فلسطين عبر التاريخ، محطات تاريخية ما بين العامين 1968-1987
معركة الكرامة 1968
معركة الكرامة وقعت في 21 آذار 1968حين حاولت قوات الجيش الصهيوني احتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن؛ لأسباب تعدُّها دولة الإحتلال الصهيوني إستراتيجية. وقد عبرت النهر فعلاً من عدة محاور مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف؛ فتصدت لها المقاومة الفلسطينية وقوات الجيش العربي الأردني بقوةعلى طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت.
واستمرت المعركة لأكثر من 16 ساعة؛ ما اضطر الصهاينة إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة، تاركين وراءهم -ولأول مرة- خسائرهم وقتلاهم.
أهداف المعركة:
أثبتت الوثائق التي تركها القادة الصهاينة في ساحة القتال أن هذه العملية تهدف إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية واحتلال المرتفعات الشرقية لوادي الأردن.
بداية التوتر
وفي مطلع سنة 1968 صدرت عدة تصريحات رسمية عن دولة الإحتلال الصهيوني تعلن أنه إذا استمرت نشاطات الفدائيين عبر النهر، فإنها ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب؛ وبناء عليه، زاد نشاط الدوريات الصهيونية في الفترة ما بين 15-18 مارس 1968 بين جسر الملك حسين وجسر داميا، وازدادت أيضًا الطلعات الجوية الصهيونية فوق وادي الأردن.
وتمهيدًا للهجوم الواسع؛ قامت دولة الإحتلال الصهيوني بهجمات عديدة ومركزة استخدمت فيها القصف الجوي والمدفعي على طول الجبهة الأردنية أسابيع عديدة سبقت بداية المعركة في 5:25 من فجر يوم الأحد في 21 آذار 1968. كما مهدت لذلك بإجراءات واسعة النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تهيئة المنطقة لتطورات جديدة تتوقعها كنتائج لعملياتها العسكرية شرقي نهر الأردن؛ فقد بنت توقعاتها على أساس:
1- الاستهانة بقوة الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية عل طول الحدود بين الأردن وفلسطين، والتي تعدُّ أطول حدود برية مع دولة الإحتلال الصهيوني .
2- هزيمة العرب في حرب 1967؛ وبالتالي فالروح المعنوية القتالية لن تكون بالمستوى اللازم لتحقيق مقاومة جدية.
3- لم يتسنَّ للجيش الأردني إعادة تسليح قواته أو تعويض خسائره التي مني بها في حرب 1967
4- عدم تمكن الأردنيين من تعويض طائراتهم؛ ما يعني افتقار القوات الأردنية للغطاء الجوي.
5- خطأ دولة الإحتلال الصهيوني في تقدير قوة المقاومة الفلسطينية والاستهانة بها، وسعيها لكسرها وتدميرها قبل أن تتعاظم.
6- ظن دولة الإحتلال الصهيوني أن الخلافات السياسية بين فصائل المقاومة والحكومة الأردنية، تحول دون تحقيق أي تعاون بينهما.
محاور القتال
حشد الجيش الصهيوني لتلك المعركة اللواء المدرع السابع، وهو الذي سبق وأن نفذ عملية الإغارة على قرية السموع عام 1966، واللواء المدرع 60، ولواء المظليين 35، ولواء المشاة 80، وعشرين طائرة هيلوكبتر لنقل المظليين، وخمس كتائب مدفعية 155 ملم و105 ملم، بالإضافة إلى قواته، وسلاحه الجوي الذي كان يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة، فضلًا عن قوة الهجوم التي استخدمها في غور الصافي، وهي كتيبة دبابات، وكتيبة مشاة آلية، وسريتا مظليين، وكتيبة مدفعية. وتم حشد هذه القوات في منطقة أريحا، ودفع بقوات رأس الجسر إلى مناطق قريبة من مواقع العبور الرئيسة الثلاثة.
بدأ الجيش الصهيوني قصفه المركز على مواقع الإنذار والحماية، ثم قام بهجومه الكبير على الجسور الثلاثة عبر محاور القتال الرئيسة، في وقت واحد؛ حيث كان يسلك الطريق التي تمر فوق هذه الجسور وتؤدي إلى الضفة الشرقية، وهي طريق جسر داميا (الأمير محمد)، وتؤدي إلى المثلث المصري، ثم يتفرع منها مثلث العارضة- السلط-عمان، وطريق أريحا، ثم جسر الملك حسين –الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان، ثم جسر الأمير عبد الله (سويمة، ناعور عمان).
وفي فجر يوم 21 آذار 1968 زمجرت المدافع، وانطلقت الأصوات على الأثير عبر الأجهزة اللاسلكية، تعلن بدء الهجوم الصهيوني عبر النهر.
يقول اللواء مشهور حديثة: في الساعة 5:25 فجرًا، أبلغني الركن المناوب أن الجيش الصهيوني يحاول اجتياز جسر الملك حسين، فأبلغته أن يصدر الأمر بفتح النار المدمرة على حشود الجيش الصهيوني؛ لذلك كسب الجيش العربي مفاجأة النار عند بدء الهجوم من القوات الصهيونية. ولو تأخر في ذلك لأتاح للقوات المهاجمة الوصول إلى أهدافها؛ بالنظر إلى قصر محاور الهجوم التي تقود وبسرعة إلى أهداف حاسمة وهامة؛ في ظل حجم القوات التي تم دفعها إلى أرض المعركة، وفي ظل نوعية أفراد هذه القوات وتدريبها، وسرعة وزخم هجومها، بالإضافة إلى سهولة الحركة فوق الجسور القائمة.
إلا أن القوات الأردنية -وخاصة سلاح المدفعية- ومجموعات المقاومة الحاملة لمضادات المدفعية (أر بي جي )، استطاعت حرمان القوات الصهيونية حرية العبور حسب المحاور المخصصة لها؛ ودليل ذلك أن القوات الصهيونية التي تكاملت شرقي النهر، كانت بحجم فرقة، وهي القوات التي عبرت في الساعة الأولى من الهجوم، وبعدها لم تتمكن القوات المهاجمة من زج أية قوات جديدة شرقي النهر، بالرغم من محاولتهم المستميتة للبناء على الجسور التي دمرت، ومحاولة بناء جسور حديدية لإدامة زخم الهجوم والمحافظة على زمام المبادرة؛ ما أربك الغزاة المهاجمين وزاد حيرتهم وخاصة في ظل شراسة المواقع الدفاعية ومقاومتها الشديدة.
القتال على محور جسر الأمير محمد (داميا)
اندفعت القوات العاملة على هذا الجسر تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والدبابات والرشاشات المتوسطة، فتصدت لها قوات الحجاب الموجودة شرق الجسر مباشرة، ودارت معركة عنيفة تمكنت المقاومة الفلسطينية والقوات الأردنية المدافعة خلالها من تدمير عدد من دبابات الجيش الصهيوني، وإيقاع الخسائر بين صفوفه، وإجباره على التوقف.
القتال على محور جسر الملك حسين
لقد كان الهجوم الرئيسي هنا موجهاً نحو الشونة الجنوبية، وكانت القوات الرئيسة المخصصة للهجوم مركزة على هذا المحور؛ الذي يمكن التحول منه إلى بلدة الكرامة والرامة والكفرين جنوباً. واستخدم الجيش الصهيوني في هذه المعركة لواءين (لواء دروع ولواء آلي) تساندهما المدفعية والطائرات.
ففي صباح يوم الخميس 21 آذار دفع الجيش الصهيوني بفئة دبابات لعبور الجسر، واشتبكت مع قوات الحجاب القريبة من الجسر؛ إلا أن قانصي الدروع تمكنوا من تدمير تلك الفئة. واستطاع الجيش الصهيوني إنزال الموجة الأولى من المظليين شرقي الكرامة، لكن هذه الموجة تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح وتم إفشالها؛ ما دفع الجيش الصهيوني إلى إنزال موجة أخرى تمكنت من الوصول إلى بلدة الكرامة، وبدأت بعمليات تدمير لبنايات البلدة، واشتبكت مع بعض قوات الدفاع الأردنية في قتال داخل المباني.
وفي هذه الأثناء استمر الجيش الصهيوني بمحاولاته في الهجوم على بلدة الشونة الجنوبية. وكانت المقاومة والقوات الأردنية المدافعة تتصدى له في كل مرة، وتوقع به المزيد من الخسائر. وعندما اشتدت ضراوة المعركة؛ طلب الجيش الصهيوني - ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي- وقف إطلاق النار؛ ورفض الملك الحسين بن طلال وقف إطلاق النار، رغم ضغط الولايات المتحدة. وحاول الجيش الصهيوني الانسحاب؛ إلا أن القوات الأردنية تدخلت في عملية الانسحاب وحولته إلى انسحاب غير منظم؛ فترك الجيش الصهيوني عدداً من آلياته وقتلاه في أرض المعركة. (حديث اللواء بهجت المحيسن قائد لواء حطين عن هذا المحور)
القتال على محور جسر الأمير عبد الله
حاول الجيش الصهيوني القيام بعملية عبور من هذا المحور باتجاه (ناعور – عمّان) وحشد لذلك قوات مدرعة؛ إلا أنه فشل. ومنذ البداية، لم تتمكن قواته، على هذا المحور، من عبور النهر؛ بعد أن دمرت معظم معدات التجسير التي حاول استخدامها في عملية العبور. وانتهى القتال على هذا المحور بانسحاب فوضوي لقوات الجيش الإسرائيلي. وكان للمدفعية الأردنية ونيران الدبابات وأسلحة مقاومة الدروع الأثر الأكبر في إيقاف تقدم الجيش الإسرائيلي ودحره.
محور غور الصافي
حاول الصهاينة تشتيت جهد المقاومة الفلسطينية والقوات الأردنية بالهجوم على محور غور الصافي برتل من دباباته وآلياته ومشاته؛ تمهيداً لحملة إعلامية نفسية مستخدماً المنشورات التي كان يلقيها على السكان، والتي يدعوهم فيها إلى الاستسلام وعدم المقاومة، كما قام بعمليات قصف جوي مكثف على القوات الأردنية؛ إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف من الجيش الأردني؛ ما أجبر القوات المهاجمة على الانسحاب.
ويذكر أن أول من نفذ عملية استشهادية هو شخص ملقب "بالفسفوري" من حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح- " حيث قام بتلغيم نفسه، وقفز إلى رتل من الدبابات الصهيونية موقعاً بها خسائر كبيرة جدًا.
انسحاب القوات الصهيونية
فشل الجيش الصهيوني تماماً في هذه المعركة دون أن يحقق أياً من أهدافه على جميع المحاور، وخرج من هذه المعركة خاسراً مادياً ومعنوياً خسارة لم يكن يتوقعها أبداً.
وصدرت الأوامر الصهيونية بالانسحاب حوالي الساعة 15:00 ؛ وقد استغرقت عملية الانسحاب تسع ساعات؛ نظراً للصعوبة التي عاناها الصهاينة في التراجع.
طلب وقف إطلاق النار
طلبت دولة الإحتلال الصهيوني -ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني- وقف إطلاق النار في الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم المعركة؛ إلا أن الأردن أصر -وعلى لسان الملك الحسين (قائد الجيش)- على عدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جنديًا صهيونيا واحدًا شرقي النهر؛ وذلك رغم كل الضغوطات الدولية.
الخسائر:
خسائر القوات الصهيونية:
قتل من الصهاينة 250 جنديًا وجرح 450 في أقل من 18 ساعة، تدمير 88 آلية، وهي عبارة عن 27 دبابة، و18 ناقلة، و24 سيارة مسلحة، و19 سيارة شحن وسقوط طائرة.
وقد عرض الأردن بعض هذه الخسائر الصهيونية أمام الملأ في الساحة الهاشمية.
خسائر المقاومة الفلسطينية:
ارتقاء حوالي 100 شهيد، وتدمير مخيم الكرامة تدميرًا كليًا.
خسائر القوات الأردنية:
1- ارتقاء 78 شهيدًا.
2- سقوط 108 جرحى.
3- تدمير 13 دبابة.
4- تدمير 39 آلية.
نتائج المعركة
- فشل الجيش الصهيوني في تحقيق أي من أهدافه التي سعى إلى تحقيقها بهذه العملية.
- أثبت رجال المقاومة والجيش الأردني قدرتهم على الثبات، والحفاظ على روح قتالية عالية، رغم الظروف الصعبة.
مبادرة روجرز
مبادرة روجرز هي مبادرة قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في آب سنة 1970، وتقترح وقف العمليات المسلحة التي ينفذها الفدائيون الفلسطينيون المتمركزون في غور الأردن ضد دولة الإحتلال الصهيوني .
وافقت مصر بقيادة عبد الناصر على هذه المبادرة، ثم الأردن بقيادة الملك حسين؛ لكن منظمة التحرير الفلسطينية رفضت الالتزام بها.
أسباب طرح هذه المبادرة:
طرحت الولايات المتحدة الأمريكية هذه المبادرة لإيقاف القتال مدة ثلاثة أشهر، بعد المعارك الجوية التي دارت بين القوات المسلحة المصرية والقوات الإسرائيلية المعادية، التي أسقطت فيها طائرات تابعة لسلاح الجو الصهيوني، والتي كان عدد منها طائرات أمريكية الصنع حديثة جداً.
وجاءت هذه المبادرة لإنقاذ دولة الإحتلال الصهيوني من المأزق العسكري الكبير جداً؛ بعد أن منيت بخسائر بشرية يومية في صفوف قواتها المسلحة. قد جاءت مبادرة روجرز بعد أن تبين أن الهزيمة، رغم مرارتها وقسوتها، لم تجبر العرب على رفع أعلام الاستسلام البيضاء؛ وإنما تواصل القتال تعبيرًا عن رفض الهزيمة؛ إذ كان شهر سبتمبر هو البداية الحقيقية لعودة القتال، عندما قامت معركة بالمدفعية في منطقة القنطرة خسر فيها الصهاينة حوالي 80 قتيلًا و250 جريحًا؛ ما جعل يوثانت (أمين عام الأمم المتحدة في ذلك الوقت) يطلب من "أودبول" (كبير المراقبين الدوليين) قطع إجازته والعودة فورًا إلى القاهرة. وفي 25 اكتوبر، أغرقت البحرية المصرية المدمرة الصهيونية (إيلات).
ورغم صدور قرار مجلس الأمن في 25 نوفمبر عام 1967 بوقف إطلاق النار؛ قال جمال عبد الناصر: إن ما يفعله الصهاينة في الأرض المحتلة يؤكد أنهم لن يخرجوا منها، إلا إذا أجبروا على ذلك، وقال قولته المشهورة: "إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
وهكذا تواصل القتال وتصاعد حتى دخول حرب الاستنزاف التي كثفت فيها دولة الإحتلال الصهيوني غاراتها الجوية بغية إصابة النظام بالشلل (كما صرحت رئيسة الوزراء (جولدا مائير))، وفي نفس الوقت ارتفعت روح المقاومة وازداد الإصرار على تحرير الوطن، وارتفعت خسائر دولة الإحتلال الصهيوني بشكل ملحوظ؛ ما دفع جولدا مائير إلى القول إن «كتائب الصواريخ المصرية كعش الغراب كلما دمرنا أحدها نبت بدلها أخرى» ودفعت أبا إيبان (وزير الخارجية) إلى القول: "لقد بدأ الطيران الصهيوني يتآكل".
تصريح وليام روجرز
قال وليام روجرز في أحد المؤتمرات يوم 9 ديسمبر عام 1969: «سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى تشجيع العرب على قبول سلام دائم، وفي الوقت نفسه تشجع دولة الإحتلال الصهيوني على قبول الانسحاب من أراض محتلة بعد توفير ضمانات الأمن اللازمة؛ وإن ذلك يتطلب اتخاذ خطوات تحت إشراف كونار يارنك وبنفس الترتيبات التي اتخذت في اتفاقيات الهدنة برودس عام 1948. وكمبدأ عام؛ فإنه عند بحث موضوعي السلام والأمن؛ فإنه يطلب من دولة الإحتلال الصهيوني الانسحاب من الأراضي المصرية بعد اتخاذ ترتيبات للأمن في شرم الشيخ، وترتيبات خاصة في قطاع غزة مع وجود مناطق منزوعة السلاح في سيناء.
رد الفعل الصهيوني
بادرت دولة الإحتلال الصهيوني إلى رفض مبادرة روجرز؛ ويبدو أن حكومة دولة الإحتلال الصهيوني في صلتها مع الحكومة الأمريكية خلال هذه الفترة كانت تركن وتعتمد على هنري كيسنجر الذي كان مستشارًا للرئيس الأمريكي للأمن القومي فقط. وكان ناحوم جولدمان (رئيس المؤتمر اليهودي العالمي) قد أبلغ أن هنري كيسنجر كان يستخف بوليام روجرز، وأنه يسعى لأن يحل محله، وهو ما حدث فعلًا بعد ذلك.
وكان جمال عبد الناصر في زيارة للاتحاد السوفيتي خلال شهر تموز عام 1970، عندما قال في اجتماع مع بريجنيف يوم 16 يوليو (وهو اليوم السابق لعودته للقاهرة): إنه قرر قبول المبادرة الأمريكية، موضحًا سبب ذلك في أن القوات المسلحة تحتاج إلى فترة لالتقاط الأنفاس والانتهاء من مواقع الصواريخ على الشاطئ الغربي للقناة؛ بعد أن بلغت خسائر المدنيين الذين اشتركوا في بناء قواعد الصواريخ 4000 شهيد. وكذلك قال جمال عبد الناصر للجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي: إن قبول مصر للمبادرة سوف يحرج دولة الإحتلال الصهيوني أمام الرأي العام العالمي وأمام أمريكا أيضاً. وذكر أنه لا يعتقد أن لهذه المبادرة أي نصيب من النجاح، وأن فرصتها في ذلك لا تتجاوز 1 أو 2 في المائة.
رد الفعل المصري
في البداية قابلت القاهرة تصريح روجرز بالصمت التام، ثم أعلن جمال عبد الناصر قبوله بها يوم 23 يوليو في العيد الثامن عشر للثورة. وتفجرت ردود الفعل في أنحاء العالم؛ فقد كان الإعلان مفاجئا بعد فترة صمت امتدت أكثر من شهر. والظاهرة التي يجب الوقوف عندها طويلًا هي خروج الصهاينة إلى الشوارع في مظاهرات رقص وفرح؛ فقد انتهت بالنسبة لهم حرب الاستنزاف التي أرهقتهم نفسيًا وماديًا، وكبدتهم خسائر كثيرة في الأرواح.
أنقذ قبول المبادرة الصهاينة من تكرار ما حدث في ذلك اليوم الذي أطلقوا عليه اسم "السبت الحزين" (عندما وقعت إحدى دورياتهم في كمين للقوات المصرية المتسللة في سيناء، وقتل 40 جنديًا، وعاد المصريون باثنين من الأسرى)، رقص الصهاينة تصورًا منهم أن المبادرة هي خطوة أولى نحو السلام فعلا، وهكذا كانت قناعة الرأي العالمي أيضًا.
وقال ناحوم جولدمان: إن قبول مبادرة روجرز خطوة هائلة للسلام من جانب عبد الناصر؛ وإن على الحكومة الصهيونية أن تلتقي معه في منتصف الطريق، ومع ذلك تحطم الائتلاف الحكومي الصهيوني بانسحاب ستة وزراء من حزب «جاحال»، وفي مقدمتهم مناحم بيجن.
ردود الفعل العربية
المثير أن قبول المبادرة كانت له انعكاسات مختلفة على الجانب العربي، واندفعت بعض القوى الفلسطينية إلى اتهام الذين قبلوها بالخيانة؛ الأمر الذي أدى إلى إصدار أمر بوقف إذاعة صوت فلسطين، التي كانت تبث من القاهرة يوم 29 يوليو عام 1970. ووضعت المبادرة موضع التنفيذ في الساعة الواحدة من صباح السبت 8 آب عام 1970 لمدة 90 يومًا.
النهاية
ولم يمتد العمر بجمال عبد الناصر حتى نهاية المدة المحددة لوقف إطلاق النار، ولم تجد مبادرة روجرز فرصتها لتوضع موضع التنفيذ. وبعد وفاة جمال عبد الناصر؛ تجدد وقف إطلاق النار لمدة ثلاث سنوات وشهرين، حتى قامت حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وكان وليام روجرز قد ترك منصبه.
النقاط العشر أو مشروع روجرز
وهي عشر نقاط، وقد قدمت أيضا هذه النقاط إلى الأردن مع إضافة ثلاث نقاط أخرى على المشروع؛ في 9/12 /1969 لكن بعد فترة، وبتاريخ 25/6/1970 تم تقديم مشروع معدل لكل من مصر والأردن ودولة الإحتلال الصهيوني ، وتمثل بالنقاط التالية:
نص المشروع المعدل المقدم إلى مصر والأردن ودولة الإحتلال الصهيوني في 25/6/1970 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية المقترحات التالية:
1. تتعهد دولة الإحتلال الصهيوني والجمهورية العربية المتحدة بأن تتقيدا بوقف إطلاق النار، لفترة محددة على الأقل.
2. إن دولة الإحتلال الصهيوني والجمهورية العربية المتحدة، وكذلك الأردن ودولة الإحتلال الصهيوني ، تقبل بالبيان التالي، والذي سيكون على شكل تقرير من السفير يارينج إلى الأمين العام يوثانت:
" لقد أشارت كل من الجمهورية العربية المتحدة والأردن ودولة الإحتلال الصهيوني ، إلى أنها توافق على:
أ. أنهم يقبلون ويعلنون رغبتهم في تنفيذ القرار 242، بكل أجزائه، وأنهم سيعيِّنون ممثلين عنهم في مناقشات تجري تحت إشرافي وفي الأماكن والمواعيد، التي أحددها، واضعاً في الحساب ما يلائم كل طرف، في ضوء البروتوكول والخبرة السابقة بين هذه الأطراف.
ب. إن الغرض من المناقشات، التي سبق ذكرها، الوصول إلى اتفاق لبناء سلام عادل ودائم بينهم، يقوم على:
1. الاعتراف المتبادل بين كل من الجمهورية العربية المتحدة والأردن ودولة الإحتلال الصهيوني بالسلطة والسيادة الإقليمية والاستقلال السياسي.
2. الانسحاب الصهيوني من أراضٍ احتلت في نزاع عام 1967 (كلا النقطتين 1و2 وفقاً لقرار 242).
3. ولتسهيل مهمتي في الوصول إلى اتفاق كما جاء في القرار 242؛ تتقيد الأطراف بحزم بقرارات مجلس الأمن لوقف إطلاق النار اعتباراً من 1 يوليه حتى 1 أكتوبر 1970".
برنامج النقاط العشر الفلسطيني ( البرنامج االمرحلي)
في عام 1974، أقر المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر التي تمت صياغتها من قبل قيادات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والتي تدعو إلى إنشاء سلطة وطنية على أي قطعة محررة من أرض فلسطين، والعمل الفاعل لإنشاء دولة علمانية ديمقراطية ثنائية القومية في فلسطين/دولة الإحتلال الصهيوني ، يتمتع فيها كل المواطنين بالمساواة والحقوق، بغض النظر عن العرق والجنس والدين.
اعتبر برنامج النقاط العشر أول محاولة من قبل م.ت.ف. لحل سلمي، علمًا بأن الهدف النهائي كان إكمال تحرير كامل التراب الفلسطيني، وكخطوة على طريق الوحدة العربية الكاملة.
معركة الكرامة 1968
معركة الكرامة وقعت في 21 آذار 1968حين حاولت قوات الجيش الصهيوني احتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن؛ لأسباب تعدُّها دولة الإحتلال الصهيوني إستراتيجية. وقد عبرت النهر فعلاً من عدة محاور مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف؛ فتصدت لها المقاومة الفلسطينية وقوات الجيش العربي الأردني بقوةعلى طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت.
واستمرت المعركة لأكثر من 16 ساعة؛ ما اضطر الصهاينة إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة، تاركين وراءهم -ولأول مرة- خسائرهم وقتلاهم.
أهداف المعركة:
أثبتت الوثائق التي تركها القادة الصهاينة في ساحة القتال أن هذه العملية تهدف إلى القضاء على المقاومة الفلسطينية واحتلال المرتفعات الشرقية لوادي الأردن.
بداية التوتر
وفي مطلع سنة 1968 صدرت عدة تصريحات رسمية عن دولة الإحتلال الصهيوني تعلن أنه إذا استمرت نشاطات الفدائيين عبر النهر، فإنها ستقرر إجراء عمل مضاد مناسب؛ وبناء عليه، زاد نشاط الدوريات الصهيونية في الفترة ما بين 15-18 مارس 1968 بين جسر الملك حسين وجسر داميا، وازدادت أيضًا الطلعات الجوية الصهيونية فوق وادي الأردن.
وتمهيدًا للهجوم الواسع؛ قامت دولة الإحتلال الصهيوني بهجمات عديدة ومركزة استخدمت فيها القصف الجوي والمدفعي على طول الجبهة الأردنية أسابيع عديدة سبقت بداية المعركة في 5:25 من فجر يوم الأحد في 21 آذار 1968. كما مهدت لذلك بإجراءات واسعة النطاق في المجالات النفسية والسياسية والعسكرية عمدت بواسطتها إلى تهيئة المنطقة لتطورات جديدة تتوقعها كنتائج لعملياتها العسكرية شرقي نهر الأردن؛ فقد بنت توقعاتها على أساس:
1- الاستهانة بقوة الجيش الأردني والمقاومة الفلسطينية عل طول الحدود بين الأردن وفلسطين، والتي تعدُّ أطول حدود برية مع دولة الإحتلال الصهيوني .
2- هزيمة العرب في حرب 1967؛ وبالتالي فالروح المعنوية القتالية لن تكون بالمستوى اللازم لتحقيق مقاومة جدية.
3- لم يتسنَّ للجيش الأردني إعادة تسليح قواته أو تعويض خسائره التي مني بها في حرب 1967
4- عدم تمكن الأردنيين من تعويض طائراتهم؛ ما يعني افتقار القوات الأردنية للغطاء الجوي.
5- خطأ دولة الإحتلال الصهيوني في تقدير قوة المقاومة الفلسطينية والاستهانة بها، وسعيها لكسرها وتدميرها قبل أن تتعاظم.
6- ظن دولة الإحتلال الصهيوني أن الخلافات السياسية بين فصائل المقاومة والحكومة الأردنية، تحول دون تحقيق أي تعاون بينهما.
محاور القتال
حشد الجيش الصهيوني لتلك المعركة اللواء المدرع السابع، وهو الذي سبق وأن نفذ عملية الإغارة على قرية السموع عام 1966، واللواء المدرع 60، ولواء المظليين 35، ولواء المشاة 80، وعشرين طائرة هيلوكبتر لنقل المظليين، وخمس كتائب مدفعية 155 ملم و105 ملم، بالإضافة إلى قواته، وسلاحه الجوي الذي كان يسيطر سيطرة تامة على سماء وأرض المعركة، فضلًا عن قوة الهجوم التي استخدمها في غور الصافي، وهي كتيبة دبابات، وكتيبة مشاة آلية، وسريتا مظليين، وكتيبة مدفعية. وتم حشد هذه القوات في منطقة أريحا، ودفع بقوات رأس الجسر إلى مناطق قريبة من مواقع العبور الرئيسة الثلاثة.
بدأ الجيش الصهيوني قصفه المركز على مواقع الإنذار والحماية، ثم قام بهجومه الكبير على الجسور الثلاثة عبر محاور القتال الرئيسة، في وقت واحد؛ حيث كان يسلك الطريق التي تمر فوق هذه الجسور وتؤدي إلى الضفة الشرقية، وهي طريق جسر داميا (الأمير محمد)، وتؤدي إلى المثلث المصري، ثم يتفرع منها مثلث العارضة- السلط-عمان، وطريق أريحا، ثم جسر الملك حسين –الشونة الجنوبية وادي شعيب – السلط – عمان، ثم جسر الأمير عبد الله (سويمة، ناعور عمان).
وفي فجر يوم 21 آذار 1968 زمجرت المدافع، وانطلقت الأصوات على الأثير عبر الأجهزة اللاسلكية، تعلن بدء الهجوم الصهيوني عبر النهر.
يقول اللواء مشهور حديثة: في الساعة 5:25 فجرًا، أبلغني الركن المناوب أن الجيش الصهيوني يحاول اجتياز جسر الملك حسين، فأبلغته أن يصدر الأمر بفتح النار المدمرة على حشود الجيش الصهيوني؛ لذلك كسب الجيش العربي مفاجأة النار عند بدء الهجوم من القوات الصهيونية. ولو تأخر في ذلك لأتاح للقوات المهاجمة الوصول إلى أهدافها؛ بالنظر إلى قصر محاور الهجوم التي تقود وبسرعة إلى أهداف حاسمة وهامة؛ في ظل حجم القوات التي تم دفعها إلى أرض المعركة، وفي ظل نوعية أفراد هذه القوات وتدريبها، وسرعة وزخم هجومها، بالإضافة إلى سهولة الحركة فوق الجسور القائمة.
إلا أن القوات الأردنية -وخاصة سلاح المدفعية- ومجموعات المقاومة الحاملة لمضادات المدفعية (أر بي جي )، استطاعت حرمان القوات الصهيونية حرية العبور حسب المحاور المخصصة لها؛ ودليل ذلك أن القوات الصهيونية التي تكاملت شرقي النهر، كانت بحجم فرقة، وهي القوات التي عبرت في الساعة الأولى من الهجوم، وبعدها لم تتمكن القوات المهاجمة من زج أية قوات جديدة شرقي النهر، بالرغم من محاولتهم المستميتة للبناء على الجسور التي دمرت، ومحاولة بناء جسور حديدية لإدامة زخم الهجوم والمحافظة على زمام المبادرة؛ ما أربك الغزاة المهاجمين وزاد حيرتهم وخاصة في ظل شراسة المواقع الدفاعية ومقاومتها الشديدة.
القتال على محور جسر الأمير محمد (داميا)
اندفعت القوات العاملة على هذا الجسر تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والدبابات والرشاشات المتوسطة، فتصدت لها قوات الحجاب الموجودة شرق الجسر مباشرة، ودارت معركة عنيفة تمكنت المقاومة الفلسطينية والقوات الأردنية المدافعة خلالها من تدمير عدد من دبابات الجيش الصهيوني، وإيقاع الخسائر بين صفوفه، وإجباره على التوقف.
القتال على محور جسر الملك حسين
لقد كان الهجوم الرئيسي هنا موجهاً نحو الشونة الجنوبية، وكانت القوات الرئيسة المخصصة للهجوم مركزة على هذا المحور؛ الذي يمكن التحول منه إلى بلدة الكرامة والرامة والكفرين جنوباً. واستخدم الجيش الصهيوني في هذه المعركة لواءين (لواء دروع ولواء آلي) تساندهما المدفعية والطائرات.
ففي صباح يوم الخميس 21 آذار دفع الجيش الصهيوني بفئة دبابات لعبور الجسر، واشتبكت مع قوات الحجاب القريبة من الجسر؛ إلا أن قانصي الدروع تمكنوا من تدمير تلك الفئة. واستطاع الجيش الصهيوني إنزال الموجة الأولى من المظليين شرقي الكرامة، لكن هذه الموجة تكبدت خسائر كبيرة في الأرواح وتم إفشالها؛ ما دفع الجيش الصهيوني إلى إنزال موجة أخرى تمكنت من الوصول إلى بلدة الكرامة، وبدأت بعمليات تدمير لبنايات البلدة، واشتبكت مع بعض قوات الدفاع الأردنية في قتال داخل المباني.
وفي هذه الأثناء استمر الجيش الصهيوني بمحاولاته في الهجوم على بلدة الشونة الجنوبية. وكانت المقاومة والقوات الأردنية المدافعة تتصدى له في كل مرة، وتوقع به المزيد من الخسائر. وعندما اشتدت ضراوة المعركة؛ طلب الجيش الصهيوني - ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي- وقف إطلاق النار؛ ورفض الملك الحسين بن طلال وقف إطلاق النار، رغم ضغط الولايات المتحدة. وحاول الجيش الصهيوني الانسحاب؛ إلا أن القوات الأردنية تدخلت في عملية الانسحاب وحولته إلى انسحاب غير منظم؛ فترك الجيش الصهيوني عدداً من آلياته وقتلاه في أرض المعركة. (حديث اللواء بهجت المحيسن قائد لواء حطين عن هذا المحور)
القتال على محور جسر الأمير عبد الله
حاول الجيش الصهيوني القيام بعملية عبور من هذا المحور باتجاه (ناعور – عمّان) وحشد لذلك قوات مدرعة؛ إلا أنه فشل. ومنذ البداية، لم تتمكن قواته، على هذا المحور، من عبور النهر؛ بعد أن دمرت معظم معدات التجسير التي حاول استخدامها في عملية العبور. وانتهى القتال على هذا المحور بانسحاب فوضوي لقوات الجيش الإسرائيلي. وكان للمدفعية الأردنية ونيران الدبابات وأسلحة مقاومة الدروع الأثر الأكبر في إيقاف تقدم الجيش الإسرائيلي ودحره.
محور غور الصافي
حاول الصهاينة تشتيت جهد المقاومة الفلسطينية والقوات الأردنية بالهجوم على محور غور الصافي برتل من دباباته وآلياته ومشاته؛ تمهيداً لحملة إعلامية نفسية مستخدماً المنشورات التي كان يلقيها على السكان، والتي يدعوهم فيها إلى الاستسلام وعدم المقاومة، كما قام بعمليات قصف جوي مكثف على القوات الأردنية؛ إلا أن كل ذلك قوبل بدفاع عنيف من الجيش الأردني؛ ما أجبر القوات المهاجمة على الانسحاب.
ويذكر أن أول من نفذ عملية استشهادية هو شخص ملقب "بالفسفوري" من حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح- " حيث قام بتلغيم نفسه، وقفز إلى رتل من الدبابات الصهيونية موقعاً بها خسائر كبيرة جدًا.
انسحاب القوات الصهيونية
فشل الجيش الصهيوني تماماً في هذه المعركة دون أن يحقق أياً من أهدافه على جميع المحاور، وخرج من هذه المعركة خاسراً مادياً ومعنوياً خسارة لم يكن يتوقعها أبداً.
وصدرت الأوامر الصهيونية بالانسحاب حوالي الساعة 15:00 ؛ وقد استغرقت عملية الانسحاب تسع ساعات؛ نظراً للصعوبة التي عاناها الصهاينة في التراجع.
طلب وقف إطلاق النار
طلبت دولة الإحتلال الصهيوني -ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني- وقف إطلاق النار في الساعة الحادية عشرة والنصف من يوم المعركة؛ إلا أن الأردن أصر -وعلى لسان الملك الحسين (قائد الجيش)- على عدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جنديًا صهيونيا واحدًا شرقي النهر؛ وذلك رغم كل الضغوطات الدولية.
الخسائر:
خسائر القوات الصهيونية:
قتل من الصهاينة 250 جنديًا وجرح 450 في أقل من 18 ساعة، تدمير 88 آلية، وهي عبارة عن 27 دبابة، و18 ناقلة، و24 سيارة مسلحة، و19 سيارة شحن وسقوط طائرة.
وقد عرض الأردن بعض هذه الخسائر الصهيونية أمام الملأ في الساحة الهاشمية.
خسائر المقاومة الفلسطينية:
ارتقاء حوالي 100 شهيد، وتدمير مخيم الكرامة تدميرًا كليًا.
خسائر القوات الأردنية:
1- ارتقاء 78 شهيدًا.
2- سقوط 108 جرحى.
3- تدمير 13 دبابة.
4- تدمير 39 آلية.
نتائج المعركة
- فشل الجيش الصهيوني في تحقيق أي من أهدافه التي سعى إلى تحقيقها بهذه العملية.
- أثبت رجال المقاومة والجيش الأردني قدرتهم على الثبات، والحفاظ على روح قتالية عالية، رغم الظروف الصعبة.
مبادرة روجرز
مبادرة روجرز هي مبادرة قدمتها الولايات المتحدة الأمريكية في آب سنة 1970، وتقترح وقف العمليات المسلحة التي ينفذها الفدائيون الفلسطينيون المتمركزون في غور الأردن ضد دولة الإحتلال الصهيوني .
وافقت مصر بقيادة عبد الناصر على هذه المبادرة، ثم الأردن بقيادة الملك حسين؛ لكن منظمة التحرير الفلسطينية رفضت الالتزام بها.
أسباب طرح هذه المبادرة:
طرحت الولايات المتحدة الأمريكية هذه المبادرة لإيقاف القتال مدة ثلاثة أشهر، بعد المعارك الجوية التي دارت بين القوات المسلحة المصرية والقوات الإسرائيلية المعادية، التي أسقطت فيها طائرات تابعة لسلاح الجو الصهيوني، والتي كان عدد منها طائرات أمريكية الصنع حديثة جداً.
وجاءت هذه المبادرة لإنقاذ دولة الإحتلال الصهيوني من المأزق العسكري الكبير جداً؛ بعد أن منيت بخسائر بشرية يومية في صفوف قواتها المسلحة. قد جاءت مبادرة روجرز بعد أن تبين أن الهزيمة، رغم مرارتها وقسوتها، لم تجبر العرب على رفع أعلام الاستسلام البيضاء؛ وإنما تواصل القتال تعبيرًا عن رفض الهزيمة؛ إذ كان شهر سبتمبر هو البداية الحقيقية لعودة القتال، عندما قامت معركة بالمدفعية في منطقة القنطرة خسر فيها الصهاينة حوالي 80 قتيلًا و250 جريحًا؛ ما جعل يوثانت (أمين عام الأمم المتحدة في ذلك الوقت) يطلب من "أودبول" (كبير المراقبين الدوليين) قطع إجازته والعودة فورًا إلى القاهرة. وفي 25 اكتوبر، أغرقت البحرية المصرية المدمرة الصهيونية (إيلات).
ورغم صدور قرار مجلس الأمن في 25 نوفمبر عام 1967 بوقف إطلاق النار؛ قال جمال عبد الناصر: إن ما يفعله الصهاينة في الأرض المحتلة يؤكد أنهم لن يخرجوا منها، إلا إذا أجبروا على ذلك، وقال قولته المشهورة: "إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة".
وهكذا تواصل القتال وتصاعد حتى دخول حرب الاستنزاف التي كثفت فيها دولة الإحتلال الصهيوني غاراتها الجوية بغية إصابة النظام بالشلل (كما صرحت رئيسة الوزراء (جولدا مائير))، وفي نفس الوقت ارتفعت روح المقاومة وازداد الإصرار على تحرير الوطن، وارتفعت خسائر دولة الإحتلال الصهيوني بشكل ملحوظ؛ ما دفع جولدا مائير إلى القول إن «كتائب الصواريخ المصرية كعش الغراب كلما دمرنا أحدها نبت بدلها أخرى» ودفعت أبا إيبان (وزير الخارجية) إلى القول: "لقد بدأ الطيران الصهيوني يتآكل".
تصريح وليام روجرز
قال وليام روجرز في أحد المؤتمرات يوم 9 ديسمبر عام 1969: «سياسة الولايات المتحدة الأمريكية تهدف إلى تشجيع العرب على قبول سلام دائم، وفي الوقت نفسه تشجع دولة الإحتلال الصهيوني على قبول الانسحاب من أراض محتلة بعد توفير ضمانات الأمن اللازمة؛ وإن ذلك يتطلب اتخاذ خطوات تحت إشراف كونار يارنك وبنفس الترتيبات التي اتخذت في اتفاقيات الهدنة برودس عام 1948. وكمبدأ عام؛ فإنه عند بحث موضوعي السلام والأمن؛ فإنه يطلب من دولة الإحتلال الصهيوني الانسحاب من الأراضي المصرية بعد اتخاذ ترتيبات للأمن في شرم الشيخ، وترتيبات خاصة في قطاع غزة مع وجود مناطق منزوعة السلاح في سيناء.
رد الفعل الصهيوني
بادرت دولة الإحتلال الصهيوني إلى رفض مبادرة روجرز؛ ويبدو أن حكومة دولة الإحتلال الصهيوني في صلتها مع الحكومة الأمريكية خلال هذه الفترة كانت تركن وتعتمد على هنري كيسنجر الذي كان مستشارًا للرئيس الأمريكي للأمن القومي فقط. وكان ناحوم جولدمان (رئيس المؤتمر اليهودي العالمي) قد أبلغ أن هنري كيسنجر كان يستخف بوليام روجرز، وأنه يسعى لأن يحل محله، وهو ما حدث فعلًا بعد ذلك.
وكان جمال عبد الناصر في زيارة للاتحاد السوفيتي خلال شهر تموز عام 1970، عندما قال في اجتماع مع بريجنيف يوم 16 يوليو (وهو اليوم السابق لعودته للقاهرة): إنه قرر قبول المبادرة الأمريكية، موضحًا سبب ذلك في أن القوات المسلحة تحتاج إلى فترة لالتقاط الأنفاس والانتهاء من مواقع الصواريخ على الشاطئ الغربي للقناة؛ بعد أن بلغت خسائر المدنيين الذين اشتركوا في بناء قواعد الصواريخ 4000 شهيد. وكذلك قال جمال عبد الناصر للجنة التنفيذية العليا للاتحاد الاشتراكي: إن قبول مصر للمبادرة سوف يحرج دولة الإحتلال الصهيوني أمام الرأي العام العالمي وأمام أمريكا أيضاً. وذكر أنه لا يعتقد أن لهذه المبادرة أي نصيب من النجاح، وأن فرصتها في ذلك لا تتجاوز 1 أو 2 في المائة.
رد الفعل المصري
في البداية قابلت القاهرة تصريح روجرز بالصمت التام، ثم أعلن جمال عبد الناصر قبوله بها يوم 23 يوليو في العيد الثامن عشر للثورة. وتفجرت ردود الفعل في أنحاء العالم؛ فقد كان الإعلان مفاجئا بعد فترة صمت امتدت أكثر من شهر. والظاهرة التي يجب الوقوف عندها طويلًا هي خروج الصهاينة إلى الشوارع في مظاهرات رقص وفرح؛ فقد انتهت بالنسبة لهم حرب الاستنزاف التي أرهقتهم نفسيًا وماديًا، وكبدتهم خسائر كثيرة في الأرواح.
أنقذ قبول المبادرة الصهاينة من تكرار ما حدث في ذلك اليوم الذي أطلقوا عليه اسم "السبت الحزين" (عندما وقعت إحدى دورياتهم في كمين للقوات المصرية المتسللة في سيناء، وقتل 40 جنديًا، وعاد المصريون باثنين من الأسرى)، رقص الصهاينة تصورًا منهم أن المبادرة هي خطوة أولى نحو السلام فعلا، وهكذا كانت قناعة الرأي العالمي أيضًا.
وقال ناحوم جولدمان: إن قبول مبادرة روجرز خطوة هائلة للسلام من جانب عبد الناصر؛ وإن على الحكومة الصهيونية أن تلتقي معه في منتصف الطريق، ومع ذلك تحطم الائتلاف الحكومي الصهيوني بانسحاب ستة وزراء من حزب «جاحال»، وفي مقدمتهم مناحم بيجن.
ردود الفعل العربية
المثير أن قبول المبادرة كانت له انعكاسات مختلفة على الجانب العربي، واندفعت بعض القوى الفلسطينية إلى اتهام الذين قبلوها بالخيانة؛ الأمر الذي أدى إلى إصدار أمر بوقف إذاعة صوت فلسطين، التي كانت تبث من القاهرة يوم 29 يوليو عام 1970. ووضعت المبادرة موضع التنفيذ في الساعة الواحدة من صباح السبت 8 آب عام 1970 لمدة 90 يومًا.
النهاية
ولم يمتد العمر بجمال عبد الناصر حتى نهاية المدة المحددة لوقف إطلاق النار، ولم تجد مبادرة روجرز فرصتها لتوضع موضع التنفيذ. وبعد وفاة جمال عبد الناصر؛ تجدد وقف إطلاق النار لمدة ثلاث سنوات وشهرين، حتى قامت حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وكان وليام روجرز قد ترك منصبه.
النقاط العشر أو مشروع روجرز
وهي عشر نقاط، وقد قدمت أيضا هذه النقاط إلى الأردن مع إضافة ثلاث نقاط أخرى على المشروع؛ في 9/12 /1969 لكن بعد فترة، وبتاريخ 25/6/1970 تم تقديم مشروع معدل لكل من مصر والأردن ودولة الإحتلال الصهيوني ، وتمثل بالنقاط التالية:
نص المشروع المعدل المقدم إلى مصر والأردن ودولة الإحتلال الصهيوني في 25/6/1970 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية المقترحات التالية:
1. تتعهد دولة الإحتلال الصهيوني والجمهورية العربية المتحدة بأن تتقيدا بوقف إطلاق النار، لفترة محددة على الأقل.
2. إن دولة الإحتلال الصهيوني والجمهورية العربية المتحدة، وكذلك الأردن ودولة الإحتلال الصهيوني ، تقبل بالبيان التالي، والذي سيكون على شكل تقرير من السفير يارينج إلى الأمين العام يوثانت:
" لقد أشارت كل من الجمهورية العربية المتحدة والأردن ودولة الإحتلال الصهيوني ، إلى أنها توافق على:
أ. أنهم يقبلون ويعلنون رغبتهم في تنفيذ القرار 242، بكل أجزائه، وأنهم سيعيِّنون ممثلين عنهم في مناقشات تجري تحت إشرافي وفي الأماكن والمواعيد، التي أحددها، واضعاً في الحساب ما يلائم كل طرف، في ضوء البروتوكول والخبرة السابقة بين هذه الأطراف.
ب. إن الغرض من المناقشات، التي سبق ذكرها، الوصول إلى اتفاق لبناء سلام عادل ودائم بينهم، يقوم على:
1. الاعتراف المتبادل بين كل من الجمهورية العربية المتحدة والأردن ودولة الإحتلال الصهيوني بالسلطة والسيادة الإقليمية والاستقلال السياسي.
2. الانسحاب الصهيوني من أراضٍ احتلت في نزاع عام 1967 (كلا النقطتين 1و2 وفقاً لقرار 242).
3. ولتسهيل مهمتي في الوصول إلى اتفاق كما جاء في القرار 242؛ تتقيد الأطراف بحزم بقرارات مجلس الأمن لوقف إطلاق النار اعتباراً من 1 يوليه حتى 1 أكتوبر 1970".
برنامج النقاط العشر الفلسطيني ( البرنامج االمرحلي)
في عام 1974، أقر المجلس الوطني الفلسطيني برنامج النقاط العشر التي تمت صياغتها من قبل قيادات الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، والتي تدعو إلى إنشاء سلطة وطنية على أي قطعة محررة من أرض فلسطين، والعمل الفاعل لإنشاء دولة علمانية ديمقراطية ثنائية القومية في فلسطين/دولة الإحتلال الصهيوني ، يتمتع فيها كل المواطنين بالمساواة والحقوق، بغض النظر عن العرق والجنس والدين.
اعتبر برنامج النقاط العشر أول محاولة من قبل م.ت.ف. لحل سلمي، علمًا بأن الهدف النهائي كان إكمال تحرير كامل التراب الفلسطيني، وكخطوة على طريق الوحدة العربية الكاملة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق