بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-05-17

سيكولوجية الشائعات، شائعة التطبيع مع الكيان الصهيوني نموذجا. - 3 -


نتابع: سيكولوجية الشائعات، شائعة التطبيع مع الكيان الصهيوني نموذجا. - 3 -
4 ـ التطبيع والمطبعين

إن حلم الزواج بين القدرات العربية والتكنولوجيا الصهيونية هو حلم الزواج بدراكولا أو بالساحرة العجوز الشريرة (بعد أن سحرت نفسها فتنكرت بشكل فتاة جميلة). إلا أن من يستوعب النمط السلوكي اليهودي( ومن يملك القدرة على طرح السؤال عن سبب ذبح اليهود عبر التاريخ وأيضاً من تعامل مع تجمعات يهودية) يمكنه أن يكتشف خداع هذا الحلم وعدم مصداقيته.

أما الذين ينساقون وراء حلم التطبيع ( ويقعون ضحية السيناريوهـات المصنعـة لـه) ، ويحتاجون إلى الوقت الكافي لاكتشاف كونه كابوساً مزعجاً. إلى هؤلاء نجد من الضروري أن نوجه لهم هذه التحذيرات:

1 ـ لقد نجحنا في تعطيل مشروع دولة الكيان الصهيوني الحلم بالتحول إلى دولة اقتصادية كبرى ومؤثرة، وبالرغم من هزائمنا المتكررة فقد كسبنا معركة إبقاء دولة الكيان الصهيوني دولة تعتمد على المساعدات. فهل نمكنها من تحقيق حلمها عن طريق التطبيع بحيث تحصل عبره على ما لم تستطع الحصول عليه عبر عدوانيتها وحروبها؟

2 ـ إن الاتحاد الشرق أوسطي المطروح (كتكتل اقتصادي) يتخذ من الاتحاد الأوروبي نموذجاً له. فهلا لاحظ المطبعون أن هذه الاتحاد قد دفن في حلف الناتو (تعد تغييرات استراتيجية الحلف متناقضة تماماً مع مبادئ الاتحاد، وكانت حرب كوسوفو المثال العملي ـ التجريبي السابق لإقرار هذه التغييرات). لذلك على المطبعين أن يدركوا أن تكتلهم الموعود هو بدوره وهم مـن الأوهام.

3 ـ تمتد " دولة الكيان الصهيوني الكبرى" من النيل إلى الفرات، أي في منطقة فقراء العرب. وهي منطقة الشام التاريخي التي تم إفقارها بصورة اصطناعية ـ كاريكاتورية مضحكة باكية. إذ تكللت عمليات الإفقار هذه بالحصار الإقتصادي المفروض على دول هذه المنطقة. عداك عن الإحباط المعنوي الناجم عن الضغوطات الأميركية على سكان الشام لدفعهم قهراً لركوب قطار السلام الأميركي. وهي تعمل منذ فترة على تعميق التناقضات بين فقراء العرب وأغنيائهم. فهل يكون هذا الجهد الصهيوني باتجاه اقناع العرب الواقعين خارج حدود " دولة الكيان الصهيوني الكبرى" بالحياد وترك هذه الدول كي تلقى مصيرها؟

إن هذا الإيحاء الصهيوني سيكون مكلفاً لمن يقبله لأن له ثمناً تاريخياً مكلفاً وممتداً لاتصاله بمسؤولية القدس الشريف وهي مسألة لا يمكن للزمن سوى أن يزيدها تعقيداً.

4 ـ إن دولة الكيان الصهيوني ترفض السلام رفضاً قاطعاً ونهائياً وجل ما يمكن قبولها به هو تسوية سلمية مؤقتة. وهذا الرفض هو من صميم الديانـة اليهوديـة ومـن أساسيات معتقداتها. وعليه فإذا تجاوز المطبعون مبدأ اعتبارهم أغياراً (واحتقارهم على هذا الأساس) فإنهم لن يستطيعوا تجاوز احتمالات نقض دولة الكيان الصهيوني للتسوية ومعاودتها العدوان. ويكفي ان يتصور المطبعون الثمن الذي يتوجب عليهم أن يدفعوه لو تمكنت دولة الكيان الصهيوني من الإفلات من السيطرة الأميركية؟. عندها ستتحول من قاعدة استراتيجية ـ أميركية إلى دولة ذات نفوذ وصاحبة مصالح. وليجرب المطبعون دعوة دولة الكيان الصهيوني لتوقيع معاهدة عدم اعتداء لحمايتهم في حال نجاتهم من غول التطبيع الصهيوني.

على شعوب هذه المنطقة أن تدرك عجزاليهودي عن الاعتراف بالآخر ورفضه العيش بسلام معه، ناهيك عن إقامة علاقات إنسانية (طبيعية) معه، وهذا العجز مرده إلى تعاليم الديانة اليهودية. وكل ما عدا ذلك أوهام.

بعد ما عرضناه أعلاه حول خدعة التطبيع الصهيونية من الوجهة السيكولوجية لا بد لنا من إعطاء بعض الأمثلة على الأسلوب الصهيوني المتبع لتمرير هذه الخدعة. وهذا العرض وان كان عاجزا عن الاحاطة بكافة جوانب اسلوب الخداع التطبيعي فحسبه أنه ينير بعضاً من جوانبه.

أول هذه الجوانب هو العمل على إعادة تصدير اليهود العـرب مع المطالبة بتعويضات باسم من يرفض منهم هذه العودة. وكنا قد حذرنا من هذه الخدعة في كتابنا "سيكولوجية السياسة العربية". فاليهود الأوروبيون (الاشكيناز) لم يستوردوا اليهود العرب ليشاركوهم في دولة الكيان الصهيوني. بل استوردوهم بصفتهم يد عاملة رخيصة وآمنة. لكن تنامي نفوذهم مع الوقت جعل منهم عبئا على دولة الكيان الصهيوني. ونظراً للثقة في عدائهم للعرب فان دولة الكيان الصهيوني تجد في اعادة تصديرهم الى البلدان العربية والشرقية التي قدموا منها حلا مقبولا لازمة الهوية الضاغطة على الدولة العبرية. من جهتنا فاننا لانشك لحظة بأن عودة هؤلاء هي استئناف لدورهم المخرب الذي لعبوه ضد العرب وخدمة للصهيونية قبل قيام دولة الكيان الصهيوني. مما يتطلب منا مراجعة تفاصيل هذا التخريب وأساليبه. وأيضاً ضرورة توثيقه لمواجهة مطالب التعويضات الصهيونية.

في المقابل نجد رؤية مخالفة لدى بعض المثقفين العرب ممن يرون بأن نفاد الخزان البشري اليهودي يجعل دولة الكيان الصهيوني حساسة أمام أية هجرة الى خارجها مهما كان أصول المهاجرين. الا أننا نصر على معارضة هذه النظرة مع التنبيه إلى أن خطر الهجرة الحقيقي هو الهجرة باتجاه الولايات المتحدة وليس باتجاه الدول العربية.

أما ثانية الخدع التطبيعية التي نعرض لها فتكمن في تزوير الدراسات الاجتماعية التي نعطي عليها مثالاً دراسة اجرتها صحيفة " يديعوت احرونوت" التي وجدت اتفاقاً على النفور من المستوطنين بين التلامذة العرب واليهود. وكأن هذا الاتفاق هو البرهان على التكامل والانصهار في البوتقة الصهيونية!. وهذه مجرد مثال على المخالفات الصريحة للمنطق التي ترتكبها دولة الكيان الصهيوني لتمرير خداعها.

أما ثالثة الاثافي فهي الشروط المبطنة التي تطرحها دولة الكيان الصهيوني تحت شعار تعويض قصورها الاقتصادي كونها تعتمد على المعونات. وهي تجد تعويض ذلك في الحصول على إذن خاص وغض نظر أميركي ودولي يسمح لها بالقرصنة. حيث نستشهد بكتاب من تأليف مسؤول سابق في الموساد " جواسيس جدعون " يبين فيه المؤلف مظاهر القرصنة الصهيونية.

ونأتي إلى الحيلة الرابعة وهي عمل دولة الكيان الصهيوني على استغلال الأقليات. وهو استغلال مدعوم بقانون الأقليات الأميركي وبالحملات الأميركية الشرسة لتحريك الأقليات. والغريب أن الأقلية الكردية التي كانت من أوائل ضحايا المطالبة بحقوق الأقليات لم تستوعب لغاية الآن الأضرار اللاحقة بها من جراء هذه اللعبة الأميركية‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! فكيف لنا أن نطلب من الأقليات الأخرى وعي هذا الفخ والانتباه إلى عواقبه الوخيمة. حيث توجت الولايات المتحدة دعمها للأكراد بتسليمها لأوجلان إلى الحكومة التركية!. وذلك بعد نجاحها في تفجير التناقضات الكردية. والتأسيس لحرب أهلية كردية تنتظر الأوامر الأميركية كي تندلع. وكانت حصة دولة الكيان الصهيوني من هذه الصفقة بعض اليهود الأكراد الذين تخلوا عن قوميتهم مقابل يهوديتهم. دون أن يثيـر هذا التخلي انتباه بقية الأكراد إلى تفاصيل اللعبة التي يدفعون ثمنها من أرواحهم.

ولقد اخترنا من محاولات اختراق الأقليات من قبل دولة الكيان الصهيوني تلك التي تهدف لاستقطاب الشواذ إلى دولة الكيان الصهيوني بوصفها الدولة الاكثر تسامحاً معهم. وهكذا نجد أن دولة الكيان الصهيوني اختارت أن تبدأ اختراقها للمجتمع العربي عبر الفئات المرشحة لعدائه. وهي فئة الشواذ وفئة المدمنين على المخدرات. اذ بدأت بزراعتها في الكيبوتزات ودخلت شريكاً في تجارتها الشرق أوسطية.
المصدر: المركز العربي للدراسات المستقبلية/ بتصرف
انتهى

ليست هناك تعليقات: