أورشليم"، ويعتمده مركزا دينيا للمملكة، ولكنه لم يتشدد بالأمر خوفاً من انقسام المملكة. ولكن الرواية السامرية حول الأمر تقضي بأن الكاهن الأكبر استدعى الملك داود؛ وأثناء نومه على جبل جرزيم جاءه ملاك الله وقال له: " يا داود أنا الرب المعبود وهنا مكان السجود" فخاف وعدل عن فكرة بناء الهيكل في أورشليم.
وحين جاء سليمان ( 923 ق.م) إلى جرزيم بعد موت أبيه داوود لينصب ملكاً ويحظى بمباركة الكاهن الأكبر، عاد بعدها إلى أورشليم وبنى الهيكل هناك، وأقام لنفسه عرشاً بداخله على إثني عشر تمثالا من الأحجار الكريمة، ودعا قومه، بدوافع سياسية، إلى الاستنكاف عن الاعتراف بجبل جرزيم مكانا للقداسة، مخالفا بذلك تعاليم التوراة التي تحرم إقامة الهيكل خارج نطاق جبل جرزيم المقدس.
يقول السامريون: بعد وفاة الملك سليمان تولى الحكم ولده رحبعام الملك الذي جاء إلى شكيم ليحصل على إذن ومباركة الكاهن أمام العمود. ولما رفض الملك رحبعام إلغاء الضرائب التي كان قد فرضها والده الملك سليمان لتمويل بناء هيكله في القدس، أو حتى تخفيضها على السكان الشماليين من المملكة العبرية اشترط أهل الشمال مبايعته بتلبية مطالبهم بإلغاء أو تخفيض الضرائب. فعاد إلى أورشليم ليستشير مجلس الشيوخ الذي بدوره وافق على مطالب أهل الشمال، ومجلس الشباب الذي أشار عليه عكس ذلك، فعاد رحبعام من جديد إلى شكيم وقال لأهل الشمال: "أبي أدبكم بالسياط وأنا أؤدبكم بالعقاب". عندها رفض أهل الشمال مبايعته ونصّبوا يربعام ملكاً عليهم، فانقسمت الدولة العبرية إلى مملكتين، المملكة الجنوبية، (مملكة يهودا) التي اتخذت من أورشليم (القدس) عاصمة لها وتمتد من سنجل شمالا حتى حبرون (الخليل) جنوبا، والمملكة الشمالية (مملكة إسرائيل "السامرة") وعاصمتها سبسطية؛ وتمتد إلى الشمال من سنجل. وأصبحت المملكتان متنافستين وأحيانا متعاديتين، وكان لكل منهما أيام ازدهار وأيام انحطاط، وكان ميزان القوى يميل تارة لمصلحة إسرائيل، وأخرى إلى جانب يهودا.
وسرعان ما انقسمت مملكة الشمال إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أتباع سبط لاوي وأفرايم ومنسي ومركزهم جرزيم، حيث حافظوا على أحكام التوراة وأطلقوا على أنفسهم "شامريم" أي المحافظين، ثم حرفت التسمية فأصبحت سامريين.
الثاني: سكنوا فرعته وعبدوا الأوثان فقضى عليهم السامريون.
والثالث: أتباع "يربعام" ومركزهم سبسطية، وقد عبدوا العجل وحاربهم السامريون وقضوا عليهم.
ولم يعين السامريون ملكا عليهم واستكفوا بوجود الكاهن الأكبر.
وجاء الانشقاق الثالث والأخير بين السامريين واليهود، عندما دمر يوحنان هركانوس المكابي هيكل السامريين على قمة جبل جرزيم في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، في عهد المكابيين، في سنة 128 ق.م.
بعد انقسام الدولة العبرية إلى مملكتين، المملكة الجنوبية، والمملكة الشمالية، توالت الحروب بين المملكتين، الى أن زحف نبوخذ نصر بجيوشه وأحتل بلاد الشام وقضى على المملكتين الجنوبية والشمالية وسباهم إلى منطقة حيران في العراق "باستثناء الكهنة وعدد قليل منهم". حيث بقي أهل المملكتين، من سامريين ويهود في السبي سبعين عاماً، ولعدم تمكن الجماعات السكانية الجديدة التي أسكنها الأشوريون في المنطقة من التأقلم فيها أعاد الملك آشور بعض السامريين من السبي.
في عهد الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية تم تدمير بيوت أبناء المملكتين وسبي وقتل أعداد كبيرة منهم مما أدى إلى تناقص عددهم بشكل ملحوظ.
وفي العهد الإسلامي عاش السامريون، كما يؤكدون، في أمن واستقرار وهدوء، حيث كانوا يعيشون في تلك الفترة على شكل قبائل في القرى والمدن المحيطة بنابلس، ومن هذه القبائل قبيلة زهر، وعمران، وزيت، ويهوشع وإبراهيم النور، وإسرائيل، ويوسف، وآل بكر، وياسر بن نون، وحكم، ويردن شريان. وتفيد كتب السامريين ومخطوطاتهم انه لدى انتشار الإسلام في الجزيرة العربية، توجه وفد سامري برئاسة احد حكمائهم ويدعى"صرمصا" إلى النبي محمد عليه السلام، من اجل الحصول على كتاب خطي لضمان أمن السامريين وحمايتهم، فكان له ما أراد، حيث أمر الرسول علي بن أبي طالب بأن يكتب للسامريين عهداً جاء فيه: "إنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أمرت بأن يكتب للسامرة أماناً وذماماً على أنفسهم وعلى ديارهم، وأموالهم، وبيوت عبادتهم، وأوقافهم في كل بلادهم، وان يسري فيهم وفي ذمم أهل فلسطين بالسيرة الحسنة".
ومع بداية حكم هارون الرشيد، وحسب ما يروي السامريون أعتنق معظم السامريين الإسلام، وبعضهم اعتنق المسيحية، وبعضهم هاجر من المنطقة مما أدى إلى تناقص عددهم.
أما في عهد الأتراك فإن السامريين يصفونه بالمرحلة الصعبة، حيث عمل الأتراك على تجنيد رجالهم لصالح الجيش التركي، الأمر الذي أدى إلى مقتل عدد كبير من شبابهم، حتى بلغ عددهم في سنة 1917م حسب مصادرهم 160 نسمة.
وفي عهد الانتداب البريطاني تحسنت أحوال الطائفة بعض الشيء، وزاد تحسنها في عهد الحكم الأردني، حيث أعطيت لهم حرية العبادة وتحسنت أحوالهم المعيشية. وفي أعقاب حرب عام 1967م عرضت عليهم الحكومة الإسرائيلية نقلهم إلى منطقة حولون فرفضوا ذلك وأصروا على البقاء بالقرب من أماكنهم المقدسة في جرزيم .
أ- أركان الديانة السامرية
ترتكز الديانة السامري على خمسة أركان أساسية هي:
أولا: وحدانية الله الواحد الأحد.
ثانيا: نبوة موسى بن عمران كليم الله ورسوله.
ثالثا: التوراة "الأسفار الخمسة الأولى من التوراة/ أسفار موسى"، وهي:
1- سفر التكوين: الذي يتحدث عن خلق العالم، وعن سيدنا آدم وحواء والأنبياء الصالحين، أمثال سيدنا نوح، وإبراهيم، ويعقوب، ويوسف وإخوانه.
2- سفر الخروج: يتحدث عن مولد سيدنا موسى ومعجزاته، وعن أخيه هارون، ونزول الوصايا العشر، والأحكام والشرائع، والحرام والحلال، وعن الهيكل وبنائه الذي يحتوي تابوت العهد، ولباس الكهنة، والمذبح والشعلة التي تنيره.
3- سفر اللاويين: يتحدث عن عائلة الكهنة وتراتبيتهم وواجباتهم والأحكام الخاصة بهم.
4- سفر العدد: يتحدث عن تيه بني إسرائيل في سيناء، وعن الحروب التي خاضوها.
5- سفر تثنية الاشتراع: وهو عبارة عن ملخص للأسفار الأربعة السابقة، بالإضافة إلى خطبة الوداع التي ألقاها سيدنا موسى على قومه، ومباركته بني إسرائيل قبيل وفاته.
رابعا: قدسية جبل جرزيم، قبلة السامريين ومأوى أفئدتهم.
خامسا: الإيمان باليوم الآخر باعتباره يوم الحساب والعقاب، وبالتالي الاعتقاد بوجود الملائكة والجنة والنار.
وكل سامري لا يؤمن بالأركان الخمسة هذه، إيماناً أكيداً ثابتاً وراسخاً غير قابل للشك لا يعتبر سامرياً.
يملك السامريون، حسب اعتقادهم أقدم نسخة مخطوطة للتوراة في العالم، ويعود تاريخها إلى عام 1615 قبل الميلاد، وكاتبها هو ابيشع بن فينحاس بن العازار بن هارون، شقيق موسى عليه السلام. وقد كتبت بعد دخول بني إسرائيل الأراضي المقدسة بثلاث عشرة سنة، وهي مكتوبة باللغة العبرية القديمة. والتوراة السامرية تختلف عن التوراة اليهودية بسبعة ألاف خلاف تتعلق بالكلمات والآيات والسور. وبين دفتي التوراة يجد الإنسان، حسب الاعتقاد السامري، كل ما يحتاجه في هذا الوجود.
ب- شريعة السامريين:
تتركز الشريعة السامرية على الوصايا العشر التي نزلت على سيدنا موسى يوم خاطبه المولى على جبل الطور في سيناء، ويرى السامريون أن ذلك حدث في يوم وسط فصل الصيف، تميز بوجود صواعق، ورعود، وغمام، وضباب، وظلام، ثم اشتعال الجبل بالنار ولمعانه بالنور، وامتداد السنة النار من الجبل إلى عنان السماء، واهتزاز الجبل وارتعاده.
في ذلك اليوم، كما يعتقد السامريون خاطب الله سيدنا موسى الذي كان يردد وصاياه العشر، والتي وردت في التوراة السامرية وهي:
1-لا يكن لك آلهة أخرى أمامي.
2- لا تحلف باسم الله كذبا.
3- إحفظ يوم السبت لتقدسه.
4- احترم أباك وأمك لتطول أيام حياتك.
5- لا تقتل.
6- لا تزني.
7- لا تسرق.
8- لا تشهد الزور.
9- لا تشتهي زوجة قريبك ولا بيت صاحبك .
10- إحفظ قدسية جبل جرزيم الأبدية المطلقة.
ت- فرائض الديانة السامرية "طقوسهم":
يبلغ عدد الفرائض الموجودة في التوراة السامرية 613 صلاة، منها 365 نواهي و 248 أوامر.
الصلاة:
الصلاة عند السامريين هي للتقرب من الله، وهي عبارة عن تأمل وتشفع وابتهال وتضرع، وتقوم مقام القرابين التي كانت تقدم في الهيكل.
السامريون يصلون يومياً صباحاً عند الفجر ومساءاً عند الغروب، وتتخلل كل منها سبع ركعات، (صلوات السامريين ركوع وسجود).
ولقدسية يوم السبت هناك سبع صلوات، يؤديها السامريون في الكنيس السامري، يؤمهم أحد الكهنة، ولا يجوز للسامري أن يزاول أي عمل يوم السبت مهما كان نوعه، سوى تحضير الطعام البارد.
ويسبق الصلاة الوضوء بغسل الأعضاء المكشوفة، ثلاثا لكل منها، مع قراءة آيات مخصصة من التوراة، على كل عضو تدل على نوعية حركته.
الصلاة
للصلاة نوعان من الشروط :
أولا : شروط الوجوب:
1- إدراك ماهية دعوة الرسول موسى عليه السلام .
2- أن يكون سامريا إسرائيليا؛ أي من بني إسرائيل، أي من نسل يعقوب.
3- أن يكون عاقلا .
4- أن يتجاوز سن البلوغ .
5- أن تكون نسخة من التوراة حاضرة.
6- أن تكون حواسه سليمة .
7- وأن يكون نقيا من النجاسة.
ثانيا : شروط الصحة :
1- طهارة البدن من المنجسات والأمراض.
2- طهارة الثياب.
3- طهارة المكان.
4- ستر العورة.
5- استقبال القبلة.
6- وجود إمام لاوي (من نسل لاوي، أحد أبناء يعقوب).
7- تأدية الصلاة في ميقاتها.
فرائض الصلاة عشر وهي:
ا- النية.
2- التهليل والتكبير.
3- السجود مع قراءة الفاتحة.
4- قراءة الفصل الأول من التوراة.
5- القيام وقراءة ما تيسر من آيات التوراة.
6- السجود ثلاثا مع قراءة آيات صحيحة من التوراة من أول التوراة في أول الأسبوع حتى نهاية التوراة مع نهاية الأسبوع.
7- القيام لسماع تسبيح الإمام وإعلانه عما يستجد من الحوادث الدينية.
8- السجود بالابتهال.
9- التسليم على الأنبياء.
10- انتهاء الصلاة ووجوب سماع تسليم الإمام.
صلوات السبت :
وهي سبع صلوات، وذلك لأن السبت هو اليوم السابع من الأسبوع، ففي ليلة السبت هناك صلاتان اثنتان، في صبيحة يوم السبت صلاتان اثنتان؛ الأولى في الكنيس والثانية في البيت وتتخلل هذه الصلاة قراءة فصل من التوراة. وأما ظهر السبت فهناك أيضا صلاتان، فيما يكتفي السامري مساء السبت بصلاة واحدة.
واجبات الصلاة سبعة، وهي:
صفاء النية، وصفاء الضمير القلب، وانتصاب القامة، والتقريب بين القدمين، وبسط الكفين، والتوجه إلى القبلة، وإتباع الإمام.
ويلبس السامريون اللباس الأبيض أثناء الصلاة ليقوم مقام الطيلسان، ويدل ذلك على مساواة الغني والفقير أمام الله، وصفاء القلب كصفاء اللباس.
وهناك وضوء قبل الصلاة يشمل غسل السبيلين، ثم غسل كل عضو ظاهر ثلاث مرات، مع قراءة آيات مخصصة من التوراة على كل عضو تدل على نوع حركته.
ما يكره عمله في الكنيس:
1- اتخاذها طريقا لقضاء حاجة.
2- النوم والأكل فيها.
3- رفع الصوت بالكلام على صوت الإمام.
4- توقيع العقود كالبيع والشراء.
5- نقش الصور والأشكال على الجدران.
6- إدخال أي شيء نجس أو منجس.
7- البصق.
8- إدخال المجانين.
9- الكتابة على الجدران.
10-السؤال والاستجداء.
الصلوات المعفية من السجود أو الوضوء:
1- صلاة الخسوف والكسوف.
2- صلاة الاستسقاء.
3- صلاة الختان.
4- الصلاة على الميت.
والصلاة مفروضة على الرجال دون النساء.
الصيام:
يصوم السامريون يوماً واحداً في السنة، هو يوم الغفران ولمدة 26 ساعة. والصوم مفروض على الجميع، كباراً وصغاراً بما في ذلك الأطفال. ويسمح للطفل الرضيع تناول حليب أمه الصائمة فقط، فهناك قاعدة عند السامريين تقول: "كل نفس لا تصوم في هذا اليوم تموت".
ويكون الصيام عن كل شيء ابتداء من الأكل والشرب ومرورا بالأعمال المنزلية والعمل والدراسة، ولا يمكن حتى مشاهدة التلفاز، أو القيام بأي نشاطات دنيوية، ويكرس يوم الصوم للصلاة التي تكون عبارة عن ركوع وسجود تتخللها تراتيل دينية باللغة العبرية.
الزكاة:
الزكاة مفروضة على جميع السامريين باستثناء الكهنة منهم، حيث كانت تدفع لهم، والآن يتم استغلالها لإنجاز المشاريع العامة لأبناء الطائفة.
الحج:
يحج السامري ثلاث مرات في السنة هي: حج الفطير، وحج الأسابيع، وحج المظال "العرش". وينعقد الحج عادة وإلزاما على جبل جرزيم، حيث الأماكن المقدسة للسامريين، خاصة هيكل سيدنا موسى، الذي بناه في سيناء ونقله، حسب الرواية السامرية يهوشع بن نون إلى جبل جرزيم، وكذلك مذبح سيدنا اسحق، حيث نوى سيدنا إبراهيم التضحية بابنه اسحق (إسماعيل، حسب الرواية الإسلامية) فدية لله تعالى، الذي افتداه إلهه بكبش.
الأعياد السامرية
لا يوجد للسامرين أعياد وطنية أو قومية فجميع أعيادهم دينية يبلغ عددها سبعة أعياد حسب ما نصت عليه ديانتهم "العهد القديم". وتأتي هذه الأعياد خلال فصلي الربيع والصيف، وتقع ما بين شهر نيسان/ ابريل الذي يعتبر الشهر الأول في التقويم العبري والثاني والعشرين من الشهر السابع الذي يصادف تشرين الأول/اكتوبر. ويستهلون أشهرهم ويعرفون أعيادهم بواسطة حساب قمري خاص بهم يبدأ من عهد ادم إلى هذا اليوم، وهو متوارث بين الكهنة فقط، وأعيادهم هي:
لا يوجد للسامرين أعياد وطنية أو قومية فجميع أعيادهم دينية يبلغ عددها سبعة أعياد حسب ما نصت عليه ديانتهم "العهد القديم". وتأتي هذه الأعياد خلال فصلي الربيع والصيف، وتقع ما بين شهر نيسان/ ابريل الذي يعتبر الشهر الأول في التقويم العبري والثاني والعشرين من الشهر السابع الذي يصادف تشرين الأول/اكتوبر. ويستهلون أشهرهم ويعرفون أعيادهم بواسطة حساب قمري خاص بهم يبدأ من عهد ادم إلى هذا اليوم، وهو متوارث بين الكهنة فقط، وأعيادهم هي:
1-عيد الفسح:
يأتي في اليوم الربع عشر من الشهر العبري الأول، وهو ذكرى خروج بني إسرائيل من مصر وتحررهم من عبودية فرعون برفقة سيدنا موسى، وتقدم القرابين شكرا لله الذي خلصهم من فرعون، ويقوم السامريون بتنظيم طقوس العيد حسب ما ورد في التوراة، حيث يقدمون القرابين لله تعالى كما قدمها آباءهم وثيابهم محزومة ونعالهم بأرجلهم وعصيهم بأيديهم كرمز للحرية، ويقوم كل بيت سامري بتقديم خروفاً، وإذا لم يستطيع فيشترك مع أحد أخوته أو جيرانه بشرط أن لا تكون الذبيحة مريضة أو مشوهة، ويتم ذلك على قمة جبل جرزيم، وبعد انتهاء الكاهن الأكبر من الصلاة يتوجه إلى مكان مرتفع وهو يتلو صورة من التوراة تنص على أمر الذبح، وتذبح الخراف في لحظة واحدة، ثم يتم تنظيفها وتمليحها ونصبها على عمود، ثم يتم إنزالها في حفرة تشتعل فيها النار ويغلق عليها. وإذا اكتشف أن الذبيحة غير مطابقة للمواصفات فيتم التخلص منها، ثم يتم إخراج الخراف المشوية بعد ثلاث ساعات لتؤكل بسرعة مع الفطير وعشبة المرارة "مرة الطعم" لتذكرهم بالحياة المرة التي عاشوها في مصر.
2- عيد الفطير:
يصادف هذا العيد اليوم التالي من عيد الفسح، وذلك بعد تقديم القرابين لله تعالى، وفي هذا العيد يمتنع السامريون عن تناول أي نوع من الطعام المختمر لمدة سبعة أيام إحياء لذكرى خروج بني إسرائيل من مصر قبل أن يخبزوا عجينهم، فحملوه معهم وخبزوه فطيراً.
3- عيد الصوم، "عيد الغفران":
يصادف اليوم العاشر من الشهر السابع، وفيه يصوم السامريون صغاراً وكباراً عن جميع المأكولات والمشروبات لمدة 26 ساعة، ابتداء من الساعة الثالثة والنصف من بعد الظهر وحتى الساعة الخامسة والنصف عند غروب اليوم التالي، ليكرسوا وقتهم أثناء ذلك للعبادة.
4- عيد السبع أسابيع، "عيد باكورة المزروعات" أو "عيد الحصاد":
وهو ذكرى نزول التوراة، حيث كان في اليوم السادس والأربعين من الأيام الخمسين المفروض عددها على بني إسرائيل، وقد فرض اليوم الخمسون عيداً احتفالاً بذلك، وقد سمي عيد "الأسابيع" لأنه جاء بعد سبعة أسابيع كاملة، ويسمى هذا العيد أيضا عيد "باكورة المزروعات"، وله اسم ثالث هو عيد "الحصيد".
5- عيد رأس السنة العبرية:
يعتبر هذا اليوم بداية السنة العبرية الجديدة، ويصادف الأول من الشهر السابع العبري.
6- عيد العُرش، "المظلة":
هو ذكرى تيه بني إسرائيل في برية سيناء، ويرمز هذا العيد إلى خمسة أمور :
1- ذكرى سكن بني إسرائيل في المدينة المصرية العريش، وقد كانوا يسكنون هناك في العرائش .
2- ذكرى عمودي النور والضباب اللذين كانا يظللان بني إسرائيل في البرية ليلا ونهارا على التوالي.
3- أداة للتسبيح للخالق على مخلوقاته الكثيرة المنوعة الحجم والألوان .
4- أداة غير مباشرة لتعليم الأطفال شؤون دينهم وتجليات قدرة خالقهم، ولماذا يقام العرش، وكل ذلك نتيجة سؤالهم"ما هذا ؟ ولماذا هذا اخضر أو احمر ؟ وما القصد من ذلك ؟" فالأطفال يسألون ويتلقون الإجابات وبهذا تتم العملية التربوية التعليمية .
وفي أيام عيد العُرش يقوم كل سامري بنصب مظلة داخل بيته مكونة من النخيل وأغصان الغار والحمضيات، ويستمر هذا العيد سبعة أيام يحج خلالها السامريون إلى القلعة الموجودة على جبل جرزيم ويزورون المذبح حيث يؤدون الصلاة مع الكاهن.
7- خاتم الأعياد:
يأتي في اليوم الأخير من عيد العرش، ويبارك فيه الكاهن الأكبر أفراد العائلة، ويشكرهم على القيام بواجبهم في الأعياد، وتقام شعائر في الكنيسة يتم فيها إخراج التوراة القديمة التي يزيد عمرها عن 3000 سنة ليبارك المصلين والشعب، ويسمى عيد "فرحة التوراة" أو "ختامة التوراة". ويعتقد السامريون أن أجمل ما يميزهم هو طبيعة أعيادهم وتطبيقهم لها نصاً وروحاً كما وردت في التوراة/ "العهد القديم".
الأماكن المقدسة عند السامريين
جبل جرزيم
الإحداثيات الجغرافية:
جبل جرزيم هو الجبل الجنوبي لمدينة نابلس "شكيم". هذه المدينة التي تقع بين جبلين، الجبل الجنوبي جبل جرزيم الذي يرتفع عن سطح البحر 885 متراً والجبل الشمالي، جبل عيبال الذي يرتفع عن سطح البحر 940 متراً. جبل جرزيم المقدس عند السامريين يحمل اسماً آخر هو جبل الطور، تيمنا بجبل طور سيناء، الذي أنزل الله فيه على سيدنا موسى الوصايا العشر.
يقع جبل جرزيم في منتصف المسافة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الميت. وإلى الشرق من هذا الجبل الذي يقدسه السامريون يقع سهل روجيب.
ولكي يتم تحديد مكان هذا الجبل المقدس والجبل المقابل عيبال، اللذين يحتضنا شكيم "نابلس" جاء في الشريعة سبعة شواهد، قوله: "أما هما في عبر الأردن، وراء طريق غروب الشمس، في أرض الكنعانيين الساكنين في العربة مقابل الجلجال، بجانب بلوطات موره، أمام شكيم". (تثنية إصحاح 11 آية 30)
الموقع الفلكي:
السامريون يملكون حساباً فلكياً يُعرف بحساب الحق "خشبان قشطة"، وهو حساب فلكي قمري متوارث منذ سيدنا آدم وحتى يومنا هذا عبر تسلسل تاريخي (161 سلالة). علماء الفلك السامريون يعرفون أن الحساب الفلكي هذا يجب أن تتخذ قاعدته وانطلاقته من خط عرض جبل جرزيم، لأن هذا الجبل يقع، حسب اعتقادهم، في مركز الأرض المقدسة، ونواة جنة عدن، وضبط هذا الحساب لا يتم إلا من موقعه هذا، وبواسطته يستطيعون أن يتحكموا برؤوس الشهور، بالكسوف والخسوف، بتحديد الأعياد، وعلم الأبراج الفلكية وغيرها. والسنة العبرية مكونة من أثني عشر شهراً قمرياً، وهناك سبع سنوات كبيسة قوام كل منها ثلاثة عشر شهراً. وبناء على حسابات السامريين الفلكية فإن التاريخ السامري بدأ بدخول شعب بني إسرائيلي إلى الأراضي المقدسة عام 1639 قبل ميلاد السيد المسيح.
المكانة التاريخية:
يقول السامريون بأن الله خلق سيدنا آدم من تراب جبل جرزيم المقدس. وكان هذا قبل 6445 سنة، أي عام 4435 ق.م. ومن هنا جاءت قدسية الإنسان. وحسب اعتقاد السامريين فان المكان الذي أنزل الله عليه آدم من الجنة بعدما عصى أوامر ربه يقع إلى الشرق من بلاد ما بين النهرين، حيث بدأ من هناك التكاثر البشري.
في عهد الصديق "فالج"، وترتيبه الخامس عشر بين الصديقين، تم بناء برج بابل. واسم "بابل" يعني، حسب الاعتقاد السامري، أن الله بلبل ألسنة البشر (لغاتهم)، وفرّق شمل تجمعهم السكاني في أقاليم الأرض.
وحسب الرواية السامرية فإن سيدنا إبراهيم، والذي يحتل المكان العشرين بين الازكياء والصديقين، وصل الأراضي الكنعانية "الأراضي المقدسة" ابتداء من مدينة شكيم، وهناك صعد إلى جبل جرزيم وبنى أول مذبح عليه بعد أن أرشده المولى إلى هذا المكان: "واجتاز أبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة موره".... ثم نقل من هناك إلى الجبل شرقي بيت ايل "جرزيم" .... فبنى هناك مذبحاً للرب ودعا باسم الرب". ( تكوين إصحاح 12 آية6-9)
أما رؤيا ذبح الابن التي وقعت لسيدنا إبراهيم، والتي يعتقد اليهود حدوثها في القدس، ويعتقد المسلمون أنها حدثت في مكة، فان السامريين يقولون أنها وقعت على في "موريا"، في محيط شكيم: "وحدث أن امتحن الله إبراهيم قائلا: خذ ابنك، وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض الموريا، وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك" ( تكوين إصحاح 22: الآية 2).
ولما نزح سيدنا يعقوب تاركا أبويه، هاربا من أخيه عيسو، ومتوجها إلى خاله لابان الآرامي، أثناء ترحاله هذا، وبينما هو نائم على جبل جرزيم، رأى في حلمه سلما قاعدته على الأرض ونهايته في السماء، وهنا قال: " ما أرهب هذا المكان ! ما هذا إلا بيت الله، وهذا باب السماء !". ( تكوين إصحاح 28 آية 17)
وعندما رجع سيدنا يعقوب من عند خاله لابان، وكان يسكن في حرّان شمال سوريا، بعد غياب دام ثلاثين سنة قضى منها عشرين سنة عند خاله لابان، وعشر سنوات في مكان قرب نهر الموجب في الأردن، اسماه "سكوت"، بنى مذبحاً على جبل جرزيم، كما وعد رب العالمين: " فأتى يعقوب إلى لوزه، التي في أرض كنعان، " وهي بيت إيل" هو وجميع القوم الذين معه، وبنى هناك مذبحاً، ودعي المكان "بيت إيل".
وتقول الرواية السامرية أنه عندما وصل شعب بني إسرائيل إلى شكيم (نابلس) بقيادة يهوشع بن نون، صعد إلى جبل جرزيم وبنى هيكل سيدنا موسى على قمته، وبعد 260 سنة حدث أول خلاف على قمة هذا الجبل على خلفية الكهنوت الأعظم، وعلى اثر هذا الخلاف اختفى هذا الهيكل عن الوجود. وقد سميت السنوات التي سبقت اختفاء الهيكل "سنوات الرضى" لوجود الهيكل بينهم. ولما تولى الحكم الملك (سيدنا) سليمان وقام ببناء هيكله في القدس، دب الخلاف بين أهل الجنوب المتمثلين بسبط يهودا ومعهم سبط بنياميم (بنيامين)، وأهل الشمال برئاسة سبط افرايم وحلفائهم من الأسباط التسعة الأخرى. ولما تولى الحكم رحبعام ابن سليمان انقسمت دولة العبرانيين إلى مملكتين؛ جنوبية وشمالية. وكان هذا قبل 3150 سنة، ومنذ ذلك التاريخ نشب عداء، مستمر حتى يومنا هذا بين السامريين واليهود تخللته حروب طاحنة بين الطائفتين، وذلك فضلا عن الحروب التي جرت بين السامريين وكل من الأشوريين والبابليين والفرس واليونانيين والبيزنطيين، فقتل من السامريين أعداد كبيرة، ومنع السامريين في عهدهم 150 سنة من الصعود إلى قمة الجبل وحرموا من إقامة شعائرهم الدينية. ولما جاء عهد القائد صلاح الدين الأيوبي الذي ساعده السامريون أثناء حملته ضد الصليبيين، حينئذ حصل السامريون منه على عهد بإقامة الشعائر الدينية، وخاصة عيد الفسح. واستمر هذا العهد نافذا حتى إبان عهد الدولة العثمانية والعهود التي تلتها.
المكانة الدينية:
1- جبل البركة
جبل جرزيم المقدس؛ يردد السامريون اسمه في صلواتهم أيا كانت أوقاتها، وبنغمة موسيقية واحدة: "جبل جرزيم كل أيام حياتنا". وهذا الجبل هو الركن الرابع من أركان الدين السامري الخمس: "اله واحد، نبوة موسى، الشريعة المقدسة، قدسية جبل جرزيم، واليوم الآخر (يوم الدين)".
جبل جرزيم بالنسبة للسامريين هو أقدس بقعة دينية في العالم، ومعنى جرزيم بالعبرية جبل الفرائض، أي المكان الذي يجب أن تقدم عليه القرابين والذبائح والمحرقات والعشور إلى رب العالمين، والذي اختاره المولى كما جاء في الشريعة: " في المكان الذي اختاره الرب إلهكم ليحل اسمه فيه". (سفر التثنية إصحاح 12 آية 11).
المكان الوحيد في العالم الذي ميّزته الشريعة بالقول: "فاجعل البركة على جبل جرزيم". (تثنية، إصحاح 11 آية 29).
2. قدسيته في الشريعة:
جبل جرزيم الذي ذكرته الشريعة المقدسة ثلاث عشرة مرة، وكل اسم من هذه الأسماء له ميزته الخاصة وصفته العظيمة :
1. بيت الله : "ما هذا إلا بيت الله". ( تكوين، اصحاح28 آية 17)
2. باب السماء: "هذا باب السماء" ( تكوين، إصحاح 28 آية 17)
3. بيت إيل: "ودعي اسم المكان بيت إيل" ( تكوين، إصحاح 28 الآية 19
4. لوزه: "ولكن اسم المدينة كان أولا لوزة". ( تكوين، اصحاح28 آية 19)
5. أخص الجبال: "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق واذهب إلى أرض الموريا واصعده هناك محرقة على أخص الجبال الذي أقوله". (تكوين، إصحاح 22 الآية2)
6. الله ينظر: "فدعى إبراهيم اسم ذلك الموضع يهوه يرى"، وكلمة يهوه بالعبرية تعني الله. ( تكوين، إصحاح 22 آية 14 )
7. منية الآكام الدهرية:( أشمخ العالم)، "إن منية الآكام الدهرية تكون من ضمن حصة يوسف" ( تكوين، إصحاح 49الآية 26 )، "ومن مفاخر الجبال القديمة ومن نفائس الآكام الدهرية". (تثنية، إصحاح 33 آية 14)
8. جبل ميراثك:"تجيء بهم وتغرسهم في جبل ميراثك".(خروج، إصحاح 15 الآية17
9. "المقدس الذي هيأته يداك يا الله" (خروج، إصحاح 23 الآية 20)
10. بيت يهوه: "أول أبكارك تحضرها إلى بيت الله إلهك" (خروج، إصحاح 23 الآية 19)
11. الجبل الجيد: "دعني أدخل وأرى الأرض الجيدة التي في عبر الأردن هذا الجبل الجيد ولبنان". (تثنية، إصحاح 3 الآية 25)
12. جرزيم: فأجعل البركة على جبل جرزيم واللعنة على جبل عيبال.(تثنية، إصحاح 11 الآية 29)
13. المكان المختار: "المكان الذي اختاره الله إلهك ليحل اسمه فيه" (تثنية، إصحاح 12 الآية 21) وكذلك الآية: "بل في المكان الذي اختاره الله إلهك في أحد أسباطك". (تثنية، إصحاح 12 الآية 14).
3. جبل جرزيم والقدس:
عندما يدور الحديث عن جبل جرزيم، يصفه السامريون بالأزلي والقدسي والمبارك؛ فهو، بالنسبة لهم الجبل الذي اختاره المولى لإقامة هيكله على قمته، ولتسكن الذات الإلهية بين ظهراني شعب بني إسرائيل، كما ورد في الشريعة المقدسة على لسان الله مخاطباً موسى بن عمران قائلا: " فيصنعون لي مقدساً لأسكن في وسطهم ". ( خروج، إصحاح 25 آية 8).
ويضيف السامريون: أما القدس التي لم تذكرها الشريعة، لا من قريب ولا من بعيد، فقد كان يسكنها اليبوسيون إلى أن فتحها الملك داود بن يشي، والد الملك سليمان، وكان هذا في السنة 455 بعد دخول الأراضي المقدسة بقيادة يهوشع بن نون، أي في سنة 1183 قبل الميلاد. وعلى أثر وفاة الملك سليمان، وفي عهد ولده رحبعام انقسمت الدولة العبرية إلى مملكتين، شمالية إسرائيلية سامرية (السامرة)، وجنوبية، هي مملكة يهودا المنشقة عن الدين الأصل كما يعتقد السامريون. فمنح اليهود (سكان مملكة يهودا) القدس مكانة دينية لم يعترف السامريون بها إطلاقاً.
المكانة الاجتماعية:
منذ أكثر من 31 قرناً من الزمان، والسامريون يقيمون على جبل جرزيم شعائرهم الدينية، بصفته جبل البركة، وأقدس بقعة دينية على الأرض بالنسبة لهم. إنه المكان الذي أختاره المولى من أجل هذا الهدف، ومحط إيمانهم ومأوى أفئدتهم. يتوجهون إليه في صلواتهم، واقفين بين يدي رب العالمين، خاشعين وساجدين وراكعين متضرعين إلى المولى أن يؤمن حياتهم ويستجيب لطلباتهم. السامريون يصعدون إلى قمة الجبل ثلاث مرات في السنة من أجل صلاة الحج السامري أثناء الأعياد، ولا يجوز إقامة عيد الفسح في أي مكان في العالم غير هذا الجبل المقدس، الذي يصادف دائماً في شهر نيسان/ ابريل من كل عام، أي في الرابع عشر من الشهر الأول في التقويم العبري السامري. فقد جاء في الشريعة السامرية المقدسة (وهي الأسفار الخمسة الأولى من التوراة): "..فالمكان الذي اختاره الرب إلهكم ليحل أسمه فيه، تحملون إليه كل ما أنا أوصيكم به: محرقاتكم وذبائحكم وعشوركم ورفائع أيديكم وكل خيار نذوركم التي تنذرون للرب". ( تثنية، اصحاح12 الآية 11)
ثانيا: قبور الأنبياء حول نابلس:
وهي قبور الكهنة العازار، ايتامار، فينحاس، ذي الكفل، يهوشع بن نون (في كفل حارس) والسبعين شيخا (في عورتا)، إضافة إلى قبر يوسف في بلاطة (الذي يعتبره المسلمون قبرا لأحد أوليائهم الصالحين).
ثالثا: قبور الأزكياء وزوجاتهم في حبرون (الخليل):
وهم آدم، شيت، آنوش، نوح، إبراهيم، سارة، اسحق، رفقه، يعقوب، ولائقه، ثم قبر راحيل.
رابعا: قبر سيدنا هرون بن عمران:
يقع في جبال موآب عند وادي موسى شرقي الأردن.
خامسا: قبور باقي أولاد سيدنا يعقوب :
وهي منتشرة في الأرض المقدسة منها قبر بنياميم في "كفر سابا"، قبر لاوي في سيلة الظهر، قبر يهودا في طلوزة ، إضافة إلى قبور ثلاثة منهم موجودة في جامع الأنبياء في نابلس .
العادات والتقاليد والمعتقدات السامرية
الطهارة والنجاسة:
إن من يتصفح التوراة يجدها تحث في كل مناسبة على الطهارة وعدم المعاملات والدخول إلى بيوت العبادة بالنجاسة. فالطهارة عند السامريين ركن وأساس في دينهم، فالرجل لا يجوز له أن يخرج من البيت إلا إذا كان طاهر البدن، وعليه الاغتسال بعد عملية الجماع مباشرة، وبعد الاستحلام أثناء النوم، وكذلك إذا لمس من الحيوانات المحرم أكلها أو لمس جثمان ميت. والمرأة التي تكون في فترة الحيض يجب أن تبتعد كلياً عن أعمال بيتها مدة سبعة أيام، والحامل إذا ولدت ذكراً تبتعد 41 يوماً وإذا ولدت أنثى تبتعد 80 يوماً عن التعامل مع الناس، ولا يجوز لها الاعتناء إلا بولدها الرضيع، ولكنها تستطيع مزاولة وظيفتها وتعليمها خارج البيت فقط، كل ذلك حسب أوامر التوراة، ويجب تبديل الثياب والوضوء عند الصلاة، وكذلك الوضوء دائما لدى التقرب من المقدسات أو الدخول إليها.
الختان:
الختان عند السامريين عهد قطعه الله مع سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومنذ ذلك الوقت والسامريون يحافظون على هذا العهد، حيث يختنون المولود الجديد من الذكور في اليوم الثامن لميلاده، ولا يجوز التأخر في هذا الإجراء لأي سبب من الأسباب إلا إذا كان المولود في حاضنة. وفي هذه الحالة يتم احتساب الأيام الثمانية من لحظة خروج الطفل من الحاضنة، وفي حالة مخالفة الموعد المحدد للختان يقتل الطفل حسب الشريعة السامرية.
الزواج:
يحق للسامري أن يتزوج بواحدة، ولا يحل له أن يجمع اثنتين (إلا إذا كانت امرأته عاقرا)، وإذا ظهر له أن امرأته لا تنجب، أو أنها لا تطيعه، أو عرف أن بها مرضاً معدياً فيحق له طلاقها بعد الإثبات، ومن ثم الزواج بغيرها. وللمرأة السامرية الحق في أن تطلق زوجها لدى القاضي الشرعي إذا امتنع عن القيام بواجبه اتجاهها من ناحية الكسوة والفراش وحفظ القرابة. ولا يختلف السامريون عن اليهود في موضوع الزواج واشتراطاته، إلا فيما يتعلق بجواز زواج اليهودي من زوجة أخيه بعد وفاته، كذلك من أخت زوجته بعد وفاتها.
تحظر الديانة السامرية زواج الأخ أو الأخت من ابنة أخيه/ها أو ابنة أخته/ حظرا قطعيا. ويتفق السامريون مع المسلمين في أمور النكاح ، ولكنهم يخالفونهم بعدم جواز زواج من:
1- زوجة العم بعد وفاته .
2- زوجة الأخ بعد وفاته.
3- أخت الزوجة بعد وفاتها .
4- بنت السفاح .
5- الربيبة .
6- بنت الزنا.
يحق للزوجة المطلقة في الديانة السامرية الرجوع إلى زوجها إذا لم تتزوج غيره، ولا يتم الزواج إلا بعقد نكاح جديد وشهود، وكل ذلك يجري في احتفالات دينية يشهدها جميع السامريين إن أمكن أو معظمهم. ولا يمانعون في حضور غيرهم هذه الاحتفالات، ويتم الزفاف بعد قراءة الكتاب الذي يتلى على مسمع من الزوجين والأهل، وتذكر فيه الشروط الزوجية الشرعية، ويسلم بعد قراءته إلى والد الزوجة ليكون مستنداً على الزوج .
وتشمل مراسيم النكاح عند السامريين الأمور التالية :
1- أركان النكاح.
2- شروط النكاح.
3- الشهود لدى عقد النكاح .
4- الوكالة.
5- المحلل والمحرم من النساء .
6- الجمع.
7- المهر.
8- الزواج من أتباع الديانات الأخرى .
9- سبايا الحرب .
10- حقوق الزوج والزوجة.
وللنكاح عند السامريين معان ثلاث :
1- المعنى اللغوي: وهو الوطء.
2- المعنى الأصولي: وهو الشرعي ويكون بعقد.
3- المعنى الفقهي : وهو انتفاع الزوج ببضع الزوجة وسائر بدنها، ولا ينصرف إلى غيرها.
وأما شروط عقد النكاح فهي: أن يكون على امرأة خالية من الموانع، أي أن لا تكون خنثى، أو وثنية أو محرمة حسب الشرع أو العقد على حيوان.
وللنكاح أحكام خمسة هي:
1- الوجوب .
2- الحرمة .
3- الكراهة .
4- لم السنية .
5- الإباحة.
وأركان النكاح هي: الإيجاب والقبول .
وشروط النكاح هي العقل والبلوغ والحرية وعدم جواز نكاح غير السامريات مطلقاً، إلا إذا اعتنقن الديانة السامرية وعلى سنة الله ورسوله .
وتأتي مراسيم يوم الزفاف مشابهة لمراسيم الزفاف عند أبناء مدينة نابلس بشكل عام.
الطلاق:
يمنع الطلاق إلا في حالات خاصة، وهي نادرة وبشروط هي: غير القادرة على القيام بأعمال البيت وتربية أطفالها، الجنون، الخيانة الزوجية، المرض العضال، العاقر، نشير هنا إلى إمكانية الجمع بين زوجتين في حالة كانت الزوجة عاقراً.
طعام السامريين:
السامريون لا يأكلون أي طعام مطبوخ خارج بيوتهم نهائياً، كما أنهم يحرمون على أنفسهم اللحوم المذبوحة على غير طريقة وشريعة السامريين، ولا يجمعون في طعامهم روحين على مائدة واحدة مثل اللبن واللحم أو في وعاء واحد ولا يأكلونهما معاً، وشروط الذبح عندهم هي كما يلي :
1- أن يقوم به عالم سامري يعرف أصول دينه.
2- أن يعرف أمراض الحيوانات.
3- أن يعرف ما حلل وما حرم منها .
4- أن يكون لديه سكين حادة طويلة وبطول 25سم على الأقل.
5- أن يستطيع ذبح الحيوان بجرة واحدة.
6- أن يعرف موضع السكين من رقبة الحيوان .
7- أن يكون طاهر البدن واللباس .
8- أن يتجه إلى جبل جرزيم عند الذبح.
9- أن يقرأ ويسمي على الذبيحة .
10- أن يعفر التراب على الدم بعد ذبحه.
والسامريون يأكلون من الطيور ما كان له حوصلة وغير مشبك الأصابع (كبعض الطيور المائية مثل البط والأوز وغيره)، ومن حيوانات البحر ما كان له زعانف وصراصيف، أي أجنحة وقشور، ومن حيوانات البر ما كان مجتراً ومشقوق الظلف، ويحرم ذبح الحبالى من إناث الحيوان.
الإرث عند السامريين:
بحسب الشرع الإلهي السامري فالبنت لا ترث من الأموال غير المنقولة. وإذا توفي شخص وترك بنات ولم يترك ذكورا فعليهن أن يتزوجن من أبناء عمومتهن. وذلك لكي لا يختل توازن تقسيم الأرض المقدسة، ولكي لا تنشأ مشاكل معقدة بين الناس، وخاصة الأنسباء نتيجة الإرث.
طقوس الوفاة:
عند وفاة السامري يتم توجيهه نحو القبلة، (وهي جبل جرزيم بالنسبة للسامريين)، ويجلس معارف الفقيد حول جثمانه ويأخذون بقراءة التوراة، يتلون التوراة جميعها بنغمة معروفة، ويقفون عند آخر فصل من التوراة، ثم يقترب أقارب الميت منه ويغسلونه ويلبسونه الملابس البيضاء ويكفنونه ويتخلل ذلك قراءة دعوات وابتهالات معينة، ثم يضعونه في النعش ويحملونه إلى مثواه الأخير وسط ترتيل الفصل الأخير من التوراة إلى إن يصلوا اللحد المعين له، فينزلونه ويدفنونه ويقف الكاهن الأكبر، أو من ينوب عنه، فيقرأ على روح الميت الفاتحة، ثم ينصرف القوم إلى بيوتهم، بينما يدعو بعضهم جماعة المتوفى إلى الطعام. ويدوم الحزن سبعة أيام يزار خلالها بيت المتوفى في الصباح وفي المساء مع قراءة الفاتحة.
الميراث:
شرحت التوراة بإسهاب شروط الميراث، حيث يوزع الإرث عند السامريين بين الورثة بالتساوي وتكون حصة البكر الضعف، وللبنت والمرأة السامرية في الأموال المنقولة حقوق الرجل، وأما في الأموال غير المنقولة فلا ترث إذا كان لها أخوة. لكن إذا توفي شخص وترك بنات ولم يترك ذكوراً، فإنهن يرثن بشرط أن يتزوجن من أبناء عمومتهن، كي لا يختل توازن تقسيم الأرض المقدسة.
الموسيقى السامرية:
الموسيقى السامرية هي أنغام ترتل بدون أدوات موسيقية مساعدة، وهذا التقليد متوارث من جيل إلى جيل عبر 135 سلالة. ومن خلال هذا الفولكلور تروى حكاية السامريين عبر التاريخ بأحلى صورها بالموسيقى المجردة والعذبة.
اللباس:
يلبس السامريون كغيرهم من أبناء المجتمع الفلسطيني باستثناء الكهنة اللذين يلبسون الجبة والعمامة الحمراء على الرأس، ويطلقون شعر رؤوسهم ولحاهم، كما أن السامريين يلبسون في أيام السبت صغاراً وكباراً الجبات والطرابيش ذات اللون الأحمر.
الكاهن الأكبر:
يرأس الطائفة السامرية الكاهن الأكبر، وهو من سبط لاوي، أي من عائلة الكهنة والأكبر سناً، ويتولى رئاسة الطقوس الدينية, يساعده في مهامه هذه مجلساً كهنوتياً مكوناً من اثني عشر كاهناً، وهو الذي يقرر كل ما يتعلق بالشؤون الدينية، ويكون الكاهن الأكبر كاهناً لشطري الطائفة، سكان جبل جرزيم ومدينة حولون. أما الشؤون الدنيوية فتديرها لجنتان منتخبتان في كل من جبل جرزيم وحولون، يرأس كل منهما سكرتيراً، وتنتخب اللجان مرة كل سنتين وبطرق ديمقراطية.
اللغة السامرية
اللغة السامرية هي العبرية القديمة، وتتكون من اثنين وعشرين حرفاً، وتقرأ من اليمين إلى اليسار. ويقول السامريون إذا ما استعرضنا لغات العالم أجمع منذ فجر التاريخ وحتى الآن نجد أن اللغة العبرية القديمة والتي ما زال السامريون يحتفظون بها كلغة أصل قراءة وكتابة، هي بحد ذاتها لغة الرموز التي كانت مستعملة من قبل الإنسان الأول، لهذا فإن كل حرف من حروف اللغة العبرية القديمة يرمز لعضو من أعضاء جسم الإنسان. وعلى سبيل المثال لا الحصر أن حرف "ر" يدل باللغة العبرية القديمة على الرأس من حيث اللفظ والرسم، وحرف "ش" يدل على الأسنان من حيث اللفظ والصورة، وحرف "ع" يدل على العين، وحرف "ي" يدل على اليدين، وحرف "ف" يشبه الفم، وحرف "ب" يدل على البيت، وحرف "د" يدل على الباب...الخ.
اللغة العبرية القديمة هي من أقدم لغات العالم، فحسب الرواية السامرية فإنه عندما اخرج رب العالمين سيدنا آدم من الجنة أرسله إلى شرقي نهري دجلة والفرات، وهناك تم تكاثر الجنس البشري، وسيدنا آدم الذي أحتل المكانة الأولى في سلسلة الازكياء والصديقين حيث بعثة الله قبل 6440 سنة، وحتى سلالة الخامس عشر منهم "فالج بن عابر" الذي ولد في سنة 1430 للخليقة كانوا يتكلمون جميعهم لغة واحدة، ألا وهي اللغة العبرية القديمة.
والجدير بالذكر أن السامريين يقولون بأنهم يملكون أقدم نسخة خطية موجودة في العالم يعود تاريخها إلى 3633 سنة خلت، وكاتبها هو ابيشع بن فينحاس بن العازار بن هارون شقيق سيدنا موسى عليه السلام، مكتوبة باللغة العبرية القديمة، وهي محفوظة عند السامريين منذ ذلك التاريخ إلى يومنا هذا، في حين، يقول السامريون أن أقدم نسخة خطية لدى اليهود لا يتجاوز عمرها الألف سنة.
وبالنسبة للغة العبرية اليهودية فيرى السامريون أنها لغة آشورية، قام بتغييرها من اللغة العبرية القديمة إلى اللغة الآشورية اليهودي عزرا هسوفير في عهد قائدهم زربابل قبل حوالي 2300 سنة.
الأحرف السامرية
الفلك السامري
الحساب الفلكي السامري:
يعتمد السامريون حسابا فلكيا يطلق عليه "حساب الحق"، وهو حساب فلكي قمري متوارث عن سيدنا آدم وحتى يومنا، هذا كما يقولون، مع عائلة الكهنة. وهذا النظام الفلكي مربوط بخط عرض جبل جرزيم.
ومن خلال هذا الحساب الفلكي يتم تحديد السنة العبرية، والمقسمة إلى اثني عشر شهراً قمرياً يتراوح عد أيامها بين الثلاثين أو التسعة والعشرين يوما، وذلك تبعاً للحساب الفلكي المعمول به، حيث يتحدد عد أيام كل شهر وفقاً للترابط بين الشمس والقمر طبقاً لجداول حسابية فلكية دقيقة جدا. فإذا تأخر هذا الترابط أكثر من ست ساعات قبل ظهور القمر، فان هذا اليوم يعتبر بداية للشهر الذي يتكون من ثلاثين يوماً، أما إذا حدث الترابط بعد ست ساعات بعد ظهور القمر فإن بداية الشهر الجديد تحسب من اليوم التالي، وفي هذه الحالة يصبح الشهر الجديد تسعة وعشرين يوماً.
ولقد نصت الشريعة العبرية الموسوية على أن لكل تسع عشرة سنة، سبع سنوات كبيسة، أي "ثلاثة عشر شهرا".
التقويم العبري:
بدأ التقويم السامري بدخول بني إسرائيل الأراضي المقدسة، أي في سنة 2794 للخليقة (1638 قبل الميلاد)، أما التقويم اليهودي فيبدأ منذ الخليقة، وقلما تصادف الأعياد السامرية الأعياد اليهودية، وذلك لأن الأعياد اليهودية تحسب تباعاً بعد عيد الفسح اليهودي من كل عام، فيما يحسب السامريون أعيادهم بالعدّ مع انتهاء السبت الأول من عيد الفسح، وهذا بناء على ما ذكرته الشريعة الموسوية "سفر اللاويين، الإصحاح 23، الآية 15"، حيث جاء فيه: "ثم تحسبون لكم من غد السبت من يوم إتيانكم بحزمة الترديد سبعة أسابيع تكون كاملة، إلى غد السبت السابع تحسبون خمسين يوما"، أما اليهود فإنهم يحيدون عن هذه الآية الدينية، إذ يبدأ العد عندهم غداة عيد الفسح، حتى لا يصادف قبل السبت أو بعده عيد. لهذا لا يجوز عندهم أن يصادف عيد الفسح أيام: الاثنين، الأربعاء، الجمعة، وعيد الحصاد، ولا يجوز أن يأتي أيام: الثلاثاء، الخميس، السبت. أما عيد رأس السنة العبرية فلا يجوز أن يأتي في أيام: الأحد، الأربعاء، الجمعة. ويوم الصوم لا يجوز أن يأتي في أيام: الأحد، الثلاثاء، الجمعة.
التقويم العبري
البطاقة:
يوزع الكاهن الأكبر البطاقة والتي تعرف "الأجندة السامرية" في مواسم الأعياد، أي عند استقبال عيد الفسح، وكذلك عند استقبال عيد المظال "العرش" مرتين في السنة. ومن خلال هذه البطاقة يستطيع السامري أن يعرف رؤوس الشهور، الأعياد، الخسوف والكسوف، المناسبات الدينية والدنيوية، محدداً فيها اليوم والتاريخ، وحتى الدقيقة والثانية التي يتم فيها ميلاد القمر الجديد. ويذكر أن السامريين يستطيعون تحديد أيام أعيادهم قبل مواعيدها بمئات السنين، وذلك من خلال هذا الحساب الفلكي.
الأبراج:
السامريون لا يؤمنون بالأبراج الفلكية التي تعتمد على تاريخ الميلاد، وهي بالنسبة لهم بدعة مستحدثة لا أساس لها في علم الفلك إطلاقا، فالأبراج الفلكية السامرية مرتبطة باسم الإنسان واسم أمه، وهما الاسمان اللذان يتم من خلالهما التعرف على حالة الإنسان الاجتماعية والعملية والعاطفية وصفاته الشخصية وغيرها، لكن أذا كان الإنسان متزوجا فانه يترك أبويه ويلتصق بزوجته حيث جاء في "سفر التكوين الإصحاح 2 الآية 24": " لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونا جسداً واحداً"، لهذا فان الحساب الفلكي يعتمد هنا على اسم الإنسان واسم زوجته فقط، ويعتقد السامريون بأن رب العالمين حرم على العبرانيين التعامل بالسحر، لهذا فالسامريون يتعاملون بالفلك فقط، من أجل المحبة والوفاق.
الفلك من خلال الشريعة:
جاء في قصة سيدنا إبراهيم وزوجته سارة في الشريعة المقدسة "سفر التكوين الإصحاح 17 الآية 5"، " فلا يدعى اسمك بعد أبرام، بل يكون اسمك إبراهيم"، أما السيدة سارة فبقيت عاقرا فترة زادت على ثلاثة عقود من الزمن، حتى نزل الأمر الإلهي على إبراهيم: "ساراي امرأتك لا تدعو اسمها ساراي بل اسمها سارة"، على أثر هذا التغيير وتوافق الأسماء رزقها الله ولداً وأسمته إسحاق،" سفر التكوين، الإصحاح 17 - الآية 15".
وجاء في الشريعة المقدسة بالنسبة للسامرين، في سياق تناول حادثة مصارعة سيدنا يعقوب للملاك أن الملاك خاطبه قائلا: "أطلقني لأنه قد طلع الفجر" فقال يعقوب: " لا أطلقك إن لم تباركني". فسألهالملاك: "ما اسمك؟" فقال: " يعقوب" فقال: " لا يدعى اسمك في ما بعد يعقوب بل إسرائيل. "سفر التكوين الإصحاح 32 الآية 26-28".
وتناولت الشريعة ذاتها قصة سيدنا يوسف وتفسيره لأحلام وزراء فرعون مصر، وزير السقاة، ووزير الخبازين، وكذلك تفسيره لأحلام فرعون نفسه، وكما فسر يوسف هكذا كان. ويجيب السامريون على السؤال المتعلق بكيفية تعلم يوسف التفسير، بأن الوحي الإلهي يلعب دوره الكبير في إلهام الإنسان، لكن على الإنسان أن يبذل مجهوداً من أجل أن يحصل على هذا الإلهام، وهذا ما أعلمتنا به التوراة المقدسة، ويقولون أن سيدنا يوسف تعلم تفسير الأحلام من خلال دراسته كتاب "الترقيم"، الذي حصلت عليه أمه راحيل من أبيها لابان، عند رحيلها من حران شمال سوريا متوجهة مع زوجها يعقوب إلى الأراضي الكنعانية. والجدير بالذكر أن هذا الكتاب هو عبارة عن علم فلك قائم بحد ذاته، لذا استطاع يوسف تفسير الأحلام.
السامريون والديانات الأخرى
السامريون واليهودية:
السامريون يصفون اليهود بالكفرة والكوتيين، نسبة إلى "كوت"، وهي مدينة سومرية-أكادية قديمة تعرف اليوم بتل إبراهيم في العراق. ويؤكد السامريون على أن الخلاف بين الديانتين، اليهودية والسامرية كبير وواسع كالفارق بين الأرض والسماء، وأن الخلاف قديم يعود تاريخه إلى عام 1356 قبل الميلاد، ومن ابرز هذه الخلافات:
أولا: التوراة
يقول السامريون أنهم يحتفظون بأقدم نسخة من التوراة يعود تاريخها إلى ما قبل 3633 سنة، وكاتبها هو الحفيد الرابع من نسل هارون، ابيشع بن فينحاس بن العازار بن هارون، شقيق موسى عليه السلام. وقد كتبت بعد دخول بني إسرائيل إلى الأراضي المقدسة بثلاث عشرة سنة، أي بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام بثلاث عشرة سنة، وهي مكتوبة باللغة العبرية القديمة على جلود القرابين، وتتكون من خمسة أسفار فقط هي التي يؤمن بها السامريون. أما التوراة اليهودية فإنها مجرد كتابات تاريخية متعددة الأسفار لا يزيد عمرها عن الألف عام، ويؤكد السامريون أن هناك أكثر من سبعة آلاف خلاف بين كلمة وآية وسورة بين التوراة السامرية والتوراة اليهودية.
ثانيا: المكان المقدس
يعتبر السامريون أن جبل جرزيم هو المكان المقدس حيث تقوم خيمة الاجتماع ومذبح اسحق، وذكرت قدسيته في توراتهم فهو قبلتهم ومكان حجهم، أما القدس فإنها لم تذكر في التوراة القديمة وتقديسها من قبل اليهود واتخاذها قبلة لهم وعاصمة لم تأت من منطلق عقائدي وإنما سياسي فقط.
ثالثا: الأنبياء والرسل
يؤمن السامريون بأن سيدنا موسى هو آخر الأنبياء حيث جاء في توراتهم "ليس بعد موسى نبيا" وهو الرسول الوحيد بين أنبياء بني إسرائيل الستة والعشرين الذين يؤمنون بهم، فيما يعتبرون الذين جاءوا من بعد ذلك ملوكاً مثل داود وسليمان.
وبالنسبة إلى بقية لأنبياء والرسل، فالسامريون يرون أنهم جاءوا لأقوامهم وليس لبني إسرائيل.
رابعا: ظهور المسيح
يعتقد السامريون بأن المسيح سوف يظهر انطلاقا من جبل جرزيم، أما اليهود فأنهم يرون بأن بوادر ظهوره ستكون على جبل صهيون في القدس.
خامسا: الصلاة
الصلاة عند السامريين قراءة الفاتحة وركوع وسجود وطهارة ووضوء، ولكنها عند اليهود فهي غير ذلك.
سادسا: الصوم
في يوم الصوم فإن السامريين جميعاً، بلا استثناء يصومون. حتى الطفل الرضيع لا يدخل جوفه غير حليب الرضاعة من أمه الصائمة فقط، أما اليهود فإنهم لا يفرضون الصوم إلا على من تجاوز سن الصوم، وهو 16 سنة فما فوق. وهذا في رأي السامريين مخالف للشريعة.
سابعا: الأعياد
هناك اختلاف في الأعياد من حيث الزمان والمكان، فمثلا عيد الفسح عند السامريين يأتي في أوقات مخالفة لعيد الفسح عند اليهود، ويحج فيه السامريون خلاله إلى جبل جرزيم. كما أن هناك اختلاف من حيث أسلوب ومراسيم الأعياد مثل عيد المظلة "العرش" فالسامري يبني مظلته داخل بيته واليهودي خارجه، بالإضافة إلى أن لليهود أعيادا إضافية غير الأعياد السبعة السامرية حسب ما جاء في توراتهم مثل عيد الأنوار.
ثامنا: اللغة
يعتبر السامريون أن لغتهم العبرية هي اللغة التوراتية، وهي لغة بني إسرائيل القدماء بأحرفها ألاثني والعشرين حرفاً، وليست اللغة العبرية الحديثة، الأمر الذي يؤكد حسب رأي السامريين محافظتهم على العقيدة الصحيحة بخلاف اليهود.
السامريون والمسيحية:
ورد ذكر السامريين في العهد الجديد مرات عديدة، وكان موقف المسيح إزاءهم ايجابياً، وأن أهم ما يجمع الديانتين السامرية والمسيحية هو النزوع نحو المحبة والسلام. يطلق المسيحيون على بعض مؤسساتهم الخيرية اسم "السامري الصالح" تيمناً بالسامري الرحيم الذي أنقذ مريضا من الموت على طريق القدس أريحا(لوقا 1: 25).
والمرأة السامرية التي سقت المسيح ماء الحياة عند بئر يعقوب قرب شكيم ( يوحنا 5: 41).
وكذلك نكران الجميل والاعتراف به بخصوص قصة "العشرة البرص" ( لوقا 17: 11-18).
السامريون والإسلام:
يرى السامريون بأن الإسلام هو أقرب الديانات إلى السامرية من حيث الوحدانية والطهارة، وصلوات السامريين ركوع وسجود يسبقها وضوء اليدين والفم والأنف والوجه والأرجل.
وينوّه السامريون إلى ما جاء في القرآن الكريم بخصوصهم، مثل: "ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون". سورة الأعراف، الآية 158.
وتذكر كتب التاريخ السامري، انه لدى انتشار الإسلام في الجزيرة العربية، توجه وفد سامري برئاسة احد حكمائهم ويدعى"صرمصا" إلى النبي محمد عليه السلام، من اجل الحصول على كتاب خطي لأمن السامريين وحمايتهم، فكان له ما أراد، حيث أمر الرسول علي بن أبي طالب بأن يكتب للسامريين عهداً جاء فيه: "أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أمرت أن يكتب للسامرة أماناً وذماماً على أنفسهم وعلى ديارهم وأموالهم وبيوت عبادتهم وأوقافهم في كل بلادهم، وأن يسري فيهم وفي ذمم أهل فلسطين بالسيرة الحسنة".
التعليم عند السامريين
يوجد نوعان من التعليم لدى أبناء الطائفة السامرية؛ المدني الديني، حيث يتلقى أبناء الطائفة السامرية في جبل جرزيم تعليمهم الأساسي في المدرسة الحكومية التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، ويعمل على تدريسهم معلمون فلسطينيون من غير أبناء الطائفة السامرية، ثم ينتقل التلاميذ إلى مدارس مدينة نابلس لتلقي تعليمهم الإعدادي والثانوي، ومنهم من يتابع المرحلة الجامعية في جامعة النجاح الوطنية التي يعتبرون وجودها خيرا لهم، فهي قريبة من حيهم وأماكنهم المقدسة، علماً بأنهم لا يحبذون السفر إلى خارج البلاد لمواصلة تحصيلهم العلمي لأسباب تخص أسلوب حياتهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم.
كذلك الحال بالنسبة للسامريين الذين في حولون فإنهم يدرسون في المدارس والجامعات الإسرائيلية حسب المناهج المعتمدة هناك.
من جهة أخرى، يحرص السامريون على تعليم أولادهم منذ نعومة أظفارهم المعتقدات الدينية واللغة العبرية القديمة، ويتم ذلك من قبل أحد أبناء الطائفة في ساعات المساء وأيام السبت، ويستخدمون في ذلك مباني المدرسة التي يتعلمون فيها خلال الفترة الصباحية، أو تتم عملية التعليم في المنازل على شكل كتاتيب، إلا أن التعليم الديني ما زال بدون مناهج محددة على الرغم من محاولات مركز الدراسات السامرية بالتعاون، مع أكاديميين من جامعة النجاح الوطنية لوضع مناهج خاصة بذلك.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن أبناء الطائفة السامرية يتجنبون دراسة الطب، لأن معتقدهم الديني لا يبيح لهم ممارسة الجراحة التي يرون فيها تدنيسا للجسد الآدمي.
العائلات السامرية
هناك خمس عائلات سامرية هي:
أولا: عائلة الكهنة
وهي من سلالة هارون شقيق سيدنا موسى عليه السلام من سبط لاوي. تتولى مهمة القيام بالطقوس الدينية للطائفة، ومنها يكون الكاهن الأكبر، الذي يتوارث منصبه الأكبر سناً في هذه العائلة.
ثانيا: عائلة الطيف
عائلة الطيف من سبط افرايم بن يوسف عليه السلام.
ثالثا: عائلة السراوي
تنحدر من سبط افرايم.
رابعا: عائلة المفرجي "مفرج و يوشع"
تنحدر من سبط افرايم.
خامسا: عائلة صدقة
تنحدر من سبط منسي بن يوسف عليه السلام.
إضافة إلى هذه العائلات الخمس، هناك أيضا عائلة المطري التي تعود بأصولها إلى سبط بنياميم. وهذه العائلات هي العائلات السامرية الوحيدة التي كانت تتواجد حتى عام 1035م، ولكنها كانت متفرقة. فعائلة الكهنة كانت تسكن قرية عورتا شرق نابلس، وعائلتي إلطيف وسراوي كانتا في دمشق، وعائلة مفرجي كانت تسكن صرفند، وعائلة صدقة كانت تسكن في نابلس، وعائلة المطري كانت تسكن في غزة، فعمل كاهنهم الأكبر في عورتا على جمع شملهم فسكنوا جميعاً حارة الياسمينة في مدينة نابلس، باستثناء عائلة المطري التي بقيت تسكن غزة فانقرضت.
انتقلت العائلات السامرية من حارة الياسمينة إلى حي الغرور المحاذي لشارع جامعة النجاح الوطنية في عام 1927م في أعقاب الزلزال الذي ضرب المدينة وهدم منازلهم، وبقيت هذه العائلات تسكن هذا الحي حتى اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى حيث انتقل معظمهم للسكن على قمة جبل جرزيم بجوار أماكنهم المقدسة، في حين انتقلت أسرتان منهم إلى حولون في الثلاثينيات من القرن الماضي، ثم لحقت بهما أسر أخرى في سنة 1948م. وبعد عام 1967م انتقل عدد آخر من سامريي جرزيم (نابلس) إلى حولون في إطار عمليات جمع الشمل ليعيشوا في حي خصص لهم من قبل الحكومة الإسرائيلية، فزاد عدد المنتقلين من نابلس إلى هذا الحي في حولون حتى أصبح عددهم يساوي تقريبا عدد المتواجدين في نابلس، وشهد عام 1967م انتقال أول أسرة من عائلة الكهنة إلى حولون.
السامريون والمجتمع المحلي
يصف السامريون علاقتهم بالمجتمع الفلسطيني بأنها علاقة عضوية، ويعتبرون أنفسهم جزءا لا يتجزأ من المجتمع الفلسطيني المتكامل. تربطهم بغيرهم من السكان من أبناء الديانات الأخرى علاقات طيبة يسودها الاحترام المتبادل، ويشاركونهم مقاعدهم الدراسية والوظائف العامة والخاصة ونشاطهم التجاري، فأبناء الطائفة السامرية يمتلكون عدة حوانيت ومحال تجارية في مدينة نابلس يؤمها المواطنون للتسوق من كافة أنحاء فلسطين. وفي المقابل هناك عدد لا بأس به من أبناء المجتمع الفلسطيني من خارج الطائفة السامرية يسكنون كمستأجرين في بيوت داخل الحي السامري في المدينة، كما يمتلك آخرون بعض المنازل المقامة على جبل جرزيم وتربطهم بالسامريين علاقة جوار حسنة.
لا فرق في المجتمع الفلسطيني بين مسلم وسامري ومسيحي؛ فالجميع متساوون أمام القانون، توحدهم هوية وطنية واحدة وينظرون، بعضهم إلى بعض نظرة احترام شامل ومتبادل. يواسون بعضهم في الأحزان ويتشاركون في الأفراح والاحتفال بالأعياد الدينية وطقوسها.
الحي السامري-جبل الطور
مؤسسات الطائفة السامرية
لجنة الخدمات:
مقرها المركز الجماهيري وسط الحي السامري. ينتخب أعضاؤها من قبل أبناء الطائفة السامرية كل سنتين بناء على قرار من الكاهن الأكبر، وبإشراف مندوب عن محافظة نابلس. وتتولى هذه اللجنة مهمة إدارة شؤون الطائفة اليومية الدنيوية كتقديم الخدمات وتحسين البنى التحتية. وهذه اللجنة مكونة من:
سكرتير اللجنة: المشرف على جميع أعمال اللجنة، والناطق الرسمي باسمها وباسم الطائفة عموما.
نائب السكرتير: يتولى مهمة التنسيق مع الجهات الخارجية.
مسؤول العلاقات العامة: المشرف العام على ربط اللجنة بالمؤسسات الأخرى في الداخل والخارج.
أمين الصندوق: وهو المشرف العام على نادي الطائفة التابع للجنة والذي يقع تحت سلطة وزارة الشباب والرياضة، وهو المسؤول عن روضة الاطفال وقاعة الأفراح ومركز اللياقة البدنية.
المتحف السامري:
أقيم المتحف السامري عام 1997م على قمة جبل جرزيم وسط الحي السامري. ويشرف على ساحة المذبح الذي تقام فيه شعائر عيد الفسح عند الطائفة. ويقوم على خدمة المتحف مديره ومؤسسه "الكاهن حسني السامري"، وهو أحد كهنة الطائفة السامرية، يعاونه آخرون من أفراد الطائفة.
أسس المتحف بمساعدة الرئيس الراحل ياسر عرفات المادية والمعنوية، والمتحف هو أول متحف سامري في تاريخ الطائفة ، ويحتوي على مخطوطات تسلسل التاريخ السامري من سيدنا آدم وحتى الكاهن الأكبر الحالي، وهو تسلسل لا وجود له في أي مكان غير هذا المتحف. وهناك أيضا شجرة الأنبياء "الأزكياء والصديقين" التي تضم 26 اسماً ابتداء بسيدنا آدم حتى سيدنا موسى عليهما السلام. ويبلغ عدد الكهنة منذ اليعازار ابن هارون حتى الكاهن الأكبر الحالي 135 كاهناً أعظم، وذلك وفقاً لرواية الكاهن حسني الذي أكد أنه يستطيع أن يقول أنه يأتي في المرتبة 162 من النسب ابتداءً من سيدنا آدم عليه السلام. ويقول السامريون أن المتحف ينطوي على حقائق تاريخية تتعلق بالسامريين لم تكن معروفة سابقاً، كما يحتوي على وثائق ومستندات وكتب عبرية وتاريخية وعلمية قديمة، وعلى أحجار وعملات معدنية وأسرجة وأواني فخارية وزجاجية أثرية قديمة، وعلى مجسمات توضح الأماكن المقدسة السامرية. ويمكن للزائرين أن يروا بين أروقته موجودات سامرية لا تقدر بثمن إذا ما تم حساب عمرها الموغل في القدم، تساعد على الاطلاع على الفلكلور السامري القديم. ويساهم المتحف بتزويد الطلبة والأساتذة الجامعيين والباحثين وعلماء الآثار وغيرهم بكل المعلومات التي يرغبون في الحصول عليها.
جمعية الأسطورة السامرية:
هي جمعية ثقافية اجتماعية فنية أسسها مجموعة من الشباب السامري. وتتلخص أهداف الجمعية بالحفاظ على تراث وثقافة وتاريخ الطائفة السامرية، ونشر الثقافة والتاريخ السامري في العالم من خلال عقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات. كما تسعى الجمعية إلى إزالة المعتقدات الخاطئة عن الطائفة السامرية بوصفها طائفة يهودية، وتعميم وجهة النظر السامرية حول السلام والتواصل والاتصال بين جميع فئات المجتمع، كما تعمل على مساعدة الشباب السامري في الدراسة وبعض الأنشطة الأخرى.
نادي الشباب السامري:
هو نادي ثقافي اجتماعي رياضي، يضم في عضويته عددا من أبناء الطائفة السامرية ذكورا وإناثاً. وهذا النادي مسجل في وزارة الشباب والرياضة الفلسطينية، ويضم فريقا لكرة السلة. ويمتلك النادي ملعباً لممارسة الأنشطة الرياضية المتنوعة.
مركز الدراسات السامرية:
تأسس المركز عام 1993م من قبل عدد من الشباب والشابات السامريين. ويقع مقره في الحي السامري القديم في مدينة نابلس أسفل الكنيسة السامرية.
أسس المركز بهدف العمل على تدوين التاريخ السامري حسب الطرق العلمية الحديثة، وحفظ وتصوير المخطوطات القديمة، وتزويد الباحثين والدارسين بمعلومات عن الطائفة السامرية، وتعليم اللغة العبرية القديمة لأبناء الطائفة.
المدرسة:
تابعة لوزارة التربية والتعليم في السلطة الوطنية الفلسطينية. يدرس فيها، إلى جانب أبناء الطائفة السامرية غيرهم من أبناء مدينة نابلس القاطنين بجوار الحي السامري، وتعتمد المدرسة المنهاج المدرسي الفلسطيني المقرر لباقي المدارس الفلسطينية، وفي ساعات المساء تستخدم المدرسة لتدريس أبناء الطائفة اللغة العبرية والمعتقدات الدينية من قبل أحد أبناء الطائفة.
الكنيسة:
تمتلك الطائفة السامرية ثلاث كنائس لممارسة طقوس العبادة "الصلاة". وتتوزع هذه الكنائس على النحو التالي: واحدة في الحي السامري القديم داخل مدينة نابلس، والثانية في الحي السامري في حولون، ثم الكنيسة المقامة وسط الحي السامري على جبل جرزيم.
السامريون وعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية
يؤيد أبناء الطائفة السامرية في نابلس وحولون عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين ويتمنون لها النجاح والتقدم السريع، إلا أنهم يتطلعون إلى المستقبل ببعض الخوف، حيث يخشون أن تؤدي هذه العملية للفصل بين شقي الطائفة (في نابلس وفي حولون الواقعة في أراضي ال48)، الأمر الذي دفع بعدد منهم إلى توجيه رسائل إلى بعض الجهات المعنية، سواء المشاركة أو الراعية لعملية السلام، أو لأي جهة يمكن أن تؤثر لضمان التواصل بين أبناء الطائفة من خلال تسهيل تنقلهم في كافة الظروف والأوقات سواء حققت العملية السلمية أهدافها أو أنها منيت بالفشل.
وقد حدد زعماء الطائفة السامرية سبعة مبادئ توجه جهودهم لتأمين مستقبل الطائفة السامرية في أي واقع سياسي:
1- تأمين حق المرور بحرية في كل الأوقات وبدون قيد ومن كل مكان بين شقي الطائفة سواء في حالة تطور العلاقات أو ترديها بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
2- تأمين بطاقة خاصة للسامرين لتميزهم وتسهيل مرورهم بين ولاية الطرفين.
3- تأمين عدم إلحاق الأذى من الناحية الاقتصادية بأي من أبناء الطائفة بسبب التغييرات السياسية.
4- تأمين حرية العمل والتعليم وممارسة المهن بدون قيود.
5- تأمين الموارد المادية للطائفة السامرية لدعم تواجدها وتطوير الأماكن المقدسة لديها.
6- مطالبة الولايات المتحدة الأمريكية بممارسة ضغوطها على كافة الأطراف المشاركة في العملية السلمية للاستجابة للمطالب سالفة الذكر.
7- أن يتم تضمين المطالب السابقة في أي اتفاقية سلام يتم التوصل إليها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
يقول السامريون بأنهم يبتعدون عن الخوض في غمار السياسة، وحتى الحديث في شؤونها، أو إبداء أي مواقف حولها خوفاً من انعكاس ذلك سلباً على شؤونهم وحفاظاً على علاقاتهم الودية مع الجميع لذلك يتكتمون على مواقفهم السياسية دائما.
عدد الطائفة السامرية
ملخص الجداول الإحصائية المتعلقة بالطائفة السامرية:
العام العدد
1850 اقل من 70 نسمة
1913 175 نسمة 98 ذكور و 77 إناث
1917 146 نسمة 85 ذكور و75 إناث
1922 163 نسمة 95 ذكور و68 إناث
1931 175 نسمة 88 ذكور و87 إناث
1944 257 نسمة 124 ذكور و133 إناث
1967 354 نسمة منهم 154 في حولون
1972 450نسمة منهم 210 في حولون
1996 588 نسمة مناصفة بين حولون ونابلس
1998 604 نسمة 329 ذكور و275 إناث، منهم 296 في نابلس و308 في حولون
2010 740 نسمة نصفهم في نابلس والنصف الآخر في حولون.
المشاكل التي تواجه الطائفة السامرية
أولا: قلة عددهم
لا يتجاوز عدد أفراد الطائفة السامرية عدة مئات وهذا الأمر يشكل مصدر قلق دائم عند أبناء الطائفة لجهة قدرتهم على البقاء وديمومة عقيدتهم، لذلك فهم ينزعون إلى التكاثر من خلال تحفيز النسل من جهة، ولا يميلون إلى مغادرة مكاني إقامتهم في نابلس أو حولون بغرض الإقامة بشكل دائم.
ثانيا: ارتفاع عدد الذكور مقارنة بالإناث
تبلغ نسبة الذكور إلى الإناث ذكرين لكل أنثى، الأمر الذي خلق أزمة حقيقية لدى الطائفة السامرية بسبب هذا النقص الكبير في عدد الإناث في ظل صعوبة الزواج من خارج الطائفة، بالرغم من فتوى الكاهن الأكبر بجواز الزواج من فتيات من خارج الطائفة بشرط اعتناقها ديانة الطائفة، واقتصر ذلك على بعض الحالات، وقد أدت هذه المشكلة إلى انتشار ظاهرة زواج البدل، حيث يحاول الأهل ضمان عروس لابنهم من خلال اشتراط أن تكون لمن يتزوج ابنتهم أخت أو قريبة لتزويجها له، وإن اضطرهم هذا لإعلان خطبة فتيات صغيرات ينتظرن سنوات حتى يكبرن ليتزوجن ممن تمت خطبتهن إليه. وتبقى حالات الزواج خارج دائرة البدل نادرة، ومقتصرة تقريبا على بعض الأسر التي لم تنجب أطفالا ذكور مع غياب احتمالات إجراء مبادلة من قبل أحد المقربين الخال أو العم ببنت الأخت أو الأخ.
وقد أدى هذا النقص في عدد الإناث مقارنة بعدد الذكور إلى حرمان نسبة لا بأس بها من الزواج وبروز بعض المشاكل الاجتماعية.
ثالثا: وجود الطائفة في منطقتين منفصلتين
تعيش الطائفة السامرية في منطقتين منفصلتين، الأولى في نابلس، على قمة جبل جرزيم، والثانية في حولون، الأمر الذي جعل أبناء الطائفة يعيشون في حالة قلق دائم على استمرار التواصل بينهم. من جهة أخرى أحدث هذا الواقع بعض الاختلاف في أسلوبي الحياة والثقافة بين شطري الطائفة، سواء تلك التي تعيش في المجتمع الفلسطيني، أو شقيقتها التي تسكن تحت الحكم الإسرائيلي، وذلك تبعا للاختلاف السياسي والثقافي بين النظامين.
رابعا: ضيق مساحة الأراضي التي تملكها الطائفة
تعاني الطائفة السامرية من نقص في مساحة الأراضي المملوكة لأبناء الطائفة السامرية في مدينة نابلس، الأمر الذي ينذر بأزمة سكنية مستقبلية حادة ستواجه أبناء الطائفة في حال ازدياد عددهم. ويحاول بعض أبناء الطائفة شراء أراضي مجاورة لحيهم لتفادي الأزمات على هذا الصعيد مستقبلا.
خامسا: سرقة أسفار التوراة
بتاريخ 21 آذار 1995م، وقبيل دخول السلطة الوطنية الفلسطينية، أثناء وجود الحكم العسكري الإسرائيلي تعرضت الكنيسة السامرية في مدينة نابلس لعملية سطو أسفرت عن سرقة أسفار من التوراة. وبالرغم من سعي جهات عدة، فلسطينية وإسرائيلية وأردنية لاسترجاعها، إلا أنها ما زالت بيد سارقيها، ولم تكشف حتى الآن ملابسات عملية السرقة، الأمر الذي يؤرق أبناء الطائفة السامرية ويدفعهم لبذل كل الجهود في محاولة لاستعادتها.
سادسا: عدم توفر مشروع صرف صحي في الحي السامري على جبل جرزيم
يمتاز الحي السامري المتربع على قمة جبل جرزيم بالتنظيم، فمبانيه حديثة العهد وتمتاز بالتناسق والترتيب وحسن التوزيع، وهناك شبكة طرق حديثة، وهناك شبكة هاتف تتبع شركة الاتصالات الفلسطينية، وتوفر بلدية نابلس للحي خدمات الكهرباء والماء وجمع النفايات، إلا أن الحي يفتقر إلى شبكة صرف صحي عامة، حيث تصرف المياه العادمة في حفر امتصاصية بجانب البيوت مما يؤدي إلى انتشار الروائح الكريهة والحشرات في المنطقة، مما يسبب انتشار الأمراض.
سابعا: غياب المنهاج الديني في المدارس
إن غياب المنهاج التعليمي الديني في المدارس السامرية يعكس نفسه سلبا على العملية التعليمة الدينية برمتها، مما دفع بمركز الدراسات السامرية إلى الاندفاع نحو وضع أسس لهذا المنهاج بالتعاون مع بعض الأكاديميين والمحاضرين في جامعة النجاح الوطنية. لكن المشروع لم ير النور بعد وبقي التدريس مقتصرا على الكتاتيب، وهي الصيغة الدارجة منذ سنوات طويلة.
ويتولى عملية التدريس شخصان من أبناء الطائفة، أحدهما يعلم الأطفال اللغة العبرية القديمة "لغة التوراة القديمة"، والآخر يعلمهم المعتقدات والطقوس الدينية.
ثامنا: ترميم المقدسات
تواجه الطائفة السامرية عراقيل تحد من قدرتها على ترميم أماكنها المقدسة على جبل جرزيم، سواء كانت مادية أو عراقيل تضعها دائرة الآثار الإسرائيلية كونها تقع في المنطقة c الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية حسب اتفاقيات أوسلو.
تاسعا: عدم وجود حملة شهادات عليا
تعاني الطائفة السامرية من غياب حملة الشهادات العليا، ويعود السبب في ذلك إلى عدم قدرة أبناء الطائفة على السفر إلى الخارج لأسباب تتعلق بعقائدهم الدينية، وتتوقف عملية التعليم عند حصول السامري على الشهادة الجامعية الأولى، وحديثاً بدأ البعض منهم يحصل على درجة الماجستير بعدما بدأت جامعة النجاح الوطنية تمنح هذه الشهادة.
عاشرا: الحاجز العسكري الإسرائيلي
تضرر السامريون جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، شأنهم شأن باقي الفلسطينيين، فقد أضحت الطائفة السامرية رهينة حاجز عسكري للجيش الإسرائيلي يخنق حركتهم ويضيق حرية دخولهم وخروجهم إلى مدينة نابلس، متنفسهم الوحيد نحو العالم الخارجي، ويحول دون ممارسة أنشطتهم اليومية المعتادة، علما بأن الحاجز يغلق ويفتح في ساعات محددة وبأوامر عسكرية مشددة. ففي الصباح يندفع طلبة المدارس والجامعات للالتحاق بمقاعدهم الدراسية وكذلك التجار الذين يضطرون لإغلاق محلاتهم التجارية في المساء مبكراً للعودة إلى منازلهم قبل إغلاق الجنود لبوابة الحاجز.
من جهة أخرى يحظر على غير أبناء الطائفة السامرية عبور الحاجز دون المرور بإجراءات أمنية معقدة، وقد حال ذلك دون وصول الزوار لجبل جرزيم وتحديداً المجموعات السياحية التي كانت تأتي لزيارة المتحف السامري.
حادي عشر: الحفريات الإسرائيلية في جبل جرزيم:
تجري دائرة الآثار الإسرائيلية منذ عدة سنوات عمليات حفر وتفتيش عن الآثار في منطقة جبل الطور، وقد تمكن اسحق ميجن، خبير الآثار الإسرائيلي الذي يشرف على الحفريات من اكتشاف آثار رومانية وبيزنطية وإسلامية وسامرية.
وتجري هذه الحفريات عادة بالقرب من الأماكن المقدسة السامرية الأمر الذي يثير حفيظة أبناء الطائفة السامرية باعتبارها تلحق الضرر بمقدساتهم في الوقت الذي لا يستطيعون منعها.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق