بحث هذه المدونة الإلكترونية

2014-05-17

سيكولوجية الشائعات الأميركية، نماذج من الشائعات المسوقة في أميركا.- 2 -

سيكولوجية الشائعات الأميركية، نماذج من الشائعات المسوقة في أميركا.- 2 -

نتابع: سيكولوجية الشائعات الأميركية، نماذج من الشائعات المسوقة في أميركا.
هذا ويعتمدون قانون الشائعة الأساسي حسب هذا الكتاب ،وهو القانون الذي كان مقبولا حتى وقت قصير مضى، يعتمد جزئيا على نظرية الجيشتالت في علم النفس. التي تؤكد على أن الإدراك الحسي للأشياء ينحو دائما نحو البساطة والانتظام والإحساس بالاكتمال. وبأن الشائعات تنبثق لتشرح المواقف المميزة التي تهمنا ولتريحنا من توتر الحيرة. ويفترض البورت وبوتسمان أيضا أن عدد الشائعات يتغير حسب أهمية موضوع الحدث ومقدار الغموض في الموقف.

بالرغم من القبول الواسع الذي لقيه هذا القانون الأساسي في علم النفس الاجتماعي فإنه لم يثبت تجريبياً. وتشير نتائج تحقيقات عديدة الآن إلى أن هناك متغيرات أخرى بالإضافة إلى الأهمية والغموض تؤثر على منشأ الشائعات ودوامها. فقد قامت الدارسة في علم النفس الاجتماعي سوازان انطوني ،في كلية ثمالوديت في واشنطن، بإحدى هذه الدراسات. وهي قامت مؤخرا باختبار الفكرة المتضمنة في إحدى نظريات كارل يونغ والتي تقول: " إن الإثارة العاطفية ضرورية لاستمرار حياة الشائعة ". وقد أجرت أنطواني اختبارا قياسيا في القلق المزمن لعدد من الطلاب الثانويين في فيلادلفيا، وعلى أساس نتائج الاختبار قامت باختيار الطلاب الذين كانوا يتميزون إما بدرجة عالية من القلق أو بالهدوء النسبي. ثم إختارت بضعة طلاب من كل نوع وأخضعتهم لمقابلة مع مرشد توجيهي للتحدث حول النوادي التي كانوا ينتمون إليها. وخلال تلك المقابلة قام المرشد ،بطلب من الباحثة، بإطلاق شائعة تقول بأن صعوبات مالية قد تجبر النوادي على وضع حد لبعض أنشطتها ثم ذهب المرشد بعد ذلك تاركاً الطلاب مع أعضاء آخرين في النوادي .

عندما سئل الطلاب فيما بعد إذا كانوا قد ناقشوا الشائعة فيما بينهم وجدت انطوني أن الطلاب ذوي الدرجة العالية من القلق نشروا الشائعة بحماس أكثر كثيرا مما فعله الطلاب الآمنون .

وقد قام الباحث روسنو بالعمل مع أنطوني والعالمة النفسية ماريان جايفر بييريان من مدرسة لندن لاقتصاد في تجربة كان من شأنها أن أثبتت ووسعت ما اكتشفه أنطوني في تجربتها. وقام هؤلاء بإجراء دراسة في ثمانية من صفوف الكلية فنشروا شائعة تقول إن طلاباً في صفوف أخرى قد ضبطوا وهم يدخنون الماريجوانا في امتحان نهائي. وكانوا قد قاموا قبل بضعة أيام بقياس درجات القلق المزمن عند الطلاب متبعين المثل الذي وضعته أنطوني في تجربتها السابقة، وبعد أسبوع سأل الطلاب إذا ما كانوا قد نشروا القصة.

وكانت النتائج التي توصل اليها الباحثون بالإضافة إلى الأبحاث التي نشرت في كتاب ( الشائعة والقيل والقال، وعلم النفس الاجتماعي والشائعة ) الذي ألفه روسنو بالاشتراك مع العالم الاجتماعي غاري ألان، إن هذه الأبحاث تدعم النظرية التي تقول إن الشائعة ننتج عن الامتزاج الأقصى بين الحيرة والقلق. وباختصار، فإن الشائعة تعيش إما لتحقيق الحاجات والتوقعات التي إثارتها أو حتى تخفض مستوى القلق.

كان القانون الأساسي لدى البورت وبوتسمان يتفاعل مع الشائعات القصيرة الأمد التي تنتعش في غياب الأدلة التي تنقضها. ولكنها سرعان ما تحدث عندما تجد ما يدفعها أو عندما تصب في نواح ذات مغزى بالنسبة لحاجات الجمهور. وهناك حاجات وتوقعات لا تسكن ولا تهدأ ومن بينها الحاجة لفهم الوضع الإنساني والجوع لما هو فوق الطبيعة. مما يجعل من الشائعة حاجة إنسانية واجتماعية. لذلك فإن أهم الشائعات هي تلك التي تستجيب لهذه الحاجات فتعاود الظهور تكراراً وتتجذر في بنية المجتمع الإيمانية والفلكلورية.

وقد كان الناس منذ قرون ولا يزالون يتبادلون الشائعات غير المألوفة التي كان أبطالها غالباً من المخلوقات الأسطورية أو الوحوش أو من القادمين من كواكب أخرى.

وكان يونغ يسمى هذه الحكايات بالشائعات التخيلية أو بالأساطير الحية، وكان يعتقد بأن الشائعات العادية تعتمد على الحشرية والسعي وراء الأشياء غير العادية أما الشائعات التخيلية فتحتاج إلى شيء غير ذلك إذ تحتاج إلى عاطفة عميقة مشتركة بين العديد من الناس. وكان يونغ ينظر إلى حكايات الصحون الطائرة كشائعات تخيلية ناجمة عن توتر عاطفي وكرب جماعي من حالة العالم. إضافة إلى رغبة لا واعية بمجيء قوة خارقة من ما وراء الطبيعة للتخفيف من المخاوف. فمشاهدات من نوع الصحون الطائرة يبلغ عنها منذ القرن السادس عشر. إلا أن هناك تزايداً في الإبلاغ عن هذه المشاهدات عم العالم كله منذ الأربعينيات من هذا القرن. ويبدو أن حكايات معاصرة عن الصحون الطائرة وركابها تدعم تفسير يونغ. ومعظم هذه الحكايات تتركز إما حول مخلوقات عليا طيبة أتت لإنقاذ الإنسانية أو حول مخلوقات شريرة بتهديها أهل الأرض بأجمعهم وتلعب دوراً في توحيد أصحاب العقائد المختلفة ضد عدو مشترك.
يتبـــع

ليست هناك تعليقات: