كتاب/ فلسطين المتخيلة .. ارض التوراة في اليمن القديم
للباحث العراقي فاضل الربيعي*
من اسم الكتاب يتبين وبكل وضوح وبساطة أن فلسطين التي زعم أن التوراة ذكرتها هي فلسطين متخيلة من اختراع المستشرقين و كتاب التاريخ في أوروبا وأمريكا لان التوراة لم تذكر اسم فلسطين على الإطلاق ولم تذكر اسم الفلسطينيين، ولذلك فان فلسطين أي الأرض التي زعم هي ارض الميعاد اليهودي هي ارض متخيلة وذلك حسبما جاء في النص التوراتي وكما قرئ استشراقيا..
الكتاب لا ينفع معه التلخيص أو المراجعة السريعة، كما يحدث في مراجعات
الكتب العادية، وليس من خيار لمن يريد أن يتعرف على ما جاء فيه إلا أن
يقرأه، وعلى من يقرؤه أن يتمتع بقدر جيد من الجلد والتحمل، فهو لن يقرأ
ديوان شعر ، لكنه سيرى بأم عينه كيف يتهاوى هرم من الأساطير والأكاذيب تحت
مطارق التحقيق العلمي بالجهد المضني والعمل المرهق عبر الغوص في التاريخ
والجغرافيا والأدب، وهذا في حد ذاته متعة لا حد لها لأي قارئ جاد يسعى لأن
يتعلم كيف يمكن الوصول إلى الحقيقة.
لقد اعتمد الباحث في مراجعه التي سيتعرف إليها القارئ أثناء قراءته للكتاب، واتبع منهجا محددا في توخي هدفه، رآه يسهل عليه الوصول إلى قارئه وإن كان غاية في الجهد على الباحث، شرحه في مقدمة الكتاب على التالي: "...إن تقنيات البحث التي سوف يستخدمها هذا الكتاب تقوم على الأساس التالي: سنعرض النص التوراتي بلغته الأصلية مع ترجمة أمينة إلى أقصى حد ممكن، وخصوصا للقصائد والمراثي التي كتبها أنبياء وشعراء اليهودية، ممهدين السبيل أمام وصف الهمداني للمواضع ذاتها وبالأسماء ذاتها. وأخيرا سوف نستخدم توصيف شعراء الجاهلية للأماكن نفسها".في نهاية المقدمة التي وضعها للجزء الأول، يقول الربيعي مؤكدا ومتأكدا: " ان الأساطير التي نسجها المستشرقون الأوروبيون، منذ مطلع القرن الماضي عن فلسطين التوراتية قد أدت في النهاية إلى بزوغ فلسطين أخرى لا وجود لها في شرق وغربي نهر الأردن"، ثم ليعلن أن "استرداد فلسطين من أسر المخيالية الاستشراقية وتحرير صورتها نهائيا من هيمنة السرد الغربي هما الهدف الحقيقي لهذا الكتاب".ويتساءل الربيعي مندهشا ومعه الحق كله، قائلا: "إنه لأمر مدهش حقا أن يكون لدى العرب وثيقة تاريخية دامغة عمرها الحقيقي أكثر من ألف عام، تسرد وتصف لهم الحق التاريخي في أرضهم من دون أن يعلموا بذلك، بل وأن يستمر بعضهم في تصديقه الأوهام والمختلقات والأكاذيب القائلة إن أحداث وقصص ومرويات التوراة دارت في فلسطين". ترى هل سبب ذلك هو الجهل وحده؟ حسنا، لم يعد الجهل بعد الآن مبررا ليستمر تصديق تلك الأكاذيب، فأنا أشهد أن فاضل الربيعي قد بلغ (بالتشديد على اللام).
يبقى أن نقول، نحن الذين تهمهم فلسطين ويهمهم أن تكون عربية، "إن استرداد فلسطين من أسر المخيالية الاستشراقية وتحرير صورتها من السرد الغربي" يعني نسف كل المزاعم والأساطير التي قامت عليها كل الأفعال والأعمال السياسية والعسكرية والاقتصادية التي وقعت في القرن الماضي وسمحت وبررت وأدت بالفعل إلى قيام (دولة إسرائيل).
يعرض الدكتور فاضل الربيعي دراسة تاريخية قام بها يؤكد من خلالها زيف الادعاءات الإسرائيلية في القدس .هذه الدراسة نشرها حديثا بعد البحث والتحقيق على مستوى التاريخ والشعر الجاهلي في كتاب من جزأين تحت عنوان "فلسطين المتخيلة" أرض التوراة في اليمن القديم.
يرد الدكتور على ادعاء الإسرائيليين أنهم اكتشفوا آثارا تؤكد وجود مملكة إسرائيل القديمة بأن القدس ليست أورشليم, والتوراة بنصها العبري لا تقول على الإطلاق أن القدس أورشليم أو أن المسرح التاريخي للأحداث الواردة في أسباط التوراة هو في فلسطين, التوراة لم تذكر فلسطين أو الفلسطينيين ولم تقل أن القدس هي أورشليم. ولذلك كل ما يدعيه الإسرائيليون المعاصرون عن وجود آثار لحضارة أو مملكة إسرائيلية في فلسطين هو أمر باطل كليا.الغريب أن التوراة تتحدث عن جغرافية فيها أسماء مثل عدن, حضرموت, أوزال ( اسم صنعاء القديمة).. كما أن جميع المواقع والأماكن الواردة في النصوص التوراتية موجودة في جغرافية اليمن وليس في فلسطين. ورد اسم القدس في سورة "قدش" أو" قدس" وهذا الاسم الوارد في التوراة هو لثلاثة أماكن أو مواضع كل منها جبل وجبل شامخ, بينما لا تقع القدس العربية لا فوق جبل ولا قرب جبل.
كما أن التوراة لا تقول أن جبل "قدش" هو أورشليم على الإطلاق, والمثير للاهتمام أن نصوص التوراة تتحدث عن ثلاثة أماكن باسم "قدس" أو "قدش" (السين والشين في العبرية, حرف واحد ) ولا يوجد على وجه الأرض أي جغرافية تحتوي ثلاثة جبال تحمل اسم "قدس" أو "قدش" إلا جغرافية اليمن وأطراف الجزيرة العربية وحتى اليوم لا يزال جبل قدس المبارك يطل شامخا على بعد 80 كيلومترا من مدينة "تعز" اليمنية.
أما فيما يخص الأدلة العلمية التي تؤكد هذه النظرية فيقول الدكتور فاضل الربيعي : اكتشفت وثيقة خطيرة هي كتاب "صفة جزيرة العرب" للهمذاني ولاحظت أن كل الأسماء الواردة في النصوص التوراتية سجلها الهمذاني ووصفها بنفس التسلسل وبنفس الأسماء وهو يصف أرض اليمن, وفضلا عن ذلك أوردت أبياتا من الشعر الجاهلي عن كل موضع ورد في التوراة بنفس الاسم وبنفس الوصف وهذا أمر لا يقبل أن يقع بمجرد المصادفة وإذا ما قمنا بقراءة عربية للتوراة متصادمة مع القراءة الإستشراقية الاستعمارية, فسوف نكتشف ببساطة الحقيقة التالية. إن القدس ليست أورشليم (ما يسمى بمدينة سليمان و داوود) وهي لا تقع فوق جبل وليست قرب جبل. والغريب أكثر أن "سفر صموئيل" الأول والثاني يتحدث عن استيلاء داود على مدينة أورشليم ويقول أن أورشليم هي بيت "بوس" ولا توجد مدينة بهذا الاسم كانت تدعى بيت بوس ثم سميت أورشليم, إلا بيت بوس اليمنية في سلسلة جبل حمير و قد وصفها الهمذاني وصفا دقيقا ووصف حتى مناخها في الصيف. حيث قال شربت ماءا باردا في حيزران (جوان) من بيت بوس, أي أنها مدينة في أعلى جبل وهو ما يتطابق مع وصف التوراة للجغرافية المتنازع عليها.
أما عن رأي علماء التاريخ اليمنيين في هذه النظرية فقد أكد الدكتور فاضل الربيعي أنه أرسل بالكتاب قبل نشره إلى عالمين يمنيين كبيرين من علماء الآثار والتاريخ هما العلامة الدكتور حسين العمري والدكتور حسين عبد الله وهما عالمان يدرسان في جامعة السربون بفرنسا وقد أرسلا موافقتهما الخطية وصادقا على ما جاء في الكتاب. وقد أشارت دار النشر في مقدمة الكتاب إلى موافقة هذين العالمين على نظرية الكتاب.
وفي تعليقه عن إمكانية أن تبرر هذه النظرية مطامع الإسرائيليين في أرض العرب وبالأخص اليمن أجاب الدكتور أن اليهود المعاصرون جماعة بشرية لا علاقة لهم بقبيلة بني إسرائيل, فهؤلاء أوروبيون ,بينما قبيلة بني إسرائيل قبيلة عربية بائدة , ولذلك نقول لهم , نعم أنتم يهود ولكنكم لستم من بني إسرائيل, وليس لكم حق تاريخي في أرض العرب بمجرد أنكم إعتنقتم ديانة عربية.واليهودية دين عربي قديم, مثلها مثل المسيحية فموسى لم يولد في استراليا,ولا داود ولد في الدانمارك, ولا سليمان مواطن بلجيكي,هؤلاء أنبياؤنا وينتسبون إلى تاريخ العرب وثقافتهم وأديانهم, ولذلك نكرر القول بأن التوراة الراهنة هي نتاج مخيلة إستشراقية إستعمارية, سعت بكل وسائل التزوير إلى أن تقرأ النص التوراتي بطريقة تعسفية وترغم الجغرافيا والتاريخ فيها على أن يتطابقا مع جغرافيا وتاريخ فلسطين التاريخية ..
هؤلاء إذن طارئون جاؤوا في موجة استعمارية لاغتصاب الأرض والتاريخ والثقافة.
إن نصوص التوراة تتحدث عن أورشليم بالتلازم مع ذكر جبل صهيون وتقول بعض روايات التوراة, وأنا قمت بإعادة ترجمتها من العبرية أن داود الملك استولى على أورشليم بعد أن عبر جبل صهيون, ولا يوجد في طول فلسطين وعرضها,جبل يدعى جبل صهيون يؤدي إلى القدس, بينما نجد جبل صهيون في سلسلة جبال اليمن المؤدية إلى نجران, وقد ورد ذكر هذا الجبل بالاسم "صهيون" في شعر الأعشى, وهو يحذر أساقفة نجران المسيحيين عام 524 ميلادي من هجوم تنظمه اليمن بقيادة الملك اليهودي نونواس الحميري وأنه سيأتيهم من جبل صهيون ليدخل نجران, والغريب أيضا أ ن هذا الحادث هو حادث تاريخي صحيح سجله القرآن الكريم في سورة "البروج" آية الأخدود وغيها قال تعالى "قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود",وهذه الآية الكريمة تتحدث عن الاضطهاد الذي قام به الملك اليهودي اليمني
لنصارى نجران بعد أن أجتاحها من السلسلة الجبلية المسماة صهيون . وهذه الواقعة تكررت في التاريخ عدة مرات, ذلك أن الدولة اليمنية المركزية كانت تتنازع دائما مع نجران وتعتبرها متمردة عليها.والتوراة تشير في نصوص كثيرة إلى حروب داود بالاستيلاء على مدينة "ربة" وهي ربة نجران وهذا يدلل أن المسرح التاريخي للتوراة لا علاقة له بفلسطين.
* للباحث العراقي فاضل الربيعي*
فاضل الربيعي (1952) الذي ينتمي إلى ما يسمّى بجيل السبعينيات في الثقافة العراقية، عمل محرراً لسنوات في جريدة “طريق الشعب” الناطقة بلسان الحزب الشيوعي، قبل مغادرته العراق. كما عُرف كاتباً للقصة القصيرة، وأصدر خلال تلك السنوات كتاباً في القصة القصيرة بعنوان “أيها البرج يا عذابي” (1976). ثم دخل في مرحلة من الهجرات المتواصلة منذ عام 1979، متنقّلاً بين تشيكوسلوفاكيا آنذاك وسوريا واليمن وقبرص ويوغسلافيا سابقاً... وصولاً إلى هولندا حيث يقيم منذ منتصف التسعينيات. وخلال ربع القرن الأخير، أصدر عدداً من الكتب القصصية والروايات منها “القيامة” (1984)، ورواية “عشاء المأتم” (1986). ثم انتقل الى مستوى آخر في البحث والتأليف، إذ أصدر عام 1996 ـ بعد سلسلة من الكتب السياسية ـ كتاباً بعنوان “الشيطان والعرش ـ رحلة النبي سليمان إلى اليمن” (دار الريّس). كما أصدر عن الدار نفسها “إرم ذات العماد، البحث عن الجنة” (1999)، و“كبش المحرقة: نموذج مجتمع القوميين العرب” (2000)، ثم “شقيقات قريش” (2001). وقدّم في كتاب “قصة حب في أورشليم” (دار الفرقد، دمشق ـ 2005)، ترجمة جديدة للنص العبري من نشيد الإنشاد، وروى في الكتاب غرام النبي سليمان بالإلهة العربية سلمى.
وعلى صعيد التنظير السياسي أصدر: “الجماهيريات العنيفة ونهاية الدولة الكاريزمية” (دار الأهالي، دمشق ـ 2005)، و“الخوذة والعمامة” الذي يبحث في موقف المرجعيات الدينية من الاحتلال الأميركي (دار الفرقد ـ 2006). كما أصدر عن “مركز دراسات الوحدة العربية” في بيروت عام 2007 كتاب “ما بعد الاستشراق، عن الغزو الأمريكي للعراق وعودة الكولونياليات البيضاء”. وأخيراً أصدر كتابين هما “فلسطين المتخيّلة، أرض التوراة في اليمن القديم” ( دار الفكر ـ دمشق) ويقع في مجلدين من 1300 صفحة، و“يوسف والبئر، أسطورة الوقوع في غرام الضيف” (دار رياض الريّس ـ بيروت). بعد هذه الرحلة الطويلة، يرى الربيعي أنّ مشروعه ما زال في بدايته، وهو يحتاج إلى جهود استثنائية لإغنائه وتأكيد خواصه العلمية.
والى لقاء قادم مع رابط لتحميل الكتاب باذن الله
للباحث العراقي فاضل الربيعي*
من اسم الكتاب يتبين وبكل وضوح وبساطة أن فلسطين التي زعم أن التوراة ذكرتها هي فلسطين متخيلة من اختراع المستشرقين و كتاب التاريخ في أوروبا وأمريكا لان التوراة لم تذكر اسم فلسطين على الإطلاق ولم تذكر اسم الفلسطينيين، ولذلك فان فلسطين أي الأرض التي زعم هي ارض الميعاد اليهودي هي ارض متخيلة وذلك حسبما جاء في النص التوراتي وكما قرئ استشراقيا..
لقد اعتمد الباحث في مراجعه التي سيتعرف إليها القارئ أثناء قراءته للكتاب، واتبع منهجا محددا في توخي هدفه، رآه يسهل عليه الوصول إلى قارئه وإن كان غاية في الجهد على الباحث، شرحه في مقدمة الكتاب على التالي: "...إن تقنيات البحث التي سوف يستخدمها هذا الكتاب تقوم على الأساس التالي: سنعرض النص التوراتي بلغته الأصلية مع ترجمة أمينة إلى أقصى حد ممكن، وخصوصا للقصائد والمراثي التي كتبها أنبياء وشعراء اليهودية، ممهدين السبيل أمام وصف الهمداني للمواضع ذاتها وبالأسماء ذاتها. وأخيرا سوف نستخدم توصيف شعراء الجاهلية للأماكن نفسها".في نهاية المقدمة التي وضعها للجزء الأول، يقول الربيعي مؤكدا ومتأكدا: " ان الأساطير التي نسجها المستشرقون الأوروبيون، منذ مطلع القرن الماضي عن فلسطين التوراتية قد أدت في النهاية إلى بزوغ فلسطين أخرى لا وجود لها في شرق وغربي نهر الأردن"، ثم ليعلن أن "استرداد فلسطين من أسر المخيالية الاستشراقية وتحرير صورتها نهائيا من هيمنة السرد الغربي هما الهدف الحقيقي لهذا الكتاب".ويتساءل الربيعي مندهشا ومعه الحق كله، قائلا: "إنه لأمر مدهش حقا أن يكون لدى العرب وثيقة تاريخية دامغة عمرها الحقيقي أكثر من ألف عام، تسرد وتصف لهم الحق التاريخي في أرضهم من دون أن يعلموا بذلك، بل وأن يستمر بعضهم في تصديقه الأوهام والمختلقات والأكاذيب القائلة إن أحداث وقصص ومرويات التوراة دارت في فلسطين". ترى هل سبب ذلك هو الجهل وحده؟ حسنا، لم يعد الجهل بعد الآن مبررا ليستمر تصديق تلك الأكاذيب، فأنا أشهد أن فاضل الربيعي قد بلغ (بالتشديد على اللام).
يبقى أن نقول، نحن الذين تهمهم فلسطين ويهمهم أن تكون عربية، "إن استرداد فلسطين من أسر المخيالية الاستشراقية وتحرير صورتها من السرد الغربي" يعني نسف كل المزاعم والأساطير التي قامت عليها كل الأفعال والأعمال السياسية والعسكرية والاقتصادية التي وقعت في القرن الماضي وسمحت وبررت وأدت بالفعل إلى قيام (دولة إسرائيل).
يعرض الدكتور فاضل الربيعي دراسة تاريخية قام بها يؤكد من خلالها زيف الادعاءات الإسرائيلية في القدس .هذه الدراسة نشرها حديثا بعد البحث والتحقيق على مستوى التاريخ والشعر الجاهلي في كتاب من جزأين تحت عنوان "فلسطين المتخيلة" أرض التوراة في اليمن القديم.
يرد الدكتور على ادعاء الإسرائيليين أنهم اكتشفوا آثارا تؤكد وجود مملكة إسرائيل القديمة بأن القدس ليست أورشليم, والتوراة بنصها العبري لا تقول على الإطلاق أن القدس أورشليم أو أن المسرح التاريخي للأحداث الواردة في أسباط التوراة هو في فلسطين, التوراة لم تذكر فلسطين أو الفلسطينيين ولم تقل أن القدس هي أورشليم. ولذلك كل ما يدعيه الإسرائيليون المعاصرون عن وجود آثار لحضارة أو مملكة إسرائيلية في فلسطين هو أمر باطل كليا.الغريب أن التوراة تتحدث عن جغرافية فيها أسماء مثل عدن, حضرموت, أوزال ( اسم صنعاء القديمة).. كما أن جميع المواقع والأماكن الواردة في النصوص التوراتية موجودة في جغرافية اليمن وليس في فلسطين. ورد اسم القدس في سورة "قدش" أو" قدس" وهذا الاسم الوارد في التوراة هو لثلاثة أماكن أو مواضع كل منها جبل وجبل شامخ, بينما لا تقع القدس العربية لا فوق جبل ولا قرب جبل.
كما أن التوراة لا تقول أن جبل "قدش" هو أورشليم على الإطلاق, والمثير للاهتمام أن نصوص التوراة تتحدث عن ثلاثة أماكن باسم "قدس" أو "قدش" (السين والشين في العبرية, حرف واحد ) ولا يوجد على وجه الأرض أي جغرافية تحتوي ثلاثة جبال تحمل اسم "قدس" أو "قدش" إلا جغرافية اليمن وأطراف الجزيرة العربية وحتى اليوم لا يزال جبل قدس المبارك يطل شامخا على بعد 80 كيلومترا من مدينة "تعز" اليمنية.
أما فيما يخص الأدلة العلمية التي تؤكد هذه النظرية فيقول الدكتور فاضل الربيعي : اكتشفت وثيقة خطيرة هي كتاب "صفة جزيرة العرب" للهمذاني ولاحظت أن كل الأسماء الواردة في النصوص التوراتية سجلها الهمذاني ووصفها بنفس التسلسل وبنفس الأسماء وهو يصف أرض اليمن, وفضلا عن ذلك أوردت أبياتا من الشعر الجاهلي عن كل موضع ورد في التوراة بنفس الاسم وبنفس الوصف وهذا أمر لا يقبل أن يقع بمجرد المصادفة وإذا ما قمنا بقراءة عربية للتوراة متصادمة مع القراءة الإستشراقية الاستعمارية, فسوف نكتشف ببساطة الحقيقة التالية. إن القدس ليست أورشليم (ما يسمى بمدينة سليمان و داوود) وهي لا تقع فوق جبل وليست قرب جبل. والغريب أكثر أن "سفر صموئيل" الأول والثاني يتحدث عن استيلاء داود على مدينة أورشليم ويقول أن أورشليم هي بيت "بوس" ولا توجد مدينة بهذا الاسم كانت تدعى بيت بوس ثم سميت أورشليم, إلا بيت بوس اليمنية في سلسلة جبل حمير و قد وصفها الهمذاني وصفا دقيقا ووصف حتى مناخها في الصيف. حيث قال شربت ماءا باردا في حيزران (جوان) من بيت بوس, أي أنها مدينة في أعلى جبل وهو ما يتطابق مع وصف التوراة للجغرافية المتنازع عليها.
أما عن رأي علماء التاريخ اليمنيين في هذه النظرية فقد أكد الدكتور فاضل الربيعي أنه أرسل بالكتاب قبل نشره إلى عالمين يمنيين كبيرين من علماء الآثار والتاريخ هما العلامة الدكتور حسين العمري والدكتور حسين عبد الله وهما عالمان يدرسان في جامعة السربون بفرنسا وقد أرسلا موافقتهما الخطية وصادقا على ما جاء في الكتاب. وقد أشارت دار النشر في مقدمة الكتاب إلى موافقة هذين العالمين على نظرية الكتاب.
وفي تعليقه عن إمكانية أن تبرر هذه النظرية مطامع الإسرائيليين في أرض العرب وبالأخص اليمن أجاب الدكتور أن اليهود المعاصرون جماعة بشرية لا علاقة لهم بقبيلة بني إسرائيل, فهؤلاء أوروبيون ,بينما قبيلة بني إسرائيل قبيلة عربية بائدة , ولذلك نقول لهم , نعم أنتم يهود ولكنكم لستم من بني إسرائيل, وليس لكم حق تاريخي في أرض العرب بمجرد أنكم إعتنقتم ديانة عربية.واليهودية دين عربي قديم, مثلها مثل المسيحية فموسى لم يولد في استراليا,ولا داود ولد في الدانمارك, ولا سليمان مواطن بلجيكي,هؤلاء أنبياؤنا وينتسبون إلى تاريخ العرب وثقافتهم وأديانهم, ولذلك نكرر القول بأن التوراة الراهنة هي نتاج مخيلة إستشراقية إستعمارية, سعت بكل وسائل التزوير إلى أن تقرأ النص التوراتي بطريقة تعسفية وترغم الجغرافيا والتاريخ فيها على أن يتطابقا مع جغرافيا وتاريخ فلسطين التاريخية ..
هؤلاء إذن طارئون جاؤوا في موجة استعمارية لاغتصاب الأرض والتاريخ والثقافة.
إن نصوص التوراة تتحدث عن أورشليم بالتلازم مع ذكر جبل صهيون وتقول بعض روايات التوراة, وأنا قمت بإعادة ترجمتها من العبرية أن داود الملك استولى على أورشليم بعد أن عبر جبل صهيون, ولا يوجد في طول فلسطين وعرضها,جبل يدعى جبل صهيون يؤدي إلى القدس, بينما نجد جبل صهيون في سلسلة جبال اليمن المؤدية إلى نجران, وقد ورد ذكر هذا الجبل بالاسم "صهيون" في شعر الأعشى, وهو يحذر أساقفة نجران المسيحيين عام 524 ميلادي من هجوم تنظمه اليمن بقيادة الملك اليهودي نونواس الحميري وأنه سيأتيهم من جبل صهيون ليدخل نجران, والغريب أيضا أ ن هذا الحادث هو حادث تاريخي صحيح سجله القرآن الكريم في سورة "البروج" آية الأخدود وغيها قال تعالى "قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود",وهذه الآية الكريمة تتحدث عن الاضطهاد الذي قام به الملك اليهودي اليمني
لنصارى نجران بعد أن أجتاحها من السلسلة الجبلية المسماة صهيون . وهذه الواقعة تكررت في التاريخ عدة مرات, ذلك أن الدولة اليمنية المركزية كانت تتنازع دائما مع نجران وتعتبرها متمردة عليها.والتوراة تشير في نصوص كثيرة إلى حروب داود بالاستيلاء على مدينة "ربة" وهي ربة نجران وهذا يدلل أن المسرح التاريخي للتوراة لا علاقة له بفلسطين.
* للباحث العراقي فاضل الربيعي*
بطاقة تعريف للكاتب الباحث فاضل الربيعي
فاضل الربيعي (1952) الذي ينتمي إلى ما يسمّى بجيل السبعينيات في الثقافة العراقية، عمل محرراً لسنوات في جريدة “طريق الشعب” الناطقة بلسان الحزب الشيوعي، قبل مغادرته العراق. كما عُرف كاتباً للقصة القصيرة، وأصدر خلال تلك السنوات كتاباً في القصة القصيرة بعنوان “أيها البرج يا عذابي” (1976). ثم دخل في مرحلة من الهجرات المتواصلة منذ عام 1979، متنقّلاً بين تشيكوسلوفاكيا آنذاك وسوريا واليمن وقبرص ويوغسلافيا سابقاً... وصولاً إلى هولندا حيث يقيم منذ منتصف التسعينيات. وخلال ربع القرن الأخير، أصدر عدداً من الكتب القصصية والروايات منها “القيامة” (1984)، ورواية “عشاء المأتم” (1986). ثم انتقل الى مستوى آخر في البحث والتأليف، إذ أصدر عام 1996 ـ بعد سلسلة من الكتب السياسية ـ كتاباً بعنوان “الشيطان والعرش ـ رحلة النبي سليمان إلى اليمن” (دار الريّس). كما أصدر عن الدار نفسها “إرم ذات العماد، البحث عن الجنة” (1999)، و“كبش المحرقة: نموذج مجتمع القوميين العرب” (2000)، ثم “شقيقات قريش” (2001). وقدّم في كتاب “قصة حب في أورشليم” (دار الفرقد، دمشق ـ 2005)، ترجمة جديدة للنص العبري من نشيد الإنشاد، وروى في الكتاب غرام النبي سليمان بالإلهة العربية سلمى.
وعلى صعيد التنظير السياسي أصدر: “الجماهيريات العنيفة ونهاية الدولة الكاريزمية” (دار الأهالي، دمشق ـ 2005)، و“الخوذة والعمامة” الذي يبحث في موقف المرجعيات الدينية من الاحتلال الأميركي (دار الفرقد ـ 2006). كما أصدر عن “مركز دراسات الوحدة العربية” في بيروت عام 2007 كتاب “ما بعد الاستشراق، عن الغزو الأمريكي للعراق وعودة الكولونياليات البيضاء”. وأخيراً أصدر كتابين هما “فلسطين المتخيّلة، أرض التوراة في اليمن القديم” ( دار الفكر ـ دمشق) ويقع في مجلدين من 1300 صفحة، و“يوسف والبئر، أسطورة الوقوع في غرام الضيف” (دار رياض الريّس ـ بيروت). بعد هذه الرحلة الطويلة، يرى الربيعي أنّ مشروعه ما زال في بدايته، وهو يحتاج إلى جهود استثنائية لإغنائه وتأكيد خواصه العلمية.
والى لقاء قادم مع رابط لتحميل الكتاب باذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق